اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب الأشربة - (باب ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر) إلى (باب توبة شارب الخمر) للشيخ : عبد المحسن العباد
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب الأشربة - (باب ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر) إلى (باب توبة شارب الخمر) للشيخ : عبد المحسن العباد
أخبرنا علي بن حجر أخبرنا عثمان بن حصن بن علاق الدمشقي حدثنا عروة بن رويم: (أن ابن الديلمي ركب يطلب عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال ابن الديلمي : فدخلت عليه فقلت: هل سمعت يا عبد الله بن عمرو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر شأن الخمر بشيء؟ فقال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً ) ].
يقول النسائي رحمه الله: (ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر)، يعني: المتعلقة في بيان عقوبة شارب الخمر في عدم قبول صلاته لمدة أربعين يوماً، فقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن عبد الله بن الديلمي سأله: ( هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الخمر بشيء؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً )، يعني المقصود من هذا: أن الإنسان إذا شرب الخمر فإن الله تعالى يعاقبه بأن يحرمه ثواب صلوات أربعين يوماً، تلك الصلوات التي صلاها يحرم ثوابها ولا يكون له ثواب عليها، وهذه عقوبة له على هذا العمل الذي عمله، ولكن لا يعني أنه يقضي هذه الصلوات التي لم تقبل منه، فهي مجزئة، ويعتبر قد أدى ما عليه ولا يقضيه، ولكنه عوقب بحرمان قبول تلك الصلوات، هذا هو المقصود من الحديث: من أنه عوقب عقوبة عظيمة؛ وهو أن هذه الصلوات التي صلاها وأداها لا تنفعه عند الله عز وجل؛ لأن الله تعالى لا يقبل منه تلك الصلوات، ولا يثيبه عليها.
وقوله: (لا يشرب الخمر رجل من أمتي)، الأمة هنا أمة الإجابة؛ لأنهم هم الذين يصلون وتقبل صلاتهم، أما أمة الدعوة الذين لم يسلموا ولم يدخلوا في الإسلام، فهؤلاء لا تقبل ولا تصح لهم صلاة مع عدم وجود الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومع عدم وجود شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وقوله: (رجل) الرجل لا مفهوم له، والمرأة كذلك لو حصل منها أن شربت الخمر فإنها تعاقب بهذه العقوبة، ولكن ذكر الأحكام مضافة إلى الرجال لأنهم هم المخاطبون في الغالب، وإلا فإنه ليس له مفهوم من جهة أن هذا حكم خاص بالرجل والمرأة ليست كذلك، بل الأمر في ذلك سواء، فالأصل أن الأحكام يستوي فيها الرجال والنساء إلا ما جاء دليل يدل على اختصاص الرجال به أو اختصاص النساء به هذا هو الأصل، فإذا وجد ما يختص به الرجال عن النساء أو النساء عن الرجال هو هذا الذي وجد من الدليل الفرق والمبين الفرق بين الرجال والنساء، وحيث لا يأتي شيء، فإن الأحكام في ذلك سواء، ولو جاء ذكر الرجل أو جاء بذكر لفظ الرجل فإنه لا يكون له مفهوم، (لا يشرب الخمر رجل من أمتي فيقبل الله منه صلاة أربعين يوماً).
هو: علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
[أخبرنا عثمان بن حصن بن علاق ].
عثمان بن حصن بن علاق ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي .
[حدثنا عروة بن رويم ].
عروة بن رويم، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي وابن ماجه.
[أن ابن الديلمي ].
وهو: عبد الله بن فيروز الديلمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما].
وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي هذا الأثر عن مسروق وقال: (القاضي إذا قبل الهدية)، أي: إذا أخذ الهدية فقد أكل السحت؛ لأنه قال مقول القول: القاضي إذا أخذ الهدية فقد أكل السحت، وليس كما في الرسم في الكتابة: قال القاضي ثم تأتي نقطتين، ويصير مقول القول بعد ذلك، فإن القاضي هو داخل في مقول القول، قال: (القاضي إذا أخذ الهدية فقد أكل السحت، وإذا قبل الرشوة بلغت به الكفر)، وقال مسروق: (من شرب الخمر فقد كفر)، وهذا محل الشاهد من إيراد الأثر في هذه الترجمة: (من شرب الخمر فقد كفر، وكفره: أن ليس له صلاة).
