إسلام ويب

يصور الله عز وجل القيامة في هذه السورة، ذاكراً فيها تكور الشمس، وتناثر النجوم، وتحول الجبال من حالتها الصلبة المتماسكة إلى هباء منثور، وتحول البحر إلى نار مسجورة، وكشط السماء، وتسعير الجحيم، ثم يخبر سبحانه أن هذه الظواهر إذا حصلت فعندها تعلم كل نفس أن الحساب أزف، وأن الجزاء على الأعمال حان وقته، ويعلم أهل الشك أن الأمر جد، ويدرك المرتابون أن وعد الله حق.

بين يدي سورة التكوير

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً، أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن سورتنا اليوم لسورة مباركة ميمونة، إنها سورة التكوير.

والسورة مكية، وهي تعالج أمرين رئيسين: عقيدة البعث والجزاء، والنبوة المحمدية.

وآيات هذه السورة تسع وعشرون آية، والآية بمعنى: العلامة، فكل آية هي علامة على أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله!

كل آية تدل دلالة قطعية يقينية على أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله!

وبيان ذلك: هذه الآية من أنزلها؟ من أوحاها؟ من ضمنها معناها؟ قطعاً الله هو الذي أنزلها، فالله موجود أخبر بنفسه أنه لا إله إلا هو، إذ قال: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ [آل عمران:18] الكل يشهدون.

ومن نزلت عليه هذه الآية دون البشرية كلها يستحيل أن يكون غير رسول، والله ينزل عليه آياته وكلامه، فلهذا القرآن به ستة آلاف آية ونيف كل آية تدل دلالة منطقية عقلية على أنه حقاً لا إله إلا الله وعلى أن محمداً رسول الله، وهذا معنى الآية في القرآن الكريم: العلامة الدالة على هذا الذي سمعتم.

وآيات هذه السورة المباركة تسع وعشرون آية، وتلاوة آيات هذه السورة بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ * فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:1-29].

هذه سورة التكوير، وهي واحدة من مائة وأربعة عشر سورة، تضمنها كتاب الله القرآن العظيم، وهذه السورة من قصار المفصل يصلى بها الليل والنهار، احتوت على تسع وعشرين آية، وباسم الله ندرسها.

أولاً: (بسم الله الرحمن الرحيم). هذه يفتتح بها كل سور القرآن الكريم ما عدا سورة براءة .. التوبة .. الفاضحة، تلك السورة لم تفتتح ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لأنها إعلان حرب، وما عداها ما من سورة إلا وهي مفتتحة ببسم الله الرحمن الرحيم.

ولم؟ إن شئت قل: بسم الله الرحمن الرحيم لأقرأ هذه السورة؟ لا حق لك أن تقرأها إلا بعد إذن سيدها.. مالكها.. صاحبها.. منزلها، لو لم يأذن لنا أن نقرأ كتابه نقرأ؟

الآن كتابي في جيبي فهل يجوز لك أن تقرأه بدون إذني؟ أيجوز عندكم منطقاً؟ ممنوع. من أذن لك؟ أنت تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، اقرأ هذه السورة، والحمد لله أن أذن لنا، بل ودعانا إلى قراءته ورغبنا فيها، ووعدنا بالأجر العظيم عليها، فالحرف الواحد بعشر حسنات، وسجل بآلاتك.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لا أقول: (الم) حرف، بل أقول: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، كل حرف بعشر حسنات.

إذاً: عرفتم سر بسم الله الرحمن الرحيم.

تفسير قوله تعالى: (إذا الشمس كورت)

بسم الله الرحمن الرحيم: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1].

الشمس: هذا الكوكب النهاري لا يجحده إلا مجنون، هذا الكوكب العظيم، حقاً عظيم؛ لأنه أكبر من هذه الأرض بمليون ونصف مليون مرة، فسبحان الله العظيم!

من جمع تلك الطاقة الملتهبة النارية؟ كيف أوجدها في هذا الحجم العظيم الكبير؟

من أدارها على مدار الحياة وهي تدور في فلكها فلو تتقدم بأدنى قدر نحو الأرض لاحترقت الحياة كلها، ولو تبعد عن مدارها يتجمد كل شيء ويصبح ثلجاً وماءً؟

إنه الله، فلا يمكن أن تخرج عن مدارها قيد شعرة، وطول العام وهي في مدارها، وألف عام وعشرات الآلاف، فهل الذي يديرها ضعيف.. جاهل.. من جنس المخلوقات؟ مستحيل، فهذا هو الله رب العرش العظيم.

كيف كون هذا الكوكب؟ ولماذا؟ ولفائدة من؟

لفائدة هذا المخلوق، هذا الإنسان الكفور، من أجله علق الله هذا المصباح في السماء؛ لنستدفئ بحرارته، ونستضيء بضوئه ونوره، ولكنا لا نحمد الله ولا نقول: الحمد لله! فأعوذ بالله من عبد ينكر النعم ويكفر المنعم ولا يقول: الحمد لله.

فالحمد لله! لو تظل يا بني أربعاً وعشرين ساعة وأنت تقول: الحمد لله.. الحمد لله، ما وفيت الله شكراً، ومع هذا مطلوب منا فقط عند أن نبتدئ الطعام أن نقول: بسم الله، فإذا ما قلنا فإن هذا جحود لله. أليس هو الذي أطعمنا؟ بلى. ونختم طعامنا ونفرغ منه مطلوب منا أن نقول: الحمد لله.

خمسة وتسعين في المائة من البشرية لا يحمدون الله ولا يذكرونه!

من خلقهم؟ من أوجدهم؟ لم وجدوا؟ إلى أين يصيرون؟ لم ما يسألون؟

العدو ختم على قلوبهم، لا يسمح لهم. إذاً: فليتحركوا فليحاربوا هذا العدو حتى يتخلصوا منه. وأعني بالعدو: عدو البشرية إبليس عليه لعنة الله، إبليس عدو آدم والبشرية، هو الذي يمنعهم من أن يسألوا عن الله.

إذاً: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] والكرة عندكم معروفة الأولاد يعرفونها مكورة والثوب أكوره يتكور، وهذه الشمس ذات البساط العريض الطويل أكبر من الأرض بمليون مرة كلها تلف وتكور كالعمامة، ويقذف بها، ولم يبق ليل ولا نهار.

الذي كونها جعل لها ميقاتاً محدودة، ويوم تدق الساعة والله ليكورنها، فهل تستطيع البشرية أن تفعل شيئاً في هذا؟ لا شيء.

تفسير قوله تعالى: (وإذا النجوم انكدرت)

قال تعالى: وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ [التكوير:2].

النجوم: جمع نجم، والنجم معروف وهو ما ظهر وبرز للعيان في الملكوت الأعلى.

كم عدد هذه النجوم؟ قالوا: بالإمكان أن تعد حصى الوادي ولا تعد الكواكب في السماء، ولا تستطيع عدها.

هذه النجوم تنكدر وتنصب انصباب العقاب أو النسر على الأرض أو على الطائر، لم تنحل وتسقط؟ اختل نظام الكون، دقت الساعة لفناء هذا الكون، فهذه الكواكب لا بد وأن تنكدر ويذهب ضوءها، لا بد من هذا.

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] أولاً. وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ [التكوير:2] ثانياً.

تفسير قوله تعالى: (وإذا الجبال سيرت)

ثم قال تعالى: وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [التكوير:3] الجبال تسير؟ تستطيع روسيا أن تسير الجبال بالهيدروجين؟ وإن سيرت جبلاً أو جبالاً، جبال الأرض ورواسيها وأوتادها التي تمسك بها حتى لا تميد، الداخلة في أعماقها من يسيرها؟ يا جبال! سيري فتتحلل وترحل، وتسير والله كالهباء المنثور، زلزال إذاً، هزة عنيفة تتحلل الجبال، وتصبح كالهباء المنثور؛ لأن الساعة دقت، ساعة نهاية الحياة.

تفسير قوله تعالى: (وإذا العشار عطلت)

ثم قال تعالى: وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ [التكوير:4] أنتم حضريون لا تعرفون العشار.

