أما بعد:
فإننا في هذا اليوم الخميس، الخامس من شهر ذي القعدة عام: (1412هـ) نفتتح اللقاء الأول من هذا الشهر، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركاً.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أذكركم بأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)، وإن حضوركم إلى هذا المكان إنما تريدون به الوصول إلى العلم، ونسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه، وأن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى إنه جواد كريم.
السؤال: ما حكم المسابقة إذا اشتملت على عوض من أحد المتسابقين؟
الجواب: حكمها الجواز في الأشياء الثلاثة التي أجازها الشرع:
نصل، أو خف، أو حافر.
السائل: والمصارعة يا شيخ ألا تدخل فيها؟
الشيخ: المصارعة لا تدخل فيها.
السائل: لكن قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صارع ركانة على شاة وصرعه.
الشيخ: لا. صارعه على أن يُسْلِم فأسلم.
السائل: يا شيخ! إذا كانت المصارعة بعوض من متسابقَين كليهما؟
الشيخ: يقول مثلاً: عليَّ مائة ريال إن سبقتني، أو عليك مائة ريال إن سبقتك.
السائل: نعم.
الشيخ: هذه هي التي نتكلم عليها، إما إذا قال: إن سبقتني فأنا أضمن لك مائة ريال، وليس في الجانب الثاني شيء فهذه لا تدخل في المراهنة، هذه ليس فيها شيء.
السائل: طيب! إذا كان العوض من طرف ثالث ليس من المتسابقَين؟
الشيخ: فهذا لا بأس به.
السائل: في كل المسابقات، أو في الثلاث؟
الشيخ: في كل المسابقات إلا هذه المسابقات المحرمة.
السائل: جائزة يا شيخ؟
الشيخ: المسابقات المحرمة ليست جائزة.
السائل: أقصد إن كان العوض في المسابقات من طرف ثالث!
الشيخ: المسابقات الجائزة مثل أن يقول: تسابقوا على الأقدام والذي يسبق منكم له مائة ريال، هذا لا بأس به، أو تصارعوا والذي يصرع منكم له مائة ريال فهذا لا بأس به؛ لأنه يعتبر مكافأة وتشجيعاً، أما إذا كانت من الجانبين إما غارم أو غانم فهذه لا تجوز إلا في الثلاث التي ذكرتُ لك.
الجواب: أولاً: لا ينبغي أن يوجَّه السؤال إلى شخص بهذا اللفظ: (ما حكم الشرع؟)؛ لأن المجيب قد يخطئ في جوابه فلا يكون من الشرع، وإنما يقال: ما رأيكم، أو ما ترون، أو ما حكم الشرع في رأيكم، أو في نظركم، أو ما أشبه ذلك.
وأما الجواب عن المسألة: فإذا كان أبوه عاجزاً عن الحج عجزاً لا يرجى زواله، كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه؛ فإنه لا بأس أن يحج عن والده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سألته امرأة قالت: (يا رسول الله! إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً لا يثْبُت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم) فيحج عنه.
ثم إن كان الحج تمتعاً أو قراناً وجب عليه الهدي، وإن كان الحج إفراداً لم يجب عليه الهدي، وإذا كان عاجزاً عن الهدي: إما لعدم الدراهم معه، أو لأن معه دراهم لكنه يحتاج إليها للنفقة، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
الجواب: إذا كان الولد مشلولاً -كما قلتَ- فإنه يجوز لك أن تحج عنه الفريضة إذا كنتَ قد حججت عن نفسك.
الجواب: إذا كانت هذه البنت التي بلغت الحيض في الثانية عشرة من عمرها ولكنها لم تصم حتى أتمت خمس عشرة سنة بناءً على أنها تعتقد أن الصوم لا يلزمها إلا إذا بلغت خمس عشرة سنة، وبناءً على أن أباها كان يضربها إذا صامت، فنقول: إذا كانت في ذلك الوقت تعتقد أن الصوم واجب عليها فإنه يلزمها القضاء؛ لأن ضرب والدها على ترك الصوم لا يؤدي إلى سقوطه عنها، وأما إذا كانت لا تدري كالذي ينشأ في البادية بعيداً عن المدن، بعيداً عن العلماء فليس عليه قضاء.
والضابط في هذه المسألة وغيرها: أن الجاهل جهلاً يُعْذَر فيه لا تَلْزَمه الشرائع كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الشرائع لا تَلْزَم قبل العلم، واستشهد لذلك بأحاديث وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: إن الشرائع لا تَلْزَم قبل العلم صحيح.
الجواب: ستر الجدر على قسمين:
القسم الأول: أن يكون من الظاهر، فيستر البيت أو الحجرة كما تستر الكعبة، فهذا لا شك أنه منهي عنه؛ لأنه يجعل بيته شبيهاً بالكعبة.
القسم الثاني: الستر الداخلي، فهذا لا بأس به إذا احتاجه الإنسان، إما للوقاية من البرد، أو الوقاية من الحر، أو الوقاية من الضوء إذا كان يريد أن ينام؛ لأن البناء الحديث -كما تعرفون- بارد في الشتاء وحار في الصيف، فإذا جعل على الجدار شيء من القماش فإنه يخفف البرودة في الشتاء ويخفف الحرارة في الصيف، فيكون هذا لا بأس به، لأنه ليس المقصود من ذلك الستر لذاته؛ ولكن المقصود ما يحصل من الستر من التدفئة في الشتاء وتلطيف الحرارة في الصيف، أو من الضوء لمن أراد أن ينام على وجه يستريح به في نومه.
الجواب: الذي نراه: أن ذهاب المدرسات إلى التدريس في منطقة ويرجعن في يومهن أن هذا ليس بسفر؛ لأنهن لا يتأهبن له أُهْبَة السفر، ولا يُوَدَّعْنَ عند السفر، ولا يُحَيَّيْنَ عند الرجوع، وإذا لم يكن سفراً فإنه لا بأس أن تذهب النساء مع السائق بلا محرم، بشرط:
1- أن يكون مأموناً.
2- ألا ينفرد بواحدة منهن، فإن انفرد بواحدة منهن حرم؛ لأجل الخلوة.
وأما بالنسبة لراتب السائق أو مكافأته فلا بأس بها؛ لأنها أجر على أمر مباح.
السائل: حتى لو اشترطت إدارة التعليم أن يكون معه محرم؟
الشيخ: إذا اشترطت وزارة التعليم بأن يكون معهن محرم فلا بد من أن يوفَّي بهذا الشرط إذا التزم به.
الجواب: الضرب بالإيقاع على الطاولة وشبهها فأقل ما نقول فيه أنه مكروه؛ لأنه يشبه الضرب على المعازف.
الجواب: نحن لا نفتي بهذا إلا إذا وقعت المسألة من شخص بعينه، وأما على سبيل العموم فهذه تَرْجِع إلى المحكمة، إذا رأت أن تنفِّذ الطلاق نفَّذته، وإذا رأت أن لا تنفِّذه فإنها لا تنفِّذه.
الجواب: إذا وقع الحادث من غير تفريط من السائق فلا شيء عليه؛ ولكن أود أن تصف لي الحادث كيف كان!
السائل: جميع متطلباته، واحتياجات السيارة، مع عدم السرعة.
الشيخ: لكن كيف هو؟! كيف حصل؟!
السائل: تعني: تقرير المرور؟
الشيخ: ما سببه؟! دعنا من تقرير المرور!
السائل: تعرَّض له شخص في الطريق، فوقع الحادث من غير خطأ منه.
الشيخ: صُدِم؟
السائل: نعم، خَرَجَت عليه سيارة أخرى ووقع الحادث.
الشيخ: طيب! لما خَرَجَت عليه السيارة الأولى هل خَرَجَت في حال لا يتمكن فيها من تلافي الحادث بأن خرجت عليه قريبة منه؟
السائل: هي قريبة جداً.
