إسلام ويب

شهر رجب من الأشهر الحرم التي يتضاعف الثواب فيها، فينبغي الفرح بقدومه والإكثار من العمل الصالح فيه، ولا صحة لتخصيص رجب بصيام أو صلاة، ولا أن العمرة في رجب لها مزية على غيره من الشهور.

مسائل في شهر رجب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على البشير النذير، والسراج المنير، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

مرحباً بكم في حلقة جديدة, نسأل الله أن يجعلها نافعة مفيدة، نذكركم في بدايتها بأن هذه الليلة قد تكون هي أولى ليالي شهر رجب، وقد يكون غداً هو المتمم للثلاثين من جمادى الثانية، وأياً ما كان الأمر فما بيننا وبين رجب سوى ساعات معدودات, وكلمة رجب مشتقة من الترجيب الذي هو التعظيم، وهو أحد الأشهر الحرم التي أمرنا بتعظيمها، ومعرفة قدرها، قال الله عز وجل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة:36] , وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع هذه الأشهر الحرم حين قال: ( ألا وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، والشهور أربعة حرم، ثلاثة سرد، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو رجب الذي بين جمادى الآخرة وشعبان ) , وهذا الشهر المبارك يسمى رجب الفرد؛ لأنه شهر حرام مفرد، ليس قبله ولا بعده شهر حرام؛ ويسمى كذلك رجب مضر؛ لأن مضر كانوا يعظمونه من بين قبائل العرب ولا يجرون فيه تلك العادة الجاهلية المقيتة، وهي عادة النسيء، التي قال الله فيها: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [التوبة:37], ولا بد هاهنا من التنبيه على مسائل:

الفرح بدخول شهر رجب

المسألة الأولى: أن رجب إذا دخل فإن المسلم يسر ويفرح باقتراب رمضان، فإنه ما بعد رجب إلا شعبان، وما بعد شعبان إلا رمضان، والأيام تمر سراعاً, فقد صارت (السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق سعفة النخل)، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الإكثار من العمل الصالح في شهر رجب

المسألة الثانية: أن شهر رجب يستحب فيه الإكثار من العمل الصالح؛ لأنه شهر حرام، وقد قرر أهل العلم بأن العمل الصالح يتضاعف ثوابه إذا كان للزمان حرمة أو للمكان حرمة، فطاعة الله عز وجل في مكة ليست كطاعته في سائر البلاد, وكذلك طاعة الله في رجب ليست كطاعته في سائر الشهور, فالموفق هو الذي يكثر في رجب من ذكر الله، وتلاوة القرآن، ويحرص على مجالس الذكر وحلق العلم، ويحرص على الإكثار من نوافل الصلاة والصيام والصدقة، ويحرص على الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى صلة الأرحام، والإحسان إلى خلق الله، وغير ذلك من خصال البر وصنوف الخير.

بطلان اعتقاد فضيلة خاصة للعمرة في رجب

المسألة الثالثة: ينبغي أن يقال في هذا المقام بأنه ليس لعمرة رجب مزية على العمرة في سائر السنة، فإن الناس قد تواطئوا على تسميتها بالعمرة الرجبية، ويحرصون على الإتيان بها، ولكننا قد علمنا من أدلة السنة بأن العمرة خلال السنة كلها سواء، إلا عمرة رمضان؛ لأنه ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( عمرة في رمضان تعدل حجة ) ، وفي رواية: ( تعدل حجة معي ) أي: مع النبي عليه الصلاة والسلام, فالعمرة في رجب ليست لها مزية, ثم الصيام في رجب كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: لم يصح فيه حديث، لكنه قربة على كل حال، ولو أن الإنسان تطوع بالصيام في رجب فأجره عظيم وثوابه كبير، خاصة مع اشتداد الحر في هذه الأيام، وقد قال العبد الصالح أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل الأوسي رضي الله عنه لما حضره الموت: مرحباً بالموت، مرحباً بحبيب جاء على فاقة، اللهم إنك تعلم أني ما كنت أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، وإنما كنت أحب البقاء في الدنيا لأربع خصال: لظمأ الهواجر، وسهر الليالي، ومزاحمة العلماء بالركب، ومعاشرة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر. فظمأ الهواجر، بمعنى: الصيام في شدة الحر, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجه عن النار سبعين خريفاً ).

القضاء في شهر رجب

المسألة الرابعة: أذكر إخوتي وأخواتي بأن الإنسان الذي أفطر أياماً من رمضان لمرض أو سفر، أو أفطرت المرأة لحيض مثلاً، فعلينا جميعاً أن نبادر بالقضاء قبل أن يدخل رمضان، فما بيننا وبين رمضان سوى شهرين، نسأل الله أن يبلغنا أيامه، وأن يعيننا على صيامه وقيامه، وأن يوفقنا لصالح العمل فيه, فنتهيأ -إن شاء الله- لرمضان بقضاء ما علينا من أيام قد أفطرناها في رمضان الذي مضى، ولو أن الإنسان أخر القضاء من غير عذر حتى دخل عليه رمضان الذي بعده، فإنه سيكون عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم؛ ولذلك البدار البدار، نبادر الآن بقضاء ما علينا مما أفطرناه من أيام رمضان الذي مضى، وأسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.

وهذه المواسم -مواسم الخير- قد جعلها الله عز وجل باباً لتجديد التوبة، وباباً للتزود من الحسنات، وتكفير السيئات، وغير ذلك من أنواع الخيرات، والموفق هو الذي يغتنم هذه المواسم، ولا يجعل أيامه كلها سواء، فإن للقلوب إقبالاً وإدباراً، والموفق السعيد هو الذي يتحين هذه الفرص ليتقرب إلى الله عز وجل بما يحضره من صالح العمل، وأياً ما كان الأمر سواء كانت هذه الليلة هي أولى ليالي رجب، أو كانت هي الليلة المتممة للثلاثين من جمادى الآخرة، فهأنذا قد أخبرتكم بما ينبغي، وأسأل الله عز وجل أن يتقبل منا أجمعين.

الأسئلة

تحديد الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والتسبيح والاستغفار والزيادة عليه

السؤال: عندي عدد محدد في الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدد محدد للتسبيح والاستغفار، فهل يجوز الزيادة؟

الجواب: نعم لا بأس بالزيادة، وهذا داخل في عموم قول الله عز وجل: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42], وعموم قوله جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56], وكذلك في قول نبينا صلى الله عليه وسلم: ( ألا أدلكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم: ذكر الله ), وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ), وكذلك جبريل عليه السلام نزل عليه فقال: ( يا محمد! إن الله عز وجل يقول لك: لا يصلي عليك عبد صلاة إلا كتبت له بها عشر حسنات، ومحوت عنه عشر سيئات، ورفعتها له عشر درجات، ورددت عليه مثلها ).

قراءة القرآن بغير طهارة أو حال كون رأس المرأة مكشوفاً

السؤال: ما حكم قراءة القرآن دون ستر الرأس؟ وماذا لو خرج مني ريح أثناء قراءتي هل علي أن أتوضأ مرة ثانية؟

الجواب: لا بأس أن تقرأ المرأة القرآن دون أن تستر رأسها, فإن هذا من الكمال، وليس من شروط الصحة, يعني: الكمال أن تقرأ وهي ساترة لرأسها وعلى طهارة، ولكن ليس هذا شرطاً للصحة, أما لو خرج الريح في أثناء القراءة فمن الأدب كما قال الإمام النووي رحمه الله: أن يمسك الإنسان عن القراءة حتى يتكامل خروجها، ثم بعد ذلك يواصل قراءته، هذا فيما لو لم يكن هناك مس للمصحف، أما إذا كانت القراءة معها مس للمصحف فلا بد من الوضوء؛ لأن الله عز وجل قال: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79] , وثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) , وهذا الذي عليه الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم أجمعين.

ارتكاب المرأة المتزوجة لفاحشة الزنا

السؤال: إني امرأة متزوجة، وأقسمت على المصحف ألا أخون زوجي, لكني قمت بعمل خيانة، فصمت ثلاثة أيام، وما زالت علاقتي مستمرة مع الشخص الآخر, أفيدوني؟

الجواب: الإنسان والله يعجب من هذه الأسئلة، وما فيها من الوقاحة والجرأة على الله عز وجل، وقلة الحياء, يعني: هي ذكرت ها هنا لفظة أنا ما ذكرتها، فهي لما ذكرت أن العلاقة مستمرة، ما قالت مع الشخص الآخر، وإنما قالت كلمة توحي بالاستهتار، وأن هذه السائلة لا تريد معرفة الجواب، وإنما هذا النوع من الأسئلة هو من باب إشاعة الفاحشة في مجتمع المؤمنين, وهذه الألفاظ التي اعتادها الناس تقول: ألا أخون زوجي، وقمت بخيانة، وكذا, هذه كلها مصطلحات حادثة، وليست من الشريعة في شيء، وإنما ينبغي أن نسمي الأمور بأسمائها الشرعية, فنسمي الخيانة زنا كما سماه ربنا جل جلاله، نسميه فاحشة، ونحو ذلك من الألفاظ, أما هذه الألفاظ المخففة التي أخذها الناس من القصص الغرامية، ومن المجلات، ومن الأفلام والمسلسلات، فليست من الدين في قبيل ولا دبير.

والمرأة أو الرجل إذا أحصن بالزواج الشرعي، وثبت الدخول في نكاح صحيح، ثم بعد ذلك اقترف جريمة الزنا، ففي شرع الله عز وجل حدهما الرجم بالحجارة حتى الموت؛ لما ثبت من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة، ثم رجم بالحجارة ), وهذه السائلة التي تقول: إنها صامت ثلاثة أيام، نقول لها: ما يكفر ذنبك صيام ثلاثة أيام ولا ثلاث سنين, ولا ثلاثة قرون، بل ذنبك العظيم هو أعظم الذنوب عند الله عز وجل بعد الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وقد توعد الله الزاني بنار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى، فقال سبحانه: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70], فيا أمة الله! اتقي الله عز وجل في نفسك، وسارعي إلى الله عز وجل بتوبة، واستري على نفسك، ولا تتعمدي إشاعة الفاحشة بين المؤمنين والمؤمنات.

تغميض العينيين في الصلاة والقراءة بصوت عال لحصول الخشوع

السؤال: أصلي بصوت عالٍ يعني جهراً، وأغمض عيني، وبذلك أكون أكثر خشوعاً، ولا يوجد معي أحد في الغرفة، فما حكم عملي هذا؟

الجواب: لا مانع إن شاء الله, وتغميض العينين كما ذكر أهل العلم مشروع إذا كان هناك ما يشغل، أو إذا كان ذلك يستدعي الخشوع، والصفة الأكمل أن يرمي الإنسان ببصره نحو موضع سجوده، ولا يلتفت ذات اليمين وذات الشمال.

وضع المصحف بجانب الأطفال تحصيناً لهم

السؤال: أترك طفلتي وحدها بعد تحصينها، وبجانبها أضع المصحف في مكان طاهر, هل في ذلك شيء؟

الجواب: لا شيء عليك إن شاء الله، لكن التحصين يكفي, فلو أنك قرأت عليها آية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، والمعوذتين، وتفلت عليها، فإن شاء الله يحفظها الله من شر كل ذي شر.

المتصل: يا شيخ! أنا سمعت منك إجابة، وأتمنى أن تصحح لي، قيل لك: هل يجوز للمرأة أن ترتل القرآن وتلحن صوتها في حضرة الرجال في مؤتمر أو غيره؟ فحسب ما فهمتك أنه لا يجوز، فأنا في برنامج للتلاوة قلت: أنا لن أشارك؛ لأن الشيخ عبد الحي قال: لا يجوز. لكنهم أعطوني إحساساً بأن الكلام هذا ليس صحيحاً، فأرجو التوضيح؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: أنا أريد أن أتزوج واحدة من بنات أهلي، وأهلي رافضون، ولا أعرف رأي الدين في ذلك، هل أرضيهم في هذا أو ماذا؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: جمع الإمام بين الظهر والعصر، فجاء جماعة والإمام يصلي العصر فصلوا خلفه بنية الظهر فهل صلاتهم صحيحة؟

الشيخ: نجيبك عن شاء الله.

المتصل: عندنا في المتمة كثير من المساجد تمنع فيها دروس التوحيد، مع أنه يسمح بدروس الفقه والعبادات والغسل والوضوء، لكن دروس التوحيد تمنع تماماً، فما رأي الدين في ذلك؟

الشيخ: إن شاء الله نجيبك.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: نسأل عن الكفار كم صنف هم؟

السؤال الثاني: الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء من الإسراء والمعراج، دخل المسجد الحرام فجاء أبو جهل يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن رحلته، أنا سمعت هذه القصة لكن لم أفهمها، فلو تحكيها لنا؟

الشيخ: أحكيها لك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: أسأل عن حكم استعمال الحجامة والرقية؟

السؤال الثاني: دعاء الاستخارة، هل له دعاء خاص، أم أي دعاء من الأدعية؟

الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله.

المتصل: عندي عدة أسئلة:

السؤال الأول: أسأل عن الصدقة، إذا كان هناك شخص يأتي فيطرق الباب فنعطيه مما يسر الله من طعام وثياب، ثم نتفاجأ بأن السائل يرمي بعض الأكل أو الثياب، فهل أجر الصدقة ثابت أم لا؟

السؤال الثاني: أسأل عن الدلك في الوضوء، مثلاً الشخص يتوضأ وحين غسل الأرجل يغسلها من غير أن يدلكها، وكذلك الغسل هل يدلك جسده أم لا؟

السؤال الثالث: حين أكون كثير الدخول إلى الحمام لغرض، فهل يجوز لي قراءة القرآن في الحمام؟

السؤال الرابع: عندنا جارتنا أنصارية، قالت: النظر للشيوخ مثلك في التلفزيون: حرام، فما حكم نظر المرأة إلى الرجال في التلفزيون؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: أسأل عن التأمين الصحي أو الطبي الذي يقدم من المؤسسات للعاملين فيها، أنت تدفع جزءاً من المبلغ، والمؤسسة التي أنت تعمل فيها تدفع لك جزءاً، ويكون تأميناً صحياً لك ولأفراد أسرتك. فما حكمه جزاكم الله خيراً؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: أنا امرأة عاملة، وأطلع من الصباح لمكتب العمل، وأفتح إذاعة القرآن الكريم، وأجعلها مفتوحة أربعاً وعشرين ساعة في البيت، وذلك لأجل حفظ الله للبيت، فما هو رأيكم في هذا؟

السؤال الثاني: أنا عندما آتي أصلي أو أذكر الله سبحانه وتعالى كثيراً، وأصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بدون ما أشعر أحس بقشعريرة، وأجد دموعي تنزل، أريد أن أعرف هذه الحالة ما هي؟

قراءة المرأة للقرآن تلحيناً في المسابقات ونحوها

الشيخ: أختنا إيمان من بور سودان قالت بأنها سمعت مني بأنه لا ينبغي للمرأة أن تلحن، أي: أن تقرأ القرآن بترتيل.

