إسلام ويب

الحديث عن أفريقيا حديث ذو شجون، حيث إنها القارة التي فيها نسبة كبيرة من المسلمين، وحيث يستقر فيها كثير من القبائل الوثنية التي لها أصول إسلامية، والتنصير اليوم يجتاج العديد من دول هذه القارة! فيا ترى ما هي مميزات الدعوة هناك؟ وكم بذل النصارى من جهود لتنصير تلك القبائل؟ وما هي نتائج هذه الجهود؟ وما هي المشاريع الدعوية القائمة هناك؟

الإسلام في أفريقيا

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1] .. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الأعراف:43]، الحمد لله الذي جعلنا من خير أمةٍ أخرجت للناس، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].

والصلاة والسلام على خير الدعاة إلى الله محمد بن عبد الله، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى من دعا بدعوته وسار على هديه واتبع منهجه إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لقد وصل الإسلام إلى أفريقيا مبكراً، وكانت أول لََمْسةٍ إسلاميةٍ لأديم أفريقيا عندما هاجر فريقٌ من الصحابة رضي الله عنهم إلى الحبشة، وذلك قبل هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثمانية أعوام.

وفي عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح الله على المسلمين مصر.

ثم بدأ الفتح لدول شمال أفريقيا حتى أشرق نور الإسلام على المحيط الأطلسي غرباً قبل نهاية القرن الهجري الأول.

ثم أخذ الإسلام ينتشر بسرعةٍ هائلة في شرق أفريقيا، وغربها، ووسطها، وجنوبها، وذلك عن طريق الدعوة والتجارة وهجرات المسلمين.

ولهذا نستطيع القول بأن أفريقيا كانت ولا تزال قارة الإسلام، ولم تعرف أفريقيا الديانة المسيحية باستثناء أثيوبيا وأقباط مصر ، إلا خلال القرون الأربعة الماضية، حيث بدأت المسيحية بالانتشار وذلك عن طريق آلاف البعثات التنصيرية التي جاءت مقدمةً للاستعمار الأوروبي، وبحماية بنادقه، مستغلةً الفقر، والجهل، والمرض الذي أصاب هذه القارة.

وكذلك يجب ألا ننسى أن قارة أفريقيا فيها أكبر نسبةٍ للمسلمين، مقارنةً بالقارات الأخرى، فالمسلمون يمثلون (53 %) من سكان القارة، والنسبة الباقية تمثل النصارى، والوثنيين، وأصحاب الديانات الأخرى.

أيها الإخوة الكرام: إن الحديث عن أفريقيا حديثٌ طويلٌ وذو شجون، وحديثنا الليلة سيكون عن مجالٍ أظن أنه لَمْ يأخذ حقه عند العاملين في حقل الدعوة إلى الله عز وجل في أفريقيا ، أو عند المهتمين بالعمل الخيري بشكلٍ عام.

إن الكثير منا سمع عن مجاعات أفريقيا ، ومجاهلها، وغاباتها، وأدغالها، ولكن القليل منا من يعرف عن القبائل الوثنية التي لها أصولٌ إسلامية، أو كانت مسلمةً في يومٍ من الأيام، وهي قبائل كثيرةٌ في أفريقيا ، في الغالب تعيش في قرى نائية وبعيدة، وتفتقر إلى أدنى الخدمات الأساسية.

ففي بعض الأحيان لا تصل إليها السيارات فضلاً عن الطائرات، وقد قمنا بعشرات الزيارات لهذه القبائل، فأحياناً نصل إليهم خوضاً في الطين والمستنقعات مشياً على الأقدام ساعاتٍ عديدة، وفي بعض الأحيان نسير في الأدغال ووسط الغابات، وأحياناً كثيرة نسلك بالسيارة طرقاً وعرة وغير معبدة، كل هذا من أجل إيصال كلمة: (لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله) لأمثال هؤلاء.

فعلى سبيل المثال: قبيلة سكلافا في شمال غرب مدغشقر أصولها إسلامية؛ ولكنها اليوم أبعد ما تكون عن الإسلام، فلدى هذه القبيلة أشبه ما يكون بالكعبة، يسمونه (الدعاني) أي: مكان الدعاء. وهم يقومون بطقوسٍ وأعمالٍ في هذا المكان تشبه إلى حدٍ كبير ما يفعله المسلمون في مكة ، فهم يدخلونه بالرجل اليمنى، ويطوفون حوله بإزارٍ ورداءٍ أبيضين، حاسري الرءوس، ومتجردين من الملابس الداخلية، وبعد الطواف يشربون ويتبركون بماءٍ أُعِدَّ لهذا الغرض، ومن ثم يتقربون بذبح الشياه أو البقر، إنها صورٌ مشابهةٌ لما يقوم به المسلم حول الكعبة.

وهناك قبيلة الأنتيمور يعيشون في مئات من القرى المتناثرة، بعض هذه القرى تحمل أسماءً عربية مثل: قرية مكة، وقرية حجاز، وقرية مصري، وملوك القرى في هذه القبيلة لديهم كتبٌ قديمةٌ جداً فيها أدعية وبعض الآيات القرآنية، وكانوا قبل مائة عام يكتبون لغتهم المحلية بالأحرف العربية، أما الآن فلا يعرفون من العربية حرفاً واحداً.

