إسلام ويب

لطالما طالب أهل الكفر من مشركي مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بآية تدل على صدق نبوته ورسالته، فأراد الله عز وجل أن يريهم قدرته فشق القمر ليلة من الليالي أمام أنظارهم، فكانت آية مصدقة لنبوة محمد، ودالة على قرب الساعة التي يحذر الله عباده منها، لكن المعرضين المكذبين أنكروا آية الله، واتهموا بالسحر رسول الله، فلينتظروا ذلك اليوم الذي هم به مكذبون، يوم يخرجون من قبورهم كأنهم إلى نصب يوفضون.

تفسير قوله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر)

الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد.

فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوة هذه الآيات من سورة القمر مجودة مرتلة، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [القمر:1-8].

اقتراب وقت القيامة

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ [القمر:1] هذا خبر, فمن المخبر؟ الله الذي بيده ملكوت كل شيء, أخبر بماذا؟

أخبر بأن ساعة نهاية هذه الحياة أصبحت قريبة جداً، ساعة نهاية هذه الحياة والدخول في الحياة الآخرة أصبحت قريبة, واسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خطب يوماً أصحابه ثم قال: ( ما بقي من دنياكم فيما مضى منها إلا مثلما بقي من يومكم هذا ), قال الصحابي: وكنا ننظر إلى الشمس ولم يبق منها إلا جزء. لم يبق من غروب الشمس إلا شيء يسير، فهذا يفسر معنى قرب الساعة.

إذاً: اقتربت الساعة, فهيا نستعد لاستقبالها، وما معنى إيماننا باقترابها ونحن مصرون على الفسق والفجور، على الشر والباطل، على الخيانة والغش والخداع؟

فمنا المصرون على الشرك والكفر والنفاق والعياذ بالله تعالى، فأين يذهب بعقول البشر؟ الساعة التي يجزون فيها على عملهم قربت، فهيا نغير عملنا من عمل فاسد إلى عمل صالح، وإلا فما قيمة الموعظة بهذه؟

وإن طالت المدة فهل مدة أعمارنا ستطول؟ ستمضي مائة سنة ولن يبقى منا أحد، فهيا إذاً لنزكي أنفسنا ونطهر أرواحنا حتى يقبلنا ربنا عز وجل وينزلنا بجواره، أما أصحاب النفوس الخبيثة العفنة المنتنة من أوضار الذنوب والآثام، هذه النفوس الخبيثة -والعياذ بالله- غضب الله تعالى عليها، ولا يرضى عنها، ولا يدخلها جنة النعيم المقيم، وقد علمتم قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

معجزة انشقاق القمر

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر:1], هو القمر المعروف, اخرج إلى الشارع لتراه ليلاً، قال كفار مكة من قريش للرسول صلى الله عليه وسلم: إن كنت نبياً حقاً فاقسم لنا هذا القمر وشقه لنا، والقمر من يقوى على أن يلمسه بيده أو بسلاحه؟ من يقوى على شقه قسمين؟ لكن الكفر والعناد والجحود والمكابرة والجهل العام والضلال الكبير حملهم على هذه الكلمة: إن كنت رسولاً حقاً فادع الله أن يفلق هذا القمر، وبالفعل رفع يديه إلى ربه واستجاب ربه فانشق القمر فلقتين: فلقة وراء جبل أبي قبيس وفلقة فوقه، وشاهد هذا من في مكة ومن هم من بلاد غير مكة، شاهدوا انفلاق القمر فلقتين: فلقة على الجبل والنصف الثاني وراء الجبل.

فهل آمنوا؟ أصروا على شركهم وكفرهم وتكذيبهم بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم ورسالته، حتى فتح الله ودخلوا في الإسلام.

