إسلام ويب

من السنة القولية والفعلية تعجيل الفطر وتأخير السحور؛ لأن لتأخير السحور فوائد عظيمة منها: التقوي على طاعة الله في عبادة الصيام، فيتسحر الصائم قبل الصلاة بمقدار قراءة القارئ خمسين آية من القرآن؛ كما هو هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام.

تأخير السحور وذكر الاختلاف على زر فيه

شرح حديث حذيفة: (أي ساعة تسحرت مع رسول الله؟ قال هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [تأخير السحور، وذكر الاختلاف على زر فيه.

أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب أخبرنا وكيع حدثنا سفيان عن عاصم عن زر قال: (قلنا لـحذيفة رضي الله عنه: أي ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع)].

يقول النسائي رحمه الله: تأخير السحور، هذه الترجمة كما هو واضح المراد منها: بيان استحباب تأخير السحور، وقد مر بيان الحث على السحور، وهنا أتى بما يتعلق بتأخيره، حتى يكون قريباً من الصيام فتحصل فائدته، وهي حصول التقوي على العبادة، بخلاف إذا قدم كثيراً، فإنه لا يحصل المطلوب كما ينبغي مثلما إذا أخره، ولهذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتأخير السحو، وتعجيل الفطر.

وقد أورد النسائي عدة أحاديث، منها حديث حذيفة رضي الله عنه، وقد سئل: (أي ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع)، وهذا اللفظ فيه إشكال، فمن العلماء من فسره كما في حاشية السندي النهار الشرعي، وهو: الذي يبدأ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا هو النهار الشرعي، وقوله: (إلا أن الشمس لم تطلع)، تأوله بأن المقصود من ذلك هو طلوع الفجر، لكن ذكر الشمس واضح فيه، لكن يبقى الإشكال في معناه، وذلك أن الصيام كما جاء في القرآن، وكما جاء في الأحاديث أن بدايته تكون عند طلوع الفجر كما جاء في القرآن، وكذلك أيضا جاء في السنة أنها تكون عند أذان المؤذن للنداء الثاني؛ للحديث (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، وكذلك الحديث الذي فيه: (إذا أذن المؤذن والإناء على يد أحدكم فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه)، معناه: أن الأكل والشرب ينتهي عند طلوع الفجر الثاني، وعند النداء الثاني، وذلك أن النداء نداءان، فالنداء الأول يمنع صلاة الفجر، ويحل الأكل والشرب لمن يريد أن يصوم، والنداء الثاني يبيح صلاة الفجر، ويمنع الأكل والشرب لمن يريد أن يصوم، فالأحاديث جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأن بداية الصيام عند طلوع الفجر، أو الأذان الثاني الذي هو إعلام، والذي يكون عند طلوع الفجر.

وأما قوله: [(إلا أن الشمس لم تطلع)]، فإنه لا يستقيم من جهة أن السحور إنما تعقبه الصلاة، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه أنه يصليها بغلس، وكان يعجل الصلاة بعد دخول وقتها، وهذا الحديث معناه: أن الصلاة تكون بعد ذلك، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يؤخر الصلاة؛ لأن الشمس لم تطلع، معناه: أنهم أكلوا إلى هذه الغاية، وأن الصلاة بعد ذلك.

فالإشكال واضح، وهو لا يستقيم؛ ولعله إما أن يكون معلول من جهة أن عاصم بن أبي النجود، لأنه صدوق له أوهام، وهو حجة في القراءة، أو من جهة أنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومخالف لما جاء في القرآن، فلا يصح العمل بما جاء فيه من جهة أن الإنسان يأكل ويشرب إلى هذه الغاية، بل الأكل والشرب إنما يكون إلى طلوع الفجر، أو لصلاة الفجر، أي: الأذان الثاني، فإنه يجب الإمساك، ولا يجوز الأكل والشرب بعد ذلك.

ثم النسائي رحمه الله ذكر بعد ذلك أحاديث أو آثار موقوفة على حذيفة، وفيها أنه كان رضي الله عنه يتسحر ثم يقوم إلى الصلاة، وبين توقفه عن الأكل والشرب ودخوله في الصلاة وقتاً يسيراً، وجاء أيضاً ذلك مبينا في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، أنه (كان السحور والصلاة مقدار قراءة خمسين آية)، فهذا كله يبين لنا عدم صحة ما جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه، وعلى تأويل السندي في الحاشية يكون لا إشكال فيه، لكن ذكر الشمس فيه، وأنه يراد بها الفجر، هذا بعيد، فالأظهر أنه على ظاهره، ولكنه معلول من جهة مخالفته لما جاء في القرآن، ولما جاء في السنة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن جهة أن عاصم بن أبي النجود صدوق له أوهام، والذي نقل من طريق زر عن حذيفة: أن حذيفة رضي الله عنه تسحر وقام إلى الصلاة، وكان بين قيامه إلى الصلاة وبين سحوره وقتاً يسيراً.

تراجم رجال إسناد حديث حذيفة: (أي ساعة تسحرت مع رسول الله؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع)

قوله: [أخبرنا محمد بن يحيى بن أيوب].

ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.

[أخبرنا وكيع].

هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا سفيان].

هو سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل قد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وإذا جاء وكيع يروي عن سفيان فالمراد به سفيان الثوري وليس سفيان بن عيينة.

[عن عاصم].

هو عاصم بن بهدلة بن أبي النجود، وهو صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وروايته في الصحيحين مقرونة، وقد ذكرت فيما مضى: أن الذين صنفوا في رجال الكتب الستة يعتبرون من روي له مقروناً أن روايته في الأصول، ولهذا يرمزون له برمز الأصل، ولهذا رمز لـعاصم بحرف عين، مع أن البخاري، ومسلم إنما رووا عنه مقروناً، ولم يرووا عنه استقلالاً.

[عن زر].

هو ابن حبيش، وهو ثقة مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[قلنا لـحذيفة بن اليمان].

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى الصلاة ... صلينا ركعتين وأقيمت الصلاة وليس بينهما إلا هنيهة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن عدي قال: سمعت زر بن حبيش أنه قال: (تسحرت مع حذيفة رضي الله عنه ثم خرجنا إلى الصلاة فلما أتينا المسجد صلينا ركعتين، وأقيمت الصلاة، وليس بينهما إلا هنيهة)].

أورد النسائي الحديث عن حذيفة ولكنه موقوف، وزر يقول: إنه تسحر مع حذيفة ثم قام إلى الصلاة، وكان بين انتهائه من السحور ودخوله في الصلاة هنيهة، يعني: زمناً يسيراً، وهذا يبين لنا أن حذيفة رضي الله عنه إنما كان يتسحر على هذا الوجه الذي يخالف ما جاء في الحديث المتقدم من أنه في النهار إلا أن الشمس لم تطلع، وأن تسحره إنما كان قبل طلوع الفجر، وأنه بعدما انقضى من السحور قام إلى الصلاة، وكان بين قيامه إلى الصلاة وبين سحوره هنيهة، أي: زمناً يسيراً.

تراجم رجال إسناد حديث: (تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى الصلاة ... صلينا ركعتين وأقيمت الصلاة وليس بينهما إلا هنيهة)

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].

هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[عن محمد].

هو ابن جعفر الملقب غندر، وقد ذكرت مراراً وتكراراً أنه إذا جاء محمد بن بشار أو محمد بن المثنى يرويان عن محمد غير منسوب، أو محمد يروي عن شعبة وهو غير منسوب، فالمراد به غندر محمد بن جعفر البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا شعبة].

هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن عدي].

هو عدي بن ثابت، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[سمعت زر عن حذيفة].

وقد مر ذكرهما.

حديث: (تسحرت مع حذيفة ثم خرجنا إلى المسجد فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصلاة فصلينا) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا محمد بن فضيل حدثنا أبو يعفور حدثنا إبراهيم عن صلة بن زفر أنه قال: (تسحرت مع حذيفة رضي الله عنه، ثم خرجنا إلى المسجد فصلينا ركعتي الفجر، ثم أقيمت الصلاة فصلينا)].

أورد النسائي حديث حذيفة موقوفاً عليه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا محمد بن فضيل].

هو محمد بن فضيل بن غزوان، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا أبو يعفور].

هو عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا إبراهيم].

هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن صلة بن زفر].

ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن حذيفة].

وقد مر ذكره.

قدر ما بين السحور وصلاة الصبح

شرح حديث زيد بن ثابت: (تسحرنا مع رسول الله ثم قمنا إلى الصلاة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قدر ما بين السحور وبين صلاة الصبح.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا وكيع حدثنا هشام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان بينهما؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية)].

أورد النسائي هذه الترجمة وهي: قدر ما بين السحور والصلاة، أي: المدة التي تكون بين السحور والصلاة؛ لأن السحور يكون عند وجود الأذان للصلاة، والمراد الأذان الثاني، فالمسافة التي تكون بين الأذان والإقامة، وهي التي تكون بين الامتناع عن الأكل والشرب لمن يريد أن يصوم، وذلك عند حصول الأذان الثاني، هذا هو المقصود من هذه الترجمة، أي: المدة الزمنية التي تكون بين الأذان والإقامة، أو التي تكون بين الامتناع عن الأكل والشرب الذي يحصل عند الأذان، وبين الإقامة، وأورد حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: مقدار ما يقرأ خمسين آية).

يعني: مقدار قراءة خمسين آية بين الأذان والإقامة، وهذا تقدير للوقت بالفعل الذي هو قراءة القرآن، فهذا هو المقدار الذي يكون بين الامتناع عن الأكل والشرب، وهو بدء النهار الشرعي وبدء الصيام، وبين الإقامة، مقدار خمسين آية، فكانوا يحددون ويقدرون الأوقات وبمقدار ما يقرأ من القرآن؛ لأن القرآن هو شغلهم الشاغل، وهو الذي يفعلونه دائما وأبدا، ولهذا يقدرون به الزمن، ولهذا قال حذيفة: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.

الحاصل: أن الامتناع عن الأكل والشرب إنما يكون عند دخول الوقت الذي يدل عليه الأذان، وأن هناك مدة بين الامتناع عن الأكل والشرب وبين الصلاة، وهي هذا المقدار الذي جاء بيانه في هذا الحديث، وهو مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية من كتاب الله عز وجل.

تراجم رجال إسناد حديث زيد بن ثابت: (تسحرنا مع رسول الله ثم قمنا إلى الصلاة قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].

هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.

[حدثنا وكيع].

وقد مر ذكره.

[حدثنا هشام].

هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن قتادة].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن أنس].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[عن زيد بن ثابت].

رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

ذكر اختلاف هشام وسعيد على قتادة فيه

شرح حديث زيد بن ثابت: (تسحرنا مع رسول الله ثم قمنا إلى الصلاة ... قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر اختلاف هشام، وسعيد على قتادة فيه.

أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا هشام حدثنا قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما أنه قال: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: زعم أن أنساً القائل: ما كان بين ذلك؟ قال: قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية)].

أورد النسائي حديث زيد بن ثابت، وهو مثل الذي قبله، وفيه قوله: قلت: زعم أن أنساً القائل: ما مقدار ذلك؟ يعني ما بين الأذان والإقامة، أو بين السحور والصلاة، أن السائل هو أنس بن مالك، يعني: سأل زيداً رضي الله عنه، لكن جاء في الرواية الثانية أن المسئول هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وقال: قلنا لـأنس: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية، والقائل ذلك هو قتادة الذي روى عن أنس، قلنا: أي: قتادة ومن معه الذين كان يحدثهم بهذا الحديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

تراجم رجال إسناد حديث زيد بن ثابت: (تسحرنا مع رسول الله ثم قمنا إلى الصلاة ... قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].

هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

[حدثنا خالد].

هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا هشام].

هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وقد مر ذكره.

[حدثنا قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت].

وقد مر ذكرهم.

حديث: (تسحر رسول الله وزيد بن ثابت ... قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث حدثنا خالد حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (تسحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزيد بن ثابت رضي الله عنه، ثم قاما فدخلا في صلاة الصبح، فقلنا لـأنس: كم كان بين فراغهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الإنسان خمسين آية)].

أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة تسحر زيد بن ثابت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيامه إلى الصلاة، وأن بين سحوره وبين قيامه إلى الصلاة مقدار ما يقرأ الإنسان خمسين آية، فهو مثل ما تقدم، وفيه أن المسئول عن المقدار هو أنس بن مالك رضي الله عنه.

قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].

هو أحمد بن مقدام، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

[حدثنا خالد].

هو خالد بن الحارث، وقد مر ذكره.

[حدثنا سعيد].

هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، من أثبت الناس في قتادة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن قتادة عن أنس].

وقد مر ذكرهما.

ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة في تأخير السحور واختلاف ألفاظهم

شرح حديث: (قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة رضي الله عنها في تأخير السحو، واختلاف ألفاظهم.

أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن سليمان عن خيثمة عن أبي عطية أنه قال: قلت لـعائشة رضي الله عنها: (فينا رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدهما: يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر: يؤخر الإفطار ويعجل السحور. قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قلت: عبد الله بن مسعود، قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصنع)].

أورد حديث عائشة رضي الله عنها في تأخير السحور، وأن هذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورد النسائي فيه حديث أبي عطية، أنه جاء إلى عائشة رضي الله عنها وسألها، وقال: (فينا رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والثاني يعجل السحور، ويؤخر الإفطار، فقالت: من الذي يقدم الإفطار، ويؤخر السحور؟ فقال: عبد الله بن مسعود، فقالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع). أي: أن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه هو تعجيل الإفطار وتأخير السحور، فهو دال على الترجمة من حيث تأخير السحور، وأن هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور ...)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].

هو الصنعاني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

[حدثنا خالد].

هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا شعبة].

وقد مر ذكره.

[عن سليمان].

هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، لقبه الأعمش، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن خيثمة].

هو خيثمة بن عبد الرحمن الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي عطية].

هو مالك بن عامر الوادعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.

[عن عائشة].

هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، وهي الصحابية التي روت الحديث الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم ستة رجال وامرأة واحدة، وهذه المرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

حديث: (فينا رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن خيثمة عن أبي عطية أنه قال: قلت لـعائشة رضي الله عنها: (فينا رجلان أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الفطر ويعجل السحور. قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قلت: عبد الله بن مسعود. قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصنع)].

أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].

وقد مر ذكره.

[حدثنا عبد الرحمن].

هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[حدثنا سفيان].

هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.

[عن خيثمة عن أبي عطية عن عائشة].

وقد مر ذكرهم.

حديث: (رجلان من أصحاب رسول الله ... أحدهما يؤخر الصلاة والفطر ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا حسين عن زائدة عن الأعمش عن عمارة عن أبي عطية أنه قال: (دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها، فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلاهما لا يألو عن الخير: أحدهما يؤخر الصلاة والفطر، والآخر يعجل الصلاة والفطر، فقالت عائشة رضي الله عنها: أيهما الذي يعجل الصلاة والفطر؟ قال مسروق: عبد الله بن مسعود. فقالت عائشة رضي الله عنها: هكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)].

أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهي مثل التي قبلها، وابن مسعود رضي الله عنه هو الذي يعجل الصلاة والفطر، أي: أنه يبادر إلى الإفطار عند غروب الشمس، ولا يؤخر الإفطار ولا الصلاة.

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].

هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

[حدثنا حسين].

هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن زائدة].

هو ابن قدامة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن الأعمش].

وقد مر ذكره.

[عن عمارة].

هو عمارة بن عمير، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي عطية].

أبو عطية، وقد مر ذكره.

مسروق].

مسروق ليس من رجال الإسناد، وإنما أبو عطية كان مع مسروق فدخلوا على عائشة وسألها، والذي يروي في الإسناد هو أبو عطية، ومسروق هو ابن الأجدع، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، لكنه ليس من رجال الإسناد، وإنما جاء ذكره لأنه كان معه لما دخل على عائشة.

شرح حديث عائشة: (رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ...) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد بن السري عن أبي معاوية عن الأعمش عن عمارة عن أبي عطية أنه قال: (دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقلنا لها: يا أم المؤمنين! رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أحدهما: يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، فقالت: أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قلنا: عبد الله بن مسعود. قالت: هكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والآخر أبو موسى رضي الله عنهما)].

أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم، وفيه أنهم سألوا جميعاً، وفي بعض الروايات المتقدمة: أن الذي سأل مسروق، وفي بعضها: أن الذي سأل أبو عطية، وهذه الرواية الأخيرة فيها الجمع بينهما، وأن السؤال حصل منهما جميعاً، وأنه أحياناً ذكر أن السائل مسروق وهو سائل بالفعل، وفي بعضها أنه أبو يعفور وهو سائل بالفعل، وفي هذه الرواية أنهم سألوا جميعاً، فالجمع بين كون السائل مسروق، وأبو عطية أنهما سألا جميعاً، وجاء في بعض الروايات إسناد السؤال إلى أحدهما، لكن لا تنافي بين إسناده إلى هذا وإلى هذا؛ لأن السؤال حصل من الجميع.

تراجم رجال إسناد حديث: (رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ...) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا هناد بن السري].

هو هناد بن السري أبو السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[عن أبي معاوية].

هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن الأعمش].

وقد مر ذكره.

[عن عمارة عن أبي عطية عن عائشة].

وقد مر ذكرهم.

الأسئلة

مدى صحة نسبة الإمام النسائي إلى التشيع

السؤال: عند مطالعتي لكتاب تهذيب الكمال في ترجمة الإمام النسائي رحمه الله، نقل رواية عن الإمام الحافظ ابن عساكر بإسناده عن أبي الحسن علي بن محمد القادسي، قال: سمعت أبا علي الحسن بن أبي هلال يقول: سئل أبو عبد الرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه، فقال: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار، قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة. أفلا تدل هذه العبارة العظيمة على تبرئته مما رمي به من التشيع؟

الجواب: هذا بلا شك يدل على سلامته من التشيع، لكن إذا حصل منه تشيع، فهو التشيع الذي لا يؤثر؛ لأن نسبة بعض العلماء الثقات الأثبات إلى التشيع، وهم إما برآء منه، أو أنه التشيع الذي لا يؤثر، فكون اعتقاد أن علياً أفضل من عثمان، فهذا لا يؤثر؛ لأنه جاء عن جماعة من العلماء تفضيل علي على عثمان، ومنهم: عبد الرزاق، والأعمش، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وكل هؤلاء من الأئمة الأجلة، وهذا اعتبره بعض العلماء تشيعاً، ولكن ذلك لا يؤثر، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر العقيدة الواسطية: أن تقديم علي على عثمان في الفضل ليست من المسائل التي يبدع فيها، وإن كان المعروف عن أهل السنة أن عثمان أفضل من علي، إلا أن القول بتفضيل علي على عثمان لا يبدع قائله، وإنما الذي يبدع قائله هو من قال: أن علياً أولى منه في الخلافة؛ لأنه خلاف ما اتفق عليه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين قدموا عثمان على علي رضي الله تعالى عن الجميع، والمشهور عن أهل السنة أن عثمان أفضل من علي، وأن ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل كترتيبهم في الخلافة، أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ولا شك أن هذه كلمة عظيمة التي نقلت عن النسائي في معاوية، ومن المعلوم أن الشيعة الرافضة، وغير الرافضة يشتركون في سب معاوية، وفي النيل منه، فمن يتبرأ من النيل من معاوية يدل على سلامته من هذا الوصف، وسبق أن ذكرت فيما مضى: أن أبا نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري، أنه كان يرمى بالتشيع، وقد نقل عنه أنه قال: ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية. وهذا يستدل به على سلامته مما رمي به؛ لأن الشيعة بما فيهم الزيدية الذين هم أخف من غيرهم، ينالون من معاوية، ويسبونه ويشتمونه، وإن كانوا لا ينالون من أبي بكر، وعمر كما تفعل الرافضة، إلا أنهم يشتركون في معاوية رضي الله عنه، فمن سلمه الله، أو سلم لسانه وقلبه من أن يقع في قلبه شيء في حق معاوية رضي الله عنه، فهذا يدل على سلامته في حق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم.

مدى صحة نسبة كتاب الروح لابن القيم بما فيه من عبارات ومنامات غير محققة

السؤال: كتاب الروح، هل هو من تأليف العلامة ابن قيم الجوزية؟ وما هو قولكم في احتوائه على حكايات، وخرافات عديدة، وبعض الأقوال للصوفية؟

الجواب: نعم من تأليفات ابن القيم، وقد نقل عنه العلماء، ولا شك أن فيه كلمات وعبارات ومنامات وأشياء ليس فيها التحقيق المعروف عن ابن القيم، فلعل هذا الكتاب كان من أول ما كتب، أو في أوائل ما كتب، ففيه أشياء منكرة، وفيه أشياء ليس فيها تحقيق، وأذكر على سبيل المثال: أنه في كتاب الروح لما جاء عند ذكر النفس والروح، وبيان ما يطلقان عليه، قال: إن النفس يطلق على الدم، ثم قال: وفي الحديث: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه! فاعتبره حديثاً وأطلق عليه أنه حديث، مع أنه في كتاب زاد المعاد لما جاء عند مسألة الذباب وغمسه في الماء إذا وقع فيه، أو في الطعام؛ لأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وأنه يغمس حتى يأتي الشفاء مع الداء فيزيل الداء، ذكر أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وقال: من جهة أن فيه أمر بغمس الذباب، وقد يكون الماء حاراً، فإذا غمس فيه مات، فيكون الذباب وهو ليس له نفس سائلة -يعني: ليس فيه دم- لا ينجس الماء إذا مات فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بغمسه، ثم قال: وقد قال إبراهيم النخعي الذي مر علينا في الإسناد إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وقد قال ابن القيم: وأول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة، فقال: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده، فهو يقول: أن هذه العبارة من عبارات إبراهيم النخعي، وفي الروح يقول: في الحديث، فالكتاب فيه أشياء من حكايات ومنامات تفتقر إلى التحقيق كما في هذا المثال الذي أشرت إليه.

توجيه مخالفات الذهبي للحاكم في المستدرك

السؤال: إن الحافظ الذهبي علق على بعض الأحاديث في المستدرك، ونجد بعض أهل العلم من بعد الذهبي إلى يومنا هذا يقولون خلاف ما قال، ويوافقونه في بعض ما قال، فهل هذا دليل على أن الذهبي رحمه الله لم يتتبع أحاديث المستدرك تتبعاً جيداً يسلم له فيه، أم أنه قصد الاختصار وعدم التدقيق؟

الجواب: هو لا شك أنه تلخيص، ولكنه أحياناً يوافق فيقول: صحيح، وأحياناً يخالف فيقول: لا، يعني الحاكم قال كذا، ثم يقول: لا ليس الأمر كذلك، بل فلان هو كذا وكذا، فالحاصل أن كتاب الذهبي رحمة الله عليه هو طبعاً كتاب تلخيص، فالشيء الذي وافق فيه يقال فيه: صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأحياناً يصحح الحاكم، ويعارض الذهبي هذا التصحيح ويخالفه ويقول: لا، مثل: أحيانا يقول الحاكم: على شرط الشيخين، ويقول الذهبي: فلان ليس على شرطهما، أو فلان ليس على شرط فلان، وفلان لم يخرج له فلان، فهو وهم من الحاكم، وأحياناً يقول: لا ليس صحيحاً، بل هو كذا وكذا.

دلالة إقامة القصاص بين البهائم يوم القيامة مع أنها غير مكلفة

السؤال: الحديث الذي في صحيح مسلم: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)، ومن المعلوم بالإجماع أن البهائم لا تكليف عليها، فكيف يقاد لهذه وهذه؟

الجواب: هذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصول هذا الشيء فيه أن المخلوقين سيجري العدل بينهم، وسيحصل العدل والقصاص بينهم، كما أن هذه المخلوقات التي هي غير مكلفة يقتاد لبعضها من بعض، فإن صاحب الحق لا يفوته حقه ولا يضيع، بل سيحصل على حقه، فيعلم أن الله سبحانه وتعالى يمكنه من حقه، ومن ظلم فإنه يحذر الظلم، ويبتعد عنه حتى لا يحصل أن يقاد منه، وذلك إنما هو بالحسنات، كما جاء في حديث: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم عنده ولا متاع، قال عليه الصلاة والسلام: المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا، فيعطى لهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه، ثم طرح في النار)، فهذا فيه إظهار كمال عدل الله عز وجل، وأن الله تعالى لا يضيع عنده شيء، وأن المظلوم سينصف من الظالم، وأن الظالم سيؤخذ منه الحق، وأن على الظالم أن يتنبه وأن يحذر الظلم حتى لا يعرض نفسه لأن تؤخذ حسناته وتعطى للناس الآخرين؛ لأن الناس يوم القيامة ليس عندهم أموال كما هو شأنهم في الدنيا، وإنما الذي عندهم هي الحسنات والسيئات.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب الصيام - (باب تأخير السحور) إلى (باب ذكر الاختلاف على الأعمش في خبر تأخير السحور) للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net