اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فضل الآيات والسور [2] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونسأله جل وعلا أن يلهمنا رشدنا, وأن يجعلنا ممن يهتدي بهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
العلماء عليهم رحمة الله اعتنوا بمسائل فضائل الأعمال, والمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك جمعاً وعنايةً، واعتنوا بالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي والسور، ورووا في ذلك جملة من الأخبار المرفوعة والموقوفة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وجملة من بعض المقطوعات عن بعض التابعين.
والعمدة في هذا الباب هو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وذلك أن مرد هذا إلى الوحي، وفي بيان فضائل الأعمال والأجور، وكذلك الخصائص التي تكون في بعض الآي والسور من الرقى، وفك السحر والحرز الذي يكون للإنسان, فإن هذا مرده إلى الوحي.
وأما ما جاء عن بعض الصحابة الذين شهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعوا منه، هل ما جاء عنهم من الموقوفات هي في حكم المرفوع؟
أولاً: قال بعض العلماء: إنما جاء عن بعض الصحابة في أبواب التفسير أنه من حكم المرفوع، وهذا قال به الحاكم عليه رحمة الله في كتابه معرفة علوم الحديث، والمستدرك, جعله في حكم المرفوع، وهذا قد يقال به إنه من باب أولى وهذا محتمل, إلا أن الأولى أن يتوقف في ذلك على المرفوع, وهذا ما سنعتمده بإذن الله عز وجل في حديثنا في هذه المجالس في إيراد ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي والسور.
ما جاء في هذه المصنفات التي صنفها العلماء وهي كثيرة, ينبغي النظر فيه وتمحيصه بالنظر إلى أسانيده وعدم الاتكال على جلالة هؤلاء الأئمة، باعتبار أن الدخيل في هذا الباب كثير جداً، يعني: في فضائل الآي والسور، بل إن أكثر ما جاء في فضائل الآي والسور هو من أبواب الحديث الضعيف الموضوع المطروح. والأحاديث الصحيحة والحسنة ويسيرة الضعف هي أقل من الموضوعات في هذا الباب.
والمصنفات في هذا الباب كثيرة، قد صنف في هذا الإمام الشافعي عليه رحمة الله له كتاب في هذا نسب إليه وهو منافع القرآن، وتلاه بعد ذلك أبو عبيد القاسم بن السلام ، وصنف في هذا أبو بكر بن أبي شيبة ، وكذلك أبو بكر بن أبي داود ، وصنف في هذا جماعة من العلماء المتأخرين كالإمام السيوطي عليه رحمة الله. والمصنفات في هذا الباب لا تخلو من الضعيف والمطروح والمنكر.
ولهذا ينبغي تأصيل هذه الطرق قبل الخوض فيها، ينبغي أن يعلم أن كتب التفسير المدونة التي تعتني بالرواية بتفسير القرآن بالأثر أو تفسير القرآن بالرأي دخل فيها جملة من الدخيل من الأخبار المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في عداد الموضوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينبغي الاحتراز من ذلك.
بل إن بعض التفاسير لا تخلو سورة من السور من حديث مكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتفسير الثعلبي وتفسير الواحدي ، وتفسير البيضاوي ، وكذلك الزمخشري في كتابه الكشاف وغيرها من كتب التفسير، لا تخلو سورة من السور من هذه الأحاديث الموضوعة التي ينبغي أن يحترز فيها.
والاعتماد بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الكفاية, والثابت في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو نزر يسير مقارنة بالأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
من المهمات في معرفة الأحاديث المروية في فضائل القرآن: أن يعلم أن ثمة نسخاً تتداول في كتب التفسير هي موضوعة، ونقلها أئمة أجلة ينسبون للعلم والفضل والديانة والصلاح, وهي مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر في كل سورة وهي نسخة واحدة موضوعة.
ومن هذه الأحاديث المروي عن أبي بن كعب ، فما جاء عن أبي بن كعب من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل سور القرآن وآيه مما لم يوجد في الكتب الستة فهو ضعيف، وما يذكره المفسرون في هذا الباب فهو من أبواب الواهي والمنكر.
