إسلام ويب

حكم الزكاة على الحلي المعد للاستعمال

السؤال: كثيراً ما قرأت في بعض المجلات العربية وسمعت أيضاً من خلال بعض العلماء في بلدي أن حلي المرأة الملبوس ليس عليه زكاة, وأن الزكاة تجب فقط على الذهب الذي يكون في شكل سبائك, ولكن نظراً لاستماعي الدائم لهذا البرنامج نور على الدرب, عرفت أن حلي المرأة تجب عليه الزكاة.

السؤال هنا: والدتي تملك حلياً فوق النصاب, وهو في حوزتها منذ أكثر من عشر سنوات أو أكثر, طلبت منها إخراج الزكاة الواجبة, فما حكم السنوات السابقة التي لم تخرج فيها الزكاة لجهلها؟

الجواب: يقول السائل: إنه كان يفهم سابقاً بأن الزكاة لا تجب في الذهب إلا إذا كان سبائك, وفهمه هذا فهم لبعض المسألة؛ لأن الذهب إذا كان سبائك ففيه الزكاة, وإذا كان نقوداً كالدنانير ففيه الزكاة, وهذا أمر معلوم لدى أهل العلم, وإنما اختلف أهل العلم في الحلي المعد للاستعمال أو العارية, هل فيه زكاة أم لا؟ والصحيح أن الزكاة واجبة فيه, وهو مذهب أبي حنيفة , وإحدى الروايتين عن أحمد ؛ لدلالة الكتاب والسنة على ذلك, ولا حاجة إلى سياق الأدلة؛ لأن السائل قد فهمها وعلم أن الزكاة واجبة, لكنه يسأل هل تجب عليه الزكاة عما مضى من السنوات التي كان لا يعتقد وجوب الزكاة فيها؟

والجواب على ذلك: أن الزكاة لا تلزمه عن السنوات الماضية؛ لأنه كان لا يعتقد الوجوب لا لجهل منه, ولكن لاتباع بعض أهل العلم الذين أمرنا باتباعهم إذا لم يكن لدينا علم؛ قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] فما دام في الزمن الماضي لا يخرج زكاة الحلي اتباعاً لأهل العلم الذين يقولون بعدم وجوب الزكاة فيه, فإنه لا يجب عليه إخراج الزكاة عما مضى, ولكن يجب عليه إخراج الزكاة من حين أن علم أن الصواب وجوب إخراجها, ويبتدئ الحول من حين العلم بالوجوب, وإن أخرج الزكاة فور علمه فهو أطيب.

رخص السفر

السؤال: ما هي رخص السفر؟

الجواب: رخص السفر أولاً: صلاة الرباعية ركعتين, فيصلي الظهر ركعتين, والعصر ركعتين, والعشاء ركعتين.

ثانياً: الفطر في رمضان, ويقضيه عدة من أيام أخر.

ثالثاً: المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها ابتداء من أول مرة مسح.

رابعاً: سقوط المطالبة براتبة الظهر والمغرب والعشاء؛ فأما راتبة الفجر وبقية النوافل فإنها باقية على مشروعيتها واستحبابها, فيصلي المسافر صلاة الليل وسنة الفجر وركعتي الضحى وسنة الوضوء وركعتي دخول المسجد وركعتي القدوم من السفر, فإن من السنة إذا قدم الإنسان من السفر أن يبدأ قبل دخول بيته بدخول بيت الله المسجد فيصلي فيه ركعتين, وهكذا بقية التطوع بالصلاة فإنه لا يزال مشروعاً بالنسبة للمسافر ما عدا ما قلت أولاً وهي: راتبة الظهر وراتبة المغرب وراتبة العشاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي هذه الرواتب الثلاث.

حكم طلاق الزوجة إرضاءً للوالدة

السؤال: تزوجت فتاة منذ سبعة أعوام, ولدينا الآن من الأولاد ثلاثة أطفال أنا وزوجتي في سعادة زوجية منقطعة النظير, ولكن هناك خلاف دائم منذ اللحظة الأولى بين زوجتي ووالدي, وقد غادرت القطر للعمل في الخارج, وتركت الأوضاع كما هي عليه, وفي أثناء سفري اشتد الخلاف بين زوجتي والأسرة, فأقسم إخوتي باليمين على أن تغادر زوجتي البيت, وبالفعل تركت البيت, نصيحتكم لي في ذلك هل أطلق الزوجة إرضاء لوالدي, أم أترك البيت وأستقل بزوجتي حفاظاً على أولادنا؟

الجواب: الذي أرى أن لا تطلق امرأتك ما دامت قائمة بحق الله وحقك وحق أولادك, بل تبقى معها كما وصفت في عيشة سعيدة تحمون أولادكم وتتعاونون على الخير, وبالإمكان أن تتلافى هذا الشقاق والنزاع الحاصل بينها وبين أسرتك بأن تجعلها في بيت وحدها, ويحسن أن يكون قريباً من الأسرة؛ ليسهل عليك القيام بواجب الأسرة عليك, وفي هذه الحال تقوم ببر والديك وصلة أرحامك على الوجه الذي يرضي الله عز وجل بقدر ما تستطيع.

وأنا لا أستطيع الآن أن أحكم: هل الخطأ من زوجتك بالنسبة لأسرتك أو من أسرتك بالنسبة لزوجتك؟ ولكن ما دام الحل أمامنا واضحاً, وهو أن تفردها ببيت, وتعيش معها عيشة زوجية سعيدة حميدة, تحفظان أولادكما, وتتعاونان على البر والتقوى, وتبقى مع أهلك قائماً ببر والديك وصلة أرحامك, أقول: ما دام هذا الحل موجوداً وهو يسير ميسر والحمد لله, فإن هذا هو الذي أراه لك.

المراجعة بين الله تعالى وعيسى بن مريم

السؤال: في القرآن الكريم مراجعة بين الله سبحانه وتعالى وعيسى بن مريم, عندما سأله جل شأنه: أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ [المائدة:116].. إلخ المراجعة, هل هذه المراجعة حدثت في الدنيا قبل رفعه, أم ستحدث يوم القيامة؟

الجواب: ظاهر سياق الآيات أن هذه المراجعة يوم القيامة كما ستسمع: وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ [المائدة:116-119] .. إلخ.

فقوله تعالى: هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة:119] يدل على أن هذه المراجعة التي كانت بين الله وبين عيسى بن مريم كانت في الآخرة.

حكاية الحوار في القرآن الكريم

السؤال: هل الحوار في القرآن الكريم الذي يكون الطرف الثاني فيه الإنسان ردّه في الحوار لفظاً ومعنى من عنده أم المعنى واللفظ من الله سبحانه وتعالى؟

الجواب: الذي يظهر لي أن ما يحكيه الله عز وجل عما سبق من الأمم إنما يحكيه سبحانه وتعالى بالمعنى واللفظ من الله سبحانه وتعالى, ذلك لأن هذا القرآن بلسان عربي مبين, ومن المعلوم أن من يحكي الله عنهم أقوالهم ممن سبق ليسوا من أهل اللغة العربية، فلغتهم لغة أخرى, ومع ذلك يحكي الله قولهم باللغة العربية, وهذا دليل على أن الله تعالى يحكي ما يقولون بمعنى ما يقولون لا باللفظ الذي يقولونه وهذا ظاهر.

حكم الصلاة في المدرسة مع قرب المسجد منها

السؤال: عددنا ثمانية أفراد, نقيم في مدرسة تبعد عن المسجد بحوالي نصف كيلو متر, نؤدي صلاتنا في المدرسة جماعة أو فرادى, ولا نذهب لأدائها في مسجد القرية, ونحن نعلم بأن الصلاة لا تجوز إلا في المسجد ما دام قريباً, وسمعنا في برنامجكم نور على الدرب بأنها لا تجوز الصلاة إلا في المسجد طالما سمعنا الأذان, فهل صلاتنا الماضية صحيحة أم يجب علينا القضاء؟

الجواب: صلاتكم الماضية التي تصلونها في المدرسة مع قرب المسجد إليكم صلاة صحيحة, أولاً: لأنكم لا تعلمون أن الصلاة في المسجد واجبة, وثانياً: لأنكم أديتم الجماعة, وقد قال كثير من أهل العلم: إن الواجب الصلاة جماعة سواء في المساجد أم في غير المساجد, وإن كان الراجح أنه يجب أن تكون في المسجد.

ثالثاً: أن القول الراجح أن صلاة الفرد صحيحة, وإن كان يتمكن من الجماعة, ومعنى قولنا: صحيحة أنها تبرأ بها الذمة ولا يلزمه قضاؤها, ولكنه آثم بترك الجماعة؛ ودليل صحتها حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة رضي الله عنهم في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ, فإن تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ يدل على أن صلاة الفذ فيها أجر, ولا يمكن أن يكون فيها أجر إلا إذا كانت صحيحة, ولكنها صحيحة مع الإثم على من قدر أن يصلي مع الجماعة في المسجد.

مدى صحة قصة عمر مع سارية

السؤال: ما حكم الشرع فيما يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى سارية , وهو يخطب على المنبر في المعركة في موقف حرج مع الأعداء, فقال له: يا سارية الجبل! هل هذه القصة حقيقة حدثت, أم من الخيال؟

الجواب: هذه القصة مشهورة عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه كان يخطب الناس يوم الجمعة على منبر النبي صلى الله عليه وسلم, وكان سارية بن زنيم رضي الله تعالى عنه قائداً لإحدى السرايا في العراق, فحصر الرجل, فأطلع الله تعالى أمير المؤمنين عمر على ما أصابه, فخاطبه عمر من المنبر, وقال له: يا سارية ! الجبل, يعني: اصعد الجبل أو لذ بالجبل أو ما أشبه ذلك من التقديرات, فسمعه سارية فاعتصم بالجبل فسلم, ومثل هذه الحادثة تعد من كرامات الأولياء, فإن للأولياء كرامات يجريها الله تعالى على أيديهم تثبيتاً لهم ونصرة للحق, وهي موجودة فيما سلف من الأمم وفي هذه الأمة, ولا تزال باقية إلى يوم القيامة, وهي أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد الولي تثبيتاً له وتأييداً للحق, ولكن يجب علينا الحذر من أن يلتبس علينا ذلك بالأحوال الشيطانية من السحر والشعوذة وما أشبهها؛ لأن هذه الكرامات لا تكون إلا على يد أولياء الله, وأولياء الله عز وجل هم المؤمنون المتقون؛ قال الله عز وجل: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] قال شيخ الإسلام رحمه الله أخذاً من هذه الآية: من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً, وليست الولاية بتطويل المسبحة, وتوسيع الكم, وتكبير العمامة, والنمنمة, والهمهمة, وإنما الولاية بالإيمان والتقوى, فيقاس المرء بإيمانه وتقواه لا بهمهمته ودعواه.

بل إني أقول: إن من ادعى الولاية فقد خالف الولاية؛ لأن دعوى الولاية معناه تزكية النفس, وتزكية النفس معصية لله عز وجل, والمعصية تنافي التقوى؛ قال الله تعالى: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم:32]، ولا نعلم أحداً من أولياء الله المؤمنين المتقين قال للناس: إني أنا ولي, فاجتمعوا إلي, وخذوا من بركاتي ودعواتي وما أشبه ذلك, لا نعلم هذا إلا عن الدجالين الكذابين الذين يموهون على عباد الله ويستخدمون شياطين الجن للوصول إلى مآربهم.

وإن نصيحتي لأمثال هؤلاء أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وفي عباد الله, ونصيحتي لعباد الله أن لا يغتروا بهؤلاء وأمثالهم.

كيفية الجمع بين قوله تعالى: (وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) وبين الآيات الدالة على إرسال الرسل لكل الأمم

السؤال: يسأل عن قوله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ [يونس:47], وأيضاً يسأل عن قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ [سبأ:44], وأيضاً الآية: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ [فاطر:24]؟

الجواب: هذه الآيات لا تتعارض, فإن الله تعالى بعث في كل أمة رسولاً كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [النحل:36], وقال الله عز وجل: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ [النساء:163] إلى قوله: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165], فلا بد لكل أمة من رسول, ولكل أمة من نذير ينذرها عذاب الله عز وجل ويبشرها برحمته لمن أطاع.

وأما قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ [سبأ:44], فالمراد أن الله تعالى لم يرسل إلى العرب نذيراً قبل محمد صلى الله عليه وسلم, ولهذا ليس من العرب إلا محمد صلى الله عليه وسلم, وهو دعوة إبراهيم وإسماعيل, حيث قال عليه الصلاة والسلام عن إبراهيم: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [البقرة:129], فلم يبعث الله عز وجل نذيراً إلى العرب إلا محمداً صلى الله عليه وسلم, بعثه الله تعالى نذيراً لهم ولكافة الناس؛ كما قال الله عز وجل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158].

فساد المدارس المختلطة، والوفاء بالنذر

السؤال: إنني أحب قراءة السور القرآنية وأحب الصلاة وأحب الرجل الذي يصلي, وأستمع إلى السور القرآنية دائماً وأنا لا أصلي, علماً أن السبب الذي يجعلني لم أصل هو أنني في مدرسة مختلطة, ما هو الواجب علي أن أعمله؟ أيضاً يقول: نذرت نذراً علي أن أصوم وأصلي عندما أنجح من الصف السادس, هل يجوز نذري هذا في الصلاة وفي الصوم؟

الجواب: هذا السؤال غريب وشاهد من الواقع على فساد المدارس المختلطة, وأنها شر وفتنة؛ ودليل من الواقع على أنه يجب على هؤلاء الذين جعلوا مدارسهم مختلطة أن يميزوا مدارس النساء عن مدارس الرجال, حتى يسلموا من هذه الفتنة العظيمة التي أوجبت لمثل هذا الشاب أن يضل هذا الضلال في دينه فلا يصلي, وبهذه القصة الغريبة يتبين الخطر الكامن في المدارس التي يختلط فيها الرجال والنساء, ويتبين حكمة الشرع في وجوب الفصل بين الرجال والنساء في الدراسة, وكذلك في العمل.

ولقد ثبت في صحيح البخاري : ( أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه أن الرجال غلبوهنّ على النبي صلى الله عليه وسلم حيث يختلطون به كثيراً, ويأخذون من علمه, وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيهنّ ليعلمهنّ مما علمه الله, فوعدهن النبي صلى الله عليه وسلم موعداً في بيت إحداهنّ, وجاء إليهنّ فعلمهنّ ) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: احضرنّ مع الرجال ليتعلموا ما يتعلمه الرجال, ولكنه صلى الله عليه وسلم وعدهنّ يوماً في مكان متحد, يعلمهنّ مما علمه الله, ولما كان النساء يحضرنّ الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم, وكان لا بد من حضورهنّ المسجد إذا أردن الجماعة, قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( خير صفوف النساء آخرها, وشرها أولها ) كل هذا حثاً منه صلوات الله وسلامه عليه على أن تبتعد المرأة من الرجل, وفيه بيان أن قرب المرأة من الرجل شر؛ لقوله: ( وشرها آخرها ).

فالواجب على المسلمين أن يأخذوا مثل هذا الهدي العظيم الذي به رحمة الخلق وصلاحهم وسعادتهم وفلاحهم؛ كما قال الله تعالى مبيناً الحكمة في إرسال النبي صلى الله عليه وسلم: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] فإذا كانت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين كانت سبباً مقتضياً للرحمة إذا تمسك بها المسلمون, فنصيحتي لهؤلاء الذين جعلوا مدارسهم مختلطة بين الرجال والنساء أن يتوبوا إلى الله عز وجل من ذلك, وأن يميزوا بين مدارس الرجال والنساء, ويفصلوا بينهم, وتكون المدرسة التي تدرس المختلطين خاصة بالنساء, والمدرس الذي يدرس المختلطين خاصاً بالرجال, نسأل الله تعالى أن يمن على المسلمين بما تقتضيه شريعة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم من الآداب والأخلاق والعبادات والمعاملات والعقائد السليمة.

أما الجواب عن سؤاله: فإن الأفضل أن يتعبد الإنسان لله عز وجل بدون نذر, ولكن كأن هذا الرجل الذي كان يحب المصلين ويستمع إلى القرآن كأن هذا الرجل من شدة شفقته وحرصه على أن يتوب إلى الله, ويقوم بما أوجب الله عليه من الصلاة، حمله ذلك الحرص على أن ينذر ويحلف, أنه إذا تخرج من السادسة فإنه يصلي, وإلا فإن الأفضل ألا يحلف الإنسان أو ينذر على فعل الطاعة؛ لقول الله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [النور:53] فنهى الله عز وجل أن يقسم الإنسان على فعل الطاعة, بل يطيع ربه طاعة معروفة بانقياد تام بدون إقسام ولا نذر, هذا وأسال الله لهذا السائل أن يثبته, وأن يزيده من فضله وهدايته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [302] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net