الشيخ: والسرعة عادية؟
السائل: نعم. عادية.
الشيخ: ولم يتمكن من عطف السيارة؟
السائل: السرعة حسب أنظمة المرور، وغير متجاوزة للحد.
الشيخ: ولم يتمكن من عطف السيارة؟
السائل: لم يتمكن.
الشيخ: معنى ذلك أن السيارة خرجت مِن قرية؟
السائل: مِن قرية.
الشيخ: هذا ليس عليه شيء؛ لأنه لَمْ يتعدَّ ولَمْ يفرِّط.
الجواب: إذا ولد المولود بعد تمام أربعة أشهر فإنه يُعَقُّ عنه ويسمى أيضاً؛ لأنه بعد أربعة أشهر تنفخ فيه الروح، ويُبْعث يوم القيامة.
الجواب: نبش القبور عند الضرورة من أجل الطريق أفتى بعض علماء اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية بجواز ذلك بشرط: ألا يمكن صرف الطريق عن الاتجاه إلى المقبرة، فتنبش القبور وتؤخذ العظام وتوضع في مقبرة.
الجواب: إذا كان أناس في البريَّة وليس عندهم ماء فإنهم يُعذَرون بالتيمم إذا كان يُشَق عليهم طلب الماء، والعبرة في ذلك العرف، أعني: ما جرت العادة أو ما قال الناس: إنه بعيد، فإنه بعيد، وما قال الناس: إنه قريب، فهو قريب، أي: ليس فيه حد شرعي.
السائل: تعني يا شيخ: عشر دقائق بالسيارة مثلاً؟
الشيخ: عشر دقائق بالسيارة بعيد، لا سيما إذا كان الطريق رمالاً.
الجواب: متى نوى قَطْع العبادة وضوءاً أو غيره في أثنائها فإنها تبطل، فإذا أراد أن يعود فليبدأ من جديد، فإذا شرع في الوضوء ثم ضرب الجرس -كما سألتَ- فنوى قطع الوضوء، ثم بدا له أن يكمل نظراً لأن الأستاذ يتأخر فليستأنف الوضوء من جديد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وهذا قد نوى القطع فينقطع.
الجواب: الجمع بين السورتين في صلاة الفريضة أو النافلة لا بأس به، لكن في صلاة الفريضة إذا كان يشق على المأمومين خلفه فإنه لا يفعل.
الشيخ: هل هي من الحيوان المباح؟
السائل: لا، قطط أو كلاب أو غيرها.
الجواب: لا يجوز الإجهاز عليها، إذا رأيت شيئاً مريضاً من الحيوانات فدعه؛ لأنه ليس من مسئوليتك، فربما يشفى بإذن الله.
الجواب: هذا لا بأس به؛ لأن تأخرهم إلى قرب الركوع لمصلحة وحاجة.
الجواب: هذا حرام إلا في ثلاثة أشياء أجازها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في ثلاث: نصل، أو خف، أو حافر).
فهذه جائزة؛ وذلك لأن هذه الثلاث في المسابقة عليها فائدة؛ لأنها آلات الجهاد، وفيها عون على الجهاد، فتكون المسابقة فيها بالعوض جائزة لما يترتب على هذا من المصلحة.
الجواب: السفر -بارك الله فيك- ما دام مباحاً فإنه يترخص الإنسان فيه برخص السفر ولو كان نزهة.
الجواب: الجواب على هذا نسأل: هل هو جاهل يحسب أن هذا لا بأس به؟
- إن كان جاهلاً لا يدري فحجه صحيح.
- وإن كان يدري أن الذبح لغير الله شرك فإن حجه ليس بصحيح.
السائل: هو يعلم أن ذلك محرم، وقد سمع في ذلك بعض الفتاوى في هذا؛ ولكن ربما لا يعلم أنه مخرج من الملة، وهو يعتقد أنه إذا لم يذبح سيعود بالضرر عليه؟
الشيخ: الواجب عليه أن يعيد حجه في هذه الحال؛ لأنه يعلم التحريم، وكان عليه حين علم التحريم أن يقلع، ما الذي جعله ينتهك المحرَّم؟! فالاحتياط أن يعيد حجه.
الجواب: إذا عَقَّ عنهم الآن فهو حسن، أما إذا كان جاهلاً أو يقول: غداً أعق .. غداً أعق حتى تمادى به الوقت، أما إذا كان فقيراً في حين مشروعية العقيقة فلا شيء عليه.
الجواب: لا حرج عليه، إذا اعتمر الإنسان ثم خرج من مكة إلى الطائف أو إلى جدة لسبب، ثم بدا له أن يعتمر لميت فلا حرج.
السائل: وإذا تكرر هذا في نفس العام أربع مرات أو خمس مرات؟
الشيخ: ولو تكرر لا مانع، الذي يُنْهَى عنه أن يكون في مكة، ثم يخرج إلى التنعيم ليأتي بالعمرة، هذا هو الذي يُنْهى عنه.
الجواب: لا بأس به، يجوز للإنسان أن يوكل أولاده أن يدفعوا عنه زكاة الفطر في وقتها، ولو كان في وقتها في بلد آخر للشغل.
السائل: وإن كان قد أبطأ في هذا العمل أيام رمضان، ودفع الزكاة من عنده قبل أن يصل إلى أولاده؟
الشيخ: دفعها في وقتها أم قبل وقتها؟
السائل: في وقتها.
الشيخ: لا بأس.
السائل: لكنه بعيد عن أولاده.
الشيخ: لا يوجد مانع؛ لأن زكاة الفطر تُدْفع في المكان الذي يأتيك الفطر وأنت فيه، ولو كان بعيداً عن بلدك.
الجواب: هذا لا ينافي الحديث؛ لأن الرسول لم يقل: (لا تزال أمتي على الحق) بل قال: (طائفة ...)، ومعناها أن هناك طوائف أخرى لا تكون على الحق، فالناس يقولون: (صحوة) بالنسبة لحالهم قبل هذه الصحوة، وليس فيها شيء أبداً؛ لأن الحديث يقول: (لا تزال طائفة من أمتي ...) ولم يقل: (لا تزال أمتي ...) وبينهما فرق، قد نكون في بلد يكون الدين فيه ظاهراً، وفي بلد آخر بالعكس.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يترخص برخص السفر، لا في ترك الصيام، ولا في قصر الصلاة، ولا في جمعها، ولا التيمم، حتى يغادر البلد، فما دام في البلد ولو كان قد شد رحله فهو في البلد، فلا يترخص.
السائل: لو أفطر في بيته ثم انطلق؟
الشيخ: حرام عليه.
السائل: فهل عليه قضاء، أو هل عليه شيء؟
الشيخ: القضاء سوف يقضي على كل حال.
السائل: والجاهل إذا أفطر؟
الشيخ: سوف يقضي؛ لأنه لا يفطر إلا بعد أن يخرج، فلو خرج من المدينة أفطر ولا بأس.
السائل: هذا الرجل فعل هذا وهو جاهل، فأفطر في بيته، ثم سافر وانتقل، فهل نقول: إن عليه كفارة؟
الشيخ: الكفارة ليست إلا في الجماع، الأكل والشرب ليس فيهما كفارة.
السائل: يقولون: إن المالكية يرون أنه فيهما كفارة؟
الشيخ: كلامهم ليس بصحيح، مَن قال من العلماء: إن من أفطر بأكل أو شرب أو جماع فعليه الكفارة، فقوله ليس بصواب.
السائل: أليس في هذا قياس على أنه جامع في رمضان وعليه كفارة، فأفطر عن عمد؟
الشيخ: الجماع يفارق غيره من المحظورات، ولهذا يفسِد النسك في الحج والعمرة ولا يفسِد غيره من المحظورات، فالجماع له شأن أعظم، ولا يقاس الأدنى على الأعلى.
السائل: إذاً قولهم غير صحيح؟
الشيخ: إي نعم.
