إسلام ويب

من أبواب المعاملات المهمة أبواب التجارات، وهي من أبواب الرزق التي أنعم الله بها على عباده، وجعل تسعة أعشار الرزق فيها، ولكن التجارة قد يعتريها شيء من الأيمان وأكل أموال الناس شعر بذلك التاجر أو لم يشعر، فشرع في حق من أراد الخوض في غمار التجارة أن يتفقه في أبوابها، وأن يكثر من الصدقة والنفقة في مواضعها.

باب الحث على الكسب

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله: [ أبواب التجارات.

باب الحث على المكاسب.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب ، قالوا: قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب الزبيدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما كسب الرجل كسباً أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه، فهو صدقة ).

حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا كثير بن هشام قال: حدثنا كلثوم بن جوشن القشيري عن أيوب عن نافع

عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( التاجر الأمين الصدوق المسلم، مع الشهداء يوم القيامة ) ].

فإنما عظم أمر التاجر الأمين الصادق, باعتبار أن التاجر يحتاج إلى الوعد, وذلك أنه يتعامل مع الناس في يومه وليلته, فيحتاج إلى الوعد والوفاء به, فربما أخل بمصالح الناس, فيغلب على التجار الكذب؛ ولهذا يروى في الخبر قال: ( أكذب الناس الصواغون والصباغون ), وجاء في رواية: ( التجار ), يعني بذلك أنه يكون ثمة وعد ثم يخلفون, وهذا يشتهر عند أهل الحرف.

قال: [ حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يقوم الليل ويصوم النهار ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا خالد بن مخلد قال: حدثنا عبد الله بن سليمان عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عمه، قال: ( كنا في مجلس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء، فقال له بعضنا: نراك اليوم طيب النفس. فقال: أجل، والحمد لله، ثم أفاض القوم في ذكر الغنى، فقال: لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم ) ].

والتجارة جاء أنها أصل الكسب, وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في خبر مرسل من حديث نعيم بن عبد الرحمن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( تسعة أعشار الرزق في التجارة, والعشر الباقي في سائر الخلق ), وجاء في رواية: ( في الغنم ), وحث النبي عليه الصلاة والسلام على بعض أنواع التجارة, منها الأرض, ويقصد بذلك تجارة الأرض, وكذلك الزراعة وغير ذلك, وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أم هانئ في المسند قال: ( عليك بالغنم فإنها بركة ).

باب الاقتصاد في طلب المعيشة

قال المصنف رحمه الله: [ باب الاقتصاد في طلب المعيشة.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري عن أبي حميد الساعدي ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أجملوا في طلب الدنيا، فإن كلًّا ميسر لما خلق له ).

حدثنا إسماعيل بن بهرام قال: حدثنا الحسن بن محمد بن عثمان ، زوج بنت الشعبي قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أعظم الناس هماً، المؤمن الذي يهم بأمر دنياه وأمر آخرته ).

حدثنا محمد بن المصفى الحمصي قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيها الناس! اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها، وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم ) ].

باب التوقي في التجارة

قال المصنف رحمه الله: [ باب التوقي في التجارة.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن قيس بن أبي غرزة ، قال: ( كنا نسمى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: السماسرة، فمر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمانا باسم هو أحسن منه، فقال: يا معشر التجار! إن البيع يحضره الحلف واللغو، فشوبوه بالصدقة ) ].

قد روى عبد الرزاق في المصنف من حديث قتادة و الحسن مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن شئتم أقسمت أن التاجر فاجر )، يعني: لما يغلب عليه من اليمين والقسم, وكذلك أكل أموال الناس, وربما شعر أو لم يشعر, ولهذا يشرع لمن كان في مثل هذا أن يكثر من الصدقة والنفقة في مواضعها, ومتى اجتمعت مناسباتها.

قال: [ حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده رفاعة ، قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا الناس يتبايعون بكرة، فناداهم: يا معشر التجار! فلما رفعوا أبصارهم، ومدوا أعناقهم، قال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً، إلا من اتقى وبر وصدق ) ].

باب إذا قسم للرجل رزق من وجه فليلزمه

قال المصنف رحمه الله: [ باب إذا قسم للرجل رزق من وجه فليلزمه.

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا فروة أبو يونس عن هلال بن جبير عن أنس بن مالك ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أصاب من شيء، فليلزمه ).

