إسلام ويب

كثير من اليهود والنصارى يودون إضلال المسلمين وإهلاكهم، وسنة الله التي لا تتخلف أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، وأن عاقبة الشر والفساد تعود على صاحبها في نهاية الأمر، وقد عاب الله على هؤلاء اليهود والنصارى كتمانهم للحق مع معرفتهم له، وإنكارهم لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهم موقنون أنه النبي الخاتم، وبين سبحانه أن هذا الأمر من طبيعتهم، سواء فيما يتعلق بالرسالة والنبوة أو في غير ذلك.

قراءة في تفسير قوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ...) وما بعدها من كتاب أيسر التفاسير

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات في أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله، فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد:

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليالي ندرس كتاب الله عز وجل؛ رجاء أن نظفر بذالكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال -فداه أبي وأمي والعالم أجمع- صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده )، حقق اللهم لنا رجاءنا إنك ولينا وولي المؤمنين.

الآيات المباركات التي تدارسناها بالأمس نسمع تلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64]، أي: قولوا -أيها المؤمنون- لأهل الكتاب: اشهدوا بأنا مسلمون.

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ * هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:65-68]، فالحمد لله على أننا أولى الناس بإبراهيم من اليهود والنصارى والمشركين، وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:68].

درسنا هذه الآيات وتذكرناها، ونعود إلى نتائجها ونراجعها إن شاء الله؛ لنزداد بصيرة في هذه الآيات.

هداية الآيات

قال المصنف غفر الله لنا وله: [ من هداية الآيات:

أولاً: لا يصلح حال البشرية ولا يستقيم أمرها إلا إذا أخذت بمبدأ (الكلمة السواء) وهي: أن تعبد ربها وحده لا تشرك به سواه، وألا يعلو بعضها على بعض تحت أي قانون أو شعار].

نعلم يقيناً أنه لا يصلح حالنا ولا يستقيم أمرنا إلا إذا أخذنا بمبدأ (الكلمة السواء) والكلمة السواء هي أن نعبد الله وحده ولا نشرك به سواه، وألا يعلو بعضنا على بعض تحت أي قانون أو شعار، وهذا ما دل عليه قوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران:64]، وهي: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [آل عمران:64]، فهناك من الناس من يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، كالذي يسجد له، ويركع، ويعظم، ويطاع ويعصى الله فهذه هي عبادته، وهذا ظاهر في أحبار اليهود ورهبان النصارى، ومشى على ظلهم وطريقهم علماء من هذه الأمة، وعلى سبيل التوضيح: علماء الروافض والشيعة، فهم أكثر تقديساً من علماء النصارى واليهود، حسبك أن تفهم أنهم يأخذون خمس أموال أمتهم، والخمس هو ما يساوي (20%)، وإذا أمروهم أو نهوهم، أو علموهم انقادوا وذلوا، واتبعوهم على الباطل.

بل ومن أهل السنة والجماعة كرجال التصوف وعلماء التصوف عبدهم الناس عبادة كما يعبد الله، يركعون ويسجدون لهم، وهذا شأن من يخرج عن دائرة الحق، فإنه يسقط، ويخسر ويتمزق، قال صلى الله عليه وسلم: ( المسلمون سواسية كأسنان المشط، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد واحدة على من سواهم )، لا يعبد بعضنا بعضاً، فالعالم الذي يحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله؛ لفوائده وسلطانه ومركزه عُبد من دون الله أصبح رباً يعبد.

فهذا عدي بن حاتم الطائي كان قد تنصر في بلاد الشام، ثم دخل في الإسلام: ( فسمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:31]، فقال عدي

: لا يا رسول الله! ما اتخذناهم أرباباً، فقال: يا عدي

! أليسوا يحلون لكم الحرام فتحلوه؟ قال: بلى، أليسوا يحرمون عليكم الحلال فتحرموه؟ قال: بلى، قال: فتلك عبادتهم ).