الجواب: ليس فيه مانع؛ ما دام أنه عدل عن النية قبل أن يبدأ بالإحرام فلا بأس، أما إذا أحرم ثم جاءه المرض فهذا يبقى على إحرامه حتى يشفى.
الذي فهمتُ من سؤالك الآن أنه مرض قبل الميقات ثم عدل عن العمرة، فلا بأس.
الجواب: يجب عليه أن يتأول فيقول: والله ما قال لي، يعني مثلاً: إذا كان قال له في النهار يقول: لم يقل لي في الليل، فينوي؛ لكن ما دام أنه جاهل فليس عليه شيء.
الجواب: يكون هذا ولد لها؛ لأن المرأة إذا أرضعت الطفل سواء من ثديها أو من فنجان حَلَبَتْه من ثديها خمس مرات فأكثر فهو ولد لها.
الجواب: الأفضل في السفر في الجمع أن تفعل الأهون عليك، فإن كان الأهون التقديم فقدم، وإن كان الأهون التأخير، فأخر.
الأفضل هو: الأهون عليك، مِن التقديم أو التأخير، أما القصر فهو سنة مطلقة.
الجواب: إذا مر الإنسان بالميقات وهو لا يريد العمرة، يريد الطائف -مثلاً- ودخل مكة وخرج إلى الطائف وفي نيته أن يأتي بالعمرة بالرجوع من الطائف فلا حرج عليه، يحرم من السيل وعمرته تامة.
الجواب: التكبير في عشر ذي الحجة ليس مقيداً بأدبار الصلوات، وكذلك في ليلة العيد -عيد الفطر- ليس مقيداً بأدبار الصلوات، فكونهم يقيدونه بأدبار الصلوات فيه نظر، ثم كونهم يجعلونه جماعياً فيه نظر أيضاً؛ لأنه خلاف عادة السلف، وكونهم يذكرونه على المآذن فيه نظر، فهذه ثلاثة أمور كلها فيها نظر.
والمشروع في أدبار الصلوات أن تأتي بالأذكار المعروفة المعهودة، ثم إذا فرغت كَبِّر، وكذلك المشروع ألا يُكَبِّر الناس جميعاً، بل كلٌّ يكبر وحده، هذا هو المشروع كما في حديث أنس: (كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمنهم المهلل ومنهم المكبر)، ولم يكونوا على حال واحد.
الجواب: الصحيح أنه إذا وجد سبب الجمع سواء في سفر، أو مرض، أو مطر، أو غير ذلك من الأسباب التي تبيح الجمع فإن الجمع جائز .. سواء نواه قبل الصلاة أو بعد الصلاة، وعلى هذا ففِعل هؤلاء الإخوة جائز، ولا يُعْتَرَض عليهم ما داموا في سفر بعيد.
الجواب: إذا سكن الإنسان في بلد غير بلده الأول، وكان له في البلد الأول أهل، ثم جاء زائراً لهم فإن حكمه حكم المسافر، له الفطر في رمضان، وإذا فاتته الصلاة يصلي ركعتين، ويمسح على جواربه ثلاثة أيام.
الشيخ: لكن هذه المرأة التي أسقطت هل خرج منها؟
السائل: تقول: خرج لحمة.
الشيخ: لم تتأكد؟
السائل: لم تتأكد؛ لكنها متأكدة من أنها أسقطت.
الشيخ: كم لها حامل؟
السائل: ربما ثلاثة أو أربعة أشهر.
الشيخ: هذا معناه أنه نفاس، إذا كان له أربعة أشهر فهو نفاس يقيني.
السائل: قيل لها: إنه نفاس؛ لكن بالنسبة للصلاة يا شيخ؟!
الشيخ: ليس عليها صلاة، النفساء ليس عليها صلاة.
السائل: وهل يجوز لها أن تصلي مع كل وقت وقتاً آخر؟
الشيخ: لا لا، إذا فات الإنسان صلوات فإنه يصليها مباشرة.
السائل: ولو كان عدداً كثيراً؟
الشيخ: لو يصليها اليوم فهو أحسن.
السائل: ولو فعل؟
الشيخ: لو فعل ليس عليه شيء إن شاء الله؛ لأن الجاهل له حكمه؛ ولكن العالم له حكم آخر.
الجواب: نرد عليه بالأحاديث الواردة في هذا، وقد بينَّاها في رسالتنا الصغيرة؛ صغيرة وهي كبيرة في الواقع؛ لأن جميع الأدلة التي استدلوا بها قد رددنا عليها ضمناً في هذه الرسالة ، اسمها: رسالة في وجوب زكاة الحلي على ما أظن، راجعْها وإن شاء الله تجد ما يشفيك.
الشيخ: هذا الجواب يحتاج إلى بسط.
السائل: إجابة مختصرة؟
الشيخ: لا تنفع الإجابة المختصرة؛ لأن هذه المسألة خطيرة.
الجواب: (إذا ولغ الكلب في الإناء فإنه يغسل سبع مرات إحداهن بالتراب)، كما ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قاس بعض الفقهاء الخنزير على الكلب؛ لكن هذا القياس غير صحيح؛ لأن الخنزير تحدث الله عنه في القرآن الكريم وهو معروف، ومع ذلك لم يلحقه النبي صلى الله عليه وسلم بالكلب.
وكل شيء وجد سببه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يحكم فيه بشيء فإنه لا يصح أن يحكم فيه بشيء يخالف ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى هذا فالخنـزير نجاسته كغيرها من النجاسات، إذا ولغ في الإناء لا نغسله سبع مرات.
الجواب: الذي أرى أن تعديل المناهج لا ينبغي أن يكون من فئة واحدة، بل من فئات متعددة، كل في مجال تخصصه: منها ما يتعلق بالأمور الطبيعية، ومنها ما يتعلق بالأمور الأخلاقية، واللغوية، وغير ذلك، فلا ينبغي أن يُوْكَل هذا إلى فئة معينة من الناس.
والذي يجمع هذه الفئات جميعاً هو اتصافها بصفتي القوة والأمانة، وقد أشار الله عز وجل إليهما في كتابه بقوله تعالى: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص:26].
وقال الجني لما التزم بإحضار عرش بلقيس : وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ [النمل:39]، فلا بد أن تكون الهيئة متعددة الفئات، ولا بد أن يكون عندها قوة فيما تنظر فيه، ولا بد أن يكون عندها أمانة، تراعي المصلحة الدينية قبل كل شيء.
وحينئذٍ نرى أنه لا بد من عرض المناهج المعدَّلة على هيئة كبار العلماء لإقراره، وإبعاد ما يخالف الشرع؛ لأن في ذلك إبراء للذمة -أي: ذمة ولي الأمر- وفي ذلك -أيضاً- سلامة من اعتراض معترض فيما يُسْتَقْبل على هذه المناهج.
ثم إن هذه مسألة مِن أحوج ما يكون بالنسبة لشئون الأمة؛ لأنها ستربي أجيالاً، يكون في يدها زمام الأمة، تقود الأمة إلى الهاوية أو إلى العُلى.
فالواجب النظر العميق الدقيق في هذه المناهج، وأظن أن الدولة -وفقها الله- سوف تحرص غاية الحرص على مثل هذا، ونسأل الله أن يوفقها لما فيه الخير والصلاح.
الجواب: شراء الأسهم لا بد أن نعرف ما هو الشيء الذي يريد أن يساهم فيه، إذا كان شيئاً محرماً كالبنوك فإن المساهمة فيها حرام مطلقاً، ولا يجوز لأحد أن يساهم فيها، وأما غيرها من المساهمات فالأصل الحل حتى يقوم الدليل على أن هذه المساهمة حرام.