وهذا يوجد عند كل سورة في تفسير الثعلبي في كتابه الكشف والبيان، وكذلك في تفسير الواحدي أخذه عنه، وكذلك في تفسير البيضاوي ، وكذلك في تفسير بعض المفسرين الذين يذكرونه في بعض الآي ويدعونه في بعض، كتفسير ابن عطية ، وكذلك النسفي ، وكذلك ابن مردويه ، يذكرون هذه النسخة عن أبي بن كعب في فضائل السور، وهذا الأصل فيه الوضع.
ثمة أحاديث في فضائل كل سورة منسوبة لأبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي نسخة موضوعة, رواها عن أبي بن كعب ثلاثة: عبد الله بن عباس ، و أبو أمامة ، و زر بن حبيش ، جاء عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى بإسنادين: الإسناد الأول: يرويه أبو عصمة نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن أبي نضرة عن عبد الله بن عباس عن أبي بن كعب .
والإسناد الثاني الذي يروى عن عبد الله بن عباس يأتي من طريق سعيد بن حفص عن معقل بن عبيد الله عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس عن أبي بن كعب .
الطريق الثانية عن أبي بن كعب يرويها عنه أبو أمامة ، والمروي عن أبي أمامة في هذا يرويه يوسف بن عطية و سلام بن سليم عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الطريق الثالثة المروية عن أبي بن كعب في هذا الباب التي يرويها زر بن حبيش , وما جاء عن زر بن حبيش هو يأتي من حديث عطاء بن أبي ميمونة و علي بن زيد بن جدعان كلاهما عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويرويه عن علي بن زيد بن جدعان و عطاء بن أبي ميمونة بزيع بن حسان أبو الخليل ، تارةً يرويه عن عطاء ، و علي بن زيد بن جدعان مباشرة، وتارةً يجعل بينهما واسطة مخلد بن عبد الواحد ، وكلاهما ممن لا يحتج به.
وثمة طريق رابعة عن أبي بن كعب يرويه مؤمل بن إسماعيل عن سفيان الثوري عن أسلم المنقري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلها ترجع إلى أبي بن كعب وهي ضعيفة ومنكرة. ولا تخلو آية من آي القرآن إلا ويأتي فيها حديث عن أبي بن كعب .
وهذا ينبغي أن يضبط, فإنه ييسر لطالب العلم قاعدة في أبواب الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي.
فما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الآي عن أبي بن كعب فهذا من قرائن الوضع.
واختلف العلماء فيمن وضع هذه النسخة؟
فقيل: إن الذي وضعها هو ميسرة بن عبد ربه كما ذكر ذلك عبد الرحمن بن مهدي ، فإنه قال: قلت له: هذه النسخة التي تحدث بها في فضائل كل سورة عن أبي بن كعب من الذي وضعها؟ قال: وضعتها أنا.
وقيل: إن الذي وضعها نوح بن أبي مريم فإنه سئل كما رواه الحاكم ، و ابن الجوزي وغيره قال: هذه النسخة التي ترويها عن عكرمة عن عبد الله بن عباس في فضائل كل سورة من حدث بها؟ قال: لم يحدثني أحد، أنا وضعتها، فإني رأيت الناس قد انشغلوا بفقه أبي حنيفة فرأيت أن أصرفهم إلى كلام الله.
وقيل: إن الذي وضع ذلك هو شيخ من المتصوفة بعبدان, كما روى ذلك ابن الجوزي ، كما جاء من حديث محمود بن غيلان عن مؤمل أنه قال: حدثني رجل في فضائل القرآن في كل سورة عن أبي بن كعب ، فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني رجل بالمدائن وهو حي، فذهبت إليه بالمدائن, فقلت: من حدثك هذا؟ فقال: حدثني رجل بواسط وهو حي، فذهبت إليه بواسط, فقلت: حدثت عنك أنك تحدث في فضائل سورة في كل سورة عن أبي بن كعب من حدثك بهذا؟ قال: حدثني رجل بالبصرة وهو حي، فذهبت إليه, فقلت: من حدثك بهذا؟ فقال: حدثني رجل بعبدان، فذهبت إلى عبدان، فقلت: حدثت عنك بحديث فضائل سور القرآن من حدثك بهذا؟ فقال: لم أحدث به، وإنما أخذ بيدي, فأدخلني على قوم جلوس في حجرة من المتصوفة, فقال: حدثني هذا الرجل وهو شيخ فيهم. فقلت: من حدثك بهذا؟ قال: لم يحدثني بذلك أحد, وإنما أنا وضعتها, فإني رأيت انصراف الناس عن القرآن فوضعتها حتى ينصرفوا إليه.
وهذا من الجهل في دين الله جل وعلا ومن الحماقة، والبلية العظمى أن أكثر التفاسير الموجودة تعج بهذه النسخة الموضوعة المفتراة.
وهذه التفاسير التي في أيدي الناس كتفسير ابن مردويه ، و الثعلبي ، وتفسير الواحدي ، وتفسير الزمخشري ، وتفسير البيضاوي ، و النسفي ، وتفسير ابن عطية وغيرها، بل من تكلم في فضائل القرآن كفضائل القرآن لـابن أبي داود وهو من المحدثين, أورد في كل سورة هذه النسخة لـأبي بن كعب ولم يتكلم عليه.
بل إن بعض الأئمة كابن جرير الطبري في بعض كتابه خارج التفسير، أما في التفسير فلم يذكر هذه النسخة، فأوردها في غير التفسير بأسانيد عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كذلك ينبغي أن يعلم أنها تارةً تجعل عن أبي بن كعب ، وتارةً تجعل عن عبد الله بن عباس ، ويسقط أبي بن كعب وهذا قليل، وتارةً عن أبي أمامة ويسقط أبي بن كعب ، والأغلب في ذلك أن يذكر عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه فيها السواد الأعظم الوارد في فضائل سور القرآن، وفضائل الآي، فينبغي أن يحترز في ذلك وأن يحتاط له.
ومن المهم في هذا الباب أن يعتني طالب العلم بمعرفة الأسانيد الصحيحة، وكذلك وجوه الصحة في هذا, وأن لا يكون مقلداً في هذا الأمر، فإننا نرى أثر هذه النسخ الموضوعة على كثير من الناس, وعلى كثير من الأقاليم، بل إننا نجد من الأثر أن تطبع سور مفردة ومصاحف مفردة فيها سور منتقاة بناءً على هذه النسخ الموضوعة.
فيوجد مصاحف فيها: السور المنجية، أو السور الشافية ونحو ذلك، ولهذا تجد تفضيلاً لكثير من السور عند بعض الشعوب كتفسير سورة يس، أو تفضيل سورة هود، أو تفضيل سورة يونس، أو الرعد، أو غيرها، مما لم يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما ينبغي أن يحترز طالب العلم في هذا الأمر الذي له أثر على عامة الناس، وأن يبينه كذلك لمن جهله.
ومن المهمات أيضاً: أن طالب العلم إذا عرف هذه الفضائل فعليه أن يبادر إلى العمل بها، فإن من هدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغيرهم أنه ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل شيء إلا وعملوا به، وأعلى ما جاء في هذا هو من فضائل القرآن، فعلى الإنسان أن يحرص على هذا الأمر قدر وسعه، وذلك للاقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الكلام على الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل آي القرآن وسوره يستلزم البداءة من أول المصحف وهو من سورة الفاتحة، نورد ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ونتنكب ما أدخلناه في هذه القاعدة في نسخة أبي بن كعب , وذلك أنه بالأسانيد التي تقدمت جاءت فضائل كل سورة، فإننا لا نتكلم فيها؛ لأنا أصلنا القاعدة فيها فإنه ينبغي أن يرجع إليها.
وثمة نسخة قليلة ينبغي أن يشار إليها وهي مروية عن علي بن أبي طالب , وفيها أفراد من الأحاديث في فضائل السور وهي من علامات الوضع لا نشير إليه.