والقاعدة عندنا: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف )، فلو قال لك أبوك: أي بني! احلق لحيتك، فقل له: لا يا أبتاه. ملعون من فعل هذا على لسان رسول الله؛ لأنه تشبه بالنساء. أو قال لك: يا بني! لا تشهد الصلوات صل في بيتك، فقل له: لا يا أبتاه، لا نفارق جماعة المسلمين في بيوت الله. وهكذا لو قال الأمير أو الشيخ أو غيرهم، إلا إذا أحداً منهم أمرك بمعروف فقد وجبت الطاعة، وإن أمرك بمعصية فلا طاعة له، ( إنما الطاعة في المعروف )، لا في المعصية.

[ثانياً: حجية التاريخ وبيان الحاجة إليه]، فحجية التاريخ قوية وفاصلة وقاطعة، ونحن بحاجة إلى أن نعرف التاريخ -وإن كنا قد فرطنا في هذا- ودليل ذلك، قال: [إذ رد الله تعالى على أهل الكتاب في دعواهم أن إبراهيم كان على دينهم]، إذ قال تعالى: وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ [آل عمران:65]، فكيف يكون إبراهيم يهودياً واليهودية ما وجدت إلا مع نزول التوراة؟! وكيف يكون إبراهيم نصرانياً والنصرانية ما وجدت إلا مع الإنجيل والزمان بينهم قرون عديدة؟!

فأسكتهم الله عز وجل بحجية التاريخ إذ قال: وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [آل عمران:65]، وقال أيضاً: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران:67].

قال: [ثالثاً: ذم من يجادل فيما لا علم له به، ولا شأن له فيه]، والذم واللوم والعتاب معروف.

ذم من يجادل في شيء لا علم له به، وليس له حق في أن يجادل فيما لا يعلم ولا شأن له به، ولا في شيء ينفعه أو يضره، فلماذا إذاً يقضي الوقت في الجدال؟!

لكن إذا كان الجدال لإحقاق حق، أو لإبطال باطل، أو لإظهار خفي، أو لإخفاء ظاهر لمصلحة الدعوة أو لمصلحة المؤمنين، فلا حرج؛ لأن الآية الكريمة حملت هذا المعنى: هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ [آل عمران:66]، فمعناه: إذا كنت على علم وبصيرة في شيء حاجج وجادل وبين، وإذا كنت لا تعلم لا تدخل في جدال قد تتأثر به وتهلك، فجدال لا ينتج لك خيراً ولا يدفع عنك شراً، فلماذا تقضي الوقت في جدال باطل لا معنى له؟

فقد ورد في الحديث: ( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إن امرأتي ولدت غلاماً أسود وأنا أبيض وهي بيضاء، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: وهل لك من إبل؟ فقال الرجل: نعم، قال: ما لونها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أروق؟ قال: نعم، قال: فمن أين ذلك؟ -ما دامت حمر كيف جاء هذا الجمل أروق؟- قال: لعل عرقاً نزعه -من أصل آبائه وأجداه-، فقال صلى الله عليه وسلم: لعل عرقاً نزع )، وما أمره صلى الله عليه وسلم لا بطلاقها ولا بتهمتها، فهذا الجدال حسن وجائز، فإذا كان على علم، ولفائدة ومصلحة وخير محمود الجدال والحجاج، لكن إذا كان بدون علم، أو كان لغير فائدة فلا ينبغي إضاعة الوقت.

قال: [رابعاً: اليهودية كالنصرانية لم تكن دين الله تعالى، وإنما هما بدعتان لا غير]، فكما قلنا: أن التجانية، والقادرية، والرحمانية، والعيسوية، والعمارية، والعيدروسية هي طرائق وبدع، فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعرفها، ولم ينزل بها القرآن، ولم تبينها السنة، فهذه بدع ابتدعوها؛ ليفرقوا كلمة المسلمين. فالقرية الواحدة مفرقة إلى أربع فرق، ففيها التجانية، والقادرية، والرحمانية، والعمارية، آلله أذن بهذا؟!

مسلمون نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وكتابهم القرآن، إن كان عندك قال الله قال الرسول علمنا، وإن لم يكن عندك فلا تكذب علينا، ولا تقل: كذا وكذا، لا تفرق كلمتنا.

[خامساً: المؤمنون بعضهم أولياء بعض -المؤمنون بحق وصدق بعضهم أولياء بعض-، وإن تناءت ديارهم وتباعدت أقطارهم، والله ولي المؤمنين].

