اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أبواب الطهارة وسننها [3] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المسح على الخفين.
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، قال: ( بال جرير بن عبد الله ثم توضأ ومسح على خفيه, فقيل له: أتفعل هذا؟ قال: وما يمنعني وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله؟ ).
قال إبراهيم: كان يعجبهم حديث جرير؛ لأن إسلامه كان بعد نزول المائدة.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع (ح)
وحدثنا أبو همام الوليد بن شجاع بن الوليد، قال: حدثنا أبي، وابن عيينة، وابن أبي زائدة؛ جميعاً عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه ).
حدثنا محمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه المغيرة بن شعبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه خرج لحاجته، فاتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء, حتى فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين ) ].
وثمة مسألتان: المسألة الأولى: المسح على الخفين, والخف يكون من الجلد, حكي إجماع الصحابة عليهم رحمة الله ورضوانه على هذا, وقد حكاه الحسن البصري, قال: أجمع أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم على أن من لم يرى أن المسح يجزئه وأنه ينزع الخف ثم يقوم بنزع قدميه، أن صلاته لا تجزئه ولو صلى أربعين سنة.
وأما بالنسبة للجوارب فقد حكى ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني إجماع الصحابة عليهم رضوان الله على المسح على الجوارب.
قال: [ حدثنا عمران بن موسى الليثي، قال: حدثنا محمد بن سواء، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: ( أنه رأى سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين, فقال: إنكم لتفعلون ذلك؟ فاجتمعا عند عمر، فقال سعد لـعمر: أفت ابن أخي في المسح على الخفين, فقال عمر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأساً, فقال ابن عمر: وإن جاء من الغائط؟ قال: نعم ).
حدثنا أبو مصعب المدني، قال: حدثنا عبد المهيمن بن العباس بن سهل الساعدي، عن أبيه، عن جده: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، وأمرنا بالمسح على الخفين ).
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا عمر بن عبيد الله الطنافسي، قال: حدثنا عمر بن المثنى، عن عطاء الخراساني، عن أنس بن مالك، قال: ( كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: هل من ماء؟ فتوضأ ومسح على خفيه، ثم لحق بالجيش فأمهم ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا دلهم بن صالح الكندي، عن حجير بن عبد الله الكندي، عن ابن بريدة، عن أبيه: ( أن النجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين، فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في مسح أعلى الخف وأسفله.
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله ).
حدثنا محمد بن المصفى الحمصي، قال: حدثنا بقية، عن جرير بن يزيد، قال: حدثني منذر، قال: حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: ( مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ ويغسل خفيه, فقال بيده كأنه دفعه إنما أمرت بالمسح, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا من أطراف الأصابع إلى أصل الساق وخطط بالأصابع ) ].
واستقر عمل أهل السنة والأئمة على المسح على الخفين، وإن وجد خلاف يسير في الصحابة عليهم رضوان الله، فالإجماع الذي يحكيه الحسن مدخول؛ وذلك أنه قد جاء عن بعض الصحابة عليهم رضوان الله تعالى وجوب الغسل, جاء هذا عن أبي هريرة عليه رضوان الله, ولكن استقر بعد ذلك الأمر على المسح على الخفين.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ، قال: ( سألت عائشة عن المسح على الخفين, فقالت: ائت علياً فسله، فإنه أعلم بذلك مني, فأتيت علياً فسألته عن المسح, فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نمسح للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت، قال: ( جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثاً، ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمساً ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت إبراهيم التيمي، يحدث عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاثة أيام- أحسبه قال- ولياليهن للمسافر في المسح على الخفين ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا عمر بن عبد الله بن أبي خثعم اليمامي، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ( قالوا: يا رسول الله! ما الطهور على الخفين؟ قال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة ).
حدثنا محمد بن بشار، وبشر بن هلال الصواف، قالا: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، قال: حدثنا المهاجر أبو مخلد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه رخص للمسافر إذا توضأ ولبس خفيه ثم أحدث وضوءًا، أن يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوماً وليلة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المسح بغير توقيت.
حدثنا حرملة بن يحيى، وعمرو بن سواد المصريان، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن أيوب بن قطن، عن عبادة بن نسي: ( عن أبي بن عمارة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى في بيته القبلتين كلتيهما، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسح على الخفين؟ قال: نعم, قال: يوماً؟ قال: ويومين, قال: وثلاثاً؟ حتى بلغ سبعاً, قال له: وما بدا لك ).
حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا حيوة بن شريح، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الحكم بن عبد الله البلوي، عن علي بن رباح اللخمي: ( عن عقبة بن عامر الجهني، أنه قدم على عمر بن الخطاب من مصر فقال: منذ كم لم تنزع خفيك؟ قال: من الجمعة إلى الجمعة، قال: أصبت السنة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين.
