إسلام ويب

تغيير شرط الواقف فيما وقفه

السؤال: هناك وقف يسمى وقف الجحوف بالطائف، وينص الوقف على أن تكون عائداته لأحفاد أربع نساء على شرط أن يكون مستحق هذا الوقف من أحفاد النساء الأربع فقراء معدمين لا يملك أحدهم قوت يومه، وبما أن الله تعالى قد أنعم علينا من نعمته وفضله وأن العشر من دخل الوقف يقدر بمائتي ألف ريال في الوقت الحاضر يخصص بالكامل لناظر هذا الوقف مما يعني انتفاء شرط الفقر والعوز، فما رأي الشرع في ذلك؟

الجواب: ينبغي أن يعلم أن شروط الواقف إذا حددها فإنه يعمل بها إلا أن تكون في معصية الله، فإنه إذا كانت في معصية الله فلا حرج أن نصرفها إلى غير ما شرط الواقف، بل يجب علينا ذلك، لقوله تعالى: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ أن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:182]، ونفي الإثم لا يعني نفي الوجوب في محله، أما إذا كانت شروط الواقف لا تتضمن معصية فإنه يعمل بحسب شرطه، ولا حرج أن ينقل الوقف إلى جهة أصلح وأنفع لما ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن رجلاً قال له يوم الفتح: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: صل هاهنا، فأعاد عليه، فقال: صل هاهنا، فأعاد عليه، فقال: شأنك إذاً)، فهذا دليل على أنه يجوز للإنسان أن يصرف ما نذره إلى ما هو أفضل وأولى، ومثل ذلك أيضاً الوقف.

وحيث إن الواقف كما قال السائل شرط للاستحقاق أن يكون المستحق معدماً فقيراً لا يملك قوت يومه؛ فإنه لا يجوز لمن يملك قوت يومه من أحفاد هذا الواقف أو من أحفاد بناته أن يأخذ شيئاً من الوقف لعدم استحقاقه حيث إن الواقف شرط هذا الشرط الذي لا ينطبق عليه، فالغلة إذاً تصرف إلى جهات أخرى من أعمال البر التي ينتفع بها الموقف.

مداخلة: ويقول: بما أنني أقل المستحقين حيث أنني طالب وأعول أسرة وقد حرمت من ريع هذا الوقف بناءً على أمر ناظره، فهل يحق له التصرف في هذا الوقف بهذا الشكل وحرماني من شيء منه؟

الشيخ: إذا كنت لا ينطبق عليك شرط الواقف فإنك لا تستحق شيئاً، وتصرف الناظر المخالف لما يقتضيه الشرط والشرع عليه إثمه، وأنت عليك أن تعرف أنك إذا لم تكن معدماً لا تجد قوت يومك فإنك لا تستحق من هذا الوقف شيئاً باعتباره وقفاً.

مداخلة: وما يأخذه الناظر حلال عليه من هذا العشر الذي يبلغ مائتي ألف ريال؟

الشيخ: هذه ينبغي أن يراجع فيها المحكمة.

حادثة شق الصدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم

السؤال: قيل: إن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم جاءه ملك وفتح صدره وملأه نوراً، فما مدى صحة هذا الكلام؟

الجواب: هذا الكلام صحيح، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام حين عرج به جاءه جبريل فشق ما بين نحره إلى أسفل بطنه واستخرج قلبه فملأه حكمة وإيماناً وليس نوراً والإيمان والحكمة من النور المعنوي.

حكم من جعل مدح النبي عليه الصلاة والسلام مهنة يقتات منها

السؤال: ما حكم من جعل المديح بالنبي صلى الله عليه وسلم أو الصالحين تجارة له يكتسب منها معيشته؟

الجواب: هذا محرم، ويجب أن يعلم بأن المديح للنبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يكون مدحاً فيما يستحقه صلى الله عليه وسلم بدون أن يصل إلى درجة الغلو فهذا لا بأس به، أي: لا بأس أن يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو أهله من الأوصاف الحميدة الكاملة في خلقه وهديه صلى الله عليه وسلم.

والقسم الثاني من مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم: قسم يخرج بالمادح إلى الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ( لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)، فمن مدح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه غياث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وأنه مالك الدنيا والآخرة، وأنه يعلم الغيب أو بمثل ما قال البوصيري :

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم

فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم

وما شابه ذلك من ألفاظ المديح؛ فإن هذا القسم محرم، بل قد يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة، فلا يجوز أن يمدح الرسول عليه الصلاة والسلام بما يصل إلى درجة الغلو لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

ثم نرجع إلى اتخاذ المديح الجائز حرفة يكتسب بها الإنسان، فنقول أيضاً: إن هذا حرام ولا يجوز؛ لأن مدح الرسول عليه الصلاة والسلام بما يستحق وبما هو أهل له صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق والصفات الحميدة والهدي المستقيم مدحه بذلك من العبادة التي يتقرب بها إلى الله، وما كان عبادة فإنه لا يجوز أن يتخذ وسيلة إلى الدنيا، لقول الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16].

حكم متابعة الإمام في سجود السهو لمن أدرك الإمام في بعض الصلاة

السؤال: سجد إمام بعد السلام عن سهو بزيادة في الصلاة، ومن المصلين رجلان لم يدركا الركعتين الأخيرتين فقاما لإكمال صلاتهما ولم يسجدا مع الإمام ولا بعد إكمال صلاتهما، فما حكم صلاتهما تلك؟

الجواب: لم يبين السائل هل سجود الإمام للسهو بعد السلام أو قبله، فإذا كان بعد السلام فإن قيام الرجلين دون السجود معه هو المشروع عند بعض أهل العلم، وعند الآخرين يجب عليهما -أي: على هذين المسبوقين- أن يسجدا مع الإمام بعد السلام ما لم يقوما، فإذا قاما فإنهما لا يرجعان، ويكملان الصلاة ويسجدان للسهو كما سجد الإمام.

وعلى هذا فنقول: حكم صلاة هذين الرجلين صحيحة لا تبطل لا عند من يقول: إنه يلزم اتباع الإمام في السجدتين بعد السلام، ولا عند من يقول: إنه لا يلزم؛ لأنهما كانا جاهلين، والجاهل معذور بترك ما يجب عليه، ولكنه إذا كان هذا المتروك الذي تركه مما يجب عليه يمكن تلافيه بقضائه في وقته فإنه يقضى في وقته، وأما إذا فات الوقت فإنه لا يقضى، هذا في الأمور المؤقتة كالصلاة، أما غير المؤقتة فإنه متى جهل الواجب ثم تبين له وجب عليه القيام به.

مداخلة: لو فرضنا أن السهو حصل في الركعتين الأوليين اللتين لم يكونا مع الإمام فيهما، فهل يسجدان أيضاً مع الإمام؟

الشيخ: نعم، على قول من يقولون بذلك يسجدان معه وإن لم يدركا السهو؛ لأنهما ملزمان بمتابعة الإمام.

حكم من وجب عليه الزكاة في مال وهو بحاجة إليه

السؤال: شخص ترك بلده إلى بلد آخر طلباً للعلم وقد جمع مالاً من المحسنين ومن بعض المكافآت والمساعدات التي تلقاها ويريد العودة إلى بلاده وقد حال الحول على هذا المال، ولو أخرج زكاته ربما لا يكفيه الباقي للعودة إلى بلده، فما الحكم لو أجل الزكاة إلى ما بعد وصوله إلى بلده؟

الجواب: وجوب إخراج الزكاة على الفور، ولكنه إذا كان يتضرر بإخراجه على الفور فلا حرج عليه أن يؤخره حتى يقدم إلى بلده إذا كان قدومه إلى بلده يتأخر تأخراً يسيراً كالشهر والشهرين، أما إذا كان يتأخر لمدة طويلة فإنه يخرج الزكاة عما في يده من المال وهو إذا نفذ ما عنده فلا يمكنه أن يصل إلى بلده فإنه يستطيع أن يأخذ باسم الزكاة ما يوصله إلى بلده؛ لأنه حينئذٍ من أبناء السبيل.

الاختلاط بالنساء في وسائل النقل

السؤال: وسائل النقل في بلدنا جماعية ومختلطة، وأحياناً يحدث ملامسة لبعض النساء دون قصد أو رغبة في ذلك ولكن نتيجة الزحام، فهل نأثم على ذلك؟ وما العمل ونحن لا نملك إلا هذه الوسيلة ولا غنى لنا عنها؟

الجواب: الواجب على المرء أن يبتعد عن ملامسة النساء، يعني: عن مزاحمتهن بحيث يتصل بدنه ببدنها ولو من وراء حائل فإن هذا داع للفتنة، والإنسان ليس بمعصوم قد يرى من نفسه أنه يتحرز من هذا الأمر ولا يتأثر به، ولكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فربما يحصل منه حركة تفسد عليه أمره، فإذا اضطر الإنسان إلى ذلك اضطراراً لابد منه وحرص على أن لا يتأثر فأرجو أن لا يكون عليه بأس، لكن في ظني أنه لا يمكن أن يضطر إلى ذلك اضطراراً لابد منه، إذ من الممكن أن يطلب مكاناً لا يتصل بالمرأة حتى ولو كان واقفاً، وبهذا يتخلص من هذا الأمر الذي يوجب الفتنة، وعلى المرء أن يتقي الله ما استطاع، وأن لا يتهاون بهذه الأمور.

كما أننا نرجو من القائمين على هذه الوسائل -أي: وسائل النقل- أن يجعلوا مكاناً مخصصاً للنساء لا يتصل بهن الرجال.

زواج التحليل

السؤال: رجل طلق زوجته ثلاث طلقات، ثم اتفق مع شخص آخر ليتزوجها مدة أربعة أشهر أو خمسة ثم يطلقها ليسترجعها زوجها الأول الذي ندم على طلاقها ورغب في استرجاعها، وقد حصل ذلك ثم استرجعها الأول فعلاً بعقد جديد، فهل هذا النكاح صحيح أم باطل؟

الجواب: هذا -والعياذ بالله- من الحيل المحرمة التي يتوصل بها الإنسان إلى تحليل ما حرم الله، ومعلوم أن تحليل ما حرم الله بالحيل لا يزيد الأمر إلا شدة؛ لأنه مخادعة لله ورسوله واستهزاء بحكم الله، فإن من السخرية أن يحرم الله عليك شيئاً ثم تلف وتدور حتى تتوصل إلى هذا الشيء، فإن الله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، ولن يلتبس عليه خداعك.

وحكم هذه القضية: أن المواطأة على هذا الأمر محرمة، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له، ونكاح المحلل حرام وباطل، وبهذا لا تحل للزوج الأول، فيكون رجوع الزوج الأول إليها بعقد باطل لا تحل له، والواجب عليه -أي على الزوج الأول- الواجب عليه الآن أن يتخلى عنها وأن يفارقها لا فراق طلاق؛ لأن الطلاق لا يقع إلا إذا صح النكاح، والنكاح غير صحيح، لكنه فراق مباينة؛ لأنها حتى الآن لا تحل له، إذ أن هذا النكاح الذي وقع به التحليل نكاح غير مقصود وهو نكاح تلاعب بأحكام الله، ونسأل الله لنا ولإخواننا المسلمين الهداية.

مداخلة: هل له بعد هذا الفراق إذا تزوجها زوج آخر زواج رغبة أن يسترجعها؟

الشيخ: نعم، إذا تزوجها زوج آخر نكاحاً صحيحاً فلا حرج أن يراجعها الزوج الأول.

مداخلة: لو فرض وحصل خلال هذه المعاشرة المحرمة ذرية فهل يكون ذريته شرعاً؟

الشيخ: إذا كان يظن أن هذا عمل جائز وأنه لا بأس به فإنهم أولاده يكونون له، وذلك لأنه يعتبر قد وطأها بشبهة عقد حيث ظن أن هذا العقد صحيح.

مداخلة: عن جهل للحكم؟

الشيخ: لجهله للحكم فيكون أولاده له.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [170] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net