اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الأحاديث المعلة في الطهارة [26] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فالحديث الأول في هذا المجلس حديث علي بن أبي طالب عليه رضوان الله: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يمنعه من القراءة شيء إلا الجنابة ) وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث شعبة بن الحجاج عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب، وذكره.
وهذا الحديث أعل بعلل:
منها أن هذا الحديث من مفاريد عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة، وعبد الله بن سلمة مقل للحديث، وهو من فقهاء الكوفة، وقد تفرد برواية هذا الحديث عن عبد الله بن سلمة عمرو بن مرة كما نص على ذلك غير واحد كالإمام أحمد والدارقطني وغيرهم.
و عبد الله بن سلمة مع قلة حديثه فقد ضعفه غير واحد كـالدارقطني، وقال أبو حاتم والنسائي: تعرف وتنكر. يعني له أحاديث مناكير لا يوافق فيها الثقات، وله أحاديث معانيها معروفة، وقد أعل غير واحد من الحفاظ هذا الحديث به، كما أعله الإمام أحمد عليه رحمة الله.
كذلك منها أن هذا الحديث لم يوجد مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدنيين والمكيين لا بلفظه ولا بمعناه، بل جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألفاظ العموم ما يخالفه بعمومه.
وهذا الحديث جاء من وجه آخر أيضاً عن علي بن أبي طالب، فقد رواه أبو يعلى في كتابه المسند، وعبد الرزاق في المصنف من حديث عامر بن السمط عن أبي الغريف عن علي بن أبي طالب، وجعله موقوفاً عليه، ولم يرفعه.
والصواب فيه الوقف، ويؤيد الموقوف حتى عند الكوفيين أنه جاء عن علي بن أبي طالب من وجه آخر وإن كان فيه ضعف، أنه رواه ابن أبي شيبة في كتابه المصنف من حديث أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب، فجعله موقوفاً عليه، وهذا وإن كان في إسناده الحارث الأعور وهو ضعيف، وتفرد به أبو إسحاق عنه إلا أنه لو كان مرفوعاً لحمله الحارث وأضرابه بالرفع؛ لأن الضعيف يتشوف إلى المرفوع أكثر من الموقوف، خاصة فيما لا يقال من قبيل الرأي من أمثال هذا الحديث.
كذلك أيضاً فإن الآثار الواردة في ذلك والتي يعمل بها الفقهاء إنما هي موقوفات، فقد جاء هذا عن عمر بن الخطاب بإسناد صحيح يرويه ابن أبي شيبة، وكذلك ابن المنذر من حديث عبيدة السلماني عن عمر بن الخطاب أنه كره للجنب أن يقرأ القرآن.
ولكن هذا أيضاً موقوف على عمر، ولا يثبت فيه الرفع، ولو كان فيه شيء مرفوع لاعتمد عليه، ويؤيد هذا ويؤكده أن هذه المسألة ليست محل إجماع، ولو كان فيها نص مرفوع فأعلم الناس بفقه عمر من الصحابة عبد الله بن عباس؛ لأنه كان جليساً له ويدنيه، وقد ثبت عن عبد الله بن عباس جواز قراءة القرآن للجنب من غير طهر، ثبت هذا عند ابن المنذر في كتابه الأوسط من حديث عبيد بن عبيدة عن عبد الله بن عباس أنه قرأ القرآن وهو على جنابة، فقيل له في ذلك، فقال: ما في جوفي أكثر. يعني أنني أحمل القرآن بين جنبي وأنا على طهر وأنا لست على طهر، فما في الجوف أكثر، يعني أنني إن ذكرت شيئاً من القرآن كالسورة والسورتين وأنا جنب فأنا أحمل القرآن كله، ولو كنت على جنابة.
ولو كانت المسألة محسومة عند عبد الله بن عباس، ويعلم ما جاء عن عمر في ذلك أن له حكم الرفع لما خالف في ذلك عبد الله بن عباس عمر بن الخطاب .
وثمة قرينة تؤخذ في مسائل المتون والفقه، ولها أثر في العلل أننا إذا جاء عندنا أثر عن عمر بن الخطاب فالأصل أن عبد الله بن عباس يوافقه، وإذا جاء عن عبد الله بن عباس روايتان، وجاء عن عمر رواية، فالأرجح عن عبد الله بن عباس ما يوافق فيه قول عمر؛ لأن عبد الله بن عباس يهاب مخالفة عمر بن الخطاب، ولا يخالفه في حياته، وما كان من أقوال يخالفه فيها فيظهرها بعد موته؛ جمعاً للكلمة، وهذا من فقهه عليه رضوان الله.