العشار: جمع عشراء. واحد العشار عشراء. والمراد بها: الناقة التي مضى على حملها عشرة أشهر ولم تلد بعد؛ لأن الناقة تلد بعد عام، المعز والغنم والبقر كم؟ الجنين في بطن أمه يولد لكم؟ لا نعرف، ستة أشهر.. تسعة؟ إذاً كأمهاتنا، إلا النوق سنة، أو أحد عشر شهراً؛ لأن العشراء مضى على حملها عشرة أشهر، ولم تلد، وهذا النوع من المال عند العرب والبشرية أيام كانت تعتمد بعد الله على الأنعام .. الإبل أغلى أنواع المملوكات كالبقر في أوروبا، الإبل في الصحارى سفن، آية من آيات الله، وخاصة النوق الحمراء هذه تتعلق بها قلوب الفحول والرجال، وكثيراً ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( خير لك من حمر النعم ).

(حمر): جمع حمراء وحمر.

(النعم): الإبل والبقر والغنم.

إذاً: هذه العشار عطلت، من يحلبها؟ من يركبها؟ من يملكها؟ انهارت قوى العالم وخارت. من يلتفت إليها؟ وهذا مثال حق، فإذا كان أعز المال بهذه الصورة فكل الأموال انتهى شأنها، لا تفكر في طيارة ولا في سيارة، عُطِّلَتْ [التكوير:4] ليس هناك من يرغب أن يركب أو يملك انتهت الحياة.

تفسير قوله تعالى: (وإذا الوحوش حشرت)

ثم قال تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير:5] الوحوش.. الأسود.. الفهود.. النمور.. الذئاب.. الثعالب.. سم ما شئت.

لما يحدث الزلزال العنيف وتأخذ الحياة بالهز هذه الوحوش كلها تأتي تجري إليكم، كانت هاربة منكم تخافكم، والآن تدخل معكم حيثما تجدكم؛ لما أصابها من الرعب والخوف، تحشر الوحوش وتجمع فتصبح كالغنم متجمعة!

انظر إلى الجبال وفيها النمور والأسود تحصل على واحد؟ هي خائفة، وأنت خائف، وإذا جاء البلاء وعم؛ كلنا إخوان في المصيبة.

تفسير قوله تعالى: (وإذا البحار سجرت)

قال تعالى: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:6]. ما معنى سُجِّرَتْ [التكوير:6]؟ لهذا اللفظ معنيان، ولتفسير هذه الكلمة وجهان مشرقان، وكلاهما حق:

الوجه الأول: يفسر سُجِّرَتْ [التكوير:6] بمعنى: امتلأت وفاضت بالمياه، وهو كذلك، إذا كان زلزال المياه تتدفق.

والوجه الثاني: ولعله يتم لها ذلك بعد المرة الأولى أنها تحترق، وأخيراً الاكتشافات الحديثة علمنا أن في أعماق البحار بترول عظيم، وهو يستخرج. هل سمعتم بهذا؟

إذاً: فتلتهب النار فيه، فإذا البحار المحيطة كلها نيران تلتهب، إذ لا بد من فناء الكون وعودته كما كان سديماً وبخاراً، لا يبقى الماء ماء أبداً، ولا النار ناراً، لا بد من تبخر ذلك كله، البحار تسجر بالنار.

الآن كم حدث هذا الذي ذكرنا؟ اثنا عشر حدثاً جللاً ، نعيدها:

أولاً: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] هذا حدث عظيم هذا.

ثانياً: وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ [التكوير:2] حدث عظيم.

ثالثاً: وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [التكوير:3] حدث عظيم.

رابعاً: وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ [التكوير:4] حدث عظيم.

خامساً: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير:5] حدث عظيم.

سادساً: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:6] حدث عظيم.

هذه ستة أحداث قبل الفناء.

والآن أحداث أخرى في يوم القيامة، هذه الأحداث العظام والستة هذه تمت في حياتنا هذه وهي نهايتها، إذا شاهدناها انتهت.

تفسير قوله تعالى: (وإذا النفوس زوجت)

وهنا تبدأ الأحداث الستة الأخرى، قال تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكوير:7]. والنفوس: جمع نفس، نفسي ونفسك يا عبد الله!

نفس من أنفس الإنس والجن كيف تزوج؟! كيف تزوج النفس؟ إي نعم تتزوج مرتين، والثالثة تزوجتموها.

المرة الأولى: أنها تدخل في الجسم المصنوع لها فتصبح زوجاً له وهو زوجاً لها!

هل تعرفون أين أرواح آبائكم وأجدادكم؟!

