إسلام ويب

استفسار عن حادي الأرواح والروح والعقد الفريد والفقه على المذاهب الأربعة

السؤال: يستفسر عن مجموعة من الكتب يقول: حادي الأرواح، الروح لـابن القيم ، ما رأيكم في الكتب التالية: العقد الفريد لـابن عبد ربه الأندلسي ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة؟

الجواب: أما الكتابان الأولان -حادي الأرواح والروح لـابن القيم رحمه الله- فهما كتابان نافعان فيهما خير كثير، وإن كانا لا يخلوان من الشيء الذي يكون سبباً للتردد في صحته، لكنهما بلا شك مفيدان عظيمان.

وأما العقد الفريد لـابن عبد ربه والثاني الفقه على المذاهب الأربعة فالأول لا أدري عنه ولم أطلع عليه، وأما الثاني فالذي أُشير به على إخواني إذا كانوا يحبون الاطلاع على أقوال العلماء ولديهم قدرة على معرفة الراجح من المرجوح أن لا يراجع إلا الكتب التي تذكر الأقوال وأدلتها؛ حتى يكونوا على بينة من أمرهم، مثل: المغني لـابن قدامة ، والمجموع شرح المهذب للنووي رحمه الله وما أشبههما من الكتب التي إذا ذكرت أقوال العلماء ذكرت الأدلة وبينت الراجح، أما مجرد أقوال -هذا مذهب فلان وهذا مذهب فلان- فهو قليل الفائدة بلا شك، يعني: أن الفائدة منه هو أن يطلع الإنسان على الأقوال فقط دون أن يعرف الراجح من المرجوح، فاشتغاله بما هو أحسن أولى وأحرى.

وقت ابتداء زكاة أرض كان في نيته أن يتاجر بها فلم يتاجر بها إلا بعد وقت طويل

السؤال: اشترى رجل أرضاً، وفي نيته أن يقدمها إلى الصندوق العقاري ثم يقوم ببيعها مرة ثانية، ولكن مضت مدة طويلة لم يفعل شيئاً، فمتى يبدأ بإخراج الزكاة: من أول ما اشتراها أم إذا بدأ بعرضها في السوق؟

الجواب: إذا كان إنما اشتراها للتجارة فإنه تبتدئ زكاتها مع ماله؛ لأن عروض التجارة يعتبر قيمتها، فمثلاً: إذا كان عند الإنسان مائة ألف نقداً، وفي أثناء السنة اشترى أرضاً للتجارة بخمسين ألفاً، فإنه إذا تمت السنة -سنة مائة الألف- وجب عليه أن يخرج الزكاة حتى وإن كانت هذه الأرض لم يملكها إلا في أثناء الحول؛ لأن عروض التجارة مبنية على أصلها، وهي القيمة.

فنقول لهذا الأخ السائل: إذا كنت من حين اشتريتها قد نويتها عروض تجارة فزكها مع مالك سواءً بنيتها أم لم تبنيها، أما إذا كنت لم تنوِ التجارة بها وإنما نويت استثمارها إذا بنيتها من صندوق التنمية العقارية فهذه ليس فيها زكاة؛ لأن ما يراد استثماره من العقار فالزكاة في أجرته فقط.

طرق توثيق الدين

السؤال: إذا باع الرجل سلعة إلى أجل، فما هي الطريقة الشرعية لتوثيق الدين؟

الجواب: الطرق ثلاث:

الأول: الرهن، بأن يقول للمشتري: أعطني رهناً فيعطيه رهناً: إما نفس السلعة التي باعها عليه، وإما عقاراً، وإما سيارة، المهم أن يأخذ به رهناً، فهذه توثقة، إذا حل الدين ولم يوفي فللدائن أن يبيع الرهن ويستوفي حقه منه.

الطريق الثاني: الضمان، ضمان المدين بأن يأتي برجل ثقة غني وفيّ ويقول: هذا الرجل يضمنني بدين، فإذا حل الأجل -أجل الدين- فإن لصاحب الحق -وهو الدائن- أن يطالب الضامن بما ضمنه له.

الطريق الثالث: الكفالة، وهي: أن يكفل شخص المدين بإحضاره إلى الدائن حين حلول أجل الدين. والفرق بين الضمان والكفالة: أن الضمان ضمان الدين، وأما الكفالة فهي ضمان إحضار المكفول، فإذا أحضر الكافل المكفول برأ منه.

شرب المحرمين قهوة فيها زعفران جهلاً

السؤال: كنا محرمين، وفي طريقنا إلى مكة شربنا الشاي والقهوة وكان في القهوة زعفران، فهل يلزمنا شيء؟

الجواب: إذا كان ذلك عن جهل منهم فإنه لا يلزمهم شيء، وإذا كان عندهم شك فيه هل هذا زعفران أو لا فلا يلزمهم شيء، وإن تيقنوا أنه زعفران وقد علموا أن المحرم لا يجوز أن يشرب القهوة التي فيها الزعفران فإنه إن كانت الرائحة موجودة فقد أساؤوا، وإن كانت غير موجودة وليس فيه إلا مجرد لون فلا حرج عليهم في هذا.

ثم إنني بهذه المناسبة أود أن يعلم إخواننا المستمعون: أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه، لا إثم ولا فدية ولا جزاء، فلو أن أحداً قتل صيداً في الحرم أو بعد إحرامه وهو لا يدري أنه حرام أو يدري أن قتل الصيد حرام لكن لا يدري أن هذا الصيد مما يحرم صيده فإنه لا شيء عليه.

كذلك: لو أن رجلاً جامع زوجته قبل التحلل الأول يظن أنه لا بأس به فلا شيء عليه، وهذا ربما يقع في ليلة مزدلفة بعد الانصراف من عرفة، فإن بعض العوام يظنون أن معنى الحديث: ( الحج عرفة ). أنه إذا وقف الإنسان بعرفة فقد انتهى حجه وجاز له أن يمارس محظورات الإحرام، فيجامع زوجته ليلة مزدلفة ظناً منه بأن الحج انتهى؛ فهذا ليس عليه شيء لا فدية ولا قضاء.

ودليل هذا قوله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا أن نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله تعالى: قد فعلت. وقوله تبارك وتعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، وقوله تبارك وتعالى في الصيد: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95]، وفي الصيام قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه ).

وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: ( أفطرنا في يوم غيم -يعني: في رمضان- ثم طلعت الشمس ). ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالقضاء؛ لأنهم كانوا جاهلين، وفي الصلاة تكلم معاوية بن الحكم رضي الله عنه جاهلاً أن الكلام يبطل الصلاة، فلما انصرف من صلاته جاءه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التكبير وقراءة القرآن ). أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولم يأمره بالإعادة.

فهذه القاعدة العامة التي مَنَّ الله بها على عبادة تشمل كل المحرمات، كل المحرمات إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فليس عليه إثم، وليس فيها فدية ولا كفارة.

حقيقة وجود دعاء لمن ركبته الديون

السؤال: هل هناك دعاء معين مأثور لمن ركبته الديون حتى تقضى عنه؟

الجواب: لا أعلم في ذلك حديثاً خاصاً، لكن الإنسان يدعو الله عز وجل فيقول: اللهم اقض عني الدين، وأغنني من الفقر، ويلح على ربه سبحانه وتعالى، فإن الله يحب الملحين في الدعاء.

من مات وهو مدين معسر

السؤال: إذا مات المدين وهو لم يستطع سداد ما عليه من دين لأنه معسر هل يأثم؟

الجواب: هذا ينبني على استدانته: إن كان أخذ أموال الناس يريد أداءها فإنه لا يأثم ويؤدي الله عنه، وإن كان أخذها يريد إتلافها فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ).

ولذلك يجب على الإنسان إذا استدان شيئاً أن ينوي الوفاء والأداء حتى ييسر الله له الأمر، حتى لو اشترى سلعة بثمن لم ينقده للبائع فإنه ينوي الأداء حتى ييسر الله له ذلك.

المصالح والمنافع التي تترتب على الدروس والمواعظ في المسجد

السؤال: ما هي رسالة المسجد في المجتمع؟ حدثونا عن ذلك مأجورين.

الجواب: المسجد ليس له رسالة، المسجد جماد لا يرسل، لكن لو قال: ما هي المصالح والمنافع التي تترتب على الدروس في المساجد وعلى الدروس والمواعظ بعد الصلوات وما أشبه ذلك لكان خيراً، أما رسالة المسجد فلم أسمع بها إلا أخيراً، والذي ينبغي لنا أن نتتبع ألفاظ السلف الصالح ما استطعنا.

فأقول: لا شك أن المسجد موضع الذكر والقراءة والصلاة، وأن الناس ينتفع بعضهم ببعض في الحضور إلى المسجد من التآلف والمحبة ومعرفة أحوال إخوانهم في هذا الحي؛ ولهذا كان الموفق هو الذي إذا فقد أخاه في الصلوات سأل عنه: أين فلان؟ قد يكون مريضاً يحتاج إلى عيادة، وقد يكون معسراً مختبئاً عن أهل الدين فيحتاج إلى مساعدة… وما أشبه ذلك.

والذي ينبغي لإمام المسجد أو غيره ممن يتكلم في موعظة الناس أن لا يملهم بالطول -أي: بطول الحديث-، أو بالتكرار، مثل أن يعظهم كلما انتهت الصلاة، فإن هذا يملهم ويسأمون من المواعظ، بل يتحين الفرص، فإن كانت الكلمة مجرد وعظ فلتكن حين توجد المناسبة، وإن كانت الكلمة دراسة علم يقرأ كتاب ثم يشرح ويبين للناس معناه فهذه تكون في إحدى الصلوات الخمس ويختار الصلاة المناسبة للناس.

التنفل المطلق في أوقات النهي في المسجد الحرام

السؤال: هل في المسجد الحرام أوقات للنهي أو كل الأوقات تجوز الصلاة فيها تطوعاً؟

الجواب: المسجد الحرام كغيره من المساجد، ومكة كغيرها من البلاد، أوقات النهي التي في البلاد الأخرى هي أوقات النهي التي في مكة ولا فرق، فكما أن الصلاة صلاة النافلة التي ليس لها سبب لا تجوز في أوقات النهي فكذلك لا تجوز في مكة ولا في المسجد الحرام، وأما التي لها سبب -كتحية المسجد وركعتي الطواف وما أشبههما- فهذا لا نهي عنه لا في مكة ولا في غيرها.

جهر المرأة في قراءتها في الصلاة الجهرية

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تجهر بالقراءة في الصلوات الجهرية إن كانت منفردة وفي غرفة لوحدها لا أحد يسمعها؟

الجواب: ينظر أيهما أنشط وأخشع لها: أن تسر بالقراءة أو تجهر؟ فإن كان الأخشع لها أن تسر أسرت، وإن كان الأنشط لها أن تجهر جهرت، هذا إذا لم يكن حولها من يسمعها من غير محارمها من الرجال، وإلا فإنها تسر في قراءتها؛ لأنه لا ينبغي للمرأة أن تجهر بصوتها عند الرجال؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال، ولتصفق النساء ).

مدى صحة أن من حفظ القرآن حرمه الله على النار

السؤال: هل صحيح بأن من حفظ القرآن كاملاً حرمه الله على النار؟

الجواب: لا أعلم هذا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن حفظ القرآن كاملاً أو حفظ بعضه فإن القرآن إما حجة له أو حجة عليه، وليس كل من حفظ القرآن يكون القرآن حجة له؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( القرآن حجة لك أو عليك ). فإن عمل به الإنسان مصدقاً بأخباره، ممتثلاً لأحكامه صار القرآن حجة له، وإن تولى وأعرض كان القرآن حجة عليه، قال الله تعالى: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فإن لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قال رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قال كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه:123-127].

ولكن مع ذلك أحث إخواني المسلمين من ذكور وإناث أن يحفظوا كتاب الله؛ لأن كتاب الله تبارك وتعالى ذخر وغنيمة، وإذا حفظه الإنسان استطاع أن يقرأه في كل وقت وفي كل مكان إلا في الأوقات والأماكن التي ينهى عن القراءة فيها، فيقرؤه وهو على فراشه، يقرؤه وهو يسير في سوقه إلى المسجد أو إلى المدرسة أو إلى حلق الذكر أو إلى البيع والشراء.

ثم إن القرآن الكريم ليس كغيره، القرآن الكريم في كل حرف منه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.

ثم إن القرآن الكريم كلما تدبره الإنسان ازداد محبة لله تعالى وتعظيماً له، وصار القرآن كأنه سليقة له، يسر بتلاوته، ويحزن بفقده.

فنصيحتي لإخواني المسلمين عموماً أن يحرصوا على حفظ القرآن، ولا سيما الصغار منهم؛ لأن حفظ الصغير له فائدتان:

الفائدة الأولى: أن الصغير أسرع حفظاً من الكبير.

والثانية: أن الصغير أبطأ نسياناً من الكبير.

فهاتان فائدتان الأولى والثانية، نسأل الله أن يجعلنا ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته.

الطريقة المثلى لمن أراد أن يحفظ القرآن

السؤال: ما هي الطريقة المثلى لمن أراد أن يحفظ القرآن؟

الجواب: هذه تختلف، بعض الناس يسهل عليه أن يحفظ القرآن على وجه كبير، يحفظ الصفحة كاملة، يرددها حتى يحفظ، وبعض الناس يحب أن يحفظ شيئاً يسيراً -أربعة أسطر، خمسة أسطر، ثم ينتقل إلى أسطر أخرى-، وكل على حسب مزاجه.

ثم إنه ينبغي أن يتحفظ القرآن وهو على نوع من الفراغ -فراغ البطن-؛ لأن حفظ القرآن على الشبع ربما يصعب حفظه ويسرع نسيانه.

مس الصبي غير المميز للمصحف

السؤال: هل يجوز للطفل غير المميز أن يمسك بالقرآن؟

الجواب: من المعلوم أن الصبي غير المميز ليس له وضوء؛ لأنه من شرط صحة الوضوء: التمييز، وإذا لم يكن له وضوء فإنه لا يجوز له مس القرآن؛ لأن مس القرآن لا يجوز إلا بوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما كتبه لـعمرو بن حزم : ( أن لا يمس القرآن إلا طاهر ). أي: إلا متوضئ.

معنى قوله تعالى: (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين)

السؤال: أرجو من فضيلة الشيخ حفظه الله أن يشرح الآيات التالية شرحاً وافياً: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: الآية الأولى: قُلْ أن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ [الزخرف:81].

الجواب: قوله تعالى: قُلْ إن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ [الزخرف:81]. هذا تحد للذين قالوا: إن الله له ولد، فاليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله، فيقول الله عز وجل لنبيه: قُلْ [الزخرف:81]. يعني لهؤلاء المدعين أن لله ولداً إن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ [الزخرف:81]. يعني: فأنا أول من يعبد هذا الولد، ولن أستنكف عن عبادته، ولكن لا يمكن أن يكون له ولد؛ لأن الله تعالى قال: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ [المؤمنون:91]. وإذا كان كذلك فإنه يمتنع أن يكون لله ولد، فهو يقول: لو كان للرحمن ولد فلن أترككم تسبقونني إليه، لكنت أنا أول من يعبده، ولكنه ليس له ولد؛ لذلك أنا أنكر عليكم أن تتخذوا لله ولداً.

معنى قوله تعالى: فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين

السؤال: الآية الثانية: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ [الدخان:10].

الجواب: يعني: انتظر يوم تأتي السماء بدخان مبين، وهذا الدخان قيل: إنه ما أصاب قريشاً من القحط حين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجعل الله عليهم سنوات سبعاً كسني يوسف، فأصابهم جدب عظيم، فكان الواحد ينظر إلى السماء وكأن بها دخاناً من الغبرة وعدم السحب.

وقيل: إن المراد بالدخان: الدخان الذي يكون من علامات الساعة، ولم يأت بعد.

معنى قوله تعالى: (ثم دنا فتدلى…)

السؤال: الآية الثالثة: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى [النجم:8-10].

الجواب: قوله تعالى: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى [النجم:8]. يعني: جبريل عليه السلام دنا من الرسول صلى الله عليه وسلم فتدلى من فوق.

فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:9] أي: كان قريباً.

فَأَوْحَى [النجم:10] أي: جبريل إِلَى عَبْدِهِ [النجم:10] أي: إلى عبد الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم مَا أَوْحَى [النجم:10]. وأبهم الموحى تعظيماً له وتفخيماً؛ لأن الإبهام يأتي في موضع التفخيم، كما قال الله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ [طه:78]، أي: أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله ما أوحى من الوحي العظيم.

معنى حديث: (أتاني ربي في أحسن صورة...)

السؤال: معنى هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتاني ربي في أحسن صورة -قال: أحسبه قال: في المنام- فقال: يا محمد، هل تدري فيما يختصم الملأ الأعلى... ) الحديث، هل هذا الحديث يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربه سبحانه وتعالى؟ وهل هذا يتناقض مع قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا [الشورى:51]؟

الجواب: هذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه في المنام، ولا ينافي قوله: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51] لأن المراد في الآية في حال اليقظة، وأما هذا الحديث فإنه في حال المنام، وحينئذ لا تناقض بينهما.

ما تفعله البنت إن كانت تريد التصدق وأمها تمنعها من ذلك

السؤال: تذكر بأنها معلمة تحب فعل الخيرات، وتحب مساعدة المحتاجين، تقول: وعندما أريد أن أتصدق من مالي على ذوي أرحامي وصديقاتي المحتاجات تقف والدتي ضد هذه الأعمال؛ بحجة أنني أبدد مالي في ما لا يفيد، وأنني بحاجة إلى أن أدخر هذا المال فيما ينفعني فيما بعد، فهل لوالدتي الحق في التدخل في راتبي؟ وهل يصح أن أتصدق وأعطي دون أن أخبرها بذلك؟ أم ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ؟ مأجورين.

الجواب: الوالدة ينبغي لها أن تشجع أولادها من ذكور وإناث على الصدقة إذا كانت لا تضر بهم؛ لأن الصدقة خير، والمعونة عليها خير، قال الله تبارك وتعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].

وإذا كانت الوالدة تغضب إذا تصدقت ابنتها بشيء من مالها أو أهدت إلى صديقاتها فلا حرج على البنت أن تتصدق وتهدي سراً لا تطلع عليه الوالدة؛ لأن المال مالها، ولها أن تتصرف فيه كما شاءت في حدود ما أنزل الله عز وجل.

لكن لا ينبغي للإنسان أن يتصدق بأكثر من ثلث المال، لأن أبا لبابة لما أراد أن يتصدق بماله شكراً لله تعالى على توبته قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أمسك عليك بعض مالك ) وأمره أن لا يتصدق بجميع ماله.

مدى صحة حديث: (إذا خرجت من بيتك فصل ركعتين يمنعانك مخرج السوء…)

السؤال: ما صحة هذا الحديث: ( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك من مخرج السوء، وإذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء ).

الجواب: هذا الحديث غير صحيح، ولا يعمل به، لكن الإنسان مأمور إذا دخل بيته أن يتسوك أول ما يدخل ثم يسلم على أهله؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان أول ما يبدأ به إذا دخل بيته أن يتسوك ثم يسلم على أهله، وقد قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ [الأحزاب:21]. فحث الله تعالى على أن يكون لنا أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن التأسي به: أن نبدأ إذا دخلنا بيوتنا بالسواك.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [670] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net