اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فبإذن الله تعالى نتكلم عن صفة الحج، وهو حج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما نلحق فيه بعض الأحكام التي قد تكلم فيها بعض الفقهاء من السلف من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، ولا نريد مسألة إلا وندلل عليها من الكتاب والسنة، ومن أقوال الأئمة من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم كما هو المعتاد.
إن الله جل وعلا قد جعل للإسلام أركاناً، وأكد وجوبها، وهي آكد شرائع الإسلام، والأركان هي ما يبنى عليها البناء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً ) ، وجاء في الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه جبريل فقال: ( ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً )، وكذلك قد جاء هذا في قصة جبريل في سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عمر عن عمر عليه رضوان الله تعالى.
والحج هو من أركان الإسلام، وقد ذكر بعض العلماء أنه يأتي بعد الزكاة في التعظيم والتأكيد، وقد أمر الله عز وجل بالإتيان به كما في قوله سبحانه وتعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97].
وحج بيت الله جل وعلا فرض على كل مسلم عاقل بالغ حر ومستطيع، والحج قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفته أخبار عديدة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حج حجة واحدة بعد هجرته، وقد حج قبل ذلك بمكة، ويأتي الكلام على هذه المسألة.
إذا علم أن الحج ركن يعلم أن في كفر تاركه خلافاً عند العلماء كما هو معلوم، وقد ذهب غير واحد من العلماء إلى أن من ترك الحج كسلاً وتهاوناً ولو من غير جحود أنه كافر خارج من ملة الإسلام، وهذا مروي عن غير واحد من السلف، مروي عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله، وعن سعيد بن جبير و نافع مولى عبد الله بن عمر ، و الحكم بن عتيبة ، ورواية عن الإمام أحمد جزم بها إسحاق بن راهويه ، وهو قول بعض الفقهاء من المالكية كـابن حبيب وغيره.
واعتمدوا في ذلك على ما جاء في قول الله سبحانه وتعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] إلا أنه لا يثبت صراحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكفير تارك الحج خبر.
نعم، قد روى الترمذي عليه رحمة الله تعالى في سننه و ابن جرير و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و البيهقي في الشعب من حديث هلال أبي هشام عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ملك زاداً وراحلة فلم يحج فمات فما عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً )، وهذا الحديث لا يصح إسناده، قد أنكره عامة الحفاظ: فقد أنكره الترمذي عليه رحمة الله تعالى لما أخرجه في سننه، وكذلك قال ابن عدي لما أخرجه في كتابه الكامل قال: هذا الخبر ليس بمحفوظ. وأنكره كذلك الإمام البخاري عليه رحمة الله تعالى في كتابه التاريخ، فقال: هذا منكر. وكذلك أشار إلى ضعفه وإعلاله البيهقي عليه رحمة الله تعالى في كتابه الشعب، فقال: تفرد به هلال أبو هشام، وهو غير محتج به.
وإن كان لهذا من الشواهد ما لا يعضده كحديث أبي أمامة فقد رواه الدارمي في سننه، وكذلك إسحاق بن راهويه في المسند، و الروياني في مسنده أيضاً من حديث عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة ، ويرويه عن عبد الرحمن بن سابط ليث بن أبي سليم ، ويرويه عن ليث شريك بن عبد الله النخعي بنحو حديث علي بن أبي طالب، وهو معلول بعلل عدة، في إسناده: شريك بن عبد الله النخعي ، وكذلك ليث بن أبي سليم ، والصواب كذلك فيه الإرسال كما جزم به غير واحد من الحفاظ، فقد رواه الإمام أحمد في كتابه الإيمان، وكذلك ابن أبي شيبة في المصنف مرسلاً، ولم يذكروا أبا أمامة ، وهذا هو الصواب.
وذكر اليهودية والنصرانية هنا ثابت عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى كما عند أبي بكر الإسماعيلي في الصحيح، فقد رواه من حديث أبي عمرو الأوزاعي عن ابن أبي المهاجر عن عبد الرحمن بن غنم عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى قال: ( من أطاق الحج فلم يحج فما عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً ) .
وأورده بإسناده ابن كثير عند قول الله عز وجل: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] ونقله بإسناده عن أبي بكر الإسماعيلي، وقال: إسناده صحيح. يعني عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى، ولكنه يحمل على الجحود لا على الترك كسلاً وتهاوناً.
وأما ما يحتج به بعض الفقهاء من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جزم بكفر تارك الحج بما جاء عند ابن جرير الطبري في تفسيره من حديث ابن عياض عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيها الناس! إن الله كتب عليكم الحج فحجوا، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أفي كل عام؟ فسكت رسول الله، فكرر عليه مرة ومرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من السائل؟ فقيل: فلان بن فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم، لوجبت، ولو جبت لما أطقتم، ولو تركتموه لكفرتم؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] ) وهذا لا حجة به؛ فإنه لا يصح من جهة الإسناد، ومن جهة المتن؛ لأن فيه تفرداً وغرابة، وكذلك قد جاء عن سعيد بن جبير عند اللالكائي في شرحه أصول اعتقاد أهل السنة، وجاء أيضاً عن عبد الله بن مسعود ، وعن عبد الله بن عباس ، وكلها فيها كلام.
والذي يظهر -والله أعلم- أن من ترك الحج كسلاً وتهاوناً أنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، إذا كان من أهل الوجوب قطعاً فهو على خطر عظيم؛ فإنه إن أدركه عام وموسم حج ولم يحج فرط ولحقه الإثم.
والحج على الفور كما هو قول جمهور العلماء، وظواهر الأدلة من الكتاب والسنة خلافاً لما ذهب إليه غير واحد من الأئمة كالإمام الشافعي عليه رحمة الله تعالى، وقال به عطاء بن أبي رباح وغيره على أن الحج على التراخي ليس على الفور. ومن نظر وتأمل فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وكذلك الصحابة والتابعين من مبادرتهم بأداء الحج واستنفارهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دل ذلك على تأكيده، وهذا ظاهر بين، ومن نظر إلى من جاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم من الفجاج والطرق، وجاء من نجد ومن اليمن وغيرها تبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم واقتداء به، بل تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء وهن في أشهرهن الأخيرة من الحمل، كما في قصة أسماء بنت عميس كما جاء في الصحيح وغيره.
من شروط وجوب الحج: البلوغ والعقل، وقد ذكر بعض العلماء عن بعض الأئمة الأربعة أنه لا يرى صحة حج الصبي، كما نقل ابن بطة عن أبي حنيفة عليه رحمة الله تعالى، فهذا القول فيه نظر؛ فـأبو حنيفة ممن يقول بصحة حج الصبي، كما نقل الإجماع على ذلك الطحاوي عليه رحمة الله تعالى -وهو حنفي- في كتابه شرح معاني الآثار، فقال: أجمع العلماء على صحة حج الصبي. وهو من أئمة الحنفية، ومن أعلم الناس بأقوال أبي حنيفة عليه رحمة الله، ولعل ما نقله ابن بطة عليه رحمة الله تعالى من الوهم، أو أراد من كان صِغره شديداً كمن كان في مهده ونحو ذلك، فإن هذا أيضاً فيه نظر لمعارضته لصريح الدليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمجنون قد ذهب الإمام أحمد في رواية - وهو الصواب - إلى أن حجه صحيح، ويكتب له الأجر؛ قياساً على الصبي، وإنما جاء النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي؛ لأن ورود الجنون على الناس نادر جداً، وأما الصبي والصغير فيكثر فلا تخلو دار من صبي صغير؛ ولهذا ورد السؤال عن الصبي ولم يرد السؤال عن المجنون؛ لقلة وروده، والقياس هنا معتبر، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بأخذه خاصة فيما يتعلق الأجور وسعة رحمة الله سبحانه وتعالى؛ ولذا قال الله جل وعلا: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ [الحشر:2] .
