اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كتاب الصلاة [7] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
فبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين في الصلاة
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع وبعدما يرفع رأسه من الركوع -وقال سفيان مرة: وإذا رفع رأسه وأكثر ما كان يقول: وبعدما يرفع من الركوع- ولا يرفع بين السجدتين ).
حدثنا محمد بن المصفى الحمصي قال: حدثنا بقية قال: حدثنا الزبيدي عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكون حذو منكبيه، ثم كبر وهما كذلك فيركع، ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما حتى تكون حذو منكبيه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ولا يرفع يديه في السجود ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع حتى تنقضي صلاته ).
حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدثنا محمد بن جحادة حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: ( كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي، قال: فحدثني علقمة بن وائل عن أبي وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا كبر رفع يديه، قال: ثم التحف، ثم أخذ شماله بيمينه وأدخل يديه في ثوبه، قال: فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه، وإذا رفع رأسه من السجود أيضاً رفع يديه حتى فرغ من صلاته ) قال محمد: فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن، فقال: هي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعله من فعله وتركه من تركه، قال أبو داود: روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة، لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد -يعني: ابن زريع- قال: حدثنا المسعودي قال: حدثنا عبد الجبار بن وائل قال: حدثني أهل بيتي عن أبي أنه حدثهم: ( أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبيرة ).
حدثني عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه: ( أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه ثم كبر ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: ( قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر، فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه الأيمن، وقبض ثنتين وحلق حلقة ). ورأيته يقول هكذا وحلق بشر الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة.
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا زائدة عن عاصم بن كليب بإسناده ومعناه، قال فيه: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، وقال فيه: ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه. قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب افتتاح الصلاة
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا وكيع عن شريك عن عاصم بن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة )].
بسم الله الرحمن الرحيم.
رفع اليدين في الصلاة عند التكبيرات هذا سنة، وبعض العلماء يجعلها فرضاً في تكبيرة الإحرام، وهو قول الحنفية، والصواب أنه سنة على سبيل الدوام، سواءً كان ذلك في تكبيرة الإحرام أو غيرها، والرفع يكون عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع والرفع منه والرفع من الركعتين، وجاء في بعض الأحاديث أن النبي عليه الصلاة والسلام يشير في كل خفض ورفع، وهذا لا يصح، وإنما هو في هذه المواضع الأربع، جاء ذلك في حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله، وآكدها تكبيرة الإحرام، باعتبار أنها أعلم لدخول الصلاة، والتكبير والإشارة للتكبير جاءت في أحوال عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومن هذه الأحوال أن يشير بيديه حذو منكبيه، الثانية أن يشير حذو أذنيه، وأما بالنسبة لمصاحبة التكبير للإشارة، فإما أن تكون الإشارة تسبق التكبير، أو التكبير يسبق الإشارة، أو أن يتصاحبا، وكل ذلك جاء الدليل بمعناه عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا حرج فيه.
وأما بالنسبة لاستقبال باطن الكفين القبلة، فهذا لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما جاء موقوفاً على عبد الله بن عمر، كما رواه ابن سعد في كتابه الطبقات، أن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله كان يشير بباطن كفيه للقبلة، وهذا موقوف على عبد الله بن عمر، ولو فعله الإنسان فلا حرج فيه، إلا أنه لا يثبت بالنص عن النبي عليه الصلاة والسلام، وبعضهم يأخذ المعنى من أن النبي عليه الصلاة والسلام يستقبل بأصابع قدميه القبلة، قال: وإذا كان هذا في أصابع القدمين فإنه يكون في أصابع الكفين عند السجود، ويكون أيضاً بباطن الكفين عند الإشارة، وهذه قرينة قد تعضد ما جاء عن عبد الله بن عمر موقوفاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، وحدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى -وهذا حديث أحمد - قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر- قال: أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة قال أبو حميد: ( أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فلم؟ فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعاً ولا أقدمنا له صحبة، قال: بلى، قالوا: فاعرض، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلاً، ثم يقرأ، ثم يكبر، فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع، ثم يرفع رأسه، فيقول: سمع الله لمن حمده، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر، ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها، ويفتح أصابع رجليه إذا سجد، ويسجد، ثم يقول: الله أكبر، ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر، قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم ) ].
حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام هو أدق وأصح حديث في هذا الباب في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، وجمع الروايات والعناية بها ومعرفة الصحيح من الضعيف والشاذ، هذا حسن.