وهناك قبيلة الجبرة في كينيا يصومون رمـضان، ويحـتفلون في شهر ذي الحجة احتفـالاً يسمونه احتفال أرفة -أي: عرفة- ويجلسون للدعاء خمس مرات باليوم، ويسمون أبناءهم أسماءً عربية، ومع ذلك فهم وثنيون.

هذه القبائل وغيرها ممن يشابه وضعها يقدر عددهم ما بين أربعين إلى خمسين مليون نسمة، كانت في السابق مسلمة موحِّدة، تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ولكن مع تعاقب العقود والقرون، وقلة الدعاة بدأت بالانحراف حتى أصبحت وثنية, ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولا شك -أيها الإخوة!- أن هذا يدل دلالةً أكيدةً وواضحة على أن آباءنا وأجدادنا قبل مئات السنين على الرغم من ضعف إمكاناتهم وعدم توفر وسائل المواصلات والاتصالات عندهم؛ ولكنهم قاموا بواجبهم نحو الدعوة إلى الله عز وجل ونشر دين الإسلام في المشرق والمغرب خير قيام، ومع الأسف في عصرنا نحن أبناء هذا الجيل ضاع أمثال هؤلاء، وتحولوا من الإسلام إلى الوثنية، وهذا لا شك أنه من التفريط الذي سنُسأل عنه أمام الله عز وجل يوم القيامة.

أيها الإخوة: إن الكثير من أفراد هذه القبائل حينما يستنير قلبه بالإسلام ويذوق حلاوة الإيمان يعاتبنا أشد العتاب، ويلومنا بقسوة، وبعضهم يقول: سنحاجكم أمام الله عز وجل يوم القيامة؛ لأنكم تركتمونا فريسةً للجهل، ولقمةً سائغةً للتنصير.

ولا زلت أتذكر جيداً قصة ذلك الداعية من قبيلة الكَرَّيُّو وهي قبيلة وثنية، دعاني لزيارة قريته قبل ست سنوات، وبعد الوصول إليها وأول ما نزلت من السيارة وإذا به يجهش بالبكاء، وقد جمع أفراد قريته لاستقبالنا والاحتفاء بنا، فخشيت أن يكون بكاؤه بسبب خطأ ارتكبناه، أو أمرٍ خالفناه، حسب تقاليدهم وعاداتهم، فسألتُ المترجم عن سبب بكائه، وإذا به يجيب إجابةً اقشعرت منها جلودُنا، وارتجفت أبداننا، وانهمرت دموعنا، شعرتُ أن الإجابة كانت كالمطرقة على رءوسنا، عرفتُ من خلال هذه الإجابة كم نحن مقصرون، وكم نحن غافلون عن إخواننا الذين يطحنهم الجهل والفقر والتنصير.

قال -ويا ليته لم يقل- قال: أنا أبكي من الفرح؛ لأني كنت أخشى إذا مت تعلق هؤلاء الوثنيون في رقبتي يوم القيامة، ويشير إلى أهل القرية، أما الآن فأموت وأنا مرتاح حيث أقول لربي سبحانه إذا سألني عنهم بأني حولت الأمانة من رقبتي إلى رقبة أول عربي من أحفاد محمد صلى الله عليه وسلم يصل إلى قريتنا، ويشير إليَّ.

أيها الإخوة الكرام! وأيتها الأخوات الكريمات! يا أبناء الجزيرة! هكذا ينظر إليكم إخوانكم في أفريقيا؛ أنكم أحفاد محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ففي أرضكم هبط الوحي، ومن أرضكم انبعث النور، وهاهي قوافل الدعاة إلى الله عز وجل تنطلق مرةً أخرى إلى مثل هذه القبائل من هذه الأرض الطاهرة.

أيها الإخوة الكرام: إن هداية البشر ودعوتهم إلى الإسلام من أحب الأعمال إلى الله سبحانه، ومن أجلِّ القربات والطاعات، قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].

والدعوة إلى الله عز وجل ليست اختياراً إنما هي واجبٌ وتكليفٌ لا مفر من القيام به، قال صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) رواه البخاري.

ولهذا فإن الدعوة إلى الله عز وجل ليست حكراً على جهابذة العلماء، والخطباء، وكبار الدعاة إلى الله سبحانه، بل كل مسلمٍ ومسلمةٍ مطالبٌ بالدعوة من خلال البذل والعطاء والتضحية، حسبما أوتي من إمكانات وقدراتٍ مادية ومعنوية، وإن الممارس للدعوة بنفسه، والمساهم بماله، والمشارك بإدارته وفكره، جميعاً لهم نصيبٌ من قوله صلى الله عليه وسلم: (لَأَن يهدي بك الله رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم).

علاقة قبيلة البورنا بالإسلام

أيها الإخوة: وحتى يكون حديثنا مركزاً سنتحدث عن إحدى هذه القبائل بشيءٍ من التفصيل، وذلك من خلال مخالطتهم وزيارتهم والمكوث معهم، نتكلم عن عادات هذه القبيلة وممارساتها القريبة من الإسلام، ثم نتكلم عن برامجنا الدعوية والتنموية مع هذه القبيلة، ثم نتكلم عن مسئولية كل واحدٍ منا تجاه هذه القبائل.