وتظهر هذه الولاية بالنصرة والحب، فيجب على المؤمن أن ينصر أخاه المؤمن ولا يخذله ولا يهزمه، ويجب عليه أن يحبه ولا يبغضه ولا يكرهه، وهذا هو الولاء والبراء، ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً )، أما أن يبغض المؤمن أخاه، ويهزمه ويخذله، فهذا قطّع هذه الصلة التي قررها الله عز وجل في قوله: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، وقال تعالى: وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:68].

وهنا فاتحة هذه الآيات: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران:64]، الرسول صلى الله عليه وسلم تمثلها وقام بها وأدى واجبه فيها، إذ كان يراسل ملوك الروم والفرس، من جملة ذلك كتابه إلى هرقل ، وهذا نصه:

قال: [ وقد راسل النبي صلى الله عليه وسلم ملوك الروم بمضمون هذه الآية، إذ كتب إلى هرقل قائلاً: ( بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى هرقل

عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام: أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ) أي: الفلاحين.

و يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64] ]، أدى واجبه صلى الله عليه وسلم، وكتب إلى هرقل وإلى غيره.

تفسير قوله تعالى: (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون ...)

إذاً: بعد هذه الآيات.. إليكم الآيات الثلاث الآتية: نتلوها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ [آل عمران:69]، فهذا حق وإخبار الله عز وجل، (وَدَّتْ): أي: أحبت حباً كاملاً، (طَائِفَةٌ): لا كل أهل الكتاب.

وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [آل عمران:69-71]، فهذا توبيخ إلهي.

والمعنيون بتبليغ هذه الآيات ونقلها إلى المشركين هم المسلمون المؤمنون، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أدى واجبه، وأما أصحابه صلى الله عليه وسلم وأبناؤهم فقد أدوا واجبهم، وأما أحفادهم فقد بلغوا.

ونحن الآن وقفنا عن التبليغ منذ قرون؛ فالكفار هم الذين كبلونا وقيدونا، وهم الذين جهلونا وأفقرونا، وهم الذين فرقونا ومزقونا، فحرموا -زادهم الله حرماناً- أنفسهم بإفسادنا وإضلالنا وتمزيقنا، ولو ما خدعونا وتركونا ننير الحياة والدنيا؛ لدخلوا كلهم في رحمة الله، لكن مكروا فعاد مكرهم عليهم، وإن حرمنا نحن أيضاً، لكن هم السبب وهم الهالكون أولاً.

(وَدَّتْ)، أي: أحبت بصدق.

(طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) أي: من اليهود والنصارى، وسموا بـ(أهل الكتاب)؛ لأنهم أصحاب التوراة والإنجيل، فاليهود بين أيدهم وفي رفوفهم ومكاتبهم وعند رءوسهم التوراة، والنصارى أيضاً في مكاتبهم وبيوتهم الإنجيل، فهم أهل كتاب.

رغبة قادة اليهود والنصارى في إضلال المسلمين وإهلاكهم

قال تعالى: وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ [آل عمران:69]، أي: أحبوا لو تمكنوا من إضلالكم؛ لعلمهم أنهم هالكون يريدون أن نهلك معهم، فهم عرفوا أنهم خاسرون، فودوا أن نخسر مثلهم، الحسد حملهم على هذا، فهذا إخبار الحق عز وجل، فلم يقل الله عز وجل: (ود أهل الكتاب)، وإنما قال: (طَائِفَةٌ)، فالآن يوجد في النصارى الملايين لا يعرفون الإسلام ولا يكرهونه ولا يحاربونه، وتوجد طائفة وهي التي تعمل على إضلال المسلمين، وإيقاف نورهم وهدايتهم، وهم رؤساء الكنائس، ومن والاهم من الأغنياء وصافحهم من أهل الأمجاد والحكم، وإلا ملايين من النصارى لا يعرفون شيئاً عن الإسلام.

كذلك من اليهود توجد أيضاً أعداد كبيرة لا يعرفون شيئاً إلا التقليد والمشي وراء أئمتهم وهداتهم، ورؤساؤهم هم الذين يمكرون بالمسلمين ويودون لو خرجوا من دينهم.