يعني: مدة أربعين يوماً، وكفره: أن ليس له صلاة أربعين يوماً، فالكافر ليس له صلاة أولاً، لو صلى لا تصح صلاته ولا تقبل صلاته، وهذا إذا شرب الخمر فإنه يحرم أو لا تقبل منه أربعين يوماً، فيصير مثل الكافر الذي لا تقبل منه صلاة لو صلى، فهذا صلاته التي صلاها في مدة أربعين يوماً لا تقبل منه، فيكون بذلك مشابهاً للكافر في عدم قبول عمله، وأن عمله قد حبط، ولكن الكافر حبوط عمله مستمر ودائم، وأما هذا فحبوط عمله يتعلق بالصلاة وأنها لا تقبل لمدة أربعين يوماً، وفي هذا زجر وردع، وهو يشبه ما سبق أن مر من قول أبي موسى الأشعري : لا أبالي إن شربت الخمر أو عبدت هذه السارية من دون الله عز وجل، يعني: فيه بيان خطورة ذلك الذنب وأنه عظيم، لكن لا يكون كفراً إلا مع الاستحلال؛ فإذا وجد الاستحلال صار كفراً مخرجاً من الملة، وأما مع عدم الاستحلال فإنه لا يكون كفراً وإنما يكون فسقاً، ولكن مشابهته للكافر في أن الكافر لا تقبل له صلاة، وهذا لا تقبل له صلاة لمدة أربعين يوماً، فصار فيه مشابهة بينه وبين الكافر، ولهذا قال: (كفره: أن ليس له صلاة) يعني: مدة أربعين يوماً، وليس باستمرار ودائماً وأبداً.
نعم هو كفر دون كفر، هو الآن يعتبر من قبيل كفر بلا كفر، وليس كفراً مخرجاً من الملة، فإن كان مع الاستحلال فلا شك من الكفر والخروج من الملة، وإن كان غير مستحل فمعناه أنه بلغ مبلغاً خطيراً يكون أكبر من الكبائر؛ لأن الذنب الذي يوصف بأنه كفر يكون أكبر من غيره، يعني: مما لم يوصف بأنه كفر، وإنما بلغ إلى حد أعلى وأقصى فيما يتعلق بعظم الكبائر؛ لأن الذنوب التي توصف بأنها كفر هذه أخطر من الذنوب التي لا توصف بأنها كفر، وإن وجد الاستحلال فقد وجد الكفر المخرج من الملة.
قال: (القاضي إذا قبل الهدية فقد أكل السحت)، وكذلك غير القاضي، يعني: القاضي هو مثال، وإلا فإن أي موظف إذا قبل الهدية فإنه يكون أكل السحت؛ لأن قصة ابن اللتبية الذي كان عاملاً -وليس قاضياً- على الصدقة، ولما جاء قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا جلس في بيت أمه ينظر هل تصل إليه هديته )، يعني: هذا ما جاء إلا من أجل الوظيفة ومن أجل المنصب، ما جاء أنه فلان ابن فلان، يعني إذا كان من أجل أنه فلان بن فلان تأتيه هديته في بيته، لكن كونه يذهب في عمل من أعماله يكون مسئولا أو يكون في منصب من المناصب ثم يعطى من أجل منصبه ومن أجل مداراته، أو من أجل الحصول على شيء منه في مقابل هذا الذي يعطى إياه مراعاة لموقعه وكونه في العمل، وأنه يسهل له أموره ويحقق له في مقابل هذه الهدية فقد أكل السحت، ولكنه إذا أعطي الشيء على أنه رشوة فهذا معناه أخطر من قضية الهدايا وما يصرف بأنه هدية؛ لأن الإنسان قد يهدى إليه من غير ما يكون هناك شيء يرتبط بقضية، ولكن الرشوة تأتي مرتبطة من أجل الوصول إلى مأرب ومن أجل الوصول إلى شيء دفع الرشوة من أجلها، وأما ذاك يمكن ما جرى بينه وبينه شيء، ولكنه يعني: فيها مجال وفيها شبهة من ناحية أن الإنسان يريد من ورائها أن يحصل على شيء في المستقبل لو حصل بينه وبين أحد أو صار له حق، فإنه يجد مجالاً لكونه قد أعطاه هدية، ولكنه كونه يعطي الرشوة على اعتبار أنه يريد أن يتوصل إلى شيء، يقول: اعمل لي كذا وكذا ولك كذا وكذا، حقق لي كذا وخذ هذا المبلغ مقابل ذلك الشيء، فهذا هو الرشوة، وهي أخطر من الهدية؛ لأن الهدية يمكن لم يكن هناك شيء موجود دفع المبلغ من أجله، ولكنه يمكن أن يكون تخطيط وتهيئة للمستقبل، ولهذا صار هذا دون هذا، هذا أكل السحت وهو حرام، وهذا بلغ الكفر، ويكون كفراً إذا حصل الاستحلال، وإذا كان بدون استحلال فإنه يكون بلغ الغاية في عظم المعصية التي توصف بأنها كفر، والذي يوصف بأنه كفر أخطر من الذي لا يوصف بأنه كفر، ولهذا جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قصة اليمين: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي أن أحلف بغيره صادقاً؛ لأن الشيء الذي فيه شرك أو يوصف بأنه شرك أو يوصف بأنه كفر أخطر من الشيء الذي لا يوصف بأنه شرك ولا كفر، فالحلف بغير الله صادقاً موصوف بأنه شرك، وهو وإن كان صادقاً لكنه حلف بغير الله، وأهون منه أن يحلف بالله كاذباً، يعني: الحلف بالله توحيد والكذب معصية، فالذنب الذي يوصف بأنه شرك أو كفر أخطر من الذنب الذي لا يوصف بأنه شرك وكفر، وكلام ابن مسعود يوضح هذا: لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً.
هو: ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعلي بن حجر قالا: حدثنا خلف بن خليفة ].
علي بن حجر تقدم، وخلف بن خليفة: صدوق اختلط في الآخر، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن منصور بن زاذان].
منصور بن زاذان: ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ومما ذكر في ترجمته: أنه كان عابداً وكان من أهل العبادة، وقال فيه بعض العلماء: لو قيل لـمنصور بن زاذان : إن ملك الموت بالباب، ما أمكنه أن يزيد شيئاً، ما أمكنه أن يأتي بشيء جديد؛ لأنه دائماً على استقامة ودائماً على عبادة، ولا يمكنه أن يزيد شيئاً من أجل أنه قيل: أن ملك الموت بالباب؛ لأنه دائم على العبادة والاستقامة.
[ عن الحكم بن عتيبة ].
هو: الحكم بن عتيبة الكندي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي وائل ].
هو: أبو وائل شقيق بن سلمة ، وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسروق ].
هو: مسروق بن الأجدع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهذا الأثر ضعفه الألباني ، والظاهر أنه من جهة خلف بن خليفة .
والصحابي الذي قال قولاً ليس من قبيل الرأي فله حكم الرفع، وأما التابعي يكون من قبيل المرسل؛ لأنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه من باب التغليظ أو بناءً على ما يفهم من بعض النصوص الدالة على عظم ذلك، وأنه كذلك من جهة عدم قبول الصلاة لمدة أربعين يوماً، لكن لا يقال: له حكم الرفع، أي: كلام غير الصحابة.
أخبرنا سويد أنبأنا عبد الله عن معمر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه قال: سمعت عثمان رضي الله عنه يقول: اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن خلا قبلكم تعبد، فعلقته امرأة غوية، فأرسلت إليه جاريتها، فقالت له: إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها، فطفقت كلما دخل باباً أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك للشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي، أو تشرب من هذه الخمرة كأساً، أو تقتل هذا الغلام، قال: فاسقيني من هذا الخمر كأساً، فسقته كأساً، قال: زيدوني، فلم يرم حتى وقع عليها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر؛ فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: ذكر الآثام المترتبة على شرب الخمر من ترك الصلاة وقتل النفس التي حرم الله والوقوع على المحارم.
هذه الترجمة فيها الإشارة إلى بعض ما ورد من النصوص الدالة على خبث الخمر وعلى خطورتها، وعلى أن شأنها خطير، وأن إثمها كبير، وأنها توصل إلى مختلف المحرمات على اختلاف أنواعها ومراتبها؛ لأن صاحب الخمر أو الذي سكر بشربه الخمر فقد عقله فيقدم بسبب ذلك على كل معصية، ولو بلغت في القبح والشدة ما بلغت.
ومن ذلك -أي: من الأمور التي تحصل بشرب الخمر- قتل النفس التي حرم الله، والوقوع على المحارم، يقع الإنسان على محارمه وعلى أقاربه، قد يقع على أمه، قد يقع على ابنته، قد يقع على أخته؛ لأنه فقد عقله، وعمل إلى أن يكون من جملة المجانين.
وأضرار الخمر لا حصر لها ولا نهاية هي كثيرة جداً، وكلها تنتج عن فقدان العقل، وكلها تترتب على فقدان العقل، وقد أورد النسائي أثر عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أنه قال: اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، يعني: أمر باجتناب الخمر والابتعاد عنها، وعلل ذلك بأنها أم الخبائث، ومعنى أنها أم الخبائث: أنها توصل إلى الخبائث وتؤدي إليها؛ لأن الخبائث يمكن أن يوصل إليها عن طريقها بسبب فقدان العقل، ثم ذكر مثالاً يوضح أنها أم الخبائث وأنها تؤدي إلى الخبائث المختلفة مهما عظمت ومهما بلغت، فقال: (إنه كان رجل ممن كان خلا قبلكم تعبد، فعلقت به امرأة غوية)، يعني: ذات غواية وذات خبث، فأرسلت له جارية لها، طلبت منه أن يأتي للشهادة، يريدون أن يشهدونه على شيء أو يطلبون منه الشهادة على شيء، فلحقها حتى وصلت إلى ذلك المكان الذي هي فيه، قال: كلما دخل أغلقت الباب الذي دخلوا منه، يعني: حتى لا يتمكن من الخروج، فلما وصل إلى امرأة وضيئة يعني: جميلة، عندها غلام وباطية خمر، يعني: وعاء من أوعية الخمر فيه خمر، فقالت: إنني ما دعوتك للشهادة، يعني: هذا الكلام ما هو صحيح، الذي قالوه غير صحيح، وإنما أتوا به لهذه الفتنة التي فتن بها، وهي: أنهم طلبوا منه أن يختار واحدة من ثلاث: إما أن يشرب كأساً من الخمر، هذا الذي في الباطية، أو يقتل هذا الغلام، أو يقع عليها هي، فظن أن كأساً من الخمر أخف من القتل ومن الزنا، فشرب كأساً فطلب زيادة حتى سكر، ولما سكر وقع عليها ووطئها وقتل الغلام، فصارت الأمور الثلاثة كلها تجمعت وحصلت له، هذه الأمور الثلاثة حصلت له بشربه الخمر، وهذا يبين أن الخمر أم الخبائث، وكيف كانت أم الخبائث؟ لأنها تؤدي إلى الخبائث بسبب فقدان العقل.
ثم بعد أن ذكر القصة التي أراد أن يمثل لكونها أم الخبائث أكد ما سبق أن قاله قبل ذكر القصة، وهي قوله: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، وأتى بهذه القصة تبين أنها أم الخبائث، ثم رجع وأكد هذا الأمر بقوله: فاجتنبوا الخمر، يعني: تأكيداً للمرة الثانية، بعد ذكر هذه القصة التي تبين أنها أم الخبائث، ثم قال: فإنه لا يجتمع الاثنان يعني: الإيمان وإدمان الخمر وهو مداومة شربها، إلا لأوشك أن يخرج أحدهما صاحبه، بمعنى: أن يخرج من الإيمان، وأنه يفارقه الإيمان وينتهي به ذلك إلى ترك الإيمان والعياذ بالله، وهذا كله يبين خطورة الخمر وأنها خبيثة وأنها أم الخبائث، وأنه ينتج عنها كل هذه الأمور المحرمة، هذه الأمور وغيرها من كل ما هو محرم، وذلك بسبب فقدان العقل وذهابه، وكون الإنسان سعى إلى أن يكون من أهل العقول إلى أن يكون من المجانين وممن هو شبيه بالبهائم التي لا عقل لها.
وهذا أثر عن عثمان رضي الله تعالى عنه، وقوله في الآخر: أنه لا يجتمع كذا وكذا.. يعني: يفيد بأن له حكم الرفع، وكذلك الإخبار عن هذه الأمور: القصة التي حصلت ممن كان قبلنا، أيضاً لا يمكن أن يعرف إلا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن طريق الكتب السابقة، ومن المعلوم أن عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه ليس معروفاً بالأخذ من كتب المتقدمين، فيمكن أن يكون لهذا الأثر حكم الرفع.
هو: سويد بن نصر المروزي ثقة، أخرج حديثه الترمذي والنسائي .
[أنبأنا عبد الله بن المبارك المروزي] .
عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ].
هو أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو: عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وهو له رؤية، وقيل: من ثقات كبار التابعين، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.
[ سمعت عثمان ].
وهو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنهما، أمير المؤمنين، وثالث الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي الأثر عن عثمان رضي الله عنه من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه عدم ذكر القصة التي هي قصة الذي خلا من قبلنا، فهنا إحالة إلى الرواية السابقة، حيث قال: مثله، فذكر مثله، أي: مثل الذي تقدم في الحديث الذي قبله من ذكر قصة الرجل الذي دعته تلك المرأة للشهادة، وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه من شرب الخمر وقتل الغلام والوقوع على تلك المرأة الوضيئة الجميلة.
وقد مر ذكرهم جميعاً.
[عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل له صلاة مادام في جوفه أو عروقه منها شيء،لم تقبل له صلاة مادام في جوفه أو عروقه منها شيء.
لم تقبل له صلاة مادام في جوفه أو عروقه منها شيء، يعني: أن عقوبته في هذه الحالة التي هي كونه لم يصل إلى حد الإسكار، فإنه مادام أن في عروقه منها شيء، في الوقت الذي كان آثار الخمر موجودة في جسمه فإنه لا تقبل له صلاة، وهو أخف من الذي بعده الذي سيكون عدم القبول لمدة أربعين يوماً، وإن مات مات كافراً.
يعني: إذا كان مستحلاً للخمر أو لشرب الخمر فإنه يكون كافراً، وإن كان غير مستحل فإنه لا يكون كافراً، ولكنه وصل إلى أمر خطير وإلى أمر عظيم، وهو من الكفر دون الكفر.
(وإن انتشى فلم تقبل له صلاة أربعين ليلة).
يعني: إن سكر لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، يعني: معناه أنه يحرم ثواب تلك الصلوات ولا يحصل له ثواب لتلك الصلوات؛ لأنه حرم ذلك، وصارت عقوبته بأن حرم هذا الفضل العظيم، وتلك الصلوات التي صلاها لم يستفد منها شيء، وإن مات مات كافراً، وهو مثل الذي قبله.
وهو : أحمد بن علي المروزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سريج بن يونس ].
سريج بن يونس وهو ثقة أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي .
[ حدثنا يحيى بن عبد الملك ].
يحيى بن عبد الملك ، وهو صدوق له أفراد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود ففي المراسيل.
[ عن العلاء وهو ابن المسيب ].
العلاء بن المسيب، ثقة ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[عن فضيل ].
وهو: ابن عمرو، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، ابن ماجه.
[ عن مجاهد ].
وهو: مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر] .
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وهو موقوف من كلامه، ولكن له حكم الرفع؛ لأن مثل ذلك لا يقال بالرأي.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال محمد بن آدم : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يعني: هذا اللفظ لفظ واصل بن عبد الأعلى ؛ لأنه ساقه على لفظ واصل ، ويبين الفروق أو الذي يختلف عنه شيخه الأول الذي هو محمد بن آدم بن سليمان ، فيقول: وقال: ابن آدم يعني: محمد بن آدم بن سليمان كذا يعني: من الفروق، فذكر أولاً أن واصل بن عبد الأعلى في روايته عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم، التعبير بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقال محمد بن آدم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: بفارق التعبير بالنبي والرسول، التعبير أن الشيخ الثاني الذي هو واصل بن عبد الأعلى عبر بالنبي عليه الصلاة والسلام، والشيخ الأول الذي محمد بن آدم ما عبر بالنبي، ولكنه عبر بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا يبين لنا الدقة التي عند العلماء في الألفاظ والمحافظة عليها، وأنه حتى مثل هذا اللفظ الذي لا يؤثر سواء قيل نبي أو قيل الرسول؛ لأن ذلك كله وصف للرسول صلى الله عليه وسلم، فهو النبي وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن كون أن واحداً عبر بكذا وواحداً عبر بكذا ينبهون عليه، وهذا مما يبين ما سبق أن أشرت إليه من أن ذكر السيادة للرسول صلى الله عليه وسلم وتسييده عن ذكره صلى الله عليه وسلم دائماً وأبداً ليس هذا منهج السلف وليست هذه طريقتهم؛ لأن الأحاديث تنتهي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في مختلف الكتب، وكلها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا، ولو كان هناك شيء لنقل وأبقي عليه، كما ذكروا الفرق بين النبي والرسول، مثلما ذكروا الفرق بين النبي والرسول، هذا عبر بالنبي وهذا عبر بالرسول وما أغفلوا هذا، فلو كان هناك شيء من التعبير من هذا القبيل ما أغفلوه وما تركوه، ولكن هذا شأنهم، وهذه طريقتهم التي كانوا يفعلونها، وكل ذلك حذراً من الغلو، وأن يقدموا على شيء قد يؤدي إلى غلو، ولهذا في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: ( يا خيرنا! ويا سيدنا! قال: قولوا بقولكم أو بعض قولكم، ولا يستهوينكم الشيطان، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله ) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
إذاً: هذا التفريق الذي ذكره النسائي عن شيخيه حيث عبر أحدهما عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالنبي والثاني بالرسول صلى الله عليه وسلم يدلنا على العناية الفائقة، والمحافظة على الألفاظ من الرواة أو من المؤلفين، حيث يعتنون بإثبات الشيء كما هو.
قوله: (من شرب الخمر فجعلها في بطنه، لم يقبل الله منه صلاة سبعاً)، يعني: سبعة أيام.
( إن مات فيها -وقال ابن آدم : فيهن- مات كافراً ).
(إن مات فيها) هذا لفظ واصل بن عبد الأعلى ، ومحمد قال: فيهن، يعني: هذا التعبير فيها، وقال هذا: فيهن،
( فإن أذهبت عقله عن شيء من الفرائض، -وقال ابن آدم : القرآن- لم تقبل له صلاة أربعين يوماً ).
ثم ذكر أيضاً عبارة واصل بن عبد الأعلى يعني: قال من الفرائض، ومحمد بن آدم قال: من القرآن، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.
( إن مات فيها، -وقال ابن آدم : فيهن- مات كافراً ).
قوله: (مات فيها) التعبير هذا لـواصل بن عبد الأعلى ، و(فيهن)، بدل (فيها) هذا لـمحمد بن آدم ، وهذا مثل أثر: عبد الله بن عمر المتقدم، إلا أن هذا ذكره مرفوع، وهو يشبه؛ لأنه مادام في بطنه إلا أن فيه التعبير بالسبع، وأنه لا تقبل له صلاة يعني هذه المدة، وهناك قال: مادامت في عروقه، يعني: المدة التي تكون موجودة في بطنه، وكلهم متفقون على أنه إذا سكر أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، والحديث هذا المرفوع ضعفه الألباني ، ولعله من أجل يزيد بن أبي زياد الذي في الإسناد فإن الحافظ في التقريب قال: إنه ضعيف.
هو: محمد بن آدم بن سليمان الجهني، صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[ عن عبد الرحيم ].
هو: عبد الرحيم بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد ].
هو: يزيد بن أبي زياد ، وهو ضعيف، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن.
[ ح وأخبرنا واصل بن عبد الأعلى ].
ثم قال: (ح) وهي للتحول من إسناد إلى إسناد، واصل بن عبد الأعلى ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن.
[ حدثنا ابن فضيل ].
هو: محمد بن فضيل بن غزوان، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو ].
وقد مر ذكرهم جميعاً.
أخبرنا القاسم بن زكريا بن دينار حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق حدثنا الأوزاعي حدثني ربيعة بن يزيد (ح) وأخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد عن بقية عن أبي عمرو وهو: الأوزاعي عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن الديلمي أنه قال: دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وهو في حائط له بالطائف يقال له: الوهط، وهو مخاصر فتى من قريش يزن ذلك الفتى بشرب الخمر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من شرب الخمر شربة لم تقبل له توبة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل توبته أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة ) اللفظ لـعمرو ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: توبة شارب الخمر.
ومن المعلوم أن التوبة بابها مفتوح، وهي تجب ما قبلها، ومن تاب تاب الله عليه، والتوبة التي تكون نافعة ومقبولة هي النصوح التي اجتمع فيها شروط، وهي: الإقلاع من الذنب، والندم على ما حصل في الماضي، والعزيمة في المستقبل على أن لا يعود إليه، هذه ثلاثة شروط: يقلع، يعني: يكف وينقطع ويترك، ويندم على الفعل الذي قد مضى من الذنوب في هذه المعاصي، ويعزم يقعد العزم على أن لا يعود إليه في المستقبل، وإن كان الأمر يتعلق بحقوق للناس فإن عليه أن يتخلص من هذه الحقوق؛ إن كانت مالاً رد المال إلى أهله، وإن كانت غير مال بأن تتعلق بالكلام وما إلى ذلك فإنه يستميح ويطلب منهم الحل والمسامحة، فهذه الشروط هي التي تكون التوبة نافعة ومقبولة عند الله عز وجل، والنسائي رحمه الله أورد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
يقول عبد الله بن الديلمي : ( دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص وهو في حائط له بالطائف يقال له: الوهط، وهو مخاصر فتى من قريش يزن ذلك الفتى بشرب الخمر ).
الشيخ: يقول: (دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص في حائط له يقال له: الوهط، في الطائف، وهو مخاصر فتى من قريش)، مخاصر: فسر بأنه ماسك يده، وكل واحد يده على خاصرة الآخر؛ بأنهم متماسكين اليدين، وأيديهم نازلة، وهم يمشون متجاورين، وكل واحد يده عند خاصرة الآخر، خصره الذي هو وسطه، معناه: أنه يمشي هو وإياه، أو واقف هو وإياه يعني: يتحدثون (يزن ذلك الفتى بشرب الخمر)، يعني: يتهم، ومنه قول حسان رضي الله عنه في مدح عائشة والثناء عليها، يقول:
حصان رزان لا تزن بريبة
لا تزن يعني: لا تتهم ، وهنا يزن بشرب الخمر، يعني: يتهم بشرب الخمر.
(فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من شرب الخمر شربة)، يعني: مرة من المرات، (لم تقبل له توبة أربعين صباحاً)، قيل: معنى ذلك: أنه لا يوفق للتوبة في هذه المدة، وقيل: معنى ذلك: أنه حرم أجر تلك الصلوات التي هي مدة أربعين يوماً، فلو تاب فإنه قد حرم ذلك؛ لأنه لما شرب الخمر أربعين صلاة حرم إياها، ومعنى هذا: أنه لو تاب فإنه لا يفيده أن تعود إليه تلك الصلوات التي ذهبت، وإنما أكثر ما في الأمر أنه عوقب بعدم قبول تلك الصلوات، فلا يفيده شيئاً أن يتوب ولا ترجع إليه تلك الصلوات؛ لأنه عوقب بذلك.
( فإن تاب تاب الله عليه ).
يعني: بعد ذلك، (تاب الله عليه)، يعني: بعد تلك المدة، فإن تاب تاب الله عليه.
( تاب الله عليه، فإن عاد لم تقبل توبته فإن عاد إلى الشرب لم تقبل توبته أربعين صباحاً )، يعني: مثل ذلك، يعني: تلك المدة التي حرم ثوابها، وهي: أربعين صلاة بسبب شربه الخمر للمرة الثانية، أيضاً أربعين صباحاً لا تقبل له.
(صباحاً) يعني: يوماً، فالمقصود مثل ما تقدم، ليلة أو صباحاً، المقصود بذلك أنه يعبر عن الشيء ببعضه أو بجزئه.
( فإن تاب تاب الله عليه ).
(فإن تاب)، يعني: بعد ذلك تاب الله عليه، يعني: كون تلك العقوبة عوقب بها، ولكنه كونه تاب يتوب الله عز وجل عليه، ولكنه حرم ذلك الأجر الذي حصل.
( فإن عاد كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة ).
فإن عاد للمرة الثالثة فإنه حق على الله أن يسقيه من طينة الخبال، وقد جاء بيانها أنها عصارة أهل النار وصديد أهل النار الذي يخرج منهم، وهذا معناه إذا كان أنه بلغ الخبث في إدمان الخمر والمداومة عليها، وأنه يعاقب بتلك العقوبات العظيمة، ومع ذلك لا يعتبر ولا يتعظ، ثم بعد ذلك يعود، فإن الله عز وجل يسقيه من طينة الخبال، وهي الصديد الذي يخرج من أهل النار والعياذ بالله، وهو أقبح ما يكون وأخس ما يكون.
القاسم بن زكريا بن دينار ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
[ عن معاوية بن عمرو ].
معاوية بن عمرو، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق ].
هو: الفزاري، وهو: إبراهيم بن محمد بن الحارث، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي ].
هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ربيعة بن يزيد ].
ربيعة بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[(ح) وأخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد ].
(ح) للتحويل، وعمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي، وابن ماجه.
[ عن بقية ].
هو: بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي عمرو وهو الأوزاعي عن ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الله بن عمرو ].
عبد الله بن الديلمي، وهو: عبد الله بن فيروز الديلمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة )، من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها فإنه يحرم خمر الآخرة، وهي التي تكون في الجنة، والتي أعد الله تعالى فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ومن ذلك: الخمر، وهي تختلف عن خمر الدنيا كما جاء ذلك في القرآن الكريم، بأن الأمور التي في خمر الدنيا قد سلمت منها خمر الآخرة، ووصفها الله عز وجل بأنها لذة للشاربين: وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [محمد:15]، يعني: ما فيها الصداع، ولا فيها ذهاب العقل، ولا فيها أي شيء فيه مضرة مما يكون في الدنيا، فيعاقب عليها بأنه يحرم شربها في الآخرة، وهذا لا يعني أنه يكون كافراً إلا مع الاستحلال، فهو إن شربها مستحلاً فإنه لا يشربها في الآخرة ولا يدخل الجنة أبداً؛ لأنه يكون بذلك كافراً، وإن كان غير مستحل ولكنه يكون عاصياً، فإنه مثلما جاء في بعض النصوص أنه لا يحصل له مثلما يحصل للذين سلموا من ذلك من التنعم في أول الأمر، بل يحصل له وقت يحال بينه وبين ذلك، وهذا إن لم يتب الله عليه، وأما إن تاب الله عليه فإنه يستفيد من أول وهلة، ولكن هذه عقوبته إن أراد الله تعالى عقوبته، وإن عفا عنه وتجاوز فإنه يستفيد من أول وهلة.
قتيبة مر ذكره.
ومالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة، الإمام الفقيه المشهور.
[ والحارث بن مسكين ].
الحارث بن مسكين، هو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[ عن ابن القاسم ].
هو: عبد الرحمن بن القاسم ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي .
[ عن مالك عن نافع عن ابن عمر ].
نافع هو: مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن ابن عمر وقد مر ذكره.
وفي الحديث المتقدم حديث عبد الله بن عمرو : ( من شرب الخمر شربة لم تقبل له توبة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه )، قوله: ( لم تقبل له توبة أربعين صباحاً )، يعني: كأن المقصود بهذا أن توبته لا تفيده في قضية السلامة من تلك العقوبة التي هي فوات الأجر، يعني: الأجر قد فات عليه بشربه الخمر، ولكن كونه يتوب من شرب الخمر يتوب الله عز وجل عليه بأنه لا يحصل ضرراً في الآخرة بسبب الخمر، وإلا الأربعين صلاة هذه ذهبت عليه، يعني: مثل قوله: ( لن تقبل له صلاة أربعين يوماً )، يعني: معناه أنه ذهبت عليه الصلاة، فتوبته في أثنائها ما تفيده؛ لأنها قد ذهبت عليه.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن النسائي - كتاب الأشربة - (باب ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر) إلى (باب توبة شارب الخمر) للشيخ : عبد المحسن العباد
https://audio.islamweb.net