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن أبي قيس الأودي، عن الهزيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين ).
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا معلى بن منصور، وبشر بن آدم، قالا: حدثنا عيسى بن يونس، عن عيسى بن سنان، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب، عن أبي موسى الأشعري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين ).
قال المعلى في حديثه: لا أعلمه إلا قال: والنعلين ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المسح على العمامة.
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار ).
حدثنا دحيم، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي (ح)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن مصعب، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة، عن جعفر بن عمرو، عن أبيه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين والعمامة ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يونس بن محمد، عن داود بن أبي الفرات، عن محمد بن زيد، عن أبي شريح، عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان، قال: ( كنت مع سلمان، فرأى رجلاً ينزع خفيه للوضوء، فقال له سلمان: امسح على خفيك وعلى خمارك وبناصيتك، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين والخمار ).
حدثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو بن السرح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن عبد العزيز بن مسلم، عن أبي معقل، عن أنس بن مالك، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة ) ].
ولا خلاف عند الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في المسح على العمامة, وقد حكى الاتفاق على ذلك غير واحد من العلماء، كـابن تيمية رحمه الله, والخلاف عندهم معدوم, وأما بالنسبة لخمار المرأة وأن تمسح على ما على رأسها, فإذا كان مشدوداً مسحت عليه, وإذا كان مرتخياً فإنها تمسح شعرها.
قال المصنف رحمه الله: [ أبواب التيمم.
باب ما جاء في التيمم.
حدثنا محمد بن رمح، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عمار بن ياسر، أنه قال: ( سقط عقد عائشة فتخلفت لالتماسه, فانطلق أبو بكر إلى عائشة فتغيظ عليها في حبسها الناس، فأنزل الله عز وجل الرخصة في التيمم، قال: فمسحنا يومئذ إلى المناكب, فانطلق أبو بكر إلى عائشة فقال: ما علمت إنك لمباركة ).
حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمار، قال: ( تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المناكب ).
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم (ح)
وحدثنا أبو إسحاق الهروي، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر؛ جميعاً عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ) ].
ولا يختلف العلماء على أن التيمم يجزئ للحدث الأكبر؛ كالجنابة, كما يجزئ للحدث الأصغر, وقد حكى إجماع الصحابة أيضاً النووي عليه رحمة الله في كتابه المجموع.
قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: ( عن عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت, فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أناساً في طلبها فأدركتهم الصلاة, فصلوا بغير وضوء, فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه, فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير: جزاك الله خيراً، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجاً، وجعل للمسلمين فيه بركة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في التيمم ضربة واحدة.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه: ( أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أجد الماء, قال عمر: لا تصل, فقال عمار بن ياسر: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد الماء, فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت، فلما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيديه إلى الأرض ثم نفخ فيهما ومسح بهما وجهه وكفيه ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن ابن أبي ليلى: ( عن الحكم، وسلمة بن كهيل، أنهما سألا عبد الله بن أبي أوفى عن التيمم فقال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم عماراً أن يفعل هكذا، وضرب بيديه إلى الأرض ثم نفضهما ومسح على وجهه ).
قال الحكم: ( ويديه )، وقال سلمة: ( ومرفقيه) ].
والتيمم يكون لكل صلاة, فإذا كان الإنسان ليس بواجد للماء يتوضأ لكل صلاة, يتوضأ في أول الوقت فيشمل صلاة الفريضة ثم النافلة تبعاً لها, وإذا انتهى الوقت فإنه يتيمم للصلاة التي تليها, ثبت هذا عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله, ويروى أيضاً عن علي بن أبي طالب, ولا مخالف من الصحابة لـعبد الله بن عمر، كما قال ذلك البيهقي رحمه الله في كتابه السنن.
قال المصنف رحمه الله: [ باب في التيمم ضربتين.
حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح المصري، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله: ( عن عمار بن ياسر حين تيمموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر المسلمين فضربوا بأكفهم التراب ولم يقبضوا من التراب شيئاً, فمسحوا بوجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل.
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، قال: حدثنا الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، قال: ( سمعت ابن عباس يخبر: أن رجلاً أصابه جرح في رأسه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أصابه احتلام, فأمر بالاغتسال فاغتسل فكز فمات, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قتلوه قتلهم الله، أولم يكن شفاء العي السؤال ).
قال عطاء: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجراح ) ].
