إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [9]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا اللقاء تفسير آيات من سورة النبأ، وهذه الآيات تتحدث عن موضوعين: الأول: عن نعم الله عز وجل على عباده حيث أنه بنى لهم السماء وجعل الشمس سراجاً، وأنزل من المعصرات ماءً ثجاجاً. أما الموضوع الثاني: فهو عن أهوال يوم القيامة ابتداءً من قوله تعالى: ( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً ) إلى قوله تعالى: ( وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً ). ثم أجاب فضيلته على أسئلة الحضور.

    1.   

    تفسير آيات من سورة النبأ

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإننا في هذا الخميس السادس والعشرين من شهر ربيع الثاني عام (1413هـ) نختتم لقاءات هذا الشهر؛ لأنه اللقاء الرابع، وإن كان في أول الشهر قد حصل التخلف لعذر، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه الاجتماعات مطردة، وأن يبارك فيها لنا ولإخواننا، وأن يرزقنا جميعاً العلم النافع والعمل الصالح، إنه جوادٌ كريم.

    والآن نكمل ما ابتدأنا به من تفسيرٍ موجز لآخر أجزاء القرآن الكريم وهو جزء عم؛ وذلك لأن هذا الجزء يكثر سماعه من الأئمة في صلواتهم، لهذا اخترنا بعد اختياركم أن نتكلم عليه كلاماً موجزاً، فآخر آية تكلمنا عليها في الأسبوع الماضي هي قوله تعالى: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً * وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً [النبأ:12-14].

    تفسير قوله تعالى: (وبنينا فوقكم سبعاً شداداً)

    يقول الله عز وجل: وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً [النبأ:12] أي: قوية متينة، وهي: السماوات السبع، وقد جاء ذكر السماوات مقيدة بالسبع في القرآن الكريم في قوله تعالى: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [المؤمنون:86]، أما الأرضون فجاءت مقيدة بهذا العدد في السنة مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله بها يوم القيامة من سبع أرضين) وجاءت في القرآن الكريم مقيدةً بهذا العدد على وجه الإشارة في قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ [الطلاق:12] فقوله: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق:12] لا يتأتى فيه إلا المماثلة في العدد؛ لأن المماثلة في الكيفية متعذرة إذ أن هناك فرقاً بين السماوات والأرض، في الكيفية والصفة والسعة والقوة، فتعين أن يكون المراد (مثلهن) في العدد.

    تفسير قوله تعالى: (وجعلنا سراجاً وهاجاً)

    ثم قال تعالى: وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً [النبأ:13] وهي هذه الشمس فإنها سراج الأرض ووهج شديدة الحرارة، ودليل ذلك: أننا نحس بحرارتها، وبيننا وبينها هذه المسافة العظيمة، ولا سيما في أيام الصيف، إذا كانت قريبة من الرءوس عمودية فوقنا، ولا يخفى على أهل العلم بطبائع النبات والبحار والصحاري ما يكون من الفائدة العظيمة في هذه الحرارة على الأعيان وعلى الصفات، ولهذا أكد الله عز وجل ذلك بقوله: وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً [النبأ:13] أي: يتوهج.

    تفسير قوله تعالى: (وأنزلنا من المعصرات ماء نجاجاً)

    قال تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً [النبأ:14] (المعصرات) هي السحب، وسميت معصرات؛ لأنها بمنزلة الذي يعصر الماء من الثوب، فإن هذا الماء يتخلل هذا السحاب ويخرج منه كما يخرج الماء من الثوب المعصور، قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ [النور:43] وقوله: (ثجاجاً) أي: كثير الثج يعني: الانهمار؛ وذلك لغزارته وقوته حتى يروي الأرض.

    تفسير قوله تعالى: (لنخرج به حباً ونباتاً وجنات ألفافاً)

    قال تعالى: لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً [النبأ:15-16] الحب والنبات هو الزروع وهو النبات الذي ليس له ساق وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً [النبأ:16] هي الأشجار التي لها ساق، فيخرج بهذا الماء الثجاج الزروع والنخيل والأعناب وغيرها، سواء خرج منه مباشرة أو خرج منه بواسطة استخراج الماء من باطن الأرض؛ لأن الماء الذي في باطن الأرض هو من المطر كما قال تعالى: فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر:22] وقال تعالى في آية أخرى: فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ [الزمر:21] وقوله: (أَلْفَافاً) أي: ملتفة بعضها على بعض، حتى إنها لتستر من فيها؛ لكثرتها، والتفاف بعضها إلى بعض.

    تفسير قوله تعالى: (إن يوم الفصل كان ميقاتاً)

    ثم قال تعالى: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً [النبأ:17] وهو يوم القيامة، وسمي يوم الفصل؛ لأن الله يفصل فيه بين العباد فيما شجر بينهم، وفيما كانوا يختلفون فيه، فيفصل بين أهل الحق وأهل الباطل، وأهل الكفر وأهل الإيمان، وأهل العدوان وأهل الاعتدال، ويفصل فيه -أيضاً- بين أهل الجنة والنار، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7] و(كَانَ مِيقَاتاً) يعني: موقوتاً لأجل معدود، كما قال تعالى: وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ [هود:104] وما ظنك بشيءٍ له أجل معدود، وأنت ترى الأجل كيف يذهب سريعاً يوماً بعد يوم حتى ينتهي الإنسان إلى آخر مرحلة، فكذلك الدنيا كلها تسير يوماً بعد يوم حتى تنتهي إلى آخر مرحلة، ولهذا قال تعالى: وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ [هود:104] وكل شيء معدود فإنه ينتهي.

    تفسير قوله تعالى: (يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً)

    قال تعالى: يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً [النبأ:18] والنافخ فيها إسرافيل موكلٌ فيها فينفخ فيها نفختين: الأولى: يفزع الناس ثم يصعقون فيموتون، والثانية: يبعثون من قبورهم وتعود إليهم أرواحهم، ولهذا قال هنا: يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً [النبأ:18] وفي الآية -كما لا يخفى- إيجاز بالحذف أي: فتحيون فتأتون أفواجاً، فوجاً مع فوج أو فوجاً يتلو فوجاً، وهذه الأفواج -والله أعلم- بحسب الأمم، كل أمة تدعى إلى كتابها لتحاسب عليه فيأتي الناس أفواجاً بهذا الموقف العظيم الذي تسوى فيه الأرض فيذرها الله عز وجل قَاعاً صَفْصَفاً * لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً [طه:106-107].

    تفسير قوله تعالى: (وفتحت السماء فكانت أبواباً)

    وفي ذلك اليوم يقول الله عز وجل: وَفُتِحَتْ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً [النبأ:19] فتحت وانفرجت فتكون أبواباً يشاهدها الناس بعد أن كانت سقفاً محفوظاً تكون في ذلك اليوم أبواباً مفتوحة، وفي هذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل أن هذه السبع الشداد يجعلها الله يوم القيامة كأن لم تكن، تكون أبواباً: يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً [المعارج:8-10].