ويجب على الصبي إن حج، والمجنون إذا عقل، والأعرابي إذا هاجر أن يحج حجة أخرى بالنص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد و البيهقي و الدارقطني وغيرهم من حديث عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة أخرى، وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى ) وهذا الخبر -وإن لم يصح مرفوعاً- فله حكم الرفع، وهذا قد اختلف العلماء عليهم رحمة الله تعالى في صحته مرفوعاً وموقوفاً، وإن كان عامة النقاد على أنه لا يصح مرفوعاً، والصواب فيه الوقف وهو الصواب، نص على ذلك غير واحد من الأئمة كـابن المنذر والإمام أحمد و الدارقطني وغيرهم، ومال بعضهم إلى صحته مرفوعاً، وهو ظاهر كلام الإمام الحاكم عليه رحمة الله تعالى، وكذلك ابن خزيمة وغيره؛ وذلك أنه قد تفرد به محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة بن الحجاج عن سليمان الأعمش عن أبي ربيعة عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى، فقالوا: إنه قد تفرد به محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع كما قال ذلك الإمام الطبراني عليه رحمة الله تعالى حينما أخرجه في كتابه المعجم، وكذلك الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد حينما أخرجه، ونص على إعلاله مرفوعاً الدارقطني عليه رحمة الله تعالى في كتابه العلل، إلا أن له حكم الرفع، وذلك أنه قد رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى من حديث أبي معاوية عن الأعمش عن أبي ربيعة عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى أنه قال: احفظوا عني ولا تقولوا: قال عبد الله بن عباس. ومراده بذلك أنه يرويه عمن فوقه ممن يحتج بقوله، ولا أحد فوقه ممن يحتج بقوله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا بلغ الصبي في أيام الحج في يوم عرفه أو قبلها فحجه صحيح عند جماهير أهل العلم، وهو قول إمام أهل المناسك عطاء بن أبي رباح ، وكذلك قتادة بن دعامة السدوسي كما روى سعيد بن أبي عروبة في كتابه المناسك عن قتادة و عطاء أن حجه صحيح، وهذا مروي عن الإمام أحمد ، وكذلك الإمام مالك وغيرهما.
وقال بعضهم: إن حجه صحيح إذا جدد إحرامه، وهو مروي عن أبي حنيفة عليه رحمة الله.
وتجديد الإحرام وتجديد النية تقييده فيه نظر، والصواب أن حجه صحيح؛ لأن الأمر متعلق بصحة التلبس بالعمل، فإذا صح منه صبياً صح منه كبيراً، والعبرة هنا بالإجزاء لا من جهة الصحة، فلو كان الأمر يتعلق بالصحة للزم استحضار النية، فإذا كان العمل صحيحاً فلا حاجة أن يقال: إنه يجب عليه أن يستحضر النية.
من شروط وجوب الحج: الاستطاعة، ومفهوم الاستطاعة أن يكون مستطيعاً قادراً على الحج، وهذا ظاهر قول الله سبحانه وتعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] فقيد الله سبحانه وتعالى أمره وكذلك ما يقع في الكفر على من انتفى فيه شرط الوجوب، وهو الاستطاعة مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] أي: إلى بيت الله سبحانه وتعالى، والاستطاعة في كلام الله سبحانه وتعالى لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لها تفسيراً من وجه يصح، وإن كان قد أخرج الحاكم في مستدركه، وكذلك قد رواه الدارقطني في سننه من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الاستطاعة هي الزاد والراحلة ) وهذا الخبر لا يصح موصولاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصواب فيه الإرسال، فقد رواه الدارقطني من حديث جعفر بن عبد الله عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن البصري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وقد جاء من وجه آخر موصولاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث قتادة عن أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى، والصواب فيه الإرسال، صوب إرساله الدارقطني عليه رحمة الله تعالى وغيره.
وأمثل ما جاء في الاستطاعة ما رواه ابن جرير الطبري في تفسيره من حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس أنه قال في قول الله عز وجل: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97] قال: الاستطاعة أن يسلم الله عز وجل الإنسان بدنه، وأن يكون له زاد وراحلة من غير أن يجحف به. والمراد بذلك من غير أن يجحف به كأن يكون ثمة أضرار مثل أن يضيع من يملك قوته، فإنه حينئذ يسقط عنه الحج، ومن كان عليه دين فإنه لا يجب عليه الحج، ويجب عليه وفاء دينه، إذا كانت نفقة الحج تستوفي ذلك الدين، وأما إذا كان الدين عليه كثيراً، وذلك المال الذي يحج به قليلاً فإن الأولى في حقه أن يدفع المال لمستحقه؛ لأن حقوق الناس مبنية على المشاحة، وحقوق الله سبحانه وتعالى مبنية على المسامحة، ولا يجب عليه الحج، وإن كان مديناً بقناطير مقنطرة، ولا يملك لها وفاء، وملك مبلغاً يسيراً فيؤديه لمن له الدين؛ فإن الديون لابد من قضائها يوم القيامة، وقضاؤها يكون بالحسنات كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الشهيد يغفر له كل ذنب قد اقترفته يمينه إلا الدين ) فلابد من قضائه يوم القيامة؛ وذلك لتعلقه بحقوق الناس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر وحث على قضاء الديون قبل وفاة الإنسان، أما استئذان صاحب الدين فلا أعلم أصلاً لا من الكتاب، ولا من السنة، ولا من أقوال السلف، ولا من أقوال الأئمة الأربعة، خلافاً لما يذكره بعض الفقهاء أنه ينبغي لمن كان عليه أن يستأذن من صاحب الدين، وهذا لا أصل له، إلا أن يكون المقصود بالاستئذان هو أن يتحلله، فالتحلل أمر آخر، فالاستئذان لا وجه له، فليس عبداً عنده رقيقاً حتى يستأذنه، ولا أصل لذلك ولا دليل عليه.
من شروط وجوب الحج شرط خاص بالمرأة وهو: وجود المحرم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع محرم )، وقد استثنى بعض العلماء أن تحج المرأة مع مجموعة من النساء، والقائم عليهن ثقة عدل صادق صالح مأمون، فإنه يستثنى من ذلك، وهذا هو الصواب، يستثنى من ذلك جواز ذهابها لا فرضية وجوبها، وإن كان قد ذهب بعض الفقهاء من الشافعية إلى فرض وجوب الحج عليه إذا كان ثمة من النساء، والقائم عليهن ثقة أنه يجب عليها الحج، والصواب أنه لا يجب عليها، لكنه يؤكد في حقها الحج، ويرتفع الوجوب لعدم وجود المحرم، نص على ذلك غير واحد من الأئمة كالإمام مالك ، وكذلك الإمام أحمد و الشافعي وغيرهم، نص على ذلك الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى في رواية، وذهب إلى هذا عبد الله بن عمر بن الخطاب، وذهب إلى هذا أيضاً أمهات المؤمنين كـعائشة ، وهو قول عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف و القاسم بن محمد وغيرهم أنه يجوز للمرأة أن تحج إذا كانت مع مجموعة من النساء، والقيم عليهن ثقة.