والقبيلة التي اخترتها للحديث عنها هي: قبيلة البُوْرَنا.

قبيلة البُوْرَنا تعيش في شرق أفريقيا، وتحديداً في شمال كينيا وجنوب أثيوبيا، ويبلغ عدد سكانها مليوني نسمة أو يزيدون، وهي قبيلةٌ لها معتقداتٌ وثنية، ولديهم كثيرٌ من الخرافات والشعوذة؛ ولكنهم بفطرتهم يؤمنون بالرب سبحانه وتعالى، ويسمونه واقا، ومع أنهم يعتقدون أنه خالق الكون، وأنه هو الذي يحيي ويميت، وهو الذي ينزل الغيث؛ ولكن هذا الاعتقاد مشوبٌ بالوثنية من الاعتقاد في غير الله تعالى من التعلق بالأشجار والأحجار والأموات.

فعلى سبيل المثال: هناك سلسلة من الجبال تبعُد عشرين كيلو متراً غربي مدينة ميغا، هذه الجبال يقدسها بعض البُوْرَنيين فيحلفون ويستغيثون بها، ويطلبون منها تفريج الكربات، وإنزال البركات، ويقومون بتقديم القرابين إليها، وهناك مواقع أخرى مقدسةٌ عند البُوْرَنيين، وهي مواضع اجتماعاتهم العامة تحت أشجارٍ معينة، ويعتقدون في هذه المواضع، ولهذا يخلعون أحذيتهم فيها احتراماً وتقديساً لها.

الغريب أنه بالرغم من وجود هذه الممارسات الوثنية لدى قبيلة البُوْرَنا، ولكنك إذا زرتهم وجلست معهم وتحدثت إليهم تجد أن كثيراً من أعمالهم وممارساتهم اليومية لها علاقةٌ بالإسلام، وقد لمسنا ذلك من خلال زياراتنا المتكررة لعشرات القرى من هذه القبيلة.

بعض اعتقادات البورنا وممارساتهم المشابهة للممارسات الإسلامية

فعلى سبيل المثال: من هذه الممارسات كثيرٌ من أبناء القبيلة أسماؤهم: يحيى، وعلي، ونور، والكبار في السن والوجهاء من هذه القبيلة يلبسون العمامة، ومعروف أن العمامة مظهرٌ من مظاهر المسلمين، والنساء في الغالب يتسترن على عكس القبائل الوثنية المعروفة بالتعري.

السواك يلازمهم رجالاً ونساءً، فلا يكاد يفارقهم، والزنا عندهم من المحرمات، وأكل لحم الخنزير من الموبقات، والكذب، والخيانة عندهم من أقبح الأمور، لديهم دعاءٌ يكررونه في الصباح، وهو: اللهم أصبحتنا بخير، فأمْسٍنا بخير، وفي المساء يقولون: اللهم أمسيتنا بخير فأصبِحنا بخير.

الواحد منهم إذا أراد أن يذبح ذبيحته يوجهها للشمال -أي: جهة القبلة- ويقول قبل الذبح: حلال حلال، وهم بالطبع وثنيون.

ودفن الموتى عندهم كدفن موتى المسلمين تماماً.

وكما ذكرتُ سابقاً أنهم يتوجهون في عباداتهم إلى جبلٍ من الجبال العظيمة لديهم؛ ولكن إذا وقعت على الواحد منهم مصيبة، أو نزلت به كارثة توجه بنظره إلى السماء، ورفع سبابته وقال باللغة المحلية: واقا ككجَّه، أي: إلهٌ واحد، إلهٌ واحد.

هذه الممارسات والأعمال تبين وبشكلٍ واضح أنه هناك علاقة بين البُوْرَنيين والإسلام، إن لم يكونوا مسلمين، وهذا ما يؤكده كثيرٌ من وجهاء وكبراء القبيلة، ولكن كما بينتُ سابقاً بُعدهم عن المسلمين وعدم اتصال الدعاة بهم، وبَعد تعاقب السنوات الطويلة على هذا الحال، جعلهم ينحرفون إلى الوثنية والشرك بالله.

النشاط التنصيري في قبيلة البورنا

وعادةً -أيها الإخوة الكرام- في مثل هذه الأجواء تنشط الدعوة النصرانية ، فالنشاط الكنسي التنصيري وسط قبيلة البُوْرَنا موجودٌ منذ عشرات السنوات، فالكنيسة التنصيرية (مكيني يوسس) منذ أكثر من خمسين سنة تعمل في مدن نغيلي، ويابلون، وميغا من إقليم بُوْرَنا، والطائفة البروتستانتيه لها مركزٌ كنسي كبير في قرية دديم منذ أكثر من عشرين سنة، ويديره خمسةٌ من القُسُس الإيرلنديين، وأثناء إحدى رحلاتي إلى البُوْرَنا قمت بزيارة هذا المركز ووجدتُ القسيسة الإيرلندية التي أسسته قبل عشرين سنة، جاءت من العاصمة لزيارتهم ولتفقد أحوال المركز، ولتنفيذ دورةٍ إداريةٍ للموظفين في فن التعامل مع الناس، وكيفية كسبهم، وفيه قسيسة إيرلندية أخرى عمرها خمسٌ وستون سنة أمضت من عمرها خمس عشرة سنة في هذا المركز، تدعو الوثنيين إلى نصرانيتها.