فأقول: المرأة مطلوب منها أن ترتل القرآن ترتيلاً؛ لأن الخطاب للجميع، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل:4] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( زينوا القرآن بأصواتكم ) وهذا الخطاب للرجال والنساء معاً.

لكن الذي أقوله: إنه لا ينبغي للمرأة أن تقرأ أمام الرجال؛ لأن قراءة القرآن بالترتيل مستلزمة لتحسين الصوت، ومستلزمة لمد الصوت أحياناً، ومستلزمة للإتيان بالغنة، وغير ذلك مما يزين الصوت ويجمله، والمرأة إذا خاطبت الرجل مطلوب منها أن تخاطبه بغير خضوع بالقول، كما قال ربنا جل جلاله: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32] ؛ ولذلك أقول: إنه لا ينبغي للمرأة أن تقرأ في مجامع الرجال، يعني في بعض الاحتفالات تفتتحها بعض الطالبات وهن بالغات بقراءة قرآن، بعض النساء تتصل ببرنامج إذاعي أو تلفازي في بعض القنوات فترتل القرآن، فنقول: ما ينبغي هذا، والعلم عند الله تعالى.

اعتراض الأقارب على الزواج من إحدى القريبات

الشيخ: أخونا وليد من الفاو يذكر أنه يريد أن يتزوج واحدة من بنات أهله، ولكن أبواه وأقاربه معترضون، فأقول أولاً: استعن بالدعاء، ثانياً: استعن بالاستغفار، ثالثاً: اجلس مع أهلك، انظر في أي شيء يعترضون، وما هي حجتهم، فلعلهم مصيبون وأنت مخطئ, ولعلهم يرمون إلى شيء بعيد قد غاب عنك, وفي الغالب أن أبواك لا يريدان لك إلا الخير, فخير لك أن تجلس إليهما وتنظر في أمرك معهما، ولعل الله أن يهديك للتي هي أقوم.

صلاة الظهر خلف إمام يصلي العصر

الشيخ: أخونا محمد ذكر أن إماماً جمع بين الظهرين، يعني: صلاة الظهر والعصر، يقال لهما: الظهران، والمغرب والعشاء يقال لهما: العشاءان، من باب التغليب، فلو أن إماماً جمع بين الظهر والعصر، فجاء ناس بعدما فرغ من الظهر وشرع في العصر، فجاءوا فصلوا من خلفه على نية الظهر, فهذه الصلاة صحيحة عند جماعة من أهل العلم؛ لأن الظهر والعصر متشابهتان في الكمية والكيفية، فكلاهما أربع ركعات، وكلاهما سرية، وكلاهما بتشهدين، وكلاهما في الركعتين الأوليين قراءة سورة مع الفاتحة، وفي الأخريين الفاتحة فقط، كما قال سعد رضي الله عنه:(لقد صليت بكم صلاة هي أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أركد في الأوليين، وأخف في الأخريين). يعني: في الأوليين ركود وإطالة، وفي الأخريين تخفيف، فبعض أهل العلم يقول بأنه لا بأس بأن يصلي الإنسان ظهراً خلف من يصلي عصراً، ولا بأس أن يصلي عصراً خلف من يصلي ظهراً، أما عند المالكية رحمة الله عليهم فلا بد أن تتحد صلاة الإمام والمأموم في عين الصلاة وصفتها, فالخلاصة: أن الصلاة صحيحة إن شاء الله.

منع بعض المساجد لدروس التوحيد

الشيخ: أما أخونا عبد الله من المتمة، ذكر أن بعض المساجد تمنع فيها دروس التوحيد، ويسمح فيها بدروس الفقه التي تتناول الطهارة والغسل والصلاة وما إلى ذلك.

فأقول لك: يا أخانا عبد الله! الدين كله توحيد، فالإنسان لو درّس تفسير القرآن، أو درس الفقه، أو درس السيرة، أو درس علوم السنة؛ فهذه كلها توحيد لله عز وجل، ولو أن الناس الذين ينتمون إلى طوائف معينة، عندهم كلمة التوحيد إذا سمعوها تعني بأن الإنسان سيصب جام غضبه على الشيوخ مثلاً، أو سيتناول قضايا معينة، فلا حرج أن يقدم لهم درساً في التفسير، أو درساً في الفقه، وفي ثنايا هذا الدرس تعلمهم توحيد الله عز وجل، ومعنى العبودية لله سبحانه وتعالى أننا عبيد له وحده، وأن هذه الطهارة وهذه الصلاة وغيرها من أنواع العبادات إنما غرضها ومرماها ومقصدها الأسمى تحقيق توحيد الله عز وجل، والدينونة له وحده جل جلاله بالعبودية، وما إلى ذلك، ثم إنه ليس من لوازم التوحيد أن نسب الناس، أو أن نغلظ عليهم، أو أن نذكر بعضهم بالسوء، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم علمنا بأن ( الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه ) ، وعلمنا صلوات ربي وسلامه عليه بأن ( الله عز وجل يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف ) ، وعلمنا صلى الله عليه وسلم بأن ندعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نجادل الناس بالتي هي أحسن، وقد قال له ربه جل جلاله: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:108].

أصناف الكفار

السؤال: الأخ سأل: كم أصناف الكفار؟

الجواب: أقول: الكفار يا أخي! على الجملة صنفان: كفار حربيون، وكفار غير حربيين، وعلى التفصيل هم على أربعة أصناف:

الصنف الأول: كفار حربيون، وهم الذين أظهروا العداوة لله ورسوله، وآذوا المسلمين، ومثالهم الواضح الصريح حالياً: اليهود الذين اغتصبوا أرض فلسطين، وأخرجوا أهلها من ديارهم، وساموهم سوء العذاب، هؤلاء الذين قال الله فيهم: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً [التوبة:36]، وقال الله فيهم: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29].

الصنف الثاني: كفار ذميون: وهم الذين قد أعطوا ذمة الله ورسوله والمؤمنين، وكانوا في أمانهم وضمانهم، وأعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وهذا الصنف لا وجود له اليوم.

الصنف الثالث: هم الكفار المعاهَدون، يعني: بينهم وبين المسلمين عهد إلى مدة، قال الله عز وجل: فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ [التوبة:7] فما داموا مستقيمين على العهد نستقيم لهم، ومثال هذا ما كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم و سهيل بن عمرو العامري في الحديبية، حين اتفقا على أن تضع الحرب أوزارها عشر سنين، وأن من شاء الدخول في حلف محمد دخل، ومن شاء الدخول في حلف قريش دخل، فاختلط الناس بعضهم ببعض، وكان ذلك سبباً في انتشار دعوة الإسلام، ولك أن تتصور بأن المسلمين الذين شهدوا الحديبية كانوا ألفاً وأربعمائة، أو كانوا ألفاً وخمسمائة، على اختلاف الروايات، ثم إن المسلمين الذين شهدوا فتح مكة صاروا عشرة آلاف، يعني: خلال سنتين دخل في دين الله عدد كبير.

الصنف الرابع: هم الكفار المستأمَنون، أي: الذين دخلوا بلاد المسلمين بأمان وبإذن، وهو الذي تمثله في هذه الأيام: التأشيرة، أو ما يقال عنه: الفيزة، هذا هو الأمان، فهذه أربعة أقسام: حربيون وذميون ومعاهدون ومستأمنون.

قصة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي جهل حين رجع من الإسراء والمعراج

الشيخ: سؤال أخينا عن أبي جهل لعنة الله عليه، وحاله مع قصة الإسراء، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أسري به، ثم رجع قبل الفجر؛ لأن الله تعالى قال: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء:1] قال أهل التفسير: وفائدة التنكير: التقليل، يعني: في جزء من الليل، بمعنى ما استغرقت الرحلة الليل كله، وجاء النبي عليه الصلاة والسلام في الصباح، وجلس في المسجد الحرام، فمر به أبو جهل عدو الله، وقال له: (يا محمد! هل من جديد؟ قال: نعم أمسيت معكم البارحة، ثم أسري بي إلى بيت المقدس في الشام، فقال له أبو جهل : وأصبحت بيننا؟ قال عليه الصلاة والسلام: اللهم نعم، قال له أبو جهل : أرأيت لو دعوت لك الناس أتحدثهم بما حدثتني به؟ -يعني: يتحدى النبي صلى الله عليه وسلم- قال له: ادعهم، فدعا القوم فحدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان في رحلة الإسراء، ولم يحدثهم عن المعراج، فصار القوم ما بين مصفق ومصفر وواضع يديه على رأسه)، كما قال ربنا جل جلاله: وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [القمر:2] ، فلما أفاقوا من سكرتهم بدءوا يطرحون الأسئلة الغبية، فيقول قائلهم: حدثنا عن بيت المقدس، ويقول له الآخر: حدثنا عن عير لنا بين الشام والحجاز، وأخبرنا متى تحضر، ونحو ذلك من الأسئلة، وثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت من أمثال الصديق أبي بكر رضي الله عنه، وأما المشركون فكما قال الله عز وجل: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:125].

استعمال الحجامة والرقية

الشيخ: أخونا السرم من الجزيرة سأل عن الحجامة والرقية فنقول: كلاهما شفاء؛ الحجامة شفاء، والرقية شفاء، وقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهاكم عن الكي ) ، والرقية كذلك شفاء؛ لأن الله قال: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82]، لكن تجرى الحجامة بمعرفة الإنسان الحاذق الموثوق، الذي تؤمن معه سراية الجرح.

صلاة الاستخارة وصيغة الدعاء فيها

الشيخ: سؤال الأخ السرم عن دعاء الاستخارة، نقول: قد (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن) وصيغة الدعاء بعد حمد الله والصلاة والسلام على نبيه أن نقول: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه ) مثلاً: اللهم إن كنت تعلم أن سفري لبلاد كذا، أو اللهم إن كنت تعلم أن ارتحالي لحي كذا، أو اللهم إن كنت تعلم أن شرائي للسيارة الفلانية، أو اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فلانة، أو طلاقي لفلانة ( خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فقدره ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به ).