ولا يجوز للرجل أن يمنع امرأته من حج الفريضة إذا وجدت محرماً كأخ أو أب ونحو ذلك، وهل يجب عليه أن يخرج مع زوجته أم لا؟ على خلاف عند العلماء، ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجب عليه، وذهب الإمام أحمد إلى الوجوب، واستدلوا بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أن رجلاً اكتتب في غزوة كذا وكذا، وامرأته حاجة، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحج مع امرأته ) ، وقوله: ( اكتتب في غزوة كذا ) أي: أنه فُرض عليه من الجمع والتأكيد؛ ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ [البقرة:216] أي: فرض الله سبحانه وتعالى عليكم؛ ولهذا يقول الشاعر:
لا تأمنن فزارياً خلوت بهعلى قلوصك واكتبها بأسيار
أي: واشدد عليها، أي: إنه أُكد عليه من جهة الحج، ومن جهة الجهاد، فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذهاب إلى الجهاد، مع أنه قد اكتتب فيه إلى الحج مع امرأته، وهذا دليل ظني فيما يظهر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رخص له، وقد يرخص النبي عليه الصلاة والسلام لمن كان مكتتباً في غزوة لئن يبقى في المدينة كأن يقوم يؤم الناس، أو يحرس أعراض المسلمين أو أموالهم، ونحو ذلك.
وإذا شرعت المرأة بالحج فليس له منعها؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالإتمام، فقال الله عز وجل: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، والإتمام واجب حتى في حج وعمرة النافلة، فيجب الإتيان به على وجه التمام كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه البخاري معلقاً، ورواه البيهقي و ابن أبي شيبة من حديث إبراهيم عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى رخص لأمهات المؤمنين أن يحججن مع عثمان و عبد الرحمن بن عوف ، وهذا دليل على الترخيص إذا كانت المرأة مع مجموع من النساء.
وجاء عند ابن أبي شيبة من حديث نافع عن عبد الله بن عمر أنه حج معه نساء ليس معهن محرم. وهذا إسناده صحيح، وجاء عن عائشة عليها رضوان الله تعالى وفيه إرسال، انقطاع من حديث يونس عن الزهري عن عائشة عليها رضوان الله تعالى، وفيه كلام.
تقدم أن الحج على الفور، ويجب على الإنسان إن أدركه وقت الحج وهو مستطيع وقد توفرت فيه الشروط أن يحج، وإن لم يحج فقد أثم، ومن قال بالتراخي فقوله مرجوح، وذلك أن فرضية الحج على الأعيان لا يمكن تقديرها إلا بالمبادرة والفورية، وأما إذا قيل: إنه على التراخي فمتى يأثم الإنسان، وإذا علقنا الأمر بالتراخي والقدرة فإن النبي عليه الصلاة والسلام قد روي عنه كما جاء عند الإمام أحمد من حديث إسماعيل بن خليفة عن أبيه عن فضيل عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أراد الحج فليتعجل؛ فإن الإنسان لا يدري ماذا يعرض له ) ربما مرض ونحو ذلك، وفي هذا إشعار وإن كان الخبر فيه إعلال، وجاء له شاهد عند أبي داود من حديث مهران أبي صفوان عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أراد الحج فليتعجل ) ، وجاء في لفظ آخر وهو حديث عبد الله بن عباس السابق ( تعجلوا بالحج -يعني الفريضة-؛ فإن الإنسان لا يدري ماذا يعرض له ) ، وفي تعليقه في هذا الخبر ( تعجلوا بالحج -يعني الفريضة-؛ فإن الإنسان لا يدري ماذا يعرض له ) أنه ربما عرض له مرض ونحو ذلك فحصل له من التسويف الذي يحاسب عليه؛ ولهذا أمر بالتعجل، وإن كان في الخبر علة في طريقه الأول وطريقه الثاني أيضاً، إلا أن ظاهر استنفار رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على الفورية.
كذلك أن قول التراخي فيه من عدم ظهور الحكمة؛ فإن الله سبحانه وتعالى حينما أمر بالحج، وقيل: إن الإنسان يعذر إذا مد الله عز وجل في أجله، وما جاءه موت الفجأة في الستين والسبعين ونحو ذلك، قيل من المكلف بالحج إذا كان الإنسان يعذر إذا مات وهو صحيح، هل يعذر إذا كان الإنسان قد هرم وسقط هذا ما قال به أحد من العلماء، فارتباط أداء الحج وفرضيته يكون بالاستطاعة وإدراك الوقت، وإن لم يؤده مع قدرته عليه أثم.
وينبغي للمؤمن على كل وجه أن يبادر بأداء الحج؛ لما فيه من الفضيلة والمنقبة والأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قد روى الإمام أحمد و البخاري و مسلم من حديث أبي حازم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كما ولدته أمه ) ، وجاء أيضاً في الصحيحين في البخاري و مسلم ، ورواه الإمام مالك أيضاً في الموطأ وعنه البخاري و مسلم من حديث مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).
وقرن الله سبحانه وتعالى الحج بالإسلام من جهة تكفير الذنوب، وكذلك بالهجرة كما جاء في قصة استحضار عمرو بن العاص عليه رضوان الله تعالى في صحيح الإمام مسلم من حديث ابن شماسة المهري عن حبيب عن عمرو بن العاص عليه رضوان الله تعالى أنه لما حضرته الوفاة تذكر حياته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( إني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! -وقد مددت إليه يدي ثم قبضتها- فقال لي: ما لك يا عمرو؟ فقلت: يا رسول الله! إني أريد أن أشترط، قال: وما تشترط؟ قال: إني أريد أن أشترط أن يغفر لي ذنوبي، فقال: أما تعلم يا عمرو! أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما قبلها، وأن الحج يهدم ما قبله ) .
ومقارنة النبي عليه الصلاة والسلام الحج بهاتين الشعيرتين العظيمتين: أولهما: الإسلام الذي لا يمكن أن يتحقق فيه للإنسان نجاة وفوز مطلقاً إلا به، والهجرة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها، بل بين أن من لم يهاجر وهو قادر عليها أنه من جملة الكافرين المنافقين الخارجين عن الإسلام من أهل مكة كما جاء في آيات الوعيد المعروفة في كلام الله سبحانه وتعالى.
وقرنها عليه الصلاة والسلام مع هذين لفضل الحج؛ ولهذا قد ذهب جماعة من العلماء إلى أن الحج يكفر الصغائر والكبائر، وهذا هو الصحيح، وهذا مروي عن مطرف وعن الحسن ، وذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم.
والذي ينبغي للإنسان أن يكون متجرداً من النيات السيئة، ومتجرداً من الهوى وطلب الدنيا ومطامعها، وأن يكون حجه بمال حلال؛ فإن الله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، قد روى الإمام مسلم في الصحيح من حديث عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51] ، وأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172] فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له ) ؟!
