إسلام ويب

حكم سحب المتأخر رجلاً من الصف ليصلي معه في الصف الأخير

السؤال: حيث أن من وصل صفاً وصله الله، هل يجوز السحب من الصف الأول إلى الأخير إذا كان الصف الأول كاملاً، نرجو الإجابة مقرونة بالدليل؟

الجواب: يبدو أن الأخ يريد أن الرجل إذا جاء ليصلي مع الجماعة، ووجد الصف تاماً، فهل يجوز له أن يسحب أحداً من هذا الصف ليصف معه؟ هذا هو الظاهر؛ لأن كونه يسحب أحداً والصف لم يتّم، هذه لا تراد في مثل هذا السؤال.

فنقول: إذا جاء الإنسان ليصلي مع الجماعة والصف تام، فإنه يُصلي خلف الصف وحده مع الجماعة، ولا يسحب أحداً، وذلك لأن سحبه يتضمن ثلاث مفاسد:

المفسدة الأولى: فتح فُرجَة في الصف، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من التراص وسد الخلل.

وثانياً: أنه يعتدي على من سحبه بتأخيره من الصف الفاضل إلى الصف المفضول.

وثالثاً: أنه يشوش عليه صلاته، فإن هذا المجذوب لابد أن يتحرك قلبه وتهتز نفسه عندما يجذبه أحد من خلفه.

ومن أجل هذه المفاسد الثلاث نقول له: صلّ مع الجماعة وحدك، وهذا لا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لفرد خلف الصف) لأننا وإن كنا نرى أن الصواب في قوله: (لا صلاة)، أنه نفي للصحة لأنه لا دليل يصرف هذا النفي عن نفي الصحة إلى نفي الكمال، ولكننا نقول: إذا كان نفياً للصحة فإنه يدل على وجوب المصافة، ووجوب المصافة كغيره من الواجبات، إذا عجز عنه الإنسان سقط عنه، وهنا عاجز عن المصافة لتمام الصف فيسقط عنه وجوب المصافة، ولهذا لما لم يكن للمرأة موقف في صف الرجال شرعاً، صارت تصلي وحدها خلف الصف مع الجماعة.

ثم إننا نقول لهذا الذي لم يجد موضعاً في الصف: لا تخلو حالك من أن ترتكب أحد محظورين: إما جذب إنسان من الصف وقَد بَيّنا مفاسده، وإما التقدم والصف مع الإمام، وهذا يلزم منه أيضاً مفسدة وهي تخطي الرقاب؛ لأنه لابد أن يكون بينه وبين الإمام صف فأكثر في مثل هذه الحال، وهذا تخط للصفوف، وربما يكون فيه إفزاع للمأمومين.

وفيه أيضاً محظور آخر وهو أن المشروع فيما إذا كان الجماعة ثلاثة فأكثر أن ينفرد الإمام بالموقف ليتميز عنهم، فإذا وقف معه آخر زال هذا المقصود الشرعي.

أو نقول: إذا لم ترض بهاتين اترك الجماعة رأساً وصل وحدك، وهذا فيه تفويت الجماعة، ولاشك أن الصلاة مع الجماعة منفرداً للعذر خير من ترك الصلاة مع الجماعة رأساً.

إدراك الركعة بإدراك الركوع

السؤال: هل تدرك الركعة بإدراك الركوع أم لابد من الإعادة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

الجواب: الصواب بلا شك والذي عليه الجمهور أن الإنسان إذا أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة، ويدل لذلك حديث أبي بكرة رضي الله عنه حين جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فأسرع وركع قبل أن يصل إلى الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم وعلم به النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( زادك الله حرصاً ولا تعد).

ومن المعلوم أن أبا بكرة رضي الله عنه إنما أسرع ليدرك الركوع، وقد روي أنه قال: خشيت أن تفوتني الركعة، ولو كانت الركعة قد فاتته هنا لعدم إدراكه قراءة الفاتحة، لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الركعة التي أدرك ركوعها، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر من يخل بصلاته أن يجبر الخلل فيها في حينه، فالرجل الذي صلى ولم يطمئن قال له: ( ارجع فصل فإنك لم تصل)، فلما لم يأمره النبي عليه الصلاة والسلام بقضاء الركعة التي أدرك ركوعها مع دعاء الحاجة إلى البيان؛ دل على أنه أدرك الركعة.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)، فنقول: إن هذا عام مخصوص بهذا الحديث؛ لأن السنة يخصص بعضها بعضاً، وقد اتفق أهل العلم على أن السنة تشمل أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته.

ثم إننا نقول: هنا لم يدرك القيام الذي هو محل قراءة الفاتحة، فلما لم يدرك محل قراءة الفاتحة سقطت عنه ضرورة أن محلها قد فات، والشيء إذا فات محله لم يجب، كما في يد الأقطع إذا قطعت من مفصل المرفق أو فوقه، فإنه لا يجب عليه أن يغسل العضد، وإن كان قطعت من المفصل يغسل رأس العضد؛ لأن رأس العضد داخل في المفصل.

حكم تغيب الزوج عن زوجته فترة طويلة ليقضي ما تبقى عليه من قيمة المهر

السؤال: تزوجت عند عمي وقد طرح علي مهراً كثيراً، وطرحوا عليه مصاغ ذهب للزوجة، وقد قدمت المهر كله والبعض من الذهب، ولا يبقى عليه سوى البعض من الذهب، وطَلَبتْ زوجتي من عمي فرفض ذلك إلا أن أقوم بدفع النصاب كاملاً، وإنني عاجز في نفس الوقت أن أدفع، وطلبت منه مهلة حتى أقوم بدفع ذلك، قال عمي: لا يمكن أن أعطيك زوجتك حتى تدفع لها ما يلزم، فبعد ذلك صممت أن أتغيب لمدة سنة ونصف حتى أجمع قيمة ذلك الذهب، مع العلم أنني متوظف وبعيد عنهم، وإنني قد سمعت في حديث سابق في برنامج نور على الدرب أن الهجر للمرأة حرام لمدة أكثر من ستة شهور، وهل يكون الإثم في هذا الموضوع علي أم يكون الإثم على والد البنت؟

الجواب: نرى أن لا نتعرض لهذا السؤال، لأنه مادام مع طرف ثالث فلا نحب أن نتعرض له، والمهر مادام حالاً لم يُذكر فيه تأجيل بعض المصوغ، فإنه يجب عليك تسليمه، وقد ذكر أهل العلم أن للمرأة أن تمنع نفسها حتى تقبض صداقها الحال، فإذا كان ذلك من حقها فليس عليها إثم إذا امتنعت حتى تعطيها كمال المهر، أما بالنسبة لك فأنت معذور في هذه الغيبة، لأنك في الحقيقة تريد أن تأتي بما يلزمك لزوجتك، حيث لا يمكنك أن تحصله وأنت مقيم عنها، ولكن مع هذا الجواب الذي أجبنا به، فإنه إذا لم يكن اقتناع فإن المرجع إلى المحكمة الشرعية.

مداخلة: لكن بالنسبة لهذا الموقف من أبي البنت لابن أخيه؟

الشيخ: هذا الموقف في الحقيقة لا ينبغي مادام الرجل قد زَوّج ابن أخيه من أجل أوصافه التي دعته إلى تزويج بنته به، فإنه لا ينبغي أن يكون المال عقبة تحول بينه وبين زوجته، ولاشك أن العم لو ترك الأمر على ما هو عليه، وجعل الزوج يدخل بزوجته، لكان أفضل للجميع، ثم إني أقول للعم أيضاً مقالة يجب عليه الحذر منها، وهي: أن المهر حق للزوجة، فلو أن الزوجة في هذه الحال أسقطت ما يلزم زوجها من بقية المهر، ما كان للأب أن يمنعها من زوجها، بل لو أسقطت جميع المهر وهي ممن يصح تبرعها، لكان أبوها لا خيار له في ذلك، فالأمر إليها، ولهذا يقول الله عز وجل: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [النساء:4] ، يعني: مهورهن، فأضاف المهور إليهن لا إلى غيرهن، فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4] ، فجعل أيضاً طيب النفس راجعاً إلى الزوجة، فليس للأب حق في أن يمنع زوج ابنته من دخوله بها من أجل المهر، إلا إذا كانت الزوجة هي التي قالت ذلك، فالحق لها.

حكم مخالفة أنظمة الدولة والاحتيال في ذلك

السؤال: إذا سافرت من بلد إلى بلد، وكان في أثناء الطريق مخفر شرطة يطلب التفتيش، وكانت زوجتي معي، وهي ليست مضافة في الجنسية، ومعي أخي وزوجته مضافة وليست معه، فهل يجوز لأخي أن يقول: هذه زوجتي ريثما نتعدى هذا المخفر؟

الجواب: أنا الحقيقة أريد أن أسأل السائل: هل إذا قال: هذه زوجة أخي يكون صادقاً في ذلك؟ طبعاً سيقول: لا، لست بصادق، إذن فهو كاذب، والكذب محرم، ثم أساله مرة ثانية: هل يجوز لمن تحت ولي الأمر أن يُلَبِّس على ولي الأمر ويخدعه ويخبره بخلاف الواقع، مع أن ولي الأمر إنما سن ما سن من القوانين التي لا تخالف الشرع، لاعتقاده أن في ذلك مصلحة الشعب، فهل يجوز لواحد من هذا الشعب أن يخدع ولي الأمر، ويُلَبِّس عليه ويخبره بخلاف الواقع من أجل نيل مآربه؟ طبعاً سيكون الجواب: لا.

إذاً هاتان مفسدتان: الكذب، وخداع ولي الأمر الذي هو الدولة، فلذلك نقول: لا يجوز، بل يجب عليه أن يضم زوجته معه في هويته، ثم يسافر بها.

من طلق زوجته طلاقاً بائناً لا يحق له مطالبة زوجها الثاني بتطليقها

السؤال: أنا تزوجت امرأة وقد طلقت هذه الزوجة ثلاث طلقات، وحرمت علي، وأنا لا أزال أرغب في هذه الزوجة، فقال لي الشرع: لا تحل لك هذه الزوجة إلا إذا كانت حللت لك من شخص آخر، وفعلاً حُللِت، وقال الشخص الذي هو المحلل: لا أطلق هذه المرأة، ترغبون الشرع هذا الشرع، ولم يحكم علي الشرع بالطلاق، وبقيت معه زوجة له؟

الجواب: أولاً: كلمة المحلل غير واردة، أي: لا يجوز التحيل على محارم الله بالتحليل، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه لعن المحلل والمحلل له)، ووصف المحلل بالتيس المستعار، وهذا الزوج الثاني الذي تزوجها بنية التحليل للزوج الأول نكاحه باطل، فيجب التفريق بينه وبينها شرعاً، ثم لا تحل للزوج الأول بهذا التفريق؛ لأن النكاح نكاح تحليل، ونكاح التحليل لا يحلل شيئاً.

وهذه مسألة أقولها لفائدة العامة: كل تحيل على محرم فإنه لا يقلبه مباحاً، وكل تحيل على واجب فإنه لا يسقط وجوبه، فهذا التحيل على المحرم وهو عودة الزوجة إلى مطلقها ثلاثاً بهذه الصورة التي ليست بمقصوده، هذا التحيل لا يحلل المحرم، وهو رجوع المرأة إلى زوجها الأول.

وعلى هذا فلا تحل للزوج الأول، ويجب التفريق بينها وبين زوجها الثاني مادام نكحها بنية التحليل.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [122] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net