إسلام ويب

حكم خروج المرأة مع محرمها لقضاء حاجاتها

السؤال: إذا خرجت المرأة مع زوجها أو محرمها إلى السوق محتشية، وذلك لقضاء بعض حاجتها التي لا يمكن قضاؤها إلا بوجودها، فما الحكم في ذلك؟

الجواب: الحكم في ذلك، أي: في خروج المرأة مع زوجها لشراء حاجاتها من السوق وهي متحجبة متحشمة، أنه لا بأس به ولا حرج، وعليه أن يلاحظها في أثناء السير وفي أثناء الوقوف عند الدكاكين والمحلات، ليكون حافظاً لها وصائناً لها.

الحالات التي يجوز للمرأة الكشف عن وجهها

السؤال: المرأة كلها عورة إلا وجهها، يقول: متى وفي أي الأوقات يجوز للمرأة الكشف عن وجهها؟

الجواب: إن القول بأن المرأة عورة إلا وجهها، إنما يصح هذا في الصلاة، إذا صلت المرأة الحرة البالغة فإنه يجب عليها أن تستر جميع بدنها ما عدا وجهها، إلا إذا مر الرجال الأجانب الذين هم ليسوا محارم لها، وهذا ما نعنيه بالأجانب، إذا مروا قريباً منها فإنه يجب عليها ستر وجهها ولو كانت تصلي.

فإذن نقول: يجوز للمرأة أن تكشف وجهها إلا للرجال غير المحارم، فإنه لا يجوز لها أن تكشف وجهها عندهم ولو كانت تصلي.

حكم من يأتي بالشهادتين ولا يصلي ويعترف بأنه مخطئ

السؤال: شخص تارك للصلاة عارف بوجوبها يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويعترف بأنه مخطئ، يسمع الأذان ولكنه لا يصلي، وقد سمعت من بعض العامة بأنه كافر، والآخر يقول: بأنه مؤمن عاصي؟

الجواب: هذه المسألة من المسائل الهامة التي يجب العناية بها، وذلك أن هذا الرجل الذي كان يترك الصلاة، وهو معترف بوجوبها، ولكنه يسمع الأذان ولا يصلي كما في السؤال، إن كان يترك الصلاة مع الجماعة فإنه ليس بكافر، وإنما إذا تركها مع اعتقاده بوجوبها يكون فاسقاً عاصياً لله ورسوله، لأن وجوب صلاة الجماعة ظاهر في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنه إذا تركها لا يكون كافراً، أما إذا كان يترك الصلاة بالكلية لا يصليها وحده ولا مع الجماعة، فهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، والصواب من أقوالهم أنه يكون كافراً كفراً مخرجاً عن الملة، وذلك لدلالة الكتاب والسنة على كفره، ونحن نذكر الآن بعض هذه الأدلة، لأن حصرها لا يمكن في مثل هذه الحلقة، فمن دلالة القرآن على كفره قوله تبارك وتعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ [مريم:59-60]، فإن قوله: (وآمن) يدل على أنه قبل ذلك حين إضاعته الصلاة ليس بمؤمن، ومن لم يكن مؤمناً فهو كافر، إذ لا واسطة بينهما، كما قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ [التغابن:2]، وكذلك قوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11]، فإن هذه الآية الكريمة تدل على أن المشركين إذا تابوا من الشرك، بأن شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، كانوا إخواناً لنا في الدين، لأنهم حينئذ مؤمنين، والمؤمنون إخوة، ومفهوم الآية الكريمة أنهم إذا لم يتوبوا من الشرك، أو لم يقيموا الصلاة، أو لم يؤتوا الزكاة، فليسوا إخوة لنا في الدين، وهذا يعني: أنهم كفار، وإذا تابوا من الشرك ولم يقيموا الصلاة فإن مفهوم الآية الكريمة يدل على أنهم كفار على ما قررناه.

وإذا تابوا من الشرك وأقاموا الصلاة ولم يؤتوا الزكاة، فإن مفهوم الآية الكريمة أيضاً يدل على أنهم كفار على ما قررناه آنفاً، وقد ذهب إلى هذا بعض أهل العلم، وهو رواية عن الإمام أحمد أن من لم يؤد الزكاة مع اعترافه بوجوبها فهو كافر، ولكن الصحيح أنه لا يكفر، ولكنه يكون عاصياً فاسقاً مستحقاً للوعيد الشديد الذي ذكره الله تعالى في كتابه، وذكره رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة فيمن منع إخراج الزكاة، ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر عقوبة من لم يؤد الزكاة، قال: ( ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار)، وإذا كان يمكن أن يرى سبيله إلى الجنة فإنه ليس بكافر، إذ الكافر لا يمكن أن يرى سبيلاً له إلى الجنة، وعلى هذا فيكون هذا الحديث منطوقه مقدماً على مفهوم الآية الكريمة، لأنه من المقرر عند أهل العلم أن المنطوق مقدم على المفهوم، هاتان آيتان من كتاب الله تدلان على كفر تارك الصلاة.

وأما السنة فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة الذي في السنن وهو إما صحيح أو حسن، قال فيه: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، فهذان حديثان يدلان على أن تارك الصلاة كافر، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم الفرق بين لفظ الشارع في قوله: (كفر) وفي قوله: (الكفر) بالتعريف، فقال: إن الكفر يدل على أن المراد به الكفر المطلق المخرج من الإسلام، وهذا هو التعبير الذي جاء في حديث جابر : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة).

فإذا قال قائل: ألا يمكن أن يجعل الكفر المذكور في الحديث مثل الكفر الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، فإن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وقتاله كفر)، يعني: قتال المؤمن ليس المراد به الكفر المخرج من الملة بدلالة القرآن على ذلك، حيث قال الله تبارك وتعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:9-10]، فقتال المؤمن للمؤمن كفر كما في الحديث، ومع ذلك لم يخرجه من الملة؛ لقوله تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10].

فالجواب على ذلك أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قتاله كفر)، بالتنكير، ولم يقله بالتعريف، بخلاف التعبير عنه في تارك الصلاة، فإنه قال: ( بين الرجل وبين الكفر والشرك)، وقد مر علينا آنفاً كلام شيخ الإسلام في هذه المسألة، فيكون معنى (قتاله كفر) أي: أن نفس القتال هذا كفر، لأنه يتنافى مع الإيمان، إذ لو كان مؤمناً حقاً ما قاتل أخاه المؤمن، وعلى هذا فيكون الكتاب والسنة قد دلا على كفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً عن الملة.

وكذلك أيضاً الصحابة رضي الله عنهم روي عنهم ما يدل على ذلك، كما في الصحيح عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة). وقد حكى بعض العلماء إجماع الصحابة أو جمهورهم على كفر تارك الصلاة، وعلى هذا إذا قلنا: بأنه كافر، وهو القول الحق إن شاء الله، فإنه يحكم بردته، ويثبت في حقه ما يثبت في حق المرتدين من انفساخ زوجته منه إن كان متزوجاً، لأن المسلمة لا تحل لكافر بنص القرآن، وكذلك أيضاً لا يغسل إذا مات ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين، لأنه ليس منهم، ويجب على أهله وذويه الذين يعلمون منه ترك الصلاة، وإصراره على الترك إلى أن مات، يجب عليهم أن يدفنوه بعيداً عن مقابر المسلمين، ويحرم عليهم أن يغسلوه أو يكفنوه أو يقدموه للمسلمين يصلون عليه، لأن ذلك من غش المسلمين؛ لأن المسلم لا يجوز له أن يصلي على الكافر؛ لقوله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ [التوبة:84]، يعني: من المنافقين، مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [التوبة:84]، فالعلة هي الكفر، وعلى هذا فلا يصلى على كل كافر، سواء كان أصلياً أم مرتداً، كتارك الصلاة.

وينبني على ذلك أيضاً أنه لا يرثه أقاربه المسلمون إذا مات على هذه الحال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)، وكذلك هو لا يرث أحداً من أقاربه المسلمين إذا مات قريب له وهو في حال ترك الصلاة، وكذلك ينبني عليه أنه لا يصح حجه لو حج وهو لا يصلي، وينبني عليه أيضاً أنه لا يحل له أن يدخل مكة ولا حرمها؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].

وهذه المسألة مهمة جداً يجب العناية بها والتنبه لها، ويجب على من علم بشخص هذه حاله أن ينصحه أولاً، ويرشده إلى الحق، ويخوفه من عذاب الله سبحانه وتعالى، فإن انتهى واستقام وأقام الصلاة فذلك من نعمة الله عليه وعلى من نصحه وأرشده، وإن لم يفعل فالواجب على من علم به أن يرفعه إلى ولاة الأمور، وعلى ولاة الأمور أن يقوموا بما أوجب الله عليهم في معاملة هذا الشخص وأمثاله، ونسأل الله تعالى للجميع التوفيق والهداية؛ إنه جواد كريم.

الفرق بين المسلم والمؤمن

السؤال: ما الفرق بين المسلم والمؤمن؟

الجواب: الإسلام والإيمان كلمتان يتفقان في المعنى إذا افترقا في اللفظ، بمعنى أنه إذا ذكر أحدهما في مكان دون الآخر فهو يشمل الآخر، وإذا ذكرا جميعاً في سياق واحد صار لكل واحد منهما معنى، فالإسلام إذا ذكر وحده شمل كل الإسلام من شرائعه ومعتقداته وآدابه وأخلاقه، كما قال الله عز وجل: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، وكذلك المسلم إذا ذكر هكذا مطلقاً فإنه يشمل كل من قام بشرائع الإسلام من معتقدات وأعمال وآداب وغيرها، وكذلك الإيمان، فالمؤمن مقابل الكافر، فإذا قيل: إيمان ومؤمن بدون قول الإسلام معه، فهو شامل للدين كله، أما إذا قيل: إسلام وإيمان في سياق واحد فإن الإيمان يفسر بأعمال القلوب وعقيدتها، والإسلام يفسر بأعمال الجوارح، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في جوابه لجبريل: ( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) إلى آخر أركان الإسلام، وقال في الإيمان: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه)، إلى آخر أركان الإيمان المعروفة، ويدل على هذا الفرق قوله تعالى: قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14]، وهذا يدل على الفرق بين الإسلام والإيمان، فالإيمان يكون في القلب، ويلزم من وجوده في القلب صلاح الجوارح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، بخلاف الإسلام فإنه يكون في الجوارح، وقد يصدر من المؤمن حقاً، وقد يكون من ناقص الإيمان، هذا هو الفرق بينهما، وقد تبين أنه لا يفرق بينهما إلا إذا اجتمعا في سياق واحد، وأما إذا انفرد أحدهما في سياق فإنه يشمل الآخر.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [67] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net