أرأيتم -أيها الإخوة!- إلى التضحية والبذل والعطاء الذي تتهاوى أمامه كل العوائق والعقبات؟!

أرأيتم إلى التجرد ونكران الذات؟!

أرأيتم إلى الصبر وعدم اليأس؟!

خمس عشرة سنة تعيش في قريةٍ ليس فيها ماءٌ، ولا كهرباء، ولا خطوط هاتف، ولا أي من وسائل الترفيه الأخرى!

خمس عشرة سنة تعيش مع الوثنيين بعيداً عن أهلها، ووطنها، ولا تذهب إلى إيرلندا إلا مرةً واحدة كل سنتين!

خمس عشرة سنة من عمرها قضتها تعلم الطلاب، وتطبب المرضى، وتمسح على رءوس الأيتام، وكل ذلك من أجل تنصير أكبر عددٍ ممكن من الوثنيين.

أيها الإخوة: لو سأل الواحد منا نفسه: ماذا قدم لدينه؟! ماذا قدم لخدمة أمته؟! ماذا قدم لنفسه يوم القيامة؟! لكانت الإجابة أقل مما قدَّمَته هذه المرأة بكثير، فهذه الشواهد، ويوجد مثلها كثير حينما نراها، والله -يا إخوة!- حينما نراها نستصغر أنفسنا، ونحتقر أعمالنا ونستحيي من الله عز وجل على تقصيرنا؛ لأن أمثال هؤلاء يضحون بكل شيءٍ من أجل باطلهم، ونحن معنا الحق وديننا حق، ومع ذلك نبخل عليه، وإذا قدَّمنا من أجله شيئاً قدَّمناه من فُضالة أوقاتنا، وتحدثنا به في المجالس، وكأننا قمنا بما لم يقم به الأولون، ولن يقوم به الآخرون، والله المستعان.

ومن شواهد البذل والعطاء، وعدم اليأس والقنوط عند النصارى: يذكر الدكتور عبد الرحمن سميط في كتابٍ له بعنوان: لمحات عن التنصير في أفريقيا ، يقول: إنه بعد الفشل الذي مُنِي فيه المنصرون بدعوتهم لقبيلة البُوْرنا قدَّم المنصر غونار غارلند رسالة ماجستير إلى معهد فولر اللاهوتي في شيكاغو عام: (1971م) أي: قبل ثلاثين سنة من الآن، عنوان الرسالة: زرع الكنيسة وسط البُوْرنا الرُّحَّل؛ ولكن وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].

يقول الدكتور عبد الرحمن سميط : "المنصرون ليسوا نائمين، ويعملون عملاً منظماً بطريقة علمية، مثال على ذلك: عندهم برامج لقبائل معينة، عندهم برامج لأماكن معينة، وأضرب مثالاً بجنوب السودان، جنوب السودان لا أتوقع أن الكنيسة ترضى أن يهدأ إطلاقاً؛ لأن هدوء وسلام جنوب السودان معناها أن جنوب السودان كلهم يسلمون، أو غالبيتهم يسلمون، وإذا سقط جنوب السودان في أيدينا نحن المسلمون، فسيتم انتشار الإسلام في شمال كينيا، وفي زائير، وأوغندا ، وبهذا يكسروا تطويق القلعة المسيحية التي ظلت صامدة لمدة ألفي سنة، وتوجد أدلة، وتوجد وثائق الآن في الخارجية البريطانية تذكر هذا بوضوح جداً، أنه مُنع حتى لبس الثوب أو الدشداشة العربية داخل جنوب السودان خلال الحكم الإنجليزي، مُنِع المواطن السوداني المسلم من دخول جنوب السودان إلا بجواز خاص، يأخذه من الحاكم الإنجليزي، علماً بأنها ما كانت مستعمرة إنجليزية، كانت مستعمرة مصرية إن صح هذا التعبير، حيث كان تحت الحكم المصري الإنجليزي، ولكن رغم هذا الإنجليز كانوا يتحكمون في جنوب السودان ، ما همهم شمال السودان، طبعاً هم منعوا دخول اللغة العربية، ومنعوا التحدث باللغة العربية، وحاولوا إدخال اللغة الإنجليزية وفرضها في جنوب السودان، وكلها فشلت، استعانوا بالأقباط المصريين، استعانوا بألوان وأشكال من الناس وبفضل الله عز وجل، ليس بجهد منا نحن المسلمون؛ ولكن الله سبحانه وتعالى شاءت إرادته أن يفشلوا في هذه البرامج".

أسباب فشل النشاط التنصيري في قبيلة البورنا

هذه الجهود الكنسية والمقامة وسط هذه القبيلة إنما هي فيضٌ من غيظ، وقليلٌ من كثير، مما رأيناه، حيث لا تخلو قريةٌ فضلاً عن مدينة كبيرة من كنيسة تدعو البُوْرَنيين إلى النصرانية ، هذه الجهود التي وُجِّهت لتنصير البُوْرَنيين باءت بالفشل، أو على أحسن الأحوال بالنسبة لهم أن الذين تنصروا من البُوْرَنيين أقل بكثيرٍ مما كانوا يطمحون إليه.