مدى ثبوت أجر الصدقة على السائل غير المحتاج

السؤال: أم الزهراء من طيبة الخواص قالت: أحياناً يطرق الباب طارق، فتتصدق عليه بملابس أو بطعام أو بما إلى ذلك، ثم تتفاجأ بأن هذا السائل قد ألقى بها أو ببعضها وما انتفع بها، تقول هل أجر الصدقة ثابت؟

الجواب: نقول: اللهم نعم، فالإنسان لو تصدق بأي شيء يؤجر على ذلك؛ لأن القديم عندي جديد عند غيري، وما استغنيت عنه من ثياب أو طعام قد يكون غيري بحاجة إليه؛ ولذلك لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن يبذلوا في جيش العسرة كان البعض يأتي بقبضة من تمر، والبعض يأتي بصاع من شعير، والبعض يأتي بألف دينار يصبهن في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، قد علمنا صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( سبق درهم مائة ألف درهم ) ، ولما سئل عن ذلك، قال: ( رجل عنده درهمان تصدق بأحدهما، فقد تصدق بنصف ماله، ورجل عنده مال كثير أخذ منه مائة ألف فتصدق بها ) ، فهذا الدرهم أحب إلى الله من المائة الألف؛ لأن (أفضل الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى)، فيا أم الزهراء! تصدقت بثياب قديمة أو طعام قديم أو بغير ذلك، وما يصنعه السائل لست مسئولة عنه، ولو كان السائل صادقاً في سؤاله ومحتاجاً فعلاً للبذل لأخذ تلك الملابس أو ذلك الطعام وانتفع به، أما كونه يلقيه فمعنى ذلك أنه ليس بصادق، وإنما كان يرجو النقود؛ ولذلك بعضهم يغضب لو أعطيته طعاماً، أو أعطيته ثياباً، ولا تطيب نفسه بذلك، ومعنى ذلك أنه غير محتاج وغير صادق في طلبه.

الدلك في الوضوء والغسل

الشيخ: وبالنسبة للدلك في الوضوء أو في الغسل فهو ليس بواجب عند جمهور العلماء، والمالكية وحدهم رحمهم الله هم الذين يوجبونه أخذاً من قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا[المائدة:6] ، وقوله تعالى: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا [المائدة:6] قالوا: العرب تفرق بين قول القائل: غسلت الثوب، وقول القائل: أفضت على الثوب الماء، فالغسل فيه معنى زائد على الإفاضة، يعني: لا بد فيه من دلك؛ ولذلك قالوا: لا بد من إمرار اليد على العضو إمراراً متوسطاً، وبعض المحققين من المالكية قالوا: هذا واجب إيجاب الوسائل لا إيجاب المقاصد، يعني: الدلك واجب من أجل أن نتأكد من وصول الماء للبشرة، أما الآن والحمد لله هناك ما يسمى بالدش هذا الذي يصب الماء صباً، وهناك نوع من الدشوش تضرب الجسم ضرباً بالماء، فهذه تغني عن الدلك؛ لأنه يقيناً وصل الماء إلى البشرة، ولذلك يا أم الزهراء ! لو أنك أدخلت رجلك تحت الماسورة، وعممت بالماء فوضوءك صحيح إن شاء الله.

قراءة القرآن في الحمام

الشيخ: أما قراءة القرآن في الحمام فلا تقرئي القرآن في الحمام؛ فإن هذا المكان ينزه ذكر الله عز وجل أن يكون فيه.

نظر المرأة إلى الشيوخ في التلفاز

الشيخ: أما النظر إلى الشيوخ فليس حراماً، وكلمة حرام هذه كبيرة، فينبغي أن تنصحي جارتك هذه التي قلت بأنها أنصارية، وقولي لها: اتقي الله ولا تفتي بغير علم، فإن النظر المحرم هو نظر الشهوة، أما النظر بغير شهوة فلا يحرم، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن أمنا عائشة رضي الله عنها ( أن الحبشة جاءوا يلعبون بحرابهم في المسجد، فقالت أمنا رضي الله عنها: يا رسول الله! إني أشتهي أن أنظر، فقام صلى الله عليه وسلم يسترها، قالت: وكنت أنظر من فوق كتفه، ويقول لي: حسبك -يعني: كفاية- فأقول: لا بعد، فيبقى صلى الله عليه وسلم قائماً يقول: حسبك، وتقول: لا بعد )، فلو كان نظر المرأة إلى الرجال حراماً هكذا بإطلاق لما سمح النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته رضي الله عنها بأن تنظر إلى أولئك القوم وهم يلعبون بحرابهم في المسجد.

قال المودودي عليه رحمة الله في تفسيره لسورة النور بعدما ذكر جملة من الشواهد: ويتضح من هذا أن تشديد الشرع في نظر النساء إلى الرجال ليس كتشديده في نظر الرجال إلى النساء، والعلم عند الله تعالى.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: أخي توفي في السعودية يوم الجمعة في حادث، ويقولون: إن الذي يتوفى في حادث يسمى شهيداً، فهل هذا صحيح؟ وهل ورد فيه حديث؟ ويقولون: إن الذي يتوفى يوم الجمعة لا يسأل إلا يوم القيامة؟

السؤال الثاني: أنا أتذكر أخي الميت فتذرف عيوني دموعاً فهل هذا يعذبه؟

السؤال الثالث: بالنسبة للمرأة يوم الجمعة، هل تصلي صلاة النافلة أو لا تصليها، سواء صلت جمعة أو ظهراً؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: حصل خلاف بين زوجين فعلم أبو الزوجة فجاء وساقها من بيت زوجها من غير رضاها، ولا زوجها راضٍ، فما حكم ذلك؟

الشيخ: طيب سنجيبك إن شاء الله.