صح عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله المسح على الجبيرة, يقول البيهقي رحمه الله: ولا مخالف له من الصحابة, ويدخل في حكم الجبيرة ما يتعلق باللفافات الحديثة التي تكون على جسد الإنسان من الجراحات أو ما في حكمه الذي يشق على الإنسان نزعه, فحينئذ يمسح عليه ولا حرج, وهو شبيه بالإجماع عند الصحابة عليهم رضوان الله.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الغسل من الجنابة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب مولى ابن عباس، قال: حدثنا ابن عباس، عن خالته ميمونة، قالت: ( وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلاً فاغتسل من الجنابة، فأكفأ الإناء بشماله على يمينه, فغسل كفيه ثلاثاً, ثم أفاض على فرجه، ثم دلك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق, وغسل وجهه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً، ثم أفاض الماء على سائر جسده, ثم تنحى فغسل رجليه ).
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا صدقة بن سعيد الحنفي، قال: حدثنا جميع بن عمير التيمي، قال: ( انطلقت مع عمتي وخالتي فدخلنا على عائشة فسألناها: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع عند غسله من الجنابة؟ قالت: كان يفيض على كفيه ثلاث مرات، ثم يدخلها الإناء, ثم يغسل رأسه ثلاث مرات، ثم يفيض على جسده, ثم يقوم إلى الصلاة, وأما نحن فإنا نغسل رءوسنا خمس مرات من أجل الضّفر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الغسل من الجنابة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صرد، عن جبير بن مطعم، قال: ( تماروا في الغسل من الجنابة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع (ح)
وحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن فضيل؛ جميعاً عن فضيل بن مرزوق، عن عطية: ( عن أبي سعيد أن رجلاً سأله عن الغسل من الجنابة, فقال: ثلاثاً, فقال الرجل: إن شعري كثير, فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر شعراً منك وأطيب ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، قال: ( قلت: يا رسول الله! أنا في أرض باردة، فكيف الغسل من الجنابة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أما أنا فأحثو على رأسي ثلاثاً ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد: ( عن أبي هريرة سأله رجل: كم أفيض على رأسي وأنا جنب؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثو على رأسه ثلاث حثيات, قال الرجل: إن شعري طويل، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر شعراً منك وأطيب ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الوضوء بعد الغسل.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعبد الله بن عامر بن زرارة، وإسماعيل بن موسى السدي، قالوا: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة ) ].
الوضوء للجنابة يستحب أن يكون قبل الغسل, فيتوضأ الإنسان ويغسل قدمه، ثم يغسل قدمه على سبيل الانفراد بعد انتهاء الغسل.
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الجنب يستدفئ بامرأته قبل أن تغتسل.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا شريك، عن حريث، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من الجنابة ثم يستدفئ بي قبل أن أغتسل ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الجنب ينام كهيئته لا يمس ماء.
حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنب، ثم ينام ولا يمس ماء حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت له إلى أهله حاجة قضاها، ثم ينام كهيئته لا يمس ماء ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجنب ثم ينام كهيئته لا يمس ماء ).
قال سفيان: فذكرت الحديث يوماً، فقال لي إسماعيل: يا فتى, يشد هذا الحديث بشيء؟ ].
وهذا دليل على أن الأئمة عليهم رحمة الله من النقاد يقوون الأحاديث بالطرق, وكذلك يقوونها بشيء من الأصول المعتضدة بها, سواء كان ذلك من الموقوفات من عمل الصحابة, أو كان ذلك من الأصول كالقياس القوي.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من قال: لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة.
حدثنا محمد بن رمح المصري، قال: أخبرنا الليث بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة ).
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: ( أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم, إذا توضأ ).
حدثنا أبو مروان العثماني محمد بن عثمان، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري: ( أنه كان تصيبه الجنابة بالليل فيريد أن ينام, فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ثم ينام ) ].
وهذه الأحاديث أصح من الأحاديث في نوم الجنب بلا وضوء.
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ.
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عاصم الأحول، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء فيمن يغتسل من جميع نسائه غسلاً واحداً.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وأبو أحمد، عن سفيان، عن معمر، عن قتادة، عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أنس، قال: ( وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلاً فاغتسل من جميع نسائه في ليلة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب فيمن يغتسل عند كل واحدة غسلاً.
حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا عبد الصمد، قال: حدثنا حماد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي رافع، عن عمته سلمى، عن أبي رافع: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة، فكان يغتسل عند كل واحدة منهن, فقيل له: يا رسول الله! ألا تجعله غسلاً واحداً, فقال: هو أزكى، وأطيب، وأطهر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الجنب يأكل ويشرب.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن علية، وغندر، ووكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل وهو جنب توضأ ).
حدثنا محمد بن عمر بن هياج، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، قال: حدثنا أبو أويس، عن شرحبيل بن سعد، عن جابر بن عبد الله، قال: ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنب هل ينام أو يأكل أو يشرب؟ قال: نعم, إذا توضأ وضوءه للصلاة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من قال: يجزيه غسل يديه.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، قال: ( دخلت على علي بن أبي طالب، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الخلاء فيقضي حاجته، ثم يخرج فيأكل معنا الخبز واللحم ويقرأ القرآن ولا يحجبه, وربما قال: ولا يحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة ).
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقرأ القرآن الجنب ولا الحائض ).
قال أبو الحسن: وحدثنا أبو حاتم، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقرأ الجنب والحائض شيئاً من القرآن ) ].
وهذه الأحاديث في وجوب التطهر لقراءة القرآن معلولة, وثمة مسألتان: المسألة الأولى: في التطهر لقراءة القرآن, والمسألة الثانية: في مس المصحف.
أما بالنسبة للقراءة فوقع في ذلك خلاف, فلا يختلف السلف على الاستحباب, ولكن هل يوجبون ذلك على من عليه حدث أكبر؟ ثبت عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه كان يقرأ القرآن وهو جنب, فقيل له في ذلك, قال: إن ما في صدري أكثر, يعني: أكثر مما أتلفظ به.
وأما بالنسبة لمس المصحف, فقد حكي الإجماع على أنه لا يمس إلا بطهارة, حكاه الثعلبي رحمه الله في كتابه التفسير, قال: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يمس القرآن إلا طاهر.
قال المصنف رحمه الله: [ باب تحت كل شعرة جنابة.
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا الحارث بن وجيه، قال: حدثنا مالك بن دينار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشرة ).
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثني عتبة بن أبي حكيم، قال: حدثني طلحة بن نافع، قال: حدثني أبو أيوب الأنصاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، وأداء الأمانة كفارة لما بينها, قلت: وما أداء الأمانة؟ قال: غسل الجنابة, فإن تحت كل شعرة جنابة ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا الأسود بن عامر، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( من ترك شعرة من جسده من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا من النار ).
قال علي: فمن ثم عاديت شعري. وكان يجزه ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها أم سلمة، قالت: ( جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ قال: إذا رأت الماء فلتغتسل, فقلت: فضحت النساء، وهل تحتلم المرأة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: تربت يمينك فبم يشبهها ولدها إذاً؟! ).
حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا ابن أبي عدي، وعبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: ( أن أم سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأت ذلك فأنزلت فعليها الغسل, فقالت أم سلمة: يا رسول الله! أيكون هذا؟ قال: نعم, ماء الرجل غليظ أبيض, وماء المرأة رقيق أصفر، فأيهما سبق أو علا أشبهه الولد ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن خولة بنت حكيم: ( أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال: ليس عليها غسل حتى تنزل, كما أنه ليس على الرجل غسل حتى ينزل ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في غسل النساء من الجنابة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة، قالت: ( قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي عليك من الماء فتطهرين, أو قال: فإذا أنت قد طهرت ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن عبيد بن عمير، قال: ( بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر نساءه إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، فقالت: يا عجباً لـابن عمرو هذا، أفلا يأمرهن أن يحلقن رءوسهن؟! لقد كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل من إناء واحد فلا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الجنب ينغمس في الماء الدائم أيجزئه.
حدثنا أحمد بن عيسى، وحرملة بن يحيى المصريان، قالا: حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة، حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب, فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ فقال: يتناوله تناولاً ) ].
وليس المراد من ذلك أن البول ينجس الماء إذا كان كثيراً, ولكن المراد بذلك أمور:
الأمر الأول: الاستقذار.
الأمر الثاني: حتى لا يتداعى الناس من حيث لا يعلم بعضهم ببعض، فكلٌ يمر بالماء فيبول فيه, فيتنجس حينئذ.
والبعض يقول بالنجاسة, وهذا مروي عن أبي حنيفة على ما تقدم, وبعضهم يقول: إن الماء ولو كان كثيراً إذا وقعت فيه شيء من الجيف ولو كانت صغيرة كالفأر فإنه يتنجس, وعلى ما تقدم أن حكاية الإجماع عن الصحابة في هذا فيها نظر, وهذا الإجماع حكاه أبو المعالي برهان الدين الحنفي ومحقق الحنفية على أن الفأرة إذا وقعت في بئر أو في غدير فإنه يتنجس, وهذا قول مردود.
قال المصنف رحمه الله: [ باب الماء من الماء.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا غندر محمد بن جعفر، عن شعبة، عن الحكم، عن ذكوان، عن أبي سعيد الخدري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار فأرسل إليه, فخرج ورأسه يقطر, فقال: لعلنا أعجلناك؟ قال: نعم يا رسول الله! قال: إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك، وعليك الوضوء ).
حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن السائب، عن عبد الرحمن بن سعاد، عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الماء من الماء ) ].
