إسلام ويب

جبل الإنسان على حب الخيل لما تتمتع به من صفات كريمة، ومع ذلك فإن في بعض الخيل صفات مكروهة كالشكال، والذي فسره البعض بأنه وجود التحجيل في اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، أو في اليد اليسرى مع الرجل اليمنى، وهو ما يسميه البعض التحجيل من خلاف.

حب الخيل

شرح حديث: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب حب الخيل.

أخبرني أحمد بن حفص حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد النساء من الخيل)].

يقول النسائي رحمه الله: حب الخيل، الخيل تحب؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أحاديث، منها: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، فهذا يبعث على محبتها، وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أنس رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل)، الحديث فيه دلالة على محبة الخيل، وأنه يلي محبة النساء، وقد جاء في الحديث: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب)، وقيل: إنه لعله لم يذكر الخيل مع النساء والطيب؛ لأن حب الخيل من الدين، ولأنها من أسباب الانتصار، ومن أسباب الخير للمسلمين، وأما النساء والطيب فهي محببة من الأمور الدنيا، ولكن الخيل لم تذكر معها لكونها تتخذ للجهاد في سبيل الله، وفيه إعلاء كلمة الله، وإظهار دين الله، فلم تذكر مع الاثنتين اللتين هما النساء والطيب، ولكن الذي يدل على محبتها، وعلى الرغبة فيها، ما أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم،عنها بقوله: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وقد مر جملة من الطرق لهذا الحديث، ويأتي أيضاً جملة من الطرق له.

وهذا الحديث ضعفه الألباني، ولعل السبب في ذلك وجود مدلسين، هما: سعيد بن أبي عروبة، وكذلك أيضاً قتادة، وكل منهما مدلس، وقد جاء الحديث بالعنعنة عن كل واحد منهما.

تراجم رجال إسناد حديث: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل)

قوله: [أخبرني أحمد بن حفص].

هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.

[عن أبيه].

هو حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، خرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، أي: زيادة على ابنه خرج له ابن ماجه.

[عن إبراهيم بن طهمان].

ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن سعيد بن أبي عروبة].

ثقة، كثير التدليس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن قتادة].

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أنس بن مالك].

رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، وقد عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والسبعة المعروفون بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.

ما يستحب من شية الخيل

شرح حديث أبي وهب الجشمي في شية الخيل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ما يستحب من شية الخيل.

أخبرنا محمد بن رافع حدثنا أبو أحمد البزاز هشام بن سعيد الطالقاني حدثنا محمد بن مهاجر الأنصاري عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب وكانت له صحبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن، وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها، وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار، وعليكم بكل كميت أغر محجل، أو أشقر أغر محجل، أو أدهم أغر محجل)].

ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: شية الخيل، يعني: صفة الخيل، والأشياء التي يحرص عليها، ويرغب فيها أن تكون عليها الخيل، أورد النسائي حديث أبي وهب الجشمي رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن).

قوله: (تسموا بأسماء الأنبياء)، أمر بالتسمي بأسماء الأنبياء، والحديث في إسناده رجل مجهول وهو عقيل بن شبيب، ولكن جاء ما يدل على مقتضى هذه الجملة، وذلك في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من قوله صلى الله عليه وسلم، لما ولد ابنه إبراهيم، قال: (ولد الليلة لي غلام وسميته باسم أبي إبراهيم)، فهذا يدل على التسمي بأسماء الأنبياء؛ لأنه ما قال: سميته إبراهيم وسكت، وإنما قال: سميته باسم أبي إبراهيم.

(أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) هذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التعبيد لله عز وجل، وأن يعبد بأسمائه هذا ثابت، لكن الحديث الذي فيه: (خير الأسماء ما عبد وحمد)، هذا غير ثابت، لكن الثابت قوله: (عبد الله وعبد الرحمن)، هذان هما أحب الأسماء إلى الله عز وجل، والتعبيد لله عز وجل بهذين الاسمين لا شك أنه أفضل من غيره؛ لأن هذين الاسمين اسمان مختصان بالله عز وجل لا يطلقان على غيره، فلا يطلق الله إلا على الله، ولا يطلق الرحمن إلا على الله، وهناك أسماء أيضاً لا تطلق إلا على الله، مثل: الصمد والخالق وبعض الأسماء، لكن الحديث جاء بالتنصيص على هذين الاسمين، وهما: الله والرحمن، وأن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، فهذه الجملة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حديث آخر.

