إسلام ويب

امتن الله تعالى على عباده بنعم لا تحصى ولا تعد، ابتلاءً وتمحيصاً واختباراً، ينظر من يشكر ومن يكفر، وفي الآخرة يرى العبد ما قدم من أعمال فيتذكر ويتمنى الرجوع، ولكن لا ندم ينفع ولا حسرة تنقذ، وتبقى النفوس المطمئنة التي قدمت صالحاً لنفسها في الدار الدنيا تكون في الآخرة سعيدة مطمئنة تدخل جنة ربها وتفوز بالرضوان والحبور والنعيم المقيم الذي لا ينقطع ولا ينفد.

تفسير قوله تعالى: (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن)

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! أيتها المؤمنات المستمعات! ما زلنا في سورة الفجر، وهي آيات مباركات نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها، إنه قريب مجيب سميع الدعاء.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا * كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ * يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:15-30].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! أمامكم هذه الحقيقة العلمية القرآنية، فتوعوها وتأملوها واحفظوها، فإنها نافعة لكم في عقولكم وفي دينكم وأبدانكم.

اسمعوا هذا الخبر والمخبر هو الله خالق الإنسان، وغارز غرائزه، وطابع طبائعه.

يقول تعالى: فَأَمَّا الإِنسَانُ [الفجر:15] وهو هنا الكافر.. المشرك.. الظالم.. الفاسق.. المجرم، إلا أننا بحكم الواقع نقول: الإنسان الذي ينكر وجود الله ولا يؤمن به هذا لم يكن موجوداً في يوم من الأيام منذ آدم عليه السلام إلى أن أوجدت اليهودية العالمية فكرة الشيوعية، أو المذهب المادي الذي يقوم على: (لا إله والحياة مادة)، وقبل هذا المذهب -ولم يتجاوز المائة من السنين- ما كان إنسان على سطح الأرض ينكر وجود الله أبداً؛ لأن الإيمان بوجود الله فطري، غريزة غرزت في كل إنسان تشهد بأن هناك إلهاً خالقاً رازقاً مدبراً.

يقول تعالى: فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ [الفجر:15] اعتراف واضح صريح، لكن البلاشفة الحمر والدهريين اليوم والعلمانيين لا ينسبون إلى الله شيئاً؛ لأنهم لا يعترفون بوجوده، وهذا هو المسخ العقلي، أموجود وتنكر من أوجدك؟! ألا تستحي؟! لو كنت غير موجود لك أن تقول: لا موجد. أما وأنت موجود فكيف تنكر الموجد؟ وهذا كله عبث بالعقول الهابطة عن طريق الماسونية ومحافلها، وقد تقشعت تلك السحب ولكن ما زال إلى الآن المصابون بالبلشفة والإلحاد في خضم باطلهم يعيشون، أبوا أن يعلنوا توبتهم.

فَأَمَّا الإِنسَانُ [الفجر:15] الكافر أو المشرك، الذي لا يؤمن بلقاء الله أو يعبد مع الله سواه إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ [الفجر:15] ومعنى ابتلاه: اختبره وامتحنه، فالابتلاء: الاختبار والامتحان؛ لتنكشف حقيقة الإنسان، والله عز وجل يبتلي بالغنى ويبتلي بالفقر، والكافر يحس بالغنى والفقر ويشعر بهما، والمؤمن من باب أولى، فالاختبار يكون بالغنى والفقر، يبتلي الله الإنسان بالمال؛ لينظر أيشكر أم يكفر؟ أيتطامن لله ويخشع أم يتكبر ويترفع؟ أينفق ويتصدق أم يجحد ويكمد؟ حاله لا يعرف إلا بعدما يملأ الله جيبيه بالمال. ويبتلى الإنسان بالفقر فيقدر عليه رزقه، فإذا وجد الخبز لا يجد الزيت، وإذا وجد الملح لا يجد المرق، ليبتليه الله وينظر أيصبر أم يجزع ويسخط؛ فيسرق ويكذب ويحتال ويخون.

تأملوا هذا الخبر الإلهي: فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ [الفجر:15] أي: خالقه ورازقه ومدبر أمره في حياته كلها فَأَكْرَمَهُ [الفجر:15] بالجاه.. بالسلطان.. بالنسب.. بالحسب، لكن المال هنا في الدرجة الأولى: الغنى والثرى والسعة في الرزق.

فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ [الفجر:15] أي: لما يرى فيه من صلاحية لهذا الإكرام، يقول: نلت هذا الإكرام الإلهي لما أنا متأهل له من المعرفة والعلم والسياسة وحسن التصرف .. لهذا أكرمني بالمال.

تفسير قوله تعالى: (وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن)

ثم قال تعالى: وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ [الفجر:16] اختبره فَقَدَرَ [الفجر:16] بمعنى ضيق، أعطاه بمقادير، ما وسع توسيعاً.

فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ [الفجر:16] أذلني.. أهانني.. أفقرني.. فعل بي كذا.. ويشتكي إلى غير الله، هذا الإنسان ليس المؤمن ولكن الكافر، فالمؤمن لا يقف هذا الموقف، المؤمن بحق إذا أعطي المال شكر، وإذا أخذ منه صبر، فلم يجزع ولم يسخط.

هذه النظرية القرآنية جهلها الناس، وأصبحوا كهذا الإنسان السلبي، فإذا حصلوا على المال قالوا: جهودنا وقدراتنا ومفاهيمنا وحسن تصرفنا ولم ينسبوا إلى الله شيئاً، وإذا افتقروا شكوا الله، ماذا فعلنا؟ لماذا أفقرنا؟! فعل بنا كذا.. على حالة من أسوأ الأحوال، فلا شكر ولا صبر.

وجاء في آيات أخرى أن الله يبتلي بالغنى ويبتلي بالفقر، فالذين يبتليهم بالغنى؛ ينظر هل يشكرون أم لا، فهو أعطاهم من أجل أن يرى شكرهم، فإن لم يشكروا تلك النعمة وغطوها وجحدوها وقالوا: ما عندنا، فلا أنفقوا ولا تصدقوا ولا بروا ولا أحسنوا؛ قد يسلبهم النعمة انتقاماً منهم، وقد يزيدهم إذا لم يكونوا أهلاً لجواره وطاعته حتى يصابوا بالعمى الكامل فيهلكهم هلاكاً تاماً.

ويبتلي بالفقر أيضاً، لينظر هل الفقير يفزع ويتضرع إلى الله؟ هل يصبر على ما ابتلاه به أم يأخذ في تحدي وتعدي الحدود؛ فيسلب وينهب ويسرق ويكذب.. وفي نفس الوقت يضجر ويسخط، فإن عرف الطريق ورجع إلى الله؛ رجع الله إليه، وإن تمادى في ضلاله تمزق وتلاشى، خسر الدنيا والآخرة.

تفسير قوله تعالى: (كلا بل لا تكرمون اليتيم)

ثم قال تعالى: كَلَّا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ [الفجر:17] هنا يذكر الله تعالى عللاً لهذه النظرية التي يعيش عليها الإنسان الكافر، فيقول: كَلَّا [الفجر:17] أي: ليس الأمر كما يزعم هذا الإنسان أن من أكرمه الله فهو من أجل جماله وكماله وشرفه وحسبه، ولا أن من أفقره كان إفقاره من أجل دمامته أو سوء خلقه أو غير ذلك، لا.. لا، فهذا قائم على مبدأ الامتحان والاختبار فقط.

ثم قال تعالى: بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [الفجر:17-20] هذه أربع علل هي السبب في كون الإنسان إذا أعطي لا يشكر، وإذا منع لا يصبر، النظرية المادية نتجت عن هذه الخصال الأربع:

أولاً: لا يكرمون اليتيم. كان المجتمع في مكة وغيرها لا يورّث اليتامى، ولا يحسن إليهم، ولا يطعمهم ولا يكسوهم ولا يلتفت إليهم، بحجة أنهم لا يغزون ولا يدفعون عدواً ولا ولا.. فيهملونهم، فالنظرية المادية الأولى هذه أسبابها.

تفسير قوله تعالى: (ولا تحاضون على طعام المسكين)

ثم قال تعالى: وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ [الفجر:18] الفقراء والمساكين يجوعون في ديارهم، يعطشون، يعرون، فلا يلتفون إليهم للنظرية المادية التي في نفوسهم. هذا عامل من تلك العوامل التي من شأنها أن تجعل الإنسان مادياً بحتاً.