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرني أبي عن الزبير بن عبيد: عن نافع، قال: ( كنت أجهز إلى الشام وإلى مصر، فجهزت إلى العراق، فأتيت عائشة أم المؤمنين فقلت لها: يا أم المؤمنين! كنت أجهز إلى الشام، فجهزت إلى العراق، فقالت: لا تفعل، مالك ولمتجرك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سبب الله لأحدكم رزقاً من وجه فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له ) ].

باب الصناعات

قال المصنف رحمه الله: [ باب الصناعات.

حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد القرشي عن جده عن سعيد بن أبي أحيحة عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما بعث الله نبياً إلا راعي غنم، قال له أصحابه: وأنت يا رسول الله! قال: وأنا، كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط ).

قال سويد: يعني: كل شاة بقيراط.

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي، والحجاج والهيثم بن جميل، قالوا: قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كان زكريا نجاراً ).

حدثنا محمد بن رمح قال: حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أصحاب الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم ).

حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا عمرو بن هارون عن همام عن فرقد السبخي عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أكذب الناس الصباغون والصواغون ) ].

باب الحكرة والجلب

قال المصنف رحمه الله: [ باب الحكرة والجلب.

حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا إسرائيل عن علي بن سالم بن ثوبان عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون ) ].

والمراد بالمحتكر الذي يحبس السلعة, ينتظر نفاد الذي في السوق حتى يضع سلعته ويغالي في سعرها, فهذا محتكر, أو في حال حاجة الناس لها ولا توجد إلا عنده، ثم يقوم بحبسها عنهم ليزداد السعر في ذلك غلاء؛ ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( الجالب مرزوق ), في ذلك أن الله عز وجل يعطيه بركة ما جلب الخير للناس, ولو كان السعر في ذلك دون غيره.

قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله بن نضلة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحتكر إلا خاطئ ).

حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا الهيثم بن رافع قال: حدثني أبو يحيى المكي عن فروخ مولى عثمان بن عفان عن عمر بن الخطاب ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من احتكر على المسلمين طعاما ضربه الله بالجذام والإفلاس ) ].

باب أجر الراقي

قال المصنف رحمه الله: [ باب أجر الراقي.

حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن جعفر بن إياس عن أبي نضرة

عن أبي سعيد الخدري، قال: ( بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين راكباً في سرية، فنزلنا بقوم، فسألناهم أن يقرونا، فأبوا، فلدغ سيدهم، فأتونا فقالوا: أفيكم أحد يرقي من العقرب؟ فقلت: نعم أنا، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنماً، قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، فقبلنا، فقرأت عليه الحمد سبع مرات، فبرئ وقبضنا الغنم، فعرض في أنفسنا منها شيء، فقلنا: لا تعجلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدمنا ذكرت له الذي صنعت، فقال: أوما علمت أنها رقية؟ اقتسموها واضربوا لي معكم سهماً ).

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا أبو بشر عن ابن أبي المتوكل عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

قال أبو عبد الله: والصواب هو أبو المتوكل ].

وأخذ الأجر على الرقية لا حرج فيه؛ لثبوت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام, أنه أقر أصحابه عليه.

وهنا مسألة هل يشرع للإنسان أن يرقي كافراً؟ نعم، وهذا ظاهر النص عن النبي عليه الصلاة والسلام, كذلك هل يقال برقية الكافر للمسلم بغير المحرم؟ جاء هذا عن عائشة عليها رضوان الله, وعن غيرها من السلف.

وجاء أيضاً عن عبد الله بن مسعود رقية البهيمة.

ولكن يظهر والله أعلم أن السلف يكرهون أن ينصب الإنسان نفسه راقياً، ولهذا سعد بن أبي وقاص جاءه رجل فسأله أن يرقيه فقال: أجعلتني نبياً, ارق نفسك, فالرقية التي تطلب من الإنسان لا حرج عليه أن يعطيها غيره إذا احتاج, وأن يرفع البلاء عنه, ولكن أن ينصب نفسه لكل طالب أن يأتيه, فهذا لا أرى السلف يحبذونه, بل ظاهر الأمر أنهم يكرهونه, ولكن على سبيل الاعتراض فيما يوافق الإنسان في مسجده، في بيته, في ذهابه وإيابه، ونحو ذلك, وأفضل الرقية أن يرقي الإنسان نفسه.

والمؤثر في أمر الرقية أمران, الأمر الأول: هو الآي المقروء, وذلك أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام اختيار بعض آي للرقية, كما في الفاتحة وفي الكرسي والمعوذات, وقل هو الله أحد، وغيرها.

الثاني: هو صدق الراقي, وبركته, والناس يتباينون في ذلك, وكلا الأمرين متعلقة بالله سبحانه وتعالى.

باب الأجر على تعليم القرآن

قال المصنف رحمه الله: [ باب الأجر على تعليم القرآن.

حدثنا علي بن محمد ومحمد بن إسماعيل قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا مغيرة بن زياد الموصلي عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة: ( عن عبادة بن الصامت ، قال: علمت ناساً من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إلي رجل منهم قوساً، فقلت: ليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها ).

حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ثور بن يزيد قال: حدثني عبد الرحمن بن سلم عن عطية الكلاعي: ( عن أبي بن كعب ، قال: علمت رجلاً القرآن، فأهدى إلي قوساً، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخذتها أخذت قوساً من نار، فرددتها ) ].

ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من الأحاديث أنه منع وحرم أخذ الأجر على الرقية، ولهذا البخاري و مسلم في صحيحيهما لم يخرجا شيئاً من ذلك, وما تنكباه إلا لعلة ظاهرة فيه.

باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وعسب الفحل

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن وعسب الفحل.

حدثنا هشام بن عمار و محمد بن الصباح ، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن ).

حدثنا علي بن محمد و محمد بن طريف ، قالا: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا الأعمش عن أبي حازم

عن أبي هريرة ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وعسب الفحل ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن السنور ) ].

والمراد بالسنور هو الهرة, واختلف العلماء في ثمنها وبيعها, هل تلحق في السباع بالكلب أم لا, وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم النهي عنها, وجاء أيضاً عن بعض السلف الإذن بذلك, أما قنيتها, فتجوز قنيتها بخلاف الكلب؛ وذلك أنه قد ثبت هذا عن غير واحد من السلف, سواء من الصحابة والتابعين.

باب كسب الحجام

قال المصنف رحمه الله: [ باب كسب الحجام.

حدثنا محمد بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطاه أجره ).

قال أبو عبد الله: تفرد به ابن أبي عمر وحده.

حدثنا عمرو بن علي أبو حفص الصيرفي قال: حدثنا أبو داود (ح)

وحدثنا محمد بن عبادة الواسطي قال: حدثنا يزيد بن هارون ، قالا: حدثنا ورقاء عن عبد الأعلى عن أبي جميلة عن علي ، قال: ( احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني فأعطيت الحجام أجره ).

حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي قال: حدثنا خالد بن عبد الله عن يونس عن ابن سيرين عن أنس بن مالك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني الأوزاعي عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود عقبة بن عمرو ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة بن سوار عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه: ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام، فنهاه عنه، فذكر له الحاجة، فقال: اعلفه نواضحك ) ].

باب ما لا يحل بيعه

قال المصنف رحمه الله: [ باب ما لا يحل بيعه.

حدثنا عيسى بن حماد المصري قال: أخبرنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه قال: قال عطاء بن أبي رباح : سمعت جابر بن عبد الله يقول: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل له عند ذلك: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة، فإنه يدهن بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ قال: لا، هن حرام, ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاتل الله اليهود، إن الله حرم عليهم الشحوم، فأجملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه ) ].

في هذا أن المال المكروه أو المال الحرام إذا استحال جاز؛ ولهذا يطعمه نواضحه وثم يستحيل في النواضح, ويستفيد الإنسان منها, أو يطعمه البهيمة من بهائمه مما يطعمها, ثم يستحيل فيها لحماً ثم يقوم بأكله، ولهذا نقول: إذا استحال جاز للإنسان أن يأكله.

قال: [ حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن عاصم عن أبي المهلب عن عبيد الله الإفريقي عن أبي أمامة ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المغنيات، وعن شرائهن، وعن كسبهن، وعن أكل أثمانهن ) ].

باب النهي عن المنابذة والملامسة

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن المنابذة والملامسة.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير و أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين: عن الملامسة والمنابذة).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و سهل بن أبي سهل ، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة ).

زاد سهل: قال سفيان: الملامسة: أن يلمس الرجل الشيء بيده ولا يراه، والمنابذة: أن يقول: ألق إلي ما معك، وألقي إليك ما معي ].

باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سومه

قال المصنف رحمه الله: [ باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سومه.

حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبيع بعضكم على بيع بعض ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يسوم على سوم أخيه ) ].

باب النهي عن النجش

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن النجش.

قرأت على مصعب بن عبد الله الزبيري: عن مالك (ح)

وحدثنا أبو حذافة قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش ).

حدثنا هشام بن عمار و سهل بن أبي سهل ، قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تناجشوا ) ].

ونهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يبيع الرجل على بيع أخيه أو يخطب على خطبة أخيه، ذلك إذا كان يعلم, وإذا كان لا يعلم فخطب فإن خطبته صحيحة، والمرأة مخيرة, وكذلك في مسألة البيع على بيع أخيه, فإذا كان لا يعلم فإنه لا حرج عليه, وحينئذ يكون البائع بالخيار بين السعرين.

باب النهي أن يبيع حاضر لباد

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي أن يبيع حاضر لباد.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبيع حاضر لباد ) ].

هنا يقول: ( لا يبيع حاضر لباد ), يعني: إذا كان البادي حاضراً, وأما إذا كان غائباً فيجوز توكيله, ويجوز التوكيل أيضاً إذا كان حاضراً معه وهو يرى ويسمع, وقد اتفق العلماء عليهم رحمة الله تعالى على جواز توكيل البادي للحاضر مع حضوره وأن الأمر بيده, أو إذا كان غائباً, وقد حكى اتفاق السلف على هذا غير واحد من العلماء كـابن بطال رحمه الله.

قال: [ حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يبيع حاضر لباد, دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ).

حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد. قلت لابن عباس: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمساراً ) ].

باب النهي عن تلقي الجلب

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن تلقي الجلب.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد قالا: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تلقوا الأجلاب، فمن تلقى منه شيئاً فاشترى، فصاحبه بالخيار، إذا أتى السوق ) ].

والمراد بالتلقي المنهي عنه, أن يتلقاه ليشتري منه قبل أن يصل إلى السوق, فيتلقاه فتنعقد الصفقة قبل السوق هذا هو المنهي عنه, وإذا اشترى منه وجاء بالسوق فهو بالخيار, وقد جاء هذا عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى ولا مخالف له, ولكن لو أنه استقبله وجاء معه إلى السوق, فحينئذ يقال: هذه مسألة أخرى تختلف عن نهي النبي عليه الصلاة والسلام في بيع حاضر لباد.

قال: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجلب ).

حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا يحيى بن سعيد و حماد بن مسعدة عن سليمان التيمي (ح)

وحدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: حدثنا معتمر بن سليمان ، قال: سمعت أبي يقول: قال: حدثنا أبو عثمان النهدي عن عبد الله بن مسعود ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع ) ].

باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا

قال المصنف رحمه الله: [ باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا.

حدثنا محمد بن رمح المصري قال: أخبرنا الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يفترقا وكانا جميعاً، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع ).

حدثنا أحمد بن عبدة و أحمد بن المقدام ، قالا: حدثنا حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبي الوضيء عن أبي برزة الأسلمي ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ).

حدثنا محمد بن يحيى و إسحاق بن منصور ، قالا: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن الحسن

عن سمرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ) ].

باب بيع الخيار

قال المصنف رحمه الله: [ باب بيع الخيار.

حدثنا حرملة بن يحيى و أحمد بن عيسى المصريان ، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ، قال: ( اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب حمل خبط، فلما وجب البيع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اختر، فقال الأعرابي: عمرك الله بيّعاً ).

حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي قال: حدثنا مروان بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن داود بن صالح المديني عن أبيه، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما البيع عن تراض ) ].

والبيع الذي يكون عن إكراه أو يكون عن استغلال سيف الحياء في الإنسان فهذا ليس بنافذ, فما يأخذه الإنسان من أخيه في ظاهره بصورة البيع, ولكنه بإكراه, أو بسيف الحياء, فيأتي إلى شخص أمام الناس ليحرجه, فيبيع منه ويبتاع منه سلعة حياء, فهذا باطل بإجماع العلماء, وذلك أن الإنسان لا يستطيع أن يدفع ولو أنفس المال عمن طلبه, إذا أخذ باستدعاء سيف الحياء.

باب البيعان يختلفان

قال المصنف رحمه الله: [ باب البيعان يختلفان.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن الصباح ، قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه: ( أن عبد الله بن مسعود باع من الأشعث بن قيس رقيقاً من رقيق الإمارة، فاختلفا في الثمن، فقال ابن مسعود: بعتك بعشرين ألفاً، وقال الأشعث بن قيس: إنما اشتريت منك بعشرة آلاف، فقال عبد الله: إن شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: هاته، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة، والبيع قائم بعينه، فالقول ما قال البائع، أو يترادان البيع. قال: فإني أرى أن أرد البيع. فرده ) ].

باب النهي عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن.

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي بشر قال: سمعت يوسف بن ماهك يحدث ( عن حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله! الرجل يسألني البيع وليس عندي، أفأبيعه؟ قال: لا تبع ما ليس عندك ).

حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا حماد بن زيد (ح)

وحدثنا أبو كريب قال: حدثنا إسماعيل بن علية قالا: حدثنا أيوب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل بيع ما ليس عندك، ولا ربح ما لم يضمن ).

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن الفضيل عن ليث عن عطاء: ( عن عتاب بن أسيد، قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، نهاه عن شفّ ما لم يضمن ) ].

وما لم يستطع الإنسان على تسليمه وليس عنده على حالين: إما لا يملك الإنسان ذلك فهذا لا خلاف عند العلماء على بطلانه, وأما ما يستطيع الإنسان تسليمه ولكنه لم يسلمه, هل يمضي ذلك البيع ولو لم يره أم لا؟

نقول: ذلك على حالين:

الحالة الأولى: إذا كانت السلعة تعرف وصفاً ولو لم يرها, فهذا يجوز, إذا كان قادراً على التسليم, وحكي الاتفاق على ذلك, وقد نص الطحاوي عليه رحمة الله, على أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى وكذلك السلف يطبقون على جواز وصحة البيع المقدور على تسليمه, يعني: إذا ثبت ذلك في الذهن وصفه.

والحالة الثانية: إذا كان لا يثبت في الذهن الوصف, ولابد من رؤيته, فهذا حينئذ نقول: لا يكتفى بالقدرة على تسليمه حتى يراه, ومن قال بالحالة الأولى وهي صحة البيع إذا كان قادراً على تسليمه والوصف في ذلك يرسم في الذهن, قالوا: هو بالخيار إذا رآه, ويقيسون ذلك على بيع الأعمى, قالوا: البيع على الأعمى صحيح, وشراؤه صحيح, فإذا كان كذلك وبان له بعد ذلك ما قصر بصره عن معرفته, فله الخيار بالرجوع إذا رآه مبصر من أهله.

قالوا: كذلك الإنسان إذا كان يبيع شيئاً وهو قادر على تسليمه فوصفه, فإنه يمضي البيع.

باب إذا باع المجيزان فهو للأول

قال المصنف رحمه الله: [ باب إذا باع المجيزان فهو للأول.

حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر أو سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما رجل باع بيعاً من رجلين، فهو للأول منهما ).

حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني و محمد بن إسماعيل قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا باع المجيزان، فهو للأول ) ].

باب بيع العربان

قال المصنف رحمه الله: [ باب بيع العربان.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا مالك بن أنس قال: بلغني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان).

حدثنا الفضل بن يعقوب الرّخامي قال: حدثنا حبيب بن أبي حبيب أبو محمد كاتب و مالك بن أنس قال: حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان).

قال أبو عبد الله بن ماجه: العربان: أن يشتري الرجل دابة بمائة دينار، فيعطيه دينارين عربوناً أو أربوناً، فيقول: إن لم أشتر الدابة فالديناران لك.

وقيل: يعني- والله أعلم -: أن يشتري الرجل الشيء، فيدفع إلى البائع درهماً أو أقل أو أكثر، ويقول: إن أخذته وإلا فالدرهم لك ].

ونهي النبي عليه الصلاة والسلام عن بيع العربون جاء فيه جملة من الأحاديث، ولا يصح منها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا فبيع العربون صحيح, وإذا أخذه فإنه له إذا تراجع المشتري عن ذلك.

باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر.

حدثنا محرز بن سلمة العدني قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وعن بيع الحصاة ).

وحدثنا أبو كريب و العباس بن عبد العظيم العنبري قالا: حدثنا الأسود بن عامر قال: حدثنا أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن عطاء عن ابن عباس قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ) ].

باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها وضربة الغائص

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن شراء ما في بطون الأنعام وضروعها وضربة الغائص.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا جهضم بن عبد الله اليماني عن محمد بن إبراهيم الباهلي عن محمد بن زيد العبدي عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعما في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة ) ].

باب بيع المزايدة

قال المصنف رحمه الله: [ باب بيع المزايدة.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأخضر بن عجلان قال: حدثنا أبو بكر الحنفي عن أنس بن مالك: ( أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله، فقال: لك في بيتك شيء؟ قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقدح نشرب فيه الماء قال: ائتني بهما، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: من يشتري هذين؟ فقال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: من يزيد على درهم؟ مرتين أو ثلاثاً، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين فأعطاهما للأنصاري، وقال: اشتر بأحدهما طعاماً فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوماً فأتني به، ففعل، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشد فيه عوداً بيده، وقال: اذهب فاحتطب، ولا أراك خمسة عشر يوماً, فجعل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فقال: اشتر ببعضها طعاماً وببعضها ثوباً، ثم قال: هذا خير لك من أن تجيء والمسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع ) ].

إذا وكل الإنسان أحداً أن يشتري له, أو أن يبيع له, فقال: خذ هذه السلعة وبعها لي بعشرة, فما زاد فهو لك, فهل يجوز ذلك أم لا؟ بحيث أن الإنسان يزايد فيها لحظ نفسه؟

نقول: إذا ضمن البيع بذلك فله أن يزايد فيها, وقد جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى: أنه لا بأس بهذا، ولا مخالف له أعلمه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

باب الإقالة

قال المصنف رحمه الله: [ باب الإقالة.

حدثنا زياد بن يحيى أبو الخطاب قال: حدثنا مالك بن سعير قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أقال مسلماً، أقاله الله عثرته يوم القيامة ) ].

باب من كره أن يسعر

قال المصنف رحمه الله: [ باب من كره أن يسعر.

حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة و حميد و ثابت عن أنس بن مالك قال: ( غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله! قد غلا السعر، فسعر لنا. فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، إني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ).

حدثنا محمد بن زياد قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد ، قال: ( غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لو قومت يا رسول الله! قال: إني لأرجو أن أفارقكم ولا يطلبني أحد منكم بمظلمة ظلمته ) ].

والأصل في التسعير الكراهة؛ وذلك لأنه ربما يضر بالبائع, وربما يضر بالمشتري, ولهذا كره من هذا الوجه, ولكن سعر بعض الخلفاء كـعمر بن الخطاب عليه رضوان الله؛ لأنه لا تقوم مصلحة المسلمين إلا بالتسعير, ولكن لا يكون ذلك في كل سلعة, فيسعر ما يغلب على الظن ورود المفسدة فيه, وذلك مثلاً بتسعير الذهب أو نحو ذلك، حتى لا يضر الأغنياء الضعفاء, ويبقى الأصل على حاله, وتدخل حينئذ مسألة التسعير في بدفع الضرر, وإلا فالأصل في ذلك الكراهة.

باب السماحة في البيع

قال المصنف رحمه الله: [ باب السماحة في البيع.

حدثنا محمد بن أبان البلخي أبو بكر قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن يونس بن عبيد عن عطاء بن فروخ ، قال: قال عثمان بن عفان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أدخل الله الجنة رجلاً كان سهلاً بائعاً ومشترياً ).

حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى ) ].

باب السوم

قال المصنف رحمه الله: [ باب السوم.

حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا يعلى بن شبيب عن عبد الله بن عثمان بن خثيم: ( عن قيلة أم بني أنمار، قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض عمره عند المروة، فقلت: يا رسول الله! إني امرأة أبيع وأشتري، فإذا أردت أن أبتاع الشيء سمت به أقل مما أريد، ثم زدت ثم زدت حتى أبلغ الذي أريد، وإذا أردت أن أبيع الشيء سمت به أكثر من الذي أريد، ثم وضعت حتى أبلغ الذي أريد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلي يا قيلة، إذا أردت أن تبتاعي شيئاً فاستامي به الذي تريدين، أعطيت أو منعت، فإذا أردت أن تبيعي شيئاً فاستامي به الذي تريدين، أعطيت أو منعت ).

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا يزيد بن هارون عن الجريري عن أبي نضرة: ( عن جابر بن عبد الله قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، فقال لي: أتبيع ناضحك هذا بدينار، والله يغفر لك؟ قلت: يا رسول الله! هو ناضحكم إذا أتيت المدينة. قال: فتبيعه بدينارين، والله يغفر لك؟ قال: فما زال يزيدني ديناراً ديناراً، ويقول مكان كل دينار: والله يغفر لك، حتى بلغ عشرين ديناراً، فلما أتيت المدينة أخذت برأس الناضح، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا بلال أعطه من الغنيمة عشرين ديناراً، وقال: انطلق بناضحك فاذهب به إلى أهلك ).

حدثنا علي بن محمد و سهل بن أبي سهل قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا الربيع بن حبيب عن نوفل بن عبد الملك عن أبيه عن علي قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السوم قبل طلوع الشمس، وعن ذبح ذوات الدر ) ].

وذلك أنه يكون قبل ورود الناس إلى السوق, وقبل اجتماعهم وتوافرهم.

باب كراهية الأيمان في الشراء والبيع

قال المصنف رحمه الله: [ باب كراهية الأيمان في الشراء والبيع.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد و أحمد بن سنان قالوا: قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه ابن السبيل، ورجل بايع رجلاً سلعة بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه، وهو على غير ذلك، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى له، وإن لم يعطه منها لم يف له ) ].

ولو وجب التسعير في شيء لوجب تسعير الأراضي اليوم، وذلك لشدة المفاسد وضرر الأغنياء على الضعفاء في ذلك، وذلك أن الإنسان لا يستطيع أن يتخذ داراً, ثم ألغي ما كان أصلاً في الشريعة, وهو إحياء الموات, وأن يبتني الإنسان له داراً في أي أرض, وغلت في ذلك الأسعار فضر ذلك الضعفاء والفقراء, بل ضر من هو أعلى منه, وذلك لانتفاع طبقة معينة من الناس على حساب الفقراء, وهذا من آكد أنواع التسعير, بل لو وجب التسعير لوجب في مثل هذه الحال.

قال: [ حدثنا علي بن محمد و محمد بن إسماعيل قالا: حدثنا وكيع عن المسعودي عن علي بن مدرك عن خرشة بن الحر عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم (ح)

وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن خرشة بن الحر عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، فقلت: من هم يا رسول الله! فقد خابوا وخسروا؟ قال: المسبل إزاره، والمنان عطاءه، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ).

حدثنا يحيى بن خلف قال: حدثنا عبد الأعلى (ح)

وحدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش ، قالا: حدثنا محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والحلف في البيع، فإنه ينفق ثم يمحق ) ].

وفي هذا إشارة إلى أنه ليس العبرة بإنفاق السلعة, وإنما ببركة مالها, ولا كذلك أيضاً بشرائها وحيازتها, وإنما ببركة أثرها على الإنسان, فربما ينفق الإنسان سلعته, أو يكسب من ذلك مالاً ويكون حينئذ وبالاً عليه.

باب من باع نخلاً مؤبراً أو عبداً له مال

قال المصنف رحمه الله: [ باب من باع نخلاً مؤبراً أو عبداً له مال.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا مالك بن أنس قال: حدثني نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من اشترى نخلاً قد أبرت، فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع ).

حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.

حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد (ح)

وحدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان بن عيينة جميعاً عن ابن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع نخلاً قد أبرت، فثمرتها للذي باعها، إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبداً وله مال، فماله للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع ).

حدثنا محمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من باع نخلاً وباع عبداً. جمعهما ).

حدثنا عبد ربه بن خالد النميري أبو المغلس قال: حدثنا الفضيل بن سليمان عن موسى بن عقبة قال: حدثني إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت ، قال: ( قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمر النخل لمن أبرها، إلا أن يشترط المبتاع، وأن مال المملوك لمن باعه، إلا أن يشترط المبتاع ) ].

باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها.

حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبيعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها. نهى البائع والمشتري ).

حدثنا أحمد بن عيسى المصري قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: حدثني سعيد بن المسيب و أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ) ].

ويختلف بدو الصلاح من ثمر إلى ثمر, فالسنبل يبدو صلاحه باصفراره, والتمر غالباً في بعض أنواعه يبدو صلاحه باحمراره, وبهذا كان يقضي الصحابة عليهم رضوان الله تعالى, كـعمر بن الخطاب, وأيضاً جاء عن عبد الله بن عباس, ولا مخالف لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: [ حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا حماد عن حميد عن أنس بن مالك : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو، وعن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد) ].

باب بيع الثمار سنين الجائحة

قال المصنف رحمه الله: [ باب بيع الثمار سنين والجائحة.

حدثنا هشام بن عمار و محمد بن الصباح قالا: حدثنا سفيان عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنين ).

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا ثور بن يزيد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع ثمراً فأصابته جائحة، فلا يأخذ من مال أخيه شيئاً، علام يأخذ أحدكم مال أخيه المسلم؟! ) ].

باب الرجحان في الوزن

قال المصنف رحمه الله: [ باب الرجحان في الوزن.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد و محمد بن إسماعيل قالوا: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن سماك بن حرب: ( عن سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخربة العبدي بزًّا من هجر، فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا سراويل، وعندنا وزان يزن بالأجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا وزان، زن وأرجح ).

حدثنا محمد بن بشار و محمد بن الوليد قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن سماك بن حرب قال: سمعت مالكاً أبا صفوان بن عميرة ، قال: ( بعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل سراويل قبل الهجرة، فوزن لي فأرجح لي ).

حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثنا شعبة عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا وزنتم فأرجحوا ) ].

باب التوقي في الكيل والوزن

قال المصنف رحمه الله: [ باب التوقي في الكيل والوزن.

حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم و محمد بن عقيل بن خويلد قالا: حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد النحوي أن عكرمة حدثه عن ابن عباس قال: ( لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا أخبث الناس كيلاً، فأنزل الله سبحانه: (( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِيْنَ )) [المطففين:1]، فأحسنوا الكيل بعد ذلك ) ].

باب النهي عن الغش

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن الغش.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: ( مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يبيع طعاماً، فأدخل يده فيه، فإذا هو مغشوش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من غش ).

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي داود عن أبي الحمراء قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بجنبات رجل عنده طعام في وعاء، فأدخل يده فيه، فقال: لعلك غششت، من غشنا فليس منا ) ].

باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض

قال المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن بيع الطعام قبل أن يقبض.

حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من ابتاع طعاماً، فلا يبعه حتى يستوفيه ).

حدثنا عمران بن موسى الليثي قال: حدثنا حماد بن زيد (ح)

وحدثنا بشر بن معاذ الضرير قال: حدثنا أبو عوانة و حماد بن زيد قالا: حدثنا عمرو بن دينار عن طاوس

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه ).

قال أبو عوانة في حديثه: قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء مثل الطعام.

حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر ، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري) ].

وما لا يمكن قبض, ولا يمكن تسليمه فلا يجوز حينئذ ولا يصح بيعه, وذلك كبيع اللبن في الضرع, وكذلك الصوف على الظهر, فهذا لا يجوز, وقد جاء في ذلك النهي عن جماعة من الصحابة, جاء عن أبي هريرة, وجاء عن ابن عمر, وقال ابن حزم الأندلسي: لا مخالف لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

باب بيع المجازفة

قال المصنف رحمه الله: [ باب بيع المجازفة.

حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: ( كنا نشتري الطعام من الركبان جزافاً، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله من مكانه ).

حدثنا علي بن ميمون الرقي قال: حدثنا عبد الله بن يزيد عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان قال: ( كنت أبيع التمر في السوق، فأقول: كلت في وسقي هذا كذا، فأدفع أوساق التمر بكيله وآخذ شفّي، فدخلني من ذلك شيء، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا سميت الكيل فكله ) ].

باب ما يرجى في كيل الطعام من البركة

قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يرجى في كيل الطعام من البركة.

حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن اليحصبي عن عبد الله بن بسر المازني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه ).

المراد بذلك أن الإنسان يكيل الطعام قبل أن يبيعه, يعني: إذا اشتراه ثم أراد أن يبيعه مرة أخرى, فإنه يكيله لنفسه, ثم يبيعه بعد ذلك, فهذا أمارة على حيازته.

وما يحاز فلابد من حيازته, وما لا يحاز أو تشق حيازته, فإذا خلى بينك وبينه فحينئذ جاز لك أن تبيعه باعتبار تحقق الملك في ذلك.

قال: [ حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي قال: حدثنا بقية بن الوليد عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه ) ].

ولا يعارض هذا بما جاء في حديث عائشة: ( فكلته ففني )، فالمراد فيما يتعلق بأمر البيع الحساب, وما في حديث عائشة شيء آخر.

نقف على هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أبواب التجارات [1] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

https://audio.islamweb.net