أيها المستمعون والمستمعات! أين أرواح آبائكم وأمهاتكم؟ لا تعرفون؟! نحن نعرف، لم أنتم لا تعرفون؟ نحن نقرأ القرآن وأنتم لا تقرءونه؟

ستقولون: يا شيخ! كيف تقول: لا نقرأ القرآن؟ نعم لا تقرءونه على الأحياء، ولكن تقرءونه على الموتى فقط، القرآن نزل ليقرأ على الموتى؟ لا. لماذا نعكس هكذا النظام الإلهي؟ الله يقول: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا [يس:69-70] وما قال من كان ميتاً!

هل الميت ينذر؟! لا.

ضع ميتاً بين يديك وقل له: قم صل! اسمع دعوة الله! أجب النداء!

هل يسمع؟ والله لو يجدك عاقل يهودي أو نصراني أو أي عاقل وأنت تكلم ميتاً وتأمره وتنهاه لضحك منك، ولقال لك: هذا ميت فكيف تأمره وتنهاه؟

لعب بنا العدو وجعلنا نقرأ القرآن على الموتى، وإلى عهد قريب نسأل: يا شيخ! هل تجوز قراءة القرآن على الموتى؟

إذا قلت: لا تجوز يغضب.

هل القرآن يقرأ على الموتى يا عباد الله؟!

فلهذا ما عرفنا حياتنا ما هي، مصدر المعرفة والعلم هو هذا الكتاب، فهل هناك شيء غير هذا؟ لا. أما قال تعالى: تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل:89]؟ بلى.

والشاهد عندنا في أرواح آبائنا وأجدادنا الأرواح الطاهرة الزكية الصافية المشرقة من جراء الحسنات التي هي فيها فهي في عليين.. في الجنة العليا.. في دار السلام متهيئة تنعم حتى يؤذن لها بالنزول، وعندما تعد الأجسام تنزل.

أما أرواح آبائنا وأجدادنا المجرمين الكافرين الفاسقين الظالمين ففي أسفل سافلين في سجين.. في مستودع!

ويوم يعيد الله الأجسام من جديد بعد نهاية هذه الحياة تفتح المستودعات فما من روح إلا وتدخل في جسمها الذي أعد لها فتأنس به وتعرفه كما هي الآن!

هل قرأتم للنبي صلى الله عليه وسلم سنة من سننه؟ مع الأسف ما قرأنا.

هذا نبيكم إذا اجتمعتم في البيت تحدثوا عنه وقولوا: قال رسول الله كذا.. ما نحدث عنه نحدث عن فلان.. وفلان. لم؟ عدوكم هو من صنع هذا بكم؟ قالوا: لا مشغولين، وعاشت أمة الإسلام في هذا الضلال المبين.

لا تتألموا أنا كوالدكم، ولا أعني واحداً بعينه!

أنا مكروب حزين على ما أصاب هذه الأمة المسلمة، وما حل بها!

نجتمع في المقاهي وإذا جاءنا واعظ من بلد كذا يدخل المسجد فيجد الإمام وأربعة من كبار السن ومعهم طفل أو طفلان. أين أهل البلد وليس هذا الوقت وقت عمل؟!

تمر بشوارع مدننا وقرانا فتجد المقاهي على نحو هذا المجلس، إلا أن هناك دخان يتصاعد من السجائر إلى السماء.. والكفر.. والسفل.. والمنطق السيئ.. والقمار.

أهذه هي أمة القرآن؟ لعلي واهم؟ والله لكما أقول، أحداث عشناها.

أين أهل المسجد؟ لا وجود لهم، يجلسون في المقهى، البذاءة.. الضحك.. المنطق السيئ.. ينادي المنادي أن حي على الصلاة فلا يجيب أحد.

ما فعل بنا سحر أم ماذا؟ المفروض إذا اجتمعنا أن نتحدث عن الله والرسول صلى الله عليه وسلم، نتحدث عن العروج إلى السماء وكيف ننتهي إلى الملكوت الأعلى.