وينبغي أن يعلم أيضاً أن هذه المسألة -وهذا يتعلق بالمتن- من المسائل التي يحتاج إليها، وهي قراءة القرآن للجنب، وتعرض للإنسان، ومثلها يسأل عنها، وتطرأ للمتفقهة والمتعلمين كثيراً، فلما لم يرد فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر دل على عدم وجود المرفوع في ذلك على سبيل الحسم، وأما الفعل فهذا محتمل، وقد جاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى في الصحيح أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) والمراد بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمتنع من ذكر الله على الإطلاق في كل حين إلا ما دل الدليل عليه، كأن يكون الإنسان في الخلاء كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: ( إني كرهت أن أذكر الله وأنا على غير طهر ) وهذا في مسألة الجنابة لما كانت تعرض للإنسان.
ومن علامات نكارة المتن أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجنب، ويتوضأ وينام، ولا يغتسل، ومعلوم أن المتوضئ إذا توضأ وهو جنب أن الوضوء لا يرفع الحدث، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع الذكر عند النوم، ومن الذكر ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قراءة المعوذات والنفث فيها، وكذلك من قراءة آية الكرسي، وهذه من القرآن، فلما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ينام وهو جنب إذا توضأ دل هذا على نكارة المتن بالإطلاق.
وأما ما جاء عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى أنه كره قراءة الجنب للقرآن، وقول بعض الفقهاء والمحدثين في ذلك إن الكراهة عند الصحابة يراد بها التحريم، هذا في الأغلب، ولكنه ليس على الاطراد، وإنما دفعنا التحريم هنا لهذه القرائن.
وكذلك أيضاً لما جاء عن عبد الله بن عباس، قد يقول قائل: إن عمر بن الخطاب يقول بالتحريم، وعبد الله بن عباس يقول بالجواز، نقول: أوفق الوجوه في ذلك أن تجمع هذه على وجه تتقارب فيه أقوال الفقهاء من الصحابة كـعمر وعبد الله بن عباس، فـعبد الله بن عباس لم يخالف نظيراً له، أو رجلاً من الصحابة من الفقهاء وهو بعيد عنه، أو متقدماً عليه تقدماً لم يدرك عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى معه فقهه، وإنما كان ذلك مع عمر بن الخطاب، وفقه عمر بن الخطاب قد انتشر، واحتاج إليه الناس، وكان عبد الله بن عباس أقرب الناس إليه، فلما كانت هذه المخالفة دل على أنها تدور بين الكراهة والجواز.
كذلك أيضاً فإن حديث علي بن أبي طالب المرفوع الذي يتفرد به عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب جاء مرفوعاً في أحاديث الكوفيين، وجاء من غير حديث عبد الله بن سلمة ما تقدم من حديث عامر عن أبي الغريف عن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى، فجعله موقوفاً.
وتقدم معنا أن اختلاف الرفع والوقف على حديث من الأحاديث أن النفس تميل غالباً فيه إلى الوقف، والعلة في ذلك أن الضعيف يميل إلى الرفع وتتشوف النفس إليه، وخاصة أن عبد الله بن سلمة قد اختلط، وعمرو بن مرة الذي يروي عنه روى عنه بعد اختلاطه، وذلك أن شعبة بن الحجاج يقول: قال لنا عمرو بن مرة: أدركنا عبد الله بن سلمة، فكان يحدثنا وكنا نعرف وننكر.
أي: أننا نعرف من حديثه شيئاً وننكر شيئاً آخر، مما يدل على أنه اختلط، ولم يكن ثابتاً في ذلك، وأما ما ينقله بعض المحدثين، ويعتمد عليه في تحسين هذا الحديث أن شعبة بن الحجاج قال في هذا الحديث: أحسن ما أرويه عن عمرو بن مرة، وجاء عنه أنه قال: هذا الحديث ثلث رأس مالي. والمراد بذلك في حديثه عن عمرو بن مرة خاصة، ليس المراد بذلك هو سائر الأحاديث التي يرويها شعبة بن الحجاج .
أولاً: إذا قلنا: إن هذا الحديث يريد به أنه ثلث رأس ماله بالنسبة للسنة، فهذا لا يمكن أن يكون لوجود أحاديث في الأصول والأحكام والثوابت في الدين وكلياته يرويها شعبة بن الحجاج لا يمكن أن تحمل هذه العبارة على مثل هذا الحديث، ولا يليق حملها على من هو بمثل حفظ وإدراك شعبة بن الحجاج، وإنما المراد بذلك أنه ثلث رأس ماله عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى، وهذا هو أولى ما ينبغي أن يحمل عليه.
وأما قول: أحسن ما أرويه عن عمرو بن مرة. يعني أن ما يرويه عن عمرو بن مرة منه الضعيف، ومنه ما هو أحسن حالاً منه، فهو أحسن الأحاديث التي يرويها عن عمرو بن مرة، ويحتمل أن المراد بالحسن هنا هو الغرابة، وذلك أنه ينبغي أن يحمل قول الإمام وكذلك الناقد على ما يوافق فيه الأئمة الثقات، ونجد أن عامة الحفاظ من المتقدمين لا يقولون بصحة هذا الحديث مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نص على عدم صحته مرفوعاً أحمد بن حنبل والشافعي كما في كتابه الأم، وقال: أستحب لمن كان على جنب أن يتطهر احتياطاً، وإن كان الوارد فيه حديث لا يثبته الحفاظ.
والمراد بهذا أن الشافعي عليه رحمة الله إنما عمل بهذا الحديث على الاحتياط لا عمل به لكونه حجة، وتقدم معنا أن العلماء في أبواب الحديث الضعيف لا يعملون في الأحكام إلا في أبواب الاحتياط، ومعنى أبواب الاحتياط يعني أن الوجود أفضل بالاتفاق، والعدم فيه خلاف، معنى الوجود أفضل يعني: الإنسان إذا كان جنباً وأراد أن يقرأ القرآن لدينا حالتان: الحالة الأولى: أن يتوضأ ويقرأ. الحالة الثانية: أن لا يتوضأ ويقرأ. والاحتياط في ذلك أن يتوضأ ويقرأ، فوجود الوضوء هو محل اتفاق عندهم أنه أتم وأكمل وأصح، وقراءة القرآن صحيحة بالاتفاق، فيرون هذا هو الاحتياط، وعدم الاحتياط هو ما كان من مواضع الخلاف، وأما الاحتياط فيما لم يرد فيه دليل فهذا هو التنطع، وفرق بين التنطع والاحتياط فيما ورد فيه دليل عن الشارع ولو كان فيه ضعف يسير.
ومعنى التنطع أن الإنسان على سبيل المثال أن يحتاط من لباس من الألبسة لم يرد الدليل لا في المرفوع الصحيح، ولا في الضعيف، ولا في الموقوف نهي عنه، كأن ينتهي الإنسان مثلاً عن لبس اللون الأخضر من الثياب، أو الأزرق أو نحو ذلك، هذا لم يرد فيه لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة، فيقال الأمر حينئذ على الترخيص، وترك ذلك على سبيل الاحتياط يقال: إنه تنطع، ولكن لو وردت الكراهة في ذلك عن أحد الصحابة، فتركه الإنسان، أو ورد فيه شيء ضعيف، نقول: ولو كان ضعيفاً إذا فعله الإنسان فهو حسن؛ لهذا نقول: إن العلماء يقولون بهذا الحديث على سبيل الاحتياط، وإنما لم نقطع بالقول بالتحريم في القراءة للجنب لضعف الحديث المرفوع، وللخلاف الواقع بين الصحابة، وللخلاف الواقع بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحديث الثاني في هذا: حديث عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه أنه قال: سنة مسنونة إذا أراد المؤذن أن يتوضأ، وأن يكون قائماً. هذا الحديث رواه البيهقي في السنن، والدارقطني في كتابه الأفراد والغرائب من حديث عمير عن الحارث بن عيينة، عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه فذكره.
وهذا الحديث قد تفرد به عمير عن الحارث بن عيينة، وهذا الحديث أعله غير واحد من العلماء بالتفرد كما نص على ذلك الدارقطني في كتابه الأفراد.
وله علة أخرى وهي أن عبد الجبار بن وائل بن حجر لم يسمعه من أبيه، ووجه الإعلال بالتفرد أن عميراً في روايته عن الحارث بن عيينة، والحارث بن عيينة في روايته لهذا الحديث تفرد به وهو كوفي عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه، ومثل هذا مما يحتاج إليه ويشتهر، فالأذان كان في المدينة من سنين قبل أن يصل الأذان إلى الكوفة، فلماذا لم يرد الحكم مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأحاديث الكوفيين، فهذا من أمارات النكارة؛ ولهذا أعله غير واحد من النقاد بهذه النكارة، كـالدارقطني والبيهقي وغيرهما.