وقد ذهب الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى إلى أن من حج بمال حرام أن حجه ليس بمبرور، واتفق العلماء من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أن حجه صحيح، لكنه ليس بمبرور، يعني: لا يندرج تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( والحج المبرور ليس جزاء إلا الجنة ) ، ولا يأتي تحت قوله عليه الصلاة والسلام: ( من حج ومن لم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كما ولدته أمه )؛ لأنه قد ركب مطية، وأحرم من مال حلال، وتزود وأكل وشرب بمال حرام، فالله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وهذا أمر ينبغي أن يتنبه له الإنسان.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم لفضل الحج قد حج قبل ذلك، قيل: إنه على ما علمه من ملة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد من حديث سفيان عن زيد بن حباب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج: حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعد أن هاجر ) ولكن إسناده ضعيف، والصواب فيه الإرسال، كما أعله الإمام البخاري عليه رحمة الله تعالى في كتابه التاريخ فقال: إنما هو عن مجاهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكن ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حج قبل هجرته كما في صحيح البخاري من حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه قال: أضللت بعيراً لي بمكة، فذهبت في يوم عرفه، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً بعرفة مع الناس، وقريش بمزدلفة، فقلت: والله إن هذا لمن الحمس ما الذي جاء به هاهنا، ومعلوم أن قريشاً يسمون الحمس، والحمس هم الذين شددوا على أنفسهم، مأخوذ من الحماس أو الذين تحمسوا وشددوا على أنفسهم، فكانوا لا يخرجون من الحرم، وحدود الحرم هي أطراف مزدلفة، ففي عرفة يقفون بمزدلفة ويقولون: نحن أهل الله وأهل حرم الله فلا نخرج من حدود الحرم، وهذا من الجاهلية مما غُيِّر من مشاعر الحج مما كان عليه أهل الحنيفية السمحة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وقف مع بقية العرب الذين حجوا بعرفة، معارضاً ما كان عليه كفار قريش عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على أنه قد حج قبل ذلك، لكن كم حجة حجها عليه الصلاة والسلام؟ الله أعلم، ولكن يدل على فضيلة الحج وتأكده، ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى لم يفرض الحج على عباده إلا بعد الهجرة، على خلاف: هل هو في السنة السادسة أو في الثامنة أو في التاسعة، والصواب أنه في السنة التاسعة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر و أبا هريرة ومن معه بأن يحجوا، وأن ينادوا: ( ألا يحجنَّ بعد هذا العام مشرك، وألا يطوف في البيت عريان).
الحج يجب أن يتلبس الإنسان بنسكه في أشهر الحج، وألا يحرم قبل ذلك، لقول الله سبحانه وتعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197] .
وأشهر الحج ثلاثة: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة على قول جمهور العلماء، وذهب الإمام مالك في رواية أو الشافعي إلى أن ذا الحجة يكون كاملاً، والثابت عن الصحابة ولا أعلم مخالفاً أن ذا الحجة إلى عشرة، قد روى البيهقي و الدارقطني من حديث نافع عن عبد الله بن عمر، وجاء أيضاً من حديث عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال في قول الله سبحانه وتعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197] قال: هي شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة. فهذه التي يحرم فيها الإنسان للحج، وإن أحرم قبل ذلك للحج فعلى خلاف عند العلماء، فمنهم من قال: إن إحرامه يكون عمرة، ويجب عليه أن يحرم بعد ذلك، ومنهم من قال: إن حجه صحيح، وهذا رواية عن الإمام أحمد عليه رحمة الله، والذي يظهر -والله أعلم- أن حجه ليس بصحيح، وأنه يجب عليه أن يحرم في أشهر الحج، فهذا هو ظاهر القرآن الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197] .
والحج يبتدئ من النية وهي الإحرام، وينتهي بانتهاء مناسك الحج من أعمال أيام التشريق، مما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمله.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومعه فئام من أصحابه، وأمر بأن يقتدى به فقال عليه الصلاة والسلام: ( خذوا عني مناسككم )، فالذي ينبغي للإنسان ألا يحج منفرداً، بل يكون مع جماعة، كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نهى الرجل أن يسافر وحده )، وكلما كثر الناس كثر الخير في كل حال، سواء كان في دار إقامة، أو في سفر، وجاءت نصوص كثيرة باستحباب الجماعة، ومكاثرة الناس في كل حال، حتى في أكل الطعام، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أفضل الطعام ما كثرت عليه الأيدي )؛ وذلك للبركة والقوة والتيمن بالجماعة؛ فإن الإنسان يجد العزيمة والقوة حينما يرى من حوله.
وقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحج معه فئام كثير من أصحابه عليهم رضوان الله تعالى ممن أراد التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته، كلهم يريد أن يتأسى به؛ لأنها هي الحجة الأولى بعد فرض الحج لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي أمر بالاقتداء به عليه الصلاة والسلام بقوله: ( خذوا عني مناسككم )؛ ولهذا وقع الخلاف في كثير من المسائل المستحبة في الحج، وفي بعض الواجبات ونحو ذلك؛ لأن المشرع هو الرسول عليه الصلاة والسلام لا مشرع إلا هو في ذلك المنسك، وقد حج معه فئام كثيرة، حتى قيل: إنهم بلغوا مائة وعشرين ألفاً حجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلهم يريد أن يقتدي به عليه الصلاة والسلام، فيفعل ما يفعل، ومنهم من وقع عنده الوهم: هل فعل النبي عليه الصلاة والسلام هذا، كما جاء في التلبية.
وعلى الحاج أن يحرم من الميقات، أو ما حاذه إذا لم يستطع الإتيان إليه، والمواقيت التي قدرها النبي عليه الصلاة والسلام لأهل البلدان قد جاءت في حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى في الصحيحين وغيرهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمهله من أهله، وأهل مكة من مكة ).
المواقيت وقتها رسول الله، إلا ميقات أهل العراق فوقته عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى على الصحيح الثابت، ولم يوقته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن المواقيت، قال: وأحسبه رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ( مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، وأهل اليمن يلملم، ومهل أهل العراق من ذات عرق ) وهذا وإن كان في مسلم فذكر العراق فيه غلط، وقد أعله الإمام مسلم بنفسه في كتابه التمييز، قال: وما روينا من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت ذات عرق فلا يثبت منه شيء.
كذلك قال بعدم ثبوته الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى كما نقله عنه ابن عدي في كتابه الكامل، وكذلك الأثرم في مسائله وغيرهما.
وقد جاء لهذا الطريق الذي أخرجه الإمام مسلم طرق أخرى، منها ما أخرجه ابن ماجه في سننه من حديث إبراهيم بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر بنحو حديث جابر بن عبد الله الذي قد أخرجه في مسلم ، وفي إسناده إبراهيم بن يزيد ، وهو غير محتج به.
وجاء عند أبي داود و النسائي في سننيهما من حديث أفلح بن حميد عن القاسم ، و أفلح قد تفرد بهذا الخبر، وقد أخرج هذا الحديث ابن عدي في كتابه الكامل، ونقل عن الإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى أنه أنكره.
وكذلك قد روى إسحاق بن راهويه في كتابه المسند من حديث عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال: حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت ذات عرق ) وهذا خبر منكر، وإن كان إسناده على شرط البخاري من حديث مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ، فقد تفرد به عبد الرزاق ، وخالف فيه سائر أصحاب مالك ، فكلهم لا يذكرون ذات عرق إلا عبد الرزاق .
كذلك قد توبع الإمام مالك عليه رحمة الله تعالى عن نافع عليه، وتابعه أيوب بن أبي تميمة السختياني، وكذلك ابن عون ، وابن جريج، و عبد العزيز بن أبي رواد ، وغيرهم عن نافع عن عبد الله بن عمر، بل قد رووا غير واحد عن عبد الله بن عمر، ولم يذكروا ذات عرق، رواه سالم بن عبد الله بن عمر و ابن دينار ، ولم يذكروا ذات عرق، فدل على وهم عبد الرزاق عليه رحمة الله تعالى في هذا الخبر.
وقد جاء أيضاً من حديث عطاء عن عبد الله بن عباس ، وفي إسناده نظر وهو معلول.
وعموماً لا يصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت ذات عرق.