    تفسير قوله تعالى: (وسيرت الجبال فكانت سراباً)

    قال تعالى: وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً [النبأ:20] أي: أن الجبال العظيمة الصماء تدك فتكون كالرمال، ثم تكون كالسراب تسير: وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً [النبأ:20]، ثم قال تعالى: إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً [النبأ:21] وندع ذلك للأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.

    والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    .

    حكم الجمع بين الوظيفة والتجارة

    السؤال: شخص موظف لا يُسمح له بممارسة التجارة، فرأى أن يستغل اسم أمه وهي موجودة في فتح محل خياط نسائي وله إخوة وأخوات من هذه الأم، فأمه أعطته وكالة من أجل استقدام العامل وفتح المحل وربح المحل سيكون له شخصياً من دون إخوانه، وأمه سمحت له بهذا الشيء، فما رأي فضيلتكم في هذا؟

    الجواب: أرى أن هذا عملٌ محرم؛ لأنه تضمن الكذب، وتضمن المكر بالدولة والخداع لها، وتضمن أكل المال بالباطل؛ لأنه بغير حق، وتضمن محاباة أحد الأبناء دون البقية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم) فنصيحتي للأم أن تسحب هذه المنحة التي أعطتها ابنها، وأن تستغفر الله.

    ونقول لهذا الشخص الموظف: أنت بالخيار، الحكومة لم تلزمك بشيء، إما أن تدع الوظيفة وتفتح المحل، وإما أن تبقى في الوظيفة وتترك المحل.

    ثم إن الذي فهمته من السؤال: أن هذا الأخ سيجعل المحل باسم أمه وسيعطيه العامل ويأخذ عليه الربح، فإن كان الربح مشاعاً، بأن قال: لك ثلث ما يحصل من الربح أو الربع أو النصف فهذا جائز من الناحية الشرعية، يكون من هذه المواد والآلات ومن هذا العمل، لكن إن كانت الدولة تمنع هذا فهو -أيضاً- لا يجوز؛ لأن علينا أن نسمع للدولة في كل أمر إلا ما خالف الشرع، وهذا لا يخالف الشرع، إذا قالت: لا تمنحوا هؤلاء عملاً، وإنما يبقون عندكم بالأجرة المقطوعة ولكن يقول بعض الناس: إذا جعلناهم بالأجرة المقطوعة حصل إشكال وهو تلاعب العمال بحيث لا ينتجون، فنقول دفعاً لهذا المحذور: يُجعل للعامل نسبة فيما ينتج، فيقال: لك الأجر الشهري المتفق عليه، ولك على كل متر كذا وكذا، أو على ثوب إذا كان خياطاً كذا وكذا، أو على كل وحدة إذا كان كهربائياً كذا وكذا، وبهذا يحصل موافقة الحكومة فيما ألزمت به الجالب، ويحصل مصلحة وعدم تلاعب.

    حكم استقدام عامل من خارج البلاد دون أن يأخذ الكفيل شيئاً من العامل

    السؤال: رجل استقدم عاملاً من خارج البلاد لا من أجل أن يعطيه راتباً شهرياً لكن سيحضر إلى هذه البلاد ويزاول مهنة من المهن الفنية من غير أن يأخذ منه شيئاً ولا يأخذ عليه شيئاً مقابل العمل، يأتي به هنا ويتركه يتجول في الأسواق والمحلات من أجل كسب العيش فقط، ولكن الكفيل ما يأخذ مقابل ذلك شيئاً؟

    الجواب: بمعنى: أنه يأتي ويعمل لنفسه ولا يأخذ الكفيل منه شيئاً، يعني: أنه ليس بحاجة إلى هذا الرجل.

    السائل: نعم. ليس بحاجة.

    الشيخ: والذي أفهم أن الدولة لا تسمح باستقدام الأجانب إلا إذا كان الإنسان محتاجاً إليه، يعني: إذا لم تكن هناك حاجة فلا تسمح.

    حكم التأخر عن الدوام الرسمي أو الخروج قبل انتهائه

    السؤال: النظام الذي هو الدوام الرسمي للدولة تجد البعض يأتي متأخراً نصف ساعة أو ينصرف من العمل قبل انتهاء الدوام بنصف ساعة، وأحياناً يتأخر ساعة أو أكثر، فما الحكم في ذلك؟

    الجواب: الظاهر أن هذا لا يحتاج إلى جواب؛ لأن العوض يجب أن يكون في مقابل المعوض، فكما أن الموظف لا يرضى أن تنقص الدولة من راتبه شيئاً، فكذلك يجب ألا ينقص من حق الدولة شيئاً، فلا يجوز للإنسان أن يتأخر عن الدوام الرسمي ولا أن يتقدم قبل انتهائه.

    السائل: ولكن البعض يتحجج أنه لا يوجد عمل أصلاً؛ لأن العمل قليل؟

    الشيخ: المهم أنت مربوط بزمن لا بعمل، يعني: قيل لك: هذا الراتب على أن تحضر من كذا إلى كذا، سواء كان هناك عمل، أو لم يكن هناك عمل، فما دامت المكافأة مربوطة بزمن، فلا بد أن يستوفى هذا الزمن، يعني: أن يوفي هذا الزمن، وإلا كان أكلنا لما لم نحضر فيه باطلاً.

    السائل: كذلك استعمال السيارات الحكومية في غير وقت الدوام الرسمي؟

    الشيخ: استعمال السيارات الحكومية في الدوام الرسمي أو خارج الدوام الرسمي إذا لم يكن لمصلحة العمل فإنه لا يجوز؛ لأن هذه السيارات للدولة ولشغل الدولة فلا يجوز لأحد استعمالها في شغله الخاص، والمشكل أن بعض الناس يتهاون في أموال الدولة مدعياً أن له حقاً في بيت المال، ونقول: إذا كان لك حقٌ في بيت المال فكل فرد من الناس له حق في بيت المال أيضاً، فلماذا تخص به نفسك وتستعمله لنفسك، أليس لو جاء أحد من الناس الذي قد يكونون أحق من هذا الرجل وأراد أن يستعمل هذه السيارة في أغراضه الخاصة يمنع، فكذلك هذا الرجل، وإذا كان الإنسان محتاجاً للسيارة فليشتر سيارة من ماله الخاص.

    السنة عند رؤية الأحلام المزعجة

    السؤال: ما السنة عند رؤية الأحلام المزعجة؟

    الجواب: الأحلام الضابط فيها أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن من رأى ما يسره فليحدث به من يحب، ولا يحدث به من لا يحبه؛ لأنه ربما يكيدون له كيداً، كما فعل إخوة يوسف في يوسف، وأما إذا رأى ما يكره فإنه يقوم ويتفل عن يساره ثلاثاً ويقول: اللهم إني أعوذ بك من شر الشيطان، ومن شر ما رأيت، ثم ينقلب إلى الجنب الثاني، ولا يخبر بها أحداً، فإنها لا تضره، فهذه أربعة أشياء: التفل على اليسار، والاستعاذة بالله من شر الشيطان الرجيم ومن شر ما رأى، والانقلاب على الجنب الثاني، وألا يحدث بها أحداً؛ لأنه لو حدث بها أحداً ثم فسرها يعني: عبرها فإنها تقع؛ لأن الرؤيا ما دامت لم تعبر فإنها لا تقع إلا بإذن الله، فإذا عبرت وقعت، فأخشى أن يعبرها أحدٌ من الناس على الوجه المكروه فتقع.

