اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كتاب الصلاة [3] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
فبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال: [باب بدء الأذان
حدثنا عباد بن موسى الختلي وزياد بن أيوب وحديث عباد أتم، قالا: حدثنا هشيم عن أبي بشر، قال زياد: أخبرنا أبو بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار، قال: ( اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها؟ فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القنع -يعني: الشبور، وقال زياد: شبور اليهود- فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر اليهود، قال: فذكر له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى، فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: يا رسول الله! إني لبين نائم ويقظان، إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً، قال: ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما منعك أن تخبرني؟ قال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله، فأذن بلال ) قال أبو بشر: فأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضاً لجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف الأذان
حدثنا محمد بن منصور الطوسي قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد قال: ( لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم، رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به، فإنه أندى صوتاً منك، فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه، يقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله! لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد ). قال أبو داود: هكذا رواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد ].
وفي قول النبي عليه الصلاة والسلام لما سمع عمر يقول: لقد رأيت مثلما رأى، فقال: فلله الحمد، دليل على أن الرؤى إذا تواطأت أنها أقوى، فإذا رأى الإنسان، ورأى غيره نفس الرؤيا فأن هذا قرينة على صدق الرؤيا الأولى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال: فيه ابن إسحاق عن الزهري: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر)، قال معمر ويونس عن الزهري فيه: (الله أكبر، الله أكبر، لم يثن).
حدثنا مسدد قال: حدثنا الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده، قال: ( قلت: يا رسول الله! علمني سنة الأذان؟، قال: فمسح مقدم رأسي، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، ترفع بها صوتك، ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ) .
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عثمان بن السائب أخبرني أبي، وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر وفيه: ( الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح ) قال أبو داود: وحديث مسدد أبين، قال فيه: قال: ( وعلمني الإقامة مرتين مرتين، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله )، وقال عبد الرزاق: ( وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، أسمعت؟ ) قال: فكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليها.
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عفان وسعيد بن عامر وحجاج المعنى واحد، قالوا: حدثنا همام قال: حدثنا عامر الأحول قال: حدثني مكحول أن ابن محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة، الأذان: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والإقامة: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله )، كذا في كتابه في حديث أبي محذورة.
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني ابن عبد الملك بن أبي محذورة يعني: عبد العزيز عن ابن محيريز عن أبي محذورة قال: ( ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه، فقال: قل: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله قال: ثم ارجع، فمد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ).
حدثنا النفيلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يذكر أنه سمع أبا محذورة يقول: ( ألقى عليّ النبي صلى الله عليه وسلم الأذان حرفاً حرفاً: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح )، وكان يقول في الفجر: ( الصلاة خير من النوم ).
حدثنا محمد بن داود الإسكندراني قال: حدثنا زياد يعني: ابن يونس عن نافع بن عمر يعني: الجمحي عن عبد الملك بن أبي محذورة أخبره عن عبد الله بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان يقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله ) ثم ذكر مثل أذان حديث ابن جريج عن عبد العزيز بن عبد الملك ومعناه، وفي حديث مالك بن دينار قال: ( سألت ابن أبي محذورة قلت: حدثني عن أذان أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر فقال: الله أكبر الله أكبر قط )، وكذلك حديث جعفر بن سليمان عن ابن أبي محذورة عن عمه عن جده، إلا أنه قال: ثم ترجع فترفع صوتك: الله أكبر، الله أكبر.
حدثنا عمرو بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى، ح وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة حتى لقد هممت أن أبث رجالاً في الدور ينادون الناس بحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر رجالاً يقومون على الآطام ينادون المسلمين بحين الصلاة حتى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا، قال: فجاء رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله! إني لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلاً كأن عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد فأذن، ثم قعد قعدة، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة، ولولا أن يقول -قال ابن المثنى: أن تقولوا- لقلت إني كنت يقظان غير نائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: -وقال ابن المثنى- لقد أراك الله خيراً )، ولم يقل عمرو: (لقد) ( فمر بلالاً فليؤذن، قال: فقال عمر: أما إني قد رأيت مثل الذي رأى، ولكن لما سبقت استحييت )، قال: وحدثنا أصحابنا، قال: وكان الرجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته وأنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن المثنى: قال عمرو: وحدثني بها حصين عن ابن أبي ليلى حتى جاء معاذ قال شعبة: وقد سمعتها من حصين فقال: لا أراه على حال إلى قوله: كذلك فافعلوا، ثم رجعت إلى حديث عمرو بن مرزوق قال: فجاء معاذ، فأشاروا إليه. قال شعبة: وهذه سمعتها من حصين، قال: فقال معاذ: لا أراه على حال إلا كنت عليها، قال: فقال: إن معاذاً، قد سن لكم سنة، كذلك فافعلوا.