والعلة الأخرى وهي الانقطاع في ذلك كما نص على ذلك جماعة من الحفاظ كـيحيى بن معين وأبي حاتم وغيرهم، وهو محل اتفاق، وقد نص النووي على أن عبد الجبار بن وائل بن حجر لم يسمع من أبيه بالاتفاق، وإنما رأى أباه يصلي، رأى أباه وهذا ما أدركه من أبيه كما جاء في صحيح الإمام مسلم، وإدراك الفعل شيء، وإدراك الأقوال شيء آخر.
وأما بالنسبة لرواية عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه مع كونها منقطعة هل تغتفر باعتبار أن ثمة قرينة تدفع هذا الانقطاع وهو أن عبد الجبار بن وائل بن حجر يروي عن أهل بيت أبيه، فالرجل إذا أراد أن يروي عن أبيه يذهب إلى أمه وإلى أخيه الأكبر أو نحو ذلك، فأهل البيت إذا ضبطوا وعرفوا وأحصوا وكانوا من الثقات اغتفر الانقطاع، ولكن لو كانت علة الانقطاع فقط هي العلة في هذا الحديث لأمكن الرد، ولكن التفرد أشد، والعلماء إنما يشيرون إلى الانقطاع في بعض الأحاديث أحياناً ويكون هذا الانقطاع فيه نوع اغتفار وذلك لوضوح العلة، والعلماء يلحقون الإعلال بأقوى علة وأوضحها، إذا كانت الأقوى مضمرة ولو كانت قادحة؛ لهذا تجد هذا الحديث عند الحفاظ الذين يريدون أن ينقدوه له مسلكان:
المسلك الأول: عند المتقدمين يعلونه بالتفرد؛ لأنهم يرون التفرد لديهم ظاهراً؛ لأنهم أهل حفظ وأهل رواية.
عند المتأخرين يعلونه بالانقطاع، ويظهر إعلالهم بالانقطاع، وهذا لا يعني انعدام إعلال الانقطاع عند المتقدمين، ولكن إشارات يسيرة، والأصل فيه أنهم يشيرون إلى التفرد، ويشتهر الإعلال بالانقطاع عند المتأخرين أكثر من الإعلال بالتفرد؛ لأن الانقطاع أظهر من جهة البيان والوضوح؛ لهذا نقول: إن أقوى العلل في هذا الحديث هي التفرد في رواية الحارث بن عيينة، وهو كوفي، وقد تفرد بهذا الحديث عن عبد الجبار بن وائل بن حجر.
وهذا الحديث من جهة العمل به يقال: إن السنة أن يتوضأ، ولكن ليس على سبيل الوجوب، وهذا يحتج به بعض الفقهاء، ويقولون بوجوب الوضوء للمؤذن، ومن أذن بلا وضوء فقد بطل أذانه، وهذا قول مرجوح، وعمدته أيضاً قول مرجوح.
وأيضاً من العلل في هذا الحديث أنه ذكر القيام في الأذان، وقد جاء عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أذن وهو قاعد، وقد ترجم البخاري عليه رحمة الله على ذلك في كتابه الصحيح، ولو كان لا يؤذن إلا من يستطيع القيام لما فعلوا ذلك؛ لأن الأذان يشهد، ويراه الناس، الناس يؤذنون في الصدر الأول على سطوح المساجد والدور، ويقيمون على سطوح المساجد والدور، ولا يقيمون داخل المساجد.
وبهذا ندرك أيضاً فائدة أن المؤذن لا مكان له معلوم في المسجد عندهم، بخلاف المتأخرين يضعون مكان المؤذن أنه يكون خلف الإمام، وليس كذلك؛ ولهذا بلال يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: لا تسبقني بآمين. يعني أنه يقيم فوق سطح المسجد ثم ينزل، فإذا انتهى الأذان كبر وهو ينزل في العتبات، أو في السلم، فإذا الناس قد صفوا فيكون المؤذن في آخر الصف.