ثم قال: [(وارتبطوا الخيل)]، وربط الخيل للجهاد في سبيل الله، وحبسها في سبيل الله أيضاً ثابت، وسبق أن مر بنا حديث الرجل الذي له فيها أجر، وهو رجل ربطها واحتبسها في سبيل الله، ويكون له كذا وكذا من الأجر، فارتباط الخيل في الجهاد في سبيل الله ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: [(وامسحوا بنواصيها وأكفالها)].

نواصيها مقدمتها، وأكفالها أفخاذها، قيل: إن المقصود من ذلك الاستئناس بها وتأنيسها، وكونها تستأنس بصاحبها عندما يمسح عليها، فإن ذلك فيه استئناس له، واستئناس لها بمسها والقرب منها، وقيل: إن المقصود من ذلك معرفة حالها وجس سمنها، بكونه يمسح على أفخاذها، وقيل: إن المقصود من ذلك هو إزالة الغبار عنها بكون الإنسان ينفض ذلك عنها بيده ويزيله عنها.

قوله: [(وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار)]، قيل: إن المقصود بقوله: قلدوها، أي: يعدونها لإعلاء كلمة الله عز وجل، وللجهاد في سبيل الله، فكأن هذا أمر لازم لزوم القلادة للعنق، وقيل: ولا تقلدوها الأوتار، يعني: لا تقلد للفخر والخيلاء وأخذ الثأر، وما يحصل بين القبائل من الاقتتال بغير حق، لا تتخذ الخيل لتستعمل لهذه الأغراض، وقيل: إن المقصود: لا تقلدوها الأوتار، أي: أنها لا تقلد الأوتار في أعناقها، إما لكون ذلك سبباً في اختناقها عندما ترعى في شجرة وليس عندها أحد، فيعلق عود من الأعواد بها، فيؤدي ذلك إلى اختناقها، وقيل: إن المقصود بذلك أنهم في الجاهلية كانوا يقلدونها الأوتار لتحميها من العين، وحتى لا يصيبها عين بسبب ذلك، فالمنع لهذه الأغراض.

قوله: [(وعليكم بكل كميت أغر محجل)].

وهذه هي الصفات المرغوبة في الخيل، والتي هي المقصودة بالترجمة، بقوله: شية الخيل، أي: صفتها وعلامتها، وقال: (عليكم بكل كميت أغر محجل)، والكميت هو الذي اختلطت الحمرة فيه بالسواد، أي: ليست حمرة خالصة ولا سواداً خالصاً، وإنما بين بين، والأغر هو الذي في ناصيته ووجهه بياض، هذا هو الأغر، والمحجل هو الذي في قوائمه بياض، يعني: تحت الركبتين وفوق الحافر، فتكون تلك المنطقة فيها بياض.

قوله: [(أو أشقر أغر محجل)]، والأشقر هو الأحمر الخالص الحمرة، (والأدهم الأغر المحجل هو الأسود)، فهذه هي الصفات المرغوبة: الكميت، وهو: بين الحمرة والسواد، والأحمر الخالص، والأسود الخالص، وفي جميع الأحوال يكون أغر محجلاً.

تراجم رجال إسناد حديث أبي وهب الجشمي في شية الخيل

قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].

محمد بن رافع النيسابوري القشيري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.

[عن أبي أحمد البزاز هشام بن سعيد الطالقاني].

صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.

[عن محمد بن مهاجر الأنصاري].

ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.

[عن عقيل بن شبيب].

مجهول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.

[عن أبي وهب].

أبو وهب وله صحبة، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.

والحديث في سنده ذلك المجهول، لكن بعضه له شواهد تدل على ما جاء فيه، مثلما جاء في أوله، وما جاء من التسمية بأسماء الأنبياء، وكذلك التسمية بعبد الله وعبد الرحمن، وكذلك ارتباط الخيل للجهاد في سبيل الله، كل ذلك له شواهد.

الشكال في الخيل

شرح حديث: (كان النبي يكره الشكال من الخيل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الشكال في الخيل.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وأنبأنا إسماعيل بن مسعود حدثنا بشر حدثنا شعبة عن عبد الله بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يكره الشكال من الخيل)، واللفظ لـإسماعيل].

ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الشكال في الخيل، الشكال صفة من صفات الخيل، وهي مكروهة، وقد جاءت الأحاديث بكراهيتها، والشكال في الخيل فسر بعدة تفسيرات، منها ما فسره النسائي في آخر الأحاديث الواردة في الباب، أي: فسره في آخر الباب بعد الحديث الثاني: وهو أن تكون القوائم الثلاث محجلة وواحدة مطلقة، يعني: ليس فيها تحجيل، أو العكس، بأن تكون ثلاث قوائم مطلقة ورجل محجلة، وفسر التحجيل بتفسيرات أخرى، لكن أحسنها كما قاله السندي في الحاشية: أن تكون إحدى اليدين مع الرجل التي هي مخالفة لها محجلة، بحيث يكون التحجيل في اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو اليد اليسرى والرجل اليمنى، يعني من خلاف، هذا هو أرجح ما قيل في الشكال؛ لأنه ورد عند أبي داود بعد ذكر الحديث تفسير الشكال بهذا المعنى، وهو ليس مبيناً أنه من كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من كلام غيره، فإن كان من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فذلك واضح، وإن كان ليس من كلامه، وإنما من كلام بعض الرواة، فأيضاً تفسير الرواة له وجاهة وترجيح، وهو أن يكون التحجيل بين يد ورجل من خلاف، ما يكون في يد يمنى ورجل يمنى، أو يد يسرى ورجل يسرى، وإنما في يد يمنى ورجل يسرى، أو يد يسرى ورجل يمنى، ليس على التساوي بين اليد والرجل، وإنما فيه مخالفة بين الرجل واليد، فهذا هو أحسن ما قيل في تفسير الشكال.

وإنما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشكال في الخيل؛ لأن هذا مما جرب فلم يكن فيه نجابة، أي: بالتجربة ظهر أنه ليس فيه نجابة، كما قيل ومن المعلوم أن الدواب في ألوانها وفي أشكالها لها ميزة عند أهلها، ولهذا في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي يوم خيبر قال: (خير لك من حمر النعم)، يعني: هذا اللون وهذه الصفة هي من أنفس ما يكون عند العرب، فأشكالها وألوانها وهيئاتها مفضلة بعضها على بعض، ولها ميزة بعضها على بعض، ثم أيضاً من حيث التجربة، هذه الصفات تكون غالباً على هيئة حسنة، وعلى هيئة مرغوب فيها، من الوجوه المختلفة.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان النبي يكره الشكال من الخيل)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].

هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.

[عن محمد بن جعفر].

هو الملقب غندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[شعبة].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ح وأنبأنا إسماعيل بن مسعود].

هو البصري أبو مسعود، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

[عن بشر].

بشر بن المفضل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن شعبة عن عبد الله بن يزيد].

شعبة عن عبد الله بن يزيد، وهو النخعي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وذكر الحافظ ابن حجر: أن الإمام أحمد قال: إنه سلم بن عبد الرحمن النخعي، وأن شعبة أخطأ في اسمه، لكن هذا ذكر له ترجمة، وذكر من خرج له، وذاك ذكر له ترجمة وذكر من خرج له، وهما متفاوتان؛ لأن هذا خرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وذاك الذي سيأتي في الحديث الذي بعد هذا، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وجاء في الإسناد الذي بعد هذا سالم بن عبد الرحمن، وهو سلم بن عبد الرحمن وليس سالم، ونحن ما ندري من المصيب أحمد أم شعبة، وعلى كل، فكل منهما صدوق، سواء كان هذا أو هذا.