وأقول: حدثنا أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم أنه ليلة أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى حيث جنة المأوى كان يمر بالأنبياء، فمر بآدم أبيه وأبو الجميع عليهما السلام، وجده على سرير.. على كرسي جالس، وعن يمينه أسودة وعن شماله أخرى. -والمراد من الأسودة: أرواح، أنفس بنيه من البشر- وكان عليه السلام إذا نظر عن يمينه ابتسم وتهلل وجهه بالبشر والطلاقة، وظهر على وجهه الفرح؛ لأن عن يمينه يرى أرواح بنيه السعداء، فيفرح بذلك، وإن نظر عن شماله ورأى نسم بنيه الأشقياء يظهر في وجهه الكآبة والحزن، ولا تعجب فهو أبوهم، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ما الدليل الذي يصحبه من مكة إلى سدرة المنتهى وهو جبريل عليه السلام: ما هذا؟ فقال: هذا أبوك آدم، وهذه الأسودة عن يمينيه وشماله أرواح بنيه.

قبل وجود التلفاز والشاشة والفيديو كنا نحن المؤمنين نؤمن بأخبار الله والرسول، ونوقن أن الخبر كما أخبر الله والرسول. لكن كيف؟ لا نعرف، فوق عقولنا، كيف يكون في السماء ويشاهد الأرواح فوقه وتحته وعن يمينه وشماله؟ الآن شاشة تلفازية.

هل تعرفون التلفاز أو ليس عندكم؟ هل نجاكم الله منه؟ هذه آلة الذبح للكرامة كما فعلنا أمس، الأسورة التي نددنا بها البارحة سألنا بالتلفون؟ قالوا: السوار بثلاثمائة ريال، هذا الذهبي، وأما الفضي فبمائتي ريال، وقد أفصحت عن نية القوم وقلت: أرادوا أن يخنثوا فحولنا! هذه صنائع بني عمنا اليهود يلبسوننا أسورة الذهب والفضة وأصبحنا إناثاً بكذبة لا يقبلها إنسي ولا جني.

والشاهد عندنا: التلفاز من استطاع منكم ألا يدخله بيته فليفعل فإنه الحالقة، وهو سبب التمرد الذي حصل من النساء، والضياع الذي أصاب الأطفال والمراهقين، وهذا الهبوط سببه التلفاز

التلفاز النظيف النقي نحن نديره في المسجد النبوي إن شئت، أما الذي يحمل الخنا ويدعو للدعارة والتلصص والإجرام لإفساد القلوب المؤمنة، فهذا حرام أن يدخل بيوت المؤمنين لو كانوا مؤمنين، أما التلفاز النظيف فهذا في روضة محمد صلى الله عليه وسلم، تسمعون أنه مرة عرضت عليه الجنة والنار في جدار المحراب؟ أي نعم، تلفاز، لما قرأنا الحديث ما قلنا: كيف؟ مستحيل؟

يا عبد الله! أيخبر الله وتقول: مستحيل؟! أيخبر رسول الله وتقول: كيف؟ آمن تأمن!

آمنا حتى امتدت الأيام وجاءت السينما وشاشاتها والتلفاز، وأصبح يعرض أمامنا نيويورك وطوكيو ونحن في بيتنا. فهل قلنا: محال هذا؟ لو قال أحد: كذب ومحال سيقولون: هذا مجنون.

والله لفي محرابه في جداره عرضت عليه الجنة فرآها صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس، وهم هكذا بيديه وتقدم ليتناول قطف عنب، وقال: ( والله لو أخذته لأكلتم منه الدهر كله )؛ لأنه غير قابل للفناء.

ثم عرضت عليه النار فوالله لقد رجع القهقرى وأشاح بوجهه من لهبها، إذ هي حقائق وليست كالتلفاز صور في لوائح فقط، نار تلتهب، جنة بكاملها أراد أن يتناول العنب منها.

إذاً: الشاهد عندنا في النسم في أرواح المؤمنين الطاهرين في عليين وتعرض على الشاشة لآدم على جنبه.

أما أرواح بنيه الهابطين الخاسرين في أسفل سافلين ففي سجين وتعرض ويشاهدها، ويحزن لحزنها، ويكرب لكربها. آمنا بالله!

إذاً وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكوير:7] أي: زوجت بالأبدان، كل نفس دخلت في بدنها الذي أعد لها، وأصبحت متزوجة به.

ثانياً: تزوج النفوس الأبرار على جهة والفجار على جهة، واقرءوا لذلك قول الله تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ [الصافات:22-23] المنافقون على جهة، والمؤمنون على جهة، هذا التزويج، أصبحنا مصنفين إلى صنفين فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7].

