أشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أيها الأحبة في الله: أحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بادئ ذي بدء أستحضر وتستحضرون نية الجلوس في مثل هذه المجالس الطيبة، لعل الله جل وعلا أن يمن علينا فتغشانا الرحمة، وتحفنا الملائكة، وتتنزل علينا السكينة، ويذكرنا الله في ملأ عنده، نسأل الله ألا يحرمنا هذا الأجر، وهذا الثواب باجتماعنا بادئ ذي بدء.
أحبتي في الله: وقبل أن أدخل في موضوعي هذا، والله لو علم العلمانيون أن بعض سيارات دارت في الأسواق ستجمعكم هذا الاجتماع، وستؤلف قلوبكم هذه الألفة، وستوحد صفوفكم هذه الوحدة، وستجمع شملكم، وستعينكم على ترتيب عملكم واجتهادكم، لما فعلوا هذا الأمر، رب ضارة نافعة:
وربما كان مكروه النفوس إلى محبوبها سببٌ ما بعده سبب |
والله إن تلك الحادثة التي فجرت الأوضاع تفجيراً مزرياً ما زادت الطيبين إلا صلابةً وعودةً ورجوعاً وأوبةً وصدقا ونصحاً، وزادتهم تآلفاً والتفافاً حول علمائهم وولاة أمرهم.
أيها الأحبة في الله: حديثنا اليوم "مهلاً يا دعاة التحرير" وكما قال فضيلة الشيخ المقدم -جزاه الله خير الجزاء- وبكلمات موجزة جمع كثيراً من هذه الأفكار التي سأطرحها بين أيديكم، وعلى أية حال أشاركه ويشاركني فيما نقول.
أحبتنا في الله: قضية المرأة ينبغي أن نتناولها من مبدأ العقيدة، من الذي خلقنا؟ هو الله جل وعلا، وهذا الإله سبحانه عظيم في ذاته، عظيم فيما خلق حكيم عليم: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] وهذا الإله الحكيم، ما شرع لعباده شيئاً إلا لحكمةٍ يعلمها، وما أمرهم بأمرٍ إلا لحكمةٍ يعلمها، وما نهاهم عن أمرٍ إلا لحكمةٍ يعلمها، تعالى الله أن يأمر أو ينهى عبثاً، والله إن كل حرف في الآيات التي وردت في الحجاب كلها عن حكمة بالغة، لأن الله عليم حكيم، ينبغي أن نربط قضية الحجاب بالعقيدة، لماذا؟ لأننا يوم أن نتناولها من باب العقيدة ندرك أن الإله الحكيم العليم في تدبيره وتقديره؛ لحكمة أرادها أمر المرأة أن تحتجب، وأمرها أن تقر في بيتها، وأمرها ألا تخضع بقولها، وأمرها ألا تضرب برجلها ليعلم ما تخفي من زينتها، وأمرها إذا سألها الرجال متاعاً ألا يسألوها إلا من وراء حجاب، هل يقدر الله عبثاً؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
ينبغي أن نقف في أعلى الجبل لكي نوجه الراجمات على الذين يعيشون في حضيض الساحة، إننا يوم أن نخاطب العلمانيين، أو دعاة تحرير المرأة لا نخاطبهم بمنطق المدافعة، أو منطق الضعف، وإنما نبدؤهم بالعقيدة وننتهي إلى الفروع، عقيدتنا أن إلهنا حكيم، وأن إلهنا عليم، وأنه سبحانه له وحده الخلق والأمر: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] ما لنا خيار، فقهنا أو لم نفقه، أدركنا الحكمة أو لم ندرك.
بادئ ذي بدء مع أن الحكمة واضحة جلية، لكن نقول: لا خيار لنا إذا جاء أمر الله بل سمعنا وأطعنا.
أولئك الذين ضعفت نفوسهم، وهزموا في معركة الذات ومعركة النفس، عادوا ليصيحوا بأعلى صوتهم: أين المرأة المظلومة؟ أين المرأة حبيسة البيت؟ أين رئة المجتمع المعطلة؟ أين النصف المعطل؟ فبدءوا يصيحون ويرددون لكي يخلقوا قضية اسمها قضية المرأة، وليس عندنا في الحقيقة قضية اسمها قضية المرأة؛ لأن القضايا توحي بالمرافعة، وتوحي بالخصومة، وتوحي باللجاج والجدل، وأما مجتمعنا فالمرأة فيه فوق هذا المستوى؛ لأنها آمنة سعيدة مطمئنة، أخذوا يصيحون: أين المرأة؟ لماذا لا تعمل؟ لماذا نصف مجتمعنا معطل؟ لماذا لا تحسب حسابات جهود المرأة في الدخل القومي للمجتمع؟ لماذا تهدر هذه الطاقات الاقتصادية؟ العامل البشري من عوامل الإنتاج نصفه معطل في هذا المتجمع، وأخذوا يرددونها تارةً اسمها قضية الأسبوع في مجلة، وتارةً زاويةٌ في صحيفة، وتارةً عمودٌ في جريدة، وتارةً مقالةٌ في إذاعة، وتارةً مسلسل أو فيلم في شاشة، أو غير ذلك.
من هنا بدءوا يطنطنون ويصيحون لكي يغرسوا في فكر المجتمع أن هناك قضية اسمها قضية المرأة، ثم نقول لهم: يا من أشغلتمونا بالنباح، وعندنا قناعة:
إذا الكلب لم يؤذيك إلا بنبحه فدعه إلى يوم القيامة ينبح |
ماذا يضير السحاب نبح الكلاب؟
ما يضير البحر أمسى زاخـراً إن رمى فيه غلامٌ بحجر |
والله ما كدروا شيئاً، ولا حركوا شيئاً بالنسبة لأولئك الذين إيمانهم بحكمة ربهم عظيمة جليلة وهم واثقون بها، ما هي قضية المرأة في مجتمعنا؟
أيها الأحبة! قضية المرأة في مجتمعنا التي يريدونها ويريدون أن يصنعوا منها شكلاً وحجماً وطولاً وعرضاً، يقولون: نريد للمرأة أن تتعلم، من قال أننا رفضنا تعليم المرأة؟ يريدون للمرأة أن تعمل، من الذي قال برفض عمل المرأة عند الحاجة إليه بضوابطه المشروعة؟ لكن لم يقف عند ذلك، وبعيني قرأت في مجلة من مجلاتنا ذات يوم في تحقيقٍ صحفي متى يأتي ذلك اليوم الذي يظهر فيه مجالات جديدة غير المجالات التقليدية بين قوسين الطب والتعليم؟
متى يظهر للمرأة مجالات جديدة غير هذه المجالات؟
في الحقيقة وبكل صراحة المجالات التي يريدونها مجالات الوظيفة أن يغلق الباب على الرجل والمرأة في مكتب واحد، مجال المضيفة أن تحلق بها الطائرة في السماء، فتسافر الساعات والأيام ويخلو بها من يخلو من الربان والقبطان، وتسكن في الفنادق، ويخلو بها من يخلو بها.
يريدونها في التمريض الذي نسأل الله تعالى أن يمرض قلوبهم به، التمريض الذي أشغلوا المجتمع به، أي تمريض هذا؟ والله لو كان نساء يمرضن نساء، وبنات يمرضن بنات، لقلنا على العين والرأس، ولكن قد أعلنوا باطنهم، وأخرجوا المجلات وفيها صور المتطوعات في التمريض يفرحن وبكل نشاط في مزاولة هذا الأمر، ومريض من الرجال والذكور ويحيط به جمع من الفتيات، هذا التمريض الذي تريدون لبناتنا؟ يريدون بناتنا أن تقلب فرج الرجل وعورته، وهل قل الرجال؟ وهل مات الشباب؟ وهل وظفنا جميع الشباب حتى نقول إننا بحاجة أن نوظف المرأة في مجال التمريض، ولكن الأكليشة المعتادة في حدود الشريعة الإسلامية وفي إطارها ونظامها حتى يأتي نهاية اليوم الذي يزنى فيه على الشريعة الإسلامية، ويشرب الخمر على الشريعة الإسلامية، بهذه الطريقة والنغمة التي أخذوا يعبثون بها على عقول المسلمين.
إن كانوا يقولون: إن قضية المرأة تعلم وتوظيف في مجال مناسب، بضابط مشروع، فليست قضية إذ أن الأمر موجود، ولا حاجة إلى تحصيل حاصل، أما إن كانت القضية غير ذلك، فنقول هنا: مهلاً يا دعاة التحرير.
لو أن رجلاً قال لآخر: أعطني ابنتك البالغة سن الزواج، وأقفل علينا الباب أنا وإياها أربع ساعات، واتركنا -الله يخليك- أربع ساعات على انفراد، فيقول وليها: لا يمكن، لا يجوز، ماذا تفعل بها؟ أقول: يا أخي! أنت لماذا هكذا تسيء ظنك؟ دعني أعلمها البخاري ، دعني أخرج معها البخاري ، دعني أقرأ معها التفسير، هل يعقل أن هذا الذي سيخلو ببنتي أو ابنتك، أو أختي أو أختك، أو زوجتي أو زوجتك في ردهات المستشفى ساعات طوال في ليل بهيم، في هجيع الليل، ونيام الناس، وسبات عميق، هل يعقل أنه سيخلو بها يتهجدون يتناوبون الحراسة في سبيل الله؟ ماذا سيفعل بها هذا؟
يا إخوان! نريد أن نقول: مهلاً يا دعاة التحرير، فلا تظنوا أن المجتمع غبي إلى هذه الدرجة، لا تظنوا أن الناس أصبحوا ديوثين، لا تظنوا أن الناس أصبحوا لا يغارون على محارمهم، ولكن كما قلت في الخطب والمحاضرات: ظن دعاة التحرير أن المجتمع انقسم إلى قسمين: قسم يوفر لحيته ويقصر ثوبه، فهذا لن يرضى بتمريض البنات مختلطات مع الرجال، ولن يرضى بقيادة المرأة، ولن يرضى باختلاط المرأة، وقسم آخر من الذين يحلقون لحاهم مثلاً أو يسبلون ثيابهم، أو قد يسمعون شيئاً من الغناء قالوا: هؤلاء الذين يسمعون الغناء أو يحلقون اللحى أو يسبلون الثياب هؤلاء سيوافقوننا بأن نخلو ببناتهم، حاشا وكلا، والله إننا لعلى ثقة بأن الحليق والمسبل، أو من سمع الغناء ما بلغ به ضعف الإيمان إلى درجة أن يصبح ديوثاً، فيرضى أن تقود بنته، أو أن ينفرد بأخته وزوجته ليلة طويلة في مناوبة في مستشفى بدعوى التمريض، أو غير ذلك، يقولون: أنتم تسيئون الظن دائماً، وكلما طرحنا قضية، أول ما يخطر على بالكم -أنتم يا هذا المجتمع السعودي- الفاحشة والجريمة، لماذا يا أخي؟ بإمكاننا أن نوجد العمل في ظل الضوابط الشرعية والشريعة الإسلامية، والقيم والآداب والأخلاق والتقاليد، والله ما عهدنا رجلاً ألقي في الماء فسلمت ثيابه من البلل:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقـال له إياك إياك أن تبتل بالماء |
هل يعقل هذا؟ لا. والله لا يعقل.