وما نورده في هذه المجالس هو من الأحاديث الصحيحة، ونورد في التبع لها بعض الأحاديث الضعيفة ونبين الضعف.
أما النسخ الموضوعة وهي الغالبة في هذا الأمر فتقدم تأصيلها، وما لم نذكره في هذا الباب فالأصل فيه الضعف الشديد وأنه موضوع، فينبغي أن يتنبه لذلك؛ لأن الخوض فيه هو بحر لا ساحل له؛ لكونه من إسناد واحد, وهو في مواضع متعددة من سور القرآن، والخوض فيه مما يطول، ونحن هنا نؤصل هذه المسائل ولا نتكلم على الأعيان.
وأما الصحيح في ذلك وهي مجموعة من السور والآيات فنتكلم عليها تباعاً.
أول ذلك: ما جاء في سورة الفاتحة وفضلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد جاءت جملة من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل سورة الفاتحة, وذلك مشتمل لجملة من الفضائل: من هذه الفضائل ما يتعلق بكون الصلاة لا تصح إلا بها, كما جاء في الصحيحين من حديث عبادة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب, أو بفاتحة الكتاب ) .
فإذا كانت الصلاة وهي الركن الثاني من أركان الإسلام لا تصح إلا بقراءة الفاتحة, فهذا دليل على فضلها وجلالة قدرها، وربط الركن الثاني من أركان الإسلام بل كل ركعة من ركعاتها بهذه السورة دليل على فضلها ومقامها وعلو منزلتها في الإسلام، فينبغي العناية بذلك.
ومن وجوه فضلها كونها السبع المثاني، وأفضل سورة من سور القرآن على الإطلاق، وذلك لما جاء في الصحيح من حديث أبي سعيد : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد أبي بن كعب وهو في المسجد، فقال: ألا أحدثك بأعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من هذا المسجد؟ فقلت: نعم يا رسول الله! قال: فمشى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دنا من الباب, فقلت: يا رسول الله! إنك قلت كذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ، هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته ) .
وهذا دليل على أن أفضل سورة في القرآن هي سورة الفاتحة، وهذا محل اتفاق عند السلف.
وقيل: إن أفضل ما جاء في هذا هو ما جاء في سورة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، وفي ذلك نظر, وذلك لصراحة النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب.
وقيل: إن أصح ما جاء في فضائل السور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو في سورة الفاتحة، والأصح لا يعني الأفضل. قال الدارقطني عليه رحمة الله: إن أصح ما جاء في فضائل السور ما جاء في فضل سورة الفاتحة، نقله عنه النووي عليه رحمة الله، وأسند عنه كما في طبقات الشافعية، وكذلك ذكره عنه ابن الملقن ، وغيره من أئمة الشافعية.
والذي يظهر والله أعلم أن أفضل وأصح ما جاء في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما جاء في سورة الفاتحة.
ومن وجوه الأفضلية في ذلك: كون هذه السورة رقية على سبيل التخصيص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, كما جاء في الصحيح من حديث معبد عن أبي سعيد الخدري أنه قال: ( كنا في سفر فنزلنا فجاءت جارية إلينا فقالت: إن سيدنا سليم )، وهذا من باب التفاؤل، تريد بذلك أنه ملدوغ، ( والناس غيب ) , يعني: ليسوا بحضور، ( فهل منكم من راق؟ قال: فقام رجل منا ) , يعني: ولم نكن نعرفه برقية, ( فذهب إليه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ فأعطاه ثلاثين شاة )، وفيه قال: ( فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: وما يدريه أنها رقية؟ خذوه واضربوا لي منه بسهم، فضربوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك بسهم ) ، ومراد النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك تطييب نفوسهم.
ومن وجوه تفضيلها أيضاً: كونها نوراً اتاه الله جل وعلا نبيه عليه الصلاة والسلام ونزل بخبرها ملك لم ينزل إلى هذه الأرض إلا بهذه الفاتحة، وكذلك فتح لها باب لم يفتح إلا مرةً واحدةً منذ أن خلقه الله جل وعلا، وهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيح من حديث عبد الله بن عباس قال: ( بينما جبريل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ سمع صوتاً فرفع رأسه إلى السماء, فقال: يا محمد! هذا باب فتح من السماء لم يفتح إلا اليوم, ونزل ملك لم ينزل إلى الأرض إلا اليوم. فقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: الفاتحة وآخر آيتين من سورة البقرة ).
وجاء عند الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها )، يعني: فاتحة الكتاب.
ويكفي في هذا ما جاء في جملة من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الفضائل، كذلك في خصيصة كون الصلاة لا تصح إلا بقراءة الفاتحة.
وجاء في بيان فضلها جملة من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها ضعف، وتقييدها بزمان مخصوص لا أعلم في ذلك حداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما في حالة مخصوصة وعلى سبيل العموم بتلاوتها، فإن هذا من الأمور الفاضلة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كمسألة الرقية، وعلى العموم كذلك في الصلاة سواءً كانت نافلةً أو فريضة.
ولا يصح في تلاوتها في أذكار الصباح والمساء شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: في فضل سورة البقرة، وجاء في ذلك جملة من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما جاء في الصحيح من حديث أبي أمامة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اقرءوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا البقرة وآل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان، أو كأنهما غمامتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف ينافحان عن صاحبهما، اقرءوا سورة البقرة, فإن قراءتها بركة, وتركها حسرة, ولا تستطيعها البطلة ) ، قال معاوية بن سلام : بلغني أن البطلة هم السحرة.
وهذا الفضل مشترك بين البقرة وآل عمران، إلا أن البقرة خصت بخصيصة وهي في قوله عليه الصلاة والسلام: ( فإن قراءتها بركة, وتركها حسرة, ولا تستطيعها البطلة )، يعني: السحرة. وفي هذا قرينة إلى اختصاص البقرة بدفع السحرة.
ويؤكد ذلك ما جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تجعلوا بيوتكم قبوراً, اقرءوا فيها سورة البقرة, فإن الشيطان لا يدخل بيتاً تقرأ فيه سورة البقرة )، وهذه خصيصة لسورة البقرة، وإن كان الأقرب اشتراكها مع آل عمران, وذلك للاقتران بها في حديث أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا نعلم أن ما جاء في سورة البقرة من الخصائص التي اختصت بها في شفاعتها لصاحبها يوم القيامة، وكونها علاجاً للسحر، وكذلك في إخراج الشياطين من الدور، يشركها فيه بعض الآي والسور وبعض الأذكار مما هو معلوم مما لا يدخل بعضه في بابنا، وبعضه يأتي الكلام عليه بإذن الله تعالى.
ومن الفضائل في ذلك: ما جاء في الصحيح من حديث أسيد بن حضير عند قراءته لسورة البقرة: ( حينما رأى ظلةً فجالت الفرس, فلما أمسك سكنت, فلما قرأ اضطربت، فلما أمسك سكنت، فلما كان في الثالثة خشي على ابنه، فجاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالخبر، فقال: تلك الظلة هم الملائكة ) وهذا في سورة البقرة.
وقيل: إن المراد بذلك هو تلاوته وترنمه بالقرآن وتغنيه به، وليس هذا خاصاً بالبقرة، بل هو شامل لكل القرآن, وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قيده بسماع الملائكة لصوته عليه رضوان الله تعالى, فإنه كان صاحب صوت حسن.
وكذلك من الفضائل المقترنة ببعض آي سورة البقرة ما جاء في فضل آية الكرسي وفي آخر آيتين منها.
فضل آية الكرسي جاء في ذلك جملة من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها ما جاء في الصحيح من حديث أبي بن كعب : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله، فقال: يا أبي ! أي آية أعظم في القرآن؟ فقال أبي بن كعب : الله ورسوله أعلم، فعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ [البقرة:255] ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ليهنك العلم يا أبا المنذر ! ).
وذلك فيه إشارة إلى أن أفضل آية في القرآن هي آية الكرسي، وقد جاء بيان فضلها على جملة من المعاني:
أولها: كونها أفضل آية في القرآن، بدلالة النص في حديث أبي بن كعب .
الأمر الثاني: كونها حرزاً للإنسان، وكونها حرزاً للإنسان جاء على معنيين:
المعنى الأول: في كونها حرزاً للإنسان يذكرها في أذكار الصباح, وهذا مما جاء في البخاري معلقاً في حراسة أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى للزكاة حينما جاءه الشيطان, فحبسه إلى قوله: قال ( ألا أخبرك؟ ألا أحدثك بشيء؟ فقال: نعم، فقال: أن تقرأ آية الكرسي فلا يزال عليك من الله حافظ حتى تصبح، فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدقك وهو كذوب ) ، هذا حمله بعض العلماء على أذكار الصباح والمساء.
فذكرها في الصباح فلا يثبت فيه شيء، أما في المساء فهو ثابت كما في حديث أبي هريرة ، أما في الصباح والمساء على سبيل الاستدامة فإن هذا لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جاء فيه حديث أبي بن كعب عليه رضوان الله تعالى، كما رواه ابن حبان في كتابه الصحيح من حديث الوليد عن الأوزاعي عن محمد بن عمرو بن أبي بن كعب عن جده أبي بن كعب أنه كان له جرين من تمر يحرسه فذكر نحواً من قصة أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى, وهذا الخبر منكر.
وذلك أنه تفرد به محمد بن عمرو بن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مجهول، وقد رواه يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن محمد بن عمرو به، ولا يصح أيضاً كما رواه الحاكم في كتابه المستدرك على هذا النحو.
وعليه نعلم أن ما جاء في كون آية الكرسي حرزاً هو ثابت في المساء, أما في الصباح فلا يثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعنى الآخر في فضائل آية الكرسي: أنها خصت بذكرها دبر جميع الصلوات المكتوبة، وهذا من خصائصها، وليس في السنة آية تقرأ دبر كل صلاة مكتوبة إلا آية الكرسي، وهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما رواه الطبراني و النسائي و ابن السني من حديث محمد بن حمير عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ) .
وهذا الخبر قد أعله غير واحد من العلماء، أعله ابن الجوزي فذكره في كتابه الموضوعات، وقد أعله بتفرد الدارقطني عليه رحمة الله، وقد تفرد به من هذا الوجه محمد بن حمير عن محمد بن زياد ، وقد تكلم فيهما غير واحد.
و محمد بن حمير الذي تفرد بهذا الحديث قد وثقه يحيى بن معين ، وقال النسائي : ليس به بأس، وقال الإمام أحمد : لا أعلم إلا خيراً، وقد ضعفه بعض العلماء، فقال: ليس بقوي، كـيعقوب بن سفيان ، وكذلك قال بعدم الاحتجاج به بعض العلماء كـأبي حاتم وغيره.
وقد جاء من غير هذا الوجه عند الطبراني من حديث عبد بن حسن عن أبيه عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إسناد ضعيف، وقد جاء من وجه آخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبد الله ، و المغيرة بن شعبة ، و أنس بن مالك ، و أبي مسعود ، و علي بن أبي طالب ، ولا يصح منها شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمثل ما جاء في ذلك هو عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الخبر السابق وهو يدخل في أبواب التساهل.
وقد صحح هذا الخبر غير واحد من العلماء، وقد ضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية في موضع وصححه في موضع آخر، والمعتمد فيما يظهر من قوله أنه يصححه كما نقل ذلك عنه ابن القيم ، وأنه لم يدع ذلك مرةً في كل صلاة مكتوبة منذ عرف ذلك، يعني: الفضل الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والأمر الثاني في مسألة فضائل آخر آيتين من سورة البقرة: جاء فيها ما تقدم الكلام عليه من حديث عبد الله بن عباس عليه رضوان الله تعالى في النورين اللذين أنزلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذلك فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ آخر آيتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه ) .