وبالأمس قرأنا قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ [عبس:38-39] ووجوه أخرى عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ [عبس:40-41] هذا هو التصنيف والتزويج.

تفسير قوله تعالى: (وإذا الموءودة سئلت* بأي ذنب قتلت)

قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ [التكوير:8].

الوائد: الرجل يدفن ابنته في التراب وهي حية. الوائد من وأد يئد فهو وائد، الوائد الذي يدفن أي: يئد ابنته في التراب وهي حية. والموءودة: الابنة.. الطفلة، الموءودة: المدفونة وهي حية.

ثم قال تعالى: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:9] هذه الموءودة ما ذنبها؟

هل سرقت مالك.. قتلك أباك.. فجرت بفاجر.. ما ذنبها؟

بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:9] من يستطيع أن يسجل عليها خطيئة؟ أمس كانت في بطن أمها، والآن ولدت فيدفنها.

إذاً: اعلموا والعلم ينفع أن العرب في الجاهلية وقبل الإسلام أيام الموت وقبل الحياة أيام الظلام وقبل النور كانوا يئدون البنات، يدفنونهن وهن حيات غير ميتات.

لم؟ قالوا: الشهامة.. المروءة.

كيف؟! قالوا: بدلاً من أن تجلب ابنتي علي عاراً وشناراً لا ينمحي من وجهي طول حياتي ما علي إلا أن أدفنها وأستريح!

كيف! فلان أخذت ابنته وهي تحت فلان.. وفلان يتمتع بها؟ هذه الحال لا يطيقونها. إذاً: لأن أدفنها وأستريح خير لي من أن يتزوجها فلان أو فلان وفلان، هذه حال من أحوالهم الاجتماعية.

ثانياً: إذا جاء عام قحط.. جدب، ليس فيه مطر بالفعل وأصابت الناس المجاعة في هذه الحال بدلاً من أن يقيت أو يعيش أربعة أنفار في البيت يعيش ثلاثة والطفل الصغير يدفنه، الأحياء يأكلون ما هيأ الله لهم وهذا الطفل ينازعهم ويبكي أمامهم فيقولون: من الخير أن يدفن ذكراً كان أو أنثى.

ثالثاً: ما وصل الفقر بعد، لكنه فقط الخريف ما نزل مطر، قالوا: هذا العام الأرض جرداء لا نستطيع، فيأخذون في التخلص من المواليد أيضاً.

رابع حال: كانت المرأة أو الرجل ينذر لإلهه ولده إذا تحقق لي كذا أقدم لك طفلي قرباناً، فإذا تحقق له مطلوبه يقدم ولده قرباناً للإله ويذبحه عنده.

واذكروا! أن والد نبينا صلى الله عليه وسلم عبد الله نذره عبد المطلب وعزم على ذبحه، إلا أن الله سخر له من العرب عجباً وقالوا: لن يذبح عبد الله ، ففداه بمائتي ناقة، ولهذا في السيرة يقول اليهودي للرسول: يا ابن الذبيحين! كيف أبوه مذبوح؟ جده مذبوح؟ نعم.

الذبيح الأول: إسماعيل في مكة في منى، كاد إبراهيم أن يذبحه بإذن الله. هذا ذبيح.

والذبيح الثاني: عبد الله بن عبد المطلب ، لولا أن الله أنقذه كما أنقذ إسماعيل لذبحه، فهو ابن الذبيحين. والشاهد عندنا أنهم كانوا ينذرون للآلهة أولادهم.

ولا نذهب بعيداً فنحن أيضاً نساؤنا وعجائزنا وجهالنا ينذرون لسيدي عبد القادر، ينذرون لسيدي مبروك ، سيدي خالد، سيدي فلان.. نذور كنذور الجاهلية إن تحقق كذا أفعل لك كذا.. وليس هناك فرق.

والشاهد عندنا والله يقول لهم: تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ [الأنعام:151] هذا إذا كانت المجاعة قائمة نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151].

ومن سورة بني إسرائيل: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الإسراء:31] خوفاً من الفقر في هذا العام، نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31] أيضاً إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا [الإسراء:31].