وهناك لفتة كثيراً ما قلناها: اليهود -عليهم لعائن الله- عرفوا حديث أبي القاسم صلى الله عليه وسلم، وبلغهم ودرسوه، وأكثر المسلمين ما سمعوا به، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم وغيره: ( لتقاتلن اليهود )، هنا اللام لام التوكيد وموطئة للقسم، بمعنى: (والله لتقاتلن اليهود)، كيف نقاتلهم وقد شردوا، وقد بددوا وهلكوا؟! فقد قاتلناهم وهزمونا بعد ألف ثلاثمائة سنة، فهذا نبي الله يخبر بهذا الغيب: ( لتقاتلن اليهود ثم لتسلطن عليهم )، هذا البناء للمفعول (لتسلطن)، أي: يسلطنا الله عليهم، لا أمريكا ولا بريطانيا ولا روسيا، وتسليط الله معلوم، لكن معنى آخر: ( لتسلطن عليهم، فتقتلوهم حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله )، واليهودي مختبئ تحت الشجرة أو الحجر، ينطق الله عز وجل ما لا ينطق، فينطق الله الحجر، ( فقد أنطق الله عز وجل الشجر التي مع ركانة فقد قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعالي فجاءت تزحف، وقال لها: اشهدي، فقالت: أشهد أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله ).

( يا مسلم! هذا يهودي ورائي فاقتله إلا شجر الغرقد )، اللهم إلا شجر الغرقد؛ فإنه لا يكشف عن اليهود ولا يخبر عنهم؛ لأنه شجر اليهود، فلماذا سمي بقيع الغرقد بهذا الاسم؟

لأن شجر الغرقد كان ينبت فيه بكثرة، والآن لعدم نزول الأمطار فيه وقف هذا الإنبات، الذين جاءوا من فلسطين التي هي تحت اليهود أخبرونا في مجالسنا من ثلاثين سنة أن اليهود يحتفلون بشجر الغرقد ويبجلونه ويجلونه ويعنون به؛ في سقايته وتربيته، كما يعنون بالبرتقال والعنب والتين.

إذاً: هذا هو تبيين قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لتسلطن).

أقول: لو أن المسلمين أسلموا قلوبهم ووجوههم لله في يوم ما من الأيام، من الأسباب الظاهرة أن تتخلى أوروبا وأمريكا عن اليهود اقتلوهم، فيحصل لهم ما حصل لهم على يد النازية تحت إمارة هتلر ، الأحداث لا يعرفون عن هتلر ، ولا النازية ولا ألمانيا، لكن الشيوخ عرفوا هذا، فقد اكتشفت ألمانيا حينذاك مؤامرة يهودية في بلادها، فأمرت بقتل اليهود، فقتلوهم وذبحوهم وأحرقوهم، حتى اليهود الذين في شمال أفريقيا وخارج ألمانيا أصبحوا أذلاء يرتعدون، قتلوا منهم عشرات الآلاف، وألمانيا في وسط أوروبا، سحر اليهود لبريطانيا وفرنسا وأمريكا ما نفع؛ لأن الله أراد.

فمن هنا قلت مئات المرات: لو أن المسلمين صدقوا الله، ودخلوا في الإسلام بحق سيوجد الله عز وجل مؤامرة يهودية في أمريكا لنسفها وتمزيقها، أو مؤامرة ضد بريطانيا، يكتشفونها يريدون إحراق بريطانيا، والله ليقولون للمسلمين: اقتلوهم وعجلوا، ونكون قد سلطنا عليهم.

لكن ما دمنا غير المسلمين بحق ولم يحن الوقت.. الحجر والشجر ما يكذبان وهما آية من آيات الله، فكثير من جيوش العرب والمسلمين ما يصدق عليهم يا مسلم، وهو ما أسلم لله لا قلبه ولا وجهه.

إذاً: اليهود عرفوا أن الطريق للإبقاء عليهم أن يفسق المسلمون ويفجروا؛ حتى لا تتحقق لهم ولاية الله، فأخذوا ينشرون ضروب الفسق والفجور في العالم الإسلامي، من الربا، إلى الزنا، إلى الحشيش، إلى الباطل، إلى ترك الصلاة، إلى الكفر بالله، إلى السب، إلى التمزيق؛ حتى لا توجد لهم ولاية ربانية ليصبح الشجر يناديهم: ( يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله )، فالمسلمون ما عرفوا هذا، ولا واحد في المليون، واليهود عرفوا هذا، فهم الذين بوسائط الإعلام، والعجائب، و.. و.. ينشرون الدعارة والفسق والفجور والباطل في العالم بأسره؛ لأنهم أعداء البشرية كلها، وليسوا أعداءً للعرب والمسلمين فقط، والمفروض أن العرب هم الذين يفيقون؛ لأنهم أمناء على هذه الدعوة والرسالة، لكن سحروهم، خبطوا فيه.

فمقاتلتنا لليهود وتسليطنا عليهم تكون عندما تتحقق ولاية الله لنا، ويصبح الله يحبنا ونحبه.. يأمر فنمتثل، وينهى فنمتثل، يومها يتحقق هذا بإذن الله -إذ لابد وأن يقع- فوالله ليقعن! ( ليقاتلن المسلمون اليهود في يوم ما حتى يقول: الشجر والحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله )، فلو أن إخواننا الفلسطينيين تجمعوا في غزة أو في أريحا أو في القدس، وتربوا زمناً وتحققت ولاية الله لهم لتحقق لهم النصر على اليهود في داخل في فلسطين.

أما ونحن كما تعرفون لا ولاية بيننا وبين الله.. حاربنا الله.. خرجنا عن طاعته، فسقنا عن أمره، ما التزمنا بشرعه ولا مبادئه ولا دينه، فكيف يتحقق لنا هذا؟! من باب المستحيل، إن لله سنناً لا تتبدل، فالطعام يشبع والماء يروي، والحديد يقطع والنار تحرق، فلن تتبدل سنن الله عز وجل.

إذاً: سنة الله في العباد من والاه نصره وأيده، من عاداه أذله وخذله، فكيف تغير أنت سنة الله؟!

فيجب الإبلاغ حتى تنتشر دعوة الله، ويعم الوعي والبصيرة.

عاقبة الشر والفساد

يقول تعالى: وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ [آل عمران:69]، (يُضِلُّونَكُمْ)؟ أي: يبعدونكم عن الحق، وعن التوحيد وعن عبادة الله، وعن الإسلام وأنواره؛ لتصبحوا مشركين خرافيين ضلال مثلهم.

والله يقول: وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ [آل عمران:69]، يا يهود! يا نصارى! يا من يعملون الليل والنهار على إضلالنا! اعلموا أنكم لا تضلون إلا أنفسكم، أنتم الذين تخسرون، فقد خسروا الإسلام وأنواره.. خسروا عدله ورحمته، فلو أنهم ما أضلوا المسلمين لعمهم نور الله عز وجل، ولدخلوا جنة الله، ولكن وجزاء السيئة سيئة مثلها، في الظاهر يضلون المسلمين والواقع يضلون أنفسهم، ليخسروا ويتمزقوا، وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [آل عمران:69]، أي: ليس عندهم إحساس ولا فهم ولا وعي ولا شعور، فلو شعروا لعرفوا أنهم بإضلال المسلمين أضلوا أنفسهم؛ لكفوا عن إضلال المسلمين، ولانتصر الإسلام ودخلوا في أنواره ورحمته، ولكن ما يشعرون، غمرتهم شهوة الدنيا، وطلب ملاذها وفتنتها والتكبر فيها والتعالي على الناس. فصدق الله العظيم.

تفسير قوله تعالى: (لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون)

وناداهم وهو الرحمن الرحيم، يا أهل الكتاب! يا أهل التوراة والإنجيل! لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ [آل عمران:70] أنها حق.

وهنا المراد من آيات الله التي يكفرونها هي آيات التوراة والإنجيل التي فيها صفات النبي الأمي ونعوته بنعت الله، يقرءونها ويعرفون أن هذه صفات النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم، ويغطوها ويجحدوها ويؤولونها، ويقولون: ما زال هذا هو الشخص ما خرج بعد، إذا جادلهم من إخوانهم، يقولون: لا لا لا.. هذه لا تنطبق عليه، هذه سيأتي صاحبها، ومن قرأ الإنجيل والتوراة وقف على هذه الصفات.

لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ [آل عمران:70]، أي: الآيات الدالة على نبوة محمد ورسالته، وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ [آل عمران:70]، فأي توبيخ أعظم من هذا؟ وأي تقريع أشد من هذا التقريع؟

ولا نقول: أنهم أعرضوا عنه، فقد وجد ربانيون علماء من اليهود والنصارى ملئوا الدنيا أنواراً وطهراً وصفاءً.

تفسير قوله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ...)

ثم قال الله عز وجل: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ [آل عمران:71]، فإلباس الحق ثوب الباطل يكون باطل، والباطل يلبسونه ثوب الحق وظهر كأنه حق، وهذا هو إعلام اليوم الذي يديره اليهود في صحفهم ومجلاتهم وإذاعاتهم وقنواتهم وهذا هو الواقع.

فلماذا تشتري خمس مجلات وخمس جرائد وتقضي أربع ساعات وأنت تقرأ في الهراء؟!

اقرأ سورة البقرة، نور بها بيتك، وحلِّ بها قلبك، وبناتك وأهلك، بدل أن تقضي ساعتين في الجرائد، ساعة واحدة في البقرة أو ساعتين، فإن قيل: لم؟ قل: نعم، أنا مسلم، أنا أريد أن أنزل دار السلام، تتطلب مني جهداً كبيراً، وبذلك نخيب مسعاهم.

أبشركم: أن ذاك صاحب الدش الذي نددنا به قد أزاله.

فالحمد لله، بعد ما صرخنا وبكينا وقلنا: والله الكتاب الذي كتبته له لو كتبته إلى يهودي يشفع، وأبطل هذا الدش من سطحه؛ لأنه مقابل المسجد النبوي يتحدى رسول الله والمؤمنين، وبعد كذا شهر الآن أزاله.

اسمع يا جامد! يا رجعي! يا متخلف! ما الذي يضر هذا الدش وأنت تندد به؟

أنا أقول: يا عم! يا ولدي! هيا ندرس القضية، دلني على النتائج المباركة والطيبة التي تحصل عليها من دشك؟

نبدأ بالمال فهو كل شيء، كم ريال ينتجه لك في الليلة؟ أو في الشهر؟

الجواب: ولا قرش واحد.

ثانياً: ما هي معارفك وعلومك الإلهية التي تسمو بها وترتفع وتتنزه عن النقائص والحفلات والأوساخ والعثرات؟

والله ولا شيء، والله ولا فائدة.

والجانب الثاني:

أولاً: أنت كأنك تنشر الخبث بين أولادك أو أهلك، أحببت أم كرهت، لقد قلت لكم: إن مؤمنة تتصل بي بالهاتف، وتقول: ماذا نصنع؛ ابني يفعل الفاحشة بأخته. فمن أين تعلم هذا؟

فلم يكن يعرف هذا بين البشر لا في اليهود ولا في النصارى، لكن هذه المناظر التي تعرض عليهم ويشاهدونها، يجربونها ويعملونها.

يقول: يا شيخ! ما نصنع ابني يفعل الفاحشة مع أخيه؟ كيف تم هذا؟! أليس له سبب؟

المشاهدة لتلك الأوضاع الهابطة التي تعرض في الشرق والغرب، ونتلقاها في بيوت الإيمان، والإسلام.

أنا أقول واسمحوا لي: والله! لو أن مؤمناً حاضراً معنا وعنده دش ما تركه إلى غدٍ، اللهم إلا إذا كان مكره بالرشاش ومهدد بالسجن، وهذا والله لا وجود له، لا في الشرق ولا في الغرب، أو كان راتبه موقف، أنا أسرتي تعيش على هذا، كيف نصنع؟

نقول: اللهم فرج عنه، مسكين، مضطر، لكن هل هذا حاصل في دش في العالم؟ لا في بلاد الإسلام، ولا في بلاد الكفر.

