إسلام ويب

وقت إدراك المأموم الركعة وأحوال إدراك الإمام وهو في الركوع

السؤال: عندما يصل الشخص إلى المسجد وقد كبر الإمام للصلاة فيدرك معه الركعة الأخيرة, فهل يكون قد أدرك الجماعة بهذه الركعة أم لا؟ لأنني سمعت أن لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب, فهل عليه أن يعيد الركعة مع الركعات السابقة لها؟

الجواب: هذا الذي أدرك الركوع من الركعة الأخيرة من الصلاة يكون مدركاً للصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة )، لكنه في الواقع ليس كالذي أدرك الصلاة من أولها, فإن كل من كان أكثر إدراكاً كان أفضل بلا شك, لكن فضل الجماعة الذي هو سبع وعشرون درجة حاصل لهذا الذي أدرك الركعة الأخيرة مع الإمام، وإدراك الركوع يحصل به إدراك الركعة, ودليل ذلك ما ثبت في صحيح البخاري أن أبا بكرة رضي الله عنه: (دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع, فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف مخافة أن تفوته الركعة، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته سأل عن الفاعل، فقال أبو بكرة: أنا، فقال له: زادك الله حرصاً ولا تعد )، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء هذه الركعة, ولو كان قضاؤها واجباً لأمره به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أمره بذلك لنقل إلينا، فلما لم ينقل إلينا علم أنه لم يأمره بقضائها، ولما لم يأمره بقضائها علم أن قضاءها ليس بواجب، ولما لم يكن قضاؤها واجب علم أنه قد أدركها، وهذا هو مقتضى النظر أيضاً؛ لأن قراءة الفاتحة إنما تجب حال القيام, وهذا الذي أدرك الإمام راكعاً سقط عنه القيام لوجوب متابعة الإمام، فإذا سقط القيام سقط ما يجب فيه من الذكر وهي الفاتحة، وهذا لا يعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) لأن هذا الثاني عام، وهذا خاص، وعلى هذا فيكون عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) مخصوصاً بمثل هذه الحال، أي: مخصوصاً بحال المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً أو أدركه قائماً لكنه لم يتمكن من قراءة الفاتحة وخاف أن تفوته الركعة، وعلى هذا فنقول للذي أدرك الإمام راكعاً في أخر ركعة: إنك أدركت صلاة الجماعة وأدركت الركعة التي أدركت ركوعها مع الإمام، ولكن هاهنا مسألة تحتاج إلى تفصيل, وهي أن الإنسان إذا أدرك الإمام راكعاً, يجب أن يكبر تكبيرة الإحرام قائماً, ثم يركع, وإذا ركع فلا يخلو من أحوال:

الحال الأولى: أن يعلم أنه أدرك الإمام في الركوع قبل أن يرفع من الركوع, وحينئذ يكون مدركاً للركعة.

الحال الثانية: أن يعلم أن الإمام نهض من الركوع قبل أن يصل هو إلى الركوع, وهذا قد فاتته الركعة.

الحال الثالثة: أن يغلب على ظنه أنه أدرك الإمام في الركوع, فهذا يبني على ظنه ويكون مدركاً للركعة, لكن يسجد للسهو إن فاته شيء من الصلاة, ويكون سجوده بعد السلام, على ما دل عليه حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

الحال الرابعة: أن يغلب على ظنه أنه لم يدرك الإمام راكعاً, وحينئذ يبني على ظنه ولا يعتد بهذه الركعة، وعليه سجود السهو بعد السلام.

الحال الخامسة: أن يكون شاكاً متردداً لم يغلب على ظنه أنه أدرك الإمام في الركوع ولا أن الإمام رفع قبل أن يدركه في الركوع, يكون شاكاً متردداً, لا يرجح هذا ولا هذا, فهنا يلغي الركعة؛ لأن الشاك يبني على اليقين, يلغي الركعة, ويسجد للسهو إذا أتم ما عليه قبل السلام.

فهذه خمس حالات لمن أدرك الإمام راكعاً, نلخصها فيما يأتي: أن يعلم أنه لم يدرك الإمام في الركوع، فتكون الركعة قد فاتته.

أن يعلم أنه أدركه في الركوع فيكون مدركاً للركعة.

أن يغلب على ظنه أنه لم يدرك الإمام، فيلغي هذه الركعة، لكنه يسجد بعد السلام إذا أتى بما عليه.

الرابعة: أن يغلب على ظنه أنه أدرك الإمام، فيبني على ظنه, ولكنه إن كان قد فاته شيء من الصلاة سجد للسهو بعد أن يتم، وإن كان لم يفته شيء فإن الإمام يتحمل عنه.

الحال الخامسة: أن يشك، وفي هذه الحال يلغي الركعة، ويسجد قبل السلام إذا أتى بما عليه.