ومن المحرم في المساهمة أن تكون الشركة تتعامل بالربا، وإن كان أصلها ليس ربوياً، مثل: أن تودع أموالها في البنوك وتأخذ عليها ربا، أو أن تأخذ من البنوك وتعطي الربا، فتكون هنا آكلة للربا ومُوْكِلة، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومُوْكِله) فإذا علمنا أن الشركة تعمل هذا ولا بد، فلا تجوز المساهمة فيها، وإذا لم نعلم -فكما قلت لكم- الأصل الحل؛ لكن لو ساهمتَ ثم تبين لك فيما بعد أن الشركة تتعامل مع البنوك هذه المعاملة التي وصفتُ، فإنك إذا قبضتَ الربح وعلمتَ مقدار النسبة الربوية فأخرجها تخلصاً منها، وإذا لم تعلم فتصدق بنصف الربح احتياطاً لا لك ولا عليك، فإذا علمت هذه القاعدة في المساهمات فإنها تتلخص فيما يأتي:
أولاً: المساهمة في البنوك حرام بدون تفصيل.
ثانياً: المساهمة في غيرها الأصل فيه الحل، إلا إذا علمت أنها تتعامل مع البنوك معاملة ربوية فإنه لا يجوز الاشتراك، وإذا كنتَ قد تورطتَ فأخرج نسبة الربا من الربح الذي تعطى إياه، وإن لم تعلم النسبة فأخرج نصف الربح.
هذه هي خلاصة القول في المساهمات.
أما كون الإنسان يساهم قبل التخصيص من أجل انتظار ارتفاع أسعار الأسهم فهذا لا بأس به.
الجواب: القائل: بأن الإرسال إلى هناك أفضل مخطئ في هذا القول؛ لأن الأضحية من شعائر الإسلام الظاهرة، وليس المراد بها شيئاً مادياً وهو الانتفاع باللحم، كما قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37] وأهم مقصود منها: هو التقرب إلى الله بالذبح، حتى تكون شعيرة ونُسُكاً، ودليل ذلك: أن الأضحية لها أحكام خاصة:
منها: أن تكون في وقت معين.
ومنها: أن تكون من جنس معين.
ومنها: أن تكون على وصف معين.
ومنها: أن تخلو من العيوب.
ولو كان المقصود مجرد اللحم لجازت في كل وقت، ومن كل جنس، وعلى أي وصف، ومعيبة أو غير معيبة، فمثلاً: الأضحية لا تكون إلا في أيام الذبح، يوم عيد الأضحى وثلاثة أيام بعدهن.
وأيضاً: الأضحية لا بد أن تكون في يوم العيد من بعد الصلاة.
ولا بد أن تكون من جنس معين، وهي بهيمة الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، فلو ذبحتَ فرساً وتصدقت به على أنه أضحية لم يجزئ.
ولا بد أن تكون من سن معين، وهي: أن تكون جذعة من الضأن، أو ثنياً مما سواه، ولو كان المقصود اللحم لجازت في الفرس، ولجازت بما دون هذا السن.
ولا بد أن تكون سليمة من العيوب التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (أربع لا تُجَوِّز الأضاحي: العوراءُ البَيِّنٌ عَوَرُها، والمريضةُ البَيِّنٌ مَرَضُها، والعرجاءُ البَيِّنٌ ضَلْعُها، والعجفاء -أي: الهزيلة- التي لا تنقي وليس فيها نقي ) أي: ليس فيها مخ.
ولو كان المقصود بها اللحم لجازت مع هذا العيب؛ لأن العوراء لا يؤثر عَوَرُها على لحمها.
فإذا علمت ذلك تبين لك أن الأضحية عبادة مشروعة بذاتها، لا أنها مجرد تصدُّق باللحم، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين شاة اللحم وشاة الأضحية، فقال: (مَن ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم ولا نسك له)، وهذا واضح من أنه ليس المقصود به مجرد اللحم، وإذا كان كذلك فإننا نرى أن لا يُبْعَث بالأضاحي إلى أفغانستان ، ولا إلى غيرها من البلاد الإسلامية الفقيرة؛ لأن ذلك مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم:
فإن مِن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم: أن يذبح الإنسان الأضحية بيده، فإن لم يُحسن وكَّل مَن يضحي.
ومِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم: أن يشهد الأضحية.
ومِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمر الله به: أن يأكل منها، كما قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28] كلوا منها، والأصل في الأمر الوجوب، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى وجوب أكل المضحي من أضحيته، وكيف يتأتى الأكل وهي في الشرق أو في الغرب؟!
ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحية: أن يسمي عليها، فيقول: (باسم الله والله أكبر، هذا منك ولك، عني وعن أهل بيتي) وكيف يمكن هذا وهي في الشرق أو في الغرب؟!
ولا شك أننا لو قلنا بإرسال الأضحية إلى بلاد أخرى لعطلنا البلاد الإسلامية من هذه الشعيرة؛ لأن كل الناس يحبون الأفضل.
فإذا قيل لَهُم: الأفضل أن تبعثوا بأضحياتكم إلى المكان الفلاني، تعطلت البلاد الإسلامية من هذه الشعيرة الإسلامية.
ثم إن الأضاحي من أحكامها: أنه إذا دخل العشر فإن الإنسان يُنْهَى أن يأخذ شيئاً من شعره، أو بشرته، أو ظفره، حتى يضحي، وإذا أرسلتها يميناً أو شمالاً فلا تدري متى يضحون!
فهذه الفتوى لا شك أنها خطأ، ومن أراد أن ينفع المسلمين فليفعل؛ لكن بغير الشعيرة الإسلامية، فالشعائر تبقى، ونفع المسلمين يحصل من باب آخر.
الشيخ: يحج الإنسان عن نفسه؟
السائل: بدلاً من أن ينفق النفقة في سبيل الله يأخذها ويحج، مثلاً: إذا كان ينفق في الحج خمسة آلاف أو ثلاثة آلاف فإنه يتصدق بها!
الجواب: الحج أفضل من الصدقة، إلا إذا كان في المسلمين ضرورة فَدَفْعُ الضرورة عن المسلمين أفضل من حج النفل.
الجواب: التصوير باليد على شكل التمثال لا شك في تحريمه إذا كان التصوير لذوات الأرواح، كما لو صنع من الجبس أو غيره صورة أسد أو صورة فرس أو ما أشبه ذلك، فهذا حرام وفاعله داخل في لعنة الرسول صلى الله عليه وسلم، في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي جحيفة أنه: (لَعَنَ المصورين، وقال: المصورون أشد الناس عذاباً يوم القيامة) والتحريم في هذه الصورة التمثالية محقق؛ لأنها جسم ذو أعضاء ورأس، فهو مضاهٍ لخلق الله تماماً.
واختلف العلماء رحمهم الله في الصورة الملونة التي ليس لها جسم، هل تدخل في الحديث، أو لا تدخل؟
فمنهم من قال: إنها داخلة.
ومنهم من قال: إنها غير داخلة.
والصحيح: أنها داخلة في لعن المصورين؛ لأن مسلماً روى من حديث أبي الهياج عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال له: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ألا تَدَعَ صورة إلا طمستَها، ولا قبراً مشرفاً إلا سوَّيْتَه. وفي لفظ: ألا تدع تمثالاً إلا طمستَه).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم (لما رأى النمرقة التي فيها صور عُرفت الكراهية في وجهه، ولم يدخل البيت، وقال: إن أهل هذه الصور يعذبون، يقال: أحيوا ما خلقتم).
فهاهنا شيئان:
الشيء الأول: الصورة على تمثال مجسم، هذه حرام لا شك فيها.
الشيء الثاني: الصورة بالتلوين باليد، فهذه مختلف فيها، والصحيح: أنها حرام وداخلة في اللعن.
وأما التصوير بالآلات الحديثة؛ الكاميرات، فهذه نوعان:
1- نوع يحتاج إلى تحميض وتعديل باليد، فهذا للتحريم أقرب؛ لأن الإنسان له فيها عمل بيده.