والمراد بكفتاه قيل: كفتاه عن ورده من الليل، وقيل: المراد بذلك كفتاه من الشيطان أن يوسوس له وأن يأتيه، وقيل: إنها كفتاه من الهم والغم والشرور على سبيل العموم. وقيل: إن المراد بذلك أنها تغني عن سائر ما اعتاده الإنسان من فضل كان يفعله في ليلة في حال تركه له.
وهذا لا يكون إلا لجلالتها، ويظهر فضلها في الكفاية, ويظهر أنه ما قرأ موضعاً أو حرفاً منها إلا أعطاه الله جل وعلا منها بقدر قراءته، كما جاء في حديث عبد الله بن عباس وهو في الصحيح.
وأما ما جاء في قراءة آية الكرسي والآيتين من آخر سورة البقرة في الصباح والمساء, فالوارد في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ضعف كما تقدم الكلام عليه، وإنما هو في آية الكرسي في الليل عند النوم.
وأما آخر آيتين من سورة البقرة فإنها تقرأ في الليل ولا تقرأ في المساء، وفرق بين المساء والليل, وذلك أن المساء يبتدئ نهاراً، قيل: إنه من بعد صلاة العصر، وقيل: إنه من بعد صلاة الظهر، والأرجح في ذلك أنه من بعد صلاة العصر. فيقرأها ليلاً، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من قرأها في ليلة كفتاه ) ، ومن قرأها قبل المغرب لم يكن قد قرأها ليلاً، فيعلم أن قراءتها تكون من الليل بعد صلاة المغرب.
وقراءتها بقصد الكفاية قبل ذلك لم يقع عليه النص إلا في حال حاجة الإنسان إلى ذلك؛ لغلبة نوم ونحو ذلك وحاجته مثل هذا يريد أن يتأول الخبر فإن هذا محتمل.
الأمر الثالث في فضائل السور: فضائل سورة آل عمران، وتقدم الكلام على ذلك كما جاء في حديث أبي أمامة من بيان فضلها في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( اقرءوا البقرة وآل عمران )، وفي قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غيايتان، أو كأنهما غمامتان، أو كأنهما فرقان من الطير صواف ) ، وهذا في الصحيحين.
وخصيصة آل عمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يثبت فيها شيء بفضل زائد عن سورة البقرة إلا في ذكرها في منتصف الليل، في حال القيام في منتصف الليل أو قبل منتصف الليل إذا كان الإنسان نائماً ثم قام, فإنه يقرأ العشر آيات من آخر سورة آخر عمران.
وذلك لما جاء في الصحيح من حديث عبد الله بن عباس قال: ( بت عند خالتي ميمونة عليها رضوان الله تعالى، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجه في طول الوسادة فنمت في عرضها, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، فقرأ آخر عشر آيات من سورة آل عمران حتى ختمها ) ، وهذا خصيصة لها في مثل هذا الموضع، ولهذا ينبغي للإنسان أن يحرص عليها بقدرها.
وأما ما يذكره بعض من يتكلم في فضائل القرآن في خصيصة ومزية تزيد عن فضل سورة البقرة لخصيصة آل عمران فإنما ورد في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه ضعيف، أو في عداد الموضوع والمنكر، وقراءة البقرة وآل عمران لطرد السحر، وكذلك لطرد الجان، مما هو معلوم، وهو في سورة البقرة أظهر وأبين لجملة من الخصائص في ذلك, منها، ما تقدم الكلام عليه في قول النبي عليه الصلاة السلام: ( اقرءوا البقرة, فإن قراءتها بركة, وتركها حسرة, ولا تستطيعها البطلة )، يعني: السحرة، وما جاء في حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( فإن الشيطان لا يدخل بيتاً تقرأ فيه سورة البقرة ) .
وإذا قرأ الإنسان باعتبار دلالة النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك كما جاء في الحديث السابق، فإن هذا ظاهر.
نكتفي بهذا القدر، والأسبوع القادم بإذن الله عز وجل نكمل ما جاء من الفضائل في سور القرآن وآيه حتى نختمها في مجلس بإذن الله تعالى.
السؤال: الحديث الضعيف يتساهل فيه من أبواب التحسين لا من أبواب العمل؟
الجواب: فرق بين تحسين الحديث لقرائن احتفت به وبين العمل به، إذا تحقق لدينا أن الحديث ضعيف, ولا توجد قرينة تقويه، فننظر إذا كان في أبواب الأحكام نشدد، وإذا كان في أبواب الفضائل نتساهل.
أما في أبواب الفضائل فيتساهل في التحسين ما لا يتساهل في أبواب الأحكام، في التحسين لا في أبواب العمل، فإذا وصلنا إلى هذه المرتبة قلنا بالعمل، ونحن نقول في آية الكرسي في فضائل الأعمال من أبواب التحسين لا من أبواب العمل، فنحن نحسنها لقرينة فضائل الأعمال باعتبار أن ما جاء في فضائل الأعمال لا يحمله الكبار كـشعبة بن الحجاج ، و ابن عيينة ، يروون الأحكام الثقيلة الكبيرة، وما عداها من الفضائل يرويها من دونهم فتكون هذه قرينة على تحسين الحديث.
السؤال: قراءة السور في بعض الصلوات؟
الجواب: لا يدخل هذا في أبواب الفضائل إلا ما كان على سبيل الاستدامة. مثال: قراءة سورة ق على منبر الجمعة النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأها، هذا من علامات فضائل سورة ق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كررها في مثل هذا الموضع، لكن لو جاء في خبر أن رجلاً روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سمعه يقرأ سورة البقرة في صلاة الفجر, هل هذا دليل على فضل هذه السورة على سبيل التخصيص؟ لا، من العلماء من يقول بذلك, ولكن هذا لا يظهر على الصحيح.
السؤال: يقول تشغيل التلفاز أو الإذاعة في المنزل هل يغني؟
الجواب: تشغيل التلفاز والإذاعة لقراءة القرآن هو نافع لأشياء ولا ينفع لأشياء أخرى، نافع للاستذكار، أن يستذكر الإنسان محفوظه، تقويم لسان الصبية الترديد معه، يفيد في التلقين, هذه أمور محمودة، وغيرها مما يلحق به.
ومن الأمور التي لا تفيد: هو الحرز، أن يظن الإنسان أن هذا حرز له ولبيته، أنى ينفعك المذياع والتلفاز وأنت معرض عن القرآن؟ ولو علقت القرآن في قلادة على نحرك وأنت معرض عن الله ما نفعتك تلك القلادة، لأن المراد بذلك أن يقبل القلب، إذا أقبل القلب بكليته لله جل وعلا وتلفظ اللسان انتفع الإنسان.
السؤال: تكرار البقرة للرقية وللسحر حسن؟
الجواب: نعم.
السؤال: وإهداء الثواب؟
الجواب: هذه مسألة من المسائل الخلافية في مسائل إهداء الثواب في قراءة القرآن، هل يصل إلى الميت أم لا؟
والذي يظهر والله أعلم أنه لا يصل، لأن هذه مردها التوقيف، ولا أعلم في ذلك خبراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصح إلا بعض العمومات التي يستدل بها بعض الفقهاء من الحنابلة والشافعية من أنها تصل, والصواب: أنه لا يصل إلا ما جاء في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له ) .
والولد الصالح ذكر هنا للتغليب لأنه أغلب ما يدعو لأبيه الولد، على سبيل التغليب، لكن يدخل الجار الصديق، الأخ، الأب لابنه، لو مات قبله، الأم، وغير ذلك يدخل إذا دعا له. الصدقة الجارية سواءً كانت منه أو من ابنه أن يوقف لأبيه ونحو ذلك.
أما أن يقوم الإنسان بعمل ذاتي دل الدليل على ذاتيته لنفسه, ثم يهدى هذا العمل بكليته، هذا يلزم منه أن يقال: بأن الإنسان يصلي ركعتين ويهدي الثواب، وأن يصوم ويهدي الثواب، وهذا توسع لا دليل عليه، ما دل الدليل عليه من الصدقة والعمرة والحج بالقيود والضوابط المعلومة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فضل الآيات والسور [2] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
https://audio.islamweb.net