المتصل: تزوجت من رجل متزوج، فطلب مني أن آخذ حبوب منع الحمل فرفضت، فأصبح يعاملني معاملة قاسية؛ لأن عنده أولاداً، لكني دعوت ربي، والحمد لله رزقني ربي بجنينين، فأنا عندما لم آخذ الحبوب هل كنت مخطئة؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

المتصل: أنا عندي أرض زراعية، واحتجت أن أحفر فيها بئراً، وحفرت أكثر من مرة وما وجدت الماء، فجاءني أخي وقال لي: هناك رجل يستعين بعود أخضر ويمشي على الأرض، ويحدد أماكن الماء حسب حركة العود، وهو شخص عادي ونحن نعرفه ولا يقول طلاسم، لكني أحسست أن الموضوع له علاقة بالكهانة أو كذا، فأريد أن أعرف الرأي الشرعي في هذا الأمر؟

حكم التأمين الصحي

الشيخ: أخونا أبو محمد من أم درمان سأل عن التأمين الصحي. نقول: إن شاء الله التأمين المعمول به في هذه البلاد قد وضع له نظام، وهو إن شاء الله أقرب إلى روح الشرع، وقد أفتى بجوازه العلماء الكبار من أمثال الشيخ البرفسور الصديق الضرير ، وعليه فلا حرج إن شاء الله.

تشغيل إذاعة القرآن الكريم دائماً حفظاً للبيت

الشيخ: أم هند من رفاعة ذكرت بأنها تخرج إلى العمل في الصباح، وتشغل إذاعة القرآن التي تذيع القرآن على امتداد اليوم كله؛ رجاء أن تحصل البركة والحفظ للبيت.

نقول: هذا عمل طيب، وهي مأجورة إن شاء الله، وتلاوة القرآن تسري بركتها، سواء كانت تلاوة من شخص، أو من مذياع، أو من شريط.

القشعريرة عند سماع القرآن الكريم أو الذكر

الشيخ: الأخت أم هند ذكرت أنها عند ذكر الله عز وجل يحصل لها قشعريرة، وتنزل منها الدموع.

نقول لها: أنت على خير، وعلى حالة طيبة، ونسأل الله عز وجل أن يرزقنا مثلما رزقك، فإن الله عز وجل قال: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر:23] ، وقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2] ، وقال: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] يعني: تحصل لهم هذه القشعريرة، فتهطل منهم الدموع؛ إعظاماً لله عز وجل وإجلالاً له سبحانه وتعالى، وفي الوقت نفسه يشعرون بالطمأنينة والراحة والأنس بالله سبحانه وتعالى.

اعتبار الميت بحادث في يوم الجمعة من الشهداء

السؤال: الأخت سلمى من الكدرو ذكرت بأن أخاها توفي في حادث، وكان في يوم جمعة، فهل هو شهيد، وهل هو لا يسأل في قبره؟

الجواب: نقول لها: نعم إن شاء الله الأمران حاصلان، أما بالنسبة للشهادة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد عين ستة شهداء سوى شهيد المعركة، وهم: الغريق، والحريق، والمطعون، والمبطون، والمهدوم، والمرأة تموت بجمع - أي في الولادة -، قال الحافظ ابن حجر وغيره من أهل العلم: يقاس على ذلك كل ميتة فيها شدة، ولا شك أن حادث السيارة فيه شدة، والإنسان المصاب يعاني ما يعاني، وينزف منه الدم، ويعاني من الرضوض والخدوش وغير ذلك، بل أكثر من ذلك بما يؤدي إلى الوفاة، فهو إن شاء الله شهيد.

وبالنسبة للموت يوم الجمعة فإنه من علامات حسن الخاتمة، وفي الحديث ( من مات يوم الجمعة أو ليلتها وقاه الله فتنة القبر ) وهذا الحديث حسنه بعض أهل العلم، ومنهم العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني عليه رحمة الله في أحكام الجنائز.

مدى صحة تعذيب الميت بالبكاء عليه

السؤال: الأخت سلمى تذكر بأنها تبكي أحياناً بدموعها على أخيها الميت فهل هذا يعذبه؟

الجواب: لا يعذبه إن شاء الله؛ لأن النبي عليه الصلاة السلام لما مات ولده إبراهيم دمعت عيناه، ولما مات حفيده أيضاً دمعت عيناه، وكذلك لما مات سعد بن معاذ دمعت عيناه، وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم، وأشار إلى لسانه عليه الصلاة والسلام )، فما دام الإنسان لم يرفع صوته بالبكاء، ولم يكن هناك نياحة، ولا تعداد لمآثر الميت، ولا تسخط ولا اعتراض على قدر الله، فما فيه حرج إن شاء الله.