2- نوع فوري لا يحتاج الإنسان فيه إلى عمل، فهذا لا يدخل في التصوير المحرم؛ لأن الرجل لم يصوِّر حقيقة، والتصوير تفعيل مِن صَوَّرَ الشيءَ أي: جَعَلَه على صورة معينة، ومُلْتَقِط الصورةَ بالكاميرا لم يعمل شيئاً، غاية ما هناك أنه سلط أضواء معينة على جسم فانطبع هذا الجسم، ولهذا يحدث هذا التصوير من الرجل الأعمى ومن الإنسان المبصر، وهو في ظلمة، وليس له فيه أي عمل.
لكن يخفى على بعض الناس الفرق بين التصوير وبين اقتناء الصور، فيظن أنهما متلازمان، وهما ليسا كذلك.
ولهذا فرق الفقهاء بينهما، فقالوا: يحرم التصوير واستعمال ما فيه صورة، فجعلوا التصوير شيئاً، وجعلوا استعمال ما فيه صورة شيئاً آخر.
فنقول: اقتناء الصور لا يجوز إلا للضرورة، أو إذا كانت الصورة لا يؤبه بها كما يوجد في الكراتين وفي علب بعض المشروبات، فهذا لا يؤبه به، وليس مقصوداً؛ ولكن الشيء المقصود هو الذي يُحْفَظ، فهذا لا يجوز إلا للضرورة، وعلى هذا فما يفعله بعض الناس الآن من التصوير للذكرى واقتناء ذلك ليتذكره؛ ليتذكر أولاده وهم صغار، أو ليتذكر رحلة قام بها مع أصحابه، فإن هذا لا يجوز؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة.
قد يقول بعض الناس: إن هذا تناقض، كيف تقول في الأول عند التقاط الصورة: إن هذا ليس بتصوير، ثم تقول: اقتناء هذه الصورة يحرم إلا لحاجة؟!
فنقول: لا تناقض؛ لأن الصورة موجودة الآن ولو بالآلة، فيقال: هذه صورة لا تقتنيها.
والدليل على هذا: أن الرجل يقابل المرآة -مثلاً- فإذا قابل المرآة قيل: هذا -أي: الذي في المرآة- صورة مع أنها لا تبقى، فالصورة أعم من كونها مصورة باليد أو مصورة بالآلة، وعموم الحديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة) يشمل هذا وهذا.
السؤال: ما حكم الصور على ملابس الأطفال؟
الجواب: الصور على الملابس سواء للأطفال أو للكبار محرمة، لا يجوز أن يلبس الإنسان شيئاً فيه صورة، سواء كانت الصورة نقوشاً في كل اللباس، أو كانت الصورة ملصقة في أعلى اللباس، صورة بلاستيك أو مخيطة.
السؤال: شراء قوارير الأطياب والشامبو وغير ذلك مما يوجد عليها صور، ما قولكم في ذلك؟
الجواب: لا شك أن الصور الموجودة على قوارير الأطياب أو الشامبو أو ما أشبهها؛ لا شك أنها صور خليعة فاسدة، يُقصد بها فتنة الناس؛ ولكن كيف نتخلص منها؟ إذا كنا سنشتري الشامبو لأجل الانتفاع به فكيف نتخلص؟!
أرى أن مثل هذه إذا ابتليتَ بها فاطمس وجهها ودعها تبقى عندك، وإن كانت التي في البيت لا يؤبه بها ولا يُهْتَم بها فهي من جنس الصور المهانة.
السؤال: والصور في الفيديو؟
الجواب: المصوَّر في الفيديو ليس صوراً.
السائل: ما رأيكم في التصوير بالفيديو؟
الشيخ: لا أجزم بالتحريم؛ لكن فيه إضاعة وقت ومال، وليست المسألة إضاعة الوقت عند التصوير فقط، بل إضاعة الوقت حتى عند مشاهدتها، فيغريه الشيطان بمشاهدتها كل وقت، كلما فكر ذهب فشغَّل الفيديو ونظر إلى هذه الصور، فهي أقل ما فيها أنها ملهية، والتحريم لا أجزم به.
أما إذا كان تصوير الفيديو لمصلحة دينية أو علمية نافعة فلا بأس.
الجواب: لا شك أن موانع الحمل من الحبوب أو العقاقير خلاف المشروع، وخلاف ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم من أمته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد من أمته تكثير النسل، كما قال صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم).
وقد امتن الله عز وجل على بني إسرائيل بالكثرة، فقال: وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً [الإسراء:6].
وذكَّر شعيبٌ قومَه بالكثرة، فقال: إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ [الأعراف:86].
وما محاولة تقليل النسل في الأمة الإسلامية إلا خدعة من أعداء المسلمين سواء كانوا من المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام، أو من الكفار الذين يصرحون بالعداوة للمسلمين.
لكن أحياناً تدعو الضرورة إلى التقليل من الولادة لكون الأم لا تتحمل ويلحقها الضرر، فحينئذٍ نقول: لا بأس بذلك، ويُسْلَك أخفُّ الضررَين، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعزِلون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولَمْ يُنْهَوا عن ذلك، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد سئل عن العزل؟ فقال: (هو الوأد الخفي) فهذا يدل على أنه وإن كان جائزاً فإن فيه شيئاً من الكراهة.
وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى ظاهرة ذُكِرت لنا، وهي: أن كثيراً من المولِّدين أو المولِّدات في المستشفيات يحرصون على أن تكون الولادة بطريقةِ عملية، وهي ما تسمى بالقيصرية، وأخشى أن يكون هذا كيداً للمسلمين؛ لأنه كلما كثرت الولادات على هذا الحال ضَعُفَ جِلْدُ البطن وصار الحمل خطراً على المرأة، وصارت لا تتحمل، وقد حدَّثني بعض أهلِ المستشفيات الخاصة بأن كثيراً من النساء عُرِضْن على مستشفيات فقرر مسئولوها أنه لا بد من قيصرية، فجاءت إلى هذا المستشفى الخاص فوُلِّدت ولادة طبيعية، وذَكَرَ أكثرَ من ثمانين حالة من هذه الحالات في نحو شهر أو أقل أو أكثر قليلاً، وهذا يعني أن المسألة خطيرة، ويجب التنبُّه لها، وأن يُعْلَم أن الوضع لا بد فيه من ألم، ولا بد فيه من تعب، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً [الأحقاف:15]، وليس لمجرد أن تحس المرأة بالطَّلْق تذهب وتُنْزِل الولد حتى لا تحس به، فالولادة الطبيعية خير من التوليد، سواء عن طريق القيصرية أو غيرها؛ لكن إذا وُجِدَت مشقةُ غيرَ عادية فحينئذٍ تذهب وتَحْذَر من القيصريات بقدر ما تستطيع.
الجواب: المسلمون في الخارج لا شك أن كثيراً منهم -وليس كلهم- عندهم بدعة، والبدعة: منها: ما يُعْذَر فيه الإنسان، ومنها: ما يَصِل إلى درجة الفسق، ومنها ما يصل إلى درجة الكفر.
فأصحاب البدعة المكفِّرة: لا تجوز معونتهم إطلاقاً، وإن تسمَّوا بالإسلام؛ لأن تسمِّيْهم بالإسلام مع الإقامة والإصرار على بدع مكفِّرة بعد البيان يُلْحِقُهُم بالمنافقين الذين قالوا: نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون:1]، فقال تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1].
أما البدع المفسِّقة، أو التي يُعْذَر فيها الإنسان بتأويل سائغ: فإن بدعتهم هذه لا تمنع من معونتهم، فيعاوَنون على أعدائهم الكفار؛ لأنهم لا شك خير من هؤلاء الكفار.
الجواب: يُنْظَر في هذا إلى المصلحة، فمتى وُجِد أهلاً لها في أسرع وقت ممكن وجب صَرْفُها؛ لأنه مؤتَمَن.