قال: وحدثنا أصحابنا ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أنزل رمضان، وكانوا قوماً لم يتعودوا الصيام، وكان الصيام عليهم شديداً، فكان من لم يصم أطعم مسكيناً، فنزلت هذه الآية: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185]، فكانت الرخصة للمريض، والمسافر فأمروا بالصيام ) .
قال: وحدثنا أصحابنا، قال: ( وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى يصبح، قال: فجاء عمر فأراد امرأته، فقالت: إني قد نمت، فظن أنها تعتل فأتاها، فجاء رجل من الأنصار فأراد الطعام فقالوا: حتى نسخن لك شيئاً، فنام، فلما أصبحوا نزلت عليه هذه الآية: (( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ))[البقرة:187] ).
حدثنا محمد بن المثنى عن أبي داود، ح وحدثنا نصر بن المهاجر قال: حدثنا يزيد بن هارون عن المسعودي عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وأحيل الصيام ثلاثة أحوال، وساق نصر الحديث بطوله، واقتص ابن المثنى منه قصة صلاتهم نحو بيت المقدس قط.
قال: والحال الثالث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصلى -يعني نحو بيت المقدس- ثلاثة عشر شهراً، فأنزل الله تعالى هذه الآية: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:144]، فوجهه الله تعالى إلى الكعبة، وتم حديثه، وسمى نصر صاحب الرؤيا، قال: فجاء عبد الله بن زيد رجل من الأنصار، وقال فيه: فاستقبل القبلة قال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم أمهل هنية، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه قال: زاد بعد ما قال: حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقنها بلالاً. فأذن بها بلال.
وقال في الصوم: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويصوم يوم عاشوراء، فأنزل الله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة:183-184]، فكان من شاء أن يصوم صام، ومن شاء أن يفطر ويطعم كل يوم مسكيناً أجزأه ذاك، وهذا حول، فأنزل الله: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185]، فثبت الصيام على من شهد الشهر وعلى المسافر أن يقضي، وثبت الطعام للشيخ الكبير والعجوز اللذين لا يستطيعان الصوم، وجاء صرمة وقد عمل يومه وساق الحديث].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الإقامة
حدثنا سليمان بن حرب وعبد الرحمن بن المبارك قالا: حدثنا حماد عن سماك بن عطية، ح وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب جميعاً عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: ( أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة )، زاد حماد في حديثه: (إلا الإقامة).
حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا إسماعيل عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس مثل حديث وهيب قال إسماعيل: فحدثت به أيوب، فقال: (إلا الإقامة).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة سمعت أبا جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى عن ابن عمر قال: ( إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين ومرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فإذا سمعنا الإقامة توضأنا، ثم خرجنا إلى الصلاة )، قال شعبة: لم أسمع من أبي جعفر غير هذا الحديث.
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا أبو عامر يعنى: العقدي عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا شعبة عن أبي جعفر مؤذن مسجد العريان قال: سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر يقول: سمعت ابن عمر، وساق الحديث ].
ويجب على الإنسان القدوم إلى الصلاة عند سماع الإقامة، وهذا ظاهر عن النبي عليه الصلاة والسلام ( إذا سمعتم الإقامة فأتوا )، أما قبل ذلك فيستحب للإنسان أن يأتي، وأما إذا كان الإنسان بعيداً بحيث إذا أتى عند سماع الإقامة فاتته ركعة أو ركعتان فيجب عليه أن يبكر بقدر الفوت، ولهذا النصوص إنما جاءت في حال المدينة إذا كانت متقاربة، ولا يخاطب بهذا من كان بعيداً كحال زماننا كأن يسمع بالأجهزة الصوتية، فنقول: لا يجب على الإنسان أن يأتي إلا إذا سمع الإقامة، فإذا سمع الإقامة وجاء وجد الناس قد خرجوا، فلا يتوجه الخطاب هذا، وليس هذا من مقاصد الشريعة أصلاً، فنقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام إنما أمر أصحابه أن يأتوا عند سماع الإقامة وهم قريبون من مسجد النبي عليه الصلاة والسلام ومحيطون به، ثم أيضاً الصوت لا يسمعه إلا من إذا قدم أدرك، بخلاف حال الناس الآن مع وجود الأجهزة الصوتية، ولهذا نقول: إن الواجب على الإنسان أن يدرك الركعة، وفضل الإنسان بالتبكير للصلاة بحسب قدومه قبل ذلك، والناس يتباينون في هذا.
وبأسانيدكم إليه رحمنا الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يؤذن ويقيم آخر.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا حماد بن خالد قال: حدثنا محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمه عبد الله بن زيد قال: ( أراد النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان أشياء لم يصنع منها شيئاً، قال: فأري عبد الله بن زيد الأذان في المنام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: ألقه على بلال فألقاه عليه، فأذن بلال، فقال عبد الله: أنا رأيته وأنا كنت أريده، قال: فأقم أنت ).
حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا محمد بن عمر قال: سمعت عبد الله بن محمد قال: كان جدي عبد الله بن زيد بهذا الخبر قال: فأقام جدي].
يجوز لظاهر الأدلة وكذلك جاء عن جماعة من الصحابة والسلف من التابعين أن يؤذن الإنسان ويقيم غيره، ولا حرج في هذا، لكن الأذان الواحد أن يقسم لأكثر من شخص لا، لكن لو فعل صح، كأن يكون الإنسان مثلاً أصيب بإغماء أو مرض أو نحو ذلك، فأذن شيئاً هل يستأنف المؤذن الثاني؟ نقول: يأتي ويكمل، ولا يبدأ من جديد، كذلك أيضاً باب الإقامة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن غانم عن عبد الرحمن بن زياد يعني: الأفريقي أنه سمع زياد بن نعيم الحضرمي أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي قال: ( لما كان أول أذان الصبح أمرني يعني: النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت، فجعلت أقول: أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق إلى الفجر، فيقول: لا، حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز، ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه -يعني فتوضأ- فأراد بلال أن يقيم، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: إن أخا صداء هو أذن، ومن أذن فهو يقيم، قال: فأقمت ) ].
الحديث ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب رفع الصوت بالأذان
حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي يحيى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة، ويكفر عنه ما بينهما ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، ويقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى ) ].
يستحب للإنسان الأذان ولو كان منفرداً كأن يكون الإنسان في فلاة فيؤذن، ولم يصل معه أحد، وكذلك يقيم، وقد جاء في حديث سلمان الفارسي مرفوعاً وموقوفاً قال: ( من أذن في فلاة، أو أذن وحده ثم أقام إلا صلى خلفه من خلق الله ما لا يرى طرفه )، وهذا فيه إشارة إلى أنه يخاطب أيضاً في العبادة من خلق الله ما لا نعلم، قد يكون من الجن، وقد يكون من غيرهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا الأعمش عن رجل عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا ابن نمير عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح قال: ولا أراني إلا قد سمعته منه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الاذان فوق المنارة
حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت: كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن، قالت: والله ما علمته كان تركها ليلة واحدة تعني: هذه الكلمات ].
وفي هذا جملة من المسائل منها: أن الأذان يكون على شرف عال، والمراد من ذلك هو إبلاغ الصوت، فإذا وجد ما يغني عن ذلك كأن يؤذن الإنسان بالأجهزة الحديثة، فهذا يجزئ عنه، وفي هذا الدعاء قبيل الأذان، وأن الإنسان يدعو قبيل أذانه.
