إسلام ويب

المؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضاً، ويوالي بعضهم بعضاً، ومن ظاهر المشركين على المؤمنين وعاونهم على المسلمين أو اعتقد جواز الخروج عن الشريعة فقد ارتد عن الدين، واتبع خطوات الشياطين، والمؤمن يحرص على التمسك بدينه، ويتعلمه ويعمل به، ومن أعرض عنه ولم يلق له با

الناقض الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله: [الناقض الثامن من نواقض الإسلام: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]].

تقدم أن ذكرنا شيئاً من مباحث السحر، فذكرنا ما يتعلق بالسحر، متى يكون كفراً، ومتى لا يكون كفراً؟ وهل السحر مجرد تخييل أو أن له حقيقة؟ وأن مذهب أهل السنة والجماعة أنه ينقسم إلى قسمين.. إلخ، وهل يقتل الساحر أو لا يقتل الساحر؟ وهل يجوز حل السحر بسحر مثله أو لا يجوز؟ هذا تقدم الكلام عنه كله. ‏

معنى مظاهرة المشركين

ثم قال المؤلف رحمه الله: (الثامن من نواقض الإسلام: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51] ).

مظاهرة المشركين يعني: مناصرتهم ومعاونتهم على المسلمين، فهذا من نواقض الإسلام، ودليل ذلك ما استدل به المؤلف رحمه الله تعالى.

الفرق بين الموالاة والتولي

وسئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف رحمه الله عن الفرق بين الموالاة والتولي، فقال بأن التولي كفر يخرج من الملة، وهو كالذب عنهم وإعانتهم بالمال، والبدن، والرأي، فعندنا التولي: هو الذي هو ردة يخرج عن الإسلام كالذب عنهم، يعني: كالمدافعة عنهم، ومعاونتهم على المسلمين بالمال، والبدن، والرأي. هذا ردة نسأل الله السلامة.

أما بالنسبة للموالاة: الموالاة أقسام كثيرة منها ما يكون كفراً مخرجاً من الملة، ومنها ما ليس بكفر بل هو محرم. فمثلاً من صور الموالاة: التشبه بهم، هذا من صور الموالاة، التشبه بأخلاقهم، بألبستهم، هذا نقول: ليس كفراً.

أيضاً من صور الموالاة: اتخاذهم بطانة من دون المسلمين.

ومن صور الموالاة: زيارتهم لغير مصلحة.. حضور أعيادهم.. التسمي بأسمائهم.. تعظيمهم.. تبجيلهم.. إلخ.

فالموالاة فرق بينها وبين التولي الذي هو ردة وكفر، وتولي المشركين هو كما قال الشيخ رحمه الله عبد الله بن عبد اللطيف : كالذب عنهم ومعاونتهم على المسلمين بالمال، والرأي، والبدن، فهذا ردة، أما الموالاة ففيها ما هو ردة وكفر، ومنها ما ليس كفراً ولا ردة وإنما هو أمر محرم، فمثلاً يتسمى بأسمائهم، هذا نقول: من الموالاة؛ لكنه ليس من التولي، إذا تشبه بهم في أخلاقهم.. إلخ، نقول: هذا من الموالاة، أيضاً الإقامة في بلادهم هذا من الموالاة.. إلخ، ففرق بين الموالاة وبين التولي، وفي هذا التحذير من مناصرة المشركين على المسلمين ومعاونتهم؛ لأن مناصرتهم ردة عن دين الإسلام، نسأل الله السلامة.

الناقض التاسع: اعتقاد جواز الخروج عن الشريعة

قال المؤلف رحمه الله: [الناقض التاسع من نواقض الإسلام: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام، فهو كافر].

وذلك لتضمنه تكذيب قول الله تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153]، الخضر رحمه الله وسعه الخروج عن شريعة موسى عليه السلام؛ لأن موسى بُعث إلى قومه خاصة ولم يُبعث إلى الناس عامة، ولهذا من خصائص النبي عليه الصلاة والسلام أن من كان قبله من الأنبياء يُبعث إلى قومه خاصة، والنبي عليه الصلاة والسلام بُعث إلى الناس عامة، ولهذا قال الخضر لموسى لما التقى به: ( يا موسى إني على علم علمني الله إياه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمك الله إياه لا أعلمه أنا الخضر رحمه الله وسعه الخروج عن شريعة موسى عليه السلام، يعني: أنه لا يتقيد بكل ما جاء به موسى عليه السلام من الأوامر والنواهي.. إلخ، يعني: لم يجب عليه اتباع موسى عليه السلام في كل ما جاء به؛ لأن موسى بُعث لقومه خاصة، وكان النبي يُبعث لقومه خاصة، أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه بُعث إلى الناس عامة؛ ولهذا من اعتقد أن أحداً يسعه الخروج عن شريعة النبي عليه الصلاة والسلام فهو كافر؛ لأن هذا تكذيب لقول الله عز وجل: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153]، وتكذيب لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصة وبُعثت إلى الناس عامة )، وتكذيب أيضاً لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي، ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ).

كون الإنسان يعتقد أن أحداً يسعه أن يخرج عن شريعة محمد، يعني: أن تسقط عنه التكاليف، أو أنه لا يجب أن يأتمر ببعض الأوامر، أو أنه لا يأتمر ببعض النواهي، نقول بأن هذا ردة عن دين الإسلام، وبهذا نعرف ما عليه أرباب الصوفية والخرافة من الخطأ والخطل؛ لأنهم يعتقدون في رؤسائهم وأوليائهم أنهم بلغوا درجة سقطت عنهم بعض التكاليف، فبلغوا درجة مثلاً: أنه لا يجب عليهم الوضوء، ولا الغسل، ولا الصلاة، ولا الزكاة، ولا غير ذلك، فكونهم يعتقدون هذا حكمه ردة عن دين الإسلام، وثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى! قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ).

الناقض العاشر: الإعراض عن دين الله

قال المؤلف رحمه الله: [الناقض العاشر من نواقض الإسلام: الإعراض عن دين الله تعالى لا يتعلمه ولا يعمل به].

هذا ناقض من نواقض الإسلام: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا [الكهف:57].

الإعراض عن دين الله عز وجل، نقول بأنه ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: الإعراض عن أصل الدين الذي يكون به مسلماً، لا يتعلمه ولا يعمل به، فهذا كفر مخرج من الملة، يعني: يُعرض عن أصل الدين، يُعرض عن كلمة لا إله إلا الله عن تعلمها، عن تعلم الصلاة... إلخ، المهم أن يُعرض عن أصل الدين الذي يكون به مسلماً، لا يتعلمه، ولا يعمل به، فنقول بأن هذا كفر مخرج من الملة، ودليله كما تقدم قول الله عز وجل: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ [السجدة:22].

وذكر ابن القيم رحمه الله: أن الكفر الأكبر خمسة أقسام، وذكر من هذه الأقسام كفر الإعراض، فيُعرض بسمعه وقلبه عن الرسول، لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه ولا يعاديه، ولا يصغي إلى ما جاء به البتة.

القسم الثاني: الإعراض عن بعض تفاريع الإسلام، لا يعرض عن أصل الدين الذي يكون به مسلماً، وإنما يعرض عن بعض التفاريع... إلخ فهذا لا نقول بأنه كفر وردة، مثلاً أعرض عن تعلم أحكام المواريث، نقول: هنا لا يرتد، أعرض عن تعلم أحكام السنن والتطوعات، لا نقول بأنه ردة مخرج عن الإسلام، أعرض عن تعلم أحكام الوتر.. إلخ، لا نقول: بأنه ردة مخرج عن الإسلام.

حكم من وقع في أحد نواقض الإسلام هازلاً أو خائفاً أو جاداً أو كارهاً

قال المؤلف رحمه الله: [ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل، والجاد، والخائف إلا المكره].

يقول الشيخ في ختام هذه النواقض: (ولا فرق بين هذه النواقض كلها، بين الهازل، والجاد).

الجاد: هو الذي قصد الفعل أو اللفظ ظاهراً وباطناً، وأما الهازل: فهو الذي قصد الفعل أو القول ظاهراً لا باطناً، يقول: لا فرق.

وتقدم أن ذكر الشيخ رحمه الله أن من نواقض الإسلام أن يستهزئ بشيء مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، أو ثوابه، أو عقابه، ودليل ذلك قول الله عز وجل: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66].

وقوله: (والخائف إلا المكره) المراد: خوف المال والجاه، فالمكره هذا معذور لقول الله عز وجل: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106].

خطورة نواقض الإسلام وكثرة وقوعها

قال المؤلف رحمه الله في ختام هذه النواقض: [وكلها من أعظم ما يكون خطرا، وأكثر ما يكون وقوعا].

صدق رحمه الله، هذه النواقض من أعظم ما يكون خطراً؛ لأنها تهدم العقيدة كلها، وأكثر ما يكون وقوعا، اليوم يقع الناس في السحر والذهاب للسحرة، والاستهزاء بدين الله، وأيضاً بعض الاعتقادات عند الصوفية المكفرة، وأيضاً الاستهزاء بدين الله عز وجل.. إلخ، فتجد عند كثير من الناس شيئاً من الوقوع في هذه النواقض، فحري بالطالب أن يحفظها، وأن يعلمها الناس، وأن يشرحها لهم ويبينها؛ لكي يحذروا هذه النواقض؛ لأن أغلى ما يملكه المسلم في هذه الحياة هي عقيدته، فإذا ذهبت العقيدة خسر الدنيا والآخرة.

اللهم إنا نسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردت بقوم فتنة أن تقبضنا إليك غير مفتونين يا ذا الجلال والإكرام!

اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، واجعله حجة لنا ولا تجعله حجة علينا.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح نواقض الإسلام [10] للشيخ : خالد بن علي المشيقح

https://audio.islamweb.net