إسلام ويب

إن لله جل وعلا أسماء حسنى كثيرة، منها: الجبار لما انكسر من خلقه حساً ومعنى، وجميل يحب الجمال، وحافظ للإنسان من كل شر، وحسيب فلا يغيب عنه شيء، وحليم لا يعاجل بالعقوبة، وحكيم فيما يصدره من أحكام، وهو حكم بين عباده فلا يظلم أحداً، وهو حي لا يموت، وحيي يحب الستر والحياء.

اسم الله: (الجبار)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه, سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

اللهم علمنا علماً نافعاً, وارزقنا عملاً صالحاً, ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

فقد توقف بنا الكلام فيما مضى عند قول الإمام القيرواني رحمه الله: (الجبار)؛ فالله جل جلاله من أسمائه: الجبار؛ قال تعالى: هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ[الحشر:23], والجبار فسر بتفسيرين:

التفسير الأول: الجبار من الجبر, بمعنى: يجبر الكسر الحسي والكسر المعنوي.

التفسير الثاني: الجبار بمعنى: أنه يجبر المكسور, وكم من إنسان كسرت يده, أو رجله, أو كسر رأسه, فمن الذي جبره, هل هو الطبيب؟ لا. بل هو الله جل جلاله الذي جبرها بقدره ولطفه ورحمته, والطبيب ليس إلا سبباً.

ولذلك كم من إنسان أيضاً كسر فما جبر؛ فالطبيب يضع لك الجبس ثم ترجع بعد عشرة أيام؛ فيقول لك: ما عندنا حل غير أننا نكسرها ثانية؛ فهي في المرة الأولى انكسرت بنفسها، وفي المرة هذه هو يريد أن يكسرها؛ لأنه جبرها بالغلط وهذا يحصل أحياناً من الطبيب.

فالجابر هو الله جل جلاله, الجبار من الجبر, يجبر الكسر الحسي, وكذلك الكسر المعنوي, كم من إنسان منا بل كلنا ينكسر الخاطر بالذنب الذي يرتكبه؛ لكن الله عز وجل يجبر هذا الكسر بما جاء في آياته من الدعوة إلى التوبة, ومن إطماعنا في رحمته جل جلاله, وفتح الأبواب أمامنا واسعة, فيجبر كسرنا حسياً كان أو معنوياً.

والجبار على المعنى الثاني: أنه جل جلاله لا معقب لحكمه, ولا معترض على قدره؛ فهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء, ويحكم ما يريد, فهو الجبار سبحانه.

اسم الله: (الجميل)

ومن أسمائه: (الجميل), وهذا الاسم ليس في القرآن, وإنما أخذناه من الحديث الصحيح, قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله جميل يحب الجمال ), وسبب هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر, فقال أبو بكر : يا رسول الله! إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسناً, ونعله حسنة؛ فقال: ليس ذلك من الكبر, إن الله جميل يحب الجمال, الكبر بطر الحق وغمط الناس ), و(بطر الحق) بمعنى: رده, و(غمط الناس) وفي لفظ: ( وغمص الناس ), بمعنى: احتقارهم وازدراءهم والسخرية بهم.

فالله جل جلاله جميل, والذي سماه جميلاً هو النبي عليه الصلاة والسلام, وكل ما في الكون من جمال هو من أثر جمال ربنا جل جلاله, جمال الخلقة في الناس وفي غير الناس, فمثلاً: تنظر إلى عيون الغزال فتعجب! أو تنظر إلى بعض الطيور بألوانها الزاهية، وإلى الحدائق الغناء, والورود على أشكالها المختلفة؛ فإن كنت مؤمناً لا يأتي على لسانك إلا كلمة: سبحان الله!

فإذا كان هذا جمال المخلوق فكيف بالخالق سبحانه وتعالى؟!

ومن آثار جماله جل جلاله ما في الجنة من جمال؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج: ( ثم رفعت إلى سدرة المنتهى, فإذا ورقها كآذان الفيلة, وإذا نبقها كقلال هجر, وغشيها من نور الله ما لا أستطيع أن أصفه ).

فالنبي صلى الله عليه وسلم وصف سدرة المنتهى بما استطاع, فقوله: ( ورقها كآذان الفيلة ), يريد أن يقرب المعنى إلينا, فورقها كبير, (والنبق) أي: ثمارها (كقلال هجر), النبقة الواحدة مثل القلة من قلال هجر؛ فلما أراد أن يصف نور الله جل جلاله قال: ( لا أستطيع أن أصفه ), لا يبلغ كنه صفته جل جلاله الواصفون.

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إن الله جميل يحب الجمال ).

اسم الله: (الحافظ)

ومن أسمائه: (الحافظ) جل جلاله، قال تعالى: فَاللهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ[يوسف:64], فالله جل جلاله حافظ, ومن حفظه أنه يحفظ الخلق، قال تعالى: إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا [فاطر:41], أي: ما أمسكهما من أحد من بعده.

ومن حفظه جل جلاله: أنه وكل بك ملائكة يحفظونك؛ قال عز وجل: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ [الرعد:11], ومن آثار حفظه جل جلاله أنه يحفظ أعمال العباد, قال الله عز وجل: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18], وقال: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [يونس:61].

ومن آثار حفظه جل جلاله: أنه يحفظك من الشياطين, يعني: لك أن تجرب الليلة التي تنام فيها دون أن تقرأ آية الكرسي, فماذا يفعل بك الشيطان؟ يعبث بك حتى تستيقظ وأنت مفزوع, لكن لو أنك وفقت وقرأت آية الكرسي في أقل من دقيقة, وقرأت خواتيم سورة البقرة فإنك ستنام نوماً هنيئاً, ولا يستطيع الشيطان أن يقربك ولا أن يؤذيك.

فأول أسمائه هو (الله) جل جلاله, ثم الآخر, الأحد, الأعلى, الأكرم, الإله, الأول, البارئ, الباطن, البر, البصير, التواب, الجبار, لا تقولوا: الجبار بلام شمسية, هذه من أخطائنا نحن معشر أهل السودان, يقرأ أحدنا: وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ[التكوير:3], بلام شمسية لا, واللام هنا لام قمرية، فنقرأ: وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ[التكوير:3], وللأسف! يحفظ الأولاد عندنا في المدارس هكذا باللام الشمسية, بينما اللام لام قمرية, ولا بد من أن تظهرها فلا تقل: الجبار باللام الشمسية؛ بل قل: الجبار جل جلاله باللام القمرية، وبعده اسم الجميل والحافظ.

اسم الله: (الحكيم)

ومن أسمائه: (الحكيم) وهذا في القرآن كثير, قال ربنا جل جلاله: سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحديد:1], وهناك يعقوب عليه السلام قال: عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [يوسف:83]؛ فالله جل جلاله حكيم له الحكمة البالغة.

له الحكمة لأن قضاءه وقدره لا يصدران إلا عن حكمة, وأمره ونهيه لا يصدران إلا عن حكمة, وأقواله وأفعاله منزهة عن العبث قال تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا [المؤمنون:115]؛ وقال عز وجل: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ * لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ * بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ[الأنبياء:16-18], فالله عز وجل حكيم.

اسم الله: (الحليم)

ومن أسمائه: (الحليم), فهو سبحانه وتعالى موصوف بالحلم؛ قال تعالى: وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة:225], ومن حلمه جل جلاله أنه يراك وأنت تعصيه فلا يعاجلك بالعقوبة, ومن حلمه جل جلاله أن العبد يكفر به ومع ذلك يطعمه ويسقيه, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أحد أصبر على أذى سمعه من الله! ينسبون إليه الصاحبة والولد وهو يطعمهم ويسقيهم ويعافيهم! ), فالله عز وجل حليم.

اسم الله: (الحميد)

ومن أسمائه: (الحميد)؛ قال تعالى: وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [الشورى:28], جل جلاله, والحميد: مشتق من الحمد, وهو على وزن: فعيل، بمعنى فاعل, وبمعنى مفعول, فاسم الله (الحميد) معناه أنه حامد جل جلاله, يحمد للعبد فعله الحسن, وحميد بمعنى محمود يقبل من عبده الحمد؛ ولذلك أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( إن الله عز وجل إذا ابتلى عبده المؤمن يقول لملائكته وهو أعلم: انظروا ما يقول عبدي لعواده, فتقولون: حمدك واسترجع فيقول الله عز وجل: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد )؛ فالله عز وجل حميد يحمد لك حسن صنيعك ويثيبك عليه.

اسما الله: (الحي والحيي)

ومن أسمائه (الحي)؛ قال تعالى: هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [غافر:65]، وقال تعالى: اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255], فحياته جل جلاله أبدية سرمدية, ليس لها أول وليس لها آخر, وحياته كاملة, لا يعتريها نوم ولا سقم ولا موت.

واسم الله (الحيي)، هذا ليس في القرآن, لكن أخذناه من السنة؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله حيي ستير )؛ فالحياء صفة مدح؛ قال عليه الصلاة والسلام: ( الحياء من الإيمان ), وقال: ( الحياء خير كله ), وقال: (الحياء لا يأتي إلا بخير), (وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها), (وكان لا يواجه أحداً بشيء يكرهه), (وكان عليه الصلاة والسلام إذا كره شيئاً عُرف ذلك في وجهه ).

ومن حيائه صلوات ربي وسلامه عليه: أنه ما كان يتلفظ بشيء قبيح قط, فما عنده لفظ فاحش.

ومن حيائه عليه الصلاة والسلام: (أن نظره إلى الأرض كان أطول من نظره إلى السماء).

والحياء صفة تمدح في المؤمن, رجلاً كان أو امرأة, وهو في المرأة آكد وأشد.

والحياء معناه: انقباض النفس عن مواقعة القبيح, فلنتنبه! لأننا لا نتكلم عن الحياء كصفة لربنا جل جلاله, وإنما نتحدث عنه كصفة للمخلوق. والحياء نوعان: حياء شرعي، وحياء عرفي.

فالحياء الشرعي معناه: أن يستحي الإنسان من الحرام.

فكلنا نستحي من أن يُرى أحدنا سارقاً؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن, ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن )؛ فهذا حياء شرعي؛ فالإنسان يستحي أن يراه الناس زانياً.

ويستحي أن يكشف عورته أمام الناس قال عليه الصلاة والسلام: ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك. قالوا: يا رسول الله! فالرجل يكون خالياً -أي: يكون في غرفة مغلقة لوحده- قال: فالله أحق أن يستحيي منه ), جل جلاله.

وأما الحياء العرفي فمثاله:

لو أن إنساناً جاء إلى المسجد لابساً سروالاً وفنيلة أي: حمالات -مثلاً-, فالعورة منه مستورة في هذه الحالة ولا يرى منه أي شيء, ولكنه يستحي من الناس إذا رأوه؛ فهذا حياء عرفي, وهو يختلف باختلاف البلاد والزمان.

ومثال آخر كان قد أتى على الناس زمان الواحد منهم يستحي أن يسير وهو حاسر الرأس، إذ لا بد أن يكون على رأسه شيء, وهذا إلى الآن موجود في بعض البلاد؛ فلا يذهب حاسر الرأس إلا من كان مطعوناً في حيائه, بأن هذا شخص لا يستحي.

فالمقصود بأن هناك حياء شرعياً وحياء عرفياً.

فالحياء هو: انقباض النفس عن مواقعة القبيح, سواء كان قبحه شرعاً أو عرفاً.

أما الحياء بالنسبة لله عز وجل فهذا ما سنبينه في المرة الآتية إن شاء الله.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم, وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم, اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى, ونسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين, والحمد لله رب العالمين.

اسم الله: (الحسيب)

ومن أسمائه: (الحسيب), جل جلاله بمعنى: الكافي؛ ولذلك نقول: حسبي الله ونعم الوكيل قال تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ[آل عمران:173]. وقال تعالى: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ[التوبة:129].

واسم الحسيب هو في معنى: الحافظ، قال تعالى: إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ [هود:57].

اسم الله: (الحق)

ومن أسمائه (الحق)، قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[الحج:62]؛ فالله عز وجل حق سبحانه وتعالى, باعتبار أن وجوده جل جلاله حق لا ريب فيه, وأن كلامه حق لا ريب فيه, وأن دينه حق لا ريب فيه, وأن أمره حق لا ريب فيه, وأن خبره حق لا ريب فيه, ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام ليصل بالليل كان يفتتح صلاته بالدعاء فيقول: ( اللهم أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن, وأنت نور السموات والأرض ومن فيهن, وأنت ملك السموات والأرض ومن فيهن, وأنت حق ولقاؤك حق, والجنة حق، والنار حق, والنبيون حق, ومحمد صلى الله عليه وسلم حق )؛ فهو سبحانه وتعالى حق باعتبار ذاته وأسمائه وصفاته وأمره ونهيه ووعده ووعيده.

اسم الله: (الحكم)

ومن أسمائه: (الحكم) جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الناس مبايعين, وفيهم رجل يقال له: أبو الحكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وما ذاك؟ قال: يا رسول الله! إن قومي إذا اختلفوا رجعوا إلي فحكمت بينهم فرضوا ), يعني: هو رجل عنده حكمة وتؤدة وبصيرة, والناس ينزلون على حكمه ويرتضونه, فقال له عليه الصلاة والسلام: ( ما أحسن هذا!- يعني: أنت رجل على خير- إن الله هو الحكم, وإليه الحكم، ثم قال له: من أكبر ولدك؟ قال: فلان، قال: فأنت أبو فلان ), فغير له هذه الكنية.

وقد كان في الجاهلية يكنى بها عدو الله ورسوله عمرو بن هشام بن المغيرة كانت كنيته أبا الحكم ؛ فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بـأبي جهل ؛ ولذلك لا يصح أن تكني أحداً بأبي الحكم؛ فالله هو الحكم قال تعالى: اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ[الحج:69], فهو الحكم يوم القيامة, وهو الحكم في الدنيا, فالحكم لله العلي الكبير, سواء كان حكماً قدرياً كونياً, أو كان حكماً دينياً شرعياً, فالله عز وجل لو حكم على فلان بأن يموت في يوم كذا, في ساعة كذا فإنه سيموت؛ لأنه سبحانه الحكم ولا معقب لحكمه.

وكذلك لو حكم بأن هذا حلال وأن هذا حرام فهو حلال أو حرام شرعاً؛ فهو سبحانه وتعالى حكم باعتبار القدر, وحكم باعتبار الشرع.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [16] للشيخ : عبد الحي يوسف

https://audio.islamweb.net