أما بالنسبة للإقامة، فهل تكون على السطوح، أو تكون في مكان مرتفع، إذا لم يكن ثمة أجهزة، فنقول: هذا هو الأصل، وربما يعضد هذا ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في قول بلال للنبي عليه الصلاة والسلام: ( يا رسول الله! لا تسبقني بآمين )، لأنه كان يقيم على السطح ثم ينزل، وربما كبر النبي عليه الصلاة والسلام قبل دخوله في الصف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المؤذن يستدير في أذانه
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا قيس يعني: ابن الربيع، ح وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا وكيع عن سفيان جميعاً عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه، قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج بلال فأذن، فكنت أتتبع فمه هاهنا وهاهنا، قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء برود يمانية قطري، قال موسى قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فأذن فلما بلغ حي على الصلاة، حي على الفلاح، لوى عنقه يميناً وشمالاً، ولم يستدر ثم دخل فأخرج العنزة ) وساق حديثه].
اختلف العلماء في المواضع الذي يلوي فيه عنقه، هل يلوي في الحيعلة من جنس واحد إلى جهة، والجنس الآخر إلى جهة أخرى، أو لكل حيعلة نصيباً من الجهتين، هذان قولان للعلماء.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الدعاء بين الاذان والإقامة
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول إذا سمع المؤذن
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ) ].
والأمر هنا للاستحباب وليس للوجوب، وهذا إجماع الصحابة عليهم رضوان الله، ويصرف الأمر من وجوب الاستحباب ما جاء عن عثمان بن عفان عليه رضوان الله أنه كان على المنبر في صلاة الجمعة، فأخذ المؤذن يؤذن وهو يستخبر الناس عن أحوالهم، وهذا دليل على أنه لم يكن يردد، وإنما انشغل بما يرى أنه من صالح الناس، فيسألهم عن الأسواق وأسعارهم وبيعهم وشرائهم.
وهذا محل إجماع، يعني: أنه فعل ذلك والناس يرون، وهو يسأل العلية في الصف الأول والذي يليه وهم الكبار من الصحابة ومن بعدهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سلمة قال: حدثنا ابن وهب عن ابن لهيعة وحيوة وسعيد بن أبي أيوب عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله عز وجل لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله تعالى، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة، حلت عليه الشفاعة ) ].
والصلاة بعد الأذان على نوعين: صلاة تامة، وصلاة مجزئة، أما الصلاة التامة الكاملة في ذلك فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلى آخره، والصلاة المجزئة أن يقول: صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يسأل الوسيلة للنبي عليه الصلاة والسلام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح ومحمد بن سلمة قالا: حدثنا ابن وهب عن حيي عن أبي عبد الرحمن يعني: الحبلي عن عبد الله بن عمرو ( أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه ).
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن الحكيم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، ورضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً غفر له ).
حدثنا إبراهيم بن مهدي قال: حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن يتشهد، قال: وأنا، وأنا ) ].
من يقول مع المؤذن مثل قوله يزيد: رضيت بالله رباً، يعني: في موضع الشهادتين، وليس هذا لمن عطل الترديد، ثم يأتي بالترضي لا، نقول: يأتي بالترضي مع الترديد، وبالنسبة للمؤذن هل يتوجه إليه الخطاب كالذي يسمع المؤذن فيصلي على النبي عليه الصلاة والسلام؟ ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة إلى آخره؟ ومعلوم أن المؤذن لا يردد مع نفسه، نقول: يدخل في هذا المؤذن كذلك؛ لأنه يقوم بالأذان هو أصلاً، فالذي يردد يأتي بمثل ما جاء به، فيستويان بما بعد ذلك من الإتيان بالذكر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثني محمد بن جهضم قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمارة بن غزية عن خبيب بن عبد الرحمن بن إساف عن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال: أحدكم: الله أكبر الله أكبر، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فإذا قال: أشهد أن محمداً رسول الله قال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول إذا سمع الإقامة
حدثنا سليمان بن داود العتكي قال: حدثنا محمد بن ثابت قال: حدثني رجل من أهل الشام عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة، أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال: النبي صلى الله عليه وسلم: أقامها الله وأدامها )، وقال في سائر الإقامة: كنحو حديث عمر في الأذان ].
وهذا معلول بالجهالة، ومعلول بـشهر، ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام خبر بأن يقال مثل ما يقال المقيم، أما المؤذن فثبت فيه الدليل، جاء في ذلك خبر إذا ثوب المؤذن يعني: أقام فقولوا مثلما يقول، والخبر في ذلك ضعيف، فالترديد يكون في الأذان لا في الإقامة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الدعاء عند الأذان
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا علي بن عياش قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال حين يسمع النداء: اللهم! رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول عند أذان المغرب
حدثنا مؤمل بن إهاب قال: حدثنا عبد الله بن الوليد العدني قال: حدثنا القاسم بن معن قال: حدثنا المسعودي عن أبي كثير مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت: ( علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول عند أذان المغرب: اللهم إن هذا إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعاتك، فاغفر لي )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أخذ الأجر على التأذين
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص قال: ( قلت: - وقال موسى في موضع آخر إن عثمان بن أبي العاص قال-: يا رسول الله اجعلني إمام قومي قال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الأذان قبل دخول الوقت
حدثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب المعنى قالا: حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ( أن بلالاً أذن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي: ألا إن العبد قد نام، ألا إن العبد قد نام )، زاد موسى: ( فرجع فنادى: ألا إن العبد قد نام ) ].
وذلك أنه كلما عظمت مهمة الولاية فإنه ينبغي للإنسان أن يكون محتسباً؛ لأنها تتعلق بقضايا الأمة، وفي ذلك ينبغي أن يغلب الاحتساب، وذلك أن المؤذن يتعلق بأحوال الناس وإقامة الصلاة، فإذا ارتبط وتعلق قلبه بالأجر فإنه ربما فرط في حال فواته، فتتعطل مصالح الأمة، فينبغي أن يغلب المحتسب في هذا الجانب؛ لأنه أقوى وأوفر وأضبط لحال الأمة، وكلما عظمت الولاية فإن التطوع في ذلك أولى، فإذا وقع الشح في الولايات العليا في الأمة فإنه يكون في ذلك الضلال، ولهذا الأمر في هذا معلوم أنه إذا وجدت في الولاية المادة ضلت الأمة، وإذا وجد فيها الاحتساب والصدق والتجرد فإنه يكون في ذلك العدل والإنصاف، وأما فيما يقل من أمور الناس من الأعمال والولايات الصغيرة وغير ذلك فالأمر فيها أهون؛ لتعلقها بالأفراد، أو ربما أيضاً بجماعات قليلة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة.
حدثنا أيوب بن منصور قال: حدثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: أخبرنا نافع عن مؤذن لـعمر يقال له: مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر فذكر نحوه.
قال أبو داود: وقد رواه حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع أو غيره أن مؤذناً لـعمر يقال له: مسروح أو غيره، قال أبو داود: رواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، قال: كان لـعمر مؤذن، يقال له: مسعود وذكر نحوه، وهذا أصح من ذاك.
حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا جعفر بن برقان عن شداد مولى عياض بن عامر عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ( لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يديه عرضاً )، قال أبو داود: شداد مولى عياض لم يدرك بلالاً].
وذلك أن المؤذن إذا أخطأ فإنه يبين للناس في موضعه الذي أخطأ فيه، فينادي في الناس أن الوقت ما زال باقياً أو نحو هذه العبارة، بحيث يفهم الناس أن الأذان جاء في غير موضعه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الأذان للأعمى
حدثنا محمد بن سلمة قال: حدثنا ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر وسعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: ( أن ابن أم مكتوم كان مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الخروج من المسجد بعد الأذان
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء قال: كنا مع أبي هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المؤذن ينتظر الإمام
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة عن إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال: ( كان بلال يؤذن ثم يمهل، فإذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التثويب
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا أبو يحيى القتات عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر فثوب رجل في الظهر أو العصر، قال: اخرج بنا فإن هذه بدعة].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعوداً
حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا أبان عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني )، قال أبو داود: وهكذا رواه أيوب وحجاج الصواف عن يحيى وهشام الدستوائي قال: كتب إلي يحيى، ورواه معاوية بن سلام وعلي بن المبارك عن يحيى وقالا فيه: ( حتى تروني وعليكم السكينة ) .
حدثنا إبراهيم بن موسى قال: حدثنا عيسى عن معمر عن يحيى بإسناده مثله، قال: ( حتى تروني قد خرجت ). قال أبو داود: لم يذكر: (قد خرجت) إلا معمر، ورواه ابن عيينة عن معمر لم يقل فيه: (قد خرجت).
حدثنا محمود بن خالد قال: حدثنا الوليد قال: قال أبو عمرو: وحدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا الوليد، وهذا لفظه عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة: ( أن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا حسين بن معاذ قال: حدثنا عبد الأعلى عن حميد قال: سألت ثابتاً البناني عن الرجل يتكلم بعدما تقام الصلاة فحدثني عن أنس بن مالك قال: ( أقيمت الصلاة فعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فحبسه بعد ما أقيمت الصلاة ).
حدثنا أحمد بن علي السدوسي قال: حدثنا عون بن كهمس عن أبيه كهمس قال: قمنا إلى الصلاة بمنًى والإمام لم يخرج فقعد بعضنا، فقال لي شيخ من أهل الكوفة: ما يقعدك؟ قلت: ابن بريدة قال: هذا السمود، فقال الشيخ: حدثني عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال: ( كنا نقوم في الصفوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً قبل أن يكبر، قال: وقال: إن الله وملائكته يصلون على الذين يلون الصفوف الأول، وما من خطوة أحب إلى الله من خطوة يمشيها يصل بها صفا ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: ( أقيمت الصلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجي في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم ).
حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهري قال: أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تقام الصلاة في المسجد إذا رآهم قليلاً جلس لم يصل، وإذا رآهم جماعة صلى ).
حدثنا عبد الله بن إسحاق قال: أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع بن جبير عن أبي مسعود الزرقي عن علي بن أبي طالب مثل ذلك].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التشديد في ترك الجماعة
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زائدة قال: حدثنا السائب بن حبيش عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية )، قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ) ].
وهذا من الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، أن النبي عليه الصلاة والسلام هدد بذلك، وإنما امتنع النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك لما فيها من الأطفال والذرية، فترك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي قال: حدثنا أبو المليح قال: حدثني يزيد بن يزيد قال: حدثني يزيد بن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا حزماً من حطب، ثم آتي قوماً يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم )، قلت لـيزيد بن الأصم: يا أبا عوف! الجمعة عنى أو غيرها؟ قال: صمتا أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر جمعة ولا غيرها.
حدثنا هارون بن عباد الأزدي قال: حدثنا وكيع عن المسعودي عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: ( حافظوا على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإنهن من سنن الهدى، وإن الله شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق بين النفاق، ولقد رأيتنا وإن الرجل ليهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف، وما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته، ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، ولو تركتم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم لكفرتم ) ].
ذكر (كفرتم) خطأ، أو ربما شاذة، الصواب في ذلك (لضللتم): (ولو تركتم سنية نبيكم لضللتم)، وأصل الحديث في الصحيح بـ(لضللتم)، وربما ذكره بعض الرواة بالمعنى، وهي رواية غير محفوظة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة قال: حدثنا جرير عن أبي جناب عن مغراء العبدي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه، عذر قالوا: وما العذر؟، قال: خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى ).
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم: ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إني رجل ضرير البصر شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: لا أجد لك رخصة ) ].
وهذا من الأحاديث التي ذكر بعض العلماء أنه لم يعمل بها أحد، كما ذكر ذلك الترمذي رحمه الله، وابن رجب في شرح العلل وغيره، والنبي عليه الصلاة والسلام ربما علم بهذا الرجل عدم عذر فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يبين الحكم لمن يصنعه حتى لا يكون ذلك ذريعة لترك الصلاة، فإذا لم يعذر النبي عليه الصلاة والسلام الأعمى فإن غيره من باب أولى، وهذا من التأكيد على صلاة الجماعة، وعجباً ممن يتهاون عن صلاة الجماعة مع وفرة الأدلة وتشديدها عليها عناية ووعيداً وبياناً بأن من يترك صلاة الجماعة، وبالأخص صلاة الفجر وصلاة العشاء أن هذا من أمارات النفاق.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم قال: ( يا رسول الله! إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ فحي هلاً )، قال أبو داود: وكذا رواه القاسم الجرمي عن سفيان ].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , كتاب الصلاة [3] للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي
https://audio.islamweb.net