لهذا نجد مسألة من المسائل يبحثها الفقهاء المتقدمون وهي: هل يجوز للإمام أن يكبر تكبيرة الإحرام قبل أن ينتهي المقيم من إقامته؛ لأنهم يقولون: إن الإمام داخل المسجد في الغالب أنه لا يسمع، يكون للمساجد أبواب، والرجل في الأعلى الذي يسمعه في الخارج، لا يدري هل انتهى المقيم أم لم ينته، فإن كبر قبل هل تصح صلاته أم لا؟ وهذه المسألة ظاهرة ومعلومة، وأن الإقامة تكون على الأعلى؛ ولهذا من يستحب من بعض العامة أن الإقامة تكون في داخل المسجد، وتغلق الميكرفونات هذا من البدع، بل يقال: ينبغي أن تفتح الميكرفونات ليسمع الخارج، أو يخرج المؤذن عند موضع الميكرفون ليبلغ الناس؛ لهذا نعلم أن المؤذن إذا أراد أن يوطن له مكاناً خاصاً خلف الإمام يستحقه في الصف، نقول: هذا فيه نظر، وهو قد نال بأذانه الأجر بحضور هؤلاء الجماعات حتى من بكر، ينال إن شاء الله إن احتسب أجر الجميع في ذلك، ولا يشدد في مسألة المكان، سواء كان خلف الإمام أو عن يمينه أو عن يساره.
والأصل أن الشخص يذكر الله مباشرة، والأذان ذكر هذا أمر، والأمر الآخر أن المؤذن يعمد إلى الأذان، ويبقى في المسجد، وإذا بقي في المسجد وهو على هذا فالأصل أنه لم يتوضأ بعد ذلك وإنما هو على طهر، كذلك أيضاً ما جاء من أقوال جماعة من الصحابة في وضوء المؤذن، ولكن لا يوجبون ذلك ويشترطونه كما يشترطونه للصلاة، فلو كان الإنسان محدثاً ثم أذن أراد أن يتوضأ بعد ذلك فالأمر في هذا سعة.
ومن الأحاديث التي تعل حديث علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى عمل الصحابة كما تقدم معنا فيما يرويه زيد بن أسلم، ويرويه عن زيد هشام، ويرويه زيد بن أسلم عن عطاء قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنبون وهم في المسجد، ويخرجون ويتوضئون ويجلسون. وهذا يعني المكث في المسجد، والأصل في بقاء الجنب في المسجد أنه يذكر الله، ولا تخلو مجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر آي القرآن على سبيل التلاوة، أو على سبيل الاحتجاج، ونحو ذلك. فهذا من قرائن الإعلال.
الحديث الثالث في هذا: حديث عائشة عليها رضوان الله: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجنب وينام، ولا يمس ماء ) هذا الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما من حديث الأسود عن عائشة عليها رضوان الله، واختلف فيه على الأسود في روايته عن عائشة، في بعض الطرق يذكر من غير أن يمس ماء، وفي بعضها لا تذكر هذه الزيادة.
وهذا الحديث فيه: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام يجنب فينام من غير أن يمس ماء ) رواه أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة عليها رضوان الله تعالى، وقد وهم فيه أبو إسحاق فذكر هذه الزيادة وهي منكرة، وخالفه غيره، رواه إبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود كلاهما عن الأسود عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجنب ويتوضأ وضوءه للصلاة وينام )، وهذا مخالف لحديث أبي إسحاق عن الأسود، حديث أبي إسحاق عن الأسود فيه ( أن النبي عليه الصلاة والسلام نام من غير أن يمس ماء )، يعني: لم يتوضأ ولم يغتسل، ونفي مس الماء شامل للوجهين وللصورتين وهما الوضوء والغسل، وقد احتج به من احتج على جواز أو عدم سنية الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام، وهذه الزيادة منكرة.
والحديث هذا رواه إبراهيم النخعي في صحيح الإمام مسلم عن الأسود عن عائشة، وقد أخرج الإمام مسلم هذا الحديث من غير هذه الزيادة، وتنكبه لها مع وقوفه عليها قطعاً حيث إنه أعلها، دليل على عدم الاعتداد بها، بل إن الإمام أحمد عليه رحمة الله يقطع بنكارة هذه الزيادة، ويقول: هذا الحديث لا يحل أن يروى، يعني: بهذه اللفظة، أي: يقطع بأنها كذب، وإنما توهمها أبو إسحاق مع صلاحه وصدقه أنها من الحديث ولم تأت من حديث، والحديث المكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعمده الإنسان أو لم يتعمده فهو حديث مكذوب؛ لأن الغاية قد تحققت وهو اختلاق اللفظ، والبخاري ومسلم حينما يتنكبان حديثاً من الأحاديث، فهذا من أمارات الإعلال، كيف وقد نصا على ذلك.
