إسلام ويب

لقد أثبت التاريخ يوماً بعد يوم أن نكبة الأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات، وأن نكايتهم فيها، وجنايتهم عليها تزيد على كل الجنايات والنكايات، فالكفر الظاهر -على خطره وضرره- يعجز في كل مرة يواجه فيها أمة الإسلام أن ينفرد بإحراز انتصار شامل عليها، ما لم يكن مسنوداً بطابور خامس من داخل أوطان المسلمين، ويتسمى بأسماء المسلمين.

النفاق .. وخطره في هذا العصر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله:

وبعد:

لو تداعى المصلحون المخلصون من الدعاة وطلبة العلم إلى عقد مؤتمرٍ يتدارسون فيه أخطر ظاهرة مني بها المسلمون في تاريخهم، لما وجدوا ظاهرةً أشد خبثاً، وأسوأ أثراً من النفاق والمنافقين، لا فارق بين نفاق الأمس ونفاق اليوم من حيث الجوهر، أما الظروف فقد اختلفت، فالنفاق بالأمس البعيد أيام تمكين الدين كان ذلاً يستخفي، وضعفاً يتوارى، وخضوعاً مقموعاً يمثله عمالقه أقزام ورءوس أزلام، حيات وعقارب موطوءة تكاد ألا تنفث السم إلا وهي تلفظ الحياة.

أما اليوم فالنفاق صرح ممرد، وقواعد تتحرك، وقلاع تشيد، إنه اليوم دولة بل دول ذات هيئات وأركان، إنه أحلافٌ وتكتلات وكيانات، بل معسكرات ذات قوة وسلطان، سلطان سياسي، واقتصادي، وإعلامي، وثقافي يمارس الضرار في كل مضمار.

إن النفاق اليوم له قيادة، وهذه القيادة تخطط وتنظم حركته وتغذيه بالباطل والكفر، والقرآن يسمي هذه القيادة بالشياطين: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ [البقرة:14]، وقادة المنافقين قد يكونون ممن يتسمون بالإسلام، وقد يكونون من الكفرة، أو من اليهود، أو من النصارى أو غيرهم، وهم يتصلون بالمنافقين في ديار المسلمين شرقيها وغربيها عبر قنوات خفية مستورة، وبذلك يكون المنافقون أخطر على المسلمين من الكفرة المستعمرين.

فقد أثبت التاريخ يوماً بعد يوم أن نكبة الأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات، وأن نكايتهم فيها، وجنايتهم عليها تزيد على كل الجنايات والنكايات، فالكفر الظاهر على خطره وضرره يعجز في كل مرة يواجه فيها أمة الإسلام أن ينفرد بإحراز انتصارٍ شاملٍ عليها، ما لم يكن مسنوداً بطابورٍ خامس من داخل أوطان المسلمين، ويتسمى بأسماء المسلمين، يمد الأعداء بالعون، ويخلص لهم بالنصيحة، ويزيل من أمامهم العقبات، بل ويفتح الأبواب.

لقد عادت حركة النفاق اليوم متمثلةً بالتيار العلماني، وسبب العودة هو فيئة المسلمين إلى دينهم، وظهور هذه الصحوة المباركة، ورجوع الشباب المؤمن بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم إلى منهج سلفه الصالح، وصار يفضح مخططات أعداء الله عز وجل، إضافةً إلى ظهور حركاتٍ إسلامية مختلفة ومتنوعة في بقاع شتى من العالم، بعضها حركات دعوية، وبعضها جهادية، وبعضها فكرية، فقرر قادة الكفر أن يربوا أشخاصاً على النفاق تعمل في صفوف المسلمين في كل المجالات، تُظهر الإسلام، وتصلي في المناسبات، وتؤدي بعض الشعائر، ثم تظهر بمظهر الحريص على هذا الدين، فيثق بهم الغافلون والبسطاء.

ويقوم هؤلاء المنافقون معلمين، ومربين، وموجهين، وسياسيين، وصحفيين، وكتاباً، ومؤلفين، ورجال فكر، ورجال علم، ثم تصنع لهم الأمجاد الزائفة عن طريق الإعلام، ويلمع هؤلاء ليتخذهم العامة منارات يستقى منها التوجيه والتحليل، يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة:9].

قال الإمام شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى: "فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من علم له قد طمسوه، وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشُبه في أصول غراسه ليقلعوها، وكم عموا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنةٍ وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة:12].. يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8]". انتهى كلامه رحمه الله.

لقد افتتح ابن سلول طريق النفاق، ثم سارت فيه من بعده أفواج المنافقين عبر التاريخ، وفي عصرنا الراهن لا تخطئ العين ملامح العلمنة والنفاق الظاهر المتظاهر مع الكفار في القضايا الكبرى من قضايا المسلمين، شوهد ذلك في تركيا قبل سقوطها، وبعد سقوطها أيضاً خلال أكثر من ثمانين عاماً، ثم شوهد بعد ذلك في فلسطين بعد احتلالها منذ ما يزيد على خمسين سنة، وما يزال المسلمون يرون صوراً من النفاق في أماكن شتى سلخها المنافقون لصالح الكافرين عن هويتها الإسلامية، وبنيتها الاعتقادية، فيخطئ من يظن بأن النفاق الذي قد أفاض القرآن في الحديث عنه، وأسهب في التحذير منه إنما كان يمثل مرحلة تاريخية قد انقضت بدخول الناس في دين الله أفواجاًَ.