وأما إذا كان يَخْشى إذا بادر بها أن تُصْرَف في غير محلها، فلا حرج أن يَنْتَظِر حتى يَجِد أهلاً لها؛ ولكن إذ تقدم أحدٌ هو أهل لها فليُعْطِه قدر حاجته، ولو استغرق شيئاً كثيراً من الزكاة، مثلاً: لو تقدم رجل مدين بمائة ألف، وهو يعلم أنه صادق بأنه مدين، وأنه لا يجد الوفاء، وأعطاه مائة ألف من الزكاة أي: قضى دينه الذي عليه من الزكاة فلا حرج، وقد يشِحُّ إذا رأى المبلغ كبيراً، وهذا لا ينبغي، صحيحٌ أننا قد لا نوفي جميع الديون عند الشخص مخافة أن يتلاعب ويهون عليه الدين في المستقبل، والإنسان يَنْظُر في هذا إلى الحكمة، المهم أنه متى صَرَف الزكاة في أهلها في أقرب وقت فليصرفها ولا ينتظر، أما إذا لم يمكن فلا حرج عليه أن يؤخر.
الجواب: الجمعية الخيرية عندها إذن من الحكومة، وأظن أن من جملة ما أُذِن لها فيه تقبُّل الزكوات، فهي إذا وصلتها الزكاة فقد وصلت مستحقها بناءً على أنها نائبة عن الحكومة، فتبرأ ذمة المزكي إذا أوصلها إلى الجمعيات الخيرية، فلو قدر أنها تلفت عند الجمعيات الخيرية لم يضمن المزكي؛ لأنه أداها إلى أهلها الذين قاموا بقبضها نيابة عن الحكومة، وأما استثمارها في شراء العقارات وشبهها فلا أرى ذلك جائزاً؛ لأن الواجب دفع حاجة الفقير المستحق الآن، وأما الفقراء في المستقبل فأمرهم إلى الله؛ لكن كوننا نجعلها في عقارات للاستثمار وهي زكاة تدفع الحاجة الملحة، أقول: إن هذا حرام ولا يجوز.
الجواب: له أن يقترض إذا كان يجد وفاءً في بلده عن قرب، أما إذا كان معسراً ولا يرجو الوفاء عن قرب فلا يقترض، بل يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، أما وجوب الاقتراض فلا يجب؛ لكن هل يجوز أم لا؟ فيه التفصيل الذي سمعتَ.
الجواب: الواجب على من ذبـح الهدي أن يبـلغه إلى أهله؛ لقول الله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]، فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:36]، وكونه يذبحها، ثم يلقيها تُحْرَق لا تبرأ بذلك الذمة، فيجب عليه أن يضمن، أقل ما يقع عليه اسم اللحم؛ كيلو أو ما شابهه يتصدق به في مكة.
الجواب: الإعداد للجهاد في سبيل الله فرض كفاية، والمخاطَب بذلك ولاة الأمور؛ لقول الله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، ويكون في أحسن موضع يُتَلَقى فيه هذا الإعداد، فكما قلتُ: يخاطَب بذلك ولاة الأمور، أما أفراد الناس فهم لا يستطيعون في الغالب.
الجواب: الجمع للمسافر سنة عند الحاجة إليه، وذلك إذا جَدَّ به الطريق، أي: إذا استمر في سفره، فيجمع جمع تقديم إن كان أسهل له، أو جمع تأخير إن كان أسهل له، أما إذا كان مقيماً في البلد أو مقيماً في المستراح في البر، فإن كان مقيماً في مستراح في البر فالأفضل ألا يجمع، وإن جمع فلا بأس، وإن كان مقيماً في بلد فالواجب أن يحضر صلاة الجماعة، ولا يجوز أن يتخلف عن الجماعة باسم أنه مسافر؛ لأن المسافر لا تسقط عنه الجمعة ولا الجماعة إذا كان في بلد؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] والمسافر من الذين آمنوا، ولأن الله تعالى أمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يصلي بأصحابه جماعة في حال القتال، والقتال لم يكن إلا في سفر.
وأما ما اشتهر عن بعض الناس من قولهم: إنه إذا كان مسافراً فلا جماعة عليه ولا جمعة، ففي هذا نظر، وقد نص العلماء رحمهم الله على أن المقيم في بلد تلزمه الجمعة، لكن قالوا: إنها تلزمه بغيره.
الشيخ: من هم أهل البلد، هل هم أهل مكة ؟
السائل: أهل قريتي.
الشيخ: أهل قريتك ما عليهم منك؟! إذا كنت في بلد لا يرى (الإفراد) فقولهم هذا ضعيف، مخالف لهدي الخلفاء الراشدين، وليس أفقه من الخلفاء الراشدين، ولا ابن عباس أفقه من أبي بكر وعمر ، وقد سئل أبو ذر رضي الله عنه: [هل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم لهم خاصة، أم للناس عامة؟ فقال: لنا خاصة].
والصواب: ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله: أن التمتع واجب على الصحابة الذين كلمهم الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم حتى تثبت هذه الشعيرة وهي جواز العمرة في أشهر الحج لمن أراد الحج. وأما مَن بعدهم فالأمر في حقهم على سبيل الاستحباب في التمتع؛ ولكن لو أفرد الإنسان فإن ذلك جائز.
ثم على فرض أن هؤلاء القوم يرون وجوب التمتع إلا على مَن ساق الهدي، فلهم رأيهم ولك رأيك، وأنت إذا أفردت فقد فعلت جائزاً؛ لكن تركت مستحباً.
فالأفضل التمتع سواء كانوا أهل بلدك يرون ذلك أم لا يرونه.
إذاً.. الأفضل لك التمتع على كل حال، أما أنه يُحَرِّم الإفراد فهذا غير صحيح.
الجواب: أولاً: الجلوس مع أهل المنكر مع استطاعة الإنسان أن يقومَ مشارك لهم في الإثم؛ لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء:140] يعني: إن قعدتم فأنتم مثلهم، ولا يحل لأحد أن يقعد مع أهل المنكر، إلا إذا كان في خروجه ضرر، أما مجرد أن يَغْضَب أهله أو ما أشبه ذلك فهذا ليس بعذر، فلو كان أهله مثلاً يفتحون التلفاز على شيء محرم ونهاهم؛ ولكن لم ينتهوا وجب عليه أن يقوم، فإذا قال: إن قمتُ يزعل عليَّ أبي أو أمي أو الزوجة أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يجوز أن يبقى، بل يجب أن يقوم ولو غضبوا؛ لأن التماس رضا الناس بسخط الله يعني تقديم ما يرضاه الناس على ما يرضاه الله -والعياذ بالله-.
وأما ما نسب إليَّ من الجلوس في العارضة النجدية:
فأولاً: هذا صحيح، جلستُ لأني كنت أخاطب شخصاً أعتقد أن في مخاطبته فائدة كبيرة أكبر من قيامي، على أن العارضة النجدية يجوِّزها بعض العلماء في المناسبات كالأعياد وشبهها، ويَسْتَدل بفعل الأحباش في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كانوا يلعبون برماحهم أمام عين الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أذن لـعائشة أن تنظر إليهم فكان يخفيها وهي تنظر من على كتفه عليه الصلاة والسلام، فيُهَوِّنُ هذه المسألة أنها فُعِلَت في مناسبة قد تكون مبيحةً لهذا اللهو.
وثانياً: أني كما قلتُ لك: كنتُ أخاطب مَن أرى أن في مخاطبته مصلحة كبيرة تربو على مفسدة حضوري لشيء فيه خلاف في جوازه فإن هذا يجرُّنا إلى مسألة أخرى، وهي مسألة خلافية: إذا كان الإنسان يفعل الفعل وأنت ترى أنه حرام وهو يرى أنه مباح، فهل يجوز أن تبقى معه لأنه فعل محرماً عندك، أم لا يجوز؟
قد يقول بعض الناس: يجوز أن تبقى معه؛ لأن هذا الفعل عنده ليس بمحرم.