و البخاري قد أخرج في هذا الباب مع مسلم حديث عائشة، وحديث عبد الله بن عمر في ( أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا كان جنباً وأراد أن ينام توضأ )، وأشرنا إلى أن الحديث إذا كان في الصحيحين أو لم يكن في الصحيحين، ويتضمن حكماً أخرج البخاري ومسلم خلاف تلك الزيادة التي خارج الصحيح، والحديث في الصحيح، أو كان هذا الحديث بكامله ليس في الصحيحين أو في أحدهما فهذا كالإعلال، وهذا من القرائن التي يؤخذ منها معرفة الأحاديث المعلة على نهج الشيخين.
وإذا أراد طالب العلم أن يبحث مسألة من المسائل، وأن ينظر في حكم من الأحكام فلينظر إلى أحاديث الصحيحين، وما هي الدلالات فيها في مسألة من المسائل، ثم ينظر في الأحاديث في خارج الصحيحين، المسألة التي تكون خارج الصحيحين وليست في الصحيحين في أي حديث من الأحاديث هذه خارجة عن حكمنا، والمسألة الواردة في الصحيحين فجاء الدليل مخالف للأحاديث الأخرى فالأحاديث الأخرى معلولة في الأغلب عند صاحبي الصحيح.
والأكثر الذي يشكل على طلاب العلم أن الحديث لم يرد في الصحيحين، وسكت عن إخراج المسألة بكاملها أصحاب الصحيحين، مثل الوضوء من مس الذكر هذا فيه أحاديث لم يخرج البخاري ومسلم شيئاً في ذلك، فهذا أمره آخر ولا علاقة له في بابنا، إلا أننا نستفيد منه أن شرط هذا الحديث مع الحاجة إليه هو دون شرط البخاري ومسلم، يعني فيه قصور، ولكن قد يكون مما يحتج به أو مما لا يحتج به، أما هذه الزيادة التي في هذا الحديث فقد أخرج البخاري ومسلم أحاديث تخالفها وهو حديث عائشة عليها رضوان الله تعالى: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام يكون جنباً فيتوضأ ثم ينام )، كذلك أيضاً في حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله.
كذلك أيضاً في هذا الحديث وهو حديث عائشة من وجوه نكارته ما تقدم معنا مراراً: أن الحديث إذا خالف الراوي حديثه المرفوع فإن هذا من أمارات الإعلال، ثبت عن عائشة عليها رضوان الله تعالى كما جاء عند ابن أبي شيبة في المصنف من حديث هشام بن عروة عن أبيه أنها سئلت عن الجنب يريد أن ينام، قالت: نعم إذا توضأ.
وهذا الحديث حديث عائشة بزيادة أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة فيه: ( من دون أن يمس ماء ) فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نام من غير أن يمس ماء وهو جنب، فلماذا تقول عائشة: نعم إذا توضأ، فإذا خالف المرفوع الموقوف فهذا من أمارات إعلال المرفوع، خاصة إذا اجتمعت قرينة في ذلك وهي المخالفة، أي: مخالفة أبي إسحاق لمن هو أوثق منه وأكثر كـإبراهيم النخعي، وكذلك عبد الرحمن بن الأسود في روايته عن أبيه كلاهما عن الأسود عن عائشة عليها رضوان الله.
وهذا الحديث أعني حديث عائشة لو جاء من حديث أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة من غير مخالفة إبراهيم وعبد الرحمن، وجاء الموقوف عن عائشة لكان كاف في إعلاله، فكيف إذا احتفت بذلك قرينة وهي مخالفة أبي إسحاق لـإبراهيم وعبد الرحمن بن الأسود كلاهما عن الأسود عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ظاهر.
كذلك أيضاً من قرائن الإعلال: أن هذا الحديث مروي عن عائشة، وروت عائشة ما يخالف هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء الحديث في الصحيحين وغيرهما من حديث عروة وأبي سلمة عن عائشة عليه رضوان الله تعالى: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام يتوضأ إذا أراد أن ينام وهو جنب ) وهذا من أمارات النكارة في الحديث.
وكذلك أيضاً لا نستطيع أن نقول: إن حديث الأسود متقدم، وأنه نسخ، وأن الأحاديث الأخرى متأخرة، وذلك لأمور أن حديث الأسود قد اختلف فيه على الوجهين، ولو كان من طريق واحد لأمكن أن يقال هذا، الأمر الآخر: أن الأسود مع تقدمه إلا أن الرواية الخاصة عن عائشة كـعروة أدق وأضبط في مثل هذه الأحوال، فهو أولى أن يروي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.
الحديث الرابع: حديث عائشة عليها رضوان الله تعالى: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كان جنباً، وأراد أن ينام أو يأكل توضأ )، هذا الحديث أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الحكم عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة، واختلف فيه على إبراهيم النخعي فرواه منصور عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة، ولم يذكر الأكل فيه، تقدم معنا إلى أن مسألة الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام مسألة مفروغ منها، لكن الأكل أن الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ، هذه الزيادة هي موضع الإشكال في صحيح الإمام مسلم، والصواب فيها أنها زيادة منكرة؛ وذلك لأمور:
أولها: أن الحكم قد تفرد بها عن إبراهيم النخعي، وخالفه من هو أوثق منه في إبراهيم وهو منصور وهو من أوثق أصحاب إبراهيم النخعي كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة كالإمام أحمد وغيره.
القرينة الثانية: أن هذا الحديث يرويه شعبة بن الحجاج عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، وشعبة بن الحجاج هو راوي الخبر قد ترك هذه اللفظة وأنكرها، نقله الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد القطان عن شعبة بن الحجاج أنه ترك حديث الحكم: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا كان جنباً وأراد أن يأكل توضأ ) وأعلم الرواة بحديثه أعلم الرواة بالحديث الراوي له، وذلك أن شعبة بن الحجاج يعرف حديث الحكم فيما وافق فيه أو لم يوافق فيه.
ومن وجوه الإعلال أيضاً أن هذه الزيادة جاءت متأخرة في طبقة الحكم، ولدينا قرينة وهي أن الزيادة إذا زادها راو من الرواة، وكان هذا الزائد متأخراً دليل على أن الحديث انتقل من شخص إلى شخص ودار، ثم جاءت الزيادة في الثالث أو الرابع، فكيف يأتي هذا؟ أما إذا كانت الزيادة متقدمة فمحتمل أن الشخص الذي بين الاثنين أوردها ونسيها في موضع وحدث بها، لكن يتركها الأول ثم الثاني ثم الثالث ولا توجد إلا عند الرابع هذا فيه ما فيه، فـعائشة عليها رضوان الله لم يثبت عنها ذلك، والأسود لم يثبت عنه ذلك، وإبراهيم النخعي أيضاً لم يثبت عنه ذلك، فيأتي هذا عن الحكم وهو الرابع في الإسناد، فهذا من قرائن الإعلال.
ومن القرائن عند العلماء في قبول زيادات الثقات أن يكون الراوي متقدماً، ومن علامات إعلالها أن يكون الراوي الذي زادها متأخراً؛ لأن الزيادة كلما تأخرت يعني أن الحديث سمع وشاع في طبقة، فافتقدت هذه الزيادة، والحفاظ لا يدعون مثل هذه المسألة.
وكذلك أيضاً من وجوه الإعلال: أن حديث عائشة عليها رضوان الله في الصحيحين، وليس فيه ذكر الأكل إلا من هذا الطريق عند مسلم، ولعل مسلم إنما أوردها معلاً لها؛ لأنه أورد حديث عائشة من غير طريق، فلم تأت إلا في حديث الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عليها رضوان الله، ورواه مسلم عن الأسود من غير وجه، ورواه عن إبراهيم عن الأسود أيضاً من غير وجه، فهذا دليل على أن الإمام مسلم رحمه الله أراد إخراج هذا الحديث لإعلال هذه اللفظة فيه.
ثم أيضاً: إن مثل هذا الحكم لو ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجب أن يشتهر بالأحاديث وأسانيد صحيحة؛ لأن الإنسان يحتاج إلى الطعام ويحتاج إلى الشراب، إذا كان جنباً أو غير جنب، فمثل هذا يعرض للإنسان، وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو دونه، نقل عن النبي عليه الصلاة والسلام ما هو دونه من أحكام الجنابة، ولما لم ينقل دل أيضاً على نكارته.
نكتفي بهذا.
السؤال: يقول: إذا تنكب البخاري حديثاً بالكامل هل هذا إعلال؟
الجواب: إذا تنكب البخاري حديثاً وجاء بما يخالفه فهذا كالإعلال، شبيه بالنص.
السؤال: يقول: ترك الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام هل هو محرم؟
الجواب: لا، نقول: يستحب؛ لأن المحكي في ذلك الفعل لا الأمر.
ومن القرائن أيضاً: أن الوضوء الذي قال الذي باستحبابه لا يرفع الحدث الأكبر وإنما يخففه.
السؤال: يقول: ما الفرق بين التنطع والتورع؟
الجواب: تقدم معنا الكلام على أن الورع هو أن يدع الإنسان ما لا بأس به خشية الوقوع فيما به بأس، يعني أن يكون ما به بأس متقارب مع ما لا بأس به، وهي المشتبهات عند العلماء التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام في حديث النعمان بن بشير: ( الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات ) هذه الأمور المشتبهات مسائل الخلاف عند العلماء.
كذلك أيضاً ما حاك في النفس فيها النفس السليمة الصحيحة يعني فطرتها الصحيحة، وليس النفس كثيرة القلق أو كثيرة الخوف أو نحو ذلك هذه ليست عبرة بالترك أو الإقدام، وهذا هو المراد بمسألة أن الإنسان يتورع عن مواضع الشبهات ومواضع الخلاف.
أو ما كان أصله التحريم ولم يثبت لديه في هذه القضية العينية نهي، نقول: الأصل أن يبقى على أصله.
أما بالنسبة للتنطع ما ثبت للإنسان الحل، وعدم إفضائه إلى محرم، ولكنه أراد الترك، أو أراد الفعل لمقاصد أخرى، إما أن يقوي النفس أو يمنعها أو نحو ذلك، أو مثلاً يريد الاستزادة في باب مقترن في هذا من أبواب العبادة، فنقول: هذا من أمور التنطع، وهذا كما جاء عن بعض الصحابة في هذا حينما أرادوا بحسن قصد أن يقوموا الليل ولا ينامون، وأن يصوموا النهار ولا يفطرون، وألا يأكلوا اللحم، ولا يتزوجوا النساء، هذه أمور مباحات، لكن أرادوا بذلك القسوة والشدة في هذا، فصارت هذه أموراً داخلة في أمور التشدد والتنطع وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها.
السؤال: يقول: هل يذكر الإمام مسلم نصاً في كتابه الصحيح ويكون منكراً لإبرازه؟
الجواب: الإمام مسلم في كتابه الصحيح يورد الحديث من جهة الأصل وهو على شرطه، لكن قد يورد تبعاً له ما يخالفه في بعض الوجوه إما في الإسناد أو في المتن ويريد بذلك بيان الإعلال، والعلماء لهم مسالك في بيان الشيء الصحيح والقوي، إما أن يبينه بذاته ويكتفي، وإما أن يبينه ويبين الضعيف والواهي معه؛ لأن الضعف لا يتضح إلا مع بيان القوة، كذلك أيضاً القوة لا تتضح إلا مع بيان الضعف، حينما تريد مثلاً أن تبين بياض شيء وسطوعه تقارنه بشيء أسود حتى يتضح للناس، إذا أردت أن تقارن ثوباً نظيفاً حتى يستوعب الإنسان قدر النظافة فيه تجعله مع ثوب متسخ يرى الإنسان هذا الأمر؛ لهذا العلماء أحياناً يوردون أسانيد قوية، وأسانيد دونها حتى يروا أن هذا الحديث هو أحسن شيء في هذا الباب، وذلك بدلالة الاقتران، وهذا في الأغلب في مسلم في الألفاظ لا في أحاديث برمتها، يورد حديثاً برمته ويكون منكراً لا، لكن بألفاظ معينة، أو حروف لها أثر في الفقه.
السؤال: يقول: أشكل عليه ما ذكرناه في الدرس الماضي ما تعم به البلوى ولم يشتهر، وبين ما كان عليه العمل ولم تشتهر فيه الأحاديث، ما الفرق بينهما؟
الجواب: نقول: الفرق بينهما العمل، عمل الناس إذا استفاض ولم يخالف في ذلك أحد ضعف إيراد الحديث،
مثلاً: إغلاق المحلات وقت الصلاة اشتهر في البلد، حينما تأتي إلى شخص وتقول: أعطني مستنداً قانونياً نظامياً، لا يستحضر هذا الشيء، لكن تجد أنه يستحضر جزئيات يسيرة هي محل خلاف يستحضرها غالب الناس، ويستحضرون القانونية فيها لعدم الاستفاضة والخلاف فيها.
السؤال: يقول: إذا اختلف أحد من الخلفاء الراشدين مع غيرهم من الصحابة فأيهما يقدم؟
الجواب: نقول: الأصل في هذا تقديم الخلفاء الراشدين إذا كان الخلاف في ذلك صريحاً، وأما إذا لم يكن صريحاً وأمكن الجمع والتقريب بين القولين فهذا هو الأولى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , الأحاديث المعلة في الطهارة [26] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
https://audio.islamweb.net