جهاد المنافقين في القرآن

إن القرآن -معاشر الأحبة!- الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه بجهاد المنافقين بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التوبة:73] سيظل يتلى إلى يوم الدين، والآية تدل على أن النفاق سيظل موجوداً، وسيظل محسوساً ملموساً في أشخاص، وهيئات، ودول ترى فيهم آيات النفاق، والنفاق المقصود في الآية ليس مقصوراً على النفاق ذي المرامي السياسية، والأهداف التسلطية فقط؛ بل هو النفاق بكافة أشكاله وصوره عندما يكون موجهاً للإضرار بالدين، وأصحاب الدين، سواءً كان صادراً من أهل السياسة، أو من أهل الثقافة، أو من أهل الفن والقلم، أو حتى من بعض المنسوبين للعلم والفتوى في بعض البلدان.

فالأمة تعاني اليوم من شرذمة ظهرت على وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، تتكلم باسم العلم والفتوى، وتمرر قضايا خطيرة جداً، فيها من التلبيس على عقول الناس ما الله به عليم، تصب في تحقيق أهداف أشخاصٍ يخدمونهم باسم الدين، والله المستعان! وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة:11-12].

الفروق بين وجوب جهاد المنافقين ووجوب جهاد الكفار

إن جهاد المنافقين من أجلَّ فرائض الدين، وهو لا يقل شأناً عن فريضة الجهاد ضد الكافرين، وقد ذكر بعض العلماء بأن جهاد المنافقين إنما هو فريضةٌ دائمة، بينما جهاد الكافرين قد لا يكون على الدوام، وذلك من خمسة أوجه:

الوجه الأول: أن جهاد الكفار يجئ ويذهب باختلاف الأمكنة والأزمنة، وبحسب وجود دواعيه ومسبباته، من: مداهمة الكفار لبلدان المسلمين، أو فتح المسلمين لمعاقل الكفار، أما المنافقون فجهادهم قائم، ودائم، في السلم والحرب؛ لأن أذاهم للدين موصول في السلم والحرب.

الوجه الثاني: أن عداء المنافقين في الغالب مستتر خفي، وعداء الكفار معلنٌ جلي، ولا شك أن المستعلن للعداء يعطي من يعاديه فرصة للتحفز والاستعداد وأخذ الحذر، بخلاف من يتآمر في الخفاء.

الوجه الثالث: أن خطر المنافقين ينطلق من الداخل من بين صفوف المسلمين، بينما يجيء خطر الكفار الظاهرين في أكثر الأحيان من الخارج، وخطر الخارج لا يستفحل دائماً إلا إذا سانده طابورٌ خامس من الداخل.

الوجه الرابع: أن عداوة المنافقين شاملةٌ لا تقتصر على جانبٍ دون جانب، فهي تبدأ من الكلمة همزاً ولمزاً، وسخريةً وغمزاً، وتنتهي إلى الخيانة العظمى في القتال في صف الكفار، وتحت راياتهم والتآمر معهم على المسلمين، وكشف أسرارهم.

الوجه الخامس: أن جهاد الكفار قد يكون عينياً، أو يكون كفائياً، وقد يسقط بالأعذار أو الإعذار، أما جهاد المنافقين فهو غير قابلٍ للسقوط إذا وجدت مسوغاته، فهو واجب على كل مكلف بحسبه، ففي الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من نبي بعثه الله في أمةٍ قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) رواه مسلم في صحيحه.

ويأخذ جهاد المنافقين أحكام جهاد الكافرين إذا ظهر من نفاقهم الكفر الجلي بقولٍ أو فعل، قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: "روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: [بعث النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف: سيفٌ للمشركين: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ [التوبة:5] وسيف لكفار أهل الكتاب: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]، وسيف للمنافقين: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التوبة:73]، وسيف للبغاة: فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات:9]] ثم قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "وهذا يقتضي أن يجاهدوا بالسيوف إذا أظهروا النفاق" وهو اختيار الإمام ابن جرير رحمه الله تعالى.

فإذا كان واقع المسلمين اليوم في أكثر الأحوال لا يسمح بجهاد المنافقين بإقامة الحدود، أو الإغلاظ عليهم لكف شرهم، فلا أقل من تعويض ذلك بجهادهم باللسان، وما يقوم مقامه من كل وسيلة ترد ما يستطاع من كيدهم للدين، وإلا فإن ذلك النفاق سيظل يتوحش ويطغى حتى يهدد بهدم معالم الإيمان والدين في كل بلاد المسلمين.

النفاق في عهد الرسالة

إن علماء الإسلام عندما تحدثوا عن أحكام جهاد المنافقين لم يفترضوا واقعاً خيالياً، بل تحدثوا عن واقع عاشته الأمة الإسلامية معهم منذ وضعت لبنات مجتمعها الأول في المدينة.

وصفحات السيرة والتاريخ تقطر بمواقف مخزية لحزب المنافقين الذي ظهر أول ما ظهر في مجتمع الطهارة الأول في عهد الرسالة، ولم يستح ذلك الصنف من الناس أن يكون له حزبه وجنده في أطهر مكانٍ وأفضل زمان في تاريخ الإنسان، ليعلن أن خطره لن يستثني زماناً دون زمان، ولا مكاناً دون مكان، بل ولا إنساناً دون إنسان، ولو كان هذا الإنسان هو خير البشر وسيد الرسل صلوات ربي وسلامه عليه.

ففي أخطر لحظات الدعوة الإسلامية وأدق المراحل التي واجهت فيها أعداءها الخارجيين كان حزب النفاق بالمرصاد لهذه الدعوة في صف أعدائها.

ففي غزوة أحد عندما حشدت قريش ثلاثة آلاف مقاتل بكامل الإعداد والعتاد، وكان جيش المسلمين لا يزيد على ألف مقاتل، وفي موقف دفاع، وبينما كان الفريقان يستعدان للنزال في معركة فاصلة، إذا بزعيم النفاق ينخذل عن جيش المسلمين بثلاثمائة من قومه ليعود للقعود في المدينة ، ويصور القرآن هذا المشهد، ويحكي هذا التصرف في معرض حديثه عن هذه الغزوة، عندما قال تعالى: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا [آل عمران:154].

