إسلام ويب

يجب الإيمان بالله وحده، والكفر بكل ما يعبد من دون الله، فلا إيمان لمن لم يكفر بالطاغوت، ومن لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فقد كفر بما أنزل الله على محمد عليه الصلاة والسلام، وقد خالف سنته وهديه، وضل ضلالاً مبيناً.

وجوب الإيمان بالله والكفر بالطاغوت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تقدم لنا الناقض الثالث من نواقض الإسلام: (من لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، فإنه يكفر) والأدلة على ذلك ظاهرة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

أما من القرآن فقول الله عز وجل: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4]، فالشاهد قوله: كَفَرْنَا بِكُمْ [الممتحنة:4].

وأيضاً قول الله عز وجل: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [البقرة:256]، فلابد في الاستمساك بالعروة الوثقى بكلمة لا إله إلا الله من أمرين:

الكفر بالطاغوت، وأيضاً الإيمان بالله.

وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : ( من قال: لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبد من دون الله فقد حرُم ماله، ودمه، وحسابه على الله )، قال: ( كفر بما يُعبد من دون الله )، فلابد من الكفر بما يُعبد من دون الله.

وأيضاً ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي، ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ).

معنى الكفر بالطاغوت

وقد ذكر المؤلف -الشيخ محمد رحمه الله- صفة الكفر بالطاغوت: أن تعتقد بطلان عبادة غير الله عز وجل، وأن تُبغضها، وتتركها، وتبغض أهلها وتكفرهم وتعاديهم، وعلى هذا الذين لا يكفرون اليوم اليهود، أو لا يكفرون النصارى، أو يشكون في كفرهم، أو يصححون مذهبهم، وأن أديانهم صحيحة، وأنهم من أهل الجنة، فهذا كله كفر وردة عن الإسلام، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الإجماع على أن من شك في كفر اليهود والنصارى أنه كافر، والأدلة كما أسلفنا ظاهرة.

وبهذا أيضاً نعرف ما هم عليه من الخطر العظيم الذين يقولون بأن اليهود إخوان لنا، أو النصارى إخوان لنا، وأنهم مسلمون! فبعض الناس يكتب في الصحف وفي المجلات بأنهم مسلمون، وأنهم إخوان لنا.. إلخ وهذا لا شك أنه ردة؛ لأن هذا تكذيب لما عليه الكتاب، والسنة، والإجماع، والله عز وجل يقول: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، ويقول سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، فحصر الله عز وجل الدين بالإسلام، وتقدم ما ذكرنا في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي، ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ).

أنواع الكفار

قال المؤلف رحمه الله: (من لا يكفر المشركين.. إلخ)، نقول: الكفار على ثلاثة مراتب:

المرتبة الأولى: من أجمع المسلمون على كفرهم ممن ليس من أهل القبلة كاليهود، والنصارى، والمجوس، والوثنيين.. إلخ، فهؤلاء يجب تكفيرهم، بل لا يجوز الشك في كفرهم، وكما ذكرت أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله نقل الإجماع على أن من شك في كفر النصارى، أو اليهود أنه كافر، وذكرنا دليل ذلك.

وكذلك من المبادئ الهدامة اليوم الدعوة إلى وحدة الأديان، وأن اليهودية والنصرانية والإسلام كلها تحت ملة إبراهيم، ويسمون بالإبراهيمية، فيدعون إلى وحدة الأديان، وهذا لا شك أنه ردة؛ لأنهم يصححون النصرانية، ويصححون اليهودية، والمعلوم أنه لابد أن تكفر باليهودية، وأن تكفر بالنصرانية، بل مجرد أن تشك في كفرهم هذا كفر، فكيف تصحح مذهبهم وتعتقد أنهم على حق وأنهم ليسوا على باطل؟ هذا لا شك أنه على خطر عظيم، هذا القسم الأول.

القسم الثاني: من يدعي الإسلام من أهل القبلة وقام به مكفر من المكفرات، مثل المرجئة يدعون الإسلام، وتقدم لنا في شرح الواسطية أن المرجئة ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: مرجئة الفقهاء، تكلمنا أن مرجئة الفقهاء يخالفون أهل السنة في تأخير العمل عن مسمى الإيمان، وإلا فهم يقولون: لابد أن تنطق بلسانك، ويعتقدون أن فاعل الكبيرة يُعذب، وأنه لا يخرج عن الإسلام بكبيرته، وإنما يُعذب على كبيرته، فهم ليسوا كالمرجئة.

القسم الثاني: المرجئة الذين يقولون بأن الإيمان إنما هو التصديق بالقلب فقط، وأن أفسق الفساق إيمانه كإيمان أبي بكر وعمر .. إلخ.

القسم الثالث: من وقع الخلاف في كفرهم مثل: عوام الرافضة، أو عوام أهل البدع الذين يكفر علماؤهم، وقع الخلاف في كفرهم، فهذا إن رأى كفرهم بما قام عليهم من الدليل يجب عليه أن يكفرهم، وإن رأى عدم كفرهم لوجود مانع، أو فقد شرط لا يجب عليه أن يكفرهم.

الناقض الرابع: تفضيل غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم

قال المؤلف رحمه الله: [الناقض الرابع من نواقض الإسلام: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه].

الهدي: هو الطريقة والسيرة، فيدخل في ذلك سنن النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه، فهدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي؛ لأنه وحي، فما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من السنن، ومن الأخلاق، ومن الآداب: ما يتعلق بالملابس، ما يتعلق بالطعام والشراب التي جاء بها الشرع وغير ذلك نقول: يجب على الإنسان أن يعتقد أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي، والدليل على ذلك:

أولاً: أن هذا من الوحي، والله عز وجل يقول: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4].

وأيضاً الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبة الجمعة: ( أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد )، وهذا أخرجه مسلم في صحيحه.

والنبي عليه الصلاة والسلام لما رأى في يد عمر شيئاً من التوراة غضب.

والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة ).

أقسام الناس في تفضيل هدي النبي عليه الصلاة والسلام

نقول: هذا لا يخلو من ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يعتقد أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأحسنه، فهذا هو الواجب.

والحالة الثانية: أن يعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هدي النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا كفر.

والحالة الثالثة: أن يعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم مساو لهدي النبي عليه الصلاة والسلام، فنقول: هذا أيضاً كفر.

حكم من اعتقد أن حكم الطواغيت أفضل من حكم النبي

قال المؤلف رحمه الله: (أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه).

قول المؤلف رحمه الله: (إذا اعتقد)، حتى وإن لم يعمل، كان هذا مجرد اعتقاد حتى وإن لم يعمل فإنه يكفر.

المسألة الثانية التي ذكرها المؤلف رحمه الله: إذا اعتقد أن حكم غير النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من حكم النبي عليه الصلاة والسلام كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه، أيضاً هذا كفر وردة، ودليل ذلك: قول الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:60]، وأيضاً قال: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]، ويقول سبحانه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]، ويقول سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، ويقول سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، وتفضيل حكم الطواغيت على حكم النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يعتقد أن حكم الطواغيت وحكم القوانين وغير ذلك أفضل من حكم النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها هي التي تصلح للناس في هذا الزمان ولا يصلح للناس غير ذلك، فهذا كفر وردة كما سيأتينا إن شاء الله.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح نواقض الإسلام [5] للشيخ : خالد بن علي المشيقح

https://audio.islamweb.net