إسلام ويب

إن الرجال هم الذين تنهض بهم الأمم وتحيا بهم الرسالات، وإن أكمل معاني الرجولة وأجلى صورها كانت في الجيل الأول الذي تربى على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن يقرأ في سيرهم يجد العجب العجاب والهمة العالية التي كانت تغلي في قلوبهم غليان الماء في القدر. وإن مشكلتنا في هذا العصر تتلخص في عدم وجود من يحتذي حذو أولئك الأبطال، وينهج نهجهم، ويسير على دربهم، ولن يرجع للأمة عزها إلا بذلك.

الرجال هم الذخيرة الحقة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فيا أيها المسلمون! اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.

أحبتي الكرام! بعيداً بعيداً إلى ذاكرة التاريخ نقف مع زبر الأولين كي تحدثنا عن الأماجد الراحلين ففي دارٍ من دور المدينة المباركة جلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى جماعة من أصحابه، فقال لهم: (تمنّوا! فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً فأنفقه في سبيل الله -فلم يعجب ذلك الفاروق عمر- ثم قال: تمنّوا! فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنّوا! فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين! فقال عمر الفاروق : ولكني أتمنى رجالاً أمثال أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله).

رحم الله الملهم عمر، فلقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم الهامدة.

نعم. إن الأمم والرسالات تحتاج إلى المعادن المذخورة، والثروات المنشودة، ولكنها تحتاج قبل ذلك إلى الرءوس المفكرة التي تستغلها، والقلوب الصادقة التي ترعاها، والهمم العالية التي تنفذها، والأيدي الأمينة التي تحافظ عليها، إنها تحتاج إلى رجال.

فالرجل بما تعنيه هذه الكلمة أعز من كل معدن نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين، ولذلك كان عزيزاً في دنيا الناس، حتى قال عليه الصلاة والسلام: ( الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ) متفق عليه من حديث ابن عمر.

نعم. أعد ما شئت من معامل السلاح والذخيرة، فلن تقتل الأسلحة إلا بالرجل الشهم المحارب، وصغ ما شئت من الأنظمة واللوائح فستظل حبراً على ورق ما لم تجد الرجل الذي ينفذها، وصغ ما شئت من مناهج للتعليم والتربية، فلن يغني المنهج إلا للرجل الذي يقدر مسئوليته، ويدرس بإخلاص تلامذته، وأنشئ ما شئت من جمعيات ومؤسسات خيرية، فلن تنجز مشروعاً إذا أنت حرمت الرجل الغيور، والمخلص الصدوق.. ذلك -أخيّ- ما يقوله الواقع بلا ريب.

إن القوة ليست بحد السلاح بقدر ما هي في قلب الجندي المسلم، والعدل ليس بصدق المتداعيين بقدر ما هو في ضمير القاضي، والتربية ليست في صفحات الكتاب بقدر ما هي في روح العلم، وإنجاز المشاريع ليس في تكوين اللجان بقدر ما هو في حماسة القائمين عليها، فلله ما أحكم عمر حين لم يتمن فضة ولا ذهباً، ولا ديناراً ولا جوهراً، ولكنه تمنى رجالاً يقدرون المواقف، ويتعاملون بالعدل والعقل لا بحماس العواطف، يعملون بالسنة والكتاب ولا يحابون الناس ولا الطوائف.

حاصر خالد بن الوليد رضي الله عنه الحيرة ، فطلب من أبي بكر الصديق مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال: (لا يهزم جيش فيه مثله) وكان يقول: (لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف مقاتل) كما في كتب السير.

الرجل الذي نريد

لكن أخيّ ما الرجل الذي نريد؟! أهو كل من طرَّ شاربه ونبتت لحيته من بني الإنسان، إذاً فما أكثر الرجال! إن الرجولة ليست بالسن المتقدمة، فكم من شيخ في سن السبعين وقلبه في سن السابعة، يفرح بالتافه ويبكي على الذاهب، لا يفكر إلا بما في يده، ولا يعيش إلا لنفسه وولده، وكم من غلام في مقتبل العمر، ولكنك ترى الرجولة في صرامته وعزمه، وهمته وعمله، وتفكيره وخلقه!

دخل غلام مع قومه إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فقام الغلام يتحدث باسم قومه، فقال له عمر: (ليتقدم من هو أسن منك يا غلام! فقال: يا أمير المؤمنين! لو كان التقدم بالسن لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة، فأُعجب بمنطقه وقال: قم فتكلم رحمك الله).

معاشر المسلمين! إن خير ما تقوم به الدول لشعوبها هو إيجاد هذا الطراز من الرجال، ولن تترعرع الرجولة الفارعة، ويتربى الرجال الصادقون إلا في ظلال العقائد الراسخة، والفضائل الثابتة، والمعايير الأصيلة، والأخلاق الحميدة، أما في ظلام الشهوة العائم، والغناء الهائم، وسفاسف الدنايا القاتم، فلن تُوجد رجولة صحيحة، ولن ترى الدنيا الرجولة في أجلى صورها وأكمل معانيها، كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسوله صلى الله عليه وسلم، من رجال يكثرون عند الفزع ويقلون عند الطمع، لا يغريهم الوعد، ولا يلينهم الوعيد ولا ناكث العهد، جيل ترعرع على حفظ وحب القرآن، وشب ونما على طاعة واتباع سيد الأنام، وارتمى في أحضان تعاليم الإسلام، ينظر إلى الباطل نظرة استعلاء، لا يعرف الكسل، كلا ولا الفتور ولا الاسترخاء، همه نصرة دينه وإعلاء كلمته، وتوحيد عقيدته.

نعم. إنه الجيل المبارك، قد جعلوا وظائف عبوديتهم لربهم قبلة قلوبهم، ونصب عيونهم، يؤمونها أينما كانوا، ويسيرون معها حيث سارت، قد ضربوا مع كل فريق بسهم، فأين كانت العبودية وجدتموهم هنالك، إن كان علم وجدتموهم أول من يشارك، أو جهاد أبصرتموهم في لجة المعارك، أو صلاة شاهدتموهم في المساجد يبكون هنالك.

نماذج من الجيل الأول

معاشر المسلمين! اعلموا أن الدين لا يقوم إلا على أولي العزمات من الرجال، ولا يقوم أبداً على أكتاف المترخصين والمترفين، كيف يقوم الإسلام ويعود إلى سالف مجده وعزه دون عزمة كعزمة مصعب بن عمير؟ تلك العزمة التي جعلته يهجر حياة الشباب والرفاهية، ونقلته إلى حياة الخشونة واللأوائية، ذاك الفتى المنعم الذي صاغه الإسلام على يديه، تقدم حين نادت المغارم، وذهب إلى لقاء ربه قبل مجيء الغنائم، اختاره الله شهيداً بين يدي رسوله صلى الله عليه وسلم، بعد أن أسلم على يديه أسيد بن الحضير الذي تنزلت الملائكة لتلاوته للقرآن، وسعد بن معاذ الذي اهتز لموته عرش الرحمن، نعم. ما أحوج الأمة الإسلامية إلى عزمة كعزمة ذلك الجيل المنشود، إنك لو فتشت حياة أي صحابي لا تكاد تجد فيه يوماً مهدراً ليس فيه عمل للإسلام والمسلمين، فخذ مثالاً لشاب من شبان الصحابة آنذاك:

فهذا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه الذي عاش في بلاد البغضاء البعداء إحدى عشرة سنة، لم يأخذ في أثنائها إجازة عرضية، ولا رخصة مرضية ولا اضطرارية، بل بقي إحدى عشرة سنة يعاني من آلام الغربة، ويواسي إخوته وصحبه، حتى إذا حانت الفرصة للعودة إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة للهجرة -بعد فتح خيبر - ومن شدة فرح النبي صلى الله عليه وسلم بقدومه قال: ( لا أدري بأي شيء أفرح، أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر ).

والسؤال أخيّ: بماذا كافأ النبي صلى الله عليه وسلم هذا القادم من بلاد الغربة بعدما ذاق ألم البعد والفرقة إحدى عشرة سنة؟ هل أصدر أمراً بتعيينه أميراً على بلده.. أو أصدر قراره النافذ بصرفه المخصصات المعيشية؟ كلا.. بل كافأه صلى الله عليه وسلم بأن أتاح له الفرصة بأن يعمل مرة أخرى لهذا الدين، فابتهجت نفسه وسر خاطره، فكان النائب الأول لقائد معركة مؤتة ، فيذهب حفياً بهذا المنصب، يسأل الفوز بالشهادة وهو يقول:

يا حبذا الجنة واقترابهاطيبة وبارد شرابها

والروم روم قد دنا عذابهاعلي إن لاقيتها ضرابها

حقاً إن الهمة العالية لتغلي في قلوب أصحابها غليان الماء في القدر، وإنها لتستحث صاحبها على عظائم الأمور، حتى يقول كما قال الشافعي رحمه الله: الراحة للرجال غفلة، ويجعل مبدأ حياته كما قال الشافعي:

أنا إن عشت لست أعدم قوتاًوإذا مت لست أحرم قبرا

همتي همة الملوك ونفسينفس حر ترى المذلة كفرا

مشكلة الأمة في هذا العصر

السؤال الذي يطرح نفسه: هل تتجسد مشكلتنا في عدم وجود الطبيب القادر على التشخيص، أم في عدم وجود الدواء الناجع في اقتلاع داء ومصاب الأمة التي عانته وتعانيه ردحاً من الزمن، أم المشكلة في أن المريض نفسه غير قابل للدواء، ولا هو متجاوب مع العلاج للشفاء؟

والجواب ببساطة: هو أن المريض نفسه غير متجاوب مع العلاج، ولا يهتم بقيمة الدواء، ولم يقدر بعد أضرار الأدواء.

إنها غيبة الوعي وفقدان الهوية، إنه التيه عن الغاية، والانهماك مع درب الغواية.

إن المسلمين في الأعصر الأخيرة رضوا بالزرع وتركوا الجهاد، وأخذوا بأذناب البقر، ألم يبتدع كثير من المسلمين في دين الله، والابتداع في الدين ضلالة..؟

ألم نجمد في شئون دنيانا والجمود في الدنيا جهالة؟

إن أكثر هذه الأمة مع بالغ الأسى والحسرة أقل الأمم عطاء وعملاً، وأكثرها كلاماً وجدلاً، طاقتها العقلية معطلة، والحركية مجمدة، نقلد الغرب ولا نجتهد، نحاكي ولا نبدع.

وكفانا عاراً أن عشرين دولة عربية تعلم العلوم بلغات أجنبية، معترفة بعجزها عن تعليمها بالعربية، أما اليهود دولة المليونين أو الثلاثة فتعلم كافة العلوم باللغة العبرية، نعم. استغل اليهود طاقاتهم الروحية ودوافعهم الدينية، فأيقظوا بها أمتهم من سبات، وجمعوا بها طوائفهم من شتات، وأحيوا بها لغتهم من موات، حتى واجهونا ومعهم التوراة، أما نحن فليس معنا إلا التنديد والمفاوضات.

تجمعوا على اليهودية وتفرقنا إلى القومية والطائفية، تشبثوا بتعاليم التلمود، أما نحن فلم نعرف بعد عداوة النصارى ولا اليهود.

والسؤال هو أخيّ: من المسئول؟ نعم سؤال جريء؛ من المسئول؟ المسئول هم المسلمون، نعم إنهم المسلمون فالعالم مسئول، والطالب مسئول، والمهندس مسئول، والطبيب مسئول، والتاجر مسئول، والعابد مسئول، والفقير مسئول، والمسئول مسئول، وجماهير الأمة مسئولة.

لأن المسلم لو حقق إيمانه حقاً على أرض الواقع، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر لنمت عزة المسلمين، ولم يقبلوا الذلة ولا الصغار، ولا الوحدة ولا الاحتقار، فإن المسلمين إذا لم يعتزوا بدينهم، ويفخروا بتمسكهم، ويتحدوا الشبهات، ويترفعوا على الشهوات، ويستعل شبابهم على التسكع في الأسواق والمنتديات، ويأخذوا هذا القرآن بقوة، ويتمسكوا بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعزم وفتوة.

فإذا لم يفعل المسلمون هذا ولا ذاك فإن أعداءهم لا محالة سيذيقونهم سوء العذاب، ولا يرقبون فيهم إلاً ولا ذمة، كما ذكر ربنا في آي الكتاب: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال:53].

حاجة الأمة إلى الرجال

فيا أيها المسلمون! لقد أعجبتني وفي نفس الوقت آلمتني كلمة لرجل درس تعاليم الإسلام السمحة فأبهره سماحته وأعجبته صرامته، فقال في إعجاب مرير: يا له من دين لو كان له رجال!

نعم. يا له من دين، ولكن أين هم الرجال؟ ماذا يغني عن الإسلام رجال أهمتهم أنفسهم وحكمتهم شهواتهم وسيرتهم مصالحهم؟ أما والله لو ظفر الإسلام في كل ألف من أبنائه برجل واحد، من أبطال القادسية، أو اليرموك وبدر والحديبية لكان ذلك خير له وأجدى من هذه الجماهير المكدسة، التي لا يهابها عدو ولا ينتصر بها صديق.

إننا بحاجة -أيها الأحبة- لإزالة الوهن الذي أصاب هذه الأمة، ولإزالة ضعف الهمة، وحب الركود وإيثار السلامة على مقارعة الأسنة، وتربية النشء على صدق الانتماء والاعتصام بالكتاب والسنة.

إن الكثيرين من شباب الإسلام ليخيم في أذهانهم أن الإسلام ضعيف أمام هذه الانفتاحية المذهلة، والتطورات المفجعة، والشبهات والشهوات المتتالية، ولا بد عندهم من التعايش أمام هذه الحضارة بما تحمله من تخلف ورجعية، وتناقض وازدواجية، واختلاف الأهواء والمزاجية.

إن الواجب على المسلمين هو تغيير المجتمعات وتسييرها، لا مسايرتها ومداهنتها، نعم. إن العالم والداعية لا قيمة لحياتهما إلا بالدعوة والتغيير، والإصلاح والتسيير، ولا شك إخوتي أن في ذلك مشقة عظيمة ولكن عاقبتها حميدة، فمن ذلك المشمر لطلب العلياء، واللحوق بأهل الفضل والإباء.

عظم الأجر مع عظم البلاء

معاشر الدعاة! يا إخوان محمد صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة درجات قد لا يبلغها العبد بعمله مهما عمل، وما كان له أن يصلها إلا بالمحنة والبلاء، والشدة واللأواء، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري كما عند أهل السنن وغيرهم.

أترى لولا العذاب الذي ذاقه آل ياسر على يدي مشركي قريش، أتراهم كانوا ينالون شرف قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ).

ولولا صبر سعد بن معاذ وبذله في سبيل الله، وإراقة دمه في يوم الخندق، وحكمه العادل في بني قريظة، ما نال درجة: ( اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ ).

ولولا صبر أحمد بن حنبل على العذاب، وثباته على الحق والصدع به، ما نال درجة إمام أهل السنة والجماعة.

ولولا ثبات أبي العباس ابن تيمية على كلمة الحق، مع الحكمة والصبر والأناة والتعقل، ما نال درجة شيخ الإسلام وتقال له في كل زمان.

ولولا تفاني الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وصبره وتضحيته وجهاده، ما نال درجة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.

أكرم بذلك من فضل، وأنعم بها من درجة عالية، إن طريق الرجولة -إخوتي- صعب وشاق، ولكنه رغم وعورته وصعوبته إلا أن المؤمن يستعذب هذا الطريق ويحبه، ويجد للسير فيه حلاوته.

ألم تر إلى الصحابي الجليل حرام بن ملحان، حينما طعن غدراً بالحربة ورأى الدم يسيل، أتدري ماذا قال؟ قال: (فزت ورب الكعبة. الله أكبر! اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة).

نعم. يجب أن يتربى شباب الأمة على سير الأبطال، يعرفوا جهاد خالد، وصبر أحمد، وعلم ابن تيمية، وتفاني محمد بن عبد الوهاب، بدلاً من أن تبني مستقبلها على التسول الخلقي والمعرفي.

إن الأمة الإسلامية يجب أن تكون قائدة لا منقادة، ومتبوعة لا تابعة، وإن الذين يحاولون في تبعيتهم أن يتسللوا لواذاً، ويؤلفوا الأمة على خلق طارئ جديد، عليهم جميعاً أن يكفوا عن هذا التسول بكل صنوفه.

إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية، وأفضل البشرية، حيث أمركم ربكم بذلك فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم فك أسرى المأسورين، وفرج كرب المكروبين، واجعل لهم مخرجاً يا رب العالمين.

اللهم عليك بأم الكفر وحلفائها، اللهم اهزمهم وزلزل الأقدام من تحتهم، اللهم عليك بيهود، اللهم إنهم قد طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، اللهم صب عليهم شديد العقاب، اللهم اشدد وطأتك عليهم، واجعلهم عبرة للمعتبرين، وآية للمتوسمين يا رب العالمين.

اللهم أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، اللهم اجعلنا لك شاكرين، لك ذاكرين، لك راهبين أواهين منيبين، اللهم تقبل توباتنا، واغسل حوباتنا، واسلل سخيمة قلوبنا.

اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان، اللهم كن معهم يوم قل المعين، اللهم انصرهم يوم قل الناصر، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أين هم الرجال؟ للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

https://audio.islamweb.net