ومن سورة الأنعام قال تعالى: وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ [الأنعام:137] ينذرونهم للآلهة، فجاءت رحمة الله، وأشرقت هذه الديار فأصبح لا يعرف فيها موءودة، ولا يخاف من فقر ولا من جوع، وأصبحت مضرب المثل في الكمال بسبب هذا القرآن وهذا النبي.

إذاً: الموءودة هذه يسألها الله يوم القيامة: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:9]. وفي هذا توبيخ.. تقريع.. تأديب للذين فعلوا ذلك.

ونظير هذا أن الله تعالى يسأل عيسى بن مريم والنصارى يسمعون وهم بلايين، للتوبيخ لهم وإقامة الحجة عليهم، قال تعالى من خاتمة سورة المائدة: وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة:116] والنصارى يسمعون قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ [المائدة:116-117] ما هو؟ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ [المائدة:117] في عرصات القيامة والنصارى بالبلايين يوبخون بهذا التوبيخ. يسأل الله عيسى: أنت قلت لهم؟ فكذلك الموءودة: بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:9].

تفسير قوله تعالى: (وإذا الصحف نشرت)

قال تعالى: وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ [التكوير:10] توزع الصحف فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ [الحاقة:19] تفضلوا. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ [الحاقة:25] وراء ظهره فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ [الحاقة:25-27] الموت ولا هذه الحياة.

تفسير قوله تعالى: (وإذا السماء كشطت)

قال تعالى: وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ [التكوير:11]، تعرفون كيف يكشط الجزار الجلد ويخرج الشاة منه!

السماء تكشط وتزال وتأتي سماء أخرى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم:48] .

تفسير قوله تعالى: (وإذا الجحيم سعرت ...)

ثم قال تعالى: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ [التكوير:12] زيد في لهبها وطاقاتها، وقد برزت للغاوين، وشاهدها الواقفون في الموقف.

وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ [التكوير:13] قربت.. أدنيت، سبحان الله!

نعم كما تشاهد التلفاز .. تدنو منك، وهنا هذه الأحداث ست في الدنيا وست في الآخرة، واثنا عشر حدثاً جللاً لا يقوى على إحداثها إلا الله.

تفسير قوله تعالى: (علمت نفس ما أحضرت)

قال تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14]، بعد الاثني عشر حدثاً ستة في الدنيا وستة في الآخرة جاء جواب الشرط المقصود والذي من أجله سيق هذا السياق بكامله: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14] إذا كان كذا.. إذا كان كذا، إذا حصل كذا.. إذا حصل كذا، اثنا عشر حدثاً فإذا تمت هذه الأحداث كلها ما الذي يقع؟ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14] نفسي ونفسك ونفس كل إنسان عرفت ما أحضرته من خير أو شر، تجلى كل شيء.

وقد روى الترمذي وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سره أن ينظر إلى يوم القيامة رأي العين فليقرأ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1]، و إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ [الانفطار:1]، و إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق:1] ) والحديث صحيح.

(من سره): أي: من أفرحه أن ينظر إلى يوم القيامة نظر العين فليقرا: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] التي قرأناها، و إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ [الانفطار:1] سنقرؤها إن شاء الله، و إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق:1]، تشاهد القيامة كأنك حاضر.

إذاً: بيت القصيد عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14].

إذاً: يا عباد الله! احضروا ما ينفعكم، صوموا، وصلوا، وتصدقوا، وحجوا، ورابطوا، وجاهدوا!

هذه الأحداث كلها نهايتها أن ترى ما قدمت يداك، فإن قدمت شراً فيا ويلك! وإن قدمت خيراً فيا لسعادتك!

هذا الكلام كله من أجل هذه الكلمة؛ لأن الله رءوف بعباده رحيم، والله لهو أرحم منك بنفسك، ومن أجلكم ساق هذا السياق، وعرض هذه المعارض فقط ليعلمكم أنكم سوف تذكرون ما عملتم في هذه الدنيا، فحسنوا أعمالكم.. أصلحوها.. اعبدوا الله وعبادته هي الأعمال الصالحة؛ حتى تكملوا وتسعدوا!

قولوا: الحمد لله، من نحن حتى يعنى بنا هذه العناية؟ الحمد لله.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة التكوير (1) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net