إذاً فنحن على ثقة ويقين، ونقول: كذبتم يا دعاة التحرير، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما) قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على المحارم) حتى المحارم نهينا أن ندخل عليهن من غير محرم، فما بالك يوم أن تجعل ابنتك وأختك في وظيفة أو في عمل مختلط، أو في معمل الجامعة أو في مكان لتختلط بالأجنبي، إذا كان المحارم قد نهينا عن الاختلاط بهن: (إياكم والدخول على المحارم، قالوا: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ -أخو الزوج لا يظن أن يقع منه السوء إلا في النادر القليل- فقال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت) فنقول: أنت يا رسول الله ما صدقت، أنت يا رسول الله لا تعرف، أنت تطلق الأحكام على عواهنها، أنت يا رسول الله لا تعرف تطور المجتمع، أنت لا تعرف إلى أي درجة ستتمدن البشرية، ونقول: صدقتم ووفقتم يا دعاة العلمانية، بأنه يمكن للمرأة أن تختلط مع الرجل في الوظيفة، ويغلقان المكتب عليهما، ويمكن أن تختلط مع الفتى في معمل الجامعة، ويمكن أن تختلط بالتمريض مع الممرضين والممرضات، ويمكن ويمكن.. إلى آخره! نصدق من ونكذب من؟ نكذب نبينا ونصدق القردة والخنازير؟!! حاشا لله، لا والله بل صدق رسول الله، وكذب أولئك المفسدون المجرمون، الحمد لله الذي أظهر باطنهم، وكشف خزيهم، وبين دسيستهم وحقيقتهم.
هذه مغالطة دائماً يأتي بها دعاة التحرير، فنقول لهم: مهلاً هذه مغالطة مرفوضة قولكم: لماذا تسيئون الظن؟ لماذا تتهمون الناس بالجريمة؟ لماذا يتبادر إلى أذهانكم الفاحشة في أول لقاء مختلط، وعلى انفراد بين الرجل والأنثى، وبين الفتى والفتاة؟
المسألة الثالثة، وقبل أن أنتقل إليها أذكر كلاماً لـسيد قطب رحمه الله لما تكلم عن آيات الحجاب، وفي موضع آخر في حديثه عن أدب الإسلام في الدخول على النساء، وفي تنظيم ضوابط المجتمع المسلم في ظل الأسرة المسلمة، قال: إن المرأة في المجتمع الغربي أصبحت كالمرحاض يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم.
تصوروا -يا إخوان- حمامات -أجلكم الله- على الطريق العام، على الخط الدائري، وكل من حصره بوله -أجل الله المسجد والملائكة والسامعين- أو حقبه غائطه، اضطر أن يقف ليقضي الحاجة في ذلك المرحاض ثم يمضي،إن المرأة في المجتمع الغربي ما هي إلا مرحاضٌ يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم، فمن ذا الذي يرضى أن ينقل التجربة إلى هذا المجتمع ليجعل نساء المجتمع العفيفات الطاهرات مراحيض يقضي فيها المجرمون والغادون والرائحون حوائجهم؟!
من الذي يحفظ هذه المسكينة يوم أن تكون نوبتها الطويلة في الليل ولا رقيب ولا حسيب إلا الله، مع تسلط الهوى، وتحكم الشهوة، وغيبة الضمير، وتسلط الغريزة، وحينئذٍ يخلو بها هذا الممرض، فيقضي حاجته في فرجها، وفي ليلة أخرى ممرض آخر، وفي ليلة أخرى ممرض آخر، ألم تصبح حماماً؟ بلى والله، جعلوها مرحاضاً كل يقضي حاجته فيها.
إننا نعرف أن للمرأة مكانةً ومنـزلةً ليس هذا بيان تفصيلها، لكن نقول: مهلاً يا دعاة التحرير إن كنتم تريدون أن نجعل من المرأة مرحاضاً يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم، فإن هذا لا يمكن أن يكون في مجتمع لا يزال دم الإباء والغيرة، وقبل دم الإباء لا يزال الانقياد لأمر الله في قلوبهم ونفوسهم.
تقول أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية الأنصارية ، وكانت تسمى خطيبة النساء، قالت: (يا رسول الله! إن للرجال فيك حظاً ليس لنا، يحجون معك، يغدون معك، يسمعون كلامك، يجلسون ... إلى آخر ما قالت، فما لنا منك حظٌ يا رسول الله، أو ما حظنا منك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا
والتبعل يعني: الخدمة، والرقة في المعاملة واللطف، والعناية بفراشه، والعناية ببيته وبنفسه، والعناية بطعامه وشرابه، وكل ما فيه خدمة الزوج وطلب رضاه في رضى الله، فإنه يعدل ذلك كله.
أي فضل، وأي أجر، وأي منزلة جعلها الإسلام لك أيتها الأخت المسلمة، أيتها البنت المسلمة، أيتها الأم المسلمة؟! ولكن أولئك يريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً، يريدون أن تنحرفوا انحرافاً بيناً.
المهم أيها الأحبة هذه مغالطات ثلاث:
المغالطة الأولى: ألا وهي أنتم تسيئون الظن.
المغالطة الثانية: يتجاهلون ما حل بالمرأة في المجتمع الغربي.
المغالطة الثالثة: نريد المرأة أن تخدم الوطن.
وكل هذه مغالطات ودعاوى وشنشنة نعرفها من أخزم، دعاوى باطلة، قيل: أكبر شاهد للثعلب، ما هو؟ فقيل: ذيله، هي ذيول الثعالب التي ظهرت بالمكر والخديعة، فحسبنا الله ونعم الوكيل!.
يبدءون مثلاً: لماذا لا نستفيد من الفتاة لكي تدرس الشباب الصغار، أو الأطفال الصغار في المرحلة الابتدائية، الطفل في المرحلة الابتدائية أيضاً -يا (مطاوعة)- تشكون في هذا الطفل الذي عمره ست سنوات، لا تريدونه يختلط مع البنية الصغيرة، لا تريدون المدرسة تدرسه، يبدءون من هنا، وما المانع أن تكون المرحلة الأولى الابتدائية والثانية الابتدائية والثالثة الابتدائية؟ ما المانع أن تكون المرأة هي التي تدرس هؤلاء الصغار؟ وما المانع أن يختلط الصغار إناثاً وذكوراً في هذه المراحل؟ هذه بداية من أسفل، وهناك بداية من فوق، يقولون: والله يصعب علينا أن نعد معامل للبنات ومعامل للذكور، فنضطر أن نخلط الرجال والبنات، الشباب والشابات، الفتيان والفتيات في المعامل، يصعب علينا أن ننـزل محاضرات معينة في الدائرة المغلقة للبنات ومحاضرات للرجال، لا بأس أن يختلطن، ما الذي يمنع أن نختلط؟ ما الذي يمنع أن نشاهد هذا الدرس العملي، فبدأ الاختلاط من أين؟ من فوق، وبدأ من المراحل الأولى الابتدائية والمرحلة الجامعة، وما يزال هذا الاختلاط ينـزل ويرتفع، ينـزل ويرتفع حتى يلتقي في قمة الجنون والمراهقة في المراحل المتوسطة والثانوية ويستوي على سوقه في المرحلة الجامعية، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
لا يستطيعون من البداية أن يفتحوا ويقولوا: الثانوية المائة والخمسون المختلطة للبنين والبنات، لا. لا يقدرون على قول هذا، لكن ما الذي يمنع أن يتربى الأولاد مع البنات في الابتدائية إلى السنة الأولى والثانية والثالثة، طيب ما هو الفرق بين الثالثة والرابعة؟ أضيفوا الرابعة، وما هو الفرق بين الرابعة والخامسة؟ أضيفوا الخامسة، ورويداً رويداً حتى يلتقي الاختلاط بين نزول من أعلى وارتفاع من أسفل، فيلتقي في مرحلة زمنية هي قمة الجنون والمراهقة، ويقولون أيضاً: في حدود الشريعة، وفي ظل الضوابط الشرعية إلى آخره.
أيها الأحبة! كان المجتمع الغربي حتى المجتمع الفرنسي والمجتمع الألماني في عصور غابرة كانوا يشكون هل هي إنسان، أو لا.
وقرروا في زمن ما أنها إنسان، ولكن خلقت لخدمة الرجل، ووافقهم الألمان في هذه الفكرة، ومورست أبشع صور الإقطاع في عصور الإقطاع على المجتمع الأوروبي، ومارس الرهبان والقسس والكاردينلات في تسلطهم عبر الكنيسة أبشع ألوان التسلط على المرأة، ثم بعد ذلك أرغمت المرأة بالعمل الشاق، فأصبحت تعمل في المناجم، وأصبحت تعمل عملاً طويلاً، ومع ذلك لا تنال نفس الأجر الذي يناله الرجل، فأصبحت المرأة تصيح: نريد أن نساوى مع الرجل في الأجر، فبدأت قضية للمرأة، نعم المرأة تعمل عمل الرجل، ولكنها لا تأخذ الأجر ذاته، فتبنى من تبنى هذه القضية، وقامت ثورات لتحرير المرأة ومساواتها مع الرجل في الأجر، فتمت المساواة، ثم بعد ذلك لماذا لا تساوى المرأة مع الرجل في المجالات الأخرى؟ وقالوا: لا حرج، وفتحوا هذا الباب.
إذاً قضية المرأة الأوربية إنما هي بسبب تشريع البشر القاسي الذي لم يراعِ فيها الأنوثة، ولم يراعِ فيها طبيعة التكوين أبداً، فالمرأة تحررت من ظلم، ولكن إلى ظلم أشد منه، ولا حول لا قوة إلا بالله!