[عن أبي زرعة].

هو أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي هريرة].

هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

في سنن الترمذي قال شعبة: حدثنا عبد الله بن يزيد، أو قال: حدثنا سالم أو سلم بن عبد الرحمن، لأنه في طبعة محمد عوامة رمز لـعبد الله بن يزيد فقط مسلم، والنسائي، وهنا سلم بن عبد الرحمن، أصحاب السنن كلهم أخرجوا له مع الإمام مسلم، فطبعة أبي الأشبال هو الذي زاد فيها الترمذي، وفي تحفة الأشراف: ميم سين، أي: مسلم، والنسائي اتفقا على إخراجه من هذا الطريق: عبد الله بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة، لكن ما أدري عن زيادة الترمذي، لكن ذكر الرمز ما يلزم أن يكون في نفس الإسناد، فالمقصود بالرمز الكتاب كله كما هو معلوم؛ لأن عبد الله بن يزيد ما روى عن أبي زرعة إلا هذا الحديث، فلذلك في التقريب قال: عبد الله بن يزيد النخعي الكوفي، عن أبي زرعة في شكال الخيل، فقال: صدوق وهكذا، ومعنى هذا أنه ينظر في الترمذي، فإن كان فيه، وإلا فالتاء فيه تعتبر زائدة.

حديث: (كان النبي يكره الشكال من الخيل) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثني سلم بن عبد الرحمن عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنه كره الشكال من الخيل)، قال أبو عبد الرحمن: الشكال من الخيل أن تكون ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة، أو تكون الثلاثة مطلقة ورجل محجلة، وليس يكون الشكال إلا في رجل ولا يكون في اليد].

ثم أورد النسائي حديث: أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم، وذكر النسائي بعد ذلك تفسير الشكال، ولكن التفسير الذي بعد الحديث مباشرة في سنن أبي داود هو الأقرب والأظهر، مثلما قال السندي في الحاشية.

قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].

هو الملقب بندار البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[عن يحيى].

هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن سفيان].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن سلم بن عبد الرحمن].

هو سلم بن عبد الرحمن النخعي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

[عن أبي زرعة عن أبي هريرة].

وقد مر ذكرهما.

شؤم الخيل

شرح حديث: (الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب شؤم الخيل.

أخبرنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن منصور واللفظ له قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار)].

ثم ذكر هذه الترجمة وهي: شؤم الخيل، والمقصود من ذلك ما ورد فيما يتعلق بالشؤم في الخيل، وما ذكر معها من المرأة والدار، وفسر الشؤم بأن هذه الثلاثة الأشياء جعلها الله عز وجل أسباباً، وقد يحصل بسببها ضرر، فقالوا: فإذا اعتقد بأن غير الله عز وجل يؤثر، وأن تلك مؤثرة، فذلك باطل وغير سائغ، وأما إذا كانت أسباباً، يكون فيها الخير، ويكون فيها الشر، وهي ملازمة للإنسان، وتكون معه باستمرار، ويحصل الضرر بها، فقد يكون في نفسه منها شيء، فهذا من شؤمها، وقيل: إن هذا اللفظ الذي جاء وهو الشؤم في ثلاث، إنه جاء في بعض الأحاديث بألفاظ أخر، وهي: (إن يكن الشؤم في شيء ففي ثلاث)، وليس يلزم أن يكون، ولكن إشارة إلى أنه لو كان أو إن كان، فإنه يكون في هذه الأشياء لملازمة الإنسان لها؛ لأن الإنسان يلازم البيت، ويلازم المركوب، ويلازم المرأة، فإن كان شؤم فإنه فيها، ولفظ (إن) أحياناً يأتي ولا يكون، مثلما جاء في نصوص كثيرة كقوله: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يشرك، فلا يحبط عمله، ولا يلزم من حصول الشرط أن يقع جوابه، وإنما هو على سبيل الفرض، أي: لو حصل كذا لكان كذا وكذا، فإن كان الشؤم في شيء فإنه يكون في هذه الأشياء، مع أن الشؤم لا يكون، ولا يتشاءم الإنسان في شيء، وإنما ترجع الأمور كلها إلى الله عز وجل، ويعتمد على الله ويتوكل عليه، وعلى هذا فالروايات التي جاء فيها: (إن يكن الشؤم في شيء ففي ثلاث..)، قال الشيخ الألباني: إنها هي المحفوظة.

وأما ما جاء في هذا اللفظ الذي هو بغير الشرط، فإنه يكون شاذاً؛ لأن هذا فيه إثبات الشؤم، وذاك ليس فيه إثبات الشؤم، ولكن فيه إثبات أنه لو كان فإنه يكون في هذه الأشياء، وليس من شرط أو أنه يلزم من وجود الشرط أن يوجد جوابه، لكن المقصود من ذلك أنه إن كان فإنه يكون، وليس بلازم أن يكون الشؤم في هذه الثلاث: الفرس، والمرأة، والدار، وإنما ذكرت هذه الأشياء لملازمة الإنسان لها.

وعلى من يقول برواية الباب، يكون المراد أن هذه الأشياء الثلاث هي أسباب عادية لحصول الشر، كما أنها تكون أيضاً أسباباً عادية لحصول الخير، فإذا لوحظ أنه يحصل فيها لملازمتها شيء من الشر، فليس من قبيل كون هذه الأشياء مؤثرة، وأن تلك الأسباب يحصل منها شيء بغير إذن الله عز وجل، ولهذا قال المحشي: إن كان هذا من هذا القبيل يكون جائزاً، لكن الأظهر والأقرب التفسير الثاني الذي هو أن (إن) شرطية، وليس من لازم وجود الشرط أن يكون حاصلاً جوابه الذي هو وجود الشؤم.

تراجم رجال إسناد حديث: (الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار)

قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

محمد بن منصور].

هو محمد بن منصور الجواز المكي، ثقة، أخرج له النسائي وحده.

[عن سفيان].

هو ابن عيينة، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن الزهري].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن سالم].

هو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبيه].

هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس)].

ذكر حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.

قوله: [أخبرني هارون بن عبد الله].

هو الحمال البغدادي، ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

[عن معن].

هو معن بن عيسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن مالك].

هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وهو الإمام المشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

الحارث بن مسكين].

هو شيخ النسائي، أي: هذا إسناد آخر يرجع إلى هارون؛ لأن هارون شيخه والحارث بن مسكين شيخه، ولكن هنا ما ذكر حاء التحويل، والمقصود أن الحارث بن مسكين معطوف على هارون؛ لأن هذا إسناد آخر يبدأ من جديد، والحارث بن مسكين ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.

[عن ابن القاسم].

هو عبد الرحمن بن القاسم، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.

[عن مالك عن ابن شهاب].

وقد مر ذكرهما.

[عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر].

حمزة هو شقيق سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[عن عبد الله بن عمر].

وقد مر ذكره.

شرح حديث: (إن يك في شيء ففي الربعة والمرأة والفرس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إن يك في شيء ففي الربعة، والمرأة، والفرس)].

أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه: (إن يك) -أي: الشؤم- (في شيء ففي الربعة والمرأة والفرس)، والمقصود بالربعة الدار، الربعة والربع الدار، ولهذا جاء في الحديث لما أراد أن يدخل إلى مكة، أتنزل في دارك؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع؟ أي: هل ترك لنا من دور؟ فالرباع هي الدور، والربعة هي الدار، فهي مثل الحديث الذي مر، أي: فيه لفظ الدار، والمقصود به الدار أو المنزل، والربع أو الربعة هي الدار، والحديث مثل الأحاديث الأخرى التي جاءت بلفظ: (إن يك الشؤم ففي كذا).

تراجم رجال إسناد حديث: (إن يك في شيء ففي الربعة والمرأة والفرس)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].

ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

[عن خالد].

هو خالد بن الحارث البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن ابن جريج].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي الزبير].

هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، صدوق يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[عن جابر].

هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب الخيل - (باب حب الخيل) إلى (باب شؤم الخيل) للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net