صلاة المرأة للنافلة يوم الجمعة

الشيخ: بالنسبة لصلاة النافلة يوم الجمعة فأنت يا سلمى ! إما أن تكوني قد صليتها جمعة أو صليتها ظهراً، وعلى كلا الحالين النفل سائغ ومسنون، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد صلاة الجمعة يصلي ركعتين أو أربعاً، وفي غير الجمعة كان صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر يصلي قبلها أربعاً وبعدها اثنتين، وربما صلى قبلها أربعاً وبعدها أربعاً، وربما صلى قبلها اثنتين وبعدها اثنتين، وكله ثابت في السنة، فأنت لو صليت الجمعة في المسجد فصلي بعدها ركعتين أو أربعاً، ولو صليت ظهراً يوم الجمعة، يعني: ما ذهبت إلى المسجد، فأيضاً تنفلي قبلها وبعدها.

أخذ البنت من بيت زوجها قسراً لخلاف بينهما

السؤال: أخونا إبراهيم من كوستي ذكر أن رجلاً كان بينه وبين زوجته خلاف، وقد ظهر أمرهما، فجاء أبوها فساقها من بيتها وهي غير راضية، ولا زوجها راض فما العمل في ذلك؟

الجواب: نقول: هذا الأب بئس الصنيع صنيعه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن من خبب امرأة على زوجها)، والخلافات بين الزوجين لا يخلو منها بيت، ولو كان كل امرئ اختلفت بنته مع زوجها يأتي فيسوقها قسراً لما بقيت امرأة مع زوجها، ولا شك أن صنيع هذا الأب ليس صنيع الإنسان الحكيم العاقل الذي يقدر الله حق قدره، ويعرف الحقوق والواجبات، بل حتى لو جاءت البنت مغاضبة، يجب على الأب العاقل أن يذكرها بالله، وأن ينصحها بالرجوع، بل يرجعها إلى بيتها، وكذلك يبذل النصيحة لزوجها؛ ليصلح الله ما بينهما، وقد كانت أسماء بنت الصديق رضي الله عنها تشكو إلى أبيها أبي بكر بعض الخلاف الذي بينها وبين زوجها الزبير ، فكان أبو بكر يقول لها: اصبري يا بنية! فإن الزبير رجل صالح، وإني لأرجو أن يكون رفيقك في الجنة، وما كان يقول لها: تعالي فبيت أبيك واسع، ونحو ذلك مما يقوله الناس الآن.

حمل المرأة من زوجها الرافض لحملها

السؤال: أم أحمد من الجزيرة ذكرت بأنها تزوجت رجلاً عنده زوجة قبلها، وما أراد لها أن تحمل؛ لأنه مكتف بأولاده من الأولى، وأرغمها على أن تتناول حبوب منع الحمل، ولكنها ما تناولتها، فقدر الله أن تحمل فما حكم عملها؟

الجواب: نقول: لا حرج عليك فيما صنعت، والرجل مخطئ، يعني: هو فكر في نفسه ولم يفكر في زوجته، وهو قد حصلت له الأبوة، وزوجته محتاجة إلى الأمومة، فهي تزوجت من أجل أن تشبع غريزة الأمومة عندها، فيكون لها ذرية ويكون لها أولاد، فلا يجوز له أن يحرمها، وأنت أيتها الأخت ما أخطأت، ونسأل الله أن يبارك لك فيما رزقك.

قدرة بعض الناس على اكتشاف أماكن وجود الماء

الشيخ: عبد السلام من كسلا عنده مزرعة، فحفر بئراً فلم يجد الماء، فقيل له بأن رجلاً يتبع موارد الماء فيعرف، وأنه خبير ما شاء الله.

فأقول: قد ذكروا بأن سليمان عليه السلام كان يسأل الهدهد؛ لأن الهدهد عنده خاصية بأنه لو نظر فإنه يعرف الماء في تخوم الأرض كما قيل، يعني: يقول لهم: احفروا ها هنا يوجد ماء.

وذكروا عن بعض الناس ممن يعيش في البادية بأنه عنده هذه الخاصية وهذه الموهبة، والله عز وجل يكرم من شاء بما شاء، فربما بعض الناس طالما أنت تذكر بأن الرجل ليس عنده دجل ولا طلاسم ولا خرافات فمعنى ذلك أنه خبير، كما أن بعض الناس مثلاً خبير بدروب الصحراء، وبعض الناس خبير بالقيافة بالأثر، يقول: هذا المكان مشى فيه كذا وكذا، وانحرفوا هاهنا ونزل، وأكلوا ها هنا، ثم قاموا فذهبوا، وهذا الأمر موهبة من الله عز وجل يعطيها من شاء من عباده، فيا عبد السلام! بارك الله فيك! لا حرج عليك أن تستعين بهذا الرجل، ونسأل الله أن تتصل بنا في الحلقة الآتية، وتبشرنا بأنك قد وجدت ماء، وقد رويت زرعك، وقد نما ضرعك.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، نسأل الله أن يجمعني وإياكم على الخير، والسلام عليكم ورحمة الله.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , ديوان الإفتاء [342] للشيخ : عبد الحي يوسف

https://audio.islamweb.net