الحديث في وصف صلاة النبي عليه الصلاة والسلام كثيرة، لكن أدقها وصفاً وأصحها سنداً هو حديث أبي حميد الساعدي عليه رضوان الله، ولهذا ذكره البخاري وقطعه في كتابه الصحيح في مواضع عديدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد -يعني: ابن أبي حبيب- عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري قال: ( كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتذاكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: فذكر بعض هذا الحديث، وقال: فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه، ولا صافح بخده، وقال: فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة ).
حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري قال: حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن محمد القرشي و يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء نحو هذا، قال: ( فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة ).
حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم قال: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد قال: حدثنا زهير أبو خيثمة قال: حدثنا الحسن بن الحر حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي أنه كان في مجلس فيه أبوه، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفي المجلس أبو هريرة و أبو حميد الساعدي و أبو أسيد بهذا الخبر يزيد أو ينقص، قال فيه: ( ثم رفع رأسه -يعني: من الركوع- فقال: سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ورفع يديه، ثم قال: الله أكبر فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد، ثم كبر فجلس فتورك ونصب قدمه الأخرى، ثم كبر فسجد، ثم كبر فقام ولم يتورك، ثم ساق الحديث، قال: ثم جلس بعد الركعتين، حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبيرة، ثم ركع الركعتين الأخريين ولم يذكر التورك في التشهد ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: أخبرني فليح قال: حدثني عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد و أبو أسيد و سهل بن سعد و محمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر بعض هذا، قال: ( ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتر يديه فتجافى عن جنبيه، قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه، ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه ) قال أبو داود: روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل لم يذكر التورك، وذكر نحو فليح، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة.
حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا بقية قال: حدثنا عتبة قال: حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد بهذا الحديث، قال: ( وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه ). قال أبو داود: رواه ابن المبارك قال: حدثنا فليح قال: سمعت عباس بن سهل يحدث ولم أحفظه فحدثنيه، أراه ذكر عيسى بن عبد الله: أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد الساعدي .
حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا حجاج بن منهال قال: حدثنا همام قال: حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: ( فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه، فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه ) قال حجاج: وقال همام: وحدثنا شقيق قال: حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما وأكبر علمي أنه حديث محمد بن جحادة، وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه.
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الله بن داود عن فطر عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهاميه في الصلاة إلى شحمة أذنيه ).
حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة أنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي: ( أنه رأى عبد الله بن الزبير وصلى بهم يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع وحين يسجد وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحداً يصليها، فوصفت له هذه الإشارة، فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير ).
حدثنا قتيبة بن سعيد و محمد بن أبان المعنى، قالا: حدثنا النضر بن كثير -يعني: السعدي- قال: ( صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه، فأنكرت ذلك، فقلت لـوهيب بن خالد فقال له وهيب بن خالد: تصنع شيئاً لم أر أحداً يصنعه؟ فقال ابن طاوس: رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه، ولا أعلم إلا أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه ).
حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا عبد الأعلى قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: ( أنه كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ويرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال أبو داود: الصحيح قول ابن عمر ليس بمرفوع].
وجاء عن بعض الصحابة عليهم رضوان الله أنه كان يشير بيديه في كل خفض ورفع، لكنه لا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا في المواضع الواردة في حديث عبد الله بن عمر، جاء ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام في جملة من الأحاديث، كحديث عبد الله بن عباس، وحديث عبد الله بن عمر، وحديث أبي هريرة، وحديث علي و حديث مالك بن الحويرث وغيرها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: وروى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده، ورواه الثقفي عن عبيد الله وأوقفه على ابن عمر، وقال فيه: ( وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه ). وهذا الصحيح، قال أبو داود: ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج موقوفاً، وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب، لم يذكر أيوب ومالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره الليث في حديثه، قال ابن جريج فيه: قلت لنافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن؟ قال: لا، سواءً قلت أشر لي فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك.
حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع: ( أن عبد الله بن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك )، قال أبو داود: لم يذكر رفعهما دون ذلك أحد غير مالك فيما أعلم.
باب: حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن عبيد المحاربي، قالا: حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن بن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر ). قال أبو داود: في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ).
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يبلغ بهما فروع أذنيه ).
حدثنا ابن معاذ قال: حدثنا أبي، ح وحدثنا موسى بن مروان قال: حدثنا شعيب -يعني: ابن إسحاق- المعنى عن عمران عن لاحق عن بشير بن نهيك قال: قال أبو هريرة: ( لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه )، زاد ابن معاذ قال: يقول لاحق: ألا ترى أنه في الصلاة لا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وزاد موسى: يعني: إذ اكبر رفع يديه.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله: ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فكبر ورفع يديه، فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه، قال: فبلغ ذلك سعداً، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني: الإمساك على الركبتين- )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من لم يذكر الرفع عند الركوع
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم -يعني: ابن كليب- عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود: ( ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا معاوية و خالد بن عمرو و أبو حذيفة قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا قال: ( فرفع يديه في أول مرة )، وقال بعضهم: ( مرة واحدة ).
حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا شريك عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود ).
حدثنا عبد الله بن محمد الزهري قال: حدثنا سفيان عن يزيد نحو حديث شريك، لم يقل: (ثم لا يعود) قال سفيان: قال لنا بالكوفة: بعد (ثم لا يعود) قال أبو داود: روى هذا الحديث هشيم و خالد و ابن إدريس عن يزيد لم يذكروا (ثم لا يعود).
حدثنا حسين بن عبد الرحمن قال: أخبرنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة، ثم لم يرفعهما حتى انصرف ). قال أبو داود: هذا الحديث ليس بصحيح.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة رفع يديه مداً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة
حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن قال: سمعت ابن الزبير يقول: ( صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة ).
حدثنا محمد بن بكار بن الريان عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود: ( أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عمه الماجشون بن أبي سلمة عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر، ثم قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله لي إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً لا يغفر الذنوب إلا أنت ) ].
القبض الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام جاء في صور: قبض الكف اليسرى باليمنى، وجاء قبض الساعد اليسرى باليمنى، وأما موضعها فجاء في ذلك جملة من الروايات، ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام شيء، لا يثبت في هذا على الصدر، ولا تحت السرة ولا فوقها، وإنما ثابت في ذلك القبض فقط، فيقبض أينما تيسر له، وهذا ظاهر مذهب الإمام أحمد عليه رحمة الله، ولو وضع الإنسان يده على صدره فلا حرج، أو وضعها على بطنه فلا حرج، أو وضعها تحت السرة فلا حرج، وأصح المرويات التي جاءت في هذا أن يضع فيها تحت السرة، ثم يليها بعد ذلك على الصدر، ثم يليها بعد ذلك على البطن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( اللهم أنت الملك لا إله لي إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك، وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي، وإذا رفع قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صورته وشق سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الخالقين، وإذا سلم من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر ودعا ) نحو حديث عبد العزيز في الدعاء يزيد وينقص الشيء ولم يذكر ( والخير كله في يديك والشر ليس إليك ) وزاد فيه، ويقول عند انصرافه من الصلاة: ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت ).
حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا شريح بن يزيد قال: حدثني شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي ابن المنكدر و ابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل المدينة، فإذا قلت أنت ذاك، فقل: (وأنا من المسلمين) يعني قوله ].
في قوله: (ولم يذكر والخير في يديك)، أو (والخير كله في يديك)؛ لأن الحديث السابق: (والخير كله في يديك) ولم يذكر الخير كله في يديك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ولم يذكر (والخير كله في يديك، والشر ليس إليك)، وزاد فيه، ويقول عند انصرافه من الصلاة: ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت ) ].
مداخلة: هذا الدعاء يكون قبل السلام أو بعد السلام ..
الشيخ: محتمل هذا وهذا، والأظهر أنه بعد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا شريح بن يزيد قال: حدثني شعيب بن أبي حمزة قال: قال لي ابن المنكدر وابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل المدينة، فإذا قلت أنت ذاك، فقل: (وأنا من المسلمين)، يعني قوله: (وأنا أول المسلمين).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن قتادة و ثابت و حميد عن أنس بن مالك: ( أن رجلاً جاء إلى الصلاة وقد حفزه النفس، فقال: الله أكبر الحمد لله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، قال: أيكم المتكلم بالكلمات، فإنه لم يقل بأساً؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله! جئت وقد حفزني النفس فقلتها، قال: لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها ) وزاد حميد فيه: ( وإذا جاء أحدكم فليمش نحو ما كان يمشي، فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه ) ].
وفي هذا دليل على أنه لا حرج على الإنسان أن يحدث ذكراً معيناً وإن لم يلتزمه، فإن الالتزام يحتاج إلى دليل، ذكر معين من المعاني الحسنة، وظاهر قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( أيكم المتكلم بالكلمات؟ ) أن هذا الرجل تكلم بها ابتداءً وبادر بنظمها، فإذا نظم ذكراً أو تسبيحاً أو تهليلاً ولا يلتزمها في عبادة معينة حتى لا يقع في البدعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه: ( أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة -قال عمرو: لا أدري أي صلاة هي- فقال: الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيراً، الحمد لله كثيراً، الحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً ثلاثاً، أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه )، قال: نفثه الشعر، ونفخه الكبر، وهمزه الموتة.