تفسير قوله تعالى: (وتأكلون التراث أكلًا لما)

ثم قال تعالى: وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا [الفجر:19] جمعاً شديداً، كانوا لا يورثون النساء والبنات والأولاد أبداً، إذا مات الرجل ورثه رجل، أما أن يرثه الأطفال والنساء فلا؛ لأنهم لا حاجة لهم إلى المال، وهذا من حب المادة، هو الذي أوجد تلك النظرية فيهم، وهي: إذا أعطاهم الله المال قالوا: أكرمنا وأعزنا ونحن أهله وأولياؤه، ونظروا إلى الفقراء على أنهم أعداء الله وخصومه وشر خلقه فلهذا أفقرهم، ومع الأسف هذه النظرية توجد عند بعض المسلمين، كم مرة نسمع من يقول: لولا خبثهم، لولا كذا.. ما أفقرهم الله، لأنه يشعر بأن الله أغناه من باب أنه أهل للغنى، وهي نظرية باطلة، الله يغني ويفقر للامتحان لا لشيء آخر، وقد ورد: ( إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من يحب ).

والرسول يزهد في هذه الدنيا ويقول: ( لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها جرعة ماء ).

ومن هنا العارفون من هذه الأمة، العالمون البصراء، يعرفون أن الغنى والفقر مجرد ابتلاء، فإن أغناه الله عرف وأخذ في الشكر والبذل والعطاء حتى يخرج ناجحاً، وإن ابتلاه بالفقر، ففسدت تجارته، أو فصل من وظيفته، أو انقطع المال عنه لأي سبب.. عرف أنه ابتلي فصبر ولم يجزع ولم يسخط ولم يغضب ولم يتململ.. فلا كرب ولا حزن، بل صامت يذكر الله ويرجو رحمته، وهذا هو أفضل الخلق، أما الذين يتخبطون على هذه النظريات فهم كما علمتم.

إذاً: المسألة الأولى: أنهم لا يكرمون اليتيم، لا يعرفون شيئاً اسمه الإنفاق في سبيل الله، لا لليتامى، ولا للمساكين، ولا لأي شيء، وحب المال الحب الشديد الجامع هذا من أعظم العلل، فالذي يحب المال قد يمنعه أمه، وقد يحرمه أولاده، بل والله! يحرم نفسه منه، فلهذا حب المال من أخطر الأمراض، فينبغي ألا توجد الدنيا في القلوب، وإن وجدت في الجيوب فمرحباً بها والأيدي تنفقها، أما أن تتمكن من القلب فتصبح المعبودة للإنسان، لا ينظر إلا إليها فتلك مصيبة من أعظم المصائب.

إذاً: أعيد القول في هذه القضية؛ رجاء أن تبقى في أذهان المستمعين والمستمعات: وهي أن الإنسان الكافر الملحد الذي لا يؤمن بالله لم يكن موجوداً قبل المذهب الشيوعي الماركسي الذي وضعه اليهود، والدليل الآية الكريمة التي نزلت منذ ألف وأربعمائة سنة، أما أخبر تعالى عن الإنسان الكافر بأنه يقول: رب أكرمني؟ ويقول: رب أهانني؟ هل الشيوعيون اليوم يقولون هذا؟ لا. لا ينسبون إلى الله شيئاً ولا يذكرونه، جحوداً وعناداً؛ لأنهم صمموا هذا التصميم لغرض يهودي، فالبشرية لم تكن تنكر وجود الله في أية ملة، كانت تعبد الأصنام، والكواكب، والأشجار، والفروج، والهوى، لكنها شفاعة تشفع لهم -في نظرهم- عند الله، ووسائل يتوسلون بها إلى الله، أما إنكار الخالق عز وجل فلا وجود له عندهم أبداً، ليس هو إلا من عند المذهب الشيوعي المادي الذي بقيت بقاياه إلى اليوم، وقد فضحهم الله شر فضيحة.