ويعود ذلك حسب رأيي -والله أعلم- لعدة أسباب:

الفطرة السليمة للبورنا

منها: الفطرة السليمة للبُوْرنا:-

البُوْرنا يؤمنون بالله عز وجل، ويوحدون الخالق توحيد الربوبية وليس توحيد الألوهية، أي: إنهم يؤمنون بوجود الله عز وجل؛ ولكنهم لا يعبدونه، ولذلك فإن عقيدة النصارى التي تقوم أساساً على تعدد الآلهة -التثليث- تتعارض مع هذه الفطرة.

وقد سألتُ أحد زعمائهم ويسمى: أبو يحيى ، وهو مسلمٌ وحَسُن إسلامه، قلت له: إن النصارى منذ خمسين سنة وهم يجتهدون في الدعوة وسط قبيلتكم ولم يتنصر منكم إلا القليل، بينما المسلمون بدءوا بالدعوة للإسلام منذ عامٍ وعشرات الألوف أعلنوا إسلامهم، فما هو السر في ذلك؟

قال بكل بساطة: النصارى يدعوننا إلى شيءٍ يتعارض مع فطرتنا، أما أنتم فتدعوننا إلى ما يتوافق مع فطرتنا.

قلت له: وكيف ذلك؟

قال: حينما سألناهم عن معتقدهم، قالوا: نحن نؤمن بالرب سبحانه وتعالى، فقلنا لهم: ونحن كذلك نؤمن بالرب، قالوا: -أي النصارى- نحن إضافةً إلى ذلك نؤمن بعيسى وهو إلهٌ وابن الإله -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- فقال البُوْرَنيون لهم: وأين عيسى الآن؟ قالوا: إن عيسى مات مقتولاً، أو قالوا: مصلوباً.

قال أبو يحيى : حينما سمعنا هذا الكلام، شعرنا بشيءٍ من النفرة، ثم قال: سألناهم سؤالاً واحداً فعجزوا عن الإجابة عليه، قال: سألناهم: هل كان الرب سبحانه وتعالى -الإله الكبير- يعلم بمقتل ولده أو لا يعلم؟ فإذا كان يعلم ولا يعمل شيئاً من أجل إنقاذ ولده فهذا لا يصلح أن يكون إلهاً، وإن كان لا يعلم فكيف يقتل ولده في ملكه وسلطانه وأرضه دون علمه؟!

ثم قال البُوْرَنيون للنصارى: هل يمكن لنا أن ندخل في دينكم وذلك بالإيمان بالإله الكبير فقط دون الإله الصغير، قالوا: لا بد من الإيمان بعيسى، فقال البُوْرَنيون: نحن وإياكم على خلاف.

وصية أريرو بوصارو

السبب الثاني من أسباب فشل دعوة النصارى بين البُوْرَنيين -وهو من الأمور العجيبة التي اكتشفناها أثناء مرورنا بكثيرٍ من القرى من هذه القبيلة- أن عندهم وصيةً من أحد أحكم وأعقل أجدادهم ويسمى: أريرو بوصارو ، تقول الوصية: أنه سيأتيكم فريقان يدعونكم إلى ديانتهما:

الفريق الأول: وعلامتهم أنهم إذا دَعَوا الإله رفعوا أيديهم إلى السماء، وهؤلاء مسلمون يدعونكم إلى الإسلام.

والفريق الثاني: وعلامتهم أنهم ينحنون عند التحية، وهؤلاء نصارى يدعونكم إلى النصرانية.

تقول الوصية: أوصيكم بقبول دعوة المسلمين.

أيها الإخوة: لمسنا من خلال احتكاكنا بالبُوْرَنيين، وزيارتنا المتكررة لقراهم أن هذه الوصية يعرفها الجميع، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم، عالمهم وجاهلهم.

فهذه الوصية أصبحت لنا مدخلاً جيداً عند الحديث مع زعمائهم وشيوخهم، وتوضيح صلة البُوْرَنا بالإسلام قبل مئات السنين.

عدة مرات قمنا بزيارة زعيم القبيلة الروحي ويسمونه: قالُّو، ومعنى (قالُّو) بلغتهم: العلماء، ويعيش هذا الزعيم وسط الغابة ونحتاج للذهاب إليه إلى دليل، حيث لا يوجد طريقٌ ثابتٌ للسيارات يوصل إليه، بل أحياناً نحتاج إلى ردم بعض القنوات المائية التي أحدثتها الأمطار، ونسير عليها من أجل الوصول إليه.

وأذكر أني أول ما زرته بدأت الحديث معه عن وصية جدهم أريرو بوصارو فقلت له: إن جدنا نحن العرب وجدكم كانا على صلةٍ وطيدة، وكان يعرف أحدهما الآخر.

فقال لي باستغراب: كيف عرفت هذا؟! ومن الذي أخبرك به؟! وكيف استنتجته؟!

فقلت له وهو لا يعرف أني أعلم عن هذه الوصية، قلت له: ألم يوصِكم جدكم أريرو بوصارو؟! وذكرتُ له الوصية.

فقال: نعم.

قلت: هذه الوصية تثبت علاقة جدي بِجَدكم، وإلا لماذا يوصيكم بقبول دعوة المسلمين، ورفض دعوة النصارى؟!

ثم قلت له: إن وجهاء البُوْرَنا يلبسون العمامة، أليس كذلك؟

قال: نعم.

قلت: ونحن كذلك.

وقلت له: إن البُوْرَنيين يدفنون موتاهم بهذه الطريقة، أليس كذلك؟

قال: نعم.

قلت: ونحن نفعل ذلك.

ثم بدأتُ أعدد له هذه الممارسات التي يتفقون بها ولحدٍ كبير مع المسلمين، وفي كل مرةٍ يقول: نعم. ثم قلت له: ألا يدل هذا على أن البُوْرَنا كانوا مسلمين؟! وأن جدكم أريرو بوصارو يريد منكم أن تدخلوا الإسلام؟

قال: نعم.

قلت: ومتى ستدخل الإسلام أنت؟

وبدأتُ أشرح له عقيدة التوحيد، ومفهوم الشهادتين، فقال: لا تستعجل عليَّ، ولا بد أن أستشير أهل الرأي في القبيلة، وأطلب منك أن تزورني كلما جئتَ البلاد لنستأنس بك، ولا تنقطع العلاقة بيننا، فوعدتُه خيراً، وتركته ولساني يلهج بالدعاء أن يشرح الله قلبه للإسلام؛ لأن إسلامه يعني دخول كثيرٍ من أبناء القبيلة للإسلام بإذن الله عز وجل.

وقمت بزيارته عدة مرات بعد ذلك، وأوصيتُ مكتبنا هناك للاهتمام به وزيارته باستمرار لعل الله عز وجل يشرح صدره للإسلام.

انتشار الإسلام السريع في البورنا

أيها الإخوة: من فضل الله تعالى علينا أنه جعل البُوْرَنيين يتقبلون الإسلام بسهولة، ففي العام الماضي أصيبت منطقة البُوْرَنا بالمجاعة، حيث تأخر عنهم المطر لعدة مواسم، وجفت الأرض وماتت الماشية، وأصبحوا في حالةٍ يرثى لها، فدخلنا في هذه القبيلة بمراكز إغاثية عديدة، أسلم خلال ثلاثة أشهر من الإغاثة أكثر من خمسة عشر ألف وثني منهم.

وفي شهر رمضان نفَّذنا برنامج إفطار صائم في اثنتين وثلاثين قرية، أسلم فيها آلافٌ آخرون، وجاءنا مندوبون من خمس وعشرين قرية يطلبون بناء مسجدٍ، وكفالة داعيةٍ، وأبدوا استعداداً للدخول في الإسلام جميعاً؛ ولكن إمكاناتنا أحياناً تحول دون تلبية جميع طلباتهم.

وخلال عامٍ واحد من العمل الدعوي معهم أسلم ما يقارب من خمسين ألف وثني، وما هذا إلا بتوفيقٍ من الله عز وجل.

وقد بدأنا -أيها الإخوة- نسمع عن إسلام مئات وآلاف من قرى مختلفة، وأخشى ما أخشاه الآن ألا يجد هؤلاء العناية من المسلمين أو من المنظمات الخيرية الإسلامية فيرتدون مرةً أخرى للوثنية.

برامج مشروع أسلمة قبيلة البورنا

ولذلك من أجل المحافظة على هؤلاء، وتثبيتهم على دين الله عز وجل قامت لجنتكم: لجنة مسلمي أفريقيا بطرح مشروع أسلمة قبيلة البُوْرَنا، هذا المشروع يضم عدة برامج، بعضها طويل المدى، نتوقع أثره ونتائجه بعد عقدٍ أو عقدين من الزمان إن شاء الله تعالى، وبعضها قصير المدى بدأنا نلمس نتائجه أثناء التنفيذ بفضل الله عز وجل، وهذه البرامج تقوم على خمسة أسس، وهي:

1/ الدعوة.

2/ التعليم.

3/ التأهيل.

4/ التوطين.

5/ رعاية الزعماء وشيوخ القبيلة.

فقبل عامٍ بدأنا بالمرحلة الأولى من هذه البرامج، ومن المؤمَّل تنفيذها إن شاء الله تعالى خلال ثلاث سنوات، على أن تعقبها بعد ذلك مباشرةً المرحلة الثانية من المشروع بإذن الله.

وأهم برامج المرحلة الأولى ما يلي:

أولاً: بناء مركزين إسلاميين متكاملين في مدينتين من أكبر مدن البُوْرَنا وأكثفها في السكان :-

يشتمل كل مركزٍ على:

1/ مسجدٍ جامع.

2/ ومَجْمَعِ مدارس ابتدائية وإعدادية وثانوية.

3/ وسكنٍ داخليٍّ للطلاب.

4/ وسكنٍ للأساتذة.

5/ ومركزٍ طبي.

6/ ودارٍ لرعاية الأيتام.

7/ ودارٍ للتأهيل على الحرف اليدوية.

8/ ومحلات تجارية، يكون ريعها للمركز.

تكلفة مشاريع المركز جميعها بحدود ثلاثمائة ألف دولار أمريكي.

ويوجد لدى مكتب اللجنة مخططات هذين المركزين، وتكلفة بناء كل مشروعٍ منهما، ونتوقع بإذن الله عز وجل أن يكون كل مركزٍ من هذه المراكز مشعل نور وهدايةٍ يستفيد منه الآلاف من البُوْرَنيين كما هو الواقع في مراكزنا الأخرى بين القبائل الوثنية التي عملنا معها منذ سنوات.

ثانياً: بناء ستين مسجداً بمساحاتٍ مختلفة، بواقع عشرين مسجداً في كل عام:-

تكلفة المسجد الواحد تبدأ من: ستة عشر ألف دولار أمريكي، وتزيد هذه التكلفة حسب المساحة، وحرصنا أن تكون تكلفةُ كلِّ مسجدٍ شاملةً لتأهيل وإعداد داعية بُوْرَني، وكفالته لفترةٍ لا تقل عن سنة حتى نتمكن من الاستفادة من المسجد الفائدة القصوى بإذن الله.

ثالثاً: تأهيل ستين داعيةً وإمامَ مسجدٍ بواقع عشرين داعية سنوياً:-

وهذا البرنامج من أهم البرامج التي تحتاج إلى عنايةٍ ودعمٍ ورعاية، فبسبب أن قرى البُوْرَنا بعيدةٌ ونائيةٌ وخالية من الخدمات، فإن كثيراً من الأحيان لا نجد داعيةً مؤهلاً تأهيلاً جيداً يوافق على الإقامة هناك، ويترك مدينته؛ لذلك لجأنا إلى تأهيل دعاة من أبناء هذه القرى النائية، حيث تم اختيار أشخاصٍ من قرىً مختلفة من البُوْرَنا، وأدخلوا في دورةٍ تأهيليةٍ مركزة لمدة ستة أشهرٍ متواصلة في سكنٍ داخلي، يدرسون خلالها أربعة مواضيع، وهي: اللغة العربية، والتوحيد، والفقه، والتفسير، وبعد التأهيل تتم كفالتهم في المساجد التي تم بناؤها، فعملية التأهيل وبناء المساجد تسير جنباً إلى جنب.

وقد تم الانتهاء من تخريج الدفعة الأولى وعددهم عشرون داعية، وتم البدء بالدفعة الثانية، وبعض الدارسين في الدورة الأولى بدءوا وهم لا يحفظون حتى قصار السور، وقد تخرج بعضهم من الدورة وهو يحفظ سبعة عشر جزءاً من القرآن الكريم، إضافةً إلى قدر لا بأس به من الثقافة الشرعية التي تؤهله ليكون إماماً للمسجد وداعيةً في قريته، ولا سيما أن كثيراً من القرى ما زالوا وثنيين.

وصلتنا تقارير عن نشاط بعض هؤلاء الذين تم تأهيلهم وكفالتهم في قراهم؛ وهي تقارير تنشرح لها الصدور، وتُسَرُّ لها النفوس، فأحد هؤلاء الدعاة في اليوم الذي وصل فيه إلى قريته، وبدأ نشاطه الدعوي أسلم معه ثلاثمائة وثني بفضل الله عز وجل، وداعية آخر أسلم معه أكثر من مائتي وثني، ومعظم الدعاة بدءوا الدعوة بجدٍ واجتهادٍ في قراهم.

تكلفة تأهيل الداعية لمدة ستة أشهر: ستمائة دولار.

رابعاً: تسيير قوافل دعوية :-

القافلة الواحدة ينفذها ثلاثةٌ من الدعاة المحليين ولمدة شهر.

تكلفة القافلة الواحدة: أربعمائة دولار.

خلال العام الماضي من البرنامج تم تسيير ست عشرة قافلة كان لها دورٌ كبيرٌ جداً في دخول آلاف البُوْرَنيين للإسلام.

خامساً: إقامة دورات شرعية، ودورات للمهتدين الجدد :-

يشترك في الدورة الواحدة ثلاثون شخصاً، ولمدة أسبوعين.

تكلفة الدورة الواحدة: ثمانمائة دولار.

سادساً: حفر آبار ارتوازية:-

حيث تنعدم مصادر المياه لدى البُوْرَنا، إلا من الأمطار، وفي حالة وجود بئرٍ ارتوازي فإنه يحيي بإذن الله عز وجل عدة قرى فيها عشرات الآلاف من البشر مع حيواناتهم، حيث تعتبر هذه الحيوانات مصدر الدخل لكثيرٍ من الأُسَر في البُوْرَنا، وقد تم البدء ببئرين حتى الآن.

تكلفة البئر الواحد: ستون ألف دولار أمريكي.

وهناك مناطق كثيرة تحتاج إلى مثل هذه الآبار.

سابعاً: كفالة شيوخ وزعماء القبيلة ووجهائها للحج بعد دخولهم في الإسلام:-

وقد تم إرسال اثني عشر منهم للحج، وبعد عودتهم كان لهم دورٌ كبيرٌ في دخول كثيرٍ من أفراد القبيلة للإسلام.

تكلفة كفالة الحاج بحدود: ألف وثمانمائة دولار أمريكي.

من البرامج كذلك:

كفالة الأيتام.

وكفالة طلاب من المرحلة الثانوية، والجامعية.

وطباعة المصاحف، والكتب الإسلامية التي توضح أسس العقيدة ومبادئ الفقه.

هذه مجموعة من البرامج سردتُها باختصارٍ شديد خشية الإطالة، وموجودةٌ لدينا في اللجنة بشكلٍ مفصَّل، وكما ذكرتُ أننا قد بدأنا بها، ولدينا تقارير مفصلة عن تنفيذها، والنتيجة التي وصلنا إليها بالرغم من ضعف الإمكانات، وقلة الطاقات إلا أنها كانت إيجابية في كثيرٍ من الأحيان بفضل الله عز وجل.

ماذا يمكن أن يقدمه المسلم للدعوة في أفريقيا؟

وختاماً: ماذا يمكن أن يقدمه المسلم للدعوة في أفريقيا؟

أيها الإخوة الكرام: لا يخفى عليكم جميعاً أن الدعم المادي المباشر على أهميته ليس هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يقدمه المسلم للدعوة إلى الله وسط هذه القبائل أو للعمل الخيري في أفريقيا ، فهناك الكثير الذي يصعب حصره في هذه العجالة يمكن أن يساهم به كل واحدٍ منا في هذا المجال، منها:

أولاً: الدعاء الصالح :-

فكم من دعوةٍ صالحةٍ فتحت لنا أبواباً مغلقة، وعبَّدت لنا طرقاً وعرة، وحطَّمت أمامنا جبالاً من العقبات والمصاعب، ولو سردتُ بعض الحوادث التي تعرضنا فيها للخطر، أو تعرض لها بعض إخواننا العاملين في العمل الخيري لطال بنا المقام؛ ولكنني لا أشك أن الله عز وجل يسَّرها لنا بسبب دعاء مكروبٍ تم تنفيس كربته، أو بسبب دعاء أخٍ صالحٍ في جوف الليل وَجَدَتْ باباً مفتوحاً فقُبِلَت.

فلا تبخل علينا أيها الأخ الكريم بدعائك الصالح.

ثانياً: السفر إلى الميدان والاطلاع على أوضاع المسلمين، وعلى هذه البرامج :-

ويمكن للجنة ترتيب رحلاتٍ لـأفريقيا لأي عددٍ من الإخوة وفي كل الأوقات، على أن يتحملوا تكاليف سفرهم، وتقوم مكاتب اللجنة في أفريقيا بالاستقبال وتجهيز السكن والإعاشة والنقل، وترتيب البرنامج المناسب.

ثالثاً: الاشتراك ببرنامج المراسلة البريدية مع اللجنة :-

وهذا يتيح لك الاطلاع على آخر أخبار وإنجازات وبرامج اللجنة، حيث نقوم به دورياً، ويمكن تحقيقه بإيصال عنوانك للجنة أو عنوان من ترى من المصلحة المواصلة معه.

رابعاً: تبني مشروعاتٍ أو برامج محددةٍ تقوم أنت بتسويقها بين المحيط الذي تعيش فيه، خلال وقتٍ محدد :-

ويمكن أن تتعاون معك اللجنة بتسويق ما تبقى من المشروع في حال عدم إكمال تسويقه.

ويوجد لدى اللجنة كتيبٌ تسويقيٌ يحوي مئات المشاريع والبرامج المراد تسويقها وتنفيذها في أفريقيا هذا العام، وتصلح هذه البرامج لجميع فئات المُجتمع حيث تبدأ تكاليفُها من أقل من دولار حتى مئات الآلاف من الدولارات.

خامساً: الاشتراك في مجلة الكوثر التي تصدرها اللجنة:-

أو المشاركة في موضوعاتها كدعمٍ للعمل الخيري.

سادساً: إيصال رسالة اللجنة لمن يُظَنُّ فيه الرغبة بالدعم :-

فقد لا تكون مساهماً وداعماً بشكلٍ مباشر؛ ولكن تستطيع أن تدل عليه، والدال على الخير كفاعله.

سابعاً: دعوة أحد المسئولين باللجنة لإلقاء كلمةٍ أو محاضرةٍ في المحيط الذي تعمل به :-

سواء كان ذلك شركةً، أو مؤسسةً، أو مصلحةً حكومية.

ثامناً: دعوة اللجنة للمشاركة في المعارض العامة أو المعارض الداخلية التي تقيمها المؤسسات :-

لإيصال رسالة اللجنة لأكبر عددٍ ممكن.

أيها الإخوة الكرام: هذه بعض الوسائل التي من خلالها يمكن خدمة العمل الخيري.

وأعتقد أن هناك الكثير الذي يناسب وضع وظرف ومكان كلِّ واحدٍ منا، يستطيع من خلالها أن يخدم العمل الخيري.

وأخيراً أيها الإخوة الكرام: أسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وأن يوفقنا جميعاً لخدمة دينه وشريعته.

وإلى لقاءٍ آخر بإذن الله تعالى نتحدث فيه عن قبيلة أخرى من القبائل الوثنية.

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمدٍ، وعلى آله وصحابته أجمعين.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , أصبحوا وثنيين للشيخ : محمد الخميس

https://audio.islamweb.net