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن مسعر عن عمرو بن مرة عن رجل عن نافع بن جبير عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع ذكر نحوه.
حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: أخبرني معاوية بن صالح قال: أخبرني أزهر بن سعيد الحرازي عن عاصم بن حميد قال: ( سألت عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ قالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام كبر عشراً، وحمد الله عشراً، وسبح عشراً، وهلل عشراً، واستغفر عشراً، وقال: اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة ) قال أبو داود: رواه خالد بن معدان عن ربيعة الجرشي عن عائشة نحوه.
حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا عكرمة قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: ( سألت عائشة: بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ فقالت: كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) ].
هذا من عظيم الدعاء، وتخصيصه في قيام الليل لعظمته، وعظمة الوقت، وقول النبي عليه الصلاة والسلام وهو من هو في مقام النبوة والعبودية: ( اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، والوحي بين يديك )، والمراد من ذلك -والله أعلم- في مواضع الخلاف هي مواضع تنزيل الدليل، وأما الدليل والحجة الظاهرة فهي بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، ولهذا ينبغي للإنسان إذا ملك الدليل أن يتضرع لله عز وجل في التنزيل، وألا يظن أنه إذا ملك الحجة والدليل أنه يملك حينئذٍ أن يضع الدليل في موضعه، فربما وضع الدليل البين الواضح في أمر ليس بواضح، فوقع في ذلك اختلال، والإنسان إذا أراد أن يحكم لا بد له من معرفة أمرين:
الأمر الأول: معرفة الدليل.
الثاني: معرفة موضع الدليل، وما بينهما من الاشتراك في العلة، فإذا أتقن هذا أصاب، والخلل في الأمة هو بفقد أحد الأمرين، أو بفقدهما جميعاً، وأهلية العالم والمصلح بإدراك هذين الأمرين.
وكم من الناس يحتجون بشيء من الأدلة ضعيف ويضعونه في موضع صحيح، وكم من الناس لديهم دليل صحيح، لكن يضعونه في موضع خطأ، ولهذا ينبغي للإنسان أن يتبصر بمعرفة موضع الدليل كتبصره بالدليل حتى لا يحكم في نازلة مع بعد في التعليل، فيقع في ذلك خطأ، وهذا الاشتراك بين الدليل والنازلة يسمى السياسة الشرعية، فما كل دليل يناسب كل موضع، فيتباين، فربما يأخذ الإنسان بعضه أو كله، ويشدد في موضع ويلين في موضع.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا أبو نوح قراد قال: حدثنا عكرمة بإسناده بلا إخبار ومعناه، قال: ( كان إذا قام بالليل كبر ويقول ).
حدثنا القعنبي قال: قال مالك: لا بأس بالدعاء في الصلاة في أوله وأوسطه وفي آخره في الفريضة وغيرها.
حدثنا القعنبي عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال: ( كنا يوماً نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الركوع، قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من المتكلم بها آنفاً؟ فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل، يقول: اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت ).
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا خالد -يعني: ابن الحارث- قال: حدثنا عمران بن مسلم أن قيس بن سعد حدثه، قال: حدثنا طاوس عن ابن عباس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في التهجد يقول بعد ما يقول الله أكبر ) ثم ذكر معناه.
حدثنا قتيبة بن سعيد و سعيد بن عبد الجبار -نحوه- قال قتيبة: حدثنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه، قال: ( صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رفاعة -لم يقل قتيبة: رفاعة - فقلت: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه مباركاً عليه، كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فقال: من المتكلم في الصلاة ). ثم ذكر نحو حديث مالك وأتم منه.
حدثنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شريك عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه، قال: ( عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فقال: الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه، حتى يرضى ربنا، وبعدما يرضى من أمر الدنيا والآخرة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من القائل الكلمة؟ قال: فسكت الشاب، ثم قال: من القائل الكلمة؟ فإنه لم يقل بأساً، فقال: يا رسول الله! أنا قلتها لم أرد بها إلا خيراً، قال: ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك وتعالى )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من رأى الاستفتاح بسبحانك
حدثنا عبد السلام بن مطهر قال: حدثنا جعفر عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثاً، ثم يقول: الله أكبر كبيراً ثلاثاً، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه، ونفثه، ثم يقرأ ). قال أبو داود: وهذا الحديث يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسن مرسلاً الوهم من جعفر .
حدثنا حسين بن عيسى قال: حدثنا طلق بن غنام قال: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك ) قال أبو داود: (وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب لم يروه إلا طلق بن غنام، وقد روى قصة الصلاة عن بديل جماعة لم يذكروا فيه شيئاً من هذا)].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السكة عند الافتتاح
حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن قال: قال سمرة: حفظت سكتتين في الصلاة، سكتة إذا كبر الإمام حتى يقرأ، وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب، وسورة عند الركوع قال: فأنكر ذلك عليه عمران بن حصين، قال: فكتبوا في ذلك إلى المدينة إلى أبي فصدق سمرة، قال أبو داود: كذا قال حميد في هذا الحديث (وسكتة إذا فرغ من القراءة).
حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا خالد بن الحارث عن أشعث عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يسكت سكتتين إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها )، فذكر معنى يونس .
حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا قتادة عن الحسن أن سمرة بن جندب و عمران بن حصين تذاكرا فحدث سمرة بن جندب: أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتين: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، فحفظ ذلك سمرة وأنكر عليه عمران بن حصين، فكتبا في ذلك إلى أبي بن كعب، فكان في كتابه إليهما أو في رده عليهما: أن سمرة قد حفظ.
حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد بهذا، قال: عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فيه: قال سعيد: قلنا لـقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: (إذا دخل في صلاته، وإذا فرغ من القراءة، ثم قال: بعد، وإذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7].
حدثنا أحمد بن أبي شعيب قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة، وحدثنا أبو كامل قال: حدثنا عبد الواحد عن عمارة -المعنى- عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت بين التكبير والقراءة، فقلت له: بأبي أنت وأمي! أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة أخبرني ما تقول؟ قال: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم أنقني من خطاياي كالثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني بالثلج والماء والبرد ) ].
هذا بالنسبة للسكتات، السكتة الأولى: وهي بعد تكبيرة الإحرام آكد وأطول، كذلك السكتة الثانية التي تكون بعد الفاتحة، فالتي بعد الفاتحة تكون لأخذ النفس.
وفي قول النبي عليه الصلاة والسلام هنا: ( اللهم اغسلني بالماء والثلج والبرد )، أخذ منه بعض الأئمة: الوضوء بالثلج، وقد ترجم على هذا النسائي رحمه الله في كتابه السنن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن قتادة عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم و أبا بكر و عمر و عثمان كانوا يفتتحون القراءة بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وكان يقول في كل ركعتين: التحيات، وكان إذا جلس يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقب الشيطان، وعن فرشة السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم ).
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا ابن فضيل عن المختار بن فلفل قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنزلت علي آنفاً سورة، فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1] إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1]، حتى ختمها، قال: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي في الجنة ).
حدثنا قطن بن نسير قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا حميد الأعرج المكي عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة وذكر الإفك، قالت: ( جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف عن وجهه، وقال: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1] إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ [النور:11] الآية )، قال أبو داود: وهذا حديث منكر، قد روى هذا الحديث جماعة عن الزهري لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة من كلام حميد ].
البسملة يستفتح بها لكن لا يجهر بها، وفرق بين الاستفتاح وبين الجهر، ولم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه جهر بالبسملة، والأحاديث الواردة في ذلك لا يحتج بها، وأمثل ما جاء في ذلك هو حديث نعيم عن أبي هريرة عليه رضوان الله، وجاء في المسند والسنن وفي ذكرها تجوز، ربما رويت هذه الرواية بالمعنى، ولهذا جماهير العلماء وعامة السلف من الصحابة على عدم الجهر بالبسملة، وأما ذكرها فتذكر، ولكن تذكر سراً، وهكذا كانت صلاة الخلفاء الراشدين عليهم رحمة الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء فيمن جهر بها
أخبرنا عمرو بن عون قال: أخبرنا هشيم عن عوف عن يزيد الفارسي قال: سمعت ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ( ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين، وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع الطوال ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم، قال عثمان: كان النبي صلى الله عليه وسلم مما تنزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له، ويقول له: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتها في السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ).
حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا مروان -يعني: ابن معاوية- قال: أخبرنا عوف الأعرابي عن يزيد الفارسي قال: حدثنا ابن عباس بمعناه، قال فيه: ( فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها ) قال أبو داود: قال الشعبي و أبو مالك و قتادة و ثابت بن عمارة: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم حتى نزلت سورة النمل، هذا معناه.
حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المروزي وابن السرح قالوا: حدثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير قال قتيبة: عن ابن عباس قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم )، وهذا لفظ ابن السرح].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كتاب الصلاة [7] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
https://audio.islamweb.net