إسلام ويب

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب الطلاق.

يباح للحاجة ويكره لعدمها، ويستحب للضرر، ويجب للإيلاء، ويحرم للبدعة.

ويصح من زوج مكلف ومميز يعقله، ومن زال عقله معذوراً لم يقع طلاقه، وعكسه الآثم، ومن أكره عليه ظلماً بإيلام له، أو لولده، أو أخذ مال يضره، أو هدده بأحدها قادر يظن إيقاعه به، فطلق تبعاً لقوله لم يقع].

حكم الطلاق

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

عباد الله! حديثي معكم في هذه الخطبة حول آية من آيات كتاب الله عز وجل، قال الله عز وجل: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].

لقد اشتملت هذه الآية الكريمة على حكم شرعي شريف، يحتاج إليه كل زوجين في هذه الحياة، فلو فقه الأزواج ما جاء في هذه الآية، وما سنه الله عز وجل وما شرعه من الطلاق، لم يندم زوجان على طلاق حصل بينهما.

إن الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة يبين لنا الطلاق المشروع، وهو ما ذكره بقوله سبحانه: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية الكريمة كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: (مره فليراجعها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، فإن شاء طلق، وإن شاء أمسك، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء)، خرجاه في الصحيحين.

عباد الله! إن الطلاق أمره مكروه؛ لما يترتب عليه من تفويت مصالح النكاح العظيمة.

مصالح النكاح وفوائده

النكاح -يا عباد الله- تترتب عليه مصالح عظيمة، وفيه سعادة المجتمع، واستقراره وحصول أمنه، وفيه تلبية تلك الغريزة الفطرية التي أودعها الله عز وجل في بني البشر.

إن النكاح له مصالح عظيمة، ومن مصالحه: أنه عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل، ومن مصالحه: امتثال أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:3]، وقال صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، ومن مصالحه: ما يحصل بين الزوجين من المودة والألفة والمحبة، قال الله عز وجل: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21]، ومن مصالحه: ما يحصل من تحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة).

ومن فوائده ومصالحه: العمل على إبقاء الجنس البشري، ومن فوائده: تكثير الأمة، وفي هذا عزها ونصرها، ولقد امتن الله عز وجل على بني إسرائيل بقوله: وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [الإسراء:6].

فإذا كان هذا النكاح تترتب عليه هذه المصالح العظيمة والفوائد الكبيرة، فالطلاق يقطع هذا العقد العظيم، ويفوت تلكم المصالح الكبيرة؛ ولهذا كان الطلاق عند الله عز وجل مكروهاً، قال الله عز وجل: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:226-227]، فقال سبحانه وتعالى في جانب الفيئة والرجوع إلى حسن العشرة، وما يتعلق بجمع البيت وعدم تفريقه، قال الله عز وجل: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:226]، وقال فيما يتعلق بالطلاق: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:227]، فذيل بالسمع والعلم مما يشعر بنوع من التهديد والتخوف، مما يدلك -يا عبد الله- أن الطلاق أمر غير مرغوب به عند الله سبحانه وتعالى.

طرق ومراحل معالجة الخلاف والشقاق بين الزوجين

عباد الله! يتبين لنا أن الطلاق لا ينبغي للمسلم أن يصير إليه، بل إذا حدث شيء من الخلاف والشقاق والنزاع بين الزوجين فإنه لا يلجأ إلى الطلاق، بل بين الله عز وجل مراحل الإصلاح والتأديب، فقال سبحانه: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]. فالمرحلة الأولى هي مرحلة الوعظ، والوعظ هو التخويف والتذكير بالله عز وجل، وبيان حقوق الزوج، وما له من مرتبة على المرأة، فعلى الزوج أن يخوف زوجته، وأن يذكرها، وأن يبين لها حقوقه فيما يتعلق بالخدمة والاستمتاع والولد، وأن يذكر لها الأدلة الدالة على عظيم حق الزوج.

فإن لم يفد ذلك فإنه ينتقل إلى المرتبة الثانية، وهي مرتبة الفراش، فإن الله سبحانه وتعالى قال: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34].

والمراد بالهجر هو أن لا يلتفت إليها في المضجع، وأن لا يكلمها وأن لا يحادثها، وليس معنى ذلك أن يهجر فراشه وبيته، وإنما يهجرها في المضجع، بأن يضاجعها لكن يترك الكلام معها والالتفات إليها.

فإن لم تفد هذه المرحلة فإنه ينتقل إلى المرحلة الثالثة: وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، والضرب يكون غير مبرح؛ لأن المقصود هو التأديب لا الإشقاق والإضرار، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله عز وجل)، فحمل العلماء هذا الحديث على جلد التأديب، بأن لا يزاد على عشرة أسواط، كجلد الرجل لولده ولزوجته ولمن تحت يده ممن له عليه ولاية، فلا يزاد في العدد على عشرة أسواط، وأن يتقى الوجه عند الضرب والمقاتلة.

وكذلك أيضاً لا يكون الضرب شاقاً مؤلماً ألماً شديداً، وكذلك أيضا أن ينوي بضربه هذا امتثال أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا ينوي الانتقام والتشفي، فإنه حينئذٍ يكون ضرباً لنفسه ولم يكن ضرباً لله عز وجل.

ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الرابعة: وهي مرحلة بعث الحكمين: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا [النساء:35]، فيبعث حكمان من أهلي الزوجين يعرفان التوفيق والتفريق، فينظران ما هو الأصلح للزوجين، هل الأصلح أن يوفق بينهما، أو الأصلح أن يفرق بينهما بعوض أو غيره.

هكذا شرع الإسلام، وهكذا حافظ الإسلام على البيت، وعلى هذا العقد الشريف، ثم بعد ذلك إذا لم تفد تلكم المراحل السابقة فإنه يصار إلى المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الطلاق.

صفات طلاق السنة

عباد الله! إذا أراد المسلم أن يطلق فيجب عليه أن يتقيد بالأدلة الشرعية، فعليه أن يطلق طلاق السنة، ويحرم عليه أن يطلق طلاق البدعة، فإذا طلق طلاق السنة فإن الله سبحانه وتعالى جاعل له مخرجاً وفرجاً.

وما هي صفات طلاق السنة؟ نقول:

الصفة الأولى: أن يطلقها في طهر، فإن طلقها وهي حائض فهذا طلاق محرم ولا يجوز، ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما طلق ابن عمر رضي الله تعالى عنهما زوجته وهي حائض.

الصفة الثانية: أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، فإذا كان الطهر قد حصل فيه جماع فإنه لا يجوز الطلاق، مثال ذلك: لو أن المرأة طهرت من حيضتها، وبعد أن طهرت من حيضتها جامعها زوجها، فإنه لا يجوز له أن يطلقها، بل يجب عليه أن ينتظر حتى تأتي دورتها الشهرية، فإذا جاء الحيض ثم بعد ذلك طهرت، فإن شاء طلق، وإن شاء أمسك.

أما أن يطلقها في طهر جامعها فيه فهذا محرم ولا يجوز، وهو من طلاق البدعة، ولهذا في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثم ليمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم تحيض، فإن شاء طلق قبل أن يمس)، أي: قبل أن يجامع، (وإن شاء أمسك)، فتلك العدة التي أمر أن تطلق لها النساء، وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في قوله عز وجل: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: طاهرات من غير جماع.

الصفة الثالثة من صفات طلاق السنة: أن يطلقها طلقة واحدة ولا يزيد على ذلك، فكون الزوج يقول لزوجته: أنت طالق، طالق، أو أنت طالق، أنت طالق، يقصد بذلك مرتين، أو يقصد بها ثلاثاً، فهذا كله محرم ولا يجوز، بل يجب أن يطلق طلقة واحدة، وفي الحديث أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟)، بل يطلق طلقة واحدة ولا يزيد على ذلك.

الصفة الرابعة والأخيرة من صفات طلاق السنة: أن لا يتبعها طلقة حتى تنتهي عدتها، فإذا طلقها طلقة يتركها حتى تنتهي عدتها، أما أن يلحقها طلقة أخرى وهي في عدتها من الأولى فهذه طلقة بدعية ولا يجوز.

فتلخص لنا عباد الله أن الطلاق للعدة الذي أمر الله عز وجل به في هذه الآية الكريمة: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، أن يطلقها في طهر لا في حيضة، وأن يطلقها في طهر لم يجامع فيه، وأن يطلقها طلقة واحدة فقط ولا يزيد على ذلك، وأن لا يتبعها طلقة أخرى في عدتها حتى تنتهي عدتها: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].

التحذير من الاعتداء في الطلاق

عباد الله! وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].

إن من يخالف طلاق السنة فقد تعدى حدود الله وظلم نفسه، فحري بنا وجدير وقمن أن لا يتلاعب بنا الشيطان والغضب بأن نطلق طلاقاً خلاف ما أمر الله عز وجل به في كتابه، وسنه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في سنته، فإنك تلاحظ على كثير من الناس اليوم إذا حصل بينه وبين أهله شيء من الخلاف والشجار شرع إلى الطلاق مباشرة، دون أن يتذكر أن هذا الطلاق أمر مكروه عند الله عز وجل، وما يترتب عليه من تفويت المصالح، وما يترتب عليه من المفاسد، ودون أن يتذكر ما شرعه الله عز وجل في كتابه من مراحل التأديب والعلاج، بل لا يتذكر طلاق السنة، والطلاق للعدة، فتجده يشرع في ما يشفي غيظه، ويلبي ما يريده منه شيطانه في عدد الطلاق، دون أن يراعي الزمان والمكان.

أسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه أن يجعلني وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً.

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

بعض المخالفات في الطلاق

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأنبياء والمرسلين.

عباد الله! ومن المخالفات في أمر الطلاق ما يسلكه كثير من الناس اليوم وهو الحلف بالطلاق، فتجد أن كثيراً من الناس اليوم إذا حصل بينه وبين أهله مغاضبة حلف بالطلاق، فقال لزوجته: إن خرجت فأنت طالق، أو إن كلمتي فلاناً فأنت طالق، أو إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، أو إن عملت كذا فأنت طالق، هذا يا عباد الله كله من المخالفات في شأن هذه الشعيرة العظيمة ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30].

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، لا يشرع الحلف بالطلاق، بل ذكر جمع من العلماء رحمهم الله تعالى: أن من حلف بالطلاق فإنه يعزر، أي: يجلد ويؤدب.

وأيضاً تجد أن كثيراً من الناس يحلف بالطلاق، كقوله: إن لم تأكل فزوجتي طالق، أو عليّ الطلاق أن لا أذهب، ونحو ذلك.

ومن الصور أيضاً الملحقة بهذا حلف بعض الناس بالحرام، كقول: زوجتي علي حرام، أو علي حرام إن لم أفعل كذا وكذا، أو إن فعلت كذا وكذا مما يريد به حثاً أو منعاً أو تصديقاً أو تكذيباً أو غير ذلك، وهذا كله أمرٌ مرفوض في الشريعة، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التحريم:1].

ومن المخالفات أيضاً: الحلف بالظهار، فبعض الناس يلجأ إلى اليمين بالظهار، كقوله: زوجتي عليّ كظهر أمي، أو كأمي إن فعلت كذا وكذا ونحو ذلك، هذا أيضاً من الأيمان غير المشروعة، (ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، كما بينه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

طلاق الحامل

ومما يبين في أمر الطلاق أن طلاق المرأة الحامل طلاق للسنة، وليس طلاقاً للبدعة؛ لأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لما طلق زوجته وهي حائض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً)، رواه مسلم، فطلاق الحامل طلاق للسنة، ولو حصل بينهما جماع في أثناء الحمل.

بعض الأحكام المترتبة على الطلاق

عباد الله! إذا حصل الطلاق فإن الله سبحانه وتعالى قال في هذه الآية المباركة: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1].

فالمرأة إذا طلقها زوجها دون ما يملك من العدد، كأن طلقها الطلقة الأولى أو طلقها الطلقة الثانية، فهي رجعية، حكمها كحكم سائر الزوجات فيما يتعلق بالنفقة والكسوة والسكنى، قال الله عز وجل: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228]، فسمى الله عز وجل زوج الزوجة المطلقة بعلاً، فالمطلقة الرجعية تجب لها السكنى، ويجب لها على زوجها النفقة والكسوة إلى أن تنتهي العدة، ولا يجوز له أن يخرجها من بيته، لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].

فإذا أبقاها في بيته ربما أنه يحن إلى العشرة السابقة، ويقع بينهما شيء من التأليف والحنين إلى السابق فتتحقق حكمة بقائها في البيت، فالرجعية من طلقت طلقة أو طلقتين فإنها تبقى في بيت زوجها ولا تخرج منه، ويجب عليه أن ينفق عليها، ويجوز له أن ينظر إليها، وأن يخلو بها، ولها أن تتشرف له وتتجمل له؛ لأنه زوج كسائر الأزواج، لكن ليس له أن يطأها إلا بقصد المراجعة.

فاتقوا الله عباد الله! ولا تعتدوا حدود الله عز وجل: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1].

اللهم! إنا نسألك علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، اللهم! فقهنا في ديننا، اللهم! صل وسلم وبارك على نبينا محمد، اللهم! أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم! عليك بأعداء الدين، اللهم! عليك باليهود الظالمين والنصارى الحاقدين، والرافضة المعتدين، اللهم! إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم! آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم! اجعلهم محكمين لكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، معزين للآمرين بالمعروف مذلين للناهين عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام، اللهم! فرج كرب المكروبين، ونفس عسرة المعسرين، واقض الدين عن المدينين، اللهم! اشف مرضى المسلمين، اللهم! واكتب لهم الشفاء العاجل، واجعل ما أصابهم كفارة لسيئاتهم ورفعة لدرجاتهم، اللهم! اغفر لموتى المسلمين، اللهم! اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله! ستقام صلاة الاستسقاء في يوم الإثنين القادم، فحري بالمسلم وجدير به أن يشهد هذا الجمع المبارك، وأن يشارك إخوانه المسلمين في هذه الصلاة المباركة، لعل الله عز وجل أن يكتب رحمته لعباده وبلاده، اللهم! أغثنا، اللهم! أغثنا، اللهم! أغثنا، اللهم! اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم! اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم! سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق، اللهم! صل وسلم على نبينا محمد.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الطلاق للشيخ : خالد بن علي المشيقح

https://audio.islamweb.net