إسلام ويب

صرف الزكاة في المعاهد الدينية والمدارس

السؤال: هل التبرع لبناء المساجد أو ترميمها وكذلك المعاهد الدينية أو المدارس تعتبر من مخارج الزكاة؟

الجواب: التبرع لجهات البر العامة كبناء المساجد والمدارس والمعاهد وإصلاح الطرق والأربطة لطلبة العلم وما أشبه ذلك ليس داخلاً في قسم الزكاة، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى فرض الزكاة لأصناف ثمانية معينة، وحصر هذه الفريضة فيها، فقال عز وجل: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]، فتأمل قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ [التوبة:60] فإن هذه الجملة تفيد الحصر، والحصر كما قال أهل العلم: إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه، وعلى هذا فالزكاة محصورة في هذه الأصناف الثمانية منتفية عمن سواها، ثم تأمل قوله: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ [التوبة:60] حيث جعل الله تعالى هذه المصارف فريضة يجب أن تكون الزكاة فيها لا في ما سواها، ثم تأمل قوله: وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60] يتبين لك أن هذا الفرض صادر عن علم وحكمة من أعلم العالمين وأحكم الحاكمين عز وجل.

مداخلة: وبهذا نعرف أنه لا يحوز أن تصرف الزكاة في غير هذه المصارف الثمانية، فإن قال قائل في سبيل الله، ألا يشمل كل ما يتقرب به إلى الله؟

الشيخ: لا! لأننا لو جعلناه شاملاً لكل ما يتقرب به إلى الله لم يكن للحصر فائدة، وكل ما في القرآن فلا بد أن يكون مشتملاً على فائدة؛ لأن الله سبحانه وتعالى لن يقول القول اللغو الباطل، وهو سبحانه وتعالى أنزل هذا القرآن بلسان عربي مبين، واللغة العربية تقتضي أن مثل هذا الأسلوب حاصر لا يتعدى الحكم فيه إلى غير ما جرى فيه هذا الأسلوب.

وعلى هذا فإن في الآية ما يدل على منع القول بأن قوله: (في سبيل الله) عام في جميع المصالح من بناء المساجد والمدارس والربط وغيرها، ثم إننا نقول: لو جعلنا هذه المصارف الخيرية التي لم تذكر في الآية الكريمة مصرفاً للزكاة لانقطع الناس عن عمل البر الذي يتطوعون به إلى الله؛ لأن النفوس مطبوعة على الشح، فإذا فتح لها باب صرف الزكاة إلى هذه الجهات صارت لا تتبرع لهذه الجهات إلا بما هو واجب.

زكاة الماشية المعلوفة

السؤال: الماشية التي يقوم صاحبها بعلفها هل عليها زكاة إن كثرت أو قلت؟

الجواب: الماشية التي يعلفها صاحبها إما أن تكون للتجارة وإما أن تكون للتنمية، فإن كانت للتجارة ففيها زكاة وإن كانت تعلف، والتي للتجارة هي التي يشتريها صاحبها للتكسب بها، يشتريها في أول النهار ويبيعها في آخر النهار إذا حصل له فيها ربح، فتكون هذه الماشية عنده بمنزلة القماش عند التاجر، وبمنزلة الذهب عند تاجر الذهب، وبمنزلة العقارات عند تجار العقارات، لا يريد منها البقاء، يريد منها الربح، فمتى حصل الربح أخرجها من ملكه، فهذه فيها زكاة على كل حال قلت أم كثرت، حتى لو لم يكن عنده إلا بعير واحده يبلغ النصاب، أي: النصاب من الفضة فإنه يلزمه أن يزكيها، فمثلاً: إذا كان عنده ناقة واحدة تساوي خمسمائة ريال وجب عليه أن يزكيها، أما إذا كانت الماشية التي عنده لا يريدها للتجارة وإنما يريدها للتنمية واستغلالها باللبن والأولاد فإن هذه لا زكاة فيها ما دام يعلفها أكثر السنة أو كل السنة؛ لأن الأحاديث الواردة في الماشية تقيد هذا بالسائمة، والسائمة: هي التي ترعى الحول كله أو أكثره، فأما التي تعلف الحول كله أو أكثره فإنه ليس فيها زكاة ما لم تكن للتجارة.

صوم الإثنين والخميس بنية واحدة

السؤال: هل يجوز للمسلم أن ينوي الصيام بنية واحدة، أعني بصيام التطوع يومي الإثنين والخميس حسب الاستطاعة، أي: بدون أن يكرر نية الصيام؟

الجواب: من المعلوم أن النية لا تحتاج إلى تعب ومشقة ولا إلى كلفة، فالإنسان إذا قام في آخر الليل وأكل فإنه لم يقم في آخره ويأكل إلا بنية الصيام، فإذا قام ليلة الإثنين في آخر الليل وأكل وشرب وأمسك فهذا هو الصيام.

والأعمال لا تحتاج إلى عناء في إثبات النية؛ لأن كل إنسان عاقل مختار يفعل فعلاً فلابد أن تكون النية سابقة للفعل؛ لأن النية هي الإرادة، فمتى أراد الفعل فقد نواه، ولا يمكن عملٌ إلا بإرادة إلا من إنسان غير عاقل أو من إنسان مكره.

وبناء على ذلك نقول: إن الصوم يحصل إذا قام الإنسان من آخر الليل فأكل أو شرب ثم أمسك، ولا يحتاج إلى نية، لكن أحياناً يكون الإنسان قد نوى ونام وهو على نيته ولكنه لم يقم إلا بعد أذان الفجر، فهل يستمر في صومه؟ نقول: نعم يستمر؛ لأنه نام على نية ولم يوجد ما ينقض هذه النية، والأصل بقاء ما كان على ما كان، أحياناً تكون من عادته أن يصوم يومي الإثنين والخميس وينسى، حتى عند النوم ينسى أن غداً الإثنين وينام ولا يقوم إلا بعد طلوع الفجر، ثم يذكر أن هذا اليوم يوم الإثنين، فهل ينوي الصوم ويستمر، أو نقول: إنه لما طلع الفجر بدون نية فإنه لا يصوم؟

والجواب أن نقول: يصوم؛ لأنه ما دامت هذه عادته ونسي نسياناً فإنه متى ذكر ولو في أثناء النهار فليستمر في صومه، لكن لو فرض أنه أكل قبل أن ينوي فإن النية لا تنفعه حينئذ؛ لأنه فعل ما ينافي الصوم في أول النهار.

حكم السحور

السؤال: هل طعام السحور من الشروط أو الواجبات لصيام التطوع؟ وإن صام رجل ونسي أنه تسحر وهو قادر على إتمام الصيام هل يتم صومه؟

الجواب: أكل السُحور بالضم؛ لأن السحور بالفتح اسم لما يتسحر به وهو الطعام، والسحور بالضم اسم للفعل، كما نقول: الطهور اسم لما يتطهر به وهو الماء أو التراب، والطُهور بالضم هو فعل الطهارة.

وعلى كل حال نقول: إن أكل السحور للصوم ليس بواجب، لا في الفريضة ولا في النافلة لكنه أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تسحروا فإن في السحور بركة ).

ولكن لو لم يتسحر ونوى في أثناء النهار أنه صائم وهو نفل فلا حرج عليه في ذلك، ولكن لا يحصل الثواب له إلا من النية فقط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ).

معنى حديث: (من مس الحصى فقد لغى..)

السؤال: جاء في حديث نسب إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مس الحصى فقد لغى، ومن لغى فلا جمعة له )، ما المقصود بالمس في هذا الحديث؟ وهل الذي يمشي على الحصى بدون حذاء ينتقض وضوءه؟ وما هو أنواع اللغو؟

الجواب: أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: (من مس الحصى فقد لغى )، يعني في ذلك: مس الحصى والإمام يخطب يوم الجمعة، والمراد بالحصى الحصباء التي فرشت على المسجد؛ لأن مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام كان قد فرش بالحصباء، فإذا مس هذا الحصى الذي هو الحصباء عبثاً فقد لغى؛ لأن هذا العبث يلهيه عن استماع الخطبة، واستماع الخطبة واجب، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت والإمام يخطب فقد لغوت )، فكل ما يشغل عن استماع الخطبة يوم الجمعة فإنه لغو.

ولكن ما المراد باللغو؟ المراد باللغو ما لا فائدة فيه ولكن هذا في الأصل، ولكن المراد باللغو في الحديث: من حُرِم أجر الجمعة، وذلك لأن صلاة الجمعة أفضل من غيرها وأعظم أجراً، فإذا لغى الإنسان بالكلام والإمام يخطب أو يمس الحصى والإمام يخطب فَقَدَ ثواب الجمعة التي تزيد به على غيرها.

وأما قول السائل: هل الإنسان إذا مشى على الحصى حافياً ينتقض وضوءه؟

فجوابه: لا ينتقض وضوءه، ولا علاقة للوضوء بالمشي حافياً على الحصى، بل حتى من لغى والإمام يخطب بكلام أو غيره فإنه لا ينتقض وضوءه بل وضوءه باق، لكن كما قلت: يُحْرَم ثواب الجمعة الذي اختصت به من بين سائر الصلوات.

صلاة المفترض خلف المتنفل الذي لا يريد الجماعة

السؤال: بعد أدائي لصلاة الفريضة، وقفت لأداء السنة ووقف معي رجل ومنعته، لكنه استمر في أداء الصلاة معي ثم سلمت، وبعدها أكمل الرجل صلاته، وبعد الانتهاء من الصلاة أخبرته بأنني أصلي سنة، فقال لي: أنت لك سنة وأنا لي فريضة. فهل صلاته صحيحة؟

الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أن الإنسان إذا جاء وأخوه يصلي، ثم دَفَعَهُ المصلي مشيراً بذلك إلى أنه لا يريد أن يصلي معه، فإنه لا يجوز لهذا الداخل أن يصلي مع هذا الذي دفعه؛ لأن هذا الذي دفعه يريد بدفعه أن لا يجعله إماماً له، أي: ألا يجعل الداخل هذا المصلي إماماً له، وهذا يستلزم أنه لم ينو الإمامة، وقد ذهب أكثر أهل العلم أنه إذا لم ينو الإمام الإمامة فإن الصلاة لا تصح، لأن الجماعة مكونة من إمام ومأموم، ولابد للإمام والمأموم أن ينوي كل واحد منهما حاله، فإذا لم ينو الإمام حاله وهو أنه إمام فإن الجماعة لا تصح والصلاة أيضاً لا تصح، وبناء على هذا فإذا دخلتَ المسجد ووجدت من يصلي ولكنه دفعك لئلا تصلي معه فلا تصل معه، وأنت إذا كنت قد تخلفت عن الجماعة حتى فاتتك لعذر فلا إثم عليك، وأما إذا أذن بهذا وارتاح لدخولك معه وصليت معه فإن الصلاة صحيحة، سواء كان يصلي فريضة أم نافلة؛ لأن القول الراجح أن صلاة المفترض خلف المتنفل جائزة، ودليل ذلك: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة فتكون له نافلة ولهم فريضة، والقول الراجح أيضاً: أنه لا بأس أن ينوي المنفرد الإتمام أو الإمامة ولو في أثناء الصلاة، ودليل ذلك: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات ليلة وهو عند ميمونة وكان ابن عباس رضي الله عنهما حاضراً، يريد أن يعرف كيف كانت صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الليل، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قام يصلي وابن عباس نائماً، فقام ابن عباس رضي الله عنهما فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه وقف عن يساره، فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه وجعله عن يمينه )، والشاهد من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره على دخوله معه في أثناء الصلاة.

إذاً: إذا دخلت وقد فاتتك الجماعة ورأيت من يصلي وأردت أن تصلي معه مأموماً ولم يمنعك فلا حرج عليك، صل معه فإذا سلم وقد بقي عليك شيء من صلاتك فأتمها.

تقبيل الصائم زوجته في نهار رمضان

السؤال: هل يجوز تقبيل الزوج لزوجته في نهار رمضان؟

الجواب: يجوز للزوج أن يقبل زوجته في نهار رمضان؛ لأن ذلك ثبت من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم واستفتاه عمر بن أبي سلمة في ذلك، فقال: (سل هذه، يعني: أم سلمة، فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا، فقال له عمر بن أبي سلمة إنك قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فبين النبي عليه الصلاة والسلام، أنه أعلمهم بالله وأتقاهم لله وأخشاهم له، يعني فإذا فعله فمن دونه من باب أولى )، وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يقبل زوجته وهو صائم في رمضان وفي غيره، لكن إن خشي أن يفسد صومه بأن يكون الرجل قوي الشهوة سريع الإنزال فلا يعرض صومه للخطر، أما إذا كان مالكاً لنفسه ويعرف أنه ليس بذاك الرجل السريع في إنزاله فلا حرج عليه أن يقبل.

رؤية الموتى بعضهم بعضاً

السؤال: هل الموتى يرون بعضهم بعد الوفاة؟

الجواب: والله لا أدرى عن هذا، لا أدرى عن هذا شيئاً.

عذاب القبر لمن مات يوم الجمعة أو في رمضان

السؤال: ما مدى صحة ما يقال بأن من يموت في رمضان أو يوم الجمعة لا يعذب عذاب القبر؟

الجواب: عذاب القبر ثابت لكل من يستحقه، سواء مات في يوم الجمعة أو في رمضان أو في أي وقت آخر، ولهذا المسلمون يقولون في كل صلاة من صلواتهم في التشهد الأخير: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، إلا أن من مات مجاهداً في سبيل الله فإنه لا يأتيه الملكان اللذان يسألانه عن دينه وربه ونبيه؛ لأن بارقة السيوف على رأسه أكبر امتحان له واختبار وأكبر دليل على أنه مؤمن، وإلا لما عرض رقبته لأعداء الله.

التكفين في الثياب البيض

السؤال: ما الحكمة من تكفين الميت بالأبيض قبل الدفن؟

الجواب: تكفين الميت واجب وفرض كفاية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي وقصته راحلته وهو واقف بعرفة: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه ).

ولا يجب أن يكون الكفن أبيض، لكن السنة أن يكون أبيض، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كُفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية، وهذا هو السنة المعروفة من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، بل قد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: (أنه أمر بالتكفين في الثياب البيض، وقال: إنها من خير ثيابنا ).

حكم القراءة في كتب الصوفية

السؤال: عندنا الكثير من كتب التصوف، فما رأي الشرع في نظركم في هذه الكتب وفي التصوف؟

الجواب: نظري في التصوف أنه كغيره مما ابتدع في الإسلام ومما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، حيث قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة )، فالتصوف المخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم بدعة وضلالة، يجب على المسلم أن يبتعد عنها، وأن يأخذ طريق سيره إلى الله من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وأما كتب الصوفية فإنه لا يجوز اقتناؤها ولا مراجعتها، إلا لشخص يريد أن يعرف ما فيها من البدع من أجل أن يرد عليها، فيكون في نظره إليها فائدة عظيمة، وهي معالجة هذه البدعة حتى يسلم الناس منها، ومن المعلوم أن النظر في كتب الصوفية وغيرها من البدع من أجل أن يعرف الإنسان ما عندهم حتى يرد عليهم أمر مرغوب فيه إذا أمن الإنسان على نفسه من أن ينحرف من هذه الكتب.

الهدي النبوي فيمن رأى في المنام ما يكره

السؤال: هل أحلام الموت ورؤية الأموات تدل على أن الشخص سوف يموت؟ وماذا يفعل الشخص كي تذهب عنه هذه الأحلام؟

الجواب: هذه الأحلام التي يراها الإنسان في منامه مما يروعه ويحزنه من الشيطان، لأن الشيطان حريص على إدخال الحزن والترويع على كل مسلم، قال الله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [المجادلة:10]، وهكذا الأحلام الرديئة التي تحزن المرء وتروعه إنما هي من الشيطان، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام: (من رأى ما يكره أن يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، ثم ينام على الجنب الآخر، ولا يحدث أحداً بما رأى )، فإذا رأيت ما تكره من الموت أو غير الموت، فاعمل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، اتفل على يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، وعد إذا أردت أن تنام ونم على الجنب الثاني، وإذا قمت فلا تحدث أحداً بما رأيت، فإن ذلك لا يضرك.

وعلى هذا فإذا رأى الإنسان في المنام ما يكره من أمر الموت فإن هذا ليس دليلاً على أنه سيموت قريباً، بل هذا من الشيطان من أجل إدخال الحزن عليه والخوف، فليستعذ بالله منه ولا يحدث به أحداً فإنه لا يضره.

تحذير المسرفين من القنوط

السؤال: شاب متزوج له طفلان، يصلي ويصوم ويعرف الله حق المعرفة، لكن الشيطان وأعوذ بالله منه جعله يرتكب بعض الكبائر وذلك قبل الزواج، رغم أنه كان يقوم بالصلاة والصيام، يقول: ولكن بعد الزواج ابتعدت عن ارتكاب هذه الذنوب وهذه الخطايا، وتبت إلى الله توبة نصوحاً، وأصبحت أخاف الله عز وجل وأؤدي الواجبات وأبتعد عن المحرمات، ولكن أجلس وأحاسب نفسي على ما فعلت من الكبائر والذنوب السابقة وأراها عظيمة وكبيرة جداً مما جعل حياتي بين خوف وعدم استقرار.

فماذا أفعل لكي أشعر بأن الله عز وجل سوف يرضى عني، علماً بأنني بين الرجاء من الله عز وجل وبين الخوف من عقابه؟

الجواب: نرشدك إلى أن تقرأ قول الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68]، وهذه المعاصي الثلاث أكبر المعاصي في جنسها، فالشرك بالله أعظم المعاصي في حقوق الله، قتل النفس أعظم المعاصي في إتلاف النفوس، الزنا أعظم المعاصي في هتك الأعراض. وهذه الثلاثة قال الله تعالى فيها: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].

وحسب ما سمعنا من سؤال السائل أنه تاب إلى الله وآمن وعمل عملاً صالحاً واستقام على دين الله وحصل له الندم الشديد على ما مضى من أفعاله، وهذا هو حقيقة التوبة والعمل الصالح، فعلى هذا فأبشره بأن الله تعالى يبدل سيئاته حسنات، ويغفر له ما اقترف من الإثم، ولا يقنط من رحمة الله كما قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، وأقول له: اطمئن واستقر وانشرح صدراً بما حصل لك، فإني أرجو أن يكون ذلك عنوان سعادتك.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [404] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net