إسلام ويب

المواءمة بين عصمة النبي صلى الله عليه وسلم في التبليغ والجوانب البشرية فيه

السؤال: أرجو أن تبينوا لنا مشكورين حقيقة الأمر في مسألة عصمة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث يلتبس الأمر على كثير من الناس في هذا الشأن، فكثير ما نسمع ما يمكن أن يفهم منه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان معصوماً من الخطأ، كما يفهم من عموم قوله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، ولكن نرى في بعض ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصيب ويخطئ في بعض الأمور، كالسهو في الصلاة مثلاً، فما حقيقة أمر العصمة للرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي الجوانب التي عصم منها من الخطأ تحديداً، والجوانب التي لم يعصم من الخطأ مشكورين؟

الجواب: فإني أسأل هذا السائل هل يؤمن بأن محمداً رسول الله، على كل حال؟ هو يؤمن بهذا لا شك إن شاء الله، فإذا كان يؤمن بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله وكفى، وما وقع منه فإنه لا ينافي الرسالة، فالسهو وقع منه في الصلاة، ولكنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون )، وعدم العلم وقع منه عليه الصلاة والسلام، فقد صلى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلاه، وفي أثناء الصلاة خلع النعلين، فخلع المسلمون نعالهم، فلما سلم سألهم: ( لماذا خلعتم نعالكم؟ قالوا: يا رسول الله رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: إن جبريل أتاني وأخبرني أن فيهما قذراً، فخلعتهما )، فهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى في نعليه، ولم يعلم أن فيهما قذراً، وهذا أيضاً من طبيعة البشر، وأن الإنسان جاهل، وهذا هو الأصل في الإنسان، كما قال الله عز وجل: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل:78]، نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد يجتهد في أفعاله ولا يكون اجتهاده مصيب، لكنه حين فعله للشيء الذي صدر منه عن اجتهاد هو مصيب، كما في قول الله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ [عبس:1-11]، فهذا وقع باجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم، أن ينصرف إلى هؤلاء الكبراء الذين جاءوا إليه من قريش يرجوا إسلامهم، وينتفع بإسلامهم قومهم والمسلمون جميعاً، ومثل قول الله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [التوبة:43]، فاجتهد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعفا عنهم لمحبته صلى الله عليه وسلم للعفو، وأخذ الناس بظواهرهم، وهو حين عفا عنهم مصيب، لكن بين الله عز وجل له أن الحكمة هو الانتظار، وهذا لا يخدش برسالته، فالنسيان من طبيعة الإنسان، وعدم العلم هو الأصل، فالأصل في الإنسان أنه لا يعلم، وحين وقع من الرسول صلى الله عليه وسلم مثل هذا فإنه والله لا يخدش بالرسالة، وأما قوله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:3]، فالمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق نطقاً صادراً عن هوى، وإنما نطقه إما عن وحي من الله وإما عن اجتهاد، فليس كغيره ممن ينطق عن الهوى، ويتكلم بما يهوى سواء كان الحق أو غير الحق، وإني أنصح هذا السائل وغيره ألا يتعمقوا في مثل هذه الأمور، فيلقي الشيطان في قلوبهم شراً، فالإنسان غير آمن من الشيطان، أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات ليلة وهو معتكف قام يقلب صفية رضي الله عنها حين جلست عنده ساعة من الليل في معتكفة، فقام يقلبها عليه الصلاة والسلام، أي: يمشي معها، فأبصر به رجلان من الأنصار فأسرعا، خوفاً وخجلاً من النبي صلى الله عليه وسلم وحياءً، فقال: ( على رسلكما إنها صفية ، فقالا: سبحان الله، قال: نعم، إني خشيت أن يقذف الشيطان في قلوبكما شيئاً )، أو قال: ( شراً )، فانظر إلى هذا، خاف أن يلقي الشيطان في قلوبهما ما لا يليق بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهما من الصحابة، فالبحث في هذه الأمور والتعمق فيها قد يكون خطراً على الإنسان وهو لا يشعر، وأنا أشكر السائل حيث سأل، ليتبين له الأمر، لكني أقول إن الأولى بالإنسان أن يدع البحث في هذه الأمور، وأن يقول محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أبعد الناس أن يقول عن هوى أو أن يحكم بالهوى، بل هو الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام، ثم إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من كل ما يخل بالإخلاص لله عز وجل، فلم يقع منهم الشرك، معصومون عن كل ما يخل بالمروءة والخلق، فلم يقع منهم ما ينافي ذلك، وأما بعض الذنوب فيقع منهم لكنه من خصائصهم أنهم معصومون من الاستمرار فيها وعدم التوبة، وإذا تاب الإنسان من الذنب كان كمن لا ذنب له، بل قد تكون حاله بعد التوبة من الذنب أكمل من حاله قبل أن يفعل الذنب، وبهذه المناسبة أود أن أبين أن ما ذكر في الإسرائيليات عن داود عليه الصلاة والسلام، في قصة الخصمين الذين اختصما عنده، وقال أحدهما: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ [ص:23-24]، في بعض الإسرائيليات: أن داود عليه الصلاة والسلام كان له أحد الجنود، وكان عند هذا الجندي امرأة أعجبت داود وأرادها، فطلب من هذا الجندي أن يذهب للجهاد لعله يقتل فيأخذ زوجته، وهذه القصة كذب، ولا يجوز لأحد أن ينقلها إلا إذا بين أنها كذب، ولا يجوز اعتقادها في نبي من أنبياء الله، فهذه لا تليق ولا من عامي من الناس، فكيف بنبي، ولا استبعد أن هذه من دسائس اليهود، الذين دسوها على المسلمين ليفسدوا بذلك دينهم، والقضية هي أن هذا الرجل مع خصمه عنده نعجة واحد، أي: أنثى من الضأن، وكان أخوه -أي: خصمه- عنده تسع وتسعون، فقال له: أنت ليس عندك إلا واحدة لا تغني شيئاً، وأنا عندي تسع وتسعون بقي لي واحدة وتكتمل المائة، والإنسان يتوق إلى تكميل العدد، فطلب منه هذه الواحدة وجعل يورد عليه الحجج حتى غلبه في الحجج، فاختصما إلى داود، فإذا قال قائل: ما تقول في قوله تعالى: وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ [ص:24]، فالجواب سهل: داود عليه السلام جعله الله خليفة في الأرض يحكم بين الناس، وكونه يدخل محرابه -أي: متعبده- ثم يغلق الباب هذا خلاف ما كلف به، وهو مجتهد في ذلك لا شكر الله لكم، ثم إنه حكم على الخصم قبل أن يسمع حجة الآخر المحكوم عليه، فلما قال الخصم: إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ [ص:23-24]، إلى آخره، فحكم قبل أن يسمع حجة الخصم، ولعله فعل ذلك من أجل أن يسرع للتفرغ للعبادة، فلما جاءت هذه القصة وأخذ بقول الخصم، وكان قد أغلق الباب ظن داود عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى أرسل هذين الخصمين اختباراً له: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24]، فإن قال قائل: ما تقولون في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـهند حين شكت زوجها أبا سفيان أنه رجل شحيح لا يعطيها وولدها ما يكفيهم، فقال: ( خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف )، فحكم لها؟ فالجواب: أن حكم النبي صلى الله عليه وسلم فتيا وليست قضاءً بين خصمين؛ لأن خصمها لم يحضر، فهو أفتاها على صورة القضية بدون محاكمة ومخاصمة.

الجمع والقصر والصلاة بوضوء للمرأة التي عندها إفرازات كثيرة

السؤال: امرأة تعاني من كثرة الإفرازات مما يعرضها للمتاعب من حيث كثرة الوضوء، وخصوصاً خارج المنزل، هل يشرع لها أن تصلي الظهر والعصر بوضوء واحد، والمغرب والعشاء بوضوء واحد، وهل يشرع لها الجمع تقديماً وتأخيراً مع القصر أو بدون سبب؟

الجواب: هذه الإفرازات التي تخرج من المرأة، هي إفرازات طبيعية لكن تكون عند بعض النساء باستمرار وبعض النساء لا تستمر، فإذا استمرت هذه الإفرازات مع المرأة فهي: أولاً: طاهرة؛ لأنه لا دليل على نجاستها، والنساء قد ابتلين بهذا على عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يأمرهن بغسل هذه الرطوبة.

ثانياً: لا يجب الوضوء لها، إذا توضأ الإنسان لأول مرة من حدث بقي على طهارته، ولا حاجة إلى إعادة الوضوء عند كل صلاة، لكنها إن توضأت فهو أفضل، وإلا فليس هذا عليها بواجب، بل تبقى على طهارتها الأولى حتى تنتقض بناقض، وعلى هذا لو توضأت لصلاة الظهر وبقيت على طهارتها لم يحصل حدث آخر من غائط أو بول أو ريح أو أكل لحم الإبل أو ما أشبه ذلك، فإنها تصلي العصر بدون وضوء؛ لأن الوضوء لشيء لا ينقطع، لا فائدة منه، حتى لو توضأت فالشيء باقي، هذا هو القول الراجح وهو الذي ترجح عندي أخيراً، ولا يخفى ما فيه من اليسر على النساء، ما دام لم يكن هناك نص صريح واضح في هذا الأمر، وأما حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، فقد اختلف الحفاظ في ثبوت هذه اللفظة: ( توضئي لكل صلاة )، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم هناك احتمال أن المعنى: توضئي لكل صلاة بدون اغتسال، يعني لا يجب عليك الغسل، كما أوجب عليها الغسل إذا انتهت عادتها الطبيعية.

أثر مس المرء عضو نفسه أو عضو الطفل الصغير على الوضوء

السؤال: هل تنظيف الأطفال وما ينتج عن ذلك من لمس أعضائهم الخاصة ينقض الوضوء، وهل لمس المرء لذكره بدون شهوة ينقض الوضوء؟

الجواب: لا ينقض الوضوء تغسيل الأطفال، ولو مست المرأة ذكر طفلها، أو فرج ابنتها، أو الدبر، وكذلك لو مس الإنسان ذكره بغير شهوة، فإنه لا ينتقض وضوءه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: في حديث طلق بن علي رضي الله عنه حين سأله عن الرجل يمس ذكره في الصلاة، قال: ( أيقطع عليه الوضوء؟ قال: لا، ثم قال: إنما هو بضعة منك )، أي: عضو من أعضائك، وهذا التعليل تعليل لا يمكن زواله؛ لأنه علل بأنه عضو من الأعضاء، ثم إن تعليله إياه بأنه عضو من الأعضاء يدل على أنه إذا مسه لشهوة فعليه الوضوء؛ لأن مسه لشهوة مس خاص بالعضو، أي: بالذكر، فالإنسان لا يمكن أن يمس ساقه لشهوة، ولا فخذه لشهوة، ولا أذنه لشهوة، إنما تكون الشهوة في نفس الذكر.

والخلاصة: أن القول الراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة: أنه إن مسه لشهوة وجب عليه الوضوء، وإن كان بغير شهوة لم يجب عليه سواء تعمد أم لم يتعمد.

زكاة الفطر عن الصغار

السؤال: هل زكاة الفطر تخرج عن كل نفر من البيت عن الصغار والكبار، أم عن الكبار فقط؟

الجواب: يجب إخراج زكاة الفطر عن الصغار والكبار، والذكور والإناث، والأحرار والعبيد، وأما الحمل في البطن، فإن أخرج عنه فهو خير، وإلا فلا يجب الإخراج عنه.

إعطاء الزكاة لمن أراد الحج

السؤال: هل يجوز للمرء أن يعطي شيء من الزكاة لمن أراد أن يحج؟

الجواب: أما إذا كان الحج نفلاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة، وأما إذا كان فريضة فذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك، أن نعطيه ليحج الفريضة، وفي نفسي من هذا شيء؛ لأنه لا فريضة عليه ما دام معسراً، وإذا كان لا فريضة عليه، فلا يجوز أن يعطى من الزكاة.

الأحوال التي يشرع فيها الجمع والقصر في الصلاة

السؤال: متى يكون الجمع في الصلاة، ومتى يكون القصر؟

الجواب: القصر ليس له إلا سبب واحد وهو السفر، فمتى كان الإنسان مسافراً فإنه يقصر، سواء طالت المدة أم قصرت، لكن إذا صلى مع إمام يتم وجب عليه الإتمام، وإذا كان في بلد وجب عليه أن يحضر الجماعة ويتم، وأما الجمع فسببه المشقة، فمتى حصلت مشقة بترك الجمع جاز الجمع، لأي سبب من الأسباب، حتى أن العلماء رحمهم الله قالوا: إنه يجوز الجمع للحامل إذا شق عليها أن تصلي كل صلاة في وقتها، وللمرضع إذا كان صبيها يبول عليها، ويشق عليها غسل ثيابها لكل صلاة، وما أشبه ذلك.

فالحاصل: أن الجمع له سبب واحد وهو المشقة، لكن صوره كثيرة، وأما القصر فليس له إلا السفر فقط، لو فرض أن إنساناً مريضاً في المستشفى، فله أن يجمع بين الصلاتين إذا شق عليه إفراد كل صلاة في وقتها، ولكنه لا يقصر؛ لأنه في بلده، ولو كان في مستشفى في بلد آخر، جاز له أن يجمع ويقصر؛ لأنه مسافر.

صلاة التسابيح والحاجة

السؤال: سمعت من أحد الأخوات بأن صلاة التسابيح والحاجة بدعة لا أصل لها، ما رأي فضيلتكم في هذا؟

الجواب: نرى أن صلاة التسبيح وصلاة الحاجة ليست بسنة، وأن حديثها ضعيف جداً لا يعمل به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن صلاة التسبيح: إن حديثها باطل، وقال: إنه لم يستحبها أحد من الأئمة، وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه بشيء لم تثبت مشروعيته، ويشتغل بما هو مشروع واضح، أقول كل الأحاديث الضعيفة في إثبات سنة من السنن لا يجوز العمل بها؛ لأن من شرط العبادات أن تكون مشروعة، وإذا كان الحديث ضعيفاً لم تثبت المشروعية، وعلى هذا فلا يعمل بأي حديث ضعيف في مشروعية شيء من السنن، لا في صلاة ولا زكاة ولا حج ولا صوم.

الدعاء على بعض الناس دون وجه شرعي

السؤال: عندما يأتي شخص لعمل خير، وأنا خائفة منه أدعو بهذا الدعاء أقول: اللهم اجعل كيده في نحره، فهل هذا يعتبر من التعدي في الدعاء؟

الجواب: هذا من التعدي في الدعاء، ومن إساءة الظن بالمسلم، والأصل في المسلم عدم إساءة الظن، ولكن ممكن أن يقول الإنسان إذا خاف خوفاً مبنياً على حقيقة أن يقول: اللهم إن كان هذا قد أراد بي كيداً فاجعل كيده في نحره فيشترط.

الإيمان بالملائكة وأهميته

السؤال: ما هي أهمية الإيمان بالملائكة؟

الجواب: الإيمان بالملائكة أهميته عظيمة؛ لأن الإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة، كما قال جبريل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره )، أما كيف نؤمن بهم، فنؤمن بأنهم عالم غيبي، خلقوا من نور، وجعل الله منهم رسلاً، ومنهم عباداً، وهم على قوة عظيمة، ولاسيما جبريل عليه السلام فقد وصفه الله بأنه ذو قوة، فقال: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير:19-21]، وهم في وظائفهم أقسام، منهم ملائكة مع الإنسان عن اليمين وعن الشمال يكتبون أعماله الحسنة والسيئة، ومنهم: ملائكة يحفظون الإنسان من أمر الله عز وجل، يتعاقبون هؤلاء في الليل وهؤلاء في النهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ومنهم: ملائكة موكلون بقبض الأرواح، ومنهم: ملائكة موكلون بسؤال الأموات بعد الدفن.

المهم أنهم عالم غيبي عظيم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أطت السماء وحق لها أن تئط )، والأطيط: هو صرير رحل البعير إذا حمِّل، صار البعير يمشي وله أطيط، أي: صرير، يقول: ( أطت السماء وحق لها أن تئط، ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد )، وأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن البيت المعمور الذي في السماء السابعة، أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه في اليوم الثاني، بل يأتي غيرهم إلى يوم القيامة، أو إلى ما بعد ذلك والله أعلم، المهم أنهم جنود لا يعلمهم إلا الله عز وجل، فنؤمن بما عرفنا من أسمائهم، ونؤمن بما عرفنا من أوصافهم، ونؤمن بما عرفنا من وظائفهم، وما عدا ذلك فالله أعلم.

مداخلة: ما هي شروط الصلاة، وما حكم الإخلال بشيء منها؟

الشيخ: أقول لهذا السائل: ليحظر إلى حلقة من حلقات طلبة العلم، لأننا لو أردنا أن نتكلم عن شروط الصلاة، لكتبنا ما شاء الله، ولاستغرقنا عدة حلقات.

معنى الحوض المورود

السؤال: ما هو الحوض المورود؟

الجواب: الحوض المورود حوض يكون في عرصات القيامة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، طوله شهر، وعرضه شهر، وآنيته كنجوم السماء في الكثرة والجمال، وماءه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، يصب فيه ميزابان من الكوثر الذي في الجنة، والذي أعطيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما في قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:1-3]، أما أثره فمن شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدأ، اللهم اجعلنا ممن يشرب منه.

لبس المرأة البرقع والقفازات

السؤال: ما حكم لبس القفازات والبرقع الذي يوضع على الوجه بالنسبة للمرأة؟

الجواب: أما بالنسبة للقفازات فإنها من عادات نساء الصحابة رضي الله عنهم، وهو من كمال الستر، والبعد عن الفتنة، وأما النقاب فكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يلبسن النقاب، لكن النساء في عهدنا توسعن، فصرن لا يقتصرن على خرق يسير تنظر به المرأة، وإنما توسعن حتى فتحن فتحة تُرى منها الحواجب، وربما بعض الجبهة، وربما الوجنة مع تجميل العيون بالكحل، لما توسعن بذلك أمسكت عن الإفتاء بجوازه، فنحن لا نفتي بجوازه بناء على ما يترتب عليه من الفتنة والاتساع.

قد يقول قائل: لماذا لا تفتي بجوازه ونساء الصحابة يفعلنه؟ فأقول: يجوز أن نمنع المباح خوفاً من الوقوع في المفاسد، كما منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرجل إذا طلق زوجته ثلاثاً في مجلس واحد من مراجعتها، مع أنها كانت تراجع في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأبي بكر ، وسنتين من خلافة عمر لكن لما تتابع الناس وتهاونوا في الطلاق الثلاث، منع عمر رضي الله عنه من مراجعة الرجل زوجته مع أنه في الأصل يباح له ذلك، ولهذا أقول: ينبغي لأهل العلم أن يكونوا علماء مربين، لا علماء مخبرين فقط، فتجد بعض الناس يعتمد على قول الفقهاء في مسألة ما، دون أن ينظر في عواقبها وما ينتج عنها من مفاسد، وهذا لا ينبغي، بل ينبغي للإنسان أن ينظر ماذا يترتب على هذا القول، أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لـمعاذ : ( أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً، فقال: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا )، فمنعه من نشر هذا العلم العظيم المتعلق بالعقيدة، خوفاً من أن يتكل الناس ولا يعملوا ولا يقوموا بالعمل، فكيف بمسألة دون ذلك بكثير، ويخشى أن يترتب عليها شر كثير، لذلك أدعو إخواننا المفتين أن يكونوا علماء مربين، وأن ينظروا ماذا ينتج عن الشيء المباح، أما الشيء الواجب لأبد من إعلانه ونشره، ولا يمكن لأحد أن يكتمه، أما الشيء المباح الذي يفتح على الناس باب شر عظيم، فلا يجوز لنا أن نذهب ونخبر الناس به، ما الفائدة؟ هذه نقطة تفوت كثيراً من طلبة العلم، وهي النظر للعواقب التي تنتج عن الفتوى بشيء لا توجبه الحاجة.

إطالة شعر الرأس للرجل

السؤال: هل يجوز إطالة شعر الرأس بالنسبة للرجل؟

الجواب: أقول: أما إذا كان يخشى من ذلك الفتنة، كما لو كان ذلك رأس شاب وسيم يخشى منه الفتنة إذا أطال شعر رأسه، فهنا نقول: احلق رأسك ولا تطله، وأما إذا كان عادياً ولا يترتب على هذا فتنة، فالصواب أن السنة في ذلك أن يتبع الإنسان عرف بلده، فإذا كان الناس اعتادوا أن يبقوا شعرهم أبقاه، وإذا كانوا اعتادوا أن يحلقوه حلقه؛ لأن هذا من الأمور العادية، والأمور العادية الأفضل فيها أن يتبع الناس عادة أهل بلده إذا لم تكن محرمة.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب [729] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net