تفسير قوله تعالى: (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر)

قال تعالى: وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا [القمر:2] وإن يروا علامة من علامات قدرة الله، علامة من علامات ربوبية الله، علامة من علامات صدق نبوة رسول الله، علامة من علامات أن الدنيا فانية وأن الآخرة باقية، أية علامة يشاهدونها من المعجزات والآيات لا يؤمنون، يعطونها ظهورهم ولا يبالون, يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [القمر:2] قالوا: محمد سحر القمر، فهل أنتم تستطيعون أن تسحروا القمر فينقسم؟ ولكن هذا التبجح على ألسنة الضلال والتائهين والهابطين والمكابرين ما زال إلى الآن، هذا شأن الهابطين, قالوا: هذا سحر، سحر القمر فانفلق له، أليست آية من آيات الله؟!

والذين يصرون على الشرك والكفر والفساد والشر لو تعظهم وتذكرهم لقالوا مثل هذا القول أو أعظم، هذه هي طبيعة البشر, وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [القمر:2] ما هي أول مرة فقط, بل سحره مستمر معنا.

تفسير قوله تعالى: (وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر)

ثم قال تعالى: وَكَذَّبُوا [القمر:3] ما جاءهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان بالله، وأنه لا إله إلا هو ولا رب سواه، من الإيمان بالبعث الآخر والدار الآخرة، وما يسعد فيها وما يشقي من الإيمان وصالح الأعمال، والشرك والذنوب والآثام، كذبوا والعياذ بالله تعالى.

وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [القمر:3] مع الأسف، ما اتبعوا عقولهم، لو كانوا يستمعون إلى عقولهم ويمشون وراءها لما كانوا يفجرون هذا الفجور ولا يقولون هذا القول، لكن الأهواء والشهوات وأطماع الدنيا والتكالب على أوساخها هو الذي يمشون وراءه، أما العقل فما يقبلون له كلاماً ولا توجيهاً ولا رأياً، اتبعوا أهواءهم وما اتبعوا عقولهم، لو اتبعوا عقولهم فكيف سيشاهدون هذه الآيات ولا يؤمنون؟ كيف سيسمعون كلام الله يتلى عليهم وهم مؤمنون بالله عز وجل رباً لا رب غيره ويعبدون معه سواه؟ أين العقول؟

وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ [القمر:3], ومن هنا تحذير للعقلاء من المؤمنين والمؤمنات من اتباع الهوى والشهوة والدنيا, يجب أن نتبع أمر ربنا ورسولنا, وما جاءنا عن الله وما جاءنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أما شهوة فلان وضلال فلان وما يتمنى فلان أو يقوله؛ فهذا كله نعرض عنه ونبطله.

ثم قال تعالى: وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ [القمر:3] أهل الجنة في الجنة، أهل النار في النار، المؤمنون مؤمنون، الكافرون كافرون, ونصرة محمد صلى الله عليه وسلم حق, لا بد أن ينتصر دين الله على يد رسول الله, وتم هذا، فالأمر بيد الله في كتاب المقادير لا بأيديهم, وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ [القمر:3] لا يتبدل ولا يتغير، ولا بد أن ينفذ ويتم، أهل الشرك والذنوب والآثام في جهنم في عالم الشقاء، وأهل الإيمان وصالح الأعمال في الجنة دار النعيم المقيم, لا يتغير هذا ولا يتبدل، مستقر كما هو.

تفسير قوله تعالى: (ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر * حكمة بالغة فما تغن النذر)

ثم قال تعالى: وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ [القمر:4]، ولقد جاء هؤلاء المشركين في مكة ومن حولها ومن قرب وبعد؛ جاءهم من الأنباء ومن الأخبار الإلهية, وهو ما قصه عليهم من قصة نوح وعاد وثمود وفرعون وما إلى ذلك من أخبار الأولين بين أيديهم، واستمروا على تكذيبهم وعنادهم.

وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ [القمر:4], جاءهم ما فيه ما يزجرهم ويطردهم عن الكفر ويبعدهم عن الشرك والفسق والفجور، ولكنهم -والعياذ بالله تعالى- مصرون على هذا الشر وهذا الباطل.

حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ [القمر:5] جاءهم حكمة بالغة, ما هي أخبار تائهة ولا أقوال كاذبة، حكمة بالغة ما من ذي عقل إلا ويهتدي بها ويصلح حاله ويهتدي إلى ما هو خير له في الدنيا والآخرة, هكذا القرآن الكريم من أوله إلى آخره.

وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ [القمر:4] الازدجار الذي يزجرك وينهاك ويبعدك، لكن ما ابتعدوا ولا انتهوا.

ثم قال تعالى: فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ [القمر:5] كيف تغني؟ ما تغني، النذر التي سمعوها من تدمير أمم عاد في الجنوب، وثمود في الشمال، وفرعون في الغرب.. أمم كاملة دمرها الله وأهلكها الله وما انتبهوا، فما تغني النذر.

ومعنى هذا: أن ما قضى الله وحكم به في كتاب المقادير لا بد أن يتم وأن ينفذ، فما أغنت النذر, استمروا على شركهم وكفرهم وعنادهم وحربهم لرسول الله وللمؤمنين.

تفسير قوله تعالى: (فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر)

ثم قال تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ [القمر:6] هنا يجب الوقف على قوله تعالى: (عنهم), فَتَوَلَّ عَنْهُمْ [القمر:6] انتهى الكلام، أمر تعالى رسوله أن يعرض عن هؤلاء المشركين, فقد مضت سنوات وهم في إصرار وعناد ومكابرة، فخفف عنه فقال: أعرض عنهم, تول عنهم، ما استجابوا، لا تقاتلهم ولا تحمل السلاح عليهم, فَتَوَلَّ عَنْهُمْ [القمر:6], أمر الله رسوله أن يعرض عن هؤلاء المعاندين المكابرين الذين طلبوا الآية وشاهدوها شهادة الشمس فوق رءوسهم، شاهدوا انفلاق القمر فلقتين وأصروا على العناد والكفر، وقالوا: هذا سحر، فتول عنهم يا رسولنا ولا تكرب ولا تحزن ولا تتألم.

ثم قال تعالى: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ [القمر:6] أي: واذكر يا رسولنا لهم ولغيرهم يوم يدع الداعي داعي الله، يوم ينادي البشرية من قبورها وتخرج مجتمعة في طريقها إلى ساحة فصل القضاء، اذكر هذا يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ [القمر:6] ما يستسيغه إنسان بعقله.

تفسير قوله تعالى: (خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر)

قال تعالى: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ [القمر:6-7] أجسامهم منحطة هابطة، لكن أبصارهم خاشعة, وخشوع البصر أظهر من خشوع الجسم.

يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ [القمر:7] جمع جدث, ألا وهو القبر الذي دفن فيه الإنسان, يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ [القمر:7].

يوم يدع الداعي -وهي نفخة إسرافيل نفخة البعث والحياة الثانية- يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ [القمر:7], وقد علمنا مما تقرر في كتاب الله أن النفخات ثلاث نفخات:

الأولى: نفخة الفناء, الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ [القارعة:1-5] كل شيء يتفتت، والناس كالمجانين, هذه نفخة الفناء فيهلكون عن آخرهم.

النفخة الثانية: نفخة البعث، وأخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم بأن الأرض تصبح كهذه الورقة ما فيها تل ولا جبل، والعظيمات الصغيرة موجودة فيها وهي التي كانت في ظهورنا, وهو ما يعرف بعجب الذنب، وينزل من فوق ماء كمني الرجال، فننبت -والله- كما ينبت البصل والثوم، وما هي إلا أربعون يوماً أو عاماً وإذا بأجسامنا كما هي تحت الأرض، فينفخ إسرافيل هذه النفخة فتدخل الأرواح في الأجسام وتأتي البشرية، هذا الذي أراده تعالى بقوله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ [القمر:6] ينكرون البعث والجزاء، كانوا يكذبون بهذا وينكرونه ويكفرون به.

خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ [القمر:7] أي: من القبور كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ [القمر:7] والجراد حين يكون في البر وينتشر شيء عجب, كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ [القمر:7], هكذا نخرج من قبورنا نجري لا ندري إلى أين, ونسمع المنادي ينادي.

تفسير قوله تعالى: (مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر)

قال تعالى: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ [القمر:8] مقبلين مسرعين إلى من يدعوهم إلى الله، إلى ساحة فصل القضاء، إلى الحساب والجزاء, مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [القمر:8] أما المؤمنون فهو يوم يسر عليهم وليس بعسر، سهل ويسير، وعلى الكافرين غير يسير, فقولوا: آمنا بالله ولقائه، آمنا بالله ورسوله، آمنا بالله وكتابه، لا نعبد إلا ربنا، ولا نحب ولا نرغب إلا ما يحب ربنا، ولا نكره إلا ما يكره ربنا، نحن عبيده فأصبحنا أولياءه نعبده ونتقيه، ما أسعدنا يوم نلقى ربنا، ما أسعدنا يوم ندفن في قبورنا وتفتح أبواب الجنة لنا.

يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [القمر:8] صعب شديد، وهو يوم القيامة، وهو والله على المؤمنين يسير؛ لآية سورة المدثر: عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر:10] معناه أنه على المؤمنين يسير, أي: سهل وميسر، اللهم اجعلنا من المؤمنين الصادقين, من أوليائك يا رب العالمين.

قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات

والآن مع هداية الآيات.

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

[ هداية الآيات:

من هداية الآيات:

أولاً: تقرير عقيدة البعث والجزاء ].

من هداية هذه الآيات التي تدارسناها: تقرير عقيدة البعث الآخر والجزاء فيه، وهو ركن من أركان الإيمان, بل من أعظم الأركان، ونحن نقول: والله! إن امرأ لا يؤمن بلقاء الله والبعث الآخر لا خير فيه بالمرة، ولا يجوز أن يسمع كلامه ولا يُقبل قوله؛ لأنه شر البرية، والذي يؤمن بالدار الآخرة والجزاء فيها هو الذي يخاف الله، هذا الذي يتقيه، هذا الذي لا يفجر، هذا الذي لا يكفر؛ لأنه عالم علماً يقيناً أنه يوماً من الأيام سيقف بين يدي الله ويسأله.

فالذين يكذبون بالبعث الآخر وبالدار الآخرة شر البرية، شر الخليقة، شر من القردة والخنازير، والله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6], وفي قراءة سبعية: (البريئة), شر الخليقة.

[ ثانياً: ذكر بعض علامات الساعة كبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر معجزة له صلى الله عليه وسلم ].

من هداية هذه الآيات: آية قرب الساعة، فالساعة قريبة، وإثبات النبوة المحمدية، وذلك في انشقاق القمر؟ فكيف ينفلق القمر وينشق لولا أن الله أمر بذلك وأراده؟ ففي هذا تقرير النبوة المحمدية وتقرير البعث الآخر والساعة.

[ ثالثاً: التنديد باتباع الهوى، والتحذير منه؛ فإنه مهلك ].

هذه التي يجب ألا نغفل عنها: حذرنا ربنا من اتباع الهوى وميل النفس والشهوة والدنيا، يجب أن نستخدم عقولنا ونستعملها لنعرف الحق من الباطل، والخير من الشر، والفاني من الباقي، والنافع من الضار، أما اتباع الهوى وما تميل إليه النفس من الأطماع والشهوات فهذا -والعياذ بالله تعالى- الدمار بكامله.

[ رابعاً: عدم جدوى النذر لمن يتنكر لعقله ويتبع هواه ].

سبحان الله! عدم جدوى الموعظة والتذكير والنذر وذكر العذاب كله لشخص لا يستعمل عقله، فما ينتفع، لكن الذي يستخدم عقله يعرف وينتهي ويقبل على الله، أما الذي يستعمل هواه وشهوته ودنياه فما ينفعه شيء، حدثه عن كل الأحداث فلن يفهم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة القمر (1) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net