إسلام ويب

بعد أن عرض الله عز وجل أمام المشركين ما فعله بالمكذبين من قبلهم، من قوم نوح وعاد وثمود وقوم فرعون، حيث أهلكهم جميعاً جزاء تكذيبهم، وجعل مهلكهم آية للعالمين، بعد ذلك جاء هنا الاستفهام عن أفضلية هؤلاء على من سبقهم، وقدرتهم على دفع العذاب الذي لابد أنه نازل بهم، والجواب الذي يقرره الله أنهم جميعاً منهزمون، ثم يوم القيامة بين يدي الله محضرون، وبأعمالهم السيئة مجزيون، وإلى نار الخلد محشورون.

تفسير قوله تعالى: (أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر)

الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد.

فها نحن مع هذه الآيات من سورة القمر، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ * أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ * بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ [القمر:43-46].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا تعالى: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [القمر:43] هذا الكلام لمن يقال؟ يقال لمشركي قريش, لكفار قريش، بعدما عرض تعالى على أسماعهم ما فعل بقوم نوح وعاد وثمود ولوط وآل فرعون، وكيف دمرهم وكيف أهلكهم وكيف عذبهم من أجل كفرهم وعنادهم، وشركهم وباطلهم، من أجل عدم استجابتهم لرسل الله والإيمان بهم والمشي وراءهم.

فقد أهلكهم الله, فأنتم يا معشر قريش ماذا ترون؟ هل أنتم أفضل؟ يا كفار قريش! هل أنتم أفضل من قوم نوح وعاد وثمود ولوط وآل فرعون؟ كيف يُعذبون وأنتم لا تعذبون؟ فالمفروض أن تخافوا وترتعد فرائصكم وتتوبوا إلى ربكم وتؤمنوا بنبيكم، وتعبدوا الله حتى لا ينزل بكم عذاب كما نزل بأولئك المتجبرين المعاندين مثلكم من الكافرين المكذبين.

أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ [القمر:43] والله! ما هم بخير، ما الفرق بين الكافر والكافر؟ كلهم مشركون مكذبون، أهلك الله الأولين وأنتم لا تخافون؟ هكذا يعظهم ويذكرهم علهم يرجعون، علهم يتوبون، علهم يسلمون, وقد أسلم وتاب من شاء الله منهم أن يتوب.

فهذه موعظة عجيبة: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [القمر:43] أنكم لا تعذبون؟ براءة في كتب الله التوراة، الإنجيل، الزبور، القرآن, أن مشركي العرب لا يعذبون لو كفروا، أيوجد هذا؟ ألهم براءة؟ من أين لهم؟ لو كانت لهم براءة في الكتب فسيعتمدون عليها، فسيقولون: إن الله برأنا من العذاب في الدنيا بما أنزل في كتابه وقال كذا وكذا، ولكن ما هناك براءة.

هكذا يقول تعالى لمشركي قريش: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ [القمر:43] الذين سبق أن علمتم ما حل بهم وما نزل بديارهم من العذاب, وهم قوم نوح وعاد وثمود وصالح, أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [القمر:43]؟ فهاتوها، في أي كتاب عندكم أنكم مبرءون من العذاب وأن العذاب لا ينزل بكم أبداً؟ لا وجود لهذا، هكذا يقول تعالى: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ [القمر:43].

تفسير قوله تعالى: (أم يقولون نحن جميع منتصر * سيهزم الجمع ويولون الدبر)

ثم قال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ [القمر:44], جميع بمعنى: جمع، نحن جمع منتصر لن ننهزم ولن ننكسر، ولا نبالي بمحمد ولا بمن آمن معه, ولا نبالي بعدم الخروج عن ديننا وملة آبائنا وأجدادنا، هكذا يقولون.

أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ [القمر:44] بمعنى جمع مُنْتَصِرٌ [القمر:44] لا نخاف ولا نرهب ولا نفزع؛ لأننا أمة قوية قادرون على أن ندفع العذاب ونرده، كذا يقولون, فبم أجابهم الرب تعالى؟

أجابهم بقوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر:45], سيهزم هذا الجمع المتكتل المتجمع ويولون الدبر، وما هي إلا سنيات وتم هذا، وهو إخبار بالغيب وتم كما أخبر تعالى، حيث هاجر الحبيب إلى المدينة, وفي السنة الثانية كانت وقعت بدر وجاءوا وانهزموا شر هزيمة، وصدق الله العظيم.

هذا من أخبار الغيب التي تمت كما هي، حيث قالوا: نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ [القمر:44]، فقال تعالى رداً عليهم: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ [القمر:45] والله! ليهزمن وليرجعن على أدباهم منهزمين، وحصل هذا في بدر, فسبعون منهم أكلتهم جهنم وسبعون أسروا.

تفسير قوله تعالى: (بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر)

ثم قال تعالى: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ [القمر:46] الساعة موعد عذابهم الدائم، عذاب جهنم وبئس المصير، عذاب النار وما فيها من ألوان العذاب والشقاء، هذا موعدهم لا بد منه, اللهم إلا أن يتوبوا وينيبوا ويرجعوا إلى الله ويسلموا.

وأطلق على القيامة اسم الساعة من باب العلم بالغلبة, فالساعة: يوم القيامة, بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ [القمر:46] ثم يتم لهم العذاب الحقيقي، عذاب الدنيا -وإن كان دماراً وقتلاً- ليس بشيء، فالعذاب عذاب يوم القيامة, بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ [القمر:46] والعياذ بالله تعالى، إي والله، عذاب القيامة أصعب وأشد وأمر وأدهى, وهم ينتظرونه، ما إن يموت أحدهم على الكفر والشرك حتى يصير إلى جهنم, بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى [القمر:46] أكثر دهاء، وَأَمَرُّ [القمر:46] أشد مرارة.

هذا كله موجه إلى كفار قريش، وقد آمن من آمن وأسلم من أسلم.

تفسير قوله تعالى: (إن المجرمين في ضلال وسعر)

ثم قال تعالى في هذا الخبر الذي يتناول الأبيض والأصفر: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [القمر:47], خبر إلهي, إِنَّ الْمُجْرِمِينَ [القمر:47] من العرب والعجم، من البيض والسود، من الحمر والصفر, من أجرموا على أنفسهم فسودوها وعفنوها وأنتنوها، وأصبحت عفنة منتنة والعياذ بالله تعالى كأرواح الشياطين وأنفس الأباليس، هؤلاء هم المجرمون، من هو المجرم هذا؟ الذي أجرم على نفسه فأفسدها، قضى على جمالها وكمالها، أطفأ نورها، حولها إلى عفن ونتن والعياذ بالله تعالى، وذلك بسبب الكفر والشرك والمعاصي.

فالروح حين ينفخها الملك في الجثة في رحم المرأة تلك الروح كالنور في إشراقها، ويولد المولود وروحه كذلك، فلما يبلغ سن التكليف ويأخذ يعبد ويعمل المعاصي فالسيئة تلوثها وتعفنها وتخبثها، والحسنة تشرقها وتنورها، فإن هو أشرك وكفر وأقبل على الذنوب والآثام ولم يعمل الصالحات؛ فنفسه أخبث ما تكون وأنتن ما تكون، ولا يليق بها إلا دخول جهنم فقط، فحاشا لله تعالى أن يقبلها في جواره، أما الأرواح الطيبة الطاهرة النقية المشرقة بسبب الإيمان والعمل الصالح فيرضى الله عنها ويقبلها في جواره ويسكنها في الجنة دار السلام دار الأبرار.

معشر المستمعين! هيا نكف عن الإجرام فلا نجرم، لا على الناس بسبهم وشتمهم وضربهم وسلب أموالهم وسفك دمائهم وانتهاك أعراضهم، ولا على أنفسنا بارتكاب المعاصي وترك العبادات والصالحات، ومن زلت قدمه ووقع فعليه بالتوبة الفورية فيمحى ذلك الأثر.

وبالتجربة فإن أصحاب الذنوب والآثام المجرمون أرواحهم خبيثة منتنة, لا يوثق فيهم ولا يعول عليهم ولا يصدقون؛ لأنهم -والعياذ بالله تعالى- كالأموات، أصحاب الأرواح الطيبة الطاهرة، أصحاب الإيمان والعمل الصالح والله! لنورهم يتلألأ، بشريتهم واضحة, كلامهم طيب، لا عيب ولا نقص أبداً؛ لأن أرواحهم مستنيرة طيبة.

أسباب الأجرام

والسؤال: بم يجرم العبد على نفسه؟

الجواب: بارتكاب ما حرم الله ورسوله من الاعتقادات الباطلة والأقوال السيئة، والأعمال الفاسدة, بذلك تخبث النفس والعياذ بالله تعالى، ويصبح صاحبها مجرماً على نفسه، وقد يجرمون على العباد بالسرقة والكذب والغش والخداع والزنا والفجور، فهذا إجرام على الناس, ولكنه يعود عليهم، نفوسهم تخبث وتنتن وتتعفن، ويتجلى ذلك -والله- ويظهر ساعة الوفاة عندما يكون على سرير الموت, تتجلى هذه الحقيقة وتظهر، فصاحب النفس الزكية الطيبة الطاهرة يأتيه الملكان بأنوارهما، فيفرح ويبتهج وتؤخذ الروح ويتبعها ببصره إلى السماء ووجهه مسفر: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ [عبس:38-39], وجوه من هذه؟ وجوه المؤمنون الصالحين والمؤمنات الصالحات عند قبض الأرواح, وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [عبس:38-42] والعياذ بالله تعالى.

فهيا بنا لنتخلى عن الإجرام يا من يباشرونه ويعملونه وإن قل، وبلغوا إخوانكم أن الإجرام -والعياذ بالله تعالى- صاحبه كما قال تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [القمر:47], المجرمون في ضلال، الذي يسرق ويكذب ويفجر ويزني أليس هو في ضلال؟ في عمى، في ظلمة، وإن أردت أن تعرف ذلك فهل تستطيع أن تقول كلمة سيئة؟ هل تقدر على أن تفجر؟ هل تقدر على أن تسيء؟ ما تستطيع، إذاً: هم في ضلال، في متاهات لا بصيرة لهم، وهم في سعر, في جنون أيضاً إن شئت، وجهنم أيضاً، ففي الدنيا في ضلال وفي الآخرة في النار، هؤلاء المجرمون.

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [القمر:47] يفسر السعر بالجنون، ويفسر السعر بالنار، لكن نقول: ضلالهم في الدنيا وعذابهم في الآخرة, وذلك أجمع للآية.

تفسير قوله تعالى: (يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر)

ثم قال تعالى: يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ [القمر:48], يسحبون عند الدخول إلى النار، ويسحبون في جهنم، يسحب أحدهم بحبل في عنقه من حديد ويجر على الأرض، من هؤلاء؟ المجرمون وإن كانوا أبناء الأنبياء وآباءهم، وإن كانوا أشرافاً، وإن كانوا وضعاء، وإن كانوا وإن كانوا، كما علمتم -زادكم الله علماً- قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10], كن ابن من شئت أو أباً لمن شئت, لن ينفعك ذلك النسب أبداً، لم؟ لأن العملية هي أن تكون النفس طاهرة نقية، فتدخل الجنة وتسعد بها، وإن كانت خبيثة منتنة عفنة فستدخل النار وتشقى فيها, قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9] أي: زكى نفسه وطيبها، أي: طهرها بمواد خاصة, ألا وهي الإيمان وصالح الأعمال، وأبعدها عن المدسيات, ألا وهي الشرك والذنوب والآثام.

يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ [القمر:48] ويقال لهم: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48], ذوقوا مس العذاب، وسقر: الدركة السادسة من دركات جهنم، فجهنم دركات, والجنة طبقات واحدة فوق واحدة.

يسحبونهم على وجوههم في جهنم وإلى جهنم, وتقول لهم الملائكة: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ [القمر:48] استهزاء بهم وسخرية، والعياذ بالله تعالى.

معشر الأبناء والإخوان! لنعمل على أن نتقي ربنا، فلا نخرج عن طاعته وطاعة رسوله إلا إذا أكرهنا إكراهاً، أو فعلنا ذلك نسياناً، أما ونحن عقلاء بصيرون فلا نزني ولا نفجر ولا نكذب ولا نسرق ولا نخدع ولا نغش ولا نظلم، ويومنا كليلتنا فيها ذكر الله وعبادته، وما هي إلا أيام وننتقل إلى عالم الجزاء إما النعيم المقيم وإما العذاب الأليم, قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

[ هداية الآيات:

من هداية الآيات:

أولاً: بيان حقيقة يغفل عنها الناس, وهي أن الكفر كله واحد ومورد للهلاك ].

من هداية هذه الآيات التي تدارسناها: بيان حقيقة, وهي أن الكفر واحد, لا فرق بين كفر وكفر, كفر الأولين ككفر الآخرين، أما قال لهم: أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ [القمر:43]؟ ما هناك فرق، كل كافر كافر أبيض أو أسود، في الأولين أو في الآخرين، لا فرق بين كفر وكفر, كله كفر، فهذا دليل الآية وهدايتها.

[ ثانياً: لا قيمة أبداً لقوة الإنسان إزاء قوة الله تعالى ].

من هداية الآيات: أنه لا قيمة لقوة الإنسان مهما كانت أمام قوة الله، فعاد أما كانوا جبابرة طغاة؟ هل نفعتهم قوتهم مع الله؟ وفرعون القائل: أنا ربكم الأعلى هل نفعته قوته؟ لا قيمة للقوة أمام قوة الله، فلهذا لا نرهب إلا قوة الله ولا نخاف إلا من قوة الله، أما قوة الخلق والعبيد فليست بشيء أمام قوة الله، فإذا فزعنا إلى الله وأصبحنا أولياءه فسيحفظنا وينصرنا ويتولانا، ولو اجتمعت الدنيا كلها علينا ما أساءوا إلينا.

[ ثالثاً: صدق القرآن في إخباره بغيب لم يقع ووقع كما أخبر, وهو آية أنه وحي الله وكلامه ].

من هداية الآيات: بيان صدق القرآن فيما أخبر به غيباً وكان كما أخبر، كما في حادثة بدر, حيث قال تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر:45] متى هذا؟ بعدما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وكانت وقعة بدر، وتم هذا الخبر كما أخبر تعالى، فدل هذا على صدق القرآن وأنه وحي الله وأخباره, وليس فيه من الكذب ولا الباطل شيء أبداً، وهذه الآية شاهد: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر:45] والمشركون يضحكون ويسخرون، وتم هذا بعد سنيات.

[ رابعاً: القيامة موعد لقاء البشرية كافة بحيث لا يتخلف عنه أحد ].

من هداية الآيات: بيان أن يوم القيامة يوم لقاء البشرية كلها أولها كآخرها، أبيضها كأسودها، يوم القيامة يوم اللقاء, يوم تجتمع البشرية كلها في ساحة واحدة، ويجري الحساب والجزاء إما إلى الجنة وإما إلى الجحيم والعذاب الأليم.

والله تعالى نسأل أن يجعلنا من أهل الجنة أهل النعيم المقيم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة القمر (6) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net