ثانياً: يبتلي الله عز وجل بالفقر والغنى المؤمن والكافر سواء، فإياك أن تنظر إلى الفقير على أن فقره كان من أجل ذنوبه، فقد يكون مستقيماً على منهج الله وقدر الله رزقه وضيقه، ليمتحنه ويبتليه أياماً أو أعواماً ثم يرزقه، وقد ترى الرجل يتقلب في المال ليل نهار، فلا تفهم أنه مرضي عنه، وأنه ولي لله، ولهذا أغناه الله! لا. هذه النظرية لن تكون للمؤمنين والمؤمنات، فقد علمنا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر امتحاناً وابتلاءً، فلهذا ما منا والله! إلا مبتلى، الغني مبتلى بغناه، والفقير مبتلى بفقره، أيهما ينجح؟ الغني إذا شكر نجح، والفقير إذا صبر نجح، وإذا لم يشكر الغني خسر وخاب في الامتحان، والفقير إذا لم يصبر وتضجر وخرج عن النظام هلك وخسر.

إذاً: فلننزع من أذهاننا أن للدنيا قيمة عند الله، يقول تعالى: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً [الزخرف:33] أي: على الكفر لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ [الزخرف:33] هذه المصاعد والسلالم من الذهب والفضة وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا [الزخرف:34-35] لو كان الله يغني الكافر ويفقر المؤمن ما آمن الناس، ولرغبوا كلهم في الكفر، فرحمة بالبشرية ما جعل الله الكفر سبباً للغنى أبداً.

ولكن فاضل الله بين الناس لحكمة ولعلة عالية، كما قال سبحانه: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا [الزخرف:32] لم هذا غني وهذا فقير؟ لكي تخدمك الناس، من يأتيك بلبن بقرتك؟ كم من يطبخ لك طعامك؟

وفي هذا السياق الكريم يقول تعالى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ [الزخرف:32] لأنهم اعترضوا على الله، وقالوا: لم يبعث محمداً رسولاً -يتيم أبي طالب- ولم يبعث فلاناً وفلاناً من رجالات قريش في مكة والطائف؟ فأدبهم الله بهذا الكلام وقال: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ [الزخرف:32] هذا يملك المليون وهذا لا يملك ريـالاً لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف:32].

ويبين هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: ( لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها جرعة ماء ) لأنه ليس أهلاً لذلك.

إذاً: الآية الكريمة تحذرنا من تلك العلل الأربعة، فمن وجدها في نفسه فليجاهدها حتى ينتزعها، ويضرب بها عرض الحائط؛ لأنها فتنة.

فضل إكرام اليتيم

المسألة الأولى: عدم إكرام اليتيم.

واسمعوا: ما من بيت يعيش فيه يتيم مكرماً منعماً إلا كان لأهله من الخير ما لا يقدر قدره، وقد رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا وقال: ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ) أي: ندخل الجنة مع بعضنا بعضاً بلا افتراق.

ومن هنا إذا مات الرجل في قرية أو في بلد، يعرف أن أولاده اليتامى سوف يكفلون، فيحفظ لهم دمهم وعقلهم ودينهم ومالهم ويموت مستريح البال، غير كئيب ولا حزين، لكن إذا عرف أنه يموت في مجتمع لا يلتفت إلى اليتامى ولا يكرمهم، بل يهينهم ويأخذ أموالهم، حتى الكفيل أو الولي يأكل مال اليتيم؛ هنا تعظم الحسرة ويشتد الكرب، ويعظم على العبد أن يموت ويترك أولاده وراءه.

ولو وجدت دوراً خيرية كما وجد في المدينة، إذا مات الرجل وترك أيتاماً انتقلوا إلى تلك الدار، فيجدون المربين العاطفين الرحماء يعلمونهم الهدى، فيكبرون سالمين في عقولهم ودينهم لكان هذا خيراً عظيماً، ولكن مع الأسف في بلادنا الأخرى توجد دور لليتامى من أبناء الزنا واللقطاء والعياذ بالله، يربون على الإلحاد والزندقة والكفر والضلال، فيتخرجون شياطين خلص، ليسلطوا بعد ذلك على المواطنين، فعظم الكرب وازداد البلاء في هذه الأيام، شخص ما عرف الله أبداً، ولا عرف رسوله، ولا عرف أباً ولا أماً يسمونه ابن الشعب، إذا حكم كيف يكون حاله؟! ولا راحم إلا الله.

فضل إطعام المساكين

ثانياً: يجب أن نحض على طعام المسكين، والحمد لله! دور المبرات الخيرية نفع الله بها كثيراً، فكل من زاد عن قوته شيء وادخره فيها فإنها تنفقه بنظام على الفقراء والمساكين، حتى لا تشعر أن المدينة أو القرية فيها فقراء أو محتاجون.