    قال الصحابة رضي الله عنهم: [كنا نرى الرؤيا فنمرض أياماً] من شدة أثرها عليهم، فلما حدثهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث وذكر لهم هذا الدواء استراحوا، فصار الإنسان إذا رأى ما يكره عمل بما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فيستريح.

    وليُعلم أن الشيطان يتمثل للإنسان وهو نائم فيما يكره ويحدثه بما يكره، من أجل إدخال الحزن عليه؛ لأن الشيطان يحب أن يدخل الحزن على الإنسان والانقباض، وألا يسر الإنسان بشيء؛ لأنه عدو، قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]، ولأنه عدو فإنه يحب ما يسوء بني آدم ويكره ما يسرهم، وهو يستطيع أن يتمثل للإنسان في منامه بما يكره حتى يحزن، ولكن الحمد لله أن الله تعالى لم ينزل داءً إلا جعل له شفاء، والشفاء في الرؤيا المنامية المكروهة هو ما ذكرته آنفاً: أن يقوم فيتفل عن يساره ثلاثاً، ويقول: أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، ثم ينقلب على الجانب الثاني، ولا يحدث أحداً.

    كيفية الإتيان بالأذكار التي بعد الصلاة في السفر

    السؤال: من المعلوم أن المسافر يقصر الصلاة الرباعية، وكذلك يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، ولكن الأذكار الواردة بعد الصلاة هل هي أيضاً تقصر، أو تؤدى كأنها صلاتين؟

    الجواب: الظاهر في الأذكار أنه يكتفى فيها بذكر واحد؛ لأن الصلاتين صارت كأنها صلاة واحدة، فيكتفى فيها بذكر واحد، لكن يكتفى بالأعم، فمثل المغرب مع العشاء يسن في المغرب أن يذكر الله عشر مرات، وفي العشاء ثلاث مرات، فليأخذ بالأكثر؛ لأن الأقل يندرج بالأكثر، وإن أتى لكل واحدة بذكر فلا أرى في هذا بأساً والأول كافٍ.

    حكم تقصير الشعيرات التي تحت الشفة السفلى

    السؤال: بالنسبة للشعيرات التي تحت الشفة السفلى تقصر، أم تبقى كما هي؟

    الجواب: تسمى العنفقة وليست من اللحية، تبقى كما هي، إلا إذا تأذى منها الإنسان.

    حكم التنازل عن دية القتل الخطأ والمقتول عليه دين وله وصية

    السؤال: هل لأولياء المقتول خطأ العفو عن الدية، والمقتول عليه دينٌ وله وصية؟

    الجواب: إذا كان المقتول عليه دين وله وصية فإنه لا يحل للورثة أن يتنازلوا عن شيء من الدية إلا بعد قضاء الدين والوصية؛ لأن حق الورثة لا يرد إلا بعد الدين والوصية، كما قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11] .. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] .. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12].. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] وإذا تنازلوا فالتنازل غير صحيح، وإذا كان تنازلهم عند المحكمة يجب أن يرجعوا إلى المحكمة ويخبروا القاضي أن المقتول عليه دين وله وصية فيؤخذ الدين أولاً، ثم الوصية ثانياً، والباقي للورثة.

    وأيضاً: لا بد أن يكون الورثة راشدين، أي: بالغين عاقلين، حسني التصرف، فإن كان فيهم قُصَّر فليس لأحدٍ من الورثة أن يتنازل عن حق هؤلاء القُصَّر إلا إذا ضِمِنَهُ لهم.

    حكم الصلاة في المسجد الذي بجواره مقبرة

    السؤال: نجد في بعض البلاد الإسلامية أصحاب الطرق الصوفية يؤدون الصلاة في المسجد، بينما يوجد بالقرب منه مقبرة أو كما يسمونها ضريح الشيخ، وعند الإنكار عليهم يدعون أن هذه المقبرة بعيدة عن المسجد، وتجد كثيراً منهم لا يستدل بدليل على هذا الفعل، ويدعون ذلك فيقولون: إن هذا المسجد منفصل عن الضريح، يعني: بينهما مسافة، ما صحة الصلاة في ذلك المسجد؟

    الجواب: إذا كان المسجد ليس في المقبرة وليس فيه قبر فالصلاة فيه صحيحة.

    السائل: لكن بجواره قبر وليس ببعيد.

    الشيخ: ولو كان في جوار المقبرة، ما دامت المقبرة ليست أمام المسجد بل على اليمين أو على اليسار فليس فيها شيء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)، أما إذا كان المسجد قد بني على القبر فالصلاة فيه لا تصح، وإن دفن الميت في المسجد فإنه يجب أن ينبش القبر ويدفن مع قبور الناس.

    الأفضل للتائب تذكر الذنوب أو نسيانها

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل الأفضل للتائب أن يتذكر ذنوبه السابقة حتى يجد ويعمل بالأعمال الصالحة، أو أنه ينساها حتى لا تنكد عليه حياته؟

    الجواب: التائب هو الذي رجع إلى الله عز وجل مخلصاً له في توبته، عازماً على ألا يعود، وأما تذكر ما مضى فهذا ينظر في المصلحة، إن رأى مصلحةً في ذلك وهذا حينما يجد من نفسه غفلة أو يجد من نفسه إقبالاً على معصية فيذكر نفسه بما مضى، فهذا طيب، وإلا فإن كان يضره تذكر هذه المعصية ويخشى على نفسه من القنوط من رحمة الله من كثرة ذنوبه فلا يتذكر، وقد ثبت في الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال حينما راجع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية قال: [فعملت لذلك أعمالاً] يعني: أعمالاً صالحة تكفر ما مضى، فالإنسان ينظر إلى المصلحة في تذكره لذنوبه التي تاب منها أو غفلته عنها.

    حكم المضاربة ومعناها

    السؤال: إذا أراد شخص مساعدة شخص آخر فدفع إليه رأس مال وقال له: افتح محلاً باسمك ولي نسبة من هذا المحل، والقصد المساعدة لا الكسب؟

    الجواب: معناها: أن الدراهم كانت من شخص والعمل من شخص آخر فهذا يسمى عند العلماء (مضاربة).

    إذا أعطيت شخصاً مالاً وقلت: اعمل فيه والربح بيننا أنصافاً أو أرباعاً أو ما أشبه ذلك فهو مضاربة وهي جائزة، ولا حرج أن يفتحه أي: العامل باسمه هو؛ لأنه حقيقة هو الذي يعمل فيه.

    الواجب على من اعتمر ولم يقصر

    السؤال: شخص حلق شعره وبعده بيوم ذهب إلى العمرة، فلما انتهى من السعي لم يحلق، فلما وصل إلى بلده قيل له: إنك أخطأت؛ لأنك لم تمر الموس على رأسك، هل يجب عليه شيء في هذا؟

    الجواب: يعني: اعتمر وقد حلق رأسه من قبل، فنقول: لا بد أن يمر الموس على رأسه؛ لأن الحلق وإن كان قريباً لابد أن ينبت الشعر، الشعر ينبت بسرعة، فإن لم يفعل، فأرى أنه من باب الاحتياط: أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على الفقراء.

    السائل: ويحلق شعره ويقصره؟

    الشيخ: لا يحلق؛ لأن الفدية بدل عن الحلق، الحلق فاته وقد تحلل واعتقد أنه أكمل العمرة، وإن حلق حيث علم ولم يذبح فدية فأرجو ألا حرج.

    حكم الجمع والقصر لمن سافر وأراد الرجوع في نفس اليوم

    السؤال: مسافر ذهب للتجارة بحيث يرجع في نفس اليوم، وصل قبل الظهر ويريد الرجوع قبل العصر، هل يحل جمع التأخير، أم لا؟

    الجواب: لا بأس، إذا كان البلد بعيداً، فلا بأس أن يجمع جمع تأخير أو جمع تقديم حسب ما تيسر له.

    السائل: لو نوى جمع التأخير -مثلاً- وصلى جمع تقديم ماذا عليه؟

    الشيخ: لا بأس أن ينوي أولاً جمع التأخير، ثم يبدو له أن يقدم كما أنه لو نوى جمع تقديم، ثم بدا له أن يؤخر فكله جائز.

    حكم من صلى قصراً في بلد يسمع فيه الأذان

    السؤال: هل يأثم من صلى قصراً، يجمع في بلد وهو يسمع المؤذن ولا يذهب إلى الجماعة؟

    الجواب: الواجب على من سمع المؤذن أن يحضر إلى المسجد سواء كان مسافراً أم مقيماً، فإذا كان مسافراً قد نزل في البلد لمدة يوم أو يومين أو ساعة أو ساعتين، ولكنه سمع الأذان فإنه يجب عليه أن يصلي مع الجماعة، ويأثم إذا لم يفعل.

    وأما ظن بعض العامة أن المسافر ليس عليه جماعة، حتى أن بعضهم تقول له: صل مع الجماعة، يقول: أنا مسافر، فهذا ظنٌ ليس مبنياً على أصل، لقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102] فأوجب الله الجماعة على المقاتلين مع أنهم في سفر.

    السائل: والرحلة البرية ما رأيك في الجمع إذا كانت لمدة يومين ومثلاً كانت يوم الجمعة هل يقصر ويجمع، أم يقصر فقط؟

    الشيخ: الأفضل لمن كان نازلاً من المسافرين ألا يجمع، بل يقصر ولا يجمع، أما إذا كان سائراً فالأفضل أن يجمع ويقصر.

    السائل: وماذا عن صلاة الجمعة؟

    الشيخ: لا يصلون الجمعة؛ لأنهم في البر، وإنما يصلون ظهراً مقصورة ركعتين.

    حكم من جامع أهله في نهار رمضان جاهلاً

    السؤال: شخص جامع امرأته في نهار رمضان بدون علم، جهلاً منه، فما الحكم في ذلك؟

    الجواب: إذا جامع زوجته في نهار رمضان يظن أن الجماع لا بأس به فلا حرج ولا إثم ولا كفارة؛ لأن القاعدة: أن كل من فعل محظوراً في العبادة ناسياً وجاهلاً فلا شيء عليه لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله تعالى: (قد فعلت) ولقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5].

    حكم الذهاب إلى السحرة لغرض العلاج أو فك السحر

    السؤال: ما حكم من يذهب إلى السحرة لغرض العلاج أو فك السحر؟

    الجواب: الذي يذهب إلى السحرة آثم؛ لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس منا من سحر أو سُحر له)، ولكن ذكر بعض العلماء من السلف والخلف أنه إذا اضطر إلى ذلك فإنه لا بأس أن يذهب إلى الساحر ليفك عنه السحر، بشرط: ألا يكون هذا الساحر يدعو مع الله أحداً، أي: مشركاً؛ لأن المشرك نجس ولا خير فيه.

    السائل: ما ينطبق عليه الحديث: (من أتى ساحراً أو عرافاً ...)؟.

    الشيخ: العلماء يقولون: إن الذين أجازوا هذا للضرورة، قالوا: إن الله تعالى قال: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119] ولكن أتدري ما هي الضرورة؟ الضرورة هي: أن يخاف الضرر من مرضٍ مستمر أو موت، وألا يمكن علاجه في القرآن والأدعية المباحة، ومن العلماء من منع ذلك، قالوا: لا يجوز أن يذهب إلى الساحر ولو مات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: (هي من عمل الشيطان).

    حكم ارتكاب الشرك الأكبر جاهلاً

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم من يعمل الشرك الأكبر وهو جاهل بذلك؟

    الجواب: حكمه أنه لا شيء عليه، ولكن إذا دعي إلى الحق وجب عليه اتباعه، ولا يتصور هذا أن يكون جاهلاً بالشرك الأكبر إلا أن يكون ناشئاً قريب عهد بالإسلام، أو كان في بادية بعيدة عن العلماء، فهذا هو الذي يتصور جهله، أما رجل بين الناس فالظاهر أن جهله بذلك بعيد، وحينئذٍ يكون مفرطاً في ترك السؤال فيكون آثماً.

    حكم الصغير إذا ترك شيئاً من أحكام الحج

    السؤال: امرأة ذهبت مع ابنها وهو صغير لم يبلغ، فلما اعتمرت لم تقصر شعره ناسية، فما الحكم في ذلك؟

    الجواب: الذي يظهر لي أن الصغير لا يلزمه شيء من أحكام الحج؛ لأنه غير مكلف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يفيق)، فإذا فعل محظوراً في الإحرام أو ترك واجباً فلا شيء عليه؛ لأنه غير مكلف، بل ولو تخلص من الإحرام وقال: أنا لا أريد أن أكمل فله ذلك؛ لأنه غير مكلف.

    حكم زواج المرأة بخالها

    السؤال: هناك رجلان، أحد هذين الرجلين له بنت، والآخر له أخت، فقال الرجل الذي عنده أخت: زوجني ابنتك وأزوجك أختي، فزوج الرجل الذي عنده البنت ذاك الرجل فأنجب منها طفلة، والرجل الثاني أنجب ولداً، هل يحق لهما أن يتزوجا؟

    الجواب: لا يحل أن يتزوج هذا الولد بالبنت؛ لأنه خالها أخو أمها من أبيها.

    الحكمة في التصرف في مال اليتيم

    السؤال: شخص وصيٌ على أيتام وأرامل، ولديه زكاة مال ويخشى أن يدفع هذا المال إلى الأرامل أن يسئن التصرف فيه، فقال: أدفع إليهم بعض المال والباقي أتصرف فيه لهم؟

    الجواب: هذا طيب، يعني: أن ولي اليتيم لا يدفع إليه المال إذا أتاه مال له، هذا هو الواجب؛ لأنه لو دفع المال أفسده، الواجب أن يبقى المال عنده، فإذا احتاج هذا اليتيم أنفق عليه منه.