لكن المرأة في المجتمع المسلم أي ظلم أصابها، إن الظلم الذي يقع الآن على المرأة المسلمة، وعلى الفتاة المسلمة، وعلى الأخت المسلمة هو تسلط عبر الإعلام .. عبر الشاشة .. عبر الإذاعة .. عبر المجلة .. عبر الجريدة .. عبر الصحيفة .. عبر مختلف المجالات، تسلط على هذه المرأة من أجل إبعادها عن المنهج الرباني، لكي يقولوا لها: لا تطيعي هذا الذي خلقك بلسان الحال أو بلسان المقال، وإلا ما معنى مقابلة مع مجموعة من الفتيات والأخوات: كيف وجدت نفسك مع تقاليد المجتمع الذي يرفض هذه الظاهرة؟ تقول: بحمد الله أنا فتاة في مجتمع متحرر وأسرتي مقتنعة، والأخرى تقول: لا. أمي واجهتني ببعض الصعوبات، ولكن جدتي أقنعتها، وهلم جراً، يعني: محاولة لمسخ الفتاة المسلمة عن التزامها وعن عقيدتها، ومن هنا يوم أن نعرف أن قضية المرأة التي يصيحون بها في المجتمع المسلم هي قضية إبعادها عن المنهج الرباني، وعن شريعة الله جل وعلا، يريدون إبعادها من الحصن الحصين والدرع المكين إلى مسبعة الذئاب، وإلى صحراء الكلاب؛ حينئذٍ نعرف أن عندنا قضية ولكن بلا قضية، قضية امرأة، لكن ما هي القضية؟ في الحقيقة ما عندنا، بالنسبة لنا في نظرنا ما هناك قضية، المرأة كل ما يتعلق بها موجود في كتاب الله، وما عقمت أذهان وعقول علماء الأمة ومفكريها وقضاتها أن يجعلوا لكل أمر جديد ما يناسب هذا الأمر في حدود الضوابط الشرعية، أما أن يحدد الضوابط الشرعية من لم يعرف الصلاة، أو من عاش زمناً طويلاً وعهداً طويلاً في بلاد الغرب، وأشرب حب الغرب وسلوكهم، وهو الذي يقرر المصالح الشرعية، لا. العلماء قالوا: المصالح المرسلة التي لم يشهد لها الشرع باعتبار ولا بإلغاء يقررها المجتهدون والعلماء، فكيف يقرر أولئك الذين هم من مجمعات زبالات أذهان الغرب وحثالات أفكارهم، هل هم الذين يقررون مجال المرأة، أو يقررون عملها وهم لا يعرفون الأصول ولا الضوابط الشرعية التي يقوم عليها مجال المرأة؟ تباً وسحقاً لهم.
إذاً لا بد أن يكون لمن أراد أن يفرض على المجتمع أو أن يغزو المجتمع بحدث قذر خطير لا بد أن يلوح بقضية، أو أن يطير بالونة ترتفع الأبصار إليها، وحينئذٍ هو يعمل من تحت، حينما يريد مجرم أن يفسد المجتمع، أو لص من اللصوص حينما يريد أن يسرق بنكاً من البنوك، لا بد أن يسحب في جيبه قنبلة، فيفجر سيارة في الطريق، فينشغل الناس بالسيارة المتفجرة، ثم هو يدخل إلى هذا البنك ويسرق فيه، لا بد أن ترفع قضية وأن تثار إما لإشغال الناس بها، والعمل في غفلة الناس عنها، أو لكي يصبح للمخرب قضية يتستر بها.
في الحقيقة -أيها الأحبة!- وبالتدريج حينما تثار قضية من القضايا، ويكون لهذه القضية من يتبناها، إما امرأة معينة أو مجموعة من الفتيات شعارنا المشاركة في الوطن، المشاركة في الدفاع، من الذي يصنع منا أبطالاً؟ وكالات الإعلام، ووسائل الإعلام الأجنبية هي التي تلمع هذه الحادثة، بالتدريج نبدأ الدخول في قضايا جديدة.
لماذا كل هذا؟ حتى تطول فترة المراهقة، وأثناء هذه الفترة قد تسلطت الجرائد والمجلات والأفلام والمسلسلات التي جعلت من الفتاة سجينةً في قفص بين أربعة أبواب، أتدرون كيف تتصور الفتاة المسكينة أنها سجينة؟
فيلم من الأفلام يخرج أسرة في حدائق غناء، وتلقى الفنانين والمشاركين من أطفر عباد الله، لكن مستأجرين هذا القصر من أجل أن يمثلوا للناس فيه، المهم أسرة في هذا المجتمع والحدائق الغناء، وهذه الفتاة التي تبلغ من العمر سبع عشرة وثمان عشرة سنة تطل من الشرفة إذ بالشاب يمر يضرب لها بوق السيارة، فتنـزل تحدثه، ثم تتساطع النظرات، وتتبادل الآهات والأنات، ثم تبدأ قصة الحب، ثم ماذا بعد ذلك؟ تبدأ البنت تحدث أمها: أنا والله تعلقت بفلان، ما المانع أني أخرج معه؟ ولماذا؟ وما له؟ واذهبي معه يا ابنتي، وهلم جرا.
ثم تخرج معه، ورويداً رويداً قارن بين مجتمع الشاشة ومجتمع الأربع جدران، فتاة جالسة في أربع جدران تنظر إلى فتاة تطل في الشرفة، وتقول: أنا لو أطل من على هذه الشرفة فستأتيني لعنة هذا الحين من الشارع، تبدأ تقارن المسكينة في حين غيبة من التربية، وغفلة من الأولياء، وبعد في المناهج عن تأصيل الكرامة، وبيان العزة التي أكرمها الله بها؛ تبدأ تقارن بين نفسها العزيزة الكريمة الأصيلة، تبدأ تقارن نفسها بالحقيرة المبذولة التافهة، وتغبط هذه التافهة على ما هي عليه، تقول: أنا بين أربع جدران، وهذه تخرج في أي وقت، ومع ذلك جعلها تقود السيارة هي وإياه، أنا لو أريد أن أسوق فلن يسمحوا لي أن أسوق، ويحدثها بالهاتف في كل وقت، يرن التلفون وتأخذ التلفون وتنتقل إلى حجرة، وكيف حالك؟ وما رأيناك؟ والجامعة وما الجامعة، وهلم جرا.
مصيبة المصائب! ما معنى أن هذه تتحدث مع صديقها وأنا لا أتحدث مع صديقي؟ من هنا تبدأ قضية المقارنات الغير منضبطة، أو بالأحرى المقارنات التي ليست أصلاً بمحل للمقارنة، وتشعر الفتاة بأنها بحاجة إلى مجتمع غير هذا المجتمع الذي هي فيه، طبعاً الزواج في هذا السن، الفتاة تتحرك غريزتها، يدنو مجتمع الشاشة، أو مجتمع الفيلم والمسلسل يدنو الفتى من الفتاة، ويحدثها حتى لو شئت أن تدخل ورقة بين أنفها وأنفه، ما استطعت، فهما قريبان جداً من بعض، والفتاة هل هي جماد لا تتحرك، وليست بدون مشاعر؟ تتمنى أن لو كانت مكان تلك الفتاة في بعض المشاهد وبعض المواقف، ومن هنا يكون عندها رغبة في الزواج، لكن عيب أن تتزوج وعمرها ست عشرة سنة، أو في نظر المجتمع لو تصارح أهلها بأن لها رغبة في الزواج: يا أبي، يا أمي لو تقدم إلي فتى يريد الزواج مني وافقوه، فيقولون: ما هذه المجنونة التي تموت على الزواج؟
إذاً من خلال زرع بغض تزويج البنات المبكر في نفوس المجتمع تبدأ تتولد الرغبة في الاتصال، هناك ضغطٌ عبر الوسائل الإعلامية وهناك غريزة، فيتدافع الأمران، ماذا يحصل؟ تبدأ العلاقات السرية، من أين؟ من الهاتف، وهي ما تسمى بالمعاكسة والمغازلة، كثير من البنات لما تزوجت انتهت من شيء اسمه المعاكسة.
إذاً ما هي القضية؟ هل هو حب في الانحراف ذاته، أو مجرد غريزة ودوافع ومثيرات وأشياء تؤجج الشهوة والفتنة، وما عندها ما يقضي حاجتها ووطرها؟ إذ تريد أن تتزوج، والأدهى من ذلك يوم أن يأتي البنية نصيب فيقال: اصبري، دعي أختك الكبيرة تتزوج، طيب فلتتزوج وليكن ذلك، لكن تعلمنا أنه عيب تزويج الصغيرة قبل الكبيرة، المسألة قسمة ونصيب، فمن كتب لها النصيب فلتتزوج، لكن من خلال التحقيق الصحفي، من خلال العمود، من خلال المقابلة:
السؤال: ما رأي سعادة الدكتورة الفلانية في الزواج المبكر؟
الجواب: أنا لا أرى الزواج المبكر، لأنه دائماً ينتهي بالفشل.
السؤال : ما رأي المعيدة الفلانية في الزواج المبكر؟
الجواب: الزواج المبكر مصائب لا حدود لها.
السؤال: ما رأي المحاضرة التي تعمل في مركز الخدمة الفلانية؟
الجواب: هذه خطورة، هاوية الأولياء يقذفون بالفتاة المسكينة إليها.
ومن ثم نبدأ نعتقد أنه لا يمكن أن يحصل الزواج إلا في سن متأخرة، والمطلوب ما هو بالضبط؟ إيجاد فترة انحراف وفساد وإباحية قبل الدخول في عقد الزوجية، هذا هو المطلوب بالذات، وذلك مجال أو جبهة من جبهات النزاع في قضية تحرير المرأة، ولا حول لا قوة إلا بالله!
عندما يتخرج عندي هذه السنة ألف فتاة إدارة أعمال، وإدارة خاصة، واقتصاد زراعي وهندسة وكيمياء وفيزياء وما يتعلق بذلك، ما الفائدة من هذه التخصصات؟ أليس من الأولى أن أعين الشباب الذين هم بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم لردهم إلى سلك التعليم ببرامج تنشيطية تدريبية، وإعادتهم إلى سلم التعليم سواءً كان مهنياً، أو كان تقنياً، أو أكاديمياً بحتاً، أو في أي مجال من المجالات، أليس الشباب أولى من الفتيات في هذه التخصصات؟
القضية -أيها الإخوة- هي والله نتيجة حتمية لتوظيف المرأة، أو هي مقدمة تفضي حتماً إلى توظيف المرأة، عندما يكون عندي جامعة، وعندي حوالي ألف فتاة في تخصصات، ما عندنا مجال نوظف الفتاة فيها، عندنا الآن مثلاً مجال التعليم ومجال الطب، ونسمع أن هناك دسائس وبعض المكاتب التي ما بين المكتب والمكتب إلا زجاجة، أو فاصل أقل من الزجاج، لكن مجموعة من ذوات الشهادات في مختلف التخصصات ما هناك مجال يناسب تخصصها، طيب ماذا نفعل؟ تتخرج الدفعة الثانية، صار عندي ألفا فتاة، تتخرج الدفعة الثالثة، ثلاثة آلاف فتاة، الدفعة الرابعة، أربعة آلاف فتاة، تبدأ الفتيات اللائي يحملن المؤهل الجامعي في المجالات التي لا وظيفة لها في المجتمع يصرخن بصوت واحد: وظفونا وظفونا، درسنا وعندنا شهادة (ليسنس)، أو بكالوريوس في مختلف التخصصات، لماذا نعطل؟ لماذا نهمل؟ أين مجال العمل؟ وحينئذٍ حتماً ستفتحون توظيف المرأة.
هذا التخطيط الذي فتح مجالات تخصصية في التعليم تخرج شهادات لا مجال وظيفي لها في المجتمع هو في الحقيقة يعني: بناء تراكمي لإيجاد كمية هائلة من الخريجات اللائي يحملن مختلف التخصصات لكي يأتي اليوم الذي ينصاع فيه من ينصاع، لكي توظف المرأة، وهنا نسأل سؤالاً، وليكن هذا السؤال صريحاً، والصراحة صابون القلوب، نقول: هل الفساد في التخطيط والتعليم أم أن هناك أمراً مبيتاً اسمه توظيف المرأة؟ هل الذي خطط لتعليم الفتاة في المجتمع يجهل معنى إيجاد تخصصات لا وجود وظيفي لها في المجتمع، أم أنه يراهن على توظيف المرأة في يومٍ ما؟
ليجب كل واحد منكم على هذا السؤال، وليسأل من يعنيه الأمر في هذه المسألة، هذا أمرٌ لا مفر منه، هي واحدة من اثنتين: الذي خطط لتعليم الفتاة، وجعل هناك مجالات معينة حينما تتخرج الفتاة بعدها لا تجد مجالاً وظيفياً لها، نقول له: إما أنك خططت تخطيطاً عشوائياً، فلا تصلح للتخطيط في التعليم، وإما أنك تريد توظيف المرأة في يوم من الأيام، وكلا الأمرين منبوذ مرفوض.
قد يقول قائل: ونحن نقترح أن ليس من شرط تعليم المرأة وظيفتها، ليس بالضرورة أن كل من تعلمت أن نعطيها المرتبة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ويوجد عدد من المتعلمات اللائي تعلمن وآثرن البقاء في بيوتهن وتربية أولادهن وخدمة أزواجهن، لكن نقول: هلا إذا كان هذا قصدك الشريف يا من خططت للتعليم، هلا جعلت هذه المجالات مناسبةً فيما يتعلق بفقه النساء، طهارة النساء، أحكام العشرة الزوجية، العناية بالأطفال، رعاية الأطفال، أمور أولية لعناية المرأة بأولادها وزوجها وبيتها، إذا كان المقصود هو أننا نعلم المرأة لنرفع عنها الجهل، ولكي نفيدها في إطار منزلها وأسرتها، فعندنا فنون وعلوم، الفنون يراد بها العلوم، فعندنا مجالات نستطيع أن نجعل دراسة المرأة متخصصة في هذه المجالات التي تخدمها.
أسأل سؤالاً دار في ذهني، وسمعت محاضرة للشيخ/ سفر الحوالي حفظه الله، وأورد أيضاً هذا السؤال، يقول: لو قلنا لأحد من الذين وافقوا على دخول بناتهم في ذلك التمريض الذي اختلط فيه البنات مع البنين، الذكور مع الإناث، الشباب مع الشابات، ودخل فيه الإناث على المرضى شباباً وشيباً وصغاراً وكباراً ذكوراً، ومن أعجب ما رأيت أن تجد الطبيب المترجمة له أنثى، وأن تجد الطبيبة المترجم لها ذكر في بعض المستشفيات، وهذا سؤال يحتاج إلى جواب.
الحاصل لو قلنا لرجل أراد أن يوظف ابنته في التمريض: ما هو رأيك؟ كم يعطونكم في التمريض؟ كم الراتب؟ أربعة آلاف، نقول: تفضل هذه خمسة آلاف ريال، أعطنا ابنتك عندنا عجوز في البيت نريد هذه البنية أن تخدمها، يقول: عجيب وابنتي خدامة عند أبيك، وأنا محتاج فلوسك من أجل تعرض عليَّ خمسة آلاف ريال من أجل ابنتي تخدم عندك، طيب ما هو الفرق بين أن تخدم طابوراً كاملاً كله رجال يمدون أرجلهم، أو أن تخدم جدتي هذه العجوز، ما الفرق بين هذا وهذا؟ بالعكس قد تكون في بيتي، وأنا أكون حريصاً عليها، ولك أن تطمئن -إن شاء الله- فلن أدخل أجنبياً على ابنتك، ولن أجعلها تختلط بأحد، ولن تخدم إلا أنثى مثلها، لكن انظر الأمر كيف يلبس على الناس، لو قلنا: أعطونا البنت تعمل خادمة في البيت بخمسة آلاف ريال، يقولون: لا. والله ما احتجنا إليك بعد حتى أن ابنتنا تعمل في بيتك، لكن نقول: ثلاثة آلاف ومائتان وستون وتشتغل مضيفة، أو ممرضه، وتخدم طابوراً كاملاً ذاهبة آتية، أوه فلانة موظفة في المستشفى الفلاني إنها ممرضة! وكأن مجالات المرأة ضاقت حتى لا نجد لها مجالاً إلا تمريض الرجال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والمصيبة التي تطرح نفسها حتى الآن على ما عندنا من الخير والأموال والأرزاق والبركات نحمد الله على ذلك لا يوجد عندنا مستشفى طاقمه نسائي بالكامل، والله -يا إخوان- نحن بحاجة، ونقولها لكل غيور، ونقولها لكل مسئول: إن مجتمعنا بحاجة إلى مستشفيات نسائية بحتة، وليكن حينما يرى أن تدخل الرجال لأمر ضروري لا بد منه، وليكن في حدود تنسيق ضيق بقدر الحاجة.
ونحن عندنا أتم العلم وأتم اليقين أن كل ما يراد ممكن، كل مطلب من مطالب الفتيات في إطار الشريعة ممكن في أمرٍ سنسمعه الآن، وليس بجديد عليكم، ولكن نقول: أولئك الذين يصيحون: نريد نوادي الفتيات وما أدراك ما نوادي الفتيات، والنوادي الآن -بالمناسبة- كأني أشم أنه يوجد في المجتمع رائحة نوادي مثال ذلك: شاب ذات يوم قدم إليَّ قائمة أسعار النادي الرياضي في أحد الفنادق، وهذا النادي يمكن أن تأخذ البطاقة فيه امرأة أو رجل، ولا أذكر بالضبط اسم الفندق هل هو شيراتون، أو ما أدري بالضبط، المهم يوجد نوع من أنواع الرقص، الفندق مستعد أن يدرب المشتركة بالبطاقة على نوع من أنواع الرقص.
حمام السباحة الآن مكشوف في أحد الفنادق، كنت في زيارة للشيخ/ جلال الدين حقاني لما جاء إلى الرياض، واستضيف في فندق المنهل، فقال لأحد الساكنين: إن الساكن في الفندق يطل على جنبات المسبح، والمسبح في أوقات معينة للنساء، يوجد في بعض الفنادق تكون غرف الزوار في مختلف الأجنحة والجنبات، فالزائر خاصة إذا كان في الأدوار العلوية بكل سهولة يستطيع أن يفتح ستارة النافذة، وأن يطلع، وأن يرى هؤلاء النساء يتحممن، أو يسبحن في مسبح الفندق، لماذا يكون مسبح الفندق بهذه الطريقة؟ وهناك يوم للرجال ويوم للنساء، يعني: هل المشكلة بأن يوماً للرجال ويوماً للنساء، ولكن الرجال والنساء كلهم ينظرون من النوافذ، يعني: هناك ترتيب وتبييت معين، ولذلك نحن بأمس الحاجة إلى ضبط أوضاعنا، وإلى معالجة أمورنا، ولكن بالحكمة، برفع الأمر إلى العلماء والقضاة وولاة الأمر، وإدراك هذا الأمر، فما كان من الفنادق بهذه الصفة، فلا بد أن يستر المسبح فيه عن أولئك حتى لا نسمح لأنفسنا بالنزول إلى الحضيض والهاوية ونحن في قلعة من قلاع الإسلام بمن الله وفضله.
أنا أدرك -والله يا إخوان- كل الإدراك، وعندي قناعة أن ولاة الأمر لا يرضون هذا، ولكن عندي أيضاً قناعة بأن ولي الأمر ليس شمساً مشرقة تطل على كل شيء، فهو دوركم أنتم ما رأيتم من منكر في نادٍ أو فندق أو في جهة من الجهات إلا أن تكتبوا عنها، وأن تتحروا عنها، وأن تثبتوها، ويا حبذا أن تكون الكتابة واقعية ودقيقة، ومن ثم يأخذ الأمر مجراه لمحاسبة ومساءلة من وقع في هذه المسألة.
أحد الإخوة الغيورين -جزاه الله خيراً- يقول: لا تقل: دعاة التحرير، بل قل دعاة التخريب، على أية حال لا مشاحة، وإن كان كما يقولون نسميهم بما يزعمون، ولكن نفند باطلهم بمن الله وفضله، فأولئك -أيها الأحبة- دعاة التخريب مستعدون بأن يطبقوا كل ناعق، وكل صيحة، وكل فن جديد، وكل نوع من أنواع الرقص، وكل نوع من أنواع الموضة والخلاعة والمجون ويفتحوا لها باباً ومجالاً إلى غير ذلك، لكن شيء اسمه الإسلام الصحيح الصريح الذي يسعى وينهض بالمرأة، فليس لديهم الاستعداد لذلك، ومن هنا أقول: يا من تصيحون وتنادون بدعوى تحرير المرأة! هل يوماً ما طرحتم في المجلة أو في التلفاز أو في الإذاعة أو في الجريدة، أو في المكان الذي أنتم فيه، هل طرحتم شيئاً اسمه جامعة البنات؟! هل طرح أولئك الذين يصيحون ويقلبون المساكين ممن صدقوهم في هذه الدعاوى الباطلة على جمر الفتن، قلبوا الناس على جمر الفتن جربوا كل شيء معهم، لكنهم يوم أن يذكر جامعة البنات يخنسون ويسكتون ويقولون: لا. لا يمكن، تريدون جامعة من البواب إلى العميد إلى المديرة إلى العميدة تريدونها بنات، لا. لا. لا يمكن أبداً، لنا استعداد نعمل اختلاط ونفصلهم نضع قسم ذكور وقسم إناث، لكن انظروا يعني يوم أن يأتي يوم الكلام عن جامعة البنات يقولون: لا. لا يضر أن نضع قسماً للبنات وقسماً للذكور حتى يحاولوا إيجاد الاتصال بعد الهوة التي عملوها شيئاً ما للإيقاع بالمرأة من جديد، فمن هنا -أيها الأحبة- نقول: إن الحل في كل ما يتعلق بحاجة الفتاة، وحاجة المرأة، وتخصصات المرأة التي نحتاجها ويحتاجها المجتمع الحل موجود في جامعة البنات، والمشروع موجود، والمشروع مقدم.
نسأل الله أن يرى النور، ونسأل الله أن يبادر به عاجلاً غير آجل، فنحن لا يعجزنا أن نوجد إذا كان عندنا سبع جامعات للذكور، فلن نعجز أن نوجد خمس جامعات للبنات بمن الله وفضله في مختلف التخصصات التي نريدها نحن لن نقول: فلتبق المرأة جاهلة، أو لا نريد أن نعلم المرأة، لكن نقول: فلندرس حاجة المجتمع، ما هي المجالات التي يحتاج المجتمع إلى وظائف نسائية فيها؟ ثم نقدمها في قوالب مشاريع منهجية ودراسات جامعية تتبناها جامعة البنات.
نريد أن نضع منتدى ثقافياً للفتيات، جامعة البنات مسئولة عن هذا المكان، البنات ما دام أن الجامعة من أولها إلى آخرها، من ألفها إلى يائها كلها بسكنها بتدريسها بمعيداتها بمحاضراتها بأستاذاتها بجميع الإداريات فيه بكل دقيق وجليل فيها من النساء، ولن نعجز في هذا، نقول: إذا كان عند الفتيات أنشطة ثقافية، وأنشطة أدبية، وأنشطة فكرية، طبعاً كلها بفضل الله ومنه فيما يخدم هذه البلاد وفكرها ومجتمعها وأمتها، نقول: يمكن أن يوجد في إطار جامعة البنات، لكن أن نفتح لنا نادياً ونقول: العضوية للسيدات مقبولة.
وبعيني مركز المناهل في الحي الدبلوماسي اطلعت على دليل قبول الراغبات في الانتظام فيه، وما الذي يحدث في هذا المركز؟ هذا أمر نحتاج أن نسأل أولاً هل هو مرخص له أم لا؟ فإذا كان مرخصاً، ننتقل إلى السؤال الثاني: ما الذي يحدث في هذا النادي من الأنشطة؟ وهل كل نشاط نسائي مسموح به؟ يعني: يوم أن يكون عندنا جمعية نسائية مرخصة، أو نادٍ نسائي مرخص، هل يعني ذلك أن نعلم بنات المسلمين الرقص؟ هل يعني ذلك أن نعلم بنات المسلمين البالية على الموسيقى؟ وقد حدث، ونقل من نقل أن بعض الفتيات وحتى بعض الأمهات تخرج الواحدة عليها العباءة، وما دون العباءة الله أعلم به، والسائق ينتظرها لكي ينقلها من النادي إلى غير ذلك، مصائب تحتاج إلى بحث وتأمل.
نقول: ليس عندنا ناد للمرأة! لو فتحنا نادياً للمرأة لم يأت بجديد عن الذي تمارسه الفنادق، ومثل مركز هذا النادي أو غيره من المراكز، إذاً لا بد أن نعرف ما الذي يدور في مجتمعنا، ومن حق كل غيور أن يعرف ماذا يدور في مجتمعه، فإن كان الذي يدور أمراً يكون سبباً في حلول النقمة ونزول البلاء وقرب الهلاك وزوال الأمة، فإن مسلماً لا يرضى بهذا على نفسه وأمته، وإن كان الذي يدور خيراً لا شر فيه، أو أمراً لا تعارضه الشريعة، فنقول: الحمد لله.
ومن الآن أقول: لا يجزع الذين يتسترون خلف هذه المواضيع، إن كان عندكم خير فجزاكم الله خيراً، وإن كان عندكم شر فليخرج الشر من جحره حتى ننظر ماذا يفعل، الآن نحن بفضل الله جل وعلا -وقبل الآن، وليس هذا بأمر جديد- في منتهى الوضوح في هذا المجتمع، فلننتبه ماذا يدور وماذا يدار في ثنايا هذا المجتمع.
أيها الأحبة! اعلموا أننا لسنا في الميدان وحدنا، بل نحن في مجتمع فيه الغالبية العظمى من الذين هم يدينون بالولاء لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وفيهم طائفة من الأعداء الذين ظهرت عداوتهم، وفي هذا المجتمع من المنافقين الذين: تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ [المنافقون:4] وأحدهم: َيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة:204] ولو تولى من أمور المسلمين شيئاً لسعى في الأرض فساداً ليهلك الحرث والنسل، فلسنا في الميدان وحدنا، بل في المجتمع من المخربين والمنافقين والعلمانيين من يتربصون بنا وببناتنا وزوجاتنا وأخواتنا الدوائر، فانتبهوا لذلك.
يريدون الصراحة، يريدون أن يعرفوا هل الضم إلى حزبهم -حزب الشيطان- حزب العلمانيين والمنافقين خلق كثير؟
فبدءوا يطرحون أوراقهم سافرةً علنيةً، ولكنهم فوجئوا بأن المجتمع يردهم ويقول: ليس هذا مكان هذه الأطروحات، يمكن أن تطرح هذه الدعاوى في أمستردام، يمكن أن تطرح في هايد بارك، تطرح في واشنطن، أما أن تطرح في مجتمع المسلمين، في أرض تجديد العقيدة، في أرض الحرمين، ليس هذا مكانها أبداً، لكن ما الذي حصل؟
العلمانيون المنافقون لاحظوا أن المجتمع في انتشار، الشريط الإسلامي ينتشر بطريقة أرعبتهم وأزعجتهم الكتاب الإسلامي أصبح في كل بيت، وفي كل سيارة، وفي كل بقالة، الشريط الإسلامي أصبح في كل دكان وفي كل مكان، في كل ليلة عشرات المحاضرات، بل مئات المحاضرات على مستوى المملكة .. الندوات .. الخطب .. تفجر الوعي في نفوس الناس، قالوا: القضية قضية سباق، الوعي يسرع إلى أن يحتوي جميع أفراد المجتمع، فلنطرح أوراقنا بسرعة قبل أن يستكمل الوعي بجميع أفراد المجتمع، فكانت الحركة جنونية، ولذلك الذي يلاحظ حركة قيادة المرأة، وما يتعلق بها فيها نوع تهور، وفيها نوع سرعة يعني: حتى التوقيت ما ضبطوه على مقياسهم هم، لأنهم أدركوا أنهم في صراع مع الزمن، المجتمع يلتزم بالمئات .. بالآلاف، الوعي ينتشر، الناس وإن وقع بعضهم في بعض الذنوب والمعاصي، لكن لا يمكن أن يتنازلوا عن الخصائص والأركان والمبادئ والعقائد، فما الذي حصل؟ قالوا: لا بد أن نسارع في طرح العملية، ولكن حنثت يمينهم فليكفروا إن كان لهم يمين.
ظن العلمانيون، ظن دعاة التخريب، أو دعاة التحرير عند أنفسهم، ظنوا أن المجتمع يمكن أن يجدي فيه نفس الأسلوب الذي أجدى في مصر، حركة تحرير المرأة التي تمت في مصر، وأنصحكم بقراءة كتاب جميل رائع جداً جداً، وهو فصل من كتاب واقعنا المعاصر لـمحمد قطب اسمه قضية تحرير المرأة كيف كان تحرير المرأة في مصر؟ قصة طويلة، لكن هناك ظرف معين، ما هو؟
لأن السلطة تستمد قوتها من التشريع، والبشر يستمدون الانقياد والولاء والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من التشريع، فاجتمعت إرادة الأمة مع إرادة السلطة في كتاب واحد، فكونت قوة واحدة، وإذا كان هناك علماني يشك في هذا، فليخرج على منبر ليناقض مبدأ من مبادئ الدولة، أو ليكذب أمراً من هذه الأمور، ولينظر إن علقت رقبته في ساحة العدل أو لا.
نحن نراهن من الآن، إذا كان العلمانيون تجرءوا على هذه القضية في مصر في ذلك الزمن الذين حرروا أو خربوا المرأة في مصر: قاسم أمين، سعد زغلول، هدى شعراوي إلى غيرهم، إذا كانوا استغلوا وضع ضعف السلطة المصرية وانحسار الوعي الإسلامي في ذلك المجتمع، فإن المجتمع عندنا -ولله الحمد والمنة- يشهد قوة، ويشهد تمكناً، وهذا أمر ثابت لا يحتاج إلى إثبات أو دليل، لكن نقول: إذا كان هناك علماني أو منافق يشك بأن السلطة ضعيفة أو عاجزة فليبرز أنفه، أنا مستعد أراهنه إذا ما تعلقت رقبته بمشيئة الله جل وعلا في ساحة العدل أو لا. لماذا؟ لأننا عندنا قناعة يوافقنا فيها ولاة الأمر، ويوافقنا فيها العلماء أن هذه البلاد، هذه الدولة قامت على كتاب الله وسنة نبيه، فإذا وجد يوماً ما خطأ أو ظاهرة، نقول: لسنا أمة معصومة، لكن مردنا إلى الكتاب وإلى السنة من جديد.
وأقترح بل وأطالب إذا وجد دكتور -مثلاً- وأخذ يستهتر بالقرآن، أو يقول: القرآن متناقض، أو وجد من يتهجم على السنة الصحيحة، أو وجد من يحاول أن يشكك في الأمة، ما هو المانع من أن تلغى شهادة الدكتوراه؟
مسئولية قضائية للفصل بين الناس فيما يحصل بينهم من نزاع.
ومسئولية ولائية، يعني: القضاة هم نواب الإمام في ولايات عديدة مثال ذلك: الأموال التي لا وصية عليها، لا يمكن أن يتصرف الوصي بدون نظر القاضي في مشاركته، المرأة التي لا ولي لها يزوجها القاضي، أمور كثيرة القاضي يتولاها، فمصالح المجتمع القضاة من أهم من يعنون بها، وهم مسئولون عنها أمام الله، فينبغي أن نوصل ونبين ونبرز ونعلن ونخبر القضاة بما يحدث، وبما يدور في هذا المجتمع ليتولى كل واحد منهم مسئوليته.
أيها الأحبة! تقول واحدة من اللائي شاركن في تلك المظاهرة: والله لو علمنا أن الأمر سيحدث إلى ما آل إليه، أو أن المجتمع سيضج هذه الضجة ما توجهنا.
إي والله، يعني: ظنوها غضبة ساعة وتنتهي، لكن سبحان الله العلي العظيم!
وربما كان مكروه النفوس إلى محبوبها سببٌ ما بعده سبب |
يقول أحد الذين كانوا يخالطون بعض العلمانيين ويعرفونهم بأسمائهم أو بسيماهم، ويعرفون عنهم فيما سبق من حياتهم، يقول: سبحان الله! هؤلاء تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، يجلس ثلاثة يتحدثون، فيقوم واحد، فيبقى اثنان يلعنان الذي خرج، والله يا إخوان: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76] هؤلاء كيدهم كيد شيطان، وكيد الشيطان ضعيف، هؤلاء أحقر من أن ينالوا المنـزلة والمكانة، ولذلك انظروا عدد البرقيات والاحتجاجات التي بلغت حتى المساجين في السجن أبرقوا برقية، ومعهد النور الذي يتكلم فيه المكفوفون الذين ما يرون النساء أبرقوا برقية، ومع ذلك من الذي أبرق تأييداً لهذا الأمر؟ ربما لا يتجاوزون ثلاثة أو أربعة، أما الذين قالوا: خمسين ألف برقية، مائة وسبعين ألف برقية، فكل هذا ليس بصحيح أبداً.
نعم يوجد من أيد، لكن يدخل الحمام ويرفع صوته ويقول: نعم لقيادة المرأة، نعم نعم، ويبرد عن قلبه قليلاً في الحمام ويخرج، لا سبيل له أن يعبر عن رأيه إلا في المنبر الحر الخاص به وهو الحمام، أما غير ذلك لا يستطيع أن يؤيد، يؤيد أين؟
فعلى أية حال -أيها الأحبة- أقول لكم: إن بعض الفتيات من اللائي خرجن أو شاركن -والله- مغررٌ بهن، ومن هنا حينما نسأل الله لهن الهداية، فإننا نسأل الله الهداية اللائي الذي غرر بهن، أولئك الضعيفات المسكينات اللائي ظنن أن الأمر مسألة قيادة سيارة وانتهين، في عدد منهن غرر بهن، وبعض اللاتي يعلمن بهذا الأمر مغررٌ بهن أيضاً، لكن مجموعة شياطين، أو رءوس مدبرة أو مفكرة، هؤلاء إن علم الله فيهم شراً وفساداً على أهلهم وآبائهم وأمهاتهم وذرياتهم ومجتمعهم، فنسأل الله أن يأخذهم عاجلاً غير آجل، وكما قلت لكم: أولئك العلمانيون المندسون المتسللون أولئك أصبح الآن بعضهم يلبس ثوب الإسلام، ويتحدث باسم الإسلام، وبعضهم ظل يحاول أن يثبت أنه يصلي مع الجماعة، وبعضهم يعني: ضربهم الخوف والرعب بفضل الله جل وعلا.
فيا معاشر الشباب: نحمد الله على هذه الحال التي ألفت هذا المجتمع رب ضارة نافعة: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].. فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19].
أيها الأحبة! حقاً إن أولئك الذين يسمون دعاة التحرير إنهم لا يريدون حرية المرأة، ولكن يريدون الهاوية والمصيبة والحضيض للمرأة.
لكن أقول: أيها الأحبة! نحن بحاجة إلى سكرتارية، علماؤنا بحاجة إلى سكرتارية، وأنتم سكرتارية العلماء، أنتم المكتب الإداري لعلمائكم ولقضاتكم ولولاة أمركم، فأنتم -يا شباب الصحوة- فيكم من عنده الوعي السياسي، والوعي الاقتصادي، والوعي الاجتماعي، ومنكم من يجيد اللغة الإنجليزية، فأرجو من كل واحدٍ منكم أن يعتبر نفسه سكرتيراً أولاً لسماحة الشيخ/ ابن باز متع الله به، ولا أظن واحداً منكم يحرم نفسه هذا الشرف أن يكون خادماً لهذا الشيخ، لا والله، بل إنه غاية الشرف أن نعين سماحة والدنا على ما يمكن أن نقدم له من حصر واستقصاء ورصد ومتابعة بدقة كافية لكي نقدم بين يدي سماحته وبين يدي علمائنا، وكذلك لولاة أمرنا، نحن أيضاً سكرتارية لولاة الأمر، لكي نقدم كل شيء فيما هو خطرٌ قد يخل بأمن المجتمع، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
المطلوب منكم -أيها الإخوة- أن تتابعوا من يظن فيهم الانحراف الفكري أو من عرفوا بذلك، نريد منكم أن تعتنوا برصد المقالات السابقة، يعني مثلاً: إذا أحد اشترى مجلة كذا، أو جريدة كذا، يشتري مجلداتها، ويتخصص في كتابات الكاتب الفلاني، ويبدأ يتفرغ لها، ويقرأها سطراً سطراً، واجمعوا زلاته من أول ما كتب إلى يومنا هذا،حتى إذا تكلم الأغيار، وقالوا: إن الدكتور الفلاني، أو الاستاذ الفلاني، أو السمكري الفلاني، أو البنشري الفلاني، ما هناك مشكلة، أن فلان بن فلان عنده من الأفكار كذا وكذا، نقول لعلمائنا: وهذه البينة، في مجلة كذا، يوم كذا وكذا نشر هذا المقال، وهذا المقال موجود، الجرائد لا تنسى شيئاً، والمحلات لا تضيع شيئاً.
على أية حال هي سجل يحفظ، وما كانوا يوماً ما يظنون أن كتاباتهم ستشهد عليهم وستدينهم، لذلك أقول: يا شباب! من عرف بعدواته للصحوة، وعداوته للأمة، وحقده على المجتمع، فمن واجبكم البحث، هذا الرجل أين يكتب؟ في أي مجلة؟ والله عرفنا أنه يكتب في مجلة كذا وكذا، فليتقاسم الشباب هذه المجلة، وليطلبوها من المجلدات القديمة، من بداية كتابته في تلك المجلة، أو الجريدة إلى يومنا هذا، وليجمعوا مقالاته مقالاً مقالاً، وليرصدوها وليحللوها، وليقدموا بها تقريراً لأمير المنطقة، لولي الأمر، ولسماحة الوالد الشيخ وللعلماء والقضاة، حينئذٍ -يا إخوان- والله لا يجرأ علماني أن يمسك القلم إلا سقط القلم عشر مرات، يعني: يستأجر عاملاً يمسك القلم في يده من أجل أن يكتب، إذا علم أن وراءه من يرصد الحرف والكتابة.
أكبر دليل على أنهم كانوا يعتقدون أن المجتمع مجتمع غبي وجاهل وساذج كتاباتهم في الحداثة، كتابات الحداثيين التي بلغت حد الشرك والإلحاد، ما كانوا يظنون أن أحداً يوماً ما سيخرجها بأكملها ويعرضها بين يديهم حتى قالوا: يا ويلنا من جمع هذا عنا كله؟ لكن فليعلم العلمانيون أن المجتمع فيه من يرصد هذه الحركة، والعودة إلى سجلات التاريخ من الوثائق والمقالات والبرامج وغيرها التي تخرج أفكارهم جميعاً، هذا واجبكم يا سكرتارية الأمة، يا سكرتارية ولاة الأمر والعلماء، وهذا أمر مطلوب منكم.
لا بد لكل واحدة أن تجتهد، وأن تجمع كتيبات وأشرطة ومقالات فيما يتعلق ببيان فضيحة العلمانيين والمنافقين في دعوى تحرير أو (تخريب) المرأة، وكيف خربت المرأة في مصر، وكيف يراد تخريبها عن طريق الأندية الرياضية مثلاً، أو عن طريق الجمعيات، أو عن طريق مجالات معينة، أو الدخول في أمور لا تليق ولا تناسبها، هذا واجب الأخت المسلمة أن تعتني به، وأن تعرف دورها، وأن تقوم به على أتم وجه وأحسن حال.
تقول عائشة: (يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم. -تهلكون وفيكم من يقوم الليل، ومن يصوم الإثنين والخميس، ومن يتصدق-نعم. إذا كثر الخبث) إذا كثر الخبث تهلكون ويهلك الصالح والطالح، وإذا غرقت سفينة المجتمع، يغرق فيها الأخيار والأشرار والأبرار والفجار: (إذا كثر الخبث) متى يكثر الخبث؟ إذا خرجت المرأة عن طورها، وعن دورها، وعن طبيعتها، وعن مهمتها، وعن مسئوليتها، فسحقاً وتباً وبعداً يا دعاة التخريب لستم دعاة التحرير.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا واسمك الأعظم؛ أن تفضحهم على رءوس الخلائق، اللهم افضحهم على رءوس الخلائق، اللهم افضحهم على رءوس الخلائق، اللهم أرنا فيهم يوماً أسود كيوم فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، اللهم ما علمت فيهم فجراً وحقداً على ولاة أمرنا وعلمائنا وأمتنا ومجتمعنا، اللهم اجعل سلاحهم في صدورهم، واجعل كيدهم في نحورهم، وأدر دائرة السوء على رءوسهم، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم سلط عليهم جندك يا من لا يعلم جنده إلا هو.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
استبشرنا أخيراً عندما علمنا أن الفاسقات اللاتي خرجن قد فصلن من أعمالهن، إلا أننا وهذا اليوم يوم الأربعاء الموافق 18/5 قد فوجئنا بنـزول جداول مواد للفصل الدراسي الثاني في جامعة الملك سعود واسم المذكورات موجود أمام مواد سيقمن بتدريسهن لفتياتنا أحببنا إحاطة فضيلتكم للعمل بما تستطيعون به، والله يحفظكم ويرعاكم.
السؤال: في جريدة ما كتب مقال عن قيادة المرأة للسيارة، وأنها سوف تقود السيارة في المستقبل، لأنه سبق أن عرض كل من التليفزيون ودراسة المرأة، وفي الأخير درست المرأة، واشتغلت في التليفزيون وما إلى ذلك، فما هو ردنا على هؤلاء، نرجو توضيح الأمر وفقكم الله؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد:
أما مسألة أنه نزل أسماء بعض اللائي قمن بإدارة أو تدبير أو المشاركة في هذه المظاهرة، فأعدكم بمن الله أن أبلغ أمير الرياض حفظه الله بهذا، وأن نبلغ سماحة الشيخ بهذا الأمر لمتابعته، ولنا فيهم بعد الله وطيد الثقة والأمل.
وأما ما يتعلق بأن كاتباً ما كتب في جريدة ما بشرق أوسطٍ ما، لأنه المسألة معروفة يعني، كتب وقال: إن قضية قيادة المرأة قضية يحسمها الزمن، مثلها مثل قضية تعليم المرأة، ومثل مسألة البرقية وهلم جراً، الحاصل أيها الإخوة قبل أن نأتي إلى بيت القصيد قضية تعليم المرأة من الذي عارضه في المجتمع؟ عدد محدود وبسيط جداً جداً في مناطق أيضاً محدودة وبسيطة جداً، ولا شك أيضاً أن نوع المعارضة لم يكن على فكرة تنوير المرأة، ورفع الجهل عنها، وإلا كان ربما لعدم وضوح المنهج في تعليم المرأة، فهل تقاس قضية عارض فيها اثنان في المائة بقضية عارض فيها ثمانية وتسعون بالمائة؟ هل يقاس تعليم المرأة بقيادة المرأة؟ هل يقاس رفع الجهل عن المرأة بجر المرأة إلى الهاوية والإباحية والمصيبة؟ لا والله، إذاً فالذين يقولون: القضية قضية زمن، أولئك يبدو أنهم أجهل من أن يقدروا النسب المئوية في الحوادث أو الأحداث، هذه مسألة.
المسألة الثانية: أن سمو وزير الداخلية الأمير/ نايف بن عبد العزيز حفظه الله، قولوا آمين، نسأل الله أن يحفظه وإخوانه وأعوانه، وأن يصلح بطانتهم، وأن يجمع شملهم على كتاب الله وسنة نبيه، صرح تصريحاً رائعاً جميلاً في نادي مكة الأدبي، بأن هذا الحدث مرفوض شرعاً وعقلاً ونظاماً، وبيَّن موقف الدولة -منَّ الله عليها ووفقها- في هذه القضية، (قطعت جهيزة قول كل خطيب) هذا التصريح من مصدر مسئول يقطع الحديث في هذا الموضوع نهائياً، ولكن نفاجأ أن صاحب المقال يقول: إن القضية لم تنته بعد، وإنها قابلة للحوار في المظلة القادمة، فمن هو الذي يتحدث باسم الدولة؟ هل هو سمو الأمير أم هذا الرجل؟ لا شك أنه سمو الأمير حفظه الله.
إذاً نعرف من هنا أن هذا تطاول، ولكن لنا في المسئولين الثقة بعد الله جل وعلا في أن يعالج هذا الأمر، أو يتناول هذا الأمر بالأسلوب الرادع المناسب.
الجواب: والله يا إخوان لا أحد يعارض أن المرأة تتعلم شيئاً ينفعها وينفع أولادها وبيتها وبناتها إلى غير ذلك، ولكن -يا إخواني- الأمر عجيب جداً جداً جداً! سنوات طويلة والناس تنتظر تجنيد الرجال وتدريب الرجال، وخرج الأمر بعد دراسة طويلة متأنية، وفجأة يدرس وينفذ مسألة التمريض في لحظات ودقائق، فنريد أن نسأل: ما الفارق بين هذا وهذا؟ هذه مسألة.
المسألة الثانية: إذا كان التمريض المطلوب لكي تتعلم المرأة ما يناسب عنايتها ببناتها وأولادها، وزوجها وأهلها، فإن لهذه الدورات مكانها المناسب، لا تقام في مكان يختلط فيه الغادي والرائح والذاهب والآيب، لا يجوز -يا إخوان- بدعوى أن نعلم المرأة كيف تسعف ولدها وبنتها، أن نجعلها تختلط بالرجال في الطوابير وتدخل على المرضى الرجال، فموقفنا من هذه الرفض، ولا نقبلها، ولا يقبلها كل غيور على بنته وزوجته وأهله إلا حينما تقوم مثلاً في ظل جامعة البنات، أو في ظل مستشفى نسائي كامل (100%)، وتكون هناك دورات لتعرف المرأة الإسعاف الأولي لأطفالها وأولادها، والذي يتولى الأمر من بدايته إلى نهايته نساء، ولا ترى الرجال، ولا يراها الرجال، ففي هذا خير عظيم، وما سوى ذلك فالباب مفتوح للعلاقات المشبوهة من خلال هذه القضية.
الجواب: في الحقيقة أنا بلغني هذا، وما قلت الكلام لكم عن الحي الدبلوماسي جزافاً، ولكن أقول: أريد مزيداً من المعلومات، وأريد مزيداً من الوثائق والبيانات، حتى حينما نضع أمراً بين يدي المسئولين وولاة الأمر والعلماء حفظهم الله، يكون الأمر موثقاً محققاً متأكداً منه، لأنه بسهولة تسمع الكلام في أي مجلس، والذي بلغني أيضاً ليس فقط بلاغ شخصي مجرد، بل أيضاً وصلني الجدول، أو دليل الاشتراك في هذا النادي، لكن أيضاً أريد مزيداً من الشواهد والأدلة، وهذا واجبكم أن تساعدونا لنحفظ مجتمعنا متعاونين جميعاً في إطار واحد.
الجواب: الفرق أن الجمل ما له دركسون والسيارة لها دركسون، يا إخوان أريد أن نفهم وأن نعلم أن القضية ليست ركوب امرأة على مقود قيادة، نريد أن نفقه وأن نعرف أن العلمانيين المنافقين ضعفاء العقول المغرر بهم يظنون أن النزال والنـزاع في هذه القضية هو قضية هل يجوز للمرأة أن تدق إشارة وتلف يمين و(تفرمل) و(تعشق) أو لا؟ ليس هذا محل النقاش في القضية، القضية أبعد من هذا كله، يوم أن تركب المرأة السيارة وتقودها خذوا على هذا طرفة: إذا امرأة تخاصمت مع زوجها، والله ما يلحقها في الخط الدائري، لا نزال في بداية المصارعة، في بداية النقاش .. لحظات والملابس عند الباب: هيا اذهب بي إلى عند أهلي، فما بالك إذا قادت السيارة، أقول هذا على سبيل الدعابة، لكن إذا قادت المرأة وقطعت الإشارة فيصدر تعميم يسمح لكل امرأة أن تقطع الإشارة ولا تحاسب، وإلا فضروري أن يوقفها الشرطي ليسألها: الرخصة الله يصلحك، الاستمارة الله يمتع بك، ما هذا الكلام؟ والمرأة تتأخر عن البيت إلى العصر، أين كنت؟ أين الغداء؟ تقول: والله بنشر الكفر، ما الذي صار؟ والله خبطت، حدوها الشباب وطلعوها على الخط.
يا إخوان! الله جل وعلا الذي شرع بحكمة يعلمها، ولطف قدَّره، وعلم يراه جل وعلا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] .. فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] .. وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] كل هذه الآيات هل توافق قيادة المرأة، وإلا تخالفها؟ لا شك أنها تخالفها، إذاً فهل ننقاد لجر المرأة إلى الهاوية بدعوى أن المرأة كانت تركب البعير، لها أن تركب السيارة، ونحن الذين نذهب بها، ونحن الذين نقضي حاجتها، ونحن الذين نذهب ونجيء لأجل مصلحتها، نجعلها تتسوق بصحبتنا فيما تحتاج إليه، ولا بد من تناوله بيدها وما يتعلق بذلك، لكن إذا قادت السيارة وخرجت لوحدها حتى ينفرد بها من ينفرد في أطراف المدينة، أو يخالطها من يخالطها في أي مكان، من أين يحصل للمرأة العفة والحياء وغض البصر؟ وإلا سوف تسوق السيارة وهي مطأطئة رأسها في غض البصر، لا يمكن أن تعقل هذه المسائل كلها، فالذين يقولون: قياس قيادة المرأة على ركوب الجمل، الجمل قضية ركوب وليست قيادة، الجمل وسيلة لنقل المرأة، فنحن ما منعنا المرأة تركب في السيارة مع محرمها، أو حينما لا تكون الخلوة في قضاء حاجتها، ما هناك مانع أن المرأة تركب، لكن أن تقود هي في مجتمع الأعين فيه شاردة، والنظرات جائعة، والمرأة ضعيفة، والأخطار كامنة، ونقول: المرأة قادت الجمل، فلماذا لا تقود السيارة؟! أظن أن هذا قياس غبي مع الفارق.
الجواب: أيها الإخوة! الجمعيات النسائية إما أن تكون خيراً، وإما أن تكون شراً، وللأسف إن كان زمام المبادرة في بعضها قد أخذه من لا ينتظر منه الخير، أو من لم يظهر منه الخير حتى الآن، اللهم إلا بعض الأمور التي لا تشجع على الثناء أو الثقة، لكن أنا بالنسبة لي محدود الاطلاع فيما يتعلق بالجمعيات النسائية، وإن كان حد علمي ينتهي إلى أنها أوكار وأماكن لتوجيه بعض النساء في أمور لا توافق ولا تناسب طبيعة هذا المجتمع المسلم بما يخدم اتباعه لكتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل فيما لا يعين على التمسك، لكن أرجو ممن عنده معلومات وافية وجيدة عن جمعية النهضة وجمعية الوفاء، جمعية كذا، أرجو أن يعتني بجمع ما يسر الله له، وأن يزودني بهذا فأدعو له، وجزاه الله خير الجزاء.
الجواب: يا إخوان! هذه وقاحة وكسر للحياء، كان الأولى بهذا المدرس أن يكون مأموناً على أعراض بناتنا وأخواتنا، فلا يرضى بهذا، وبإمكانه أن يحقق ما يريد بوسيلة أخرى، وما وقفت مصيبة المجتمع على هذا الفصل أو على هذه المادة حتى نكون أو لا نكون بسبب هذه المادة، ولكن هذا مما يدل على أن هناك إصراراً وتحدياً، ولا يزال أملنا في جامعة البنات حلاً لهذه المشكلة.
لقد سئلت عن هذا الكلام في الأحساء من طالبات جامعة الملك فيصل، وقالوا: إن هناك أحياناً يحصل مدرس، وربما هذا المدرس يتكلم بأمر لا يليق، فقلت: ينبغي للطالبات أن يخرجن من الفصل جميعاً، وأن يذهبن إلى العميدة أو إلى المسئولة، فإن لم يجدوا امرأة مسئولة أو قاضياً أو عالماً من العلماء يرفع إليه الأمر، فليرفعوا مسئوليتهم، أو شكايتهم إلى أمير المنطقة أو إلى وزير الداخلية، أو إلى خادم الحرمين حفظه الله، أما المرأة تجلس والدكتور يكلمها ويشافهها هذا أيضاً أمر غير مقبول، من واجبها أن تترك القاعة لكي يشرح للماسات والكراسي والجدران، وحينئذٍ يشعر المدرس أنه منبوذ، فإن لم يكن في قلبه غيرة لكي يحترم هؤلاء البنات، فإن البنات في أنفسهن غيرة على أعراضهن وأنفسهن، فيخرجن ويتركن له القاعة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
الجواب: أيها الأحبة! هذا مما نرجو الله جل وعلا أن يسدد خطى العلماء وولاة الأمر فيه، لأنه بدأت فيه خطى طيبة بعد اجتماعات مباركة بمن الله وفضله وتوفيقه، ونحن على أمل قريب أن نسمع باب التطوع في الهيئات قد فتح على مصاريعه، ومن أراد أن يتطوع في الهيئة كما أن التطوع حاصل في التمريض، وكما أن التطوع حاصل في الدفاع المدني، وكما أن التطوع حاصل في الجيش، فيفتح التطوع في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قريباً نحن على أمل أن نخرج هذا المشروع، ولنا ثقة بالله أن يتحقق هذا الأمر قريباً.
وأما مسألة سحب الصلاحيات، ففي الحقيقة والله يا إخوان كانت الهيئة قد وفرت على رجال الأمن وضباط الأمن جهداً كبيراً في وقتهم وفي فكرهم وانشغالهم، يعني: كانت قضية الاختلاء المحرم، وقضية التحقيق في بعض المسائل، وأمور كانت الهيئة تقوم بها، فتجد رجل الأمن أو الضابط مفرغاً لقضايا القتل .. لقضايا الاختطاف .. لقضايا الاغتيال .. لقضايا السرقة تحتاج إلى متابعة وطول نفس، فإذا أشغلنا رجال الأمن بصغار القضايا مع كبارها، ماذا يبقى عندهم؟ ولذلك فإن الحاجة ماسة إلى عودة التحقيق والصلاحيات للهيئات، وهذا ما ننتظره ونطالب به عاجلاً غير آجل.
الجواب: لا شك أن من شكك في حرف من كلام الله، أو فيما هو ثابت من سنة رسول الله، فهذه ردة، وحكم المرتد أن يقتل، لكن أقول: إلى جانب هذا، ليعرف كل من يجرؤ على الكلام، أو التلميح من قريب أو بعيد في مسائل تتعلق بالشريعة حسمت شرعاً أن الشهادة تسحب منه يوماً من الأيام، ما عاد هناك رخصة عمل، مثل: العامل الذي يبحث له عن عمل.
يقول له: أخرج الرخصة، هل معك رخصة؟ أو هذا الجدار يبنيه غيرك، لا تبنيه أنت، وأما الحد الشرعي، فأنا أوافقك ولم أقصد أن الحد الشرعي مجرد فصله من وظيفته، بل الحد الشرعي في من استهزأ أو شكك في الثابت من القرآن، والثابت من السنة، فلا شك أن هذا حده القتل، لأن هذا الفعل خروج ومروق من الملة وردة تستحق القتل، وكما قلت: إن ظن العلمانيون أن الدولة ضعيفة، فأنا على ثقة أن من حرك أنفه فإن الدولة لن تسمح بتسلط الفوضى في هذا المجتمع، لا سيما ونحن بمن الله جل وعلا يد واحدة من ولاة الأمر والقضاة والعلماء وشباب الصحوة ورجال المجتمع، لأننا نشم أن سيتسلل في صفوف المتحمسين أو في صفوف الطيبين من يظن به الحماس، والحماس لا بد أن يكون معروفاً ومنضبطاً، ولذلك يسرني هذا العنوان الذي سمعته لفضيلة الشيخ/ عبد الوهاب الطريري (الحماس الذي نريده) أقول: يا شباب! فلنركز جيداً على أننا أمة واحدة ومجتمع واحد، ولا نسمح بالتصرفات الفوضوية كما نوهت عن قضية المنشورات كتصرف فردي، وليس الذي كتب المنشور من الطيبين والملتزمين ابتداءً، نعم. قد يوجد من يظن أنه قد يخدم الإسلام عندما يصور عشر أوراق أو عشرين ورقة، وقلنا: لا. وليس بدليل شرعي، وليس الاستحسان بدليل على مثل هذا الأمر.
رام نفعاً فضر من غير قصدٍ ومن البر ما يكون عقوقاً |
لكن أقول: مع جرأتنا في الحق قوة في الصلة بالولاة والعلماء والقضاة لكيلا نسمح لأحد أن يتنفذ في صفوفنا بأي حال من الأحوال، وأحذركم -يا شباب وانقلوها عني في كل مجلس- أحذركم ممن قد يتزيا بزي يظن أنه رسمي، أو ينتحل شخصية رسمية، ليدعي أنه رجل مفوض، انتبهوا جيداً، إذا طلبت، أو إذا أردت أن تقدم شيئاً، فمبنى الإفتاء ومبنى الإمارة والجهات الرسمية واضحة شامخة، فلا يجرك أحد يقودك إلى أمر لا تعلمه أنت، إذا أردت شيئاً، فاذهب إلى هذه البوابات المفتوحة ليكن عملك صريحاً واضحاً.
يقول ابن مسعود: [إذا رأيت الناس يتسارون في أمر دينهم، فاعلم أنهم على دسيسة] لماذا؟ لأن أمور الدين أمور مبنية على الصدق والجهر بالحق والنطق والصراحة، أخشى من إنسان نظن أن مقاسنا فيه مقياس شكلي أو ظاهري، وقد نرى فيه نوعاً من التهور، أو نوعاً من الغلظة، فنظن أن هذا أخلصنا وأعلمنا، وأحقنا وأغيرنا على مجتمعنا، لا. لن نسيء الظن بالضرورة، لكن لن ننقاد بما يريد، قبل أن ننفذ شيئاً يراد منا لا بد أن نراجع سماحة الشيخ، نراجع علماءنا، نراجع قضاتنا، نراجع ولاة أمرنا، فنعرف هل نحن في خطىً واضحة بينة، أو لا؟ وأظن الإخوان فهموا ما أقصد جيداً.
الجواب: أصل العلمانية والمنشأ، فلا شك أنها نتجت وليدةً، أو بصفتها ثورة على تسلط الكنيسة على المجتمع، حيث إن المجتمع عانى ألواناً من القهر والطغيان الكنسي، صكوك الغفران، التركات للكنيسة فيها نصيب، لا يغفر لأحدٍ ذنبه إلا بإذن الراهب، والراهب لا بد له من أجرة، لا يعقد نكاح إلا وللراهب فيه أجرة، لا يحصل شيء تباركه الكنيسة إلا والكنيسة لها فيه أجرة، وأصبحت المسألة طغيانٌ كنسيٌ، ومنعت الكنيسة الناس من أن يتنوروا بالعلوم التطبيقية والتجريبية، فثار الناس ضدها، وقالوا: لنجعل الكنيسة في جانب معين، ولنجعل أمور الحياة وأمور العلم لكافة مجالات الحياة.
من هنا نشأت العلمانية أي: فصل العلم عن الدين، وفصل الدين عن الحياة، وجعل الدين في طقوس معينة، هذه صفة منشئها، ومن عرف صفة المنشأ، أو كيفية النشوء، أدرك جيداً أن العلمانية تعني ألا يتدخل الدين في أمر الحياة أبداً، حينما نتكلم عن الاقتصاد في الإسلام، يقول لك: ما الاقتصاد في الإسلام؟ أعطني آدم سميث، أعطني بيجو، أعطني فريدريك، أعطني علماء الاقتصاد المعروفين، ولا تدخل الدين في الاقتصاد، لماذا تدخل الدين في الاقتصاد؟ أو تأتي تدخل الدين في السياسة، لماذا تدخل الدين في السياسة؟ الدين تريد أن تصلي أهلاً وسهلاً فالمساجد منورة ومفروشة ومكيفة، والأئمة موجودون وهلم جراً، لكن تريد أن تدخل الدين في الحياة.
ونحن ليس عندنا هذا الفصام النكد بين الدين والحياة؛ لأن الدين هو الحياة، والحياة هي الدين، حياة بدون دين لا تسمى حياة، بل هي حياة البهائم.
الجواب: أولاً: نرجو ونطالب أحبابنا وإخواننا وشبابنا وقضاتنا وعلماءنا أن يحرصوا على المشاركة، لأن كلمة حق أقولها أن المشاركة ضعيفة في هذا المجال.
الأمر الثاني: عندي شك أنه لو جاء رجل يريد أن يحلل الأحداث تحليلاً من واقع شهادته التي أخذها من جامعة هارفد، أو من جامعة إكسفورد، أو من جامعة اسطنبول ربما يبرز على الشاشة، لكن أن يبرز شيخ من المشايخ يحلل الأحداث عندي في هذا شك، لكن أنا مستعد أن أدير حلقة أو حلقتين أو عشر حلقات في التلفاز مع عدد من المشايخ وطلبة العلم.
الجواب: والله هذا أسلوب جميل جداً استبداد فكري، والله صدقت، دكتاتورية في الصحافة، نعم. لماذا ينشر لدعاة الضلالة، ولا ينشر للصوت الإسلامي الأصيل؟ يعني: ما هو الضابط في أن مقالك ينشر ومقالي لا ينشر؟ أريد أن أعرف هل لأنك تستدل من مدينة أفلاطون ، أو قرية أرسطو ، وأنا أستدل من القرآن والسنة؟ لا أدري، لماذا الاستبداد؟ أنا أسأل بعض الشباب، أقول له: هل أرسلت؟ يقول: كتبت وكتبت وكتبت ولم ينشر، لكن أقول لشباب أيضاً: اكتبوا واكتبوا، وكل كتابة صور منها واجعل منها في ملف، وأرسلها وبالبريد المسجل، وخذ عليها واسطة، واستمر على هذا حتى يأتي اليوم الذي تجمع لك عدة رسائل وتدخل بها على مسئول، وتقول: انظر صورة من صور الاستبداد، عدة رسائل ما نزل منها مقال، والكلام التافه والساقط والبذيء قد يكون في كل حال يكتب، أحياناً تقرأ في الصحافة كلاماً، يعني: لو وضعوا مكانه مقالاً من هذه المقالات الطيبة، أو من هذه الأفكار الإسلامية الطيبة النيرة لكان خيراً، لكن لأن يكتب كلامٌ تافه فهو في نظر بعضهم أهون من أن ينزل مقال لأحد طلبة العلم، أو العلماء، يوجد استبداد فكري في الصحافة ما عندي في هذا شك، لكن أقول: واجبنا أن نكتب، ثم نكتب، ثم نكتب، ونأخذ مؤكدات الكتابة بالبريد المسجل حتى نعرف لمن هذه المؤسسة، هل هي لأفراد المجتمع المؤسسة الصحفية، أم هي لفئة معينة يحضر ويمنع منعاً باتاً على غيرهم أن يدخلوها وأن يكتبوا فيها؟.
الجواب: وعلى أية حال هذا مما ذكرته آنفاً، وقلت: إنه حينما يكون هناك رصد قوي، وجمع لكل ما كتبه أولئك الذين يعبثون ويهزءون، أو لا يبالون بما يكتبون، ويهرفون بما لا يعرفون، يوم أن ترصد مقالاتهم وتقدم إلى المدعي العام بدعوى الإخلال بالأمن، وبدعوى مخالفة أمر الله وأمر رسوله، يحال هذا الشخص مع المدعي العام إلى المحكمة، ويحكم فيه القاضي بالحكم الشرعي الذي يراه، هذا أمرٌ مطلوب، وينبغي ألا يتساهل به حينما نعلم: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء:65] (ما) عامة في كل شيء ، أي أمر حصل فيه خلاف، نحن نعرف أن المسئولين -وفقهم الله- حينما يتنازع اثنان، يقول: هيا أحيلوهما للشرع، بفضل الله نحن مطمئنون لهذا الأمر، فإذا تنازع الأغيار مع صحفي من الصحفيين، حولوهم الشرع، الشرع على العين والرأس، نحن نرضى بالشرع، ومن أحيل على مليء فليحتل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر