إسلام ويب

الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة، وله أركان ذكرها القرآن، وبينتها السنة وهي: النية وغسل الوجه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأس جميعه أو غالبه مع الأذنين، وغسل القدمين مع الكعبين، ويستحب في الوضوء تخليل اللحية الكثة، والتيامن والتثليث وغيرها، وفي البسملة والمضمضة والاستنشاق روايتان عن أحمد: الوجوب والاستحباب.

تعريف الوضوء لغة وشرعاً

الوضوء: مأخوذ في اللغة من الوضاءة، وهي الحسن والجمال، يقال: رجل وضيء وامرأة وضيئة.

وهو في الشرع: غسل أعضاء مخصوصة بنية.

حكم النية في الوضوء

قال المصنف رحمه الله تعالى في المسألة الأولى: [ لا يصح الوضوء ولا غيره من العبادات إلا أن ينويه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ) ]، هذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم رحمهما الله في صحيحيهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو حديث غريب صحيح كما هو معروف، وهو أصل في اشتراط النية في الأعمال التعبدية كلها، وأنه لا يجزي عمل منها إلا أن ينويه.

و النية في اللغة: هي القصد، والمقصود بالنية في الوضوء: ألا يكون وضوءه مثلاً لتعليم جاهل، أو أن يكون وصل الماء إلى أعضائه دون إرادة منه، ويكفي في النية أن يعلم أنه سيغسل هذه الأعضاء لرفع حدث واستباحة صلاة وما أشبه ذلك .

أما ما يقع من بعض الموسوسين الذين يشكون في النية، فيطيلون في ذلك، ثم يبدأ أحدهم في الوضوء ثم يعود ظناً أنه لم ينو وهكذا، فهذا من التنطع في دين الله عز وجل؛ لأن مجرد كون الإنسان وقف أمام الماء وفتح الصنبور وعرض يديه للغسل هذا كاف في الدلالة على أن الإنسان قد نوى الوضوء، بل إن دفع النية في هذه الحالة أمر صعب جداً، ولو كلفنا الشارع بدفع النية وإزالتها في هذا الموضع وقطعها لما أمكن ذلك؛ لأنها في تلك الحال ضرورة لا يستطيع الإنسان دفعها، فلا يحتاج الإنسان إلى أن يستحضر نية أو أن يستصحبها خلال الوضوء؛ لأن دفعها أصلاً أمر شاق، بل متعذر، إنما لو أن الإنسان توضأ ليعلم شخصاً، ولم يكن في باله أن يرفع الحدث، أو أن الماء أصاب أعضاءه دون قصد، ففي مثل تلك الحال يحتاج الإنسان إلى أن يعيد الوضوء لا غير.

البسملة عند الوضوء

قال المصنف في المسألة الثانية: [ ثم يقول : بسم الله ]، وذكر اسم الله تعالى في بداية الوضوء مشروع جاء فيه ما يزيد على عشرة أحاديث عن جماعة من الصحابة كـأبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وأنس وغيرهم، وهذه الأحاديث كلها ضعيفة وإن صححها كثير من أهل العلم إجمالاً، فأما الذين قالوا بضعفها فلا إشكال عندهم، أما الذين أثبتوا هذه الأحاديث فقد ذهب كثير منهم إلى الوجوب، والحديث: ( لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه )، هذه الأحاديث إن لم تكن صحيحة فلا إشكال، وإن كانت صحيحة فهي مصروفة عن الوجوب -وجوب التسمية- بصوارف عدة:

من هذه الصوارف: أن ذكر اسم الله تعالى في الوضوء لم يذكر في القرآن الكريم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] ولم يذكر التسمية فهذا هو الصارف الأول عن الوجوب.

الصارف الثاني: أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في وضوئه أنه كان يذكر اسم الله تعالى، وقد نقل الصحابة صفة الوضوء؛ نقل ذلك عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعائشة وغيرهم، ولم يذكر أحد منهم قط أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ وضوءه بذكر اسم الله تعالى.

الصارف الثالث: أن ذلك لم ينقل في الغسل مطلقاً، ومن المعلوم أن الغسل يجزئ عن الوضوء.

والصارف الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم الأعرابي الذي سأله كيف الوضوء؟ علّمه الوضوء وكان في مقام التفصيل والبيان والتوضيح لهذا الأعرابي الذي لم يكن يعرف صفة الوضوء، ومع ذلك لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم التسمية على الوضوء، وإنما قال له في آخره: ( هذا الوضوء فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم )، فدل على أن التسمية على الوضوء ليست بواجب؛ لأنها لو كانت واجباً لعلمها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الأعرابي.

والقول بأن التسمية سنة ليست بواجب هو مذهب الجمهور، وهو رواية صحيحة عن الإمام أحمد، حيث روي عنه لما سئل عن تلك الأحاديث أنه قال: لا أعلم في التسمية حديثاً له إسناد جيد، وقال ذلك غيره من أهل العلم.

إذاً: التسمية سنة على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقال بعضهم وهي رواية في المذهب اختارها الأكثرون من الفقهاء: إن التسمية واجبة، ولو تركها عمداً أعاد الوضوء، ولو تركها سهواً أجزأه الوضوء، وقال بعضهم: لا تسقط سهواً ولا عمداً. والصواب: أن التسمية على الوضوء سنة لما سبق.

غسل الكفين في الوضوء وحالاته

المسألة الثالثة: قال: [ويغسل كفيه ثلاثاً]، يعني: في أول الوضوء، وغسل الكفين له حالتان:

الحال الأولى: غسل الكفين إذا استيقظ من نوم الليل، وهذا جاء فيه حديث صحيح متفق عليه: رواه أبو هريرة : ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً؛ فإنه لا يدري أين باتت يده )، وهذا الحديث أخذ منه بعضهم أنه يجب على من استيقظ من نوم الليل أن يغسل كفيه، وجمهور أهل العلم وهي رواية في مذهب الإمام أحمد اختارها بعض المحققين من المتقدمين والمتأخرين أن غسل اليدين إذا استيقظ من نوم الليل سنة وليس بواجب، واستدلوا لذلك بأدلة منها:

قوله: ( فليغسل يديه ثلاثاً ) ولم يقل أحد فيما نعلم بوجوب الغسل ثلاثاً، فقالوا: لما لم يقل أحد بوجوب الغسل ثلاثاً اطرد ذلك في أصل الوجوب أنه لا يقال بوجوبه، بل يقال باستحباب الغسل، هذا دليل.

الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا استيقظ أحدكم فليستنثر ثلاثاً )، ومع ذلك لا قائل بوجوب الاستنثار، بل حكي الإجماع على عدم الوجوب، ويعكر على هذا أن الظاهرية يقولون بوجوب الاستنثار.

الصارف الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم علل بقوله: ( فإنه لا يدري أين باتت يده )، ومن المعلوم أن الأصل في الأشياء الطهارة، والتعليل بأمر مشكوك فيه: ( فإنه لا يدري أين باتت يده ) يدل على عدم الوجوب، وقال بعضهم: العلة تعبدية.

والذي يظهر والله تعالى أعلم أنه لا يجب على القائم من نوم الليل أن يغسل كفيه، وهو مذهب الثلاثة: مالك والشافعي وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد اختارها بعض المحققين كما أسلفت، والدليل يدل عليه فيما ظهر لي، ولذلك نقول: يستحب للقائم من نوم الليل أن يغسل كفيه ثلاثاً قبل أن يدخلها في الإناء للحديث، لكن لا يجب ذلك.

هذه هي الحال الأولى حال المستيقظ من نوم الليل.

الحال الثانية: حال الإنسان العادي، فيستحب له أيضاً أن يغسل كفيه ثلاثاً؛ لأن ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما في حديث حمران عن عثمان رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه دعا بماء فغسل كفيه ثلاثاً )، وحديث عثمان متفق عليه، وغسل الكفين ثلاثاً عند أول الوضوء لغير القائم من النوم سنة بإجماع أهل العلم، ولا قائل بوجوبه إلا الزيدية، والصواب أنه سنة كما سبق.

المضمضة والاستنشاق في الوضوء

المسألة الرابعة: قال المصنف رحمه الله: [ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثاً يجمع بينها بغرفة واحدة أو ثلاث]، وفي بعض النسخ: وثلاث، وينبغي أن يعدل هذا؛ لأن الثلاث بدل عن الغرفة الواحدة، يجمع بينها بغرفة واحدة أو ثلاث.

حكم المضمضة والاستنشاق

أما قوله: (ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثاً)، فهذا دليل على وجوب المضمضة والاستنشاق، وهي رواية في المذهب أنه يجب على المتوضئ أن يتمضمض ويستنشق، واستدلوا لذلك بأدلة منها:

أولاً: أن المضمضة والاستنشاق من الوجه، فالأنف والفم من الوجه ظاهراً، وقال بعض الفقهاء: هما من الوجه لخمسة أحكام:

أولاً: لو وضع الخمر في فمه لم يجب عليه الحد بذلك إذا بزقه وأخرجه، فلا يجب عليه الحد إلا إذا شربه.

ثانياً: أنه لا يحرم الرضاع، فلو رضع الصبي فكان اللبن في فمه ثم أخرجه ولم يصل إلى جوفه فإنه لا ينشر الحرمة في بدنه.

ثالثاً: أنه لو كان في فمه أو أنفه نجاسة وجب إزالتها، والنجاسة الباطنة لا تجب إزالتها.

الرابع: لو أن الصائم استدعى ما في جوفه -تقيأ- فوصل القيء إلى فمه فإنه يفطر بذلك.

الخامس: لو وضع في فمه ماء أو غيره فلا يفطر به.

فقالوا: هذه أحكام خمسة يدل اطرادها على أن الفم والأنف من الوجه، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6]، قالوا: فالأنف والفم من الوجه فوجب غسلهما بالمضمضة والاستنشاق، هذا دليل على الوجوب.

ومن الأدلة على الوجوب أيضاً فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه كان يمضمض ويستنشق إذا توضأ ولم ينقل عنه خلاف ذلك، بل نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأمر بالمضمضة والاستنشاق كما في حديث لقيط بن صبرة قد رواه أهل السنن وهو حديث صحيح، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا توضأت فمضمض ) كما عند أبي داود، وفي الرواية الأخرى المشهورة: ( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً )، فهو دليل على وجوب المضمضة، وهو أيضاً دليل على وجوب الاستنشاق وهذا هو الظاهر: أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل، وواجبان في الوضوء، فإذا وجبا في الوضوء ففي الغسل من باب الأولى؛ لأنه يجب في الغسل ما لا يجب في الوضوء كإيصال الماء إلى منابت الشعر وما أشبه ذلك.

والرواية الثانية: أنهما مستحبان فيهما، وقيل: واجبان في الوضوء، وليسا بواجبين في الغسل إلى أقوال أخرى.

والذي يظهر أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الوضوء لما سبق من الأدلة، وواجبان في الغسل أيضاً.

تثليث المضمضة والاستنشاق

قوله: (ثلاثاً).. (يتمضمض ويستنشق ثلاثاً)، هذا على سبيل الاستحباب، وقد ثبت ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ومرتين مرتين، ومرة مرة )، وفي حديث عثمان السابق: ( أنه تمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه وبقية أعضائه ثلاثاً ثلاثاً )، فالتثليث في الوضوء سنة باتفاق أهل العلم ولا قائل بوجوبه، إنما يستحب أن يغسل أعضاءه ثلاثاً.

كيفيات المضمضة والاستنشاق

قال: (يجمع بينهما بغرفة واحدة)، يجمع بينهما يعني: بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة.

إذاً: المضمضة والاستنشاق تتصور بعدة أحوال:

الحال الأولى: أن يتمضمض ويستنشق ثلاثاً ثلاثاً بغرفة واحدة، يعني: يأخذ غرفة واحدة ويتمضمض ويستنشق ثم يستنثر بيده اليسرى، ثم يفعل ذلك من نفس الغرفة الأولى ثم مرة ثالثة، وهذا ممكن لبعض الناس إذا اعتاد عليه، فتكون المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ثلاثاً من غرفة واحدة فقط، وهذا يحتمله الحديث الوارد؛ حديث عبد الله بن زيد وحديث ابن عباس، حديث ابن عباس : ( أنه صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق من كف واحدة )، ومثله حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه في الوضوء: ( أنه تمضمض واستنشق من كف واحدة ).

الحال الثانية: أن يأخذ كفاً ويتمضمض ويستنشق منها، ثم يأخذ أخرى ثم يأخذ ثالثة، ولهذا قال المصنف: (بغرفة واحدة أو ثلاث)، فبغرفة واحدة يعني تمضمض واستنشق ثلاث مرات من غرفة واحدة، (أو ثلاث) يعني: تمضمض واستنشق من غرفة، ثم تمضمض واستنشق من أخرى، ثم تمضمض واستنشق من غرفة ثالثة.

ويجوز أيضاً أن يتمضمض من غرفة ويستنشق من غرفة أخرى فيكون مجمل الغرفات للمضمضة والاستنشاق ستاً، وقد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الإمام عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند وسنده لا بأس به إن شاء الله تعالى، فهذا كله جائز ولا حرج فيه.

غسل الوجه في الوضوء

المسألة الخامسة: [ثم يغسل وجهه ثلاثاً من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً].

قوله: (ثم يغسل وجهه ثلاثاً)، أما غسل الوجه فهو من واجبات الوضوء بالإجماع؛ لأن الله تعالى أمر به في قوله: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6]، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم غسل وجهه، ويغسل الوجه بما لا يغسل به بقية الأعضاء؛ وذلك لما في الوجه من التجاعيد والأسارير التي تحتاج إلى الماء، ولهذا جاء في أثر ضعيف عن علي [ أنه أخذ شيئاً من ماء -في حديث ابن عباس وفي بيت ابن عباس - فصك به وجهه ] أي: غسله به بقوة، وذلك حتى يبلغ الماء إلى جميع تجاعيد الوجه وتقاسيمه وأساريره.

وحد الوجه: (من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً)، والمعنى: من منابت شعر الرأس المعتاد بالنسبة للإنسان العادي، وإلا فإن بعض الناس قد ينحسر شعره كالأصلع الذي لم ينبت على مقدم رأسه شعر، فلا يلزمه أن يغسل الرأس، وإنما يغسل حد الشعر المعتاد بالنسبة لغيره من الناس، أما هو فلا يعتبر انحسار شعره، وكذلك بعض الناس قد ينزل شعره على جبهته وجبينه، فيجب عليه غسل ما غطاه الشعر؛ لأن العبرة بالإنسان المعتاد كما أسلفت.

(من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً)، هذا هو حد الوجه، وهو دليل على أن الأذن ليست داخلة في الوجه، بل هي داخلة في الرأس، والدليل على ذلك حديث: ( الأذنان من الرأس ) وسوف أشير إليه بعد قليل.

وقال بعض أهل العلم: إن ما أقبل من الأذنين من الوجه، وليس ذلك بشيء، بل الأذنان ليستا من الوجه، وحد الوجه هو من الأذن إلى الأذن عرضاً.

تخليل اللحية في الوضوء

المسألة السادسة: [ ويخلل لحيته ]، وتخليل اللحية، هو إذا كانت كثيفة، فيحتاج الإنسان إلى تخليلها بأصابعه، أما إذا كانت خفيفة تصف البشرة، يعني: كان الشعر على أول إقباله، بحيث إن البشرة ظاهرة من وراء الشعر فحينئذ يجب غسلها؛ لأن الأصل هو وجوب الغسل، فقبل أن ينبت الشعر كان ما تحت الشعر من الوجه، وكان غسله واجباً كما هو معروف، فلما نبت الشعر وكان خفيفاً ولا زالت البشرة ظاهرة تُرى وتُعلم من وراء الشعر وجب عليه الغسل، أما إذا كان الشعر كثيفاً فإنه يجب عليه غسله؛ لحديث عثمان رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء )، والحديث رواه الترمذي وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وغيره، وحسنه البخاري رحمه الله تعالى، وله شواهد كثيرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته في الوضوء ).

ولا يلزم تخليلها بالأصابع والله تعالى أعلم، بل يكفي أن يخللها بالماء، يعني: أن يمر الماء عليها.

غسل اليدين مع المرفقين في الوضوء

قال المصنف رحمه الله في المسألة السابعة: [ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً ويدخلهما في الغسل].

قوله: (ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثاً) غسل اليدين من فروض الوضوء بالإجماع؛ لقوله تعالى: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]، أما الغسل ثلاثاً فهو سنة كما سبق ويجزئ واحدة، أما قوله: (يدخلهما في الغسل)، فالمعنى: يدخل المرفقين، والمرفق: هو العظم الناتئ في آخر الذراع، هذا هو المرفق، وغسله واجب، فهو داخل في الغسل، وهذا مذهب الأئمة الأربعة: مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة، وخالف في ذلك داود الظاهري، والصحيح أن المرفق من اليد وأنه يجب غسل المرفقين، فقوله تعالى: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]، أي: مع المرافق، فإلى بمعنى مع، كما في قوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ [النساء:2]، يعني: ولا تأكلوا أموالهم مع أموالكم، وكما في قوله تعالى: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ [هود:52]، فالمعنى: ويزدكم قوة مع قوتكم.

فيجب غسل المرفق مع الذراع، وقد جاء في هذا حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( أنه غسل يديه حتى أشرع في العضد، وقال: إن هذا وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو حديث صحيح.

أما حديث جابر الذي ذكره الشارح: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأدار الماء على مرفقه أو أمرّ الماء على مرفقه أو مرفقيه ) فقد رواه الدارقطني وغيره، وهو حديث ضعيف، بل منكر، ضعفه الدارقطني والبيهقي وغيرهما من أهل العلم، لكن في حديث أبي هريرة غنية عنه.

مسح الرأس مع الأذنين في الوضوء

المسألة الثامنة: قال: [ثم يمسح رأسه مع الأذنين، يبدأ بيديه من مقدمه ثم يمرهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه].

حكم مسح الرأس في الوضوء

قوله: (ثم يمسح رأسه)، مسح الرأس من فروض الوضوء أيضاً؛ لقوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [المائدة:6]، وفي حديث عثمان : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه )، وهكذا سائر من رووا صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه مسح برأسه.

حكم مسح الأذنين مع الرأس في الوضوء

وقوله: (ثم يمسح رأسه مع الأذنين) دليل أيضاً على مسح الأذنين؛ وذلك لأن الأذنين من الرأس، فلما قال الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [المائدة:6] دخل في ذلك الأذنان، وقد جاء في أحاديث عن تسعة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( الأذنان من الرأس )، وهذه الأحاديث وإن ضعفها بعض أهل العلم، إلا أن مجموع هذه الأحاديث يدل على أن للحديث أصلاً، ويشد بعض هذه الأحاديث بعضاً، بل حكى بعضهم أنها متواترة، ولا يصح ذلك، لكن مجموع هذه الأحاديث يدل على ثبوت الحديث: ( الأذنان من الرأس ). إذاً: يمسح أذنيه مع رأسه.

صفة مسح الرأس

أما صفة مسح الرأس، فقد بينها بقوله: (يبدأ بيديه من مقدمه)، يعني: يضع يديه على مقدم رأسه على ناصيته، (ثم يمرهما إلى قفاه) يذهب بهما إلى قفاه، (ثم يردهما إلى مقدمه)، يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، وهذا هو الوارد في صفة مسح النبي صلى الله عليه وسلم لرأسه.

وإن كان شعره كثيفاً وخشي أن ينتفش وينتشر أجزأه أن يذهب برأسه إلى الخلف ولا يرد يديه بعد ذلك، وقد جاء هذا عن الإمام أحمد : أنه سئل عمن كان شعره كثيفاً يضرب إلى منكبيه أو إلى شحمتي أذنيه؟ فأشار الإمام أحمد رحمه الله بيديه أنه يذهب بهما إلى قفاه، وقال: يفعل هكذا، وروى في ذلك الأثرم في سننه حديثاً مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكره الإمام أحمد واحتج به، فإذا كان شعره كثيفاً -قال بعضهم: المرأة كذلك- وخشي أن ينتفش وينتشر عليه فإنه يكفيه أن يذهب به إلى قفاه ولا يلزم أن يرده؛ لأنه بذلك يتحقق المسح المأمور به.

عدد مسحات الرأس

وهل يمسح ثلاثاً أو واحدة؟ الجمهور على أنه يكفي في المسح مرة واحدة، وأن هذه هي السنة، وأنه لا يستحب أن يثلث في مسح الرأس؛ وذلك هو معظم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الوضوء، فهو الذي ذكره عثمان وعلي وغيرهما في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكروا: ( غسل كفيه ثلاثاً، ووجه ثلاثاً، ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، ومسح برأسه، وغسل رجليه ثلاثاً )، فمسح الرأس ذكروه من غير تثليث هذا هو الغالب، وكل ما ورد في التثليث في مسح الرأس فهو شاذ مخالف للمحفوظ.

أما عمومات الأحاديث فيما ورد: ( أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ومرتين مرتين )، فهذا باعتبار غالب الأعضاء، والمقصود: الأعضاء التي تغسل، أما الرأس فإنه يمسح، فيمسح مرة واحدة، وهو من باب المسح وإلحاق المسح بالمسح كمسح الخفين والجوربين أولى من إلحاقه بالغسل، والرأس أيضاً مبني على التخفيف، ولهذا عدل عن غسله إلى مسحه تخفيفاً وتيسيراً على المتوضئ، فهذه الأشياء كلها تدل على أنه يكفي، وأن السنة في مسح الرأس أن يمسحه مرة واحدة ولا يزيد على ذلك، ويجزئ في المسح -أيضاً- أن يمسح عامة الرأس وغالبه ولو لم يمسحه جميعاً.

مسح الأذنين بما بقي من بلل على أصابعه بعد مسح الرأس

هنا سؤال: هل يأخذ للأذنين ماء جديداً، أم يكفي مسح الأذنين بما بقي من بلل بعد مسح الرأس؟

والجواب: لا يلزمه أن يأخذ ماء جديداً، بل يمسح أذنيه بما بقي من البلل على كفيه بعد مسح رأسه، إلا أن تنشف يداه فيحتاج إلى أخذ ماء جديد، وقد جاء في هذا حديث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء غير الذي أخذ لرأسه )، وهذا الحديث غير محفوظ؛ شاذ، والمحفوظ: ( أنه صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء غير فضل يديه ) مسح رأسه بماء غير فضل يديه هذا هو المحفوظ وهو في الصحيح، أما أخذ ماء جديد لأذنيه فلم يصح ذلك، بل يمسح أذنيه بما بقي من بلل على أصابعه بعد مسح الرأس.

غسل الرجلين مع الكعبين في الوضوء

المسألة التاسعة: قال: [ ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثاً ويدخلهما في الغسل ].

أما غسل الرجلين فقد جاء في القرآن الكريم في قوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]، وهو معطوف على قوله: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6]، أي: (واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين)، هذه هي القراءة السبعية المعروفة، والقراءة الأخرى: (وأرجلِكم) بالخفض، (وأرجلِكم) عطفاً على قوله: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [المائدة:6]، وهي لا تدل على المسح، بل هي من باب الإتباع، وإن كانت تدل على المسح فيكون المقصود: وامسحوا بأرجلكم في حالة ما إذا كانت الرجل مغطاة بخف أو نحوه، فتكون الآية دلت على الغسل في رواية النصب: (وأرجلَكم)، ودلت على المسح في رواية الخفض: (وأرجلِكم)، فكل رواية أتت بحكم جديد.

أما ما ذهبت إليه الشيعة من الاكتفاء بمسح الرجل ولو كانت ظاهرة، فهذا مخالف للمحفوظ الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم للأحاديث الكثيرة المتواترة من أنه غسل رجليه، وأمر بالغسل، وأن الصحابة كافة نقلوا عنه ذلك، بل كان صلى الله عليه وسلم يقول لهم: ( أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار )، كما ثبت ذلك في أحاديث كثيرة جداً معروفة في الصحيحين وغيرهما.

فالواجب في الرجلين هو غسلهما إلى الكعبين، وأن يحرص على الإسباغ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ويل للأعقاب من النار ) إلا أن تكون الرجل مغطاة بخف أو نحوه، وسوف يأتي باب المسح على الخفين.

قال: (ويدخلهما في الغسل)، يعني: الكعبين؛ لقوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] أي: مع الكعبين، كما سبق في قوله: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

تخليل أصابع الرجلين في الوضوء

قال: [ويخلل أصابعهما]؛ وذلك لما ورد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك )، والحديث رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه البخاري وهو حديث حسن، ( إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك )، والتخليل سنة إن أمكن الإسباغ بغيره، فإن كانت أصابع الرجلين متلاصقة متراصة بحيث لا يصل الماء إلا بالتخليل فإنه يجب عليه التخليل حينئذ من باب الإسباغ المأمور به، وقد ورد في صفة التخليل ما ذكره المستورد بن شداد، وهو عند أهل السنن وهو حديث صحيح أنه قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخلل أصابع رجليه بخنصره )، فيدخل أصبعه بين أصابع رجليه حتى يصل إليها الماء.

استحباب الدعاء بعد الوضوء

قال رحمه الله في المسألة الحادية عشرة: [ثم يرفع نظره إلى السماء]، رفع النظر إلى السماء ليس بصحيح، ولا يوجد ما يدل عليه، وقد جاء في ذلك حديث عند أحمد وأبي داود وهي زيادة: ( ارفع بصرك إلى السماء ) في الحديث زيادة منكرة تفرد بها راو لا يعتد به، فلا يشرع رفع بصره إلى السماء.

ومما يلحق بذلك أن بعض الفقهاء يقول: يستحب له أيضاً أن يستقبل القبلة عند التشهد بعد الوضوء وهذا لا أصل له ألبتة في حديث صحيح ولا حسن ولا ضعيف فيما أعلم، فلا يشرع له أن يرفع بصره إلى السماء، ولا يشرع له أيضاً أن يستقبل القبلة عند التشهد، وإنما المشروع إذا توضأ أن يقول: [أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله]، كما ذكر المصنف وحسب، أما استقبال القبلة أو رفع البصر إلى السماء فلا أصل له كما ذكرت.

أما قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) فهو ثابت في حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ) هذه رواية مسلم، وفيها دليل على استحباب أن يقول هذا الذكر في البداية، زاد الترمذي : ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )، وهي زيادة صحيحة، فيستحب أن يقولها.

وذكر ابن السني وغيره والنسائي في عمل اليوم والليلة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه زيادة وهي: ( أنه كان يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك )، جاءت هذه الزيادة مرفوعة وموقوفة، ورجح أهل العلم أن هذه الزيادة موقوفة على أبي سعيد، ولكنها من الأذكار التي لا تقال من قبيل الرأي والاجتهاد، فالظاهر أن أبا سعيد رضي الله عنه قد تلقاها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولهذا لا بأس أن يقول هذا عقب الوضوء.

إذاً الخلاصة: أن الذكر الوارد عقب الوضوء هو كالتالي: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

هذه هي المسائل الواردة، وإن شاء الله في الدرس القادم نأخذ بقية باب الوضوء يوم السبت إن شاء الله تعالى.

الأسئلة

حكم شرب بقية ماء الوضوء

السؤال: شرب بقية ماء الوضوء؟

الجواب: شرب بقية ماء الوضوء ليس له أصل.

دخول الكفين في غسل اليدين

السؤال: هل الكفان داخلان في غسل اليدين؟

الجواب: نعم، إذا غسل وجهه ثم أراد غسل يديه فإنه يغسلهما من أطراف الأصابع إلى نهاية المرفق، أما الغسل الأول فلا يجزئ؛ لأنه -أولاً- قبل غسل الوجه، والترتيب في الوضوء واجب كما سيأتي، وثانياً: لأن الغسل الأول سنة وليس بواجب، فلا يجزئ عن الغسل الواجب، فيغسل يديه من أطراف الأصابع إلى نهاية المرفق.

استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

السؤال: حديث ابن عمر في استقبال القبلة ألا يمكن أن يحمل على البنيان؟

الجواب: هذا سؤال عن درس الأمس، نعم، يمكن أن يحمل على البنيان، وابن عمر رضي الله عنه ذهب إلى هذا، فكان يعرض راحلته -يجعلها بينه وبين القبلة- ثم يقضي حاجته ويقول: [ إذا كان بينك وبين القبلة شيء فلا بأس ]، هذا أحد الوجوه في الجمع بين تلك الأحاديث، وقد سبق أن ذكرت أن في المسألة سبعة أقوال، هي سبعة مذاهب للعلماء وسبعة أقوال في المذهب أيضاً.

حكم تخليل اللحية وأصابع اليدين والرجلين

السؤال: تخليل اللحية هل هو واجب، وكذلك تخليل أصابع اليدين والرجلين؟

الجواب: الظاهر أن ذلك كله ليس بواجب، فالماء -فيما يتعلق باللحية- بطبيعته يتخلل الشعر، ولا يلزم أن يصل الماء إلى أصول شعر اللحية فيما يتعلق بالوضوء، وكذلك أصابع اليدين والرجلين، إلا إن كانت أصابع الرجلين متلاصقة بحيث لا يصل إليها الماء فيخللها حينئذ.

طهارة بول ما يؤكل لحمه

السؤال: هل يعتبر طواف النبي صلى الله عليه وسلم على بعيره دليلاً على طهارة بول ما يؤكل لحمه؟

الجواب: نعم.

معنى البراجم وحكم غسلها

السؤال: هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغسل البراجم، وما هي البراجم؟

الجواب: نعم، ذكر عليه السلام أن غسل البراجم من سنن الفطرة، والبراجم: هي العقد في الأصابع، العقد في أطراف الأصابع.

حكم تكرار العمرة

السؤال: ما حكم من ذهب إلى جدة وكرر العمرة؟

الجواب: إن كرر العمرة في أسفار متعددة فلا حرج؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما )، أما تكرار العمرة في سفر واحد فإنه لا يشرع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، وإنما أذن به عليه الصلاة والسلام لـعائشة، فلو كرره إنسان لا ينكر عليه؛ لأنه فعلته أم المؤمنين عائشة، والأصل العموم في هذه الأشياء.

ماهية الأعقاب

السؤال: ما هي الأعقاب؟

الجواب: الأعقاب: العقب هو ما يكون خلف القدم، وهو العرقوب.

حكم غسل أسفل الرجلين

السؤال: هل أسفل الرجلين داخل في غسل الكعبين؟

الجواب: نعم، يجب غسل الرجلين أعلاهما وأسفلهما.

دخول الكف في غسل اليد

السؤال: هل غسل اليدين من المرفق إلى الرسغ جائز؟

الجواب: بل يجب غسل اليد من أطراف الأصابع إلى نهاية المرفق كما سبق.

حكم رفع العينين إلى السماء حال الدعاء

السؤال: ما حكم رفع العينين عند الدعاء في آخره؟

الجواب: لا يشرع بل هو مكروه، فرفع العينين والنظر إلى السماء حال الدعاء منهي عنه، بل نص بعضهم على تحريمه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : ( لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم حال الدعاء أو لتخطفن أبصارهم -وفي رواية:- أو لا ترجع إليهم أبصارهم ).

حكم تخليل شعر الرأس في الوضوء

السؤال: هل يخلل شعر الرأس؟

الجواب: لا، لا يخلل شعر الرأس في الوضوء.

اشتراط ملازمة المكان لمن أراد المكث في المسجد بعد صلاة الفجر

السؤال: هل يشترط أن يجلس في مكانه الذي صلى فيه الفريضة بعد صلاة الفجر؟

الجواب: لا يلزم هذا، المهم ألا يخرج من المسجد.

حكم ضرب الصغار لإشغالهم المصلين

السؤال: ما حكم ضرب الصغار، علماً أنهم يخلون بالصف ويشوهون المنظر ويشغلون المصلين من حولهم؟

الجواب: بل ينبغي إبقاء الصغار وتعويدهم على الصلاة وأن يكونوا متفرقين بين الجماعة؛ لأن الصغار لو اجتمعوا في مكان واحد لحصل منهم أذى، ودرب بعضهم بعضاً على اللعب.

الغسل مع النية يغني عن الوضوء

السؤال: هل يكفي الاستحمام إذا كان في بركة أو غيره مع النية عن الوضوء المتعارف عليه؟

الجواب: إذا اغتسل فإنه يكفيه ذلك عن الوضوء مع النية، إلا أن ينتقض وضوءه أثناء الغسل أو بعده، فحينئذ يجب عليه أن يتوضأ مرة أخرى.

وعليه أن يتمضمض ويستنشق؛ لأننا ذكرنا أن المضمضة والاستنشاق واجب في الغسل أيضاً.

حديث إتباع الحجارة بالماء

السؤال: لقد ورد من حديث عائشة أنها قالت: (مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة الماء من أثر الغائط والبول فإني أستحييهم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله)، وكأن الحديث يدل على استحباب إتباع الحجارة بالماء، وكأني فهمت منك عدم استحباب ذلك، فكيف نفسر الحديث؟

الجواب: من هو صاحب هذا السؤال؟ لأننا سوف نطالبه بالبينة على ما قال، وقد يكون ما قاله علماً مما جهلناه؛ لأن الحديث الذي أعرفه حديث عائشة : ( مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني أستحييهم ).

ولا يكفي نقل الحديث من الشرح؛ لأن الشرح قد يكون نقله من غيره من كتب الفقهاء، أريد أن ينقل الحديث من كتب الحديث؛ من كتب السنة.

حكم الصلاة بوضوء نوي به غيرها

السؤال: إذا نوى إنسان الوضوء لصلاة ما، ثم جلس مثلاً في المسجد ووجبت الصلاة التي بعدها، هل يصلي بالنية الأولى؟

الجواب: نعم، تكفيه النية الأولى، ولو نوى الوضوء مثلاً لقراءة القرآن صلى بذلك، ولو نوى الوضوء للنافلة أجزأه ذلك وصلى به الفريضة.. وهكذا.

المضمضة والاستنشاق ثلاثاً بغرفة واحدة

السؤال: كيف يتمضمض ويستنشق ثلاثاً بغرفة واحدة؟

الجواب: ممكن هذا، بعض الإخوة يقول: لا يمكن هذا إلا إذا كان قد حفر بئراً ارتوازياً في كفه بحيث يكون الماء يفور باستمرار، لا، هذا ممكن بالنسبة لمن تعودوا على ذلك ويخفف؛ لأن الشارع خفف في مسألة استعمال الماء، والنبي صلى الله عليه وسلم توضأ بمد، بل بثلثي مد وأقل من ذلك، أما ما يقع فيه بعض الناس من استخدام الماء والتوسع فيه والمبالغة، فإن هذا من أبواب الوسوسة التي جرت على كثير من الناس عدم التلذذ بالعبادة وضرتهم في دينهم ودنياهم.

حكم مسح الرأس إقبالاً فقط

السؤال: هل يجوز مسح الرأس بالإقبال فقط؟

الجواب: نعم، بأي صفة مسح الرأس أجزأه ذلك؛ لأن الهيئة ليست واجبة، وهكذا في غسل الأعضاء إن بدأ من أعلاها أو أسفلها لا يضر، وكذلك.

دخول الكفين في غسل اليدين

السؤال: إذا غسل المتوضئ كفيه في بداية الوضوء، فهل يجب عليه أن يعيد غسلهما عند غسل اليدين؟

الجواب: نعم يجب ذلك كما ذكرته قبل قليل.

الغسل يغني عن الوضوء

السؤال: هل يكفي عن الوضوء الاغتسال؟

الجواب: يكفي.

حكم الوضوء لمن أراد مس المصحف وهو محدث

السؤال: هل يلزم الوضوء لمن أراد أن يمس المصحف؟

الجواب: نعم، ( لا يمس القرآن إلا طاهر )، إلا أن يمسه من وراء حائل.

حال حديث: (إنا نتبع الحجارة الماء)

السؤال: حديث: (إنا نتبع الحجارة الماء) ذكره في البلوغ، وأشار إلى أنه معلول؟

الجواب: هكذا ذكره وأظنه عند البزار، لكن الصحيح في الحديث أنه كما ذكرته سابقاً؛ لأنهم قالوا: ( إنا نجاور أقواماً من أهل الكتاب من اليهود فكانوا يغسلون فروجهم بالماء ).

حكم إيصال ماء المضمضة إلى الحلق

السؤال: هل يشترط أن يصل ماء المضمضة إلى الحلق؟

الجواب: كلا، لا يشرع أن يصل إلى الحلق.

كيفية مسح المرأة لرأسها في الوضوء

السؤال: كيف تمسح المرأة رأسها؟

الجواب: المرأة كالرجل في ذلك، ولو مسحت رأسها مقبلة فقط أو مدبرة فقط كفى ذلك.

كيفية التسمية في الخلاء

السؤال: هل يسمي في داخل دورة المياه عند الوضوء؟

الجواب: إما يسمي في نفسه أو يسمي سراً.

نضح الفرج بالماء بعد الوضوء

السؤال: كيف نجمع بين رواية مسلم : ( يغسل ذكره ويتوضأ )، وبين رواية البخاري : ( توضأ وانضح فرجك

الجواب: لعل المقصود بنضح الفرج أمراً زائداً على الوضوء بعد الوضوء، وقد جاء في بعض الأحاديث: أنه ينضح فرجه بالماء حتى يطرد الوسواس عنه، والله تعالى أعلم.

سنية التيامن في الوضوء

السؤال: سمعت من يقول إن التيامن في الوضوء ليس واجباً؛ لأن الآية مطلقة؟

الجواب: نعم، هذا لا شك فيه، فالتيامن ليس بواجب، فيجوز غسل اليد اليسرى قبل اليمنى، ويجوز غسل الرجل اليسرى قبل اليمنى، وإنما التيامن سنة.

دعاء كفارة المجلس بعد الانتهاء من الوضوء

السؤال: ذكر في الكتاب حديث النهي عن البول في الشق عن عبد الله بن عباس ؟

الجواب: نعم، كذلك هذا كفارة المجلس: ( من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك )، وفي حديث آخر: ( أنه إن كان مجلس ذكر كان كالطابع فلا يفصل إلى يوم القيامة، وإن كان مجلس لغو كان كفارة لما فيه )، لا مانع، هذا الدعاء: سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك هو في كفارة المجلس، وكذلك يقال في نهاية الوضوء.

المدرج في حديث: (ويل للأعقاب من النار)

السؤال: ( ويل للأعقاب من النار ) مدرج من كلام أبي هريرة ؟

الجواب: لا، [ أسبغوا الوضوء ] هذا من كلام أبي هريرة .

الفرق بين الخُبْث والخُبُث

السؤال: ما الفرق بين الخُبُث بسكون الباء وبضمها؟

الجواب: الخُبْث بسكون الباء: مصدر خبُث يخبث خُبثاً وهو الشر، تقول: هذا الفعل من الخُبْث، يعني: من الشر، أما الخبُث بضم الباء جمع خبيث، وهو الذكر من الشياطين، والخبائث: ( من الخبُث والخبائث ) جمع خبيثة وهي الأنثى منهم.

حكم غسل اليدين إلى الإبطين وغسل الرجلين إلى الركبتين

السؤال: جاء عن أبي هريرة أنه غسل يديه إلى إبطيه، ورجليه إلى ركبتيه في مسند أحمد، وقد رفعه أبو هريرة ؟

الجواب: هذا من فعل أبي هريرة رضي الله عنه، وقد حكم الأئمة كـابن تيمية وابن حجر وابن القيم وغيرهم أن هذا من فعل أبي هريرة، وأنه ليس من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولعله يأتي مزيد إيضاح له.

حكم قصر المسافر للصلاة الرباعية خلف المقيم

السؤال: هل يكتفي المسافر إذا صلى مع المتم بالركعتين الأخيرتين من الرباعية ويسلم مع الإمام؟

الجواب: كلا، بل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( وما فاتكم فاقضوا أو فأتموا )، فالمسافر إذا صلى مع المقيم يجب عليه أن يصلي أربعاً كما هو مذهب الجمهور، وعليه تدل الأحاديث كحديث ابن عباس وغيره في صحيح مسلم، فلو جاء في آخر ركعة وجب أن يصلي أربعاً.

حكم غسل الوجه بالصابون لمن كانت بشرته دهنية

السؤال: يقول: بشرتي دهنية فإذا غسلت وجهي أصبحت يداي مليئة بمادة دهنية لا يستقر عليها الماء، هل يلزم غسله بالصابون أم لا؟

الجواب: أبداً لا يلزم غسله بالصابون، توضأ كغيرك ولا شيء عليك.

لا يلزم في الاستغفار أن يكون من ذنب أو معصية

السؤال: من قال: إن مناسبة ( غفرانك ) هو الانقطاع عن ذكر الله، قال بعض أهل العلم: إن هذا ليس بجيد؛ لأن الإنسان في الخلاء مأمور بترك الذكر، ولم يترك شيء يستغفر لأجله؟

الجواب: هذا لا يرد في هذا الباب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه عبد ربه، وقام حتى تفطرت قدماه، ومع ذلك كان يستغفر ربه كثيراً في ركوعه وسجوده: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي )، ويقول عليه السلام: ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ).. إلى غير ذلك، فليس المقصود الاستغفار دائماً من ذنب أو معصية.

حال حديث: (أقامها الله وأدامها) بعد إقامة الصلاة

السؤال: ما حكم من قال: (أقامها الله وأدامها) بعد الإقامة؟

الجواب: هذا سيأتي، لكن الحديث الوارد فيه ضعيف.

معنى الغرة والتحجيل

السؤال: ما معنى: ( غراً محجلين

الجواب: الغرة هي: البياض في وجه الفرس، والتحجيل هي البياض في أطرافه، فمعنى غراً محجلين أي: يأتون بيضاً في وجوههم وأيديهم وأرجلهم من أثر الوضوء.

هذا والله تعالى أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

سبحانك اللهم وبحمدك..



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الطهارة - باب الوضوء -1 للشيخ : سلمان العودة

https://audio.islamweb.net