حب المال وطغيانه على حب الله

ثالثاً: نحاول ألا نحب المال، وإن أحببناه بالطبع لا يكون حباً جماً شديداً قوياً طاغياً علينا، بل في حدود الحاجة، وأنا لا أقول: اكرهوا المال، أو احرقوه، ولكن لا يطغى حبه على حب الله، ولا يطغى حبه حتى يمنعك من الوصول إلى الله.

حق المرأة من الإرث

وأما (التراث) فهناك بقايا من المسلمين لا يورثوا النساء، يحرمون البنات من الإرث بحجة أنها تتزوج، وأنها كذا وكذا.. ويقسم الأب المال في حياته على أولاده الذكور، وهذا حرام ولا يحل، وعلى فاعله أن يتوب إلى الله ويرجع في ما قسم أو ورّث؛ ليعطي البنت حقها كما أخذ الولد حقه، فأكل التراث -الذي هو الميراث- كان معلوماً في بلاد العرب، امتهاناً للمرأة، ولكن لما طلعت شمس الإسلام وازدهرت هذه الديار بالإيمان انتهى هذا الظلم، وقسم الله التركة بنفسه، ما وكلها إلى القاضي ولا المفتي ولا القريب ولا البعيد، فلا يحل لأحد أن يعترض على الله، أو يخطئ الله. وويل للذين يتصرفون هذا التصرف الشائن بالتركات!

للذكر مثل حظ الأنثيين، الزوجة ترث الربع إن لم يكن لزوجها ولد، وترث الثمن إن كان له ولد، والزوج يرث من امرأته النصف إن لم يكن لها ولد، وإن كان لها ولد فله الربع، والجدة والجد السدس، قسم الله التركة بنفسه فلا يحل لمؤمن أن يتدخل أو يحتال.

تفسير قوله تعالى: (كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً)

قال تعالى: كَلَّا [الفجر:21] أما ترجعون إلى الوراء؟ أما تلتفون إلى الواقع؟ أما ترتدعون عن هذا السلوك؟ فهذا السلوك هو الذي أنتج تلك الفكرة: وهي أن العبد إذا أعطاه الله قال: أكرمني وآثرني وفضلني على غيري، فأنا سيد الناس، وإذا أفقره انتكس وهبط وقال: أذلني ربي وأهانني وعاش ساخطاً عن الله، بهذه النظرية المادية.

ثم قال تعالى: إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ [الفجر:21] هل الأرض تندك؟ نعم. لأن الصيحة القوية، والنفخة الإسرافيلية تهتز لها الكائنات وتندك الأرض في بعضها البعض وتتحلل دَكًّا دَكًّا [الفجر:21] تصبح سديماً وبخارى، والسماوات كذلك، وتنتهي هذه الحياة.

تفسير قوله تعالى: (وجاء ربك والملك صفاً صفاً)

ثم قال تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر:22] فجأة ونحن في عالم آخر، أرض غير هذه الأرض، وسماء غير هذه السماء.

وَجَاءَ [الفجر:22]: وها هو ذا قد جاء ربك يا رسوله.

وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر:22]: والملك صفاً بعد صف، لماذا يجيء الرحمن والملائكة وراءه صفوفاً، لأي غرض؟ للقضاء.. للحكم.. للفصل بين الناس.

تفسير قوله تعالى: (وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى)

ثم قال تعالى: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى [الفجر:23] وأزلفت الجنة للمتقين أيضاً، فالنار مرئية والجنة مرئية وهما في ساحة فصل القضاء، ولا تعتبر الأبعاد أبعاداً؛ لأنك الآن تؤمن بالتلفاز.

إذاً: جاء الله لفصل القضاء.

تنبيه! درج الأشعريون والمعتزلة وبعض العلماء إلى تأويل: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22] بقولهم: وجاء أمر ربك.