إذاً: لم يبقى هذا؟

لأن القلوب تعلقت بالباطل وانقطعت صلتها عن الحق، فأصابها الذي أصابها، وليبكِ التجار، الشيخ عطل علينا تجارتنا، ما أصبح من يشتري دش؛ الحمد لله وإن متم جوعاً خير لكم ألف مرة من أن تفسدوا جيرانكم وبلادكم ودولتكم.

حرمة كتمان الحق في الشهادة

قال تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [آل عمران:71]، أنه حق، الجواب يا مسلم: لأننا نحافظ على مركزنا، وعلى وجودنا وعلى آمالنا في إيجاد دولتنا؛ لأننا نحافظ على أن يبقى الشعب يقدسنا ويكبرنا ويجلنا، فإذا قلنا: هذا باطل، أصبحنا كالفقراء والمساكين.

إذاً: بعتم دنياكم بآخرتكم، لأن تموتوا فقراء خير من أن تحيوا أغنياء والله ساخط عليكم وغاضب لا يريدكم ولا يرضاكم، الدنيا كلها ساعة والآخرة لا حد لها ولا نهاية، لئن يعيش العبد خمسين أو ستين سنة مريضاً على الأرض، فقيراً لا يجد طعام، لا بأس إذا مات وهو من أهل الإيمان وولاية الرحمن، ينتقل إلى سعادة أبدية لا تنهي، أما سعادة مؤقتة وما هي كاملة، فيها المرض، فيها الهرم، فيها الخوف، فيها كذا.. ما قيمتها؟ وتنتهي بعذاب أبدي لا ينتهي، فأين العقول؟

فهذا الرحمن جل وعز يخاطبهم علهم يرجعون: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [آل عمران:70-71].

قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات

قال: [ هداية الآيات] هذه الآيات الثلاث[ من هداية الآيات:

أولاً: بيان رغبة كثير من اليهود والنصارى في إضلال المسلمين وإهلاكهم.

ثانياً: عاقبة الشر والفساد تعود على صاحبها في نهاية الأمر ].

قاعدة مسلَّم بها: عاقبة الشر والفساد ترجع على صاحبها في نهاية الأمر، كل من أراد بالمؤمنين ولو بمؤمن سوءً يعود عليه في النهاية، كل من أراد بالمؤمنين أو مؤمن شراً، والله ليعود عليه؛ لأن الله ولي ذلك المؤمن، وهذا الخبيث لا ولاية له بينه وبين الله، فيرد البلاء عليه في النهاية هو الخاسر؛ دل على هذا قوله تعالى: وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [آل عمران:69].

[ثالثاً: قبح من يكتم الحق وهو يعرفه ]، علماء اليهود، علماء النصارى، علماء الروافض، علماء أهل الباطل يعرفون ويكتمون؛ لمصلحة الإبقاء على مركزهم؛ لأنه ما ترقى وأصبح شيخاً إلا بعد العلم، فالذي يعلم الباطل يعرف الحق، ولكن المحافظة على الوجود الهاوي الباطل.

[ رابعاً: حرمة التدليس والتلبيس في كل شيء ]، حتى في البضاعة، فقد مر الرسول صلى الله عليه وسلم بأحد البائعين فوجد كيس الشعير، فشعر عليه الصلاة والسلام أن باطن الكيس فيه البلل، فأدخل الرسول صلى الله عليه وسلم يده في الكيس، فاستخرج الشعير المبتلة، فقال: ( يا صاحب الطعام! لم ما جعلت هذا أعلاه وهذا أسفله؟ من غشنا فليس منا )، فنحن لا ندلس ولا نلبس، نظهر الحق كما هو حق.

فمثلاً: إذا خطبوا ابنتك وهي مصابة بمرض، فقل: إنها مريضة. أو مثلاً: ساومك في سيارتك، قل: بها علة اعرضها على المهندس. خطب ابنك ابنة فلان، فقل لوالد البنت: يا سيد! ابني لا يصلي فلا تزوجه. فلا تلبيس ولا تدليس بين المسلمين أبداً وحرام هذا وليس من شأنهم.

[خامساً: حرمة كتمان الحق في الشهادة وغيرها]، لا يحل لمؤمن أن يشهد بالباطل وأن يجحد حق ويكتمه، فهذا شأن أولياء الله، حقق اللهم لنا هذا، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة آل عمران (25) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net