    وهنا تنبيه يجب أن يتنبه له: وهو أنه لا يجوز أن يقبض للأيتام من الزكاة ما يزيد عن حاجتهم لمدة سنة؛ لأنه إذا زاد عن حاجة السنة صاروا لا يستحقون الزكاة، وهذه مسألة يجب التنبه لها؛ لأن كثيراً من الناس يأخذ للأيتام من الزكوات، ثم يصير عنده أموال كثيرة، وهذا حرام عليه، فمثلاً: إذا قدر أنه يكفيهم في السنة عشرة آلاف ريال لا يجوز أن يأخذها عشرة آلاف ومائة؛ لأن حد الغنى الذي يمنع من أخذ الزكاة هو أن يجد الإنسان كفايته سنة.

    السائل: يعني: هذا المال حتى لو كان زكاة ماله هو مال الولي؟

    الشيخ: حتى لو كان ماله ينفق عليهم منه ما فيه بأس.

    حكم مصافحة الأجنبية من وراء حائل

    السؤال: يوجد بعض العادات من بعض الناس يصافح النساء ولسن محارم له، وتأتي المرأة وتضع جلبابها وبخناقها وتصافح الرجل، وعندما ينكر عليه بعض الناس يقول: أنا ما صافحتها، هي وضعت ثوبها أو جلبابها وأنا ما صافحتها، ما الحكم؟

    الجواب: الحكم أنه لا يجوز للرجل أن يصافح من ليست محرماً له، لا مباشرةً ولا من وراء حائل؛ لأن المصافحة من وراء حائل يقبض الإنسان على اليد ويجسها، فلا يجوز له أن يصافحها سواء بحائل أو بغير حائل.

    مدى صحة حديث: (لئن يضرب أحدكم بمخيط في رأسه خير من أن يصافح امرأة لا تحل له)

    السؤال: هل يصح الحديث الذي يقول: (لئن يضرب أحدكم بمخيط في رأسه خير من أن يصافح امرأة لا تحل له

    الشيخ: هذا من أحاديث الوعيد، وفيه مقال، ضعيف، ولكنه من أحاديث الوعيد الذي يحصل به التحذير.

    الجمع بين قوله تعالى في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم: يسب الدهر)، وقوله تعالى: (في أيام نحسات)

    السؤال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ..) فما حكم مدح الدهر؟ وما تفسير قول الله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ [فصلت:16]؟

    الجواب: قوله تعالى في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر) أي: يسب الزمن -الوقت- الليل والنهار، وسب الليل والنهار سب لله عز وجل؛ لأنه هو سبحانه وتعالى هو المدبر لما يكون في الليل والنهار، ولهذا قال تعالى في الحديث نفسه: (وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار)، أما مدح الدهر باعتبار أن الإنسان يثني على ربه بذلك لا على الأيام والليالي فلا بأس، فهذا طيب، يقول: هذه الأيام مثلاً أيام سرور، وأيام أمن ورخاء ولله الحمد، فهي أيام مباركة، وما أشبه ذلك هذا لا بأس به، وأما أن يثني على الدهر ناسياً خالقه عز وجل وهو الله، فهذا لا يجوز؛ لأن الثناء على السبب -مع التغافل عن المسبب في الحقيقة- غضٌ وانتقاص للمسبب وهو الله عز وجل.

    وأما قوله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ [فصلت:16] فالذي ذم هذه الأيام هو الله عز وجل وله أن يثني على ما شاء من خلقه، وأن يعيب ما شاء من خلقه لكن قل لي: ما الجواب عن قوله تعالى عن لوط: وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ [هود:77] فالجواب عنه يقال: إن لوطاً عليه الصلاة والسلام، لم يرد به القدح في هذا اليوم، إنما أراد الخبر عن هذا اليوم بأنه عصيب ويفرق في الأشياء بين القصد وعدم القصد، أرأيت لو جاء شخص يسأل مريضاً فجعل المريض يخبر هذا الرجل مجرد خبر فقط، وجاء آخر يسأل مريضاً آخر فجعل المريض يخبره يتشكى إليه، فالأول عمله جائز والثاني عمله مذموم، إذ كيف يشكو الخالق إلى المخلوق، وقد قيل:

    وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما     تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

    كيفية تقدير الصلاة أيام خروج الدجال

    السؤال: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدجال عندما قال: (إن يوماً من أيامه كسنة وآخر كشهر، فسأله الصحابة رضوان الله عليهم فيما معناه: كيف نفعل بالصلاة؟ قال: اقدروا لها) فهل معنى ذلك أنه إذا كان مثلاً اليوم يقارب 180 يوماً يصلون فيه خمس صلوات، أم أنها خمس صلوات في كل (24) ساعة في تقدير لها؟

    الجواب: قوله: (اقدروا لها قدره) يعني: معناه صلوا على العادة فيكون اليوم الذي كسنة يصلي فيه صلاة سنة كاملة، وهذا إن بقيت الساعات معنا إلى أن يأتي الدجال فالأمر متيسر؛ لأن الإنسان يعرف المواقيت في الشتاء والصيف وعنده الميزان لهذه المواقيت، وهي الساعات وإن لم تبق -والعلم عند الله- فإنه يقدر كما كان الصحابة يقدرون.

    حكم مقولة: سقط من عين الله سبحانه وتعالى

    السؤال: بالنسبة لعبارة من يقول: عندما نعصي الله سبحانه وتعالى ونبتعد عما أمر الله به نسقط من عين الله سبحانه وتعالى؟

    الجواب: هذه عبارة يريد العرب بها أن الإنسان يقل شأنه وأمره عند الله عز وجل، وليسوا يريدون أن الإنسان كان في عين الله، ثم سقط منها، أبداً! ولا يطرأ لهم على بال، لكن يريدون بقولهم: سقط من عين الله. أي: نقص قدره عند الله عز وجل، وقد يستعمل هذه العبارة بعض العلماء المحققين الذين لا نشك في أن عندهم من علم التوحيد والعقيدة ما لا يصل إليه كثير من الناس، بل كثير من العلماء، فهذا هو المراد، وإذا عرف المراد ولم يكن فيه التباس بأي حال من الأحوال فلا بأس بالتعبير به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ حين قال له: (يا رسول الله! إنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) فأنت ترى هذا دعاء عليه بأن تفقده أمه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد هذا، إنما أتى بعبارة يعبر بها العرب يريدون الحث على التزام هذا الشيء، وإن كان بعض العلماء يقول: إن معنى: (ثكلتك أمك يا معاذ!) إن لم تكف عليك لسانك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قال: بلى، يا رسول الله! فأخذ بلسان نفسه وقال: كف عليك هذا) ولكن المعنى الأول هو الصحيح، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) ومعنى هذه الجملة: افتقرت يداك حتى لصقت بالتراب، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد هذا؛ لأنه يحث على الظفر بذات الدين فلا يمكن أن يدعو عليه بالفقر، وإنما المراد بهذه العبارة الحث على ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الظفر بذات الدين.

    حكم من دخل المسجد فوجد الإمام في التشهد الأخير

    السؤال: ما صحة الكلام الذي يقول: إذا دخلت المسجد ومعك جماعة وكان الإمام في التشهد الأخير فإنك تنتظر حتى يسلم ثم تقيم جماعة أخرى؟

    الجواب: هذا صحيح، ودليله قوله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وأنت الآن لم تدرك ركعة جئت في التشهد الأخير، فإذا لم تدرك الركعة لم تدرك الصلاة، وإذا صليت مع أصحابك الذين دخلوا معك جماعة أدركت الجماعة من أولها، أما لو جئت وقد بقي عليه ركعة فالأفضل أن تدخل معه، بل يجب أن تدخل معه ولو فاتتك أكثر الصلاة؛ لأن: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)، وإذا أتيتم والإمام في التشهد الأخير فإنه لا يشترط أن تنتظروا حتى يسلم، بل إذا كان المسجد واسعاً وذهبتم إلى ناحية منه بحيث لا تشوشون على أحد فلكم أن تصلوا قبل أن يسلم الإمام ولا حرج، أما إذا كنتم قريبين بأن يكون المسجد صغيراً فلا تشرعوا في الصلاة حتى يسلم.

    حكم مهر امرأة تزوجت بدون إذنها ثم طلبت الطلاق من الزوج

    السؤال: أرجو الإجابة التوضيحية عن هذا السؤال: رجل تزوج امرأة وله الآن قرابة ثلاثة أشهر، وخلال هذه المدة تبين له وبقولها هي أنه لم يؤخذ رأيها في الزواج منه صريحاً من قبل أمها، وهي تقول لزوجها: إنها لا تريده، وقد راجع بها خلال هذه المدة القراء وبذل كل ما في وسعه؛ لأنه يعتقد أنها مريضة، ولكنها -والله أعلم- تتظاهر بالمرض؛ لأنها لا تريد هذا الرجل زوجاً لها، فضيلة الشيخ: ما هو حق الزوج الشرعي وحق الزوجة في المهر إذا أرادت الزوجة الطلاق في الحالتين التاليتين الأولى: إذا كان خلال هذه المدة لم يجامعها أي: لم تفض البكارة.

    الثانية: إذا جامعها في هذه المدة؟

    الجواب: أولاً: إذا كان الرجل يرى أن المرأة صادقة في قولها أنها لم يؤخذ رأيها فعليه أن يطلقها؛ وذلك لأن النكاح بدون رضا الزوجة غير صحيح، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه حيث قال: (لا تنكح البكر حتى تستأذن)، وإذا كان لم يصدقها بناءً على ما ظهر له من حالها أنها كاذبة فالنكاح صحيح؛ وذلك لأن الزوجة قد تدعي أنها لم يؤخذ رأيها، وقد أخذ ولكنها كرهت الزوج فادعت هذه الدعوى، وعلى كل حال هو إذا رأى أن البنت صالحة وأنها صادقة فالواجب عليه أن يصدقها ويقبل قولها ويفارقها، وأما إذا كان يغلب على ظنه أنها كاذبة فلا حرج عليه أن يبقيها ولعل الأحوال تتغير.

    أما بالنسبة للمهر فقد استقر المهر بخلوته بها؛ لأن الخلوة بالمرأة المعقود عليها تقرر المهر على القول الراجح، سواءً جامع أم لم يجامع، لكن إن رأى بناءً على أن أهل المرأة غروه أن يقول لهم: أنا أريد أن تضمنوا لي المهر؛ لأنكم غششتموني، فلا حرج عليه في هذه الحالة؛ لأنهم غروه حيث أوهموه أن المرأة راضية وليست براضية.

    السائل: أهل الزوجة يريدون هذا الزوج ثقة فيه ولأخلاقه؟

    الشيخ: لكن المشكلة الزوجة.

    السائل: الزوجة تقول عند أخذ رأيها: أنها ما أعطت رأيها صريحاً وهي في نفسها تقول: لا أريده، وإنما كانت تبكي ولم تصرح برأيها؟

    الشيخ: هذا البكاء الذي بكته هل أهلها يعلمون، أو يغلب على ظنهم أنها بكت لكراهتها للزوج، أو أنها بكت لفراقها أهلها؟

    السائل: لا أعلم.

    الشيخ: هذه لا بد منها، ولهذا قال بعض العلماء: إن إذن البكر سكوتها، إذا لم تقل: لا أريده، فهذا إذن، قالوا: ولو بكت، وعللوا هذا الكلام بأنها ربما تبكي خوفاً من فراق أهلها لا كراهة للزوج.

    السائل: هي من قبل تقول أنها صرحت أنها لا تريده، ولكن عند كتابة عقد النكاح لما سألتها أمها قالت: إنها بكت ولم تدل برأيها صراحة.

    الشيخ: على كل حال ما دامت صرحت في الأول أنها لا تريده فهذا البكاء بكاء كراهة، فالنكاح غير صحيح، ويجب عليه أن يفارقها، وله أن يرجع أهلها الذين غروه ما أعطاهم من المهر.

    السائل: هل يأخذ المهر كاملاً؟

    الشيخ: يأخذ المهر كاملاً من أهلها إذا كان قد دفعه إليهم.

    حكم الخروج من المسجد أثناء الأذان

    السؤال: أرى بعض الإخوة يقعدون في المسجد للدرس، وعندما يشرع الأذان يخرجون، حيث إنني قرأت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج عند الأذان، فما حكم ذلك؟

    الجواب: في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: [أنه رأى رجلاً خرج بعد الأذان فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم] قال أهل العلم: يحرم الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر، ولكن الحديث هذا ليس فيه صراحة بأن الرجل خرج ليصلي في مسجد آخر، فقد يكون خرج لئلا يصلي، والذي نرى أنه إذا خرج ليصلي في مسجد آخر يعلم أنه أدركه فلا حرج عليه، لكن لا ينبغي أن يفعل لئلا يقتدي به من يخرج ولا يصلي.

    حكم التبرع بالدم للحصول على رخصة القيادة

    السؤال: ما حكم التبرع بالدم لغير حاجة أو ضرورة؟

    الجواب: ما أظن أحداً يطلب منه التبرع بالدم لغير حاجة أو ضرورة.

    السائل: ما يتقدم للرخصة -رخصة القيادة- فالفحص الطبي فيه تبرع بالدم يجب عليك أن تتبرع بالدم.

    الشيخ: يعني: لا يعطونك رخصة إلا إذا تبرعت بالدم؟

    السائل: لا بد من هذا.

    الشيخ: وإن كان ما فيه دم وهو لا يكفيه؟

    الظاهر أن هذا لا يجوز من جهة أن هذا يشبه البيع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم ثمن الدم، لكن لو رغبوا الإنسان وقالوا: ما دام الله مغنيك وعندك دم كثير وافر اعطنا من دمك ربما ننقذ به شخصاً من الموت فهذا لا بأس به، فالتبرع بالدم إذا كان لا يضر الإنسان ما به بأس؛ لأن الدم يعوض سريعاً بخلاف التبرع بالأعضاء، فالأعضاء لو تبرعت بها ما عوضت مرة ثانية.

    السائل: بالنسبة لمثل هذا الفحص، يجب فيه التبرع بالدم؟

    الشيخ: على كل حال: إذا ألزمت بأن تتبرع، وقالوا: لا نعطيك فحصاً أو رخصة إلا بهذا فافعل ما دام لا يضرك.

    وجوب إعطاء الورثة نصيبهم من الإرث

    السؤال: أنا عندي ابن عمره (17) سنة، ثم توفيت أمه وله منها ميراث، والآن اشترى له خاله سيارة فحصل له حادث، وطلبوا قيمة الإصلاح، وهو ليس له علم بالمال هذا، والسيارة كلفت مبلغ (2000) ريال مقابل إصلاحها، هل أعطيه هذا المبلغ؟

    الشيخ: هذا ولد يتيم عندك؟

    السائل: إي نعم.

    الشيخ: وعندك له مال؟

    السائل: عندي له مال. واشترى له خاله سيارة وحصل منها حادث على السيارة وبلغ تكلفة إصلاحها ألفي ريالاً.

    الشيخ: أعطه.

    السائل: وطلب نفس المبلغ هذا وهو ما يدري، أأعطيه؟

    الشيخ: أعطه؛ لأنك لو لم تعطه بقيت السيارة غير صالحة.

    السائل: أعطيه المال كاملاً أم قليلاً قليلاً؟

    الشيخ: أعطه ما يحتاج فقط.

    السائل: عمره 17 سنة.

    الشيخ: هل هو رشيد؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: أعطه كل ماله إذاً!

    حكم الجمع بين الوظيفة والتجارة

    السؤال: هل يجوز لأحدٍ أن يمنع أحداً من المباح؟

    الشيخ: كيف؟

    السائل: يعني: مثلاً الدولة تمنع الشخص من أن يفتح محلاً وهو موظف، وهذا مباح هل يطيعها في هذا الشيء؟

    الجواب: الواجب على الإنسان أن يسمع ويطيع لولاة الأمور إلا في معصية الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (على المؤمن السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإن أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) وأيضاً هذا شرط في العقد: على أنك إما أن تلتزم بواجب الوظيفة، أو تترك الوظيفة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] وقال: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] فالواجب علينا نحن أن نطيع ولاة أمورنا في كل ما يأمرون به ما لم يأمروا بمعصية، فإن أمروا بمعصية فلا سمع لهم ولا طاعة فيما أمروا به من معصية الله.

    كيفية الترديد بعد الأذان مع كثرة المؤذنين

    السؤال: يتتابع المؤذنون فهل يلزم إجابة كل من سمعت مع أن الأذان يستمر لمدة نحو ربع ساعة، أو يكتفى بالأول؟

    الجواب: جاء في السؤال وإجابة المؤذن ليست بلازمة لا في أول مؤذن ولا في آخر مؤذن، لكن قل: هل يشرع ويستحب؟ فأنا أقول: الفقهاء رحمهم الله يقولون: إنه يجيب المؤذن كلما سمعه ولو تعدد المؤذنون، واستدلوا بعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول المؤذن) وهذا عام، إلا أنهم استثنوا إذا صلى فإنه لا يجيب المؤذن، لو فرضنا أن أحداً من المؤذنين تأخر ولم يؤذن إلا بعد أن صليت، قالوا: لا يجيب المؤذن، وعللوا ذلك: بأنه غير مدعو بهذا الأذان؛ لأن المؤذن يقول: (حي على الصلاة) وأنت قد صليت، فلا تجبه في هذه الحال، ولكن لو أجبته فأنت على خير أخذاً بالعموم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول المؤذن).

    حكم الزواج بابنة الجد

    السؤال: شخص تزوج بابنة جده وآخر تزوج بابنة خاله، فالذي تزوج بابنة جده ماذا يكون؟

    الجواب: الذي تزوج بابنة جده هي عمته أو خالته؛ لأنه إن كان جده من جهة أبيه فهي عمته، وإن كان جده من جهة أمه فهي خالته، وأما أبناء بنته فهم إما بنات خالته وإما بنات عمته، ونكاح بنات العمة أو بنات الخالة جائز.

    من أشراط الساعة

    السؤال: المعلوم أن علم الساعة عند الله سبحانه وتعالى، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر من أشراطها وذكر أماراتها فذكر من أشراطها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: (أنه يقبض العلم، وتكثر الزلازل، وتكثر الفتن)، وكذلك أشراط كثيرة، والآن ما يحدث على الكرة الأرضية من زلازل كثيرة هل هي من أشراط الساعة؟

    الجواب: هذا هو الظاهر أن كثرة الزلازل من أشراط الساعة أو كثرة الفتن من أشراط الساعة، والفتن الآن كما ترون كثيرة، وأشراط الساعة كثيرة، وهذه الزلازل كثيرة، والعلماء الذين هم العلماء حقاً قليلون أيضاً، فكثير من العلماء اليوم إما علماء دولة، وإما علماء أمة، وقلَّ من يكون من علماء الملة.

    الضابط في العبادات

    السؤال: هل هناك ضابط للأذكار، خاصة أننا نجد بعض الجماعات تخصص وقتاً معيناً بعد صلاة المغرب لرفع الأصوات بالذكر عقب الصلاة؟

    الجواب: الضابط في الأذكار أو في غيرها من العبادات ما جاءت به السنة، فما جاءت به السنة فهو حق، وما لم تأت به السنة فهو بدعة؛ لأن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم الدليل على أنها مشروعة، فهل هؤلاء الذين يجتمعون بعد المغرب ويرفعون أصواتهم بالتكبير أو بالتسبيح على وجه جماعي هل جاء مثل هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو جاء عن الخلفاء الراشدين؟

    الجواب: لا. إذاً ما دام لم يأتِ عن الرسول ولا عن الخلفاء الراشدين فليس بسنة فهو بدعة ينهى عنها.

    السائل: وما حكم الصلاة مع هذه الجماعة؟

    الشيخ: يعني: قصدك أن تكون مأموماً فلا بأس أن تصلي خلفهم؛ لأن هذه البدعة لا تكفرهم، أقول: لا تكفرهم، أي: أن هذه البدعة غير مكفرة، إلا إذا خفت إن صليت خلفهم أن يفتتنوا أو يفتتن بهم غيرهم لكونك صليت وراءهم، فهنا لا تصلِّ وراءهم.

    حكم رفع اليدين إلى السرة في تكبيرة الإحرام

    السؤال: بعض الناس يرفع اليدين في تكبيرة الإحرام حول السرة أو فوق السرة قليلاً، فهل رفع اليدين يكون صحيحاً؟ وماذا على الإنسان لو كان عنده علم ثم بعد ذلك تركها ولم يرفع يديه حول المنكبين؟

    الجواب: هذا الرفع الذي ذكرت ليس رفعاً مشروعاً، بل هو عبث منهي عنه؛ لأن الرفع المشروع إما إلى المنكبين، وإما إلى فروع الأذنين، وما تقاصر عن ذلك فهو قصور عن السنة فينهى عنه، ويقال: إما أن ترفع كاملاً، وإما أن تتركه.

    السائل: إذا كان الإنسان عنده علم بذلك يلزمه أن ينبه؟ ولو ترك تنبيهه فماذا عليه؟

    الشيخ: يلزمه أن ينبه؛ لأن الله تعالى قال: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَه [آل عمران:187] وفي هذه الحال يحتاج إلى بيان.

    الرد على أهل البدع في تحريفهم قوله تعالى: (وجاء ربك)

    السؤال: عندنا مدرس في اللغة العربية يقول: إن قول الله سبحانه وتعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22] يجوز من ناحية اللغة أن نقول: (جاء أمر ربك) ما نقصدها عقيدة، نقصد توضيح المضاف والمضاف إليه، فما قولكم في هذا؟

    الجواب: قولنا: إن هذا غلط منه، فإذا قلت إن معنى: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22] في اللغة: وجاء أمر ربك، فقد كذبت على اللغة؛ لأن اللغة تجعل حكم الفاعل للفعل، فإذا جاء في اللغة: جاء فلان، فالمراد جاء هو نفسه، كذلك لما قال تعالى عن نفسه: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22] فالمعنى: جاء هو بنفسه، وليس المعنى: جاء أمره، ومن زعم ذلك فقد كذب على اللغة العربية، ولا يجوز إقراره، والذي أعلم من جامعة الإمام محمد بن سعود أن هذا الذي قرره ابن عقيل رحمه الله الذي شرح الألفية علقوا عليه أو نبهوا الأساتذة على أن يبينوا أن هذا خطأ.

    حكم تخصيص يوم الجمعة بزيارة المقابر

    السؤال: ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح ذكر: أن الميت يعلم بزيارة الزائر في يوم الجمعة، وخص ذلك بيوم الجمعة، وما أدري ما دليله؟ وهل الآثار التي أوردها صحيحة، أم فيها ضعف؟

    الجواب: أما الآثار التي أوردها لا أدري عنها، وأما تخصيص ذلك بيوم الجمعة فلا وجه له، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (زوروا القبور فإنها تذكر الموت)، وثبت عنه أنه زار البقيع ليلاً كما في حديث عائشة الطويل المشهور، وعلى هذا فتخصيص معرفته للزائر بيوم الجمعة لا وجه له، كذلك روى أصحاب السنن بسندٍ صححه ابن عبد البر وأقره ابن القيم في كتاب الروح، أنه (ما من رجل يسلم على مسلم يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام في أي وقت).

    وضوء المرأة لا ينتقض بمسها عورة الطفل

    السؤال: هل للطفل عورة، يعني: عورة الطفل إذا مستها المرأة هل ينتقض الوضوء؟

    الجواب: لا ينتقض وضوء المرأة إذا هي غسلت ولدها ومست ذكره أو فرجه؛ لأن ذلك لا ينقض الوضوء، حتى مس الرجل ذكره لا ينقض الوضوء إلا إذا كان بشهوة، أما إذا كان لغير شهوة فيستحب الوضوء ولا يجب.

    حكم إخفاء المرأة المال الذي يأتي لولدها عن زوجها

    السؤال: امرأة لديها ولد، وهذا الولد تأتيه مكافأة من المدرسة، وأبوه شديد الحرص، فيقول: لا يأتي مال إلا ويعطى إليَّ، فهذه المرأة تخفي هذا المال الذي يأتيه بحجة أنها تنفق على هذا الولد، وما يلزم البيت؛ لأنها لو طلبت من هذا الرجل قد لا يعطيها شيئاً، ولأدى إلى منازعات، فما رأي فضيلتكم في هذا؟

    الجواب: أما ما تجحده على الأب من أجل إنفاقه على الولد فلا بأس به، أما من أجل إنفاقه على البيت فلا يجوز لها أن تأخذ من مال الولد؛ لأن نفقة البيت على الأب، هو الذي يجب عليه أن ينفق، ولها أن تأخذ من مال الأب للإنفاق على البيت، وإن لم يعلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفتى بذلك هند بنت عتبة ، لما جاءت تشتكي أبا سفيان بأنه رجل شحيح لا يعطيها ما يكفيها وولدها قال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).

    السائل: وإذا كان الولد نفسه يخفي من أجل أن ينفق على نفسه؛ لأنه يخاف من أبيه؟

    الشيخ: المهم ما دام يحتاج إلى النفقة فلا بأس أن يخفي عن أبيه ما يحتاجه من نفقة.

    الشرك والكفر لا يطلقان على شخص معين حتى تقوم عليه الحجة

    السؤال: تكلم أحد الإخوة بالشرك الأكبر كدعاء غير الله أو الاستغاثة بغير الله، هل يطلق عليه أنه مشرك بعينه، أو هناك فرق بين مسائل الجلية والخفية؟

    الجواب: يقال: من فعل هذا فهو مشرك، من ترك الصلاة فهو كافر، لكن لا يحكم بهذا الحكم على شخص معين حتى تقوم عليه حجة، إما بأن يكون عالماً ولكنه متهاون أو مستكبر أو ما أشبه ذلك.

    السائل: بالنسبة لقيام الحجة ما دام أنه يقول لا إله إلا الله ويصلي ويعمل بعض شعائر الإسلام؟

    الشيخ: لكن لا إله إلا الله لها شروط ولها نواقض والشرك يناقضها وترك الصلاة يناقضها.

    السائل: ذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في رسالة الفكاك من وله الإشراك في تكفير المعين، يقول: مثل هذا قامت عليه الحجة، فهذه مسائل جلية إلا من نشأ بدار بعيدة عن دار الإسلام فلا نقول: هذا مشرك بعينه؟

    الشيخ: يفهم أن الشرك حرام، ويفهم أن الشرك موجب للخلود في النار، ويفهم أن من أشرك بالله حرم الله عليه الجنة، لكن قد لا يدري أن هذه مسألة بعينها شرك وهذا وارد.

    حكم اشتراك الموظف في تجارة بماله فقط دون أن يعمل

    السؤال: رجل موظف لدى الحكومة ولكن لا يكفيه راتبه ويعمل مع اثنين أو ثلاثة كمشاركة، يعني: دفع مالاً لديه واشتغل معهم باسم أحدهم فهل في ذلك شيء؟

    الجواب: الذي نرى أن الموظف له أن يدفع ماله لشخص مضاربة، يعني يقول: خذ هذا المال اتجر به ولي نصف الربح ولك نصف الربح؛ لأن الموظف الآن لم يباشر العمل، أما إذا شاركه وباشر معه العمل فهذا لا يجوز؛ لأن ذلك ممنوع بنظام الموظفين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718756

    عدد مرات الحفظ

    768427542