وقد عد القرآن هذه المواقف الانتهازية من المنافقين خيانةً لأهل الإسلام بإسلامهم إلى الأعداء، ومسارعة إلى الكفر، ونصرة له، فقال الله تعالى لنبيه بعد أن سجل على المنافقين جرمهم: وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:176-177].

وأما عن مناصرة المنافقين لليهود، فلهم في ذلك صولات وجولات، فقد سطرت كتب التاريخ مواقف غدر وخيانة لهم مع بني قينقاع، وبني النضير، سجل القرآن أحداثها: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [الحشر:11].

إن من يريد أن يقتفي أثر إفساد المنافقين خلال عهد الرسالة عليه أن يبحث عن ذلك في مظان الحديث عن اليهود، فأينما وجد اليهود وجد المنافقون، فالتاريخ وعاء لما يقضى من القدر خيره وشره، فأقدار الخير يهيئ الله لها رجالاً عظماء شرفاء، فبعد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم كم من رجال تألقوا في التاريخ، بل وتألق التاريخ بهم من علماء، ودعاة، ومجاهدين، وقادة ... وغيرهم وغيرهم ممن نفع الله بهم الدين والدنيا.

وأما أقدار الشر فقد خُلق لها الأشرار ممن لوثوا صفحات التاريخ بأسمائهم، وقبيح أفعالهم من باطنيين، ومنافقين، وعلمانيين، ومجرمين، فكانوا ولا يزالون كالورم الخبيث الكامن في الجسد في انتظار لحظة من الوهن والإنهاك حتى يفرض نفسه منتشراً بالداء والبلاء.

علاقة المنافقين بالنصارى

وأما عن علاقة المنافقين بالنصارى، فهي علاقة حميمة وقديمة، ولنستعرض مثالين فقط يدلان على ذلك:

دور المنافقين في غزوة تبوك

المثال الأول: قصة غزوة تبوك : في ظرف من أدق وأشق الظروف التي مرت على الدعوة الإسلامية في عهد الرسالة، نما إلى مسامع المسلمين في المدينة في أواخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم أن أكبر قوة في الأرض آنذاك تعد لسحق المسلمين في دارهم، وطي صفحة الإسلام من التاريخ بتخريب مدنه، واجتياح أرضه، وتقتيل أهله وتشريدهم، ولقد تواردت الأنباء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نصارى الروم على وشك القدوم، فقرر النبي صلى الله عليه وسلم أن يباغت القوم بالحرب قبل أن يكملوا الاستعداد.

وفي وقت نضج فيه الثمر، وطاب فيه المقام، مع شدة الحر ندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس للنفير دفاعاً عن هذا الدين المستهدف من أعتى عدوٍ في العالم آنذاك، فاستجاب الصادقون المخلصون خفافاً وثقالاً رغم المكاره، وأطاعوا أمر النبي عليه الصلاة والسلام ، في تقدير شجاع لخطورة هذا الموقف، فتحرك النفاق الذي كان يتوق إلى يوم تتهاوى فيه قلعة الإسلام وتسقط راياته، فجاءت سورة التوبة التي تسمى أيضاً بالفاضحة والمبعثرة؛ لأنها فضحت وبعثرت أسرار المنافقين، جاءت هذه السورة حافلةً بأخبار النفاق، وسلوك المنافقين؛ لترسخ في أفهام المسلمين أهمية أن يتفقدوا صفوفهم، ويختبروا بطانتهم، حاملين قبس القرآن ليكشف لهم بإيضاح وجلاء ماهية وسجية المنافقين، حتى يكونوا منهم على حذر، ويكونوا لجهادهم والتصدي لهم على أهبة واستعداد.

دور المنافقين في استقدام النصارى الصليبيين إلى بلاد الشام

المثال الثاني: دور المنافقين في استقدام النصارى الصليبيين إلى بلاد الشام .

ما السر في أن نصارى العرب يكثر تواجدهم في الشام أكثر من غيرها؟

الجواب: إنهم المنافقون، تظاهر رأس من رءوس المنافقين بالتشيع، وهو رجل كان يسمى أبا الخطاب بن الأجدع، وهو الذي نسبت إليه الفرقة الخطابية، وسلك طريق النفاق المعتاد بادعاء الصلاح، فصاحب جعفر الصادق في حياته، وادعى أنه وصيه بعد مماته رغم تبرؤ جعفر منه، وتتلمذ هذا الرجل على أفكار منافق زنديق آخر يسمى: ميمون القداح المنحدر من أصول يهودية، وعمد هذا الآخر إلى الدعوة للتشيع على الطريقة الإسماعيلية المنحرفة، وتحركت بإيحاء من تلك الأفكار الحركة القرمطية التي تبنت نشر المذهب الإباحي، الداعي إلى إباحة المحرمات، وإسقاط الواجبات، وكان لـميمون القداح حفيد يدعى سعيد، ادعى أنه أحد أبناء الأئمة المستورين من ذرية إسماعيل بن جعفر الصادق، فزعم على هذا أنه علوي يستحق الخلافة، وقد بدأ يدعو لنفسه بالخلافة بعد أن سمى نفسه: عبيد الله وشايعه جمع من المنافقين على ذلك، وأشاعوا أنه حقاً من العلويين من ولد فاطمة رضي الله عنها وأرضاها.

وتطورت دعوتهم بعد أن كسبت الأنصار، فأقاموا الدولة الفاطمية في بلاد المغرب ، وكان إخوانهم القرامطة والإسماعيلية قد أقاموا دولاً قبل ذلك في البحرين واليمن ، واستمرت دولة العبيديين في المغرب من عام (297)هـ حتى عام (363)هـ حيث انتقلت بعد ذلك إلى مصر في عهد الخليفة العبيدي المعز لدين الله، فأقام لدولة النفاق الشيعي كياناً في مصر.

