إسلام ويب

من طبيعة الإنسان وجبلته أنه إذا ناله خير فرح به ولم يشكر الله عليه، وإذا أصابه شر أو بلاء جزع وتبرم، وهذا في كل إنسان لم يترب تربية صحيحة، ولم تقوم أخلاقه، أما أهل الإيمان والذين تربوا على مائدة القرآن فإنهم خلاف ذلك، فهم شاكرون لله عند النعماء، حامدون له عند البلاء، فوعدهم ربهم على ذلك خير الجزاء، وهو سكنى جنات عدن التي عرضها الأرض والسماء.

تفسير قوله تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعاً ...)

الحمد لله, نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه, ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: ها نحن مع سورة المعارج المكية، ومع هذه الآيات، فهيا بنا نصغي مستمعين تلاوتها مجودة مرتلة، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:19-35].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج:19-21]. الإنسان هنا هو الكافر. ولك أن تفهم أن الإنسان مطبوع بهذا الطابع إلا إذا أزاله، وهذا الطبع هو أنه إذا مسه الخير ما يشكر، وإذا مسه الشر ما يصبر، بل يصيبه الجزع والصياح. وهاتان الصفتان لا يرضى بهما مؤمن أبداً, بل إذا مسه الخير يشكر الله ويحمده، ويعبده ويثني عليه, وإذا مسه الشر أو مرض أو حاجة من الحاجات تَصَبَر ولم يجزع ولم يسخط, ويدعو الله عز وجل.

وللخلاص من هاتين الصفتين الذميمتين القبيحتين هناك ثمان مواد طبية ربانية، فمن استعمل هذه المواد الثمانية الربانية التي وضعها الرب تعالى شفي، فمن استعملها كما هي يشفى من هذا الجزع والهلع، ويصبح إنساناً كامل الآداب والأخلاق.

تفسير قوله تعالى: (الذين هم على صلاتهم دائمون)

المواد الثمانية التي أنزلها الله هي:

الأولى: المداومة على الصلاة، فقد قال تعالى: الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:23] ليل نهار، وطول العمر، ولا يقولون في يوم: نستريح وما نصلي، بل سواء كانوا مسافرين .. مقيمين .. أمراض .. أصحاء فهم لا يتركون الصلاة بحال أبداً والمداومة عليها. بل هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:23]. وهذا الدواء وحده لا يكفي، بل لا بد من السبع المواد الباقية.

تفسير قوله تعالى: (والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم)

المادة الثانية: قال تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ [المعارج:24]. هذه هي المادة الثانية. فهؤلاء المؤمنون في أموالهم حق معروف ومعلوم لا يشك فيه شاك, ألا وهو الزكاة بجميع أنواعها، في الحيوانات .. في الأموال .. في الزروع والثمار .. في الذهب والفضة، وما إلى ذلك. وهم يدفعونها لِلسَّائِلِ [المعارج:25] الذي يسأل لفقره وحاجته، وَالْمَحْرُومِ [المعارج:25], أي: ولمن لم يسأل أيضاً وهو محروم؛ لحيائه وعدم قدرته على أن يسأل, وهو محتاج وفقير, فيعطى كذلك، وقد يكون المحروم أصيب بمصيبة في ماله فخسره, فأصبح فقيراً، أو وزعت غنائم وما ناله شيء منها. وهذا كذلك يعتبر محروماً.

فالمادة الثانية هي: إنفاق الأموال في سبيل الله؛ ابتغاء مرضات الله. فأصحابها ينفقون لمن يسأل من الفقراء والمساكين، وللمحروم الذي لا يسأل، إذ قد يوجد في القرية فقير ما يمد يده أبداً، ولا يقول: أعطني، ولكن تعرفه أنت وتعرف حاجته وفقره, فتعطيه بدون سؤال من الزكاة وغيرها.

تفسير قوله تعالى: (والذين يصدقون بيوم الدين)

المادة الثالثة: قال تعالى: وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المعارج:26]. فالبند أو المادة الثالثة: التصديق بيوم القيامة، فالذي يصدق أنه سيبعث حياً وسيحاسب على عمله في الدنيا وسيجزى به في يوم الدين الذي هو يوم الجزاء ويوم القيامة واعتقد هذا المعتقد فإنه يسلم من ذلك المرض, ويخرج من تلك الفتنة، على شرط استعمال المواد الثمانية، وهذه الثالثة منها, وهي قوله: وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ [المعارج:26]. ويوم الدين هو يوم الجزاء ويوم القيامة. ويوم الدنيا هذا يوم عمل، ويوم الآخرة يوم جزاء. والآن نحن نعمل خيراً وشراً, وغداً نجزى بعملنا الخير والشر. وهذه حكمة الله في خلقه. وقد أوجد دارين، فهذه الدار دار عمل، وتلك الدار دار جزاء واستقرار أبدي، وأهل الجنة فيها منعمون، وأهل النار فيها معذبون.

تفسير قوله تعالى: (والذين هم من عذاب ربهم مشفقون)

المادة الرابعة: قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ [المعارج:27]. هذه هي المادة الرابعة. فالذي دائماً يخاف عذاب الله ما يقوى على أن يترك واجباً، ولا على أن يفعل محرماً، وما يقوى على أن يرتكب ما حرم الله؛ لأنه خائف من عذاب الله مشفق، ما يفتح عينيه في امرأة أجنبية, فضلاً عن أن يزني بها، وما يستطيع أن يقول كلمة سوء، فلا يسب ولا يشتم ولا يعير؛ لأنه خائف من عذاب ربه، مشفق منه، ما يعصي الله أبداً طول حياته, بل يفعل ما أوجب الله, ويترك ما حرم الله. فهذه المادة عظيمة، وهي المادة الرابعة.

تفسير قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون ...)

المادة الخامسة: قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المعارج:29]. اللهم إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المعارج:30]. فالمؤمن حافظ فرجه, فلا يراه أحد مكشوفاً أبداً, إلا زوجته قد ترى فرجه، أو زوجها يرى فرجها. وإلا فهو حافظ فرجه أبداً, كما قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المعارج:29-30]. وما ملكته اليمين هن: الإماء والسرايا اللائي نغنمهن في الجهاد, ويوزعهن إمام المسلمين، أو تشتريهن من مالك. فهذه المملوكة أذن الله لك في أن تجامعها، وأن تكشف عورتك لها؛ لأنها كالزوجة بإذن الله, فقد قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المعارج:29-30]. فلن يلومك أحد إذا نكحت امرأتك, ولن يلومك أحد إذا جامعت أمتك, ولن يلومك أحد إذا كشفت فرجك لامرأتك، فقد قال تعالى: إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المعارج:30].

هذه الخامسة. فالمؤمن الذي يريد أن ينتقل من ذلك الوصف, وهو خلق الإنسان هلوعاً, فعليه أن يحفظ فرجه، فلا زنا ولا لواط، بل ولا العادة السرية أبداً، وليس هناك إلا زوجة أو أمة فقط. فحتى العادة السرية التي يشيع أمرها بين الناس لا تجوز، وهي الاستمناء باليد؛ لأن الآية تقول: إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المعارج:30]. وليس هناك شيء ثالث.

ثم يقول تعالى: فَمَنِ ابْتَغَى [المعارج:31], أي: طلب وراء ما سمعتم من الزوجة والأمة فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المعارج:31], أي: المعتدون الظالمون. فمن طلب غير زوجته فهو المعتدي العادي الظالم. فلهذا العادة السرية لا تصح ولا تجوز؛ لأنه فَمَنِ ابْتَغَى [المعارج:31], أي: طلب وراء ما سمعتم من الزوجة والأمة فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المعارج:31]. جمع عادٍ, وهو الظالم المعتدي.

تفسير قوله تعالى: (والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون)

المادة السادسة: قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المعارج:32], أي: رعاة يحفظون الأمانة بصورة عجب.

وقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ [المعارج:32], أي: التي ائتمنوا عليها، ومن أولاها وأعلاها: عبادة الله وطاعته وطاعة رسوله، وما ائتمن الله على دينه. فنحن المسلمون يجب أن نرعى دين الله، فلا نسمح أبداً بسقوط الفريضة، ولا بحلية محرم بحال من الأحوال.

وقوله: وَعَهْدِهِمْ [المعارج:32], أي: الذي عاهدنا عليه كالذي ائتمنا عليه, فالذي عاهدنا عليه عهداً لا يمكن أن نخون فيه, والأمانة كذلك. فإذا وضع شخص عندك مليار دولار وغاب سنة أو عشر سنوات فتقدمه له كما هو, ولا تقل شيئاً، وإذا عاهدته معاهدة فلا تخنه ولا تغشه, ولا تكذب عليه. ومن عاهد الله فمن باب أولى. فإذا قلت: لا إله إلا الله محمد رسول الله فقد عاهدت الله, فلا تعبد إلا الله، واتبع رسول الله, وامش وراءه؛ لتدخل الجنة, حتى تكون قد وفيت بالعهد.

تفسير قوله تعالى: (والذين هم بشهاداتهم قائمون)

المادة السابعة: قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ [المعارج:33]. وفي قراءة سبعية. (والذين هم بشهادتهم) قَائِمُونَ [المعارج:33]. فإذا كان عندك شهادة فعليك أن تؤديها كما هي، ولا تزيد فيها ولا تنقص، ولا تقدم ولا تؤخر، بل تؤدي الشهادة كما طلبت منك، فتقول: حضرت كذا .. رأيت كذا .. علمت كذا، وتقول: أشهد بكذا وكذا، بلا خيانة، وبلا زيادة ولا نقصان، كما تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. إذ لا يجوز أن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله ولا تعبد الله, وإلا فأنت تكذب. ولا أن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وترضى بمن يعبد مع الله غيره, فإذا فعلت هذا لم تكن قد وفيت بهذه الشهادة. وقد قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ [المعارج:33], أي: لا يميلون ولا ينحرفون. وهؤلاء هم أولياء الله الناجون.

تفسير قوله تعالى: (والذين هم على صلاتهم يحافظون)

المادة الثامنة من هذه الوصفة الطبية أو الربانية: المحافظة على الصلوات الخمس، فتؤديها في أوقاتها بأركانها .. بواجباتها .. بسننها .. بآدابها كما هي طول العمر، فقد قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المعارج:34] محافظة كاملة. فلا ينقصون منها ركعة ولا سجدة, ولا قراءة الفاتحة الواجبة ولا غير ذلك, بل تؤدى كاملة, ويُحافظ عليها.

هذه المواد الثمان وضعها الله، الطبيب خالق الأطباء، وبها تطهر النفس وتطيب وتزكو، ولا يبقى هلع ولا جزع. وبدون استعمال هذه المواد الثمان يبقى صاحبها كما أخبر تعالى في قوله: إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [المعارج:20-21]. ويا ويله!

تفسير قوله تعالى: (أولئك في جنات مكرمون)

قال تعالى: أُوْلَئِكَ [المعارج:35] السامون الأعلون، أي: أصحاب هذه المواد الثمان فِي جَنَّاتٍ [المعارج:35] وليست جنة واحدة مُكْرَمُونَ [المعارج:35]. فقد أكرمهم ربهم بالطعام والشراب، واللباس والنكاح والحياة السعيدة، وليس مثلها حياة أبداً؛ لأن الله يكرمهم. وعلة ذلك: أن نفوسهم زكية طيبة طاهرة, والذي زكاها وطيبها وطهرها هو الله. ومواد التزكية والتطهير هي هذه الثمانية الأشياء التي سمعتم, فهي أدوات وعلاج لمرضى الكفر -والعياذ بالله- والشرك والباطل.

فأصحاب هؤلاء الصفات فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:35]. فهم خالدين فيها, لا يخرجون منها أبداً، فلا تسأل عن النعيم في الجنة أبداً من الطعام والشراب، واللباس ونكاح الحور العين المقصورات في الخيام.

معشر المستمعين والمستمعات! عرفتم أن الإنسان الكافر طبعه الجزع وعدم الصبر, والهلع والخوف, والشح والبخل, والشر -والعياذ بالله- والكفر. فهيا نخرج من هاتين الصفتين. فلا بد من هذه المواد الثمان. فإليكموها مرة ثانية, فاسمعوها: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المعارج:22-34]. فقولوا: اللهم اجعلنا منهم، اللهم وفقنا لهذا, واجعلنا من أهله.

قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات

قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية الآيات:

[ من هداية ] هذه [ الآيات ] التي تدارسناها:

[ أولاً: بين شر صفات الإنسان, وأنها الهلع ] فمن أوصاف الإنسان: الجزع والهلع. هذا هو الإنسان. وإذا دخل المستشفى واستعمل هذه المواد الثمان وعالج نفسه بها شفي. وبدون هذا يبقى والله كما هو في الجزع والهلع.

[ ثانياً: بيان الدواء لهذا الداء -داء الهلع- الذي لا فلاح معه ولا نجاح ] وهو ثمان مواد. والمادة: العقار. فهي ثمان مواد وصفها الطبيب. فأنت مريض استعملها بصدق فإنك والله تشفى, وتزكو نفسك وتطيب.

[ ثالثاً: انحصار العلاج ] والدواء [ في ثمان صفات، أو ثمان مركبات دوائية ] وهي التي سمعتم. وليس هناك دواء غيرها, فلا فلسفة ولا كذب, ولا طرقية ولا دعوى التصوف، ولا غير ذلك. وليس والله إلا هذه الثمان فقط.

[ رابعاً: ] من هداية الآيات: [ وجوب العمل بما اشتملت عليه الوصفة من واجبات ] فلا بد من هذا.

[ خامساً ] وأخيراً: [ حرمة ما اشتملت عليه الوصفة من محرمات ] فكل ما ذكر في هذه الثمان محرم بلا خلاف بين المسلمين.

معشر المستمعين! هذه الوصفة الطبية في سورة المعارج. فعلى المسلمين أن يقرءوا القرآن, ويعرفوا هذه الوصفة, ويجتهدوا في تطبيقها, لا أن يقرءوا القرآن على الموتى، ولا يجتمعون عليه أبداً, ولا يتدارسونه أبداً, وادخل أي مسجد من مساجد المسلمين فلن تجد حلقة كهذه يفسر فيها كلام الله طول العام، وإلا فلا يمكن أن نعرف، وإذا لم نعرف لم يمكن أن نتقي، وإذا لم نعرف الشر لم يمكننا أن نتقيه، وإذا لم نعرف الخير لم يمكننا أن نفعله، وإذا لم نعرف الأدب لم يمكننا أن نتأدب. ولذلك لا بد من العلم، فطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، ولكن مع الأسف صرفونا إلى المقاهي والملاهي، وأبعدونا عن كتاب الله.

وصلى الله على نبينا محمد, وعلى آله وسلم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة المعارج (2) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net