لم ربنا لا يجيء؟ قالوا: إذا قلنا يجيء شبهناه بالناس.! لا يا عباد الله! والله ما شبهناه، بل يجيء مجيئاً يليق بذاته، وهل عرفنا ذاته حتى نعرف كيف يجيء؟ لمِ تمسح من قلوب عباده المهابة منه والخوف وتقول: وجاء أمره؟ أتردّ على الله؟ أما تستحي؟ فإذا قال لك يوم القيامة: أنا قلت: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22] وأنت تقول: وجاء أمر ربك، أنت أعلم أم أنا؟ أما تعلم أن هذا يضعف في نفوس المؤمنين الخوف من الله والمهابة منه؟

إذاً: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22] هو جل جلاله وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر:22] لفصل القضاء والحكم بين العباد، وهنا جيء بجهنم، أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: ( يجاء بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام ) والزمام: ما يزم به الحيوان ويجر ( مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ) أي: ويمسك بكل زمام سبعون ألف ملك، وأنتم تعرفون أن من الملائكة من رأسه تحت العرش ورجلاه في الأرض السفلى، يعني: عالم أكبر من عالمنا هذا بليون مرة.

وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [الفجر:23] عَلَم على عالم الشقاء يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ [الفجر:23] الإنسان الكافر.. الناسي.. الغافل.. المعرض.. المادي يتذكر، يقول: آه! لو أنني قدمت لحياتي، قال تعالى: وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى [الفجر:23] يعني: بماذا تنفعه؟ وكيف له أن يتذكر الآن؟ هل سيرجع إلى الوراء؟ لا. لا تنفعه ذكراه.

وهنا يقول الصالحون: لو أنك خررت ساجداً منذ أن وجدت إلى أن مت فإنك تندم في تلك الساعة وتقول: آه! لو أنني عبدت الله أكثر!! ولو فرغت حياتك كلها للعبادة لقلت: آه! يا ليتني زدت وأكثرت. كيف إذاً بالمجرم الظالم الفاسق عن أمر الله، يتذكر ماذا؟ إنه يتمزق حسرة!

تفسير قوله تعالى: (يقول يا ليتني قدمت لحياتي)

ثم قال تعالى: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [الفجر:24] قدمت لها ماذا؟ الإيمان والصبر والتقوى. الجهاد والإنفاق، البر والإحسان، هذا الذي يقدم، يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي [الفجر:24] أعمالاً صالحة تنفعني في هذا اليوم، هكذا يتمنى: يا ليتني قدمت لحياتي هذه التي حييتها. وهذا بعد النفخة الثانية والوقوف بين يدي الله.

تفسير قوله تعالى: (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد)

قال تعالى: فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:25-26] العذاب ثم الإيثاق بالحبال والحديد، وعذاب ليس كعذاب الدنيا؛ لأن في الدنيا يعذب الناس في السجون كما تعرفون، ويوثقون بالسلاسل، ولكن ليس كعذاب الله عز وجل، ولا يعدّ شيئاً بجانبه.

وقد يقول قائل: يا شيخ! كنت تقول: يوجد عذاب في سجون العرب لا يوجد يوم القيامة؟! نعم؛ لأنهم يخبروننا ونلقاهم في الخارج والداخل يبكون ويقولون: يسلطون علينا الفحول ويأتون الفاحشة بنا في السجون، هذا الذي ما تمالكنا أن نذكره طوال العام ولعل هذا الصوت يبلغهم، ولكن ما سمعنا أبداً من تاب إلى الله ورجع، فعذاب الآخرة لا يوجد فيه هذا النوع من العذاب، لم يعذبون إخوانهم؟ اقتلوه إذا جنى جناية أو ارتكب جريمة، إذا لم تطقه اقتله، ( وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) برصاصة، أو ضربة بسيف.

أما أن تعلقه من رجليه، أو من رأسه وتطفئ السيجارة فيه، وتفعل به العجائب لم هذا؟ ما الدافع لهذا كله؟ الدافع إليه أننا أعرضنا عن الله، فانطفأت شعلة الإيمان في القلوب، وأصبحنا كالبهائم والحيوانات ينزو بعضها على بعض، هل هناك علة غير هذه العلة؟ والله ما هي إلا هذه. الجهل، ما سألوا عن الله.. ما عرفوه.. ما تقربوا إليه.. ما اجتمعوا على كتابه، ما تدارسوا هدي نبيه طوال حياتهم ثم يحكمون ويسودون، فكيف يفعلون؟

على كل حال! الدنيا تنتهي، ونحن في آخرها، وسوف يفاجئون باختلال نظام الكون، وطلوع الشمس من مغربها، ونهاية الحياة.

تفسير قوله تعالى: (ولا يوثق وثاقه أحد)

قال تعالى: وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:26] بمعنى أن عذاب الآخرة لا يقاس بعذاب الدنيا أبداً، لا معنى لهذا أبداً بحال من الأحوال؛ لأن المعذب هو الله رب الأرباب. والوثاق: السلسلة التي ذرعها سبعون ذراعاً، توضع الأغلال في أعناق الكفار ويساقون، ويسحبون في الحميم والنار على وجوههم.

تفسير قوله تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة)

وأخيراً: إليكم هذا النداء الكريم، اللهم اجعلنا من أهله.

قال تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [الفجر:27] لبيك اللهم لبيك! المطمئنة: الساكنة الهادئة الثابتة الرصينة، فلا حزن ولا قلق ولا جزع ولا سخط؛ لأنها واثقة بربها، مؤمنة بمولاها، مصدقة بوعده ووعيده، تنتظر فقط اللقاء الكريم، هذه النفس تنادى بهذا النداء في الدنيا، عندما يجيء ملك الموت وأعوانه لاستلامها تنادى بهذا النداء: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ [الفجر:27-28] عز وجل، إذ جاءت من عنده.

من أين أرواحنا كانت؟ من البطيخ أم من التراب؟ أو بلاشفة أنتم؟ جاءت من عند الله تعالى، الملك جاء بها ونفخها.

تفسير قوله تعالى: (ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً...)

ثم قال تعالى: ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً [الفجر:28] عما تلقين وتجدين أمامك مَرْضِيَّةً [الفجر:28] عنك فَادْخُلِي فِي عِبَادِي [الفجر:29] في جملتهم وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:30].

أرواح المؤمنين الطاهرين والمؤمنات الطاهرات والله! لهي الآن في دار السلام، إلا أن أرواح الشهداء أعلى منهم، فهي في حواصل طير خضر ترعى في الجنة، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، أما أرواح المؤمنين والمؤمنات ففي دار السلام إلى أن يتم اللقاء الأخير فترسل من السماء إلى الأبدان في الأرض.

يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30].

الوجه الثاني: أن هذا يقال لها عندما يخلق الله الأجسام في الأرض الجديدة -بالبذرة التي هي النواة- فتنبت كما ينبت البقل والبطاطس، فعندما يتم الخلق ترسل الأرواح من الملكوت الأعلى في عليين.

إذاً: يقال لها: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ [الفجر:27-28] أي: إلى صاحبك ومالكك، أي: البدن الذي كان لكِ، ثم ادخلي في جملة عبادي في مواكب النور، وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:30] إذ تنزل الأرواح فتدخل في الأجسام، ثم تجمع وتحشر في ساحة فصل القضاء، والملائكة هي التي تجمعها، فينتهي الحساب ويتم دخول الجنة.

هنا يروي ابن كثير في تفسيره على عهد المنصور العباسي: أن أسرى من المؤمنين وقعوا في حرب الروم -أربعة نفر- فأمرهم الطاغية الحاكم المسيحي أن يرتدوا عن الإسلام أو يعدمهم، فارتد ثلاثة خافوا من الموت، وواحد رفض أن يرتد عن الإسلام فضرب رأسه وقطع وألقي في النهر، فغاص في النهر ثم طفا فوقه، ونطق بلسان سمعه الحاضرون: يا فلان! يا فلان! يا فلان! سماهم بأسمائهم الثلاثة: إن الله يقول: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30] وما إن قال ذلك حتى كاد يسلم الروم كلهم، ثم أرسل الخليفة مالاً وفدى الأسرى الثلاثة وهم مسلمون، ولم يرجعوا عن دينهم.

وهنا دعوة صالحة احفظوها حتى تدعون ربكم بها، عسى الله أن يستجيب لكم:

يا رب! اللهم إني أسألك نفساً بك مطمئنة، يا رب! إني أسألك نفساً بك مطمئنة، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك.

هذه دعوة أحسن من الذهب، تؤمن بلقائك يوم القيامة، وتقنع بعطائك الذي تعطيها إياها، وترضى بقضائك الذي تقضيه عليها خيراً أو شراً، وحينئذٍ هي هذه الضمانة: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30].

ومن طلب وجد، اقرع باب الله فقط وسوف يفتح لك.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ..



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة الفجر (2) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net