والصواب فيه ما أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمر أن أهل العراق جاؤوا إلى عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى فقالوا: يا أمير المؤمنين! إنا إذا أردنا الحج، وأردنا قرناً جارت عن طريقنا، فوقت لنا، فقال عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى: انظروا حذوها، فوقت لهم ذات عرق. وفي اكتفاء الإمام البخاري عليه رحمة الله تعالى بالموقوف، وترك المرفوعات دليل على إنكارها، وأنه لا يثبت فيها شيء، كطريقة الإمام مسلم عليه رحمة الله تعالى حينما أعل ما جاء في الباب كله.
وهذا الذي قد نص عليه وجزم به الإمام الشافعي عليه رحمة الله تعالى، فقال في كتابه الأم: حدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عبد الله بن طاوس عن طاوس بن كيسان أنه قال: لم يكن عراق يومئذ، إنما وقت الناس ذات عرق بعد ذلك. يقول الإمام الشافعي عليه رحمة الله تعالى لما أخرج خبر طاوس قال: ولا أحسبه إلا كما قال طاوس. يعني العراق لم يكن ثمة موجوداً، ولم يوقته رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا يقال: كل موضع يحاذي الميقات، كأن يكون أهل بلد لا يستطيعون أن يأتوا إلى الميقات المحدد فإنه لا حرج عليهم أن يحرموا مما يحاذي ذلك الميقات، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قد اغتفر ذلك لمن دونه، فجعل كل ما دون تلك المواقيت ميقاتاً لأهله، وهذا من باب التوسعة، وتوسعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى دليل على ذلك، فلا يشدد في هذا، سواء ممن كان محاذياً للميقات عن طريق الجو أو عن طريق البر، فإنه يحرم إذا حاذى الميقات، ولا حرج عليه، فإذا كان فيه مشقة -وإن كانت يسيرة- فإنه يحرم ولا شيء عليه للتيسير في ذلك.
وإن أحرم الإنسان قبل الميقات من بلده، كأن يكون بطائرة أو في سيارة ولا يعلم هل يوقظونه أم لا؟ أو يخشى على نفسه النوم، أو يخشى أن الذي يخبر بالمحاذاة غير دقيق ونحو ذلك، فيريد أن يحرم من بلده احتياطاً فلا حرج عليه، ثبت عن عبد الله بن عمر أنه أحرم من بيت المقدس، جاء بإسناد صحيح عنه من حديث نافع عن عبد الله بن عمر ، أن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى أهل من بيت المقدس.
وجاء عن عمران بن حصين أنه أهل من مصر، وقد أنكر عليه عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى ذلك.
ومن أحرم من قبل الميقات فحجه وإحرامه صحيح باتفاق الأئمة، إلا قولاً لـابن حزم عليه رحمة الله تعالى فإنه قال: حجه صحيح، لكن يجب أن يجدد الإحرام إذا حاذى أو دخل أو كان محاذياً للميقات، والصواب أن حجه صحيح؛ لأنه قد زاد على ذلك، إلا أن الأولى والمتأكد أن يحرم الإنسان من الميقات، وإذا حاذاه.
ومن كان دون المواقيت فإن مهله من موضعه: من داره، من قريته، من بلدته، كأصحاب الحرة، وبحرا وغيرهم، فإنهم يحرمون منه، وكذلك أهل جدة يحرمون من مكانهم، ولا شيء عليهم في الحج والعمرة، وأهل مكة من مكة في الحج فقط، بخلاف العمرة، العمرة باتفاق العلماء أنهم يجب عليهم أن يخرجوا إلى الحل لا أن يحرموا من أماكنهم باتفاق العلماء، ولا أعلم من خالف في ذلك إلا بعض المتأخرين كالإمام الصنعاني عليه رحمة الله، ولا أعلم من سبقه إلى هذا القول سوى ما يُفهم من كلام البخاري عليه رحمة الله تعالى قال: باب مهل أهل مكة للحج والعمرة. فأورد حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى ( هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، وأهل مكة من مكة ) قيل: إنه يرى هذين، وهذا فيه نظر، الإمام البخاري عليه رحمة الله تعالى صاحب اقتداء، وصاحب سنة، وصاحب اتباع حتى للصحابة، فهو يورد ربما بعض المعلقات التي فيها ضعف؛ استئناساً لقوله.
فأهل مكة يجب عليهم أن يخرجوا إلى الحل في العمرة فقط، أما في الحج بالاتفاق أنهم يهلون من بيوتهم، وهذا هو ميقاتهم.
وإهلال الإنسان عن نفسه أو عن غيره لا يشترط في صحته شيء، وأما ما يشترطه بعض الفقهاء -وهو رواية عن الإمام أحمد ، وظاهر المذهب، وقال به إسحاق وغيره- من أن الإنسان إذا لم يحج عن نفسه، وأراد أن يهل بالحج عن غيره أن حجه ينصرف إلى نفسه، ويجب عليه أن يحج عمن استنابه، وهذا فيه نظر، ولا دليل عليه، بل إن حجه عمن استنابه هو آثم إذا كان مستطيعاً، وجاء إلى البيت العتيق ولم يحج عن نفسه؛ لأنه قد فرط.
وأما حديث ( لبيك عن شبرمة ) فهذا حديث لا يصح مرفوعاً، بل الصواب فيه الوقف باتفاق النقاد كـأحمد و ابن معين و ابن المنذر و الطحاوي و الدارقطني وغيرهم.
والحديث فيه كلام، وقد تفرد به عبدة بن سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس ، واختلف فيه مرفوعاً وموقوفاً.
وقد رواه غير واحد عن سعيد مرفوعاً موقوفاً وهو الصواب، ورواه عبدة موقوفاً، وقد توبع عليه في وقفه قد رواه غندر محمد بن جعفر موقوفاً وهو الصواب، كما نقل الأثرم ذلك عن الإمام أحمد ، وكذلك جاء عن يحيى بن معين ، بل قال ابن المنذر : إنه لا يثبت مرفوعاً، وأعله كذلك الإمام الطحاوي كما في كتابه شرح معاني الآثار، وذهب بعض الحفاظ المتأخرين إلى صحته مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصواب فيه الوقف.
وقوله: ( لبيك عن شبرمة ) ، -وقوله إن صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-: ( حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة ): هذا فيه تأكيد على أن الحج على الفور، لو صح مرفوعاً، هذا وجه.
الأمر الثاني: أنه ليس فيه أن تلبيته فاسدة، وأن حجه فاسد عمن استنابه أن ينصرف إلى نفسه، هذا لا دليل عليه، بل إن الإنسان إذا حج عن غيره، ولم يحج عن نفسه يقال: لا يخلو من حالين: إذا كان مستطيعاً فهو آثم، وحجه صحيح عمن استنابه، وإذا كان غير مستطيع فحجه صحيح عمن استنابه، وليس بآثم، كأن يكون الإنسان فقيراً لا يملك المال، فأعطاه شخص مالاً ليحج عنه، فإن هذا لا حرج فيه، ولا إشكال، وهذا الذي عليه -فيما يظهر- عمل السلف عليهم رحمة الله.
ومن قال بأن النية تنقلب هذا لا نظير له، لا أعلم عبادة يفعلها الإنسان ثم تنقلب إلى غيره، أو تنقلب له مع أنه نوى لفلان، أما التمسك بظاهر النص في قوله: ( حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة ) هذا توجيه لا تعلق له بنية الإنسان في عمله هذا، إما انه يدرك نفسه، وإذا أراد أن يتطوع عن غيره أنه يفسخ حجه ذلك، وينوي عن نفسه فإنه حينئذ لا إشكال، أما أنه يحرم ويطوف ويسعى ويأتي بالمناسك كلها، ثم يقال له: إن هذا الحج لك ليس لفلان، هذا لا نظير له في الشرع في سائر أنواع العبادات.