وقد يقول الناس: إنه لا يجوز؛ لأن هذا الفعل عندك محرم.
فهل العبرة باعتقاد الفاعل، أو باعتقاد الجالس؟
الذي يظهر لي: أن العبرة باعتقاد الفاعل، فإذا كان يرى أنه حلال وليس فيه نص واضح يُبْطِل اجتهاده فالعبرة في فعله، والدليل على هذا: لو أكلتَ أنت ورجلٌ لحمَ إبل، وأنت ترى أنه ينقض الوضوء فتوضأتَ، وهو يرى أنه لا ينقض الضوء فلم يتوضأ، وحانت الصلاة فقام يصلي أمامك أو ربما صلى مأموماً معك، فهل هذا حرام؟
الجواب: لا، مع أن الصلاة بغير وضوء من أكبر الكبائر، حتى إن بعض العلماء قال: الذي يصلي وهو محدث خارج عن الإسلام. ومعلوم أننا لا نأثم إذا صلى إلى جنبنا شخص أكل معنا لحم إبل وهو يرى أنه لا ينقض الوضوء ونحن نرى أنه ينقض، فإننا لا نأثم بكونه يصلي معنا.
فلو رأيت إنساناً أحدث ببول أو غائط وقام يصلي معك، فهل يجوز أن تقرَّه؟
لا يجوز أن تقرَّه، بل تمنعه، فإن أبى إلا أن يفعل فانصرف عنه.
فهذه المسألة؛ مسألة الخلاف بين العلماء المبنية على الاجتهاد المحض، التي ليس فيها دليل فاصل، إذا فعله مَن يرى أنه مباح فهو في حقه مباح، وأنا إذا كنتُ لم أفعله فليس عليَّ مِن إثمه شيء.
الجواب: العمال لهم نظام معين عند الحكومة: وهو أنهم يأتون بالشهرية، فاستعمالهم بالنسبة خروج عن النظام، والخروج عن النظام الذي وقعت عليه محرم؛ لأن الله يقول: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34].
ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1].
لكن إذا أردت أن تسلم من تقصيرهم ومن تهاونهم بالعمل فأعطهم بالنسبة فيما ينتجون من العمل، مثلاً: إذا كانوا مُلَيِّسِين، تقول لهم: لكم مشاهَرَتكم -الأجرة الشهرية- ولكم على كل متر كذا وكذا دراهم، أو إذا كانوا مثلاً: سبَّاكين: لكم بالمتر كذا وكذا، وإذا كانوا مثلاً: كهربائيين: لكم في المتر كذا وكذا، لكم على كل مفتاح، على كل لمبة كذا وكذا، زيادة على أجورهم، فبهذا تسلم من تقصيرهم وينصحون في العمل؛ لأنهم يريدون هذا الزائد، وأما أن تقول: أعطوني كذا وكذا، وتُرَوِّحْهم فهذا لا يجوز.
أولاً: أنه خلاف نظام الدولة.
ثانياً: ربما لا يتحصلون على ما فرضت عليهم، أو لا يحصلون إلا زائداً يسيراً، أو يحصِّلون شيئاً كثيراً أكثر مما كنت تتوقع، فتندم، تقول: ليتني جعلت عليهم ثلاثمائة بدل مائتين.
فالمهم أن هذا العمل حرام، وهو في الحقيقة مُشْكِلٌ جداً جداً؛ لأن بعض الناس صار يتَّجر بها -والعياذ بالله- يجلب العمال الكثيرين ويفرض عليهم شهرياً أن يدفعوا له مائتين أو ثلاثمائة ريال ويتركهم، هذا حرام؛ حرام مِن جهة الشرع، وحرام مِن جهة النظام.
مِن جهة الشرع: لأنك تفرض عليهم شيئاً قد لا يستطيعونه.
ومن جهة النظام: لأن هذا خلاف نظام الدولة بلا شك.
السائل: وإن قال مثلاً: أجَّرتُ هذه السيارة، فأنا أطلب ألفاً، كأني أجرتها على الألف، والمطعم كذلك، جهزتُه كاملاً بآلات، وأريد أن أؤجره مثلاً بخمسمائة، فما الحكم؟
الشيخ: هذا ممنوع في النظام، لا يمكن فعله.
السائل: ولو فعله مثلاً فهل هذا حرام؟
الشيخ: نعم حرام، وأقول: لا تستهينوا بالنظام، نظام الدولة إذا لم يخالف الشرع فهو من الشرع؛ ليس من الشرع لأن الله شرعه؛ لكن لأن الله أمرنا بطاعة ولاة الأمور في غير معصية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، والدولة إذا سَنَّت قانوناً، إن خالف الشرع ضُرِب به الحائط، ولا يجوز لنا أن ننفِّذه؛ لكن نناصحُ الدولة بأن تعدل عنه، أما إذا كان لا يخالف الشرع، ورأت الدولة من المصلحة سن هذا القانون فإنه يجب تنفيذه، لا لأن هذا من الشرع؛ لكن الله أمر بطاعة ولاة الأمور، ومن ظن أن ولاة الأمور لا يُطاعون إلا فيما شرعه الله فقد أخطأ؛ لأن ما شرعه الله فإننا مأمورون به سواء أمرونا أم لم يأمرونا به، فكون الله يأمرنا بطاعة ولاة الأمور زائداً على طاعة الله ورسوله يعني أن هذا فيما سنوه هم ولم يخالف أمر الله ورسوله.
أما ما كان مشروعاً بدون سنِّهم إياه من الواجبات فهذا واجب علينا سواء أمرونا أم لم يأمرونا، بل لو نهونا عنه لم نمتثل أمرهم، لو نهونا عما أمر الله به فإننا لا ننتهي؛ لكننا لا ننابذهم، بل نفعله سراً حتى لا تحصل المنابذة والمضادة للدولة.
الجواب: الذي أرى أنه لا يجوز إطلاقاً أن تقرأ الربا، سواء دراسة أو عملية ميدانية أو أي شيء، إنما تقرأ طرق الربا ليتبين لك الطرق فتبطلها، وتقول: هذه حرام، وتنفِّر الناس منها، فهذا لا بأس، أما أن تذهب إلى البنك لتطبق مثلاً، فتنظر وتقول: إن هذا والله على النظام، وتكتب عليه علامة (صح)، وهو ربا (100 %)، فكيف هذا؟!
يجب علينا أن نمتنع حتى ولو أمرونا بذلك.
السائل: وإذا أُمِرَ الطلابُ بذلك فأقروا بالربا من أجل الحصول على درجات معينة أو غيرها؟
الشيخ: أبداً لا يجوز مهما كان، ولهذا أنا أنصح الطلاب إذا أُمِروا بهذا أن يمتنعوا؛ لأن هذا إضراب عن معصية الله، والإضراب عن معصية الله طاعة لله، فيقولون: كيف تأمروننا أن نقر بالربا، ونحن نعرف أنه ربا في كتاب الله؟! لا يمكن هذا.
الجواب: أرى أن هذا لا يجوز، وأن الواجب أن يعطيهم الأجرة التي اتفق عليها معهم عند العقد وهم في بلادهم، وكما قلت لك آنفاً: يعطيهم مثلاً: نسبة معينة على كل ثوب أو كل متر ويسلم من تقصيرهم، وأما ما ذكرتَ فإنه حرام عليه؛ لأنه غَرَرٌ، وجهالةٌ، ومخالَفةٌ لنظام الدولة.
وأما المال الذي اكتسبه قبل أن يعلم فإن الله جل وعلا يقول في الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275].
السائل: وإن لم يكن قد تصرف بالمال، ولا يزال موجوداً في حوزته؟
الشيخ: ما فعله قبل أن يعلم وتاب فهو له.