انتظار الإمام للداخل إلى الصلاة

السؤال: بعض الناس عندما يدخل المسجد والإمام راكع يصدر مثلاً: التنحنح أو يقول: إن الله مع الصابرين هل للإمام أن ينتقد هذا الشخص؟

الجواب: أولاً نقول للداخل: لا تفعل هذا؛ لأن بعض الناس يشوش عليك وهو يصلي, أي: أنه يشوش على المصلي إذا تنحنح أو قال: إن الله مع الصابرين, أو صار يركض ويسعى شديداً, مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسعى الرجل سعياً شديداً, إذا جاء إلى الصلاة، وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ).

لكن بعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: إذا أدرك الإمام راكعاً فلا بأس أن يسرع ما لم تكن سرعة قبيحة, وأما بالنسبة للإمام فإن الفقهاء رحمهم الله يقولون: إنه يسن انتظار الداخل إلا إذا شق على المأموم، فإن شق على المأمومين الذين معه فلا ينتظر؛ لأن الذين معه أعظم حرمة من الداخل الجديد, وربما يستدل لهذا القول: أي: استحباب انتظار الداخل, بما كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يوجز في الصلاة, إذا سمع بكاء الصبي مخافة أن تفتتن أمه, فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أسرع مراعاة لمن معه من النساء اللاتي يصلين, فيدل هذا على أن الإمام لا حرج عليه إذا راعى الداخل, فانتظر في الركوع حتى يصل هذا الداخل إلى الصف ويركع، لا سيما إذا كانت هي الركعة الأخيرة.

أسباب سجود السهو ومواضعه

السؤال: سجود السهو يُشكل على كثير من الأئمة, وبعض السائلين, سواء بعد السلام أو قبل السلام حدثونا عن هذه الحالات مأجورين؟

الجواب: سجود السهو أسبابه ثلاثة: زيادة, ونقص, وشك، فالزيادة يكون السجود لها بعد السلام، والنقص يكون السجود له قبل السلام، والشك إما أن يكون معه غلبة ظن, أو لا يكون، فإن كان معه غلبة ظن أخذ بما يغلب على ظنه وسجد بعد السلام، وإن لم يكن معه غلبة ظن أخذ باليقين وهو الأقل وسجد قبل السلام، إذن سجود السهو يكون بعد السلام في موضعين: في زيادة, وفيما إذا بنى على ظنه، ويكون قبل السلام في موضعين: النقص, وفيما إذا كان عنده شك بلا ظن، ونحن نبين ذلك، فنقول: في الزيادة لو زاد الإنسان ركعة في صلاته بأن صلى الظهر خمساً وتذكر وهو في التشهد, ففي هذه الحال نقول: أكمل التشهد وسلم ثم اسجد للسهو سجدتين وسلم، ولو ركع مرتين فهذه زيادة، فنقول: أتم صلاتك وسلم ثم اسجد سجدتين وسلم، ولو قام إلى ركعة زائدة كما لو قام إلى الخامسة في الرباعية ثم ذكر بعد قيامه ولو بعد قراءة الفاتحة بل ولو بعد الركوع فإنه يرجع ويجلس ويتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام ويسلم.

ودليل ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم: (صلى بهم الظهر خمساً, فلما انصرف قيل له: أزيدت الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم إلى القبلة وثنى رجليه وسجد سجدتين ثم سلم )، وهذا سجود بعد السلام؛ لأنه زاد ودليل آخر في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (صلى بهم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر وسلم من ركعتين ثم ذكروه فأتم صلاته وسلم ثم سجد سجدتين بعد السلام ). لكن حديث أبي هريرة الزيادة فيه قولية وحديث ابن مسعود الزيادة فيه فعلية، وأما النقص فيكون قبل السلام, وهذا إنما يكون في الواجبات أي فيما إذا نقص الإنسان الواجب مثل: أن ينسى أن يقول في الركوع: سبحان ربي العظيم أو أن ينسى أن يقول في السجود: سبحان ربي الأعلى فهنا يسجد للسهو قبل السلام، ودليل ذلك حديث عبد الله بن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (صلى بهم فقام من ركعتين ولم يجلس -يعني: لم يجلس في التشهد الأول- فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه سجد سجدتين ثم سلم ). وهذا يدل على أنه إذا ترك واجباً من الواجبات فإنه يسجد قبل السلام؛ لأن ترك الواجب نقص، والحكمة في ذلك -أي: في أن سجود السهو يكون بعد السلام في الزيادة ويكون قبل السلام في النقص- أنه لو سجد للسهو قبل السلام في الزيادة لاجتمع في الصلاة زيادتان، وفي النقص لو ترك السجود إلى ما بعد السلام لكان في الصلاة نقصان نقص ما ترك ونقص السجود الواجب جبراً لهذا النقص ولأجل أن لا يفرغ من صلاته إلا وقد جبر النقص فيكون السجود قبل السلام، هذا في الزيادة وفي النقص، وأما الشك فقد قلنا: إنه إذا كان فيه ظن بنى على ظنه وسجد بعد السلام، وإن لم يكن فيه ظن بل كان متردداً بين هذا وهذا, فإنه يبني على الأقل؛ لأنه يقين ويسجد قبل السلام، مثال ذلك: لو شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً وغلب على ظنه أنها ثلاث, فليأت بالرابعة ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو ويسلم، أو شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فغلب على ظنه أنها أربع فقد تمت صلاته ويتشهد ويسلم ويسجد للسهو بعد السلام, ودليل ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ثم ليبن عليه وليسجد سجدتين بعدما يسلم ). هذا هو الحديث أو معناه، أما إذا تردد ولم يغلب على ظنه لا هذا ولا هذا, فإنه يبني على الأقل وهو اليقين, ويسجد للسهو قبل أن يسلم، مثال ذلك: إذا شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً ولم يترجح عنده أنه صلى ثلاثاً ولا أنه صلى أربعاً فإنه يجعلها ثلاثاً؛ لأنه متيقن ويأتي بالرابعة ويسجد للسهو قبل أن يسلم, ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يأتي بسجدتين قبل أن يسلم ). هذا لفظ الحديث أو معناه.

أحوال الحنث في اليمين والتتابع في صوم كفارته

السؤال: عندما يحلف الشخص على فعل الشيء, ثم يرى أن ذلك الشيء غير نافع, فهل يتركه ويصوم ثلاثة أيام؟ وهل عندما يصوم تكون هذه الأيام الثلاثة متوالية أم في كل أسبوع مثلاً؟

الجواب: إذا حلف الإنسان على شيء, فإنه قد يجب عليه الحنث, وقد يحرم عليه الحنث, وقد يترجح الحنث، وقد يترجح عدمه, فإذا حلف أن يفعل محرماً, فإنه لا يحل له أن يفعله؛ لأن اليمين لا تبيح الحرام, وفي هذه الحال يجب عليه الحنث، وإذا حلف ألا يصلي مع الجماعة وهو ممن تجب عليه الجماعة فإن الجماعة لا تسقط عنه بيمينه, بل يجب عليه أن يصلي وهذا هو الحنث, إذن يجب الحنث, وهو مخالفة ما حلف عليه إذا كانت اليمين تتضمن إسقاط واجب أو فعل محرم، وتارة يترجح الحنث، مثل: أن يحلف على ترك سنة, فيقول: والله لا أصلي راتبة الظهر, فإننا نقول له: صل؛ لأن اليمين لا تسقط استحباب ما كان مستحباً، وقد يترجح عدم الحنث, يعني: يترجح أن يبقى الإنسان على يمينه, وذلك هو الأصل، الأصل أن يطلب من الإنسان أن يحفظ يمينه ولا يحنث, لاسيما إذا حلف على شيء تركه خير, فإن الأفضل أن يتركه, من هذه الضوابط يمكن أن يتبين للسائل جواب سؤاله: ولكن مع ذلك نوضحه, فنقول: إذا حلف على شيء فرأى أنه ليس فيه فائدة وأن تركه خير, فالأفضل أن يحنث في يمينه، وفي هذه الحال يكفر, ولكن كفارة اليمين ليست كما قال السائل: أن يصوم ثلاثة أيام، بل كفارة اليمين أربعة أشياء, ثلاثة مخير فيها, والرابعة على الترتيب, الثلاثة المخير فيها, الإطعام, والكسوة, والعتق, والرابعة الصيام إذا لم يجد هذه الثلاثة، ولنستمع إلى قوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89]. هذه ثلاثة مخير فيها: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]. ولكن كيف نطعم المساكين؟ لنا في إطعامهم طريقان: الطريق الأول: أن نصنع غذاء أو عشاء وندعو عشرة فقراء يتغدون أو يتعشون، والطريق الثاني: أن نعطيهم طعاماً غير مطبوخ, ومقداره ربع صاع بالصاع النبوي من الرز أو من البر، وربع الصاع النبوي بالنسبة لأصواعنا المعروفة هنا, خُمس صاع يعني: أن الصاع يكون لخمسة فقراء, وهو أي: خمس الصاع الموجود حالياً عندنا أو ربع صاع نبوي يقارب كيلو من الأرز, فيوزع على الفقراء هذا القدر من الأرز, ويحسن أن يجعل معه ما يؤدمه من لحم أو غيره, ولا فرق بين أن يكون هؤلاء الفقراء العشرة في بيت واحد أو في بيوت متفرقة.

مداخلة: مثلاً إذا كانوا عائلة.

الشيخ: فإذا كانوا عائلة مثلاً: عشرة, أعطاهم الكفارة كلها وأجزأ، أما إذا لم يجد فقراء, أو لم يجد ما يطعمهم, أو يكسوهم, ولم يجد رقبة إما لعدم قدرته على ثمنها, أو لعدم وجود الرقيق, ففي هذه الحال يصوم ثلاثة أيام, وتكون متتابعة لا يفرق بينها إلا لعذر شرعي، ودليل ذلك قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال الله تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89]، فإنه كان يقرأها (فصيام ثلاثة أيام متتابعة).



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [397] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net