ثمة لهذا نظير جاء عن أنس بن مالك ، لكنه ليس في الحج، وقد استنكره الحافظ ابن رجب في كتابه الفتح، ولا حاجة للإطالة في هذه المسألة ونظيراتها، وكلام العلماء فيها، ويكفي جريها على قواعد الشرع من الكتاب والسنة.
ويستحب للإنسان أن يكون إحرامه بعد صلاة فريضة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أتاني آت من ربي أن صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة ) وعمرة في حجة يعني: قراناً، ونسك رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو القران.
وقد اختلف العلماء في أيها أفضل القران أو التمتع أو الإفراد؟ يقال: لابد من تحرير المسألة من جهة ما اتفقوا عليه:
أولاً: اتفق العلماء على أن من اعتمر قبل أشهر الحج، ثم رجع إلى أهله أن الأفضل في حقه الإفراد؛ لكي يكون عمرة الإسلام وحج الإسلام كل في سفرة واحدة، قال بعض العلماء: وهذا هو معنى قول الله سبحانه وتعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] أي: كل واحدة تكون تماماً بسفر مستقل، قد روى البيهقي من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى أنه قال في قول الله عز وجل: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] قال: أن تحرم بهما من دويرة أهلك، وروي عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى ولا أعلم له إسناداً، يذكره الفقهاء ولا أعلم له إسناداً عنه عليه رضوان الله تعالى.
ثم قد اختلف العلماء في النسك، فذهب الإمام أحمد إلى أن التمتع أفضل، بل روي عنه رواية بوجوبه، وهو قول عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى، وذهب أبو حنيفة إلى أفضلية القران، قال: لأنه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهب الإمام مالك و الشافعي إلى أن الأفضل هو الإفراد، وأغرب ابن حزم الأندلسي حينما قال: إن الإفراد منسوخ، ولا يوجد نسك اسمه الإفراد؛ وذلك لأن أبا بكر و عمر و عثمان كلهم قد حجوا مفردين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الخلفاء الراشدون أئمة كبار لا يعلمون أن الإفراد نسخ، ولم يعلمه إلا أهل الظاهر هذا أبعد ما يكون، بل جاء النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( والله ليهلن ابن مريم من فج الروحاء حاجاً أو معتمراً، أو ليثنيهما ) و ( حاجاً أو معتمراً ) حاجاً يعني: مفرداً، وهذا يدل على أنه باقٍ، والحكم باقٍ، حتى يأتي ابن مريم وينزل ويحج بأحد هذه الأنساك الثلاثة، ويدل أنه كان يأخذه حتى النسك حج البيت العتيق مما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم.
ويسن أن يكون الإحرام بعد صلاة الفريضة، ويبدأ التلبية.
وهل للإحرام سنة صلاة أم لا؟ أولاً اتفق العلماء على مشروعية الصلاة عند الإحرام، واختلفوا في حقيقة الصلاة، حكى ابن جماعة اتفاق العلماء على سنية الصلاة على خلاف في حقيقتها، هل يستحب أن يقصد الإنسان تحين وقت فريضة ليأتي إلى الميقات ليصلي؟ أم ينتظر حتى تأتيه فريضة وإن كان في غير وقت الصلاة، حتى تأتي الفريضة ثم يصلي ثم يحرم؟ هذا هو الصواب أنه ينتظر وقت فريضة؛ لهذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صلى الظهر بالمدينة، ثم جاء إلى ذي الحليفة فصلى فيها العصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم أحرم بعد صلاة الظهر ) كما جاء في صحيح الإمام مسلم وغيره.
وأما صلاة ركعتين خاصة بالإحرام فلا أعلم من عمل بذلك من الصحابة، وإن كان قد روي عن بعض السلف كـسعيد و طاوس و عطاء وغيرهم أنه يستحب أن يصلي ركعتين للإحرام إذا لم يصادف فريضة، وأغرب بعض المتأخرين فجاء بقول لم يأت به الأوائل وقال: إن صلاة الإحرام هي خاصة بذي الحليفة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بأن يصلي في هذا الوادي المبارك فقط، فهي البركة لهذا الموقع، فإذا أحرم من الجحفة، وأحرم من يلملم لا يصلي، وهذا قول غريب لا يعول عليه.
وتكون التلبية بعد صلاته، وقبل أن يلبي وأن يتلبس بإحرام يشرع له الاغتسال، وهو محل اتفاق عند العلماء بالإجماع أنه يشرع له الغسل، ولم يأت نص صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل الاغتسال واغتسل في إحرامه، لكن محل اتفاق، وحكى الإجماع عليه غير واحد كـابن المنذر و ابن عبد البر وغيره، بل ذهب الإمام مالك عليه رحمة الله تعالى إلى أن غسل الإحرام آكد من غسل الجمعة، وذهب الإمام الشافعي عليه رحمة الله تعالى إلى أن من ترك غسل الإحرام متعمداً فقد أساء، روى عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج قال: من ترك الاغتسال وجب عليه دم. وهذا فيه نظر، فالدم لابد فيه من دليل، ولكن هناك بعض السلف حكي عنه وجوب الاغتسال وهو الحسن البصري ، يقول ابن عبد البر في كتابه الاستذكار: لا أعلم أحداً من السلف روي عنه وجوب الاغتسال للإحرام سوى الحسن .
وإن لم يجد ماء هل يتمم أم لا؟ كأن يكون الإنسان يمشي في البر وما تيسر له المرور بالميقات، أو كان قد أتى إلى ميقات، وقد جف الماء، أو كان لا يتيسر له، كأن يكون الإنسان في الطائرة ويحاذي الميقات هل يسن له أن يتعمد التيمم كأن يكون يحمل معه تراباً أو كان في السيارة وينزل للتيمم أم لا؟ يقال: لا يشرع، وإن ذهب إليه بعض الفقهاء كالإمام الشافعي، فالمقصود من الاغتسال هنا هل هو التنظف، أو المراد استباحة عبادة؟ يظهر أنها تنظف، وإذا قيل هذا لا يتحقق في التيمم، واستباحة العبادة هي التي يكون عنها البدل التيمم كما في الصلاة ونظائرها، كمن أراد قراءة المصحف أو غير ذلك.
وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اغتسل لا يثبت في ذلك شيء، وأما ما رواه الإمام أحمد و الترمذي و البيهقي و الدارقطني من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل ) فهو حديث غريب كما قال الترمذي، يقول الدارقطني عليه رحمة الله تعالى بعد أن أخرجه قال: قال ابن صاعد : هذا حديث غريب لم نسمع به إلا منه. يعني من ابن أبي الزناد عن أبيه، وقد تفرد به.
وجاء من وجه آخر من حديث عثمان بن عطاء عن أبي أبيه عن عبد الله بن عباس ولا يصح أيضاً.
جاء أيضاً خبر صحيح، لكنه لا يشعر بفعل قد يكون قولاً أو فعلاً، ما جاء من حديث بكر بن عبد الله المزني عن عبد الله بن عمر أنه قال: من السنة أن يغتسل لإحرامه، ولدخوله مكة. وقول الصحابي: من السنة المراد بذلك فعل النبي عليه الصلاة والسلام عند عامة العلماء.
ولكن يقال: إن هذا محل اتفاق عند العلماء قاطبة، وينبغي للإنسان أن يحرص على هذا الاغتسال فهو من آكد مواضع الاغتسال.
وما يشرع للإنسان فيه الاغتسال في هذا الموضع هنا. الموضع الثاني لدخول مكة، وهذا قد نبهنا عليه مراراً أنه من السنن المهجورة، أن الإنسان قبل دخوله مكة في أدنى الحل يغتسل لدخولها؛ وذلك لثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويسن له أن يأخذ من شعره وظفره، وإن كان لم يثبت في ذلك خبر إلا أنه محل اتفاق؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العظيم: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29] أي: عند الحل بعد انتهاء المناسك فليقضوا التفث، وليوفوا النذور وهي الهدي، والتفث هو حلق الشعر وقص الظفر مما بقي فيهم من ذلك، فكان الامتثال بالقص عند التحلل المبادرة به سنة، والامتثال عند الإمساك أن يأتي ويفعل به سنة أيضاً، وهذا له نظائر كما في يوم العيد بعد رمضان يستحب للإنسان أن يأكل صباحاً قبل أن يغدو إلى المصلى؛ لأنه كان ممسكاً قبل ذلك، فهذا الامتثال.
وكذلك في عيد الأضحى يشرع له أن يمسك حتى يأكل من أضحيته لماذا؟ لأن فيه امتثالاً، وهنا الامتثال أن يقص حتى يظهر أنه قد امتثل، وألا يأخذ شيئاً مما بعد هذا الوقت، أما إذا كان قد أمسكه منذ عشرة أيام أو شهر ونحو ذلك، فلا يظهر الامتثال في عمله والإمساك؛ لأنه كان ممسكاً قبل ذلك، فإذا فعل ثم أمسك أظهر الامتثال كما أنه أظهر وأُمر بإظهار الامتثال عند التحلل (( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ )) أن يقصوا الشعر والظفر كما جاء عن غير واحد. أو لقي ركب وأدبار الصلوات. وهو منكر، لكن هو عليه عمل السلف كما جاء عند سعيد بن منصور في سننه عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يستحبون التلبية إذا علو نشزاً، أو هبطوا وادياً، أو لقوا راكباً، وأدبار الصلوات، يعني: إجماع أصحاب عبد الله بن مسعود كما تقدم الكلام عليه.
والتلبية تكون من مصلاه حينما يسلم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من عند الشجرة التي قد صلى عندها، كما جاء عن عبد الله بن عمر، والخلاف الذي قد ورد في هذه المسألة وهي موضع التلبية هل هو بعد ركوبه أم لا؟ وذلك أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى كثير وألوف، ويصعب عليهم أن يحصوا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كان قريباً منه وسمع التلبية حال سجوده نقلها، ومن رآه يلبي -وهو على راحلته على البيداء- نقلها، ومن رآه عند الشجرة يلبي نقلها، فهم كثير، وهذا الذي أشار إليه عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى عند البيهقي ، يعني: إذا سبب اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التلبية وموضعها.
وقد كان عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أحرم من عند الشجرة من المسجد، حتى إذا قيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من البيداء، قال: بيداؤكم هذه التي تكذبون بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من الشجرة عند المسجد. المسجد هو موضع سجوده؛ لأنه لم يكن ثمة مسجد.
ويلبي بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله أو من تقريره، من قوله كما جاء في الصحيحين وغيرهما: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبي ويهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) التلبية المشهورة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يلبون بغير تلبية رسول الله، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه زاد: ( لبيك إله الحق لبيك ) كما في المسند وغيره من حديث الأعرج عن أبي هريرة، وجاء من حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لبيك ذا المعارج ) ، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عند الرامهرمزي في المحدث الفاصل، وكذلك عند الدارقطني في العلل من حديث محمد بن سيرين عن يحيى بن سيرين عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبي ويقول: لبيك حقاً حقاً، تعبداً ورقاً ) لكنه لا يصح مرفوعاً، والصواب فيه الوقف، جزم بذلك الدارقطني في كتابه العلل، وهو الأشبه بالصواب.
وجاء عن الصحابة أنهم يلبون بغير هذه التلبية التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بها، جاء عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى أنه يلبي بتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم السابقة، ويزيد ويقول: لبيك مرغوباً ومرهوباً إليك، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن.
وجاء عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى في صحيح الإمام مسلم أنه يقول: لبيك وسعديك، والخير بيديك.
وجاء عن عبد الله بن عمر زيادة في ذلك، وجاء تلبية أخرى، وجاء عن أنس بن مالك مما تقدم، فسواء لبى بهذا أو لبى بهذا فإن هذا كله مما جاء إقراره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالتلبية هي التي تكرر، والتلفظ بالنسك هو الذي لا يكرر، وإنما يقال مرة واحدة، أما النية فمحلها القلب لا يشرع الجهر بها، والجهر بها بدعة محدثة، وإن كان قد جاء عن بعض السلف يروى عنه أنه يقول: يشرع الجهر بالنية في الحج. وليس المراد بذلك النية، وإنما المراد بذلك التلفظ بنسكه أن يقول: لبيك عمرة. يسميها بعضهم النية، فيشكل على بعضهم حينما يقف على أمثال هذه الألفاظ، ولا أعلمه عملاً ولا قولاً لأحد من السلف لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من الأئمة الأربعة، سوى ما جاء عن الإمام الشافعي عليه رحمة الله تعالى في موضع كما نقله ابن قانع في معجمه عن الإمام الشافعي عليه رحمة الله تعالى في مسألة الجهر بالنية في الصلاة، ولا أعلمه عن أحد منهم في غير الصلاة.
ويشرع بعد تلبيته وبعد ركوبه دابته أن يسبح ويحمد ويهلل، وهذا من السنن المهجورة التي قل أن يفعلها أحد، وقد ترجم عليها البخاري عليه رحمة الله تعالى، قال: باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال على البيداء. وذلك أنه يشرع؛ ( فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ركب راحلته سبح وحمد وهلل وكبر ) وهذا سنة، فيقال: إنه بعد تهليله في المسجد، وقبل إهلاله على البيداء يشرع له أن يحمد الله ويكبر ويسبح، ويكون في هذا الموضع فقط.
والتلبية سنة عند جمهور العلماء، وذهب بعضهم إلى وجوبها، وبعضهم يسميها: زينة الحج، كما جاء عن عبد الله بن عباس عند ابن أبي شيبة ، وما جاء عن سعيد بن جبير أنه كان يقول للحجاج : لبوا؛ فإني سمعت عبد الله بن عباس يقول: التلبية زينة الحج. بل ذهب بعضهم إلى وجوبها، وأوجب على من لم يلبِ دما، وهو مروي عن عطاء ، وفيه نظر، والصواب أن التلبية سنة متأكدة.
والتلفظ بالنسك يكون على الصور السابقة، أما ما يطلقه العوام من لفظ: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج، للمتمتع هذا لا أصل له، والأولى أن يقول: لبيك عمرة؛ لأنه معتمر ولم يبدأ بحجه، وحجه يبتدئ به ويدخله في اليوم الثامن.
ويمسك عما أمسك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من محظورات الإحرام من المخيط، والطيب، وتغطية الرأس، وكذلك النكاح، وقص الشعر والظفر، والصيد، وخطبة النساء.
وإذا لم يجد الإنسان إزاراً فلا حرج عليه أن يلبس السراويل، وإذا لم يجد نعلين لا حرج عليه أن يلبس الخفين، ولا يقطعهما؛ لأن القطع منسوخ، كما جاء في حديث عبد الله بن عباس وهو قول الإمام أحمد .
وإن وقع في شيء من المحظورات فيقال: إن دل الدليل على أنه محظور فيجب عليه التوبة، وهل يجب عليه دم أم لا؟ يقال: إن دل الدليل على وجوب الدم فيجب عليه، وإن لم يدل دليل بخصوصه فلا يجب عليه دم، ويأتي الكلام على هذه المسألة بإذن الله تعالى. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
السؤال: من أخر طواف الإفاضة إلى العاشر من محرم هل حجه صحيح؟
الجواب: العلماء ذهب عامتهم من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أن من أخر طواف الإفاضة أنه لا شيء عليه، وأنه لا حد لتأخيره، لكن قد اختلفوا في الدم: فذهب الإمام مالك إلى وجوب الدم إن أخرجه عن أشهر الحج عن أيام التشريق، وعلى الرواية عنده: عن شهر ذي الحجة كاملاً، فإذا أخر طواف الإفاضة إلى محرم أو صفر لا شيء عليه، وقال بعضهم: عليه دم، والصواب أنه ليس عليه دم، فإذا كان معذوراً لا شيء عليه، وهذا كالمرأة إذا كانت حائضاً لا تستطيع الطواف تذهب إلى بيتها، وتبقى على إحرامها، كأن تكون من أهل مكة، أو تستطيع أن تسافر وترجع، فتبقى على إحرامها، فإن طهرت رجعت، سواء بعد أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة متى ما تيسر لها، ولكنها تبقى ممسكة عن المعاشرة.
السؤال: هل يشرع صيام يوم عرفة للحاج، وما هو دليل من قال بالمنع، ودليل من قال بالجواز؟
الجواب: رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم يوم عرفة بعرفة، ولا يشرع صيامه، وذهب بعضهم إلى جوازه وهو قول أبي حنيفة ، خلافاً لجمهور العلماء.
السؤال: من حج ثم ترك الصلاة، ثم تاب هل يلزمه حج آخر؟
الجواب: لا يلزمه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيمن كان من الجاهلية، وتقرب إلى الله عز وجل بالعتق والنفقة، قال: ( أسلمت على ما أسلفت من خير ) وهو عمله في الجاهلية، وكان على كفر، لكنه أنفق لله، فأسلم كتب الله عز وجل له ذلك الخير، فكيف شخص يعمل عملاً حال إسلامه، ثم يظهر منه مثلاً ردة، أو يظهر منه شيء من المكفرات، يقال: إنه يجب أن تعيد ما فعلت مما وجب عليك كالحج وغيره؟ يقال: هذا قول بعيد.
السؤال: هل يجوز لبس الإحرام الذي يكون في وسطه مغاط؟
الجواب: لعله يقصد ما يلبس على هيئة التنورة يكون مغلقاً، فهذا مخيط، ولا يجوز لبسه، وهذا إذا قلنا بجوازه ربما يجر إلى قول يتعذر أن يقول به من قال بهذا القول، فإذا قلنا بجواز أن يلبس الإنسان لباساً على هذه الصورة، فهل يجوز له أن يلبس كماً على يده مجرداً بمغاط يمسكه على كفه، وفي يده الأخرى، ويدخل كذلك في صدره على بطنه نظير ذلك، يكون قد حصل له لباس كامل إلا أنه ليس بمخيط على هذا الاصطلاح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينما عذر من لم يجد الإزار أن يلبس السراويل دل على التشديد في هذا، وأن الإنسان يحترز منه، وهذا من باب الاحتياط.
السؤال: ما صحة فعل بعض أبناء ميت الذي حج حجة الإسلام أن يقوموا بالتحجيج عنه، أو يكفلوا إنساناً يريد الحج عن نفسه، ويثيبوها لوالدهم؟
الجواب: حصول الأجر كحجة إذا أعطوا إنساناً نفقة الحج ليحج عن نفسه، في النفس منه شيء، ولا أعلمه وارداً -مع سهولته- عن السلف، أما الاستدلال بعموم ( من دل على خير فله مثل أجره ) فيقال: نعم، رحمة الله عز وجل واسعة، لكن تنكب هذا الفعل من الصحابة مع الحاجة إليه في كسب الثواب الجزيل، وعدم تطرقهم لمسألة التحجيج عن الإنسان والنيابة عنه، وهل يثاب أو لا يثاب؟ يدل على أن هذه المسألة غير واردة، والأولى تركها.
السؤال: هل يشترط سوق الهدي للقارن؟
الجواب: إذا ساق الإنسان هديه كان القران أفضل له من التمتع. وهل يجوز للإنسان أن يكون قارناً وليس معه هدي أي: لم يسق الهدي؟ يقال: هناك خلاف الأولى، وعمله صحيح.
السؤال: امرأة وصلت الميقات وقبل أن تحرم حاضت، فهل لها أن تحرم؟
الجواب: نعم، لا علاقة للإحرام بالحيض، أسماء بنت عميس أحرمت وهي نفساء.
السؤال: هل تقصر صلاة العشاء في مزدلفة؟
الجواب: نعم، تقصر وتجمع.
السؤال: شخص يريد أن يضحي ويريد أن يحج مفرداً، فهل يجوز له أن يأخذ من شعره؟
الجواب: الأولى لمن أراد الحج ألا يضحي، ثبت عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى وغيره أنه قال: ليس على الحاج أضحية. وأما ما يحتج بعضهم بحديث عائشة في البخاري ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر ) فالمراد بذلك الهدي، أهدى عن نسائه؛ لأن نساءه كن معه.
السؤال: هل أفضل أن أتصدق من الأضحية لمضح؟
الجواب: لا، الأفضل تضحي، خير الهدي هدي محمد.
السؤال: هل يجوز للمرأة أن تسافر مع رجل واحد ثقة؟
الجواب: ما في ثقة، الرجل الواحد والمرأة لا يوجد ثقة أبداً، الكلام على مجموعة من النساء القيم عليهن ثقة، كأن تحج المرأة مثلاً مع أمها وأخواتها، والمحرم لها أزواج أخواتها، يكون جماعة من النساء كأسرة واحدة ونحو ذلك، يعني هذا يخفف فيه.
السؤال: نسمع كثيراً عن الحملات المجانية للذين لا يستطيعون الحج حجة الإسلام، فما رأي ذلك؟
الجواب: هذا من أعمال البر لا شك.
السؤال: من حج متمتعاً ولم يكن عنده مال لشراء الهدي، ثم لم يصم تكاسلاً؟
الجواب: يكون في ذمته الصوم.
السؤال: هل يصح الجمع بين نية الأضحية ونية العقيقة؟
الجواب: جاء فيه خلاف، لكن الأولى أن يفرق.
السؤال: التكبير في هذه العشر مطلق ومقيد؟
الجواب: التكبير في العشر جاء الحث به على وجه العموم من غير تحديد وقت معين، ثبت عن عبد الله بن عباس و ابن مسعود و سلمان الفارسي و أبي هريرة وعبد الله بن عمر وغيرهم، وهو محل اتفاق، أما ما يذكر من التكبير المقيد فهو يبتدئ من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
السؤال: أنا مقيم في الرياض وذهبت إلى جدة قبل الحج بثلاثة أيام، فأحرمت من جدة وحججت، فهل علي شيء؟
الجواب: لا ليس عليه شيء.
السؤال: امرأة حجت بدون محرم، ما حكم حجها، مع أنها تعلم بحكم الذهاب بدون محرم؟
الجواب: إذا حجت المرأة بدون محرم مع الرجال وحدها، لا شك أنها آثمة، ويظهر أن حجها ليس بمبرور، وإن كان يسقط عنها الوجوب، لكنها آثمة، والحج ليس بمبرور.
السؤال: ما صحة حديث دخول القرية ( اللهم رب السماوات )؟
الجواب: هذا حسنه ابن الجوزي وإسناده ضعيف.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
https://audio.islamweb.net