الجواب: أولاً: أنا أناقشك على كلمة (مسيحية) ما معناها؟
السائل: متبعة للمسيح.
الشيخ: وهل هي متبعة للمسيح حقيقة؟
السائل: لا؛ ولكن كما تزعم.
الشيخ: لو اتبعَت المسيح حقيقة لأسلَمَتْ؛ لأن الدينَ الإسلامي نَسَخَ دينَ المسيح كما نَسَخَ دينُ المسيح دينَ اليهودية ، هم الآن يقرون أن دينهم ناسخ لدين اليهودية؛ لكن لا يقرون أن دين الإسلام ناسخ لدينهم، مع أن الله يقول: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، إذاً.. سَمِّها بما سماها الله به أي: النصرانية، والآن اسأل.
السائل: المرأة المسلمة هل يجوز لها أن تعالَج عند المرأة النصرانية؟
الشيخ: إذا وثِقَتْ فيها فلا بأس، ودليل هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سافر من مكة إلى المدينة في الهجرة استعمل رجلاً مشركاً يقال له: عبد الله بن أريقط ، من بني الديل؛ ليَدُلَّه على الطريق. وأنت تعرف خطورة المسألة كونه يدل على الطريق؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما تعلمون- كانت قريش قد أمْعَنَت في طلبه حتى جَعَلَت لمن يأتي به هو وأبو بكر مائتي بعير، هذا المشرك يمكن أن يستغل هذا بأن يُضِلَّهم الطريق، ومع ذلك لَمَّا ائتمنه رسول الله صلى الله عليه وسلم استأجره.
الجواب: الصحيح أنه ما رأى ربَّه، وأنه لا أحد يستطيع أن يرى الله يقظة في الدنيا، قال الله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام: قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً [الأعراف:143]، فإذا كان الجبل لَمْ يثبت لرؤية الرب عز وجل فكيف بالآدمي؟!
هذا هو الصحيح، وأن الرسول رأى ربَّه بقلبه، وما روي عن ابن عباس يـجب أن يُحْمَـل على هذا، وأما قولـه تعالى: أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى [النجم:12] فهو ما رآه من الآيات الكبرى، من آيات الله: لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النجم:18]، وليس المعنى: أنه رأى ربه عز وجل.
الجواب: الذي أرى: أن القنوت عند النوازل يتوقف على ولي الأمر، كما هو المشهور في مذهب الإمام أحمد أنهم قالوا: يقنت الإمام فقط، الإمام الأعظم أي: الملك، وكذلك إذا أمر بالقنوت قنتنا.
فالأَولى في مثل هذا أن يُنْتَظَر أمرُ الدولة بذلك، إذا أَمَرَ به ولي الأمر قنتنا، وإلا فلا، وبقاء الأمة عل مظهر واحد خير من التفرق؛ لأنه مثلاً: أقنت أنا والمسجد الذي بجانبي لا يقنت، أو نحن أهل بلد نقنت والبلاد الأخرى لا تقنت، ففيه تفريق للأمة وتوزيع، وجمع الشتات من أحسن ما يكون، ولعل بعضَكم عَلِم بأن عثمان رضي الله عنه في آخر خلافته صار يتم الصلاة في منى، يعني: يصلي الرباعية أربعاً، فأنكر الصحابة عليه، حتى إن ابن مسعود لما بلغه ذلك استرجع، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فجعل هذا من المصائب، وكانوا يصلون خلفه أربعاً، فقيل لـابن مسعود : [يا
فكون الأمة تكون على حال واحدة أفضل؛ لأن طلبة العلم تتسع صدورهم للخلاف؛ لكن العامة لا تتسع صدورهم للخلاف أبداً.
فالذي أنصح به إخواننا أن لا يتعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، مع أن باب الدعاء مفتوح، يدعو لهم الإنسان في حال السجود، وبعد التشهد الأخير، وفي قيام الليل، وبين الأذان والإقامة، أعني: لا يتعين الدعاء في القنوت فقط، صحيح أن القنوت مَظْهَرٌ عام، ويجعل الأمة كلها تتهيأ للدعاء وتتفرغ له؛ لكن كوننا نترك كل واحد بهواه ونفرِّق الناس فلا.
هذا ما أرى أنه جيد.
الجواب: سأسألك: هل اليهود يأكلون الربا أم لا؟ قال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ ... [النساء:155] إلى أن قال: ... وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ [النساء:161]، ومع ذلك قَبِل النبي صلى الله عليه وسلم هديتهم، قَبِل هدية المرأة التي أهدت إليه الشاة في خيبر، وعامَلَهم، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي.
ولهذا لدينا قاعدة: أن ما حُرِّم لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط، دون مَن أخذه منه بطريق مباح. فعلى هذا يجوز قبول الهدية ممن يتعامل بالربا، وأيضاً يجوز معه البيع والشراء إلا إذا كان في هجره مصلحة، أي: في عدم معاملته وعدم قبول هديته مصلحة، فنتبع هذا ابتغاء المصلحة، أما ما حُرِّم لعينه فهو حرام على الآخذ وغيره، فالخمر مثلاً لو أهداه إلى يهودي مثلاً أو نصراني ممن يرون إباحة الخمر فهل يجوز لي قبوله؟ لا؛ لأنه حرام عليَّ بعينه.
وإنسان سرق مال شخص، وجاء إليَّ فأعطاني إياه، هذا المال المسروق يحرم أم لا يحرم؟
يحرم؛ لأن هذا المال بعينه حرام.
هذه القاعدة تريحك من إشكالات كثيرة: ما حُرِّم لكسبه فهو حرام على الكاسب دون مَن أخذه بطريق الحلال، إلا إذا كان في هجره، وعدم الأخذ منه، وعدم قبول هديته، وعدم المبايعة معه والشراء مصلحة تردعه عن هذا العمل، فهذا يُهْجَر من أجل ابتغاء المصلحة، حتى الأكل! أليس النبي صلى الله عليه وسلم قبل دعوة اليهودي وأكل من طعامه؟!
الجواب: ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: (أن قوماً أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذَكَروا اسم الله عليه، أم لا؟ قال: سَمُّوا أنتم وكلوا. قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر) تعني: لم يسلموا إلَّا الآن، لا يدرون هل يُسَمُّون أم لا؟ فقال: (سموا أنتم وكلوا)، فأباح الأكل، وإن كنا لا ندري هل سُمِّي عليه أم لا؟
كذلك يباح الأكل أيضاً إن كنا لا ندري هل ذُبِح على طريقة سليمة أو غير سليمة؛ لأن القاعدة تقول: (الفعل إذا صدر من أهله فالأصل صحته ونفاذه) الأصل أنه صحيح نافذ إلا بدليل، فإن جاءنا مذبوحاً من مسلم أو من يهودي أو نصراني لا نسأل عنه، فلا نقول: كيف ذُبِح؟! ولا هل سُمِّي عليه أم لا؟! فهو حلال ما لم تقم بيِّنه على أنه حرام، وهذا من تيسير الله، وإلاَّ كان مشكلة، كلما قُدِّم لنا مذبوح نسأل:
مَن الذي ذبح؟ فلان.هل يصلي أم لا يصلي؟ يصلي. هل سَمَّى أم لا؟ سَمَّى. هل أنهر الدم أم لا؟
هذا مشكل؛ لكن من تيسير الله سبحانه وتعالى أن الفعل الصادر عن أهله، الأصل فيه الصحة والنفاذ إلا بدليل.
ولَمَّا كان هذا السؤال عن أكل الدجاج أضيفُ إليه أكل اللحم أيضاً، فليكن آخر سؤال؛ لأن الغداء قد قَرُب أيضاً، والأكل قريب إن شاء الله.
وأسأل الله أن يملأ قلوبنا علماً وإيماناً، وأن يغنينا بفضله عمن سواه.
ونستودعكم الله إلى لقاء آخر.
والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر