اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , عرض كتاب الإتقان (68) - النوع السادس والستون في أمثال القرآن للشيخ : مساعد الطيار
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , عرض كتاب الإتقان (68) - النوع السادس والستون في أمثال القرآن للشيخ : مساعد الطيار
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد:
فنبتدئ كعادتنا في كتاب "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي رحمه الله تعالى.
ونأخذ النوع السادس والستين في أمثال القرآن.
ذكر الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في هذا النوع كتاباً للماوردي قال: وهو من كبار أصحابنا، أي: الشافعية، لأن السيوطي رحمه الله تعالى كان شافعياً، و الماوردي أيضاً كذلك كان شافعياً، وهذا الكتاب نقل منه السيوطي في هذا الموطن، وأشار المحققون إلى أنهم لم يقفوا على أحدٍ نسب هذا الكتاب للماوردي ، ولكن نسبه الإمام السيوطي وهو متخصص في مثل هذه الأمور، ويكثر من النقل من الكتب، فنسبته هذا الكتاب للماوردي تكون مقدمةً في مثل هذا المجال، فقد يكون في يوم من الأيام لأحد من الباحثين أن يجد هذا الكتاب الذي نقل منه الإمام السيوطي رحمه الله تعالى.
ولو تأملنا أمثال القرآن على أنها نوع من أنواع علوم القرآن، وأردنا أن ننظر بنظر آخر وهو هل أمثال القرآن أمور مرتبطة بالقرآن من حيث أحواله الخارجة عنه؟ أم هي من علومه المستنبطة أو الداخلة فيه؟ وهذا مهم أن ننتبه له؛ لأنا أشرنا إليه إشارات، ولكن ننبه إليه في مثل هذا المقام.
فلو أردنا أن نضع موازنة بين أسباب النزول على أنه علم من علوم القرآن وبين أمثال القرآن، ألا يتضح الفرق بين أسباب النزول وأمثال القرآن من جهة أن أسباب النزول أحوال خارجة عن النص، ولكن أمثال القرآن هي من داخل النص.
ولو نظرنا إلى إعجاز القرآن يظهر أيضاً أن فيه نوعاً من أنواع علوم القرآن، وأنه يكون خارجاً من جهة وداخلاً من جهة، مع أنه يخرج من خلال الآيات، ولكن ينظّر له من خارج الآيات، فأمثال القرآن هي منظّرة من خلال الآيات ومن المهم أن ننتبه إلى تصنيف علوم القرآن، بحيث أنا نعرف من خلال التصنيف ما هي العلوم التي تكون خارج النص ومرتبطة بأحواله، وما هي العلوم التي تكون مستنبطة من النص؟ بمعنى أننا نأخذها من النص مباشرة؛ لأننا لو تأملنا الآن كل ما طرحه في هذا المبحث فمن خلال الآيات الواردة في الأمثال، مثل قوله سبحانه وتعالى: وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43]، نجد أن الله سبحانه وتعالى جعل فهم الأمثال وعقلها للعالم، والعالِم هنا ليس مطلق العالم؛ لأن (ال) في العالمين هنا تدل على الكمال، يعني الذين بلغوا شأناً في العلم، فما دامت هذه الأمثال لا يعقلها إلا هذا الصنف من الناس فحري بالمسلم أن يتدبر هذه الأمثال ليكون ممن وصفه الله سبحانه وتعالى بالعلم.
وقال أيضاً: وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ [الروم:58]، وهذا يدل أو يشير إلى تنوع أمثلة القرآن، وذكر ما أخرجه البيهقي وهو حديث ضعيف، وهو: ( أن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلال وحرام، ومحكم ومتشابه وأمثال، قال: فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال )، وهذا الحديث إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ضعيف، ولا يحتج به من جهة الإسناد، لكن الكلام المذكور فيه معناه صحيح، وهذا يردنا إلى مسألة، قديماً طرحتها وهي أنواع المعلومات التي طُرحت في القرآن، والتي يمكن أن يقال عنها: الموضوعات الكلية للقرآن، وسبق أن ذكرت أن بعض العلماء جعلها ثلاثة أنواع: معرفة المعبود، والطريق الموصل إلى المعبود، وحال الناس في الطريق الموصل إلى المعبود، وهذه مضمنة في سورة الفاتحة، فأولها في المعبود، وهي الآيات الأول مع جزء من الآية الرابعة: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:2-5]، هذه في حق المعبود، ثم يأتي قوله تعالى: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] هذا في معرفة الطريق، ثم بعد ذلك يأتي حال السالكين، يعني: حال الناس من سالك لهذا الطريق ومتنكب عنه: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]، هذا حال السالكين فيه، والمتنكب عنه: غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، فلو أن باحثاً جمع أنواع هذه التقسيمات المذكورة سنجد أن كل هذه التقسيمات صحيحة، ولكن كل تقسيم منها نظر إلى موضوعات ومعلومات القرآن من زاوية، فبرز عنده هذا التقسيم، وهي مجال رحب للاجتهاد.
ومما نقله عن الماوردي ثم الشيخ عز الدين بن عبد السلام قال: وقال غيره-وهذا كما قال المحققون أنه الزركشي- قال: [ ضرب الأمثال في القرآن يُستفاد منه أمور كثيرة: التذكير والوعظ والحث والزجر والاعتبار والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره بصورة المحسوس، فإن الأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص؛ لأنها أثبت في الأذهان..]، إلى آخر ما ذكره الزركشي وهي فوائد ضرب الأمثال، وهذه أيضاً من المجالات التي يحسن بحثها فيما يتعلق بأمثال القرآن.
والأمثال في الفصل الذي بعده ذكر أنها قسمان في القرآن: [ظاهر مصرح به، وكامن لا ذكرى للمثل فيه]، فالظاهر المصرح ما يذكر فيه لفظ المثل، وذكر له أمثلة كثيرة، مثل قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [البقرة:17]، وهو أول مثل في القرآن، فأورد المثل المائي والمثل الناري في المنافقين، ثم ذكر أمثلة أخرى غير هذه.
وذكر عن الماوردي بسنده إلى الحسين بن الفضل أنه سُئل فقيل له: [إنك تُخرج أمثال العرب والعجم من القرآن، فهل تجد في كتاب الله خير الأمور أوساطها؟ قال: نعم، في أربعة مواضع ثم ذكر: لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ [البقرة:68]و وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان:67]، وقوله: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء:29]، وقوله: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا [الإسراء:110] ]، ثم ذكر له أمثلة من بعض أمثال العرب ويأتي بنظير لها في كتاب الله سبحانه وتعالى وهذه تسمى الأمثلة الكامنة، أي: لم يصرح فيها بالمثل، ولكنها هي في صورة المثل.
هذا هو النوع الثاني وهو كثير في القرآن، ولو تفرغ له أحد لوجد أمثلة كثيرة جداً على طريقة الحسين بن الفضل ، و الحسين بن الفضل من أعلم علماء القرآن في القرن الثالث، وكتابه هذا مطبوع الذي هو "الأمثال الكامنة في القرآن" وهو رسالة صغيرة أورد منها السيوطي جملة كبيرة جداً.
وذكر أيضاً فائدة قال: [عقد جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب باباً في ألفاظ من القرآن جارية مجرى المثل]، وهذا ما يسمى بالمثل المرسل، وذكر أمثلة منه، مثل قوله سبحانه وتعالى: لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌ [النجم:58]، والمثل المرسل معناه: استخدام عبارات القرآن على حالة معينة على سبيل المثل، يعني أن الأمثال الكامنة التي ذكرها قبل قليل هي قريبة من هذا، لكن الأمثال الكامنة نظّرها بأمثال موجودة عند العرب، وهنا أمثلة مرسلة، بمعنى أنه يمكن أن يستخدمها الإنسان وينزلها على حالة أو على واقعة من الوقائع، وسبق أن ذكرنا شرط ذلك وضابطه وهو أن يكون في حال جد، أما إذا كان في حال هزل فلا يجوز، ذكرنا هذا حين تكلمنا عن الاقتباس وما يتعلق به سابقاً، وهذا مرتبط بهذا الموضوع.
وذكر أمثلة كثيرة جداً جداً، ولو تأملناها فسنجد أن الناس يستخدمون مثل هذه الآيات في أحوالهم، مثل: كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [المؤمنون:53]، ومثل: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر:14]، وأمثلة كثيرة جداً يستخدمها الناس، ولا نريد أن نعيد ما قلنا، لكن ذكرنا سابقاً الضابط في ذلك، وهو أن يكون استخدام هذه الأمثلة المرسلة في مقام الجد، هذا تقريباً باختصار ما ذكره الإمام السيوطي رحمه الله تعالى فيما يتعلق بأمثال القرآن.
ومن أراد أن يستفيد من مثل هذا الموضوع أو عنده طلاب ومر عليه هذه الموضوع وأراد أن يدرب الطلاب على موضوع أمثال القرآن فعنده المثل المرسل، وعنده الأمثلة الكامنة التي ذكرها عن الحسين بن الفضل ، يمكن أن يجعل الطلاب يستخرجون من خلال جزء أو من خلال جزأين، أو يوزع القرآن كاملاً عليهم بحيث يستخرجون منه هذه الأمثلة، فهذا تدريب تطبيقي على آيات القرآن مباشرة، أما ما يتعلق بالأمثلة الصريحة فيمكن أن تُدرس دراسة مستقلة، وهناك كتب ولله الحمد كثيرة فيما يتعلق بالأمثلة الصريحة.
وقبل أن ننتهي إلى الأفكار التي دائماً نناقشها أذكر بعض الأفكار المتعلقة بالأمثال القرآنية، بعض الأمثلة القرآنية إذا أردنا أن نفسرها أو نظرنا إلى تفسيرات العلماء فيها نجد أنهم قد اختلفوا في صورة المثل المحكي، وأشهر مثال في أول مثلين في القرآن، المثل المائي والناري في المنافقين، ولو جمعنا أقول السلف فقط غير أقوال المتأخرين فسنجد أن بين السلف خلافاً في نوع أو في صورة المنافق التي تتحدث عنه الآيات، وظهر لي أن كل ما ذكره السلف صحيح في تفسير المثل؛ لأن المثل القرآني فيه هذه الميزة، وهو أنه مثل يمكن أن ينطبق على أكثر من نوع أو أكثر من صورة إذا كان المثل يحتمله على قاعدة خلاف التنوع، ولهذا لا نحتاج في بعض الأحيان إلى أن نبحث عن أي نوع في أمثلة القرآن حينما نرى كلام العلماء فيها، وإذا بحثنا بهذه الطريقة سيقع عندنا شيء من العسر وسيقع عندنا إشكالات، ولكن إذا قلنا: إنه يحمل على أنه من باب اختلاف التنوع، كما هو واقع في غيره من آيات القرآن التي تحتمل أكثر من معنى، فلا يقع هناك إشكال في قضية المثل القرآني، وهذه تريح كثيراً في حال النظر إلى أمثلة القرآن.
ومثال ذلك في قوله تعالى: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ [البقرة:266]، فهذا المثل لو رجعنا إليه سنجد أن ابن عباس أشار إلى أنه مسلم عمل صالحات ثم سُلط الشيطان عليه فأهلكه وأوقعه في الموبقات، وله أيضاً أنه في الكافر يأتي يوم القيامة ويجد أعمالاً كالجبال، ثم تكون هباءً منثوراً، وهذا المثل يصدق على هذه الحالة، وكذلك يصدق على تلك الحالة، ففي مثل هذا نقول: إن المثل ما دام مضروباً كمثل وليس محدداً لشخص معين أو لسبب نزول معين، فإنا نحمله على هذه الصور التي ذكرت وليس بينها تعارض، وهذه قضية مهمة جداً لم أجد من أشار إليها إطلاقاً، ولكن من خلال ما عرفته من أسلوب بعض العلماء في قضية اختلاف التنوع نظّرت ذاك بهذا، وجعلته قاعدة في مثل اختلافهم في الأمثلة القرآنية؛ لأني لاحظت أن بعض الإخوة الذين لهم تخصص في البلاغة والذين درسوا الأمثلة القرآنية، يحرص على أن يجعله نوعاً واحداً أو صورة واحدة يرجحها، ثم يبين ما فيها من البلاغة القرآنية في المثل، ويترك صوراً كثيرة أخرى، إما أن يختار اختياراً دون أن يضعف الأنواع الأخرى، وإما أن يجتهد في تضعيف بعض الصور المذكورة، مع أني أرى أنها لا تحتاج إلى تضعيف، وإن كنا كما نعلم اختلاف التنوع في بعض الأقوال يكون أقوى من بعض، فلو اختار هذا على أنه الأقوى والأشبه والأظهر عنده، فلا يعني أن غيره من الأنواع ليس بصحيح.
الفائدة الثانية: مما يلاحظ في الأمثلة القرآنية: أن بعض الأمثلة القرآنية تتوارد على نوعٍ واحد أو على شيءٍ واحد، بمعنى أنه لو قلت مثلاً: انظروا إلى الأمثلة الصريحة كل الكلام هذا على الأمثلة الصريحة فقط، فالكلام الأول في الفائدة الأولى والثانية كلها في الأمثلة الصريحة، فلو طلبنا بحثاً، وقلنا: اذكروا الموضوعات التي تكلمت فيها الأمثلة القرآنية، فسنجد مثلاً التوحيد، فالأمثلة التي في التوحيد كثيرة وردت في القرآن؟ وهذا يعني أنه قد تتوارد مجموعة من أمثلة القرآن على موضوعٍ واحد، وهذا مجال من مجالات البحث والنظر والتدبر.
الفائدة الأخيرة: السنة النبوية فيها أمثال أيضاً، فلو نظر أحد موضوعات المثل النبوي مع موضوعات المثل القرآني، فقد نجد شواهد لبعض الأمثلة القرآنية في الأمثلة النبوية، بمعنى: أن المثل القرآني جاء بهذه الصيغة، وهناك مثل نبوي جاء بصيغة أخرى، ومؤدى المثلين واحد، وهذا أيضاً مجال جيد وجميل ولطيف للبحث، وقد يمكن أن يكون عندنا في السنة عموماً غير أمثلة النبي صلى الله عليه وسلم، فلو أن أحداً بحث بعض الأمثلة المتفقة الموضوع في المثل القرآني والمثل النبوي، فهذا مجال جيد للبحث.
وبعد أن انتهينا من هذه الأفكار نرجع إلى الأفكار التي دائماً نذكرها في نهاية كل مبحث، وهو أن هذا النوع أي: أمثال القرآن له علاقة بالتفسير؛ لأنه لا يمكن فهم الأمثال إلا بفهم المعاني.
فإذاً الحقيقة أن معنى البحث في المثل القرآني هو بحث في جزء من الآيات، وفهم معانيها قبل فهم المثل بتمامه، فهذه الأمثال تعتبر من علوم التفسير لا محالة، وبناءً عليه فما دام من علوم التفسير فهو من علوم القرآن.
وهذا المبحث الأصل فيه أنه نقلي، لكن البحث فيه عقلي مثل التفسير، أي: أنه يحتاج إلى فهم واجتهاد، مثلاً سبب النزول الصريح يعتبر من علوم القرآن النقلية، والمكي والمدني من حيث الأصل فيه أنه نقلي؛ لأن الحكم بأن هذه السورة مكية، وهذه السورة مدنية يشترط النقل، لكن كونه في خلاف هذه قضية أخرى قد تكلمنا على أصلها، لكن أمثال القرآن لا نأثرها عن غيرنا ولا نحتاج أن نأثرها؛ لأنها موجودة في القرآن، فنستخدم الفهم والاجتهاد لمعرفة معاني هذه الأمثال وما فيها، فهو مبحث في النهاية من المباحث التي يدخلها الاجتهاد.
ويمكن أن نقول: إنه مبحث اجتهادي له علاقة بأنواع القرآن كالوقف والابتداء نظراً إلى أن نهاية كل مثل الأصل فيه أن يكون وقفاً تاماً.
وكذلك الأمثال المرسلة التي ذكرناها مرتبطة بما يتعلق بموضوع الاقتباس في النوع الذي ذكرناه قبل قليل، فإذاً له ارتباط بمجموعة من علوم القرآن الأخرى.
وهنا فائدة أخيرة: ويمكن أن تضاف إلى الفوائد التي ذكرتها سابقاً: وهي أن السيوطي رحمه الله تعالى في أمثال القرآن لم يتطرق إلى التحليل البلاغي أو التقسيمات البلاغية في الأمثال عند المثل المركب والمثل المفرد، فمن باب الفائدة يمكن أن ينظر إلى كلام السلف في بعض الأمثلة، وكلام البلاغيين في نفس المثال، وكيف فهم السلف هذا المثل؟ هل فهموه مفرداً أو فهموه مركباً؟ لأن هذا مجال للبحث، وسنجد فائدة هذا في المثل الأول الذي هو المثل المائي والناري، كيف فهمه السلف؟ فالسلف فهموه على أنه مثل مفرد ويتركب كل مقطع من آية.
والمتأخرون من البلاغيين جعلوه من الأمثال المركبة، أي: تشبيه حالة بحالة، وليس تشبيه أفراد بأفراد، فهذا مجال للبحث، والنظر فيما يتعلق باختلاف فهم السلف مع البلاغيين في قضية المثال، فالسلف لا يأتون بالكلام مثل البلاغيين، لكن مؤدى كلامهم أنهم فهموا المثل على أنه مثل مفرد أو أنهم فهموه مثلاً مركباً، فهذا ما يتعلق بموضوع الأمثال.
السؤال: [ما الفرق بين الأمثلة المرسلة والكامنة]؟
الجواب: هذا أشرنا إليه سابقاً وقلنا: إن الأمثلة المرسلة هي نفس الأمثلة الكامنة، لكن الأمثلة الكامنة فقط ذكروها استقلالاً، وخاصة السيوطي لعمل الحسين بن الفضل ، في التنظير بين أمثلة العرب والعجم وأمثلة القرآن، وإلا في النهاية هي مرسلة، والصحيح في القسمة أنها ثنائية، في نظري: قسم مصرح به وآخر غير مصرح به، أو كامن، وغير كامن، لكن هم ذكروا هذا بالذات؛ لأنهم جعلوا ما يوجد من أمثلة قبل القرآن مستخدمة، وجاء في القرآن ما يشير إلى هذا المثل فسموه كامناً، وهو في النهاية يؤول إلى المرسل.
وهذا يمكن أن يستدرك ويدرس، ويُجعل له مدارسة في أن القسمة ثنائية، مثلما ذكر السيوطي : أنه مصرح به وكامن، سواءً سميناه كامناً أو سميناه مرسلاً هو في النهاية واحد، ويمكن أن يفرق بينهما من حيث كون الكامن يحتاج إلى استنباط وخبرة.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , عرض كتاب الإتقان (68) - النوع السادس والستون في أمثال القرآن للشيخ : مساعد الطيار
https://audio.islamweb.net