وحكي اتفاق الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على وجوب الغسل بالتقاء الختانين ولو لم ينزل الإنسان، وحكى هذا الإجماع جماعة, منهم خويز منداد، والنووي في كتابه المجموع.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان.
حدثنا علي بن محمد، وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، قال: أخبرنا القاسم بن محمد، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: أخبرنا يونس، عن الزهري، قال: قال سهل بن سعد الساعدي: ( أخبرنا أبي بن كعب قال: إنما كانت رخصة في أول الإسلام، ثم أمرنا بالغسل بعد ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا الفضل بن دكين، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جلس الرجل بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من احتلم ولم ير بللاً.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حماد بن خالد، عن العمري، عن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فرأى بللاً، ولم ير أنه احتلم اغتسل, وإذا رأى أنه قد احتلم ولم ير بللا فلا غسل عليه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الاستتار عند الغسل.
حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، وأبو حفص عمرو بن علي الفلاس، ومجاهد بن موسى، قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا يحيى بن الوليد، قال: أخبرني محل بن خليفة، قال: حدثني أبو السمح، قال: ( كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولني, فأوليه قفاي وأنشر الثوب فأستره به ).
حدثنا محمد بن رمح المصري، قال: أخبرنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن عبد الله بن نوفل، أنه قال: ( سألت فلم أجد أحداً يخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبّح في سفر، حتى أخبرتني أم هانئ بنت أبي طالب، أنه قدم عام الفتح فأمر بستر فستر عليه فاغتسل، ثم سبح ثماني ركعات ).
حدثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة الحماني، قال: حدثنا عبد الحميد أبو يحيى الحماني، قال: حدثنا الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يغتسلن أحدكم بأرض فلاة ولا فوق سطح لا يواريه، فإن لم يكن يرى فإنه يرى ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي.
حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أراد أحدكم الغائط وأقيمت الصلاة فليبدأ به ).
حدثنا بشر بن آدم، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن السفر بن نسير، عن يزيد بن شريح، عن أبي أمامة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل وهو حاقن ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن إدريس الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يقوم أحدكم إلى الصلاة وبه أذى ).
حدثنا محمد بن المصفّى الحمصي، قال: حدثنا بقية، عن حبيب بن صالح، عن يزيد بن شريح، عن أبي حي المؤذن، عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( لا يقوم أحد من المسلمين وهو حاقن حتى يتخفف ) ].
وهذا من الأعذار الموجبة لترك الجماعة وهو الحاجة إلى قضاء الحاجة من احتقان أو نحو ذلك.
وكذلك إذا كان الإنسان في صلاة فاحتقن, هل يجوز له أن يقطع الصلاة لأجل الخشوع أم يخفف الصلاة أيهما أفضل؟ نقول: قطع الصلاة ولو كانت فريضة أولى باعتبار أن الخشوع آكد.
وإذا علم الإنسان انتقاض وضوئه بعد الصلاة, إما أن يكون حاقناً فوجد قطرات بعد الصلاة, سواء كان إماماً أو مأموماً, فإذا كان إماماً فصلاة المأمومين صحيحة إذا كان لا يعلم في الابتداء.
وصلاة الإمام إذا صلى على غير طهارة ثمة موضع اتفاق وثمة موضع خلاف, فموضع الاتفاق أن الإمام إذا صلى وهو على حدث ولا يعلم بحدثه ولا يعلم المأمومون بحدثه إلا بعد انقضاء الصلاة، وهنا اتفق العلماء من السلف على صحة صلاة المأمومين, ولكن الخلاف فيما إذا وقع في حدث وهو يعلم أو يعلم المأمومون, هل تصح صلاتهم في هذه الحالة أو لا؟ والأرجح أنها لا تصح, وإذا لم يعلم الإمام إلا بعد انقضاء الصلاة وكذلك المأمومون فصلاتهم صحيحة.
حكى إجماع الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على هذا ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها قبل أن يستمر بها الدم.
حدثنا محمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزبير: ( أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته: أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتى قرؤك فلا تصلي، فإذا مر القرء فتطهري, ثم صلي ما بين القرء إلى القرء ).
حدثنا عبد الله بن الجراح، قال: حدثنا حماد بن زيد (ح)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: ( جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة, فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ).
هذا حديث وكيع.
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق إملاء علي من كتابه وكان السائل غيري، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمر بن طلحة، عن أم حبيبة بنت جحش، قالت: ( كنت أستحاض حيضة كثيرة طويلة، قالت: فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره, قالت: فوجدته عند أختي زينب، قالت: قلت: يا رسول الله! إن لي إليك حاجة, قال: وما هي؟ أي هنتاه، قلت: إني أستحاض حيضة طويلة كبيرة، وقد منعتني الصلاة والصوم, فما تأمرني فيها؟ قال: أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم, قلت: هو أكثر ), فذكر نحو حديث شريك.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، قالت: ( سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: لا, ولكن دعي قدر الأيام والليالي التي كنت تحيضين ), قال أبو بكر في حديثه: ( وقدرهن من الشهر، ثم اغتسلي واستثفري بثوب وصلي ).
حدثنا علي بن محمد، وأبو بكر بن أبي شيبة، قالا: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: ( جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: لا, إنما ذلك عرق وليس بالحيضة, اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة وإن قطر الدم على الحصير ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسماعيل بن موسى، قال: حدثنا شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلي ) ].
هنا في الحيض والاستحاضة الأسماء تتناوب, والغالب على الاصطلاح الفقهي أن المستحاضة هي التي دمها يخرج من غير الرحم, وأما بالنسبة للحيض فهو الذي تمسك المرأة تبعاً له عن الصلاة والصيام. ومنهم من يضبط ذلك بحد من العدد ومنهم من يضبطه بلون, وقد حكى غير واحد من الأئمة الإجماع على أن أقل الطهر خمسة عشر يوماً, وحكى بعض الأئمة من الحنفية إجماع الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في ذلك, وفيه نظر أيضاً.
والتحديد بخمسة عشر يوماً حكاه الكاساني في بدائع الصنائع.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المستحاضة إذا اختلط عليها الدم فلم تقف على أيام حيضها.
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو المغيرة، قال: حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( استحيضت أم حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبع سنين، فشكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذه ليست بالحيضة وإنما هو عرق, فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي. قالت عائشة: فكانت تغتسل لكل صلاة ثم تصلي، وكانت تقعد في مركن لأختها زينب بنت جحش حتى إن حمرة الدم لتعلو الماء ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في البكر إذا ابتدئت مستحاضة أو كان لها أيام حيض فنسيتها.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش: ( أنها استحيضت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني استحضت حيضة منكرة شديدة, قال لها: احتشي كرسفاً، قالت له: إنه أشد من ذلك، إني أثج ثجاً, قال: تلجّمي وتحيّضي في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي غسلاً فصلي وصومي ثلاثة وعشرين أو أربعة وعشرين, وأخري الظهر وقدمي العصر واغتسلي لهما غسلاً، وأخري المغرب وعجلي العشاء واغتسلي لهما غسلاً، وهذا أحب الأمرين إلي ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في ما جاء في دم الحيض يصيب الثوب.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، قالا: حدثنا سفيان، عن ثابت بن هرمز أبي المقدام، عن عدي بن دينار، عن أم قيس بنت محصن، قالت: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب, قال: اغسليه بالماء والسدر وحكيه ولو بضلع ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب؟ قال: اقرصيه واغسليه وصلي فيه ).
حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: ( إن كانت إحدانا لتحيض، ثم تقترص الدم من ثوبها عند طهرها فتغسله وتنضح على سائره، ثم تصلي فيه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الحائض لا تقضي الصلاة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن معاذة العدوية، عن عائشة: ( أن امرأة سألتها: أتقضي الحائض الصلاة؟ قالت لها عائشة: أحرورية أنت؟ قد كنا نحيض عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم نطهر ولم يأمرنا بقضاء الصلاة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الحائض تتناول الشيء من المسجد.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن البهي، عن عائشة، قالت: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد, فقلت: إني حائض, فقال: ليست حيضتك في يدك ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يدني رأسه إلي وأنا حائض، وهو مجاور- تعني: معتكفاً- فأغسله وأرجله ).
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفيان، عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة، قالت: ( لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً.
حدثنا عبد الله بن الجراح، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن عبد الكريم (ح)
وحدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق (ح)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن الشيباني؛ جميعاً عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة قالت: ( كانت إحدانا إذا كانت حائضاً أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتزر في فور حيضتها ثم يباشرها, وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟ ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ( كانت إحدانا إذا حاضت أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأتزر بإزار ثم يباشرها ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلمة، عن أم سلمة، قالت: ( كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحافه، فوجدت ما تجد النساء من الحيضة، فانسللت من اللحاف, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفست؟ قلت: وجدت ما تجد النساء من الحيضة, قال: ذلك ما كتب الله على بنات آدم, قالت: فانسللت فأصلحت من شأني ثم رجعت, فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعالي فادخلي معي في اللحاف, قالت: فدخلت معه ).
حدثنا الخليل بن عمرو، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حديج، عن معاوية بن أبي سفيان، عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ( قال: سألتها: كيف كنت تصنعين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيض؟ قالت: كانت إحدانا في فورها أول ما تحيض تشد عليها إزاراً إلى أنصاف فخذيها، ثم تضطجع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن إتيان الحائض.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن حكيم الأثرم، عن أبي تميمة الهجيمي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في كفارة من أتى حائضاً.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، وابن أبي عدي، عن شعبة، عن الحكم، عن عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس: ( عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: يتصدق بدينار، أو بنصف دينار ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الحائض كيف تغتسل.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وكانت حائضاً: انقضي شعرك واغتسلي ).
قال علي في حديثه: ( انقضي رأسك ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن إبراهيم بن مهاجر، قال: سمعت صفية تحدث عن عائشة: ( أن أسماء سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغسل من المحيض, فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطّهّر فتحسن الطهور، أو تبلغ في الطهور, ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تصب عليها الماء, ثم تأخذ فرصة ممسّكة فتطّهّر بها, قالت أسماء: كيف أتطهر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها, قالت عائشة كأنها تخفي ذلك: تتبعي بها أثر الدم, قالت: وسألته عن الغسل من الجنابة, فقال: تأخذ إحداكن ماءها فتطّهّر فتحسن الطهور، أو تبلغ في الطهور، حتى تصب الماء على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شئون رأسها، ثم تفيض الماء على جسدها, فقالت عائشة: نِعْم النساء كن نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في مؤاكلة الحائض وفي سؤرها.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ( كنت أتعرق العظم وأنا حائض، فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فمه حيث كان فمي, وأشرب من الإناء، فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فمه حيث كان فمي، وأنا حائض ).
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: ( أن اليهود كانوا لا يجلسون مع الحائض في بيت ولا يأكلون ولا يشربون, قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222], فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا الجماع ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا ابن أبي غنية، عن أبي الخطاب الهجري، عن محدوج الذهلي، عن جسرة، قالت: أخبرتني أم سلمة، قالت: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته: إن المسجد لا يحل لجنب ولا حائض ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الحائض ترى بعد الطهر الصفرة والكدرة.
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان النحوي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم بكر، أنها أخبرت، أن عائشة قالت: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر, قال: إنما هي عرق أو عروق ).
قال محمد بن يحيى: يريد بعد الطهر بعد الغسل.
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أم عطية، قالت: ( لم نكن نرى الصفرة والكدرة شيئاً ).
محمد بن يحيى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الرقاشي، قال: حدثنا وهيب، عن أيوب، عن حفصة، عن أم عطية، قالت: ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً ).
قال محمد بن يحيى: وهيب أولاهما عندنا بهذا ].
وإذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فإنه يجب عليها أن تصلي العصر والظهر, وكذلك بالنسبة لصلاة العشاء إذا طهرت قبل صلاة الفجر فإنها تصلي العشاء والمغرب، وذلك لأن وقت العشاء ووقت المغرب في الجمع, وقد ثبت هذا عن عبد الرحمن بن عوف، وعن عبد الله بن عباس, ورواه عنهما سعيد بن منصور والأثرم في السنن: أن المرأة إذا طهرت قبل غروب الشمس فإنها تقضي الظهر والعصر, وإذا طهرت قبل الفجر فإنها تقضي المغرب والعشاء, يقول ابن مفلح رحمه الله: ولا مخالف لهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذا من مواضع إجماع الصحابة عليهم رضوان الله.
قال المصنف رحمه الله: [ باب النفساء كم تجلس.
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا شجاع بن الوليد، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة، قالت: ( كانت النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تجلس أربعين يوماً, وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف ).
حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا المحاربي، عن سلام بن سليم- أو سلم، شك أبو الحسن، وأظنه هو أبو الأحوص- عن حميد، عن أنس، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين يوماً، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ) ].
وهذا محل إجماع أيضاً, أن المرأة إذا بلغت أربعين يوماً فإنها تصوم وتصلي فيما بعد ذلك, قد حكى الإجماع على هذا الترمذي رحمه الله في كتابه السنن بعد إخراجه لهذا الحديث, فقال: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المرأة إذا بلغت أربعين فإنها تصلي، إلا إذا رأت الطهر قبل ذلك.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من وقع على امرأته وهي حائض.
حدثنا عبد الله بن الجراح، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن عبد الكريم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: ( كان الرجل إذا وقع على امرأته وهي حائض أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتصدق بنصف دينار ) ].
وحديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله في مسألة إتيان الحائض والتصدق بدينار أو نصف دينار فيه كلام, والإمام أحمد رحمه الله يصححه كما في رواية أبي داود في سؤالات أبي داود للإمام أحمد, فهو يصححه ويقول به ويعمل به, وجاء هذا أيضاً عن ابن عباس موقوفاً, وقال به أيضاً جماعة من أصحابه, والجمهور على خلاف ذلك.
قال المصنف رحمه الله: [ باب في مؤاكلة الحائض.
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد، قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مؤاكلة الحائض, فقال: واكلها ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الصلاة في ثوب الحائض.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن طلحة بن يحيى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وأنا إلى جنبه، وأنا حائض، وعلي مرط لي، وعليه بعضه ).
حدثنا سهل بن أبي سهل، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا الشيباني، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط عليه بعضه وعليها بعضه، وهي حائض ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن عمرو بن سعيد، عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فاختبأت مولاة لها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حاضت؟ فقالت: نعم, فشق لها من عمامته, فقال: اختمري بهذا ).
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو الوليد، وأبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن محمد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ) ].
وهذا لا خلاف فيه أيضاً, إنما الخلاف الذي طرأ في مسألة القدمين عند الفقهاء, وجاء عن بعضهم, قال ابن عبد البر رحمه الله في كتاب الاستذكار: لا خلاف بين الصحابة علمته في ستر قدمي المرأة في الصلاة, يعني: أنها تستر قدميها في الصلاة, جاء عن بعض الفقهاء أن المرأة لا حرج عليها فيما ظهر من غير قصد من قدميها.
قال المصنف رحمه الله: [ باب الحائض تختضب.
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم، قال: حدثنا أيوب، عن معاذة: ( أن امرأة سألت عائشة قالت: تختضب الحائض؟ فقالت: قد كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نختضب، فلم يكن ينهانا عنه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب المسح على الجبائر.
حدثنا محمد بن أبان البلخي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب، قال: ( انكسرت إحدى زندي، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرني أن أمسح على الجبائر ).
قال أبو الحسن بن سلمة: أخبرناه الدبري، عن عبد الرزاق نحوه ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب اللعاب يصيب الثوب.
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حامل الحسين بن علي على عاتقه، ولعابه يسيل عليه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب المج في الإناء.
حدثنا سويد بن سعيد، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن مسعر (ح)
وحدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، قال: حدثنا أبو أسامة، عن مسعر، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أتي بدلو فمضمض منه فمج فيه مسكاً أو أطيب من المسك، واستنثر خارجاً من الدلو ).
حدثنا أبو مروان، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري: ( عن محمود بن الربيع، وكان قد عقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في دلو من بئر لهم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي أن يرى عورة أخيه.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن الضحاك بن عثمان، قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة, ولا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن مولى لعائشة، عن عائشة، قالت: ( ما نظرت أو ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ).
قال أبو بكر: كان أبو نعيم يقول: عن مولاة لـعائشة ].
وهذا خبر منكر لا يصح.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من اغتسل من الجنابة فبقي من جسده لمعة لم يصبها الماء.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن منصور، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا مسلم بن سعيد، عن أبي علي الرحبي، عن عكرمة، عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جنابة، فرأى لمعة لم يصبها الماء، فقال بجمّته فبلّها عليها ).
قال إسحاق في حديثه: ( فعصر شعره عليها ).
حدثنا سويد بن سعيد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن محمد بن عبيد الله، عن الحسن بن سعد، عن أبيه، عن علي، قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني اغتسلت من الجنابة وصليت الفجر، ثم أصبحت فرأيت قدر موضع الظفر لم يصبه الماء, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت مسحت عليه بيدك أجزأك ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من توضأ فترك موضعاً لم يصبه الماء.
حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا جرير بن حازم، عن قتادة، عن أنس: ( أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك موضع الظفر لم يصبه الماء, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فأحسن وضوءك ).
حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب (ح)
وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر بن الخطاب، قال: ( رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً توضأ فترك موضع الظفر على قدمه، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة، قال: فرجع ) ].
وإذا ترك شيئاً من أعضائه ولو يسيراً فإنه يجب عليه أن يغسله إذا كان قريباً, وأما إذا أدى الصلاة فيجب عليه أن يقضي الوضوء والصلاة, وأما بالنسبة لمقدار القرب فمن العلماء من قيده بجفاف البدن, فإذا اغتسل وبقي شيء من جسده على يده أو قدمه أو نحو ذلك أو توضأ وبقي شيء من ذلك، فهل الموالاة في الغسل وكذلك الوضوء واجبة؟
جاء عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى أنه توضأ في بيته ثم مسح على الخفين في المسجد.
يعني: أنه فرق بين أعضاء الوضوء, وهذا دليل على أن الموالاة في ذلك ليست بواجبة في الموضع الواحد, ولكن لا يفصل بذلك فصلاً طويلاً، فيتوضأ الإنسان مثلاً في الصباح ويكمل الظهر، لا, يتوضأ الإنسان من ذهابه من البيت إلى المسجد أو شيء من هذا فهذا مما لا حرج فيه.
نقف على هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أبواب الطهارة وسننها [3] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
https://audio.islamweb.net