وقد كان هؤلاء العبيديون الخبثاء يقربون الكفار وبخاصة النصارى، ويتخذون منهم البطانة، ويولونهم المناصب، ويكثرون من الزواج منهم، وكانت هذه البطانة سبباً أساسياً من أسباب استفحال أمر النصارى في بلاد الشام ، بعد أن سيطر عليها العبيديون، حتى آل أمر الشام إلى أن سقطت في أيدي الصليبيين بعد أن فر أمراء العبيديين منها، وتركوها لقمة سائغة لهم، حتى احتلوا القدس، وسيطروا على المسجد الأقصى، ورفعوا الصلبان على مآذنه ولا حول ولا قوة إلا بالله.

علاقة المنافقين بنصارى اليوم

وأما عن علاقة المنافقين بنصارى اليوم فعجب وأي عجب! فبعد أن أعلن الغرب حربه على هذا الدين في أنحاء العالم، والذي أسماها الإعلام الغربي وبوقه العربي: الحرب على الإرهاب، بدأ المنافقون يسخرون أقلامهم في كتابات عفنة في طول العالم الإسلامي والعربي وعرضه، يؤيدون الغرب، وتبرعوا بأكثر مما طلب منهم.

إن الحرب بين المسلمين والغرب حرب مستمرة منذ عقود طويلة، واليوم ناب عنهم فيها منافقون علمانيون أصبحوا يحاربون الدين وأهله، تارة باسم الحرب على الرجعية، وتارة على أعداء التقدمية، وتارات ضد المتطرفين، والظلاميين، والأصوليين، وأخيراً استقر اصطلاح المجرمين على تسمية الحرب ضد الإسلام: بالحرب على الإرهاب موافقة لأسيادهم، وإلا فأين الغرب وحلفاؤهم من التحدث عن الإرهاب اليهودي في فلسطين، والإرهاب الهندوسي على أرض كشمير، والإرهاب الروسي على أرض الشيشان، بل الإرهاب النصراني الغربي في الفلبـين وإندونيسيا وأفغانستان وغيرها من بلدان المسلمين، وهل كان بإمكان الغرب أن يقوم بهذه لوحده لولا وجود مخلصين له في الداخل؟ ثم تعلن وتنفذ بهذه الجرأة والشراسة والشمول لولا استنادها إلى موقف أكثر جراءة وشراسة وشمولاً من المنافقين.

وإلا فمن للغرب بالتدخل المباشر في الأحوال الداخلية لكثير من الدول في صوغ مناهجها، والتحكم في إعلامها، وتوجيه الرأي العام بها، ومحاصرة الدعوة والإصلاح فيها؟

ومن للغرب أن يجعل البلدان الإسلامية أرضاً مستباحة للأغراض العسكرية والاقتصادية والثقافية والمخابراتية وغيرها؟ إنهم المنافقون.

ولا يمكننا -أيها الأحبة- أن نفسر الإخلاص العجيب من المنافقين لأسيادهم من الغرب إلا أنه كراهية ما أنزل الله، هذا السبب الذي يتفرع عنه بقية الأسباب كما قال عز وجل: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45].

ويكفيك -يا أخي الحبيب!- أن تطالع بعض الأعمدة اليومية والأسبوعية لكثير من أعمدة النفاق؛ لترى مصداق ذلك في أقوام جل همهم فيما يتقيئون على أوراق الصحف والمجلات أن يحزن الذين آمنوا.

لقد انقسم الناس إلى معسكرين متميزين لا ثالث لهما: معسكر إيمان وصبر وجهاد ينظم إليهم من يحبهم وإن لم يعمل مثل أعمالهم، ومعسكر كفر ينظم إليهم من يحبهم من المنافقين والعلمانيين، وهذا ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود في سننه بسند صحيح، عندما حدث أصحابه عن تتابع الفتن التي ذكر منها: فتنة الأحلاس، ثم فتنة السراء، ثم الدهيماء التي وصفها بقوله: (لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة، فإذا قيل انقضت تمادت، يصبح فيها الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، حتى يصير الناس إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه).

والمتأمل للتاريخ يدرك بأن أعظم المصائب التي حلت بالمسلمين أفراداً ومجتمعات ودولاً إنما حلت بهم عن طريق النفاق والمنافقين، واليوم نقلب بعض أوراق التاريخ، ونتأمل في بعض صفحاته؛ لنأخذ العبرة والعظة، ولندرك خطورة هذه الشرذمة على هذه الأمة.

المنافقون في عصر الخلافة الراشدة

لنبدأ من أطهر فترة في تاريخ المسلمين بعد عهد النبوة عهد الخلافة الراشدة:

المنافقون في عهد الصديق .. وفتنة المرتدين

توفي الرسول صلى الله عليه وسلم، وتولى الخلافة من بعده الصديق رضي الله عنه، ومع أن مدة خلافته كانت قصيرة لكنه شغل رضي الله عنه واستغرق جهده في مدة حكمه بفئام ممن كتم نفاقهم، وأسكت صوتهم أيام تنزل الوحي حيث كانوا دائمي الخوف، وهذا سر انقماعهم من تنزل القرآن بأخبارهم وأسرارهم، يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ [التوبة:64].

فلما أمنوا تجدد ذلك التنزيل بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، استعلنوا بالنوايا، وأظهروا الطوايا، وكشفوا عن نفاق كان مستوراً، وجهروا بالامتناع عن ركن الإسلام الثالث، بأن منعوا الزكاة التي كانوا يؤدونها كرهاً على عهد الرسالة، وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة:98].

وبدأت معالم فتنة تولى كبرها مبكراً أعراب منافقون في المدينة وحولها كان القرآن قد حذر منهم كما قال الله عز وجل: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ [التوبة:101].

بدأت هذه الفتنة صغيرة في إطار هؤلاء المحيطين بـالمدينة ، حتى توسعت كنار الهشيم، بعد أن تحولت من نفاق مستتر إلى ردة معلنة استوعبت أرجاء الجزيرة ، حتى لم يبق للإسلام في تلك الجزيرة التي وحدها محمد صلى الله عليه وسلم على الدين إلا أهل المسجدين، فقد بدأ الأمر بشبهة أثاروها، حيث قالوا عن الزكاة: كنا نؤديها لمن كانت صلاته سكناً لنا، متذرعين بأن الله جل وتعالى قد قال: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة:103].

فقام الصديق رضي الله عنه وأعلنها مدوية: [والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة] وطارد أبو بكر المرتدين في أرجاء الجزيرة حتى ردها كلها إلى الإسلام، ولا ندري أي مستقبل كان يمكن أن يكون لهذا الدين لو ترك أبو بكر هؤلاء المنافقين الذين قد تحولوا إلى مرتدين ليعبثوا في ثوابت الدين، ويعيثوا فساداً داخل حصن الإسلام والمسلمين، وشاء الله تعالى أن يطفئ تلك النار التي شبت في أرجاء الجزيرة بثباتٍ بدأ به رجل واحد، استطاع أن يختار للمرحلة ما يناسبها من الحسم والحزم.

المنافقون في عهد الفاروق وذي النورين

وفي عهد الفاروق رضي الله عنه خنس النفاق وانقمع، وكيف لا يكون الأمر كذلك وهو الذي فرق الله جل وتعالى به بين الحق والباطل، وهو الذي كان إذا سلك فجاً سلك الشيطان فجاً غيره، ومع هذا فإنه قتل رضي الله عنه بتواطئ المجوسي أبي لؤلؤة مع رجلين آخرين كان أحدهما من أمراء الممالك الفارسية، ويدعى: الهرمزان ، وقد أعلن إسلامه بين يدي عمر رضي الله عنه نفاقاً، والآخر كان يدعى جفينة وقد مات على النصرانية، فتمكن النفاق أن يطعن خنجره في صدر خليفة المسلمين وهو يصلي بالمسلمين ليلقى الله شهيداً.

وأما في عهد عثمان رضي الله عنه فقد تحرك النفاق بصورة لم تسبق في زمن صاحبيه، وقد تمثل هذا في عبد الله بن سبأ وجماعته، حيث أظهر ذلك الرجل اليهودي الملقب بـابن السوداء الإسلام في زمن عثمان رضي الله عنه، وانطلى نفاقه على كثيرين، واجتمع على نفاقه الكثيرون، فبدأ ينشط في الشام، والعراق، ومصر، زاعماً النصح للمسلمين، وهو لا يريد إلا تفريق صفوفهم، وبث الخلاف بينهم، وتجمع حوله أشباهه من المنافقين، وبدءوا فتنتهم بالتنادي بلا حياء بعزل من كان يستحي منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأثر بذلك بعض الصادقين من المؤمنين الذين شوشت عليهم دعايات المنافقين وتهويلاتهم، وصدق الله عز وجل إذ قال عن شأن المسلمين مع المنافقين: وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ [التوبة:47].

وبعدها نشبت الفتنة، ودب الصراع، فكانت الثورة وكانت المصيبة التي انتهت بقتل عثمان رضي الله عنه، بعد أن حاصروه في بيته مدة أربعين يوماً، وقتله المجرمون، وأسالوا دمه مفرقاً على المصحف الذي جمع الأمة عليه.

ولم يكن يدور بخلد أحدٍ من أهل الإسلام أن تتطور فتنة النفاق السبئي لتصل إلى ما وصلت إليه حيث استغل المنافقون فرصة انصراف أكثر الصحابة إلى مكة للحج، ليسيطروا على المدينة ، ويتسلموا مقاليدها، فاتحين بذلك باب الفتنة التي لم تغلق بعد ذلك، فقد ظل قتلة عثمان موضوعاً لمزيد من الفتنة، ومزيد من المصائب التي رزئ الإسلام بها بسبب النفاق وأهله.

المنافقون في عهد علي بن أبي طالب

بويع بعدها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة، وباتت ظلال المصيبة مخيمة على الأجواء، واختلطت مشاعر الحزن بمشاعر الغضب، حتى استحالت إلى رغبة في الانتقام، ثم عزيمة على الثأر، وأخذ بعض المسلمين القميص الذي قتل فيه عثمان ملطخاً بدمه رضي الله عنه ووضعوه على منبر المسجد في الشام ، حيث كان هناك معاوية رضي الله عنه ابن عم عثمان، وأيضاً كان واليه على الشام، فاعتبر معاوية نفسه ولي دم عثمان، وندب الناس للأخذ بثأره ممن قتلوه، وانضم لهذا الطلب جمعٌ من الصحابة، وألح صحابة آخرون على علي رضي الله عنه في المدينة أن يقيم الحدود على قتلة عثمان، فلم يمتنع رضي الله عنه عن ذلك، وتبرأ من قتل عثمان، وقتلته ولعنهم، ولكنه طلب التمهل فقط حتى تستقر الأمور؛ لأن القوم ما تزال لهم شوكة في المدينة، بعد أن توافدوا إليها من جميع الأمصار، فأراد رضي الله عنه أن يداريهم حتى يتمكن منهم، ولولا نفاق هؤلاء وتسترهم بالإسلام واختلاطهم بالناس لما أشكل على علي رضي الله عنه أن يأخذ بالثأر منهم، ولكنه النفاق الذي يخدع ويخادع، ويخلط الأمور كلما كادت أن تصفو.

فتحرك المنافقون الذي يزعجهم استقرار مجتمعات المسلمين، وتوحد كلمتهم، ونشبت بسببهم -ولا حول ولا قوة إلا بالله- الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عن الجميع، وازداد سعيرها بقتال المسلمين بعضهم بعضاً في طائفتين دعواهما واحدة، وقتل من المسلمين خلق كثير، فجع لأجلهم علي رضي الله عنه حتى تمنى لو كان مات قبل أن يرى ذلك، فقد قال لابنه الحسن لما رأى القتل يستحر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم: [يا حسن ! ليت أباك مات منذ عشرين سنة، فقال الحسن : يا أبتِ! قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني! إني لم أر أن الأمر يبلغ هذا] وصدق رضي الله عنه، فلم يكن ممكناً لأحد أن يتصور أن تبلغ خيانة المنافقين بهذه الأمة أن تنشب مثل هذه المعركة التي قتل فيها نحو عشرة آلاف من الطرفين، منهم طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام المبشرَينِ بالجنة.

إنه النفاق الذي بسببه حصلت بين المسلمين موقعتي: صفين والجمل، فاضطر علي رضي الله عنه لقتالهم في آخر الأمر بعد أن بارزوه بالعداوة والشقاق، وأوقع بهم هزيمةً نكراء في معركة النهروان التي قتل فيها نحو أربعة آلاف خارجي.

وهل انتهت فتنة النفاق عند هذا؟ الجواب: لا. لم يتركوه رضي الله عنه هو أيضاً، بل كانت نهايته هو أيضاً على أيديهم حيث قتله الأثيم: عبد الرحمن بن ملجم ، وهكذا تمكن المنافقون أن يقتلوا الخليفة الثاني عمر ، والخليفة الثالث عثمان ، والخليفة الرابع علياً رضي الله عن الجميع.

دور النفاق في إسقاط الخلافة العباسية

لقد كان للنفاق دور بارز في إسقاط الخلافة العباسية أيضاً، في حادثة من أبشع حوادث التاريخ، ذكرها بتفاصيلها وآلامها الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في البداية والنهاية ، ملخصها: أن المستعصم بالله محمد بن الظاهر كان هو الخليفة السابع والثلاثين من خلفاء بني العباس، وقد بويع بالخلافة عام (639)هـ بعد وفاة أخيه المستنصر بالله عبد الله بن الظاهر، وكان للمستعصم وزيراً يسمى: محمد بن محمد بن أبي طالب المشهور بـابن العلقمي، وكان منافقاً رافضياً خبيثاً استطاع بإظهاره الصلاح والتقوى التقرب إلى السلطان، حتى صار وزيراً للخليفة، وهذا هو شأن المنافقين في كل وقت، فإنهم يحرصون على مثل هذه المناصب ليحققوا من خلالها ما يريدون.

فكتب هذا المنافق كتاباً إلى هولاكو ملك التتار يبدي له استعداده بأنه بإمكانه أن يسلمه بغداد، وأن يزيل خلافة المسلمين إذا حضر بجيوشه إليها، وكان التتار قد هزموا في عهد المستنصر بالله، وقتل منهم خلق كثير، وكان هذا العلقمي يريد ويهدف إلى محو أهل السنة وإقامة دولة فاطمية رافضية مكانها، فكتب هولاكو لـابن العلقمي: بأن عساكر المسلمين على بغداد كثيرة، فإن كنت صادقاً فيما قلت لنا، وداخلاً تحت طاعتنا ففرق العسكر، فإذا عملت ذلك حضرنا.

فلما وصل كتاب هولاكو إلى الوزير ابن العلقمي دخل على المستعصم، وزين له بأن يسرح خمسة عشر ألف فارس من عسكره؛ لأنه لا داعي لهذا العدد الضخم الآن؛ لأن التتار قد رجعوا إلى بلادهم، ولا حاجة لتحميل الدولة رواتب هؤلاء العساكر.

ولثقة الحاكم بوزيره كما هي العادة استجاب الخليفة لرأيه، وأصدر قراراً عسكرياً بتسريح خمسة عشر ألف عسكري، فخرج ابن العلقمي ومعه الأمر، واستعرض الجيش، واختار تسريح أفضلهم، وأمرهم بمغادرة بغداد ، وكل ملحقاتها الإدارية، وفرقهم في البلاد.

وبعد عدة أشهر زين هذا المنافق للخليفة مرة أخرى بأن يسرح أيضاً عشرين ألفاً، واستجاب الخليفة له، وأصدر أمراً بذلك، ففعل ابن العلقمي مثلما فعل بالمرة الأولى، وانتقى أفضل الفرسان فسرحهم، وكان هؤلاء الفرسان الذين قد انتقاهم بقوة مائتي ألف فارس، فأصبح عدد جيش بغداد لا يزيد على عشرة آلاف جندي، بعد أن كانوا نحو مائة ألف جندي.

ولما أتم مكيدته كتب إلى هولاكو بما فعل، فركب هولاكو ، وقدم بجيشه إلى بغداد ، وأحس أهل بغداد بمداهمة جيش التتار لهم، فاجتمعوا، وتحالفوا وخرجوا إلى ظاهر المدينة، وقاتلوا بصبر وبسالة، حتى حلت الهزيمة بجيش التتار مرة أخرى، بل وتبعهم المسلمون وأسروا منهم، وعادوا مؤيدين منصورين ومعهم الأسرى ورءوس القتلى ونزلوا في خيامهم مطمئنين.

فأرسل المنافق الرافضي ابن العلقمي جماعة من أصحابه ليلاً فحبسوا مياه دجلة ، ففاض الماء على عساكر بغداد ، وهم نائمون في خيامهم، وصارت معسكراتهم مغمورة ومحاطة بالوحل، وغرقت خيولهم وأمتعتهم وعتادهم بالوحل، والناجي منهم من أدرك فرساً فركبه وخرج من معسكر الوحل، وكان ابن العلقمي قد أرسل إلى هولاكو يعلمه بمكيدته ويدعوه أن يرجع بجيوشه، فقد هيأ له الأمر بما يحقق له ولجيوشه الظفر.

فعاد هولاكو بجيوشه وعسكر حول بغداد ، ولما أصبح الصباح دخل جيش التتار بغداد ، ووضعوا السيف في أهلها، وجعلوا يقتلون الناس كباراً، شيوخاً وأطفالاً، ودخلوا على الخليفة فاحتملوه هو وولده وأحضروهما إلى ملك التتار هولاكو ، فأخرجهما إلى ظاهر بغداد ، ثم وضعها في خيمة صغيرة، ثم أمر عسكره بقتلهما ضرباً بالأرجل، فوضعوا الخليفة في كيس وقتلوه رفساً، ثم دخل التتار دار الخلافة، فسلبوا ما فيها، وصاروا يقتلون كل من يشاهدون من أهل مدينة بغداد ، حتى بلغ القتلى ألفي ألف نفس -أي: مليوني قتيل- واستمر التتار أربعين يوماً وهم يقتلون في الناس فما تركوا أحداً.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: بأن القتل استمر أربعين يوماً في بغداد ، فصارت بعد الأربعين خاوية على عروشها ليس فيها أحد إلا الشاذ من الناس، والقتلى في الطرقات كأنهم التلال، وقد سقط عليهم المطر، فتغيرت صورهم، وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء، فحصل بسبب ذلك الوباء الشديد حتى تعدى وسرى الهواء إلى بلاد الشام ، فمات خلقٌ كثير من تغير الجو، وفساد الريح، فاجتمع على الناس الوباء والفناء، والطعن والطاعون فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولما نودي بالأمان في بغداد خرج عدد من الناس ممن قد اختبأ تحت الأرض ليسلم من القتل، وبعضهم حفر المقابر ودخل فيها، فلما نودي بالأمان خرج من تحت الأرض ومن المقابر أناس كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم، وقد أنكر بعضهم بعضاً، فلا يعرف الوالد ولده، ولا الأخ أخاه، فلما خرج هؤلاء أصابهم الوباء المنتشر بسبب تلوث الهواء فماتوا على الفور، قال ابن كثير : وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، وبمقتل المستعصم بالله انتهت الخلافة في بغداد ، وسقطت الدولة بفعل هذا المنافق.

واستدعى هولاكو ابن العلقمي لكي يكافئه فحضر بين يديه، و هولاكو رجلٌ ذكي يعلم خطورة هذا الصنف من البشر، والذي خان غيره قد يخونه، فقال له: لو أعطيناك كل ما نملك ما نرجو منك خيراً، وأنت مخالف لملتنا، فإنك لم تحسن لأهل ملتك فما نرى إلا أن نقتلك، ثم أمر بقتله فقتل شر قتلة.

هكذا النفاق يقوض أركان الدول إذا لم ينتبه له، وهذه إحدى حيل المنافقين في التخريب والإفساد، وهي إدخال العدو إلى داخل البلاد المسلمة، والتمكين له بالعبث داخل المجتمع المسلم حتى ينهار ذلك المجتمع أو تسقط تلك الدولة، وإدخال العدو للبلد قد يكون حسياً كما فعل ابن العلقمي وذلك بإدخاله مباشرةً بقضه وقضيضه ليمارس هو الإفساد والقتل مباشرة، والقضاء على المسلمين بسرعة، أو يكون معنوياً، فيكون القتل بطيئاً، وذلك بإدخال فكره، وثقافته، وترويجها بين الناس، ونشرها عن طريق الطريق الخامس وهم المنافقون، والشهوانيون، والعلمانيون، فيقوم هؤلاء بتهيئة الجو، وخلخلة الثوابت والأسس حتى يتحلل المجتمع تدريجياً، ويتمكن العدو مما يريد بطريقة غير مباشرة لعب فيها النفاق دوراً بارزاً وكبيراً.

إن بلية الإسلام بالمنافقين شديدة؛ لأنهم منسوبون إليه وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وصلاح وهو غاية الجهل والإفساد، لذلك حذر كتاب ربنا عز وجل من النفاق، وصفات المنافقين في آياتٍ كثيرة، فكان الحديث عن النفاق والمنافقين في القرآن في سبع عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة، واستغرق ذلك قرابة: ثلاثمائة وأربعين آية، حتى قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم.

ومما يوجب مزيد الحذر منهم أنهم كثيرون، منتشرون في بقاع الأرض، قال الإمام العلامة شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى: كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم لكثرتهم على ظهر الأرض، فلا خلت بقاع الأرض منهم؛ لئلا يستوحش المؤمنون في الطرقات، وتتعطل بهم أسباب المعايش، وتخطفهم الوحوش والسباع في الفلوات، سمع حذيفة رضي الله عنه رجلاً يقول: [اللهم أهلك المنافقين، فقال: يا بن أخي! لو هلك المنافقون لاستوحشتم في طرقاتكم من قلة السالك] ولا يعني ذلك تعميم الحكم بالنفاق على الأكثرية والأغلبية، فإن النفاق شعب وأنواع، كما أن الكفر شعب وأنواع، والمعاصي بريد الكفر، فكذا من كان متهماً بنفاق فهم على أنواع متعددة، كما وضحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بقوله: " ولهذا لم يكن المتهمون بالنفاق نوعاً واحداً، بل فيهم المنافق المحض، وفيهم من فيه إيمان ونفاق، وفيهم من إيمانه غالب وفيه شعبة من النفاق ".

دور المنافقين في إسقاط الدولة العثمانية

وعوداً إلى التاريخ، فإن النفاق أيضاً كان له دور بارز في إسقاط الدولة العثمانية، كما كان له دور بارز في إسقاط الدولة العباسية، فمهما قيل عن خلافة آل عثمان من الأتراك وما كان عليها من المآخذ، فإن التاريخ يحفظ لهم أنهم حافظوا على وحدة العالم الإسلامي في كيان سياسي عالمي استمر ما يزيد على خمسة قرون صدوا خلالها عن المسلمين الحملات الشرسة من كفار الشرق والغرب من الروس والأوروبيين، ولكن تلك الخلافة التي أذلت كبرياء طواغيت العالم في العديد من الملاحم تكرر معها في أواخر عهدها أمر قريب مما حدث مع الدولة العباسية، حين استوزر الخلفاء، وقربوا عناصر من المنافقين الحاقدين على الإسلام، الحاملين لأسماء المسلمين، فقد سيطر على مقاليد الأمور في تركيا في أواخر عهد الخلافة شرذمة من منافقي اليهود الذين كانوا قد قدموا إلى تركيا من أسبانيا بعد أن طردهم النصارى من هناك، بعد انتهاء حكم المسلمين في الأندلس .

وتكون تحالف غير مقدس من اليهود الصرحاء والنصارى في الخارج مع المنافقين الأتراك في الداخل، سواءً كان من أصول تركية أو من هؤلاء الدخلاء المهاجرين الذين كانوا مع أعداء الأمة قلباً وقالباً.

ومع مجيء القرن العشرين كان التنسيق بين اليهود وبين المنافقين الأتراك قد بلغ مداه، وبخاصة عندما رفض السلطان العثماني عبد الحميد رحمه الله تعالى أن يعطي اليهود فلسطين ليقيموا عليها دولة لهم، فعندها عزم زعيم الصهيونية الحديثة هرتزل على إزاحة تلك العقبة وهي الخلافة الإسلامية؛ ليقيم اليهود على أنقاضها دولةً للمنافقين المرتدين في تركيا ، ثم دولةً لليهود الظاهرين في فلسطين ، ولم يكن بوسع هرتزل ولا من حوله من المنظمات اليهودية المدعومة من نصارى أوروبا أن يصلوا إلى هذين الهدفين لولا أولئك المنافقون المتسمون بأسماء المسلمين داخل تركيا.

فقد تأسس المحفل الماسوني المسمى: بـمحفل الشرق العثماني في تركيا ليكون نادياً للضرار، يضم في أعضائه كل عدو لدود للإسلام، وشكل المنافقون الأتراك أيضاً: جمعية الاتحاد والترقي ، و حزب تركيا الفتاة ليضموا في أعضائها عناصرهم من القادة في الجيش وغيره من مرافق الدولة.

وبدأ الجميع يتحركون في غفلة من الساسة والعلماء، وأهل الفكر من المسلمين الذين غفلوا أو تغافلوا عن حكم الله عز وجل في إبعاد المنافقين وجهادهم والغلظة عليهم، حتى انتهى الأمر إلى إسقاط الخلافة العثمانية، وإلغاء منصب الخليفة، على يد أكبر رموز النفاق في القرن المنصرم: مصطفى كمال أتاتورك ، وعندها خلع المنافقون رداء الإسلام، وَارْتدُوا ثوب الردة المسماة: بـالعلمانية ، تلك الراية الكفرية الفضفاضة التي أضلت تحت جناحها كل منافق خوان.

ومع وضوح أمر العلمانية الآن وانكشاف منافقيها إلا أنهم يسيرون على الطريق نفسه الذي سار عليه ابن سلول و ابن سبأ ، و ميمون القداح ، و ابن العلقمي ، و كمال أتاتورك ، إنه طريق النفاق، وهو الطريق الذي ظل موصولاً إلى يومنا هذا، حيث يمكننا أن نقول: إن مسيرة الذل التي تسير فيها الأمة منذ أكثر من قرن من الزمان لم يذلل سبلها ويمهد طرقها إلا طوائف المنافقين الذين قد اتخذوا من الكافرين أولياء، فأسلموهم أمة الإسلام، وأخضعوها لهم، ومكنوهم من تركيعها عسكرياً، واستلابها حضارياً، والتحكم فيها سياسياً واقتصادياً، في غيبة سلطان الحكم بدين الإسلام الذي عملوا قبل الأعداء على محاربته ومحاربة أهله بالأصالة عن أنفسهم حيناً وبالنيابة عن الأعداء أحياناً.

الموقف الشرعي تجاه المنافقين

وأخيراً: ما هو الموقف الشرعي تجاه المنافقين؟

يتمثل ذلك في أمور:

أولاً: النهي عن موالاتهم، والركون إليهم كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران:118-119].

ثانياً: زجرهم ووعظهم لقوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً [النساء:63].

ثالثاً: عدم المجادلة أو الدفاع عنهم حيث قال الله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً [النساء:105-107].

رابعاً: جهادهم والغلظة عليهم لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التوبة:73].

خامساً: تحقيرهم وعدم تسويدهم، فعن بريدة مرفوعاً: (لا تقولوا للمنافق: سيد، فإن يكن سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل).

سادساً: عدم الصلاة عليهم امتثالاً لقول الله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84].

فنسأل الله جل وتعالى أن يقينا شر المنافقين، وأن يقينا شر العلمانيين إنه سميع قريب مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , رايات النفاق للشيخ : ناصر محمد الأحمد

https://audio.islamweb.net