نسأل الله تعالى أن يجعل لقاءنا لقاءً نافعاً، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
محاضرة هذه الليلة عن أمور متنوعة من المناسبات والأوقات التي يواجهها المرء المسلم في حياته، ويريد أن يعرف لها جواباً، وكيف يتصرف فيها، فيمكن أن نسمي محاضرتنا هذه بعنوان: ماذا تفعل في الحالات الآتية؟
وأمهد لهذا العنوان بمقدمة من الأمور الدنيوية ولعلكم لا تعجلون عليًّ أو تستغربون من إيراد بعض هذه الأشياء، لكن نريد أن نوضح شيئاً من المقصود، وفيها فائدة أيضاً.
أهل الدنيا في الأمور الدنيوية يجيدون كثيراً ويستعدون، ويأخذون الحيطة ويتأهبون لكافة الطوارئ والحوادث، ونحن المسلمون بطبيعة الحال نأخذ الحكمة أنَّى وجدت، لكن الفرق بيننا وبينهم أنهم يهتمون بدنياهم فقط ونحن نهتم بدنيانا وبآخرتنا، وإذا نظرت إلى الحالات الطارئة التي يمكن أن تحدث عند الذين قد تمرسوا بأمور الدنيا، ولنأخذ مثالاً على ذلك: الحالات الطارئة في الإسعافات الأولية ونحوها؛ فإنك ستجد أموراً كثيرة، كل مناسبة وكل حادثة فيها تفصيل وتأصيل وطريقة معينة ووسائل وخطوات تتبع، يحرصون عليها حرصاً كبيراً، فمن ذلك مثلاً: لو أصيب شخص؛ فإنهم يتكلمون عن أسلوب سحب المصاب بواسطة رجل أو اثنين أو ثلاثة بواسطة الكرسي أو النقالة أو البطانية ونحو ذلك.
وإذا أصيب بنـزيف ظاهري يتكلمون عن أهمية وقف النزيف وسد الجرح، وإذا وجد في حالة إغماء وفي فمه قيء، فيقولون لك: اخفض رأس المصاب، وأدر رأسه يميناً أو يساراً؛ حتى لا تترك للقيء فرصة للدخول في المسالك الهوائية، وتجنب لمس الحرق بأصابع اليد العارية، وتجنب إدخال أمعاء المصاب أو أحشائه داخل البطن إذا كانت بارزة للخارج.
وإذا جئت إلى قضية الحريق والحرائق فإنهم يقولون لك: ينبغي على الأسرة أن تتدرب على حالة إخلاء البيت، وإن الإطفائيين كثيراً ما يعثرون على ضحايا أكثرهم من الأطفال رابضين تحت الأسرة أو تحت الخزائن أو وراء الأبواب المقفلة كانوا يحاولون الاختباء من الدخان أو النار.
ويقول لك أصحاب الدفاع المدني: ينبغي أن يكون لكل غرفة مخرجان باب ونافذة مثلاً، وأنك لا تضيع الوقت في أمور تافهة عند حدوث حريق كارتداء ملابس أو البحث عن نقود أو ذهب، وأنه ينبغي عليك أن تتحسس الباب في المبنى المحترق قبل فتحه، فإن كان حامياً فتخرج إلى النافذة أو بارداً فتفتحه بحذر، وإذا كان المخرج عابقاً بالدخان؛ فإن عليك أن تزحف على صدرك قريباً من الأرض ويسمونها المنطقة الآمنة، وإذا التقطت النيران ثيابك؛ فانزعها فوراً، وإن لم تتمكن؛ فانبطح على الأرض، والتف حول نفسك حتى تنطفئ، ولا تركض مذعوراً؛ فإن النيران ستنتشر إلى بقية الثياب والجسد.
ويقولون لك أيضاً: في حالة حدوث تراشق بالنيران؛ فإن عليك أن تنبطح أرضاً، وأن تلصق جسدك ووجهك ويديك بالأرض، وعند حدوث أعمال عنف ولا يمكنك الفرار؛ فانبطح وغط وجهك ويديك، وابتعد عن النوافذ الزجاجية ونحوها.
وإذا ابتلع شخصٌ شيئاً وقف في حلقه، فإنهم يبينون لك كيفية التعامل مع هذه الحالة الطارئة، فإذا علق في حلقه قطعة من الطعام أو سدادة بلاستيكية مثلاً، ولم يستطع السعال لإخراجها أو شرب الماء؛ فإن عليك أن تقف خلفه، وتطوق خصره بذراعيك، وتضع قبضتك من ناحية الإبهام فوق سرته وتحت قفصه الصدري، وتضغط إلى الأعلى بقوة، وتكرر العملية حتى تخرج هذه السدادة، وإذا وقعت لك؛ فإن عليك أن تضغط بطنك إلى زاوية غير حادة تحت عظم الصدر؛ كي تجعل الرئتين تقذفان هذه السدادة.
ويقولون لك أيضاً: إذا وجدت شخصاً مختنقاً فعليك أن تنقله إلى مكان متجدد الهواء، وأزل الأربطة، وفك الأزرار حول العنق والصدر، ونظف الفم والأنف والمسالك الهوائية من أي مواد غريبة، وضع وجهه إلى الأعلى ورأسه إلى الخلف، وارفع فكه السفلي، وأغلق فتحتي أنفه بيدك، وخذ نفساً عميقاً، ثم ضع فمك في فم المصاب، وانفخ بقوة بحيث تجعل صدر المصاب يتحرك، ثم ارفع رأسك؛ حتى يتمكن المصاب من رد الهواء بنفسه، وافعل ذلك اثنتي عشرة مرة في الدقيقة حتى يعود إلى تنفسه الطبيعي.
وفي حوادث السيارات وغيرها يتعلمون كيف تتلافى شخصاً مسرعاً أمامك؟ وكيف تمسك المقود بقبضتين بيدين متوازيتين وتخفف السرعة؟ وكيف تنحرف إلى الاتجاه الآخر، وتخرج عن الطريق إذا استطعت، وتخفف الصدمة بصدم شجرة أو سياج، وإذا لم تستطع فتدير جانب سيارتك للاصطدام، لأن الصدمة الجانبية أهون من الصدمة الخلفية، وهكذا.
وحتى قضايا الطبخ وما يتعلق بحالات الطوارئ لربة البيت، فيعلمونها كيف تفعل إذا زاد الملح في الطعام؛ بأن تقطع قطعاً من البطاطس تجعلها في الطعام لكي يخفف الملح، وهكذا.
هذه الأمور الدنيوية لها ترتيب ولها أصول ولها قواعد ولها خطوات معينة تتبع وإرشادات.
يأتي الجواب من لدن حكيم خبير: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] وتأتي السنة لتبين أن هناك إجراء وقائياً يمكن أن تفعله، بأن تشترط فتقول عند النية في الإحرام: فإن حبسني حابس؛ فمحلي حيث حبستني.
يأتيك الجواب والخطوات في هذه الآيات الكريمة، قال الله عز وجل: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68] وفي آية النساء يأتي التوجيه أشد، فيقول الله عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً [النساء:140].
فإذاً عليك أيها المسلم إذا كنت في مجلس، ودار حديث من بعض الناس فيه لمزٌ للدين واستخفافٌ ببعض الأحكام، أو استهانة واستهزاء، فعليك أن تنكر المنكر وتنهاهم وتنهرهم، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فالواجب عليك أن تقوم من ذلك المجلس، ولا يجوز لك أن تواصل الجلوس فيه.
لو ناب المصلي شيءٌ في الصلاة، فماذا يفعل؟
قال صلى الله عليه وسلم للصحابة لما حصل شيءٌ في الصلاة فصفقوا، قال: (ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيءٌ في صلاته؛ فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء) وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي؛ فإذنه التسبيح، وإذا استؤذن على المرأة وهي تصلي؛ فإذنها التصفيق) هذا الإرشاد يبين للمسلم ما يفعله إذا طرأ عليه طارئ في صلاته، ولو لم يكن عنده علمٌ بهذا الأمر لتخبط فيما يفعل.
يتخبط بعض الناس في هذا الأمر فيأتي الجواب منه عليه الصلاة والسلام بقوله: (إذا جئتم الصلاة ونحن سجود، فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة؛ فقد أدرك الصلاة) وقال: (إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حالٍ؛ فليصنع كما يصنع الإمام) فيتبين لك أن فعل بعض الناس إذا جاءوا للمسجد؛ فوجدوا الإمام جالس؛ أنهم يقفون ينتظرون ماذا سيفعل الإمام، هل سيكون التشهد الأول أو الأخير؟ إن فعلهم هذا غلط، فينبغي عليهم أن يدخلوا مع الإمام مباشرةً في أي وضع كان عليه الإمام، ثم إن الأجر لم يذهب حتى لو لم تحسب تلك الركعة، لأنهم أدركوا الجزء الأخير منها.
يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد أحدكم أن يذهب إلى الخلاء، وأقيمت الصلاة؛ فليذهب إلى الخلاء) فإذاً يقدم قضاء الحاجة حتى يزول ما في نفسه، ويحضر الصلاة بخشوع ولو فاتته الجماعة.
كذلك لو أنه وضع العشاء وأقيمت الصلاة، فالحديث واضح قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة وأحدكم صائم؛ فليبدأ بالعشاء قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم) وقال مبيناً أيضاً: (إذا وضع عشاء أحدكم، وأقيمت الصلاة، فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه) وقال: (إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدءوا بالعشاء) وبذلك تعلم أن هذا الحكم هو لمن حضر طعامه وقت الصلاة، وليس بالذي يتعمد تحضير الطعام وقت الصلاة، لكن اتفق أن حضر طعامه وقت الصلاة فماذا يفعل؟ يقدم الطعام حتى يحضر الصلاة وقد فرغ قلبه وحضر باله، فلا يعود متعلقاً بطعام أو شيء من الدنيا سواءً فاتت الجماعة أو لم تفت الجماعة، ولو قال إنسان: آكل لقيمات وألحق، أو يجوز لي أن آكل حتى أنتهي وأفرغ من العشاء ومن طعامي كله؟ فنقول: الحديث واضح في الفراغ من الطعام، وأنه لا يعجل عن عشائه.
وترى الناس إذا أقيمت الصلاة؛ يسرعون حتى وهم يعلمون السنة في ذلك، لكن لأن العجلة متأصلة في النفس البشرية عجلةٌ من الشيطان، فهم يخالفون السنة، وهي قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون -في عجلة- وائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).
قال صلى الله عليه وسلم مبيناً لك أيها المسلم ماذا تفعل في هذه الحالة الطارئة: (إذا أحدث أحدكم في صلاته؛ فليأخذ بأنفه ثم لينصرف) يأخذ بأنفه كهيئة الرعاف، كأنه أصابه رعاف ولينصرف، والناس الذين يعلمون أو لا يعلمون لا يستطيعون القطع بأنه أحدث في المسجد، فهو آخذ بأنفه، حتى الذي يعلم الحديث يحتمل لديه أن يكون هذا الشخص لديه رعاف أو أنه قد أحدث في صلاته وانصرف، هذا لدفع الحرج الذي يحدث للشخص وهو في المسجد.
سبحان الله ما أعظم هذا الدين الذي لم يترك شيئاً إلا وبينه! قال عليه الصلاة والسلام: (إذا انقطع شسع أحدكم؛ فلا يمش في نعل واحدة، حتى يصلح شسعه، ولا يمش في خف واحد، ولا يأكل بشماله ... الحديث) وقال: (إذا انقطع نعل أحدكم؛ فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها، فإما أن يحفيهما جميعاً أو ينعلهما جميعاً) ذلك لأنه قد ورد في الحديث الصحيح: (إن الشيطان يمشي في النعل الواحدة) والمسلم ينبغي عليه أن يخالف الشيطان، ولا ينبغي له أن يشابه الشيطان، فلأجل ذلك لا يمشي في نعل واحدة -في فردة واحدة- إما أن يصلحها فيمشي بهما جميعاً، أو يحفي رجليه جميعاً.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم، فأطعمه من طعامه؛ فليأكل ولا يسأل عنه، وإن سقاه من شرابه؛ فليشرب ولا يسأل عنه) فهو لا يسأل من أين اكتسبت المال الذي اشتريت به هذا الطعام؟ ومن أين أتيت بهذا اللحم؟ وهل هو مذبوحٌ أم لا؟ لأن الأصل في المسلم السلامة، والسؤال يورث الضغينة والشك، وإذا سألته ودققت معه معناها أنك تتهمه وترتاب فيه، ولذلك قمت بالسؤال، فهذا السؤال لا ينبغي إلا إذا قويت الشبهة، فالتحري عند ذلك لا بأس به، وهذا الحديث يحل إشكالات كثيرة ويزيل حرجاً كبيراً يقع في نفوس بعض الناس.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت مسجداً؛ فصل مع الناس وإن كنت قد صليت) ولما رأى رجلين قد اعتزلا الناس في المسجد لم يصليا مع الناس، قال: (إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما الإمام؛ فصليا معه، فتكون لكما نافلة والتي في رحالكما فريضة) فيعلم إذاً أن الإنسان إذا جاء إلى مسجد من طريق سفر مثلاً وقد صلىأو لأي أمر من الأمور، فوجد الناس يصلون؛ فليصل معهم ولو كان قد صلى فريضته.
فيأتي الجواب في هذه الأحاديث، يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم الرؤية الحسنة؛ فليفسرها وليخبر بها، وإذا رأى الرؤية القبيحة؛ فلا يفسرها ولا يخبر بها) وقال: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها؛ فإنما هي من الله؛ فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره؛ فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله، ولا يذكرها لأحد؛ فإنها لا تضره) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها، فإنما هي من الله؛ فليحمد الله عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله من شرها، ولا يذكرها لأحد، فإنها لا تضره) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها؛ فليبصق عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه) وقال: (إن الرؤيا تقع على ما يعبر به، ومثل ذلك مثل رجلٍ رفع رجليه، فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا؛ فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً) وقال صلى الله عليه وسلم: (رؤيا المؤمن جزءٌ من أربعين جزءاً من النبوة، وهي على رجل طائر ما لم يحدث بها، فإذا تحدث بها؛ سقطت، ولا تحدث بها إلا لبيباً أو حبيباً) وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا حلم أحدكم؛ فلا يحدث الناس بتلاعب الشيطان في المنام).
إذاً: إذا كانت الرؤيا حسنة، فإنك تحمد الله وتفسرها وتعبرها، أو تخبر بها عالماً يفسرها لك، أو ناصحاً يخبرك بوجهها الحسن، ولا تخبر بها حاسداً، وإذا رأيت رؤيا سيئة فعليك بالأمور التالية:
أولاً: تتفل عن يسارك ثلاث مرات.
ثانياً: تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات.
ثالثاً: تتعوذ بالله من شر ما رأيت ثلاث مرات.
رابعاً: إذا أردت أن تواصل النوم؛ فغيّر الجنب الذي أنت عليه، فإذا كنت على اليمين، فانقلب على الشمال.
وظاهر الحديث أنه لا ينقلب على ظهره، وإنما ينقلب على الجنب الآخر، ولو كان شمالاً كما فسره بعض أهل العلم.
خامساً: لا تخبر بها أحداً من الناس.
سادساً: لا تفسرها لنفسك؛ فإنها لا تضرك.
يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم المرأة التي تعجبه؛ فليرجع إلى أهله؛ حتى يقع بهم فإن ذلك معهم) وقال: (إن المرأة إذا أقبلت؛ أقبلت في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته؛ فليأت أهله، فإن الذي معها مثل الذي معها) وقال صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة أعجبته؛ فليأت أهله؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه).
طبعاً إطالة النظر ومواصلته حرام، لكن لو أن إنساناً من نظر الفجأة علق في ذهنه شيء أو في نفسه شيء؛ فعليه أن يأتي أهله فيقع على أهله، فإن هذا الوقوع يرد ما في نفسه، ويقضي شهوته بالحلال ووطره، ويذهب ما علق في نفسه من تلك الرؤية.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا فزع أحدكم من النوم؛ فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون؛ فإنها لن تضره) فهذا الدعاء فيه علاجٌ للفزعة التي تصيب الإنسان إذا قام من نومه (أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنها لن تضره) وهو موجود في صحيح الجامع حرف الهمزة إذا فزع.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم في الشمس، فقلص عنه الظل وصار بعضه في الظل وبعضه في الشمس؛ فليقم) يقم من هذا المكان لأنه مجلس الشيطان كما ورد في الحديث الصحيح: (الشيطان مجلسه بين الضحى والظل) بين الشمس والظل، فهو يقوم من هذا المكان؛ لأنه مجلس الشيطان وينتقل إلى مكان آخر.
لو لم يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كيف كنا سنعرفه؟!
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركةً في دبره أحدث أو لم يحدث فأشكل عليه فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً بأذنه -يسمع صوتاً حقيقياً- أو يجد ريحاً -يجد ريحاً يشمه بأنفه فعلاً-) فعند ذلك يعلم أن صلاته قد فسدت وأن عليه أن يذهب ليعيد الوضوء، لكن لو أنه سمع بتحرك أشياء في بطنه، وشك وشعر بحركة في الدبر، لكنه ما سمع صوتاً بأذنه ولا وجد ريحاً بأنفه، فماذا يفعل؟ عليه أن يواصل صلاته، والشيطان يتلاعب بالشعرات التي في دبر ابن آدم، فهذه حرب من الشيطان على المصلين لكي يوهمه أنه أحدث، ولذلك أرشدنا الشارع إلى أمور نقطع بها هذا الشك وهذه الوسوسة وهو ما جاء في هذا الحديث.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد؛ فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره) وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا نعس أحدكم يوم الجمعة؛ فليتحول إلى مقعد صاحبه، وليتحول صاحبه إلى مقعده) فيتبادلان الأمكنة، وإذا كان الإمام يخطب فيشير إليه -أي صاحبه- إشارة انتقل إلى مكاني وأنتقل إلى مكانك، وينبغي على الآخر أن يفهم الإشارة وأن يكون فقيهاً في هذه المسألة، وأن يعلم أن أخاه قد أصابه نعاس وأنه يطبق السنة الآن فيفسح المجال له ويتحول صاحبه مكانه، وهكذا يتبادلان المحلات؛ حتى يكون ذلك سبباً في طرد النعاس والمواصلة في الاستماع إلى خطبة الجمعة، هذا إرشاد نبوي وسنة مهجورة عند كثير من الذين ينعسون في خطب الجمعة في المساجد ولا يفطنون لها ولا يطبقونها.
كان صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك؛ أمر بالحساء -المرق المعروف- فصنع ثم أمرهم فحسوا -شربوا من هذا الحساء- وكان يقول: (إنه ليرثو فؤاد الحزين ويسرو عن فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها) وهذا من الطب النبوي.
ومن إحسانه ومعاملته بالمعروف لأهله صلى الله عليه وسلم، فيصنع لهم هذا الحساء إذا مرضوا.
قال الراوي: (كان صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبةً؛ لم يزل معرضاً عنه حتى يحدث توبة) فهو يهجره بالكلام ويقاطعه؛ حتى يتوب إلى الله من هذه الكذبة، وهذا يدل على خطورة الكذب، وهذه طريقة لمواجهة هذا الأمر في أهل البيت.
يشرع أن يسجد شكراً لله تعالى، فإذا توضأ ولبس وسجد للقبلة فهذا أحسن، وتصح كيفما كان، هذه سجدة الشكر التي هي من شكر النعمة.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مستشرف ولا سائل؛ فخذه) جاءك المال وأنت لا تتطلع إليه ولا تسأله، جاءك هكذا عطية دون أن تبحث عنه أو تتطلع إليه أو تسلك السبل لتحصيله من شخص؛ فخذه، هذه نعمة من الله، ولا يعتبر أخذ المال في هذه الحالة أمراً دنيئاً أو أنه ينزل من قدر المرء، لا، خذ المال، (وما لا فلا تتبعه نفسك) أما إذا كنت إنساناً تسأل وتقدم معاريض، وأعطوني وهاتوا، فهذا من الأمور الدنيئة؛ لأنه لا ينبغي للإنسان أن يذل نفسه بطرق الأبواب، وإنما يكسب رزقه بعمله وتعبه وكده وجهده، ولا يكون من الذين يطرقون الأبواب ويلفون على الناس وعلى فلان وفلان يسأل أموال الناس.
هذه الأوامر التي تأتي في العمل مسألة مهمة جداً ينبغي أن تعرض على الشرع ويكون للإنسان فيها موقف حاسم وحازم، قال صلى الله عليه وسلم: (السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب أو كره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية؛ فلا سمع عليه ولا طاعة) الأمير الشرعي إذا أمر بأمر؛ وجب تنفيذه إذا كان في غير معصية الله، فإن كان في معصية الله فلا سمع ولا طاعة، ولا يجوز له التنفيذ مطلقاً، ولن ينفعه عند الله عز وجل صاحبه هذا الذي أمره بهذا الأمر، بل إنه سيكفر بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً.
قال أهل العلم كما ورد في الحديث الصحيح: يسجد على ظهر صاحبه، أخبر الصحابة أنهم لما كانوا في حال الزحام الشديد كان بعضهم يسجد على ظهر الذي أمامه، ولا يمنعه صاحبه الذي أمامه أن يسجد على ظهره، فإن لم يتمكن، فعليه أن ينتظر حتى يقوم الذي أمامه ثم يتراجع هو ويسجد، ولو فاته مع الإمام ما فاته؛ فإنه معذور بشدة الزحام، فلنفترض أنك تصلي في الحرم في حال زحام شديد، أمامك مباشرة أشخاص ملتصق بعضهم ببعض، كبر الإمام للركوع ولا تستطيع أن تركع، كبر الإمام للرفع من الركوع وأنت لم تركع بعد، كبر الإمام للسجود وأنت لم تستطع أن تسجد، وكبر للرفع من السجود وأنت لم تسجد بعد، وكبر للسجدة الثانية، وكل ذلك وأنت واقف مكانك من الزحام لا تستطيع أن تعمل شيئاً، فماذا تفعل؟ تنتظر حتى يقوم الإمام ويقوم الناس معه، ثم بعد ذلك تتأخر، تركع وترفع وتسجد وترفع ثم تقوم وتتابع الإمام وصلاتك صحيحة.
كثير من الناس تطرأ عليهم الصدمة ولا يتنبهون لما ينبغي عليهم أن يفعلوه في هذه الحالة، وتأخذهم روعة الصدمة فلا يأتون بالأذكار المشروعة، والله سبحانه وتعالى قال: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156] وفي السنة قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها) هذا ما علم الصحابة.
نحن أيها الإخوة نعلم هذه الأشياء تماماً، لكن عند التطبيق، عند حدوث المسألة في الواقع سيتخلف العلم النظري عن المناسبة التي حصلت فيها، فينبغي على المسلم أن يتمالك نفسه وأن يجمع أمره وأن يربط جأشه وأن يأتي بهذه الأذكار الواردة في هذه الأمور، طبعاً هذا الموضوع: ماذا تفعل في الحالات الآتية. يدخل فيه أشياء كثيرة من الأذكار إذا سمعت نهيق حمار وصياح ديك، وإذا نزل مطر أو رأيت برقاً أو سمعت رعداً إلى آخره، لكن هذا موضوع يطول ومحله في كتب الأذكار، ولذلك لم ندرجه في هذه المحاضرة.
العلماء لهم في ذلك أقوال وأشهرها وأقواها والله أعلم قولان:
الأول: قطع الصلاة في أي مكان أنت فيه لظاهر حديثه صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة؛ فلا صلاة إلا المكتوبة) وأخذ بهذا أهل الظاهر وعدد من أهل العلم.
القول الثاني: إذا كنت قد أتيت بركوع الركعة الثانية فلم يبق لك من صلاتك إلا شيء بسيط، لأن الركعة الثانية قد أنهيت ركوعها، فإذاً أتمه بشكل خفيف ثم سلم وادخل مع الإمام.
وكلا هذين القولين قد ورد في فتوى سماحة الشيخ جواباً على سؤال لهذا الموضوع، فإما أن تقطع في أي وقت أقيمت الصلاة، أو أنك إذا كنت بعد ركوع الركعة الثانية تتم خفيفة، أو قبل ركوع الركعة الثانية تقطع الصلاة.
الجواب: هو مخير إن شاء كبر وأنهى القراءة في هذا الموضع، وإن شاء انتقل إلى مكان آخر وقرأ آيات من هذه السورة أو من سورة أخرى، ويراعي ترتيب الآيات بطبيعة الحال في السورة الواحدة، فهو مخير إن شاء فعل هذا وإن شاء فعل هذا، كذا أفتى سماحة الشيخ، والفتوى موجودة في كتاب فتاوى إسلامية .
قال أهل العلم: يتم وتره ووتره صحيح وصلاته صحيحة ولا شيء عليه.
يأتي بركعة، يقوم إلى الركعة الخامسة بالنسبة للناس؟ طبعاً الناس سوف يسبحون، فماذا يفعل؟ يشير إليهم أن يقوموا ليبين لهم بالإشارة أنه لم يخطئ ولم يسه وإنما قام للخامسة لأن هناك ركعة باطلة وقعت له في صلاته، فيشير إليهم ليقوموا معه فيكملوا فيقومون معه، ينبغي عليهم أن يكونوا فقهاء وأن يقوموا معه إذا أشار إليهم ليعلمهم أنه جازم، أو أن المسألة الآن ليست مسألة شك وإنما عنده ركعة فاسدة.
الجواب: تجزؤه الركعة مادام خلف إمامه، كمن نسي أو جاء والإمام راكعاً فركع مع الإمام، تحسب له الركعة مع أنه ما قرأ فيها الفاتحة، فهذا مثل هذا وهو قول أكثر أهل العلم.
المسألة فيها أقوال، والأحوط إذا كان الوقت متسعاً أن يتم العصر نفلاً، ثم يصلي الفائتة التي هي الظهر، ثم يصلي الحاضرة وهي العصر لكي يرتب الصلوات؛ لأن الترتيب واجب، فيخرج من الخلاف، وأما إن كان الوقت ضيقاً لا يكفي إلا للصلاة الحاضرة، فعليه أن يصلي الحاضرة ثم يصلي بعدها الفائتة ولا إعادة عليه للحاضرة.
ومن صلى صلاة حاضرة وأنهاها وبعدما أنهاها تذكر أن عليه فائتة، فماذا يفعل؟
يكفيه أن يصلي الفائتة ولا يجب عليه إعادة الحاضرة وراءها.
الجواب: إذا عرض له أمرٌ وهو في وضوئه مثل اكتشاف طلاء في أحد الأعضاء، فإنه إذا أزاله يواصل الوضوء ولو أخذ وقتاً في إزالته، أو واحد يتوضأ فانقطع الماء من الصنبور فهو ينتظر فترة ليأتي الماء، فأتى الماء فيواصل وضوءه وطهارته صحيحة ولو جفت بعض أعضائه؛ لأنه كان منشغلاً بعملٍ من ضمن الطهارة، لكن لو أنه مثلاً نودي لطعام أثناء الوضوء فترك الوضوء وذهب يأكل، فإذا انتهى يعيد الوضوء من أوله.
ومسألة جفاف الأعضاء هذه مسألة نسبية لأن الإنسان قد يكون في جو فيه هواء شديد فتنشف بسرعة، ربما لا يتم غسل الرجلين إلا وقد نشف وجهه، وقد يكون في جو رطب فيبقى الماء عليه فترة طويلة، فيصعب أن يحكم بجفاف الأعضاء في قضية الموالاة.
يسمي أثناء الوضوء (باسم الله) فقط، أما (باسم الله في أوله وفي آخره) فهذا في الطعام إذا نسي التسمية في أوله، فلو أنه ما ذكر إلا بعد الوضوء كلياً فإن وضوءه صحيح.
يتوضأ ويتيمم عن ذلك المكان الذي لا يستطيع غسله ولا المسح عليه، فإذا كان لا يستطيع أن يمسح عليه؛ لأنه لابد أن يبقى مكشوفاً أو عليه غطاء لكن غير مستمسك لا يستطيع أن يمسح، لو مسح لذهب الغطاء، شيء بسيط مثل الجبيرة غطاء غير مستمسك، فإن عليه أن يتيمم عن هذا المكان مع الوضوء.
بشكل آخر: احتجت إلى صرف وعندك خمسون ريالاً والشخص الآخر ما عنده إلا ثلاث عشرات، هل يجوز لك أن تعطيه الخمسين وتأخذ الثلاثين والعشرين فيما بعد؟
الجواب: لا يجوز، هذا من الربا؛ لأن هذا النقد متماثل ولابد أن يكون يداً بيد، خمسون بخمسين، فإذا صرفت خمسين بثلاثين وعشرون إلى مابعد، معناها أنك خالفت شرط التقابض في العقد، وجعلت جزءاً من الصرف متأخراً عن مجلس الصرف، فتقع في الربا، فكيف تفعل في هذه الحالة التي يتعرض لها الناس كثيراً؟
الجواب: يضع الخمسين رهناً عند هذا الرجل الذي عنده الفكة، ويأخذ منه الثلاثين ديناً، ويذهب ويشتري ويقضي أموره، ثم يعود فيسدد الثلاثين التي عليه ويأخذ الخمسين المرهونة، هذا هو الحل الشرعي لهذه القضية، أما أن يدفع خمسين للفكة ويأخذ ثلاث عشرات والعشرين بعدين، فهذا من الربا ولا يجوز.
قال الإمام أحمد رحمه الله: ينتظرون حتى يجدوا له موضعاً مثل جزيرة يدفنونه فيها أو يقدمون إلى البلد أو الساحل أو الشاطئ، فإن تأخروا وخشي على الجثة أن تتغير؛ غسلوه وكفنوه، وصلوا عليه وثقلوه بشيء ويلقوه في الماء، حتى لا يكون طافياً وإنما يلقى إلى أسفل، فيكون كأنه دفن في قاع الماء.
إذا عطشت أثناء الطواف والسعي؛ فإنه يجوز لك أن تتوقف لتشرب الماء وطوافك وسعيك صحيحان، وإن أقيمت الصلاة أثناء الطواف صل مع الجماعة، فإذا انتهت الصلاة تبني على ما تقدم، افرض أنك أنهيت ثلاثة أشواط وأنت في نصف الرابع فابن على ما تقدم أي: أنك تعتبر الثلاثة صحيحة والآن ستأتي بالرابع، فمن أين ستأتي به بعد انتهاء الصلاة؟ من الحجر مرة أخرى، ترجع إلى الحجر وتبدأ من بداية الرابع من جديد، هذا هو الأحوط.
وأما بالنسبة لموالاة الطواف فهي شرط من شروط الطواف، لو أن واحداً مثلاً طاف ثلاثة أشواط وذهب للنوم، أو استراح فترة طويلة، أو تحدث مع شخص، فالموالاة شرط لصحة الطواف، وهذه الموالاة لم يأت في الشرع تحديد لها، بربع ساعة أو عشر دقائق، فإذاً هي مسألة عرف علماء البلد الحرام، بعضهم قال: نصف ساعة مثلاً عرفاً أنها لا بأس، أكثر يمكن أنه لابد أن يعيد الطواف كله من جديد، أما السعي فلا يشترط له الموالاة، فلو أنه سعى مثلاً ثلاثة أشواط، ثم استراح فترة ثم واصل السعي، فيبني على ما مضى وسعيه صحيح.
إذا استبان لهم كلهم الاتجاه الصحيح استداروا جميعاً بإمامهم إلى المكان الصحيح والاتجاه الصحيح للقبلة، وما مضى من صلاتهم صحيح، أحدهم مثلاً يصلي إلى اتجاه يظنه القبلة صلى ركعتين وبقي له ركعتان، فتبين له خطأ اتجاهه، يعدل نفسه ويكمل الصلاة على ما مضى من صلاته وتبقى له ركعتان، فإن كانوا جماعة استداروا كلهم، فإن تبين لبعضهم أنه على خطأ والبعض الآخر يظن أنهم على اتجاه صحيح، فماذا يفعلون؟
الذين تبين لهم يستديرون إلى القبلة، والذين تبين لهم أن مكانهم صحيح يبقون على مكانهم، هل يستمر بعضهم بالاقتداء ببعض؟
هذه مسألة محل خلاف، وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني أن اقتداء بعضهم ببعض صحيح على رواية، ولو خالف بعضهم بعضاً في الاتجاه، ونقل رواية أخرى أن الاتجاه لو كان متخالفاً تماماً، فإن الذين يترجح لديهم القبلة هكذا يصلون مع بعض والآخرين يصلون مع بعض ولا يقتدي بعضهم ببعض، فإن كان واحد مقلداً لا يدري، رأى بعضهم اتجه هكذا وبعضهم اتجه هكذا، وهو لا يرجح لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فماذا يفعل؟
هذا يقلد من يثق به، ينظر أي الجماعة أوثق علماً بالقبلة وأعرف بالأحوال والاتجاهات والأماكن وأعقلهم وأشدهم مقدرة على التخيل مثلاً فيقلده في اتجاهه ويتوجه مثلما توجه.
تعمل بما ترجح لديك من القرائن مثل: ثياب هذا الإمام هل هو شخص مقيم أو أن هيئته هيئة مسافر، فإذا رجحت أنه مقيم وأنت مسافر ماذا تفعل؟
تأتم وتتم بإجماع العلماء، قال ابن عباس : مضت السنة أن يتم المسافر خلف المقيم. وإن ظننته مسافراً فصليت وراءه قصراً، دخلت معه وصليت ركعتين وبعد الصلاة إن تبين لك أن الركعتين هذه التي صليتها معه هي الثالثة والرابعة وأنه مقيم، فعليك أن تقوم وتأتي بركعتين أخريين لأنه لابد أن تتم الصلاة.
عليك أن تلحق به، وهذه الحالة يمكن أن يتصورها في عدة أحيان في أن المأموم يتخلف عن إمامه فقد يأخذ وقتاً في خلع الثوب، أو قرأ الإمام آية فيها سجدة ولم يسجد الإمام بل ركع، أو آية فيها كلمة (سجد) لكن ما فيها سجدة في القرآن، فبعض الناس يظنون أن هذه سجدة، فالإمام قال: الله أكبر للركوع، فظن المأموم أنه سيسجد الآن فسجد فلما قال الإمام: سمع الله لمن حمده، انتبه المأموم، فقام فإذا بالإمام يكبر للسجود، فقد فاته مع إمامه الركوع والرفع منه، فماذا يفعل المأموم في هذه الحالة؟ يلحق بإمامه فيركع يقول: سبحان ربي العظيم، ويرفع ثم يسجد ويتابع الإمام وهو معذور في هذا الخطأ الذي حصل، لكن لو أنه تعمد أن يتخلف عن الإمام يقول: أدعو في السجد والإمام يرفع، فهذا قيل إن صلاته باطلة وهو آثم على جميع الحالات.
تحاول أن تدخل في الصف الذي أمامك، فإن لم تستطع تحاول أن تتقدم وتصلي عن يمين الإمام، فإن لم تستطع فصلاتك صحيحة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ينسحب ويقدم آخر، فيصلي ويكمل بهم، فإن لم يقدم شخصاً فصلوا كلهم فرادى فصلاتهم صحيحة، فإن قدم بعضهم إماماً صلوا وراءه وصلى الآخرون لوحدهم فصلاة الجميع صحيحة والحمد لله.
يخرج من الصلاة؛ لأنه تبين أن وضوءه غير صحيح.
فلا يعود إليه، ولو كان يعلم أنه لا يجوز له العودة وعاد بطلت صلاته، لأنه قد دخل في الركن الذي بعده، وهذا واجب سقط بالنسيان، فتسجد بدلاً منه سجود السهو.
وكذلك الإمام لو نسي التشهد الأول وقام إلى الثالثة واعتدل وبدأ في الفاتحة، فقالوا: سبحان الله، فنـزل.
إذا كان عالماً أن نزوله لا يجوز بطلت صلاته، هذا عند أحمد والشافعي ولذلك إذا استوى وبدأ في الفاتحة لا ينـزل، ذلك واجب يجبر بسجود السهو، وأما هو الآن قد شرع في ركن فلا يتركه.
الجواب: ينبه الإمام بذكر الركن الذي تركه، فإن كان نسي السجود وتخبط يقول أحد المأمومين: سبحان ربي الأعلى، فهو قد أتى بذكر من أذكار الصلاة وليس بكلام أجنبي، فيتنبه الإمام إلى أن الذي فاته سجود فيسجد، أو يقول المأموم: رب اغفر لي، فينتبه الإمام إلى أن الذي فاته الجلسة بين السجدتين فيجلس، أو يقول: التحيات لله، فيتبين له مثلاً أنه التشهد الأخير، فيجلس ويأتي به وهكذا.
لا، لماذا؟ لأنه لم يلبس الأول على طهارة، لأنه لبس الجورب الأيمن على القدم اليمنى ولم ينته بعد من الطهارة؛ لأن رجله اليسرى لم تغسل بعد، فما هو الحل إذاً؟ هل لابد أن يعيد الوضوء أو يعيد نزل كلا الجوربين؟
الجواب: لا، وإنما يكفيه بعدما غسل اليسرى ولبس الجورب الأيسر ثم انتبه أو نبه يخلع جورب اليمنى ثم يلبسه مرة أخرى فقط؛ لأنه لما لبسه مرةً أخرى لبسه على طهارةٍ كاملة.
أما الحية والعقرب فتقتل في الصلاة ولا تبطل الصلاة: (اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب) رواه أبو داود وهو حديث صحيح.
المار بين يديه يدفعه، فإن أبى؛ فليقاتله ولا تبطل صلاته.
إذا طُرق الباب وهو في الصلاة يتقدم أو يتأخر لفتحه خطوات ولا تبطل صلاته.
سقط رداؤه عليه أن يرفعه ويغطي كتفيه ولا تبطل صلاته، أو انحل مئزره فيتداركه فيعقده ولا تبطل صلاته.
نعم، بالإشارة، وتكون بطن الكف إلى الأسفل.
يستره، فإن لم يمكن ستره، فيتكلم في صلاته ويخرج من الصلاة ويقول للإمام: إن العورة مكشوفة، أو إنه يجب عليك أن تغطي ما انكشف منك، يضحي لأجل مصلحة الجماعة ومصلحة الإمام وهو قد رأى هذا الشيء أمامه ولا يمكنه السكوت وهو يعلم أن صلاة الإمام الآن غير صحيحة بالنسبة لهذا المأموم.
فقد يطرأ على بعض الناس ثقلاء أو ظلمة، فيسألونهم أسئلة أو يقومون معهم بأشياء تحرجهم، فما هو الموقف الشرعي في مثل هذه الحالات؟ هل يكذب؟ طبعاً إذا اضطر إلى الكذب ولم يكن هناك مجال غير الكذب فإنه يكذب إذا كان سينقذ معصوماً أو ينقذ مال امرئ معصوم، أو ينقذ نفسه من الهلكة، إذا اضطر إلى ذلك: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً [النحل:106] ولكن في التعاملات التي هي أدنى من هذا فما هو موقف الإنسان؟
هذه أمثلة من حياة بعض السلف تبين كيف كانوا يتخلصون من الورطات في المواقف التي يكون فيها شيء من المشكلات، تبين سرعة بديهتهم، وتقدم حلول في مثل هذه الحالات التي تحدث وتطرأ على الشخص ولا يريد فيها الكذب، فكيف يفعل؟
فإن حلفك ألا تكلم فلانا، قال: احلف بالله ألا تكلم فلانا، فقل: والله لا أكلمه، وتنوي أي: لا تجرحه، لأن كلم يكلم يمكن أن تكون من الكلام ويمكن أن تكون من الكلم وهو الجرح، كلم أي: جرح، وهو أيضاً معنى بعيد فتقصده أنت وهو صحيح في اللغة من أجل النجاة من هذا الظلم.
ولو حلفه واحدٌ ظلماً ألا يطأ زوجته، حلف والله لا أطأها ويقصد ألا يطأها برجله، ولو حلفه ظالم أنه لا يعلم مكان فلان، يقول: لا أعلم، قال: والله لا أعلم، يحلف ويقصد أنه لا يعلم أين هو على وجه التحديد، فإذا كان هو يعلم أنه في بيت فهو لا يعلم في أي غرفة هو، فإذا كان في غرفة هو لا يعلم في أي موضع هو بالضبط، فهو يسأله الآن أين فلان؟ يقول: لا أعلم، وهو يقصد معنى صحيحاً، فهو لا يقول إنه لا يعلم في أي غرفة هو مثلاً.
الحالات الطارئة كثيرة، ونحن قد ذكرنا بعضاً من هذه الحالات تحت عنوان: ماذا تفعل في الحالات الآتية. وهذه أمثلة.
والمقصود أن يطلع المسلم على أحكام دينه، وأن يقرأ في كتب العلم، حتى إذا واجهته مسألة يعرف الجواب ويعرف كيف يتصرف، ولا يصلح أن نكون من أهل الدنيا، دائماً نبدع في الأشياء الدنيوية ونعرف المخارج والطرق والأساليب، وإذا جئنا إلى الأمور الشرعية فيحدث الشيء في المسجد فيضطرب كل الناس لا أحد عنده جواب، كل واحد يقول قولاً عن جهل، يقول بغير علم، أو يقع لك شيء في أي محل، في أي مكان، في طهارة، في صلاة، في استقبال قبلة، في بيع، في شراء، في وكالة، في قسم يمين، وأنت لا تعرف كيف تتصرف، فليس هذا من صفات وسمات المسلم الجاد.
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم للفقه في دينه واقتفاء سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يجنبنا الحرام ويباعد بيننا وبينه، وأن يرزقنا الحلال، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه والله تعالى أعلم.
الجواب: يصل إليه إن شاء الله لأنه من الصدقات.
الجواب: لابد أن يتبصر المسلم لما يحدث لإخوانه المسلمين في العالم فينتبه:
أولاً: من تضليلات إعلام الكفرة في شأنهم والأخبار المغلوطة المنقولة عنهم، وكثيرٌ من هؤلاء يقولون في أخبارهم: (ومما يجدر ذكره..) ويضع وراءها سماً.
ثانياً: أن يناصرهم، أو يجمع تبرعات لهم، أو يدعو لهم بظهر الغيب، أو يدافع عنهم في المجالس؛ لأن بعض الناس مضللون، فينبغي إذاً أن يسعى في نصرتهم وأن يرد عن أعراضهم، وأن يدعو الله سبحانه وتعالى أن يظهرهم على أعدائهم.
اللهم أظهر أولياءك على أعدائك يا رب العالمين.
الجواب: لا بأس، لكن لا يكون فيها تنازل عن شيء من دينك.
الجواب: إذا كان فيها كذب أو فيها استخفاف بالموجودين فلا تضحك؛ لأن المسلم لا يزري بنفسه ولا بإخوانه، فلو استهزأ مدرس كافر بأحد الطلاب المسلمين في الفصل قاموا في وجهه، وبعض ضعاف النفوس من الطلبة المسلمين يضحكون على نكتة المدرس الذي استهزأ بأخيهم، المفروض أن يقوموا بوجه المدرس.
الجواب: أجاز العلماء ذلك بثلاثة شروط:
أولاً: ألا يكون المانع ضاراً.
ثانياً: موافقة الطرفين، عند استعمال حبوب منع الحمل لابد من موافقة الزوج والزوجة، ولا يجوز للزوج أن يجبرها على استعمال المانع وهي لا تريد، ولا يجوز للزوجة أن تستعمل حبوب منع الحمل من حيث لا يعلم زوجها.
ثالثاً: ألا تستخدمه أكثر من سنتين، حتى يرضع الأول ويأخذ حقه.
الجواب: ما عليك إثم، ولكن الأفضل لك أنك تلتزم بما كتبت إن كنت مستطيعاً، وإن وجدت مجالاً أحسن للإنفاق؛ فأنفق في المجال الأحسن والحمد لله، أنت ما دخلت في دائرة إلزام نفسك بهذا، ما نذرته، إنما هو ملء قسائم (أشياء مبدئية).
الجواب: هذا طيب! إذا كان قلبك يخشع من الداخل، لكن جرت العادة أن يكون لبكاء القلب أثر على العين، فإذا لم تجدها فاتهم نفسك، فربما تظن أن قلبك حيّ وهو ليس كذلك.
الجواب: قلت: قد تبت إلى الله، وأسأل الله أن يتوب عليك، فعليك أن تقدر هذه الأيام التي أفطرتها، واقضها قبل مجيء رمضان الآتي، فإن لم تفعل فاقضها وعليك كفارة عن التأخير، وقدرها بما يغلب على ظنك بأنها كذا وليس بأكثر، وأخرج كفارة إطعام مسكين عن كل يوم تقضيه عن التأخير، ولو تكررت رمضانات فكفارة واحدة تكفي.
الجواب: إذا كان فعلاً فلان وفلان من العلماء قالوا به؛ فإنك تراجع نفسك؛ لأنك قد تكون مخطئاً أو متصوراً أن هذا الدليل يدل عليها وهو لا يدل، أو قد لا يكون صحيحاً، أو لا تعلم معنى الدليل، فتراجع نفسك، أما لو كانوا يكذبون يضعون أسماء علماء من عندهم، فابق على ما أنت فيه من الذي تعلمه أنه حق.
الجواب: إذا كنت تتأثر بذلك وتضعف، فيجب عليك ترك العمل، وإلا فعليك أن تنكر بيدك إذا استطعت، فإن لم تستطع فبلسانك أو بالقلم أو بالرسالة، فإن لم تستطع فبقلبك وذلك أضعف الإيمان.
الجواب: إذا كان ذلك يستمر فتوضأ وضوءاً واحداً بعد الأذان، وصل به كل ما شئت من الصلوات وقراءة القرآن إلى الأذان الذي بعده، وبعد الأذان الذي بعده تتوضأ مرة أخرى، وهكذا وضوء واحد للصلاة بعد الأذان ولا تبال بما خرج منك.
الجواب: طبعاً حسب الحديث ستأكل، ولذلك ننصح إخواننا أن يضع شيئاً لا يعجله من تمر ولبن، أو شيئاً بسيطاً حتى يستطيع أن يفطر ويدرك الصلاة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر