إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [52]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا اللقاء تفسير آيات من سورة الأعلى، حيث بين أن الله سبحانه وتعالى عالم بما يجهر به العباد وبما يسرونه ويكنونه من الأقوال والأفعال، كما رد من خلال الآيات على من يحتج بالقدر على المعاصي.

    1.   

    تفسير آيات من سورة الأعلى

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الثاني والخمسون من اللقاءات الأسبوعية التي تعقد في كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا هو لقاء الأسبوع الثالث من شهر شوال عام (1414هـ)، نتكلم فيه أولاً على ما بقي من سورة سبح اسم ربك الأعلى من قوله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى * وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى [الأعلى:6-8].

    وعد الله لنبيه بإقرائه القرآن

    فهذا وعد من الله سبحانه وتعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أنه يقرئه القرآن ولا ينساه الرسول، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعجل إذا جاء جبريل يلقي عليه الوحي، فقال الله له: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة:16-19]، فصار النبي صلى الله عليه وسلم ينصت حتى ينتهي جبريل من قراءة الوحي ثم يقرؤه.

    وهنا يقول: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى * إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ [الأعلى:6-7] يعني: إلا ما شاء الله أن تنساه، فإن الأمر بيده كما قال عز وجل: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39] وقال: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ [البقرة:106-107] وربما ينسى النبي صلى الله عليه وسلم آية من كتاب الله تعالى، ولكنه سرعان ما يذكرها صلى الله عليه وسلم.

    وقوله تعالى: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى [الأعلى:7] أي: أن الله تعالى يعلم ما يجهر به الإنسان ويتكلم به مسموعاً وَمَا يَخْفَى [الأعلى:7] أي: ما يكون خفياً لا يظهر، فإن الله يعلمه كما قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ [قّ:16] فهو عز وجل يعلم الجهر، ويعلم أيضاً ما يخفى.

    وعد الله لنبيه بتيسيره لليسرى

    قال تعالى: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى [الأعلى:8] هذا أيضاً وعد من الله عز وجل لرسوله عليه الصلاة والسلام أن ييسره لليسرى، فما هي اليسرى؟

    اليسرى: أن تكون الأمور ميسرة لا سيما في طاعة الله عز وجل، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (ما منكم من أحد إلا وقد كُتب مقعده من الجنة ومقعده من النار -كل بني آدم مكتوبة مقاعدهم من الجنة إن كانوا من أهل الجنة، ومقاعدهم من النار إن كانوا من أهل النار- قالوا: يا رسول الله! أفلا ندع العمل ونتكل على ما كتب؟ قال: لا. اعملوا فكل ميسر لما خلق له، فأهل السعادة ميسرون لعمل أهل السعادة، وأهل الشقاوة ميسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:5-7] ).

    وهذا الحديث يقطع حجة من يحتج بالقدر على معاصي الله؛ فيعصي الله ويقول: هذا مكتوب عليَّ.

    فنقول له: هذا غلط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) هل يحجزك أحد عن العمل الصالح لو أردته؟ أبداً.

    هل يجبرك أحد على المعصية لو لم تردها؟ أبداً.

    ولهذا لو أن أحداً أجبرك على المعصية وأكرهك عليها لم يكن عليك إثم، ولا يترتب على فعلك لها ما يترتب على فعل المختار لها، حتى الكفر وهو أعظم الذنوب قال الله تعالى فيه: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106].

    إذاً نقول: اعمل أيها الإنسان! اعمل الخير وتجنب الشر؛ حتى ييسرك الله لليسرى ويجنبك العسرى، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وعده الله تعالى بأن ييسره لليسرى، فيسهل عليه الأمور؛ ولهذا لم يقع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة وضيق إلا ووجد المخرج صلى الله عليه وسلم.

    معنى قوله تعالى: (فذكر إن نفعت الذكرى)

    أمره تعالى أن يذكِّر فقال: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى [الأعلى:9] يعني: ذكِّر الناس .. ذكرهم بأيام الله، ذكرهم بآيات الله، عظهم إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى [الأعلى:9] يعني: في محل تنفع فيه الذكرى؛ وعلى هذا فتكون (إن) شرطية، والمعنى: إن نفعت الذكرى فذكر، وإن لم تنفع فلا تذكر، أي: لا فائدة من تذكير قوم تعلم أنهم لا ينتفعون، هذا ما قيل في هذه الآية.

    وقال بعض العلماء: ذكِّر على كل حال، فإن كل هؤلاء القوم تنفع فيهم الذكرى، فيكون الشرط هنا ليس المقصود به أنه لا يذكر إلا إذا نفعت، بل المعنى: ذكر إن كان هؤلاء القوم ينفع فيهم التذكير. فالمعنى على هذا القول: ذكر بكل حال، والذكرى سوف تنفع .. تنفع من؟ تنفع المؤمنين، وتنفع المذكر أيضاً، فالمذكِّر منتفع على كل حال، والمذكَّر إن انتفع بها فهو مؤمن، وإن لم ينتفع بها فإن ذلك لا ينقص من أجر المذكِّر شيئاً.

    إذاً: نحن نذكِّر سواء نفعت الذكرى أم لم تنفع.

    وقال بعض العلماء: إن ظن أن الذكرى تنفع وجبت، وإن ظن أنها لا تنفع فهو مخير إن شاء ذكر وإن شاء لم يذكر، ولكن على كل حال نقول: لا بد من التذكير حتى وإن ظننت أنها لا تنفع، فإنها سوف تنفعك أنت، وسوف يعلم الناس أن هذا الشيء الذي ذكرتهم به إما واجب وإما حرام، وإن سكت والناس يفعلون المحرم أو يتركون الواجب قالوا: لو كان هذا محرماً لذكر به العلماء، أو لو كان هذا واجباً لذكر به العلماء، فلا بد من التذكير، ولا بد من نشر الشريعة سواء نفعت الموعظة أم لم تنفع.

    ثم ذكَرَ الله عز وجل من سيذكَّر ومن لا يذكَّر، وسنتكلم على ذلك إن شاء الله في اللقاء القادم حتى يكون عندنا وقت أكثر للأسئلة.

    1.   

    الأسئلة

    حكم من لا يعمل بما ينصح به

    السؤال: ما الحكم في الناصح عموماً والمدرس خصوصاً الذي يحث طلابه على شيء من الطاعات لا يفعله، كالسنن الرواتب، وينهى طلابه عن شيء يفعله من المعاصي، وهل يدخل هذا ضمن الحديث الذي ورد في ذلك؟ أفيدونا وفقكم الله.

    الجواب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    الواجب على العبد أن يصلح نفسه أولاً، ثم يسعى في إصلاح غيره، فهنا واجبان: واجب للنفس وواجب للغير.

    فالعاقل يبدأ أولاً بنفسه ثم يحاول إصلاح غيره، وقد أنكر الله عز وجل على من يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم فقال تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44] ولكن مع ذلك فالواجب على هذا الإنسان أن يأمر بالمعروف وإن كان لا يفعله، وكذلك يجب عليه أن ينهى عن المنكر وإن كان يفعله، لأنه لو ترك الأمر بالمعروف وهو لا يفعله أضاع واجبين، ولو ترك النهي عن المنكر وهو يفعله أضاع واجبين أيضاً، فإذا أضاع أحد الواجبين وجب عليه الثاني، ولو أن الإنسان لا يأمر إلا بما يفعل ولا ينهى إلا عما ترك لسقط كثير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    وأضرب لهذا مثلاً برجل ينهى عن الغيبة، والغيبة هي: ذكرك أخاك بما يكره، لكن هو يغتاب الناس، هل نقول: لا تنه عن الغيبة لأنك تغتاب الناس؟ لو قلنا بهذا لكان أكثر الناس لا ينهون عن الغيبة، من الذي يسلم من الغيبة إلا من شاء الله؟ لهذا نقول: مُر بالمعروف وإن كنت لا تفعله، لكن ذلك سوف يكون حجة عليك يوم القيامة، وانهَ عن المنكر وإن كنت تفعله، ولكن هذا سيكون حجة عليك يوم القيامة.

    أما عن الحديث الصحيح الذي أشار إليه السائل فهو قوله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالرجل يوم القيامة فتندلق أقتاب بطنه -يعني: أمعاؤه والعياذ بالله- فيدور عليها كما يدور الحمار على الرحى، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: يا فلان! ما لك؟ ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه).

    حكم الرضيع من الزوج الأول بالنسبة لبنات الزوج الثاني

    السؤال: امرأة تزوجت رجلاً وأنجبت منه بنات، ثم أرضعت مع هؤلاء البنات ولداً وأصبح أخاً لهن من الرضاعة، ثم طلقت هذه المرأة وتزوجت من شخص آخر وأنجبت منه بنات، فهل يكون هذا الولد أخاً لهؤلاء البنات اللاتي أنجبتهن من الزوج الآخر؟

    الجواب: يقول: امرأة لها بنات، وأرضعت طفلاً، ثم تزوجت بعد زوجها زوجاً آخر وأنجبت منه بنات، فهل بنات الزوج الثاني يكن أخوات للطفل الذي رضع منها وهي في حبال الزوج الأول؟ هذا هو السؤال، والجواب: نعم. بناتها من الزوج الثاني أخوات للطفل الذي رضع منها وهي في حبال الزوج الأول، لكنهن أخوات له من الأم؛ لأن الأم واحدة، وهنا نقول: الرضاع كالنسب، فكما أن الإنسان يكون له أخوات من الأم في النسب فإنه يكون له أخوات من الأم في الرضاع، وكذلك يكون للإنسان أخوات من الأب في النسب ويكون له أخوات من الأب في الرضاع، ويكون له أخوات شقيقات في النسب، ويكون له أخوات شقيقات في الرضاع.

    ضابط الطاهر والنجس في الجلود

    السؤال: ما هو الضابط في استخدام الجلود سواء كانت مأكولة اللحم أو غير مأكولة اللحم، وسواء كانت مدبوغة أو غير مدبوغة؟

    الجواب: أما جلود ما يحل بالذكاة فإنها طاهرة؛ لأنها صارت طيبة بالذكاة، كجلود الإبل والبقر والغنم والظباء والأرانب وغيرها، سواء دبغت أم لم تدبغ، وأما جلود غير المأكول كجلود الكلاب والذئاب والأسود والفيلة وما أشبهها فإنها نجسة، سواء ذبحت أو ماتت أو قتلت؛ لأنه وإن ذبحت لا تحل ولا تكون طيبة، فهي نجسة، وسواء دبغت أم لم تدبغ على القول الراجح؛ لأن القول الراجح: أن الجلود النجسة لا تطهر بالدباغ إذا كانت من حيوان لا يحل بالذكاة، أما جلود ما يموت قبل أن يذكى مما يؤكل لحمه فإنها إذا دبغت صارت طاهرة، وقبل الدبغ هي نجسة، فصارت الجلود الآن على ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: طاهر، دبغ أم لم يدبغ، وهو جلود الحيوان المذكى إذا كان يؤكل.

    القسم الثاني: جلود لا تطهر لا بعد الدبغ ولا قبل الدبغ، فهي نجسة، وهي جلود ما لا يؤكل لحمه.

    القسم الثالث: جلود تطهر بعد الدبغ ولا تطهر قبله، وهي جلود ما يؤكل لحمه إذا ماتت بغير ذكاة.

    المسافر إذا صلى خلف إمام مقيم

    السؤال: صلاة المسافر خلف الإمام المقيم، هل له القصر أم يجب عليه الإتمام؟ وما هو حكم من قصر خلف إمام مقيم خمس صلوات؟

    الجواب: الواجب على المسافر إذا صلى خلف الإمام المقيم أن يتم، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) ولأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون خلف أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في الحج في منى ، فكان يصلي بهم أربعاً فيصلون معه أربعاً؛ ولأن ابن عباس رضي الله عنهما سئل: عن رجل مسافر يصلي وحده ركعتين ومع الإمام أربعاً، قال: [تلك هي السنة].

    وهذا واضح إذا ما دخل المسافر مع الإمام من أول الصلاة، لكن لو أدرك معه الركعتين الأخيرتين فهل يسلم؛ لأنه صلى ركعتين وفرضه ركعتان أو يأتي بما بقي؟

    نقول: يأتي بما بقي، فيتم أربعاً لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)؛ ولأن المأموم في هذه الحال ارتبطت صلاته بالإمام فلزم أن يتابعه حتى فيما فاته.

    وأما من فعل ذلك فيما سبق، فكان يصلي ركعتين خلف إمام مقيم، فإنه يجب عليه إعادة ما صلاه فوراً متتابعة، وليس كما يفهمه بعض العوام أن الإنسان إذا كان عليه صلوات متعددة صلى كل صلاة في وقت مثلها، يعني: إذا فاته خمس صلوات -مثلاً- فإنه يصلي الظهر مع الظهر، والعصر مع العصر، والمغرب مع المغرب، والعشاء مع العشاء، والفجر مع الفجر، وليس الأمر كذلك؛ بل صلها تباعاً في آن واحد.

    فيجب على الإنسان الذي قصر مع إمام مقيم أن يعيد تلك الصلوات ولو كان لا يعلم؛ لأنه لو كان يعلم لأثم، أما الآن فيسقط عنه الإثم لأنه لا يعلم، لكن ذمته تكون مشغولة بما فاته من الصلوات، فعليه أن يتحرى عدد الصلوات التي صلاها ويجتهد في ذلك ويعيدها.

    السنة في دخول الرجل على أهله ليلة العرس

    السؤال: ما هو ضابط السنة في الدخول على الأهل ليلة الفرح؛ لأنه أشكل على كثير من الناس أنه يقرأ سورة البقرة ويصلي، وهذه عادة منتشرة الآن عند كثير من الناس؟

    الجواب: إذا دخل الرجل على زوجته أول ما يدخل فإنه يأخذ بناصيتها -يعني: مقدم رأسها- ويقول: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) ولكن إذا كان يخشى أن المرأة تنـزعج إذا أخذ بناصيتها وقال هذا الدعاء؛ فإن بإمكانه أن يأخذ بناصيتها كأنما يريد أن يقبلها، ويقول هذا الذكر بينه وبين نفسه من غير أن تسمع، يقول بلسانه وينطق به لكن من غير أن تسمع لئلا تنـزعج، وإذا كانت المرأة طالبة علم تعرف أن هذا مشروع فلا حرج عليه أن يفعل ويسمعها إياه.

    وأما صلاة ركعتين عند دخوله الغرفة التي فيها الزوجة فقد ورد عن بعض السلف أنه كان يفعل ذلك، فإن فعله الإنسان فحسن وإن لم يفعله فلا حرج عليه، وأما قراءة البقرة أو غيرها من السور فلا أعلم له أصلاً.

    حكم العرضات الشعبية

    السؤال: ما حكم العرضة الشعبية التي يتخللها الزير والشعر النبطي الذي لا يخلو من الهجاء والغزل والمدح والذم، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: العرضة الشعبية إذا لم يكن لها سبب فإنها من العبث واللهو، وإذا كان لها سبب كأيام العيد فإنه لا بأس به، لا بأس أن يلعب الناس بالسيوف والبنادق وما أشبهها، وأن يضربوا بالدف، أما الطبل والزير والأغاني التي تتضمن الهجاء والسب فهي محرمة ولا يجوز للإنسان أن يحضر مثل هذه العرضات، ويجب النهي عنها ونصيحة الناس بعدم حضورها؛ لأن مجالس المنكر إذا حضرها الإنسان شاركهم في الإثم وإن لم يفعل، لقول الله تبارك وتعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً [النساء:140].

    من أحكام سجود السهو

    السؤال: إذا كان الإمام يصلي الظهر وأتى بركعة خامسة فهل يسجد للسهو قبل السلام أو بعد السلام؟ وهل على المأمومين الذين فاتتهم بعض الركعات أن يسجدوا مع الإمام أم يقضوا ما فاتهم، جزاك الله خيراً؟

    الجواب: نعم. إذا زاد الإمام في صلاته ركعة مثل أن يصلي الظهر خمساً فإن عليه أن يسجد للسهو، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر خمساً، فلما سلم قالوا له: يا رسول الله! أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه، واتجه إلى القبلة وسجد سجدتين).

    وعلى هذا فنقول: إذا زدت في صلاتك ركعة كخامسة في رباعية، ورابعة في ثلاثية، وثالثة في ثنائية؛ فإنك تسجد للسهو بعد السلام، كما يدل عليه حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أما المسبوق فإنه لا يسجد مع الإمام إذا كان سجوده بعد السلام؛ لأنه لا يمكنه متابعة الإمام، إذ أن الإمام سوف يسلم، وهذا المسبوق لن يسلم فيقوم المسبوق، ثم إن كان السهو الذي سجد من أجله الإمام قبل أن يدخل معه هذا المسبوق فلا سجود عليه، وإن كان السهو الذي سجد من أجله الإمام بعد أن دخل هذا المسبوق معه فإنه إذا سلم من صلاته -أعني: المسبوق- سجد سجدتين.

    واعلم أن السجود بعد التسليم لا بد فيه من السلام بعد السجدة الثانية.

    حكم الاقتصار على توحيد الربوبية في الدعوة

    السؤال: ما حكم من يقتصر في دعوته للناس على توحيد الربوبية ولا يتكلم عن أنواع التوحيد الأخرى، ويتكلم في فضائل الأعمال، وعندما يناقش في ذلك يقول: الناس لا يستفيدون من كلامكم في التوحيد، ونحن نريد أن ندل الناس على الحسنات، ونريد أن ندل الناس على أبواب الخير، فما قولكم في هذا؟

    الجواب: الذي يقتصر على تقرير توحيد الربوبية دون توحيد الألوهية والأسماء والصفات لا شك أنه قاصر أو مقصر، فتوحيد الربوبية لا يغني عن توحيد الألوهية، ولو كان يغني عن توحيد الألوهية لم يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم المشركين في عهده؛ لأن المشركين في عهده كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87] وقال تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزمر:38] فهم يقرون بالربوبية ويعلمون أن الله عز وجل رب واحد لا شريك له، لكن لا يقرون بتوحيد الألوهية، فكانوا يقولون: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5].

    فلا بد من تقرير توحيد الربوبية، وتقرير توحيد الألوهية، وتقرير توحيد الأسماء والصفات عند الحاجة إليه. لا بد من هذا.

    وفضائل الأعمال لا شك أن ذكرها يثير النفس ويرغبها في الأعمال الصالحة، لكن إذا كان الإنسان لديه أعمال صالحة، وكان مخلاً بالتوحيد فعلى أي شيء يبني أعماله الصالحة؟! التوحيد هو الأساس، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن : (وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)، فلا بد من تقرير وتحقيق توحيد الربوبية وتقرير وتحقيق توحيد الألوهية، أرأيت لو أن شخصاً يؤمن بربوبية الله عز وجل إيماناً كاملاً لكنه يسجد للصنم أو للولي، هل نقول: هذا موحد؟ لا. نقول: هذا مشرك، قد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.

    الرد على من يدعي أن توحيد الألوهية أمر محدث

    السؤال: إذا كان الرجل يكره توحيد الألوهية ويقول: إن هذا مما أحدثه محمد بن عبد الوهاب النجدي ، فبماذا نرد عليه؟

    الجواب: نرد عليه بأن نقول: هل محمد بن عبد الوهاب النجدي قبل القرآن، أم بعد القرآن؟

    سيقول: بعد القرآن قطعاً؛ فنقول له: القرآن كله مملوء بتحقيق توحيد الألوهية، ونسرد له بعض الآيات في ذلك: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18] .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] .. وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25] .. وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36].

    والآيات في هذا كثيرة، والقرآن مملوء بها، إذاً: القرآن هو الذي دعا إلى توحيد الألوهية وأوجبه وألزم الناس به.

    حكم من يذهب إلى الجهاد ويترك طلب العلم

    السؤال: كثيراً ما نرى شباباً يذهبون إلى الجهاد، ثم إذا عادوا يندمون على أنهم لم يطلبوا العلم الشرعي، فما توجيهكم للذين يريدون الذهاب للجهاد حديثاً؟

    الجواب: الإنسان طبيب نفسه، وقد نقول للشخص: الأفضل أن تتفرغ لطلب العلم، ونقول لآخر: الأفضل أن تذهب إلى الجهاد. إذا كان للإنسان رغبة في طلب العلم، وكان وعاءً للعلم: عنده حافظة، وفهم، وذكاء، وهو في الجهاد ليس بذاك، إنسان جبان، إنسان ضعيف البدن، فهنا نأمره بطلب العلم الشرعي، وعلى العكس من ذلك، لو كان رجلاً قوي البدن، شجاعاً، مقداماً، عارفاً بآلات الحرب، لكن في العلم ضعيف الذاكرة، قليل الفهم، فهنا نقول له: اذهب إلى الجهاد، وإذا كان هناك رجل ذكي حافظ قوي البدن لكنه يلحقه ملل وكسل في طلب العلم وعنده رغبة في الجهاد نقول له: جاهد. فالإنسان طبيب نفسه، وكل إنسان يمكن أن نخاطبه بشيء غير الذي نخاطب به الرجل الآخر حسب ما يليق بحال كل واحد.

    حكم مصارعة الثيران

    السؤال: في بعض البلاد تقام في المناسبات وباجتماع كثير من الناس مصارعة بين الثيران، ويأخذ صاحب الثور الفائز مبلغاً من المال، فهل في هذا العمل محذور شرعي؟ والمال الذي يأخذه صاحب الثور هل يحل له أخذه؟

    الجواب: إذا كان في المصارعة بين الثيران ضرر على الثور فإنها حرام؛ لأنه لا يجوز أن نؤذي الحيوان أو أن نشق عليه، وإذا لم يكن بها ألم فإنها عبث ولهو لا خير فيها ولا فائدة منها، وهي مضيعة للوقت، وشراء الثيران من أجل هذه المصارعة إضاعة للمال، وأما إن كانت المصارعة على عوض فإنها حرام بكل حال.

    فصار الآن الحكم في مصارعة الثيران: إن كانت تضر الثيران فهي حرام، أو بعوض فهي حرام، وإذا لم تكن كذلك فهي مضيعة للوقت مضيعة للمال، فلا يليق بعاقل أن يفعلها، وكذلك ننصح إخواننا الذين تروق لهم هذه المصارعة ويضيعون عليها أوقاتاً طويلة في مشاهدتها في التلفزيون نقول لهم: إن الوقت أغلى من أن يفنى في هذا العبث الذي لا خير فيه.

    معنى حديث : (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري)

    السؤال: ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله عن الله عز وجل: (الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري) هل هذا من أحاديث الصفات؟

    الجواب: نعم. هذا الحديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم هو حديث صحيح نأخذه بظاهره، ولكننا لا نتعرض لكيفيته كسائر الصفات؛ لأن كل ما ورد من صفات الله عز وجل فالواجب على المسلم قبوله واعتقاده، لكن دون تكييف أو تمثيل، فهل نعتقد أن هذا الإزار وهذا الرداء كأرديتنا وأزرنا؟ لا؛ أبداً. يقيناً أنه ليس كذلك، لأن الله تعالى يقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].

    حكم صيام من داعب امرأته فأمذى

    السؤال: صام إنسان صيام تطوع، فداعب امرأته حتى خرج المذي، فماذا عليه؟

    الجواب: إذا داعب الصائم امرأته في فريضة أو نافلة فنـزل منه المذي فإن صومه لا يفسد، لا الفرض ولا النفل، فالصوم صحيح ولا حرج عليه، أما إذا نزل منه المني فإنه يفسد صومه سواء كان ذلك في فريضة أم نافلة، ولا يحل لإنسان أن يداعب زوجته إذا عرف من نفسه أنه ينزل بهذه المداعبة؛ لأن بعض الناس يكون سريع الإنزال، فبمجرد ما يداعب المرأة أو يقبلها مثلاً أو ما أشبه ذلك ينزل، فنقول لهذا الرجل: لا يحل لك أن تداعب امرأتك ما دمت تخشى أن تنـزل.

    حكم كشف المرأة شيئاً من جسدها أمام النساء

    السؤال: هل يجوز للمرأة أن تكشف شيئاً من صدرها، أو ما يسمى بالضلع أو ذراعيها أو من ساقيها عند النساء؟

    الجواب: أما الذراعان فلا بأس أن تخرجهما عند النساء، وأما الرقبة فلا بأس أيضاً أن تظهرها عند النساء وكذلك الرأس، ولكننا ننصح نساءنا بنصيحة نرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها فنقول: كلما كانت الألبسة أضفى وأستر فهو أنفع لهن، وننهاهن أن يتتبعن ما يكون في هذه المجلات فيصنعن ما يعرض فيها؛ لأن هذا يجر المرأة إلى أن تتشبه بالنساء الكافرات سواء رضيت أم لم ترضَ، وكلما كانت النساء أستر فهو أفضل.

    وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن نساء الصحابة كن يلبسن دروعاً -يعني: القمص- تكون ساترة من الكف إلى الكعب، من كف اليد إلى كعب الرجل، وهذا هو الأفضل. والساق لا بأس أن يخرج، لكن لا نقول تلبس ثوباً يصل إلى الركبة؛ لأن هذا يخشى منه؛ لأن النساء يتدرجن حتى ترفع ثيابهن عن ذلك، لكن لو أن امرأة -مثلاً- رفعت ثوبها لتعمل عملاً من الأعمال وأختها تشاهدها فإن ذلك لا بأس به، أما أن يكون الثوب مفصلاً إلى الركبة فلا نرى ذلك بل نرى أنه يكون إلى الكعب.

    حكم التكبير أيام العيد بمكبر الصوت

    السؤال: ما رأيكم فيمن يكبر في المسجد بالميكرفون في أيام العيد ويتابعه العامة؟

    الجواب: نرى أن هذا لا ينبغي؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يكبرون كما يكبرون في الأذان، ما كانوا يقصدون الأماكن المرتفعة ليكبروا عليها، بل كانوا يكبرون في أسواقهم، ومساجدهم، وبيوتهم، ومخيماتهم وفي منى دون أن يتقصدوا شيئاً عالياً يكبرون عليه، فأخشى أن يكون ذلك من باب التنطع الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون) والتنطع فيه الهلاك -والعياذ بالله- ليسعنا ما وسع السابقين الأولين.

    حكم ضم فصلين مختلفي المرحلة في فصل واحد

    السؤال: في بعض المناطق التعليمية يحدث في القرى أن تضم الفصول بعضها إلى بعض، يعني: يضم الصف الأول مع الصف الثاني، فيحمل المدرس مسئولية أكبر مما يحمَّل مدرس آخر، فما الضابط في هذا الأمر؟

    الجواب: هذا لا يمكن بارك الله فيك؛ لأن مقرر هؤلاء غير مقرر أولئك، فلا بد أن يحصل خلل ونقص، ثم إني أجزم بأن الوزارة لا ترضى بهذا؛ لأن معنى هذا أن الرجل سوف يسقط عن نفسه نصف الحصص، إذا كانت الفصول متساوية، فالواجب أن يدرس كل فصل على حدة، حتى لو لم يكن في الفصل إلا طالب أو طالبة.

    وإذا كانت الوزارة هي التي تقرر ذلك لقلة عدد الطلاب أو لشيء تراه فهذا لها، لكن كلامي فيما إذا كان الأمر على خلاف نظام وزارة المعارف فإنه لا يجوز، وعلى كل حال فهذه المشكلة حلها عند وزارة المعارف وليس عندي.

    الأضحية عن الميت

    السؤال: ما حكم الأضحية عن الميت؟

    الجواب: الأضحية عن الميت إذا كان قد أوصى بها فإنه يضحى بها عنه، وإذا كان لم يوص بها فالدعاء له أفضل من أن يضحى له، فالمشروع أن الأضحية عن الأحياء فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، وأنت إذا ضحيت بالشاة عنك وعن أهل بيتك ونويت بها كل أهل بيتك وأقاربك الذين ماتوا فلا بأس؛ لأنهم يدخلون في العموم، وأما تخصيص الميت بأضحية تبرعاً من عندك فإن هذا ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم يضح النبي صلى الله عليه وسلم عن زوجته خديجة رضي الله عنها مع أنها من أحب النساء إليه، ولم يضح عن عمه حمزة رضي الله عنه مع أنه من أحب الناس إليه، ولم يضح عمن مات من أقاربه وبناته، فدل ذلك على أن هذا ليس بمشروع، ولكن لو أن إنساناً فعل فإننا لا نعيبه، بل نرشده إلى ما هو أفضل وهو الدعاء للميت.

    صلاة العيد وقضائها

    السؤال: هل صلاة العيد فرض عين أم فرض كفاية؟ وإذا فات الإنسان صلاة العيد هل يقضيها أم لا؟

    الجواب: الذي يظهر أن صلاة العيد فرض عين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وإذا فاتته فإنه لا يقضيها؛ لأنه لم يرد قضاؤها بخلاف الجمعة، فإنها إذا فاتته يقضيها، لكن لا نقول يقضي نفس الصلاة، وإنما يصلي ظهراً؛ وذلك لأن هذا الوقت وقت صلاة إما جمعة وإما ظهر، فإذا فاتته الجمعة فإنه يصلي الظهر، أما العيد فإنه إنما يشرع على وجه الاجتماع، إن أدركت هذا الاجتماع فصل وإن لم تدركه فلا تصل.

    حكم من جامع أو احتلم ولم ينزل

    السؤال: رجل أجرى عملية -أكرمكم الله- في ذكره، فصار إذا جامع زوجته لا ينـزل في نفس الوقت، ويقول: أحتلم أحياناً في الليل ولا أنزل، فهل يجب عليه الغسل أم لا؟

    الجواب: أما إذا جامع زوجته فإن عليه الغسل وعليها أيضاً، سواء أنزل أم لم ينـزل؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل) ومعنى جهدها أي: جامعها، وفي لفظ لـمسلم (وإن لم ينـزل).

    وأما إذا كان باحتلام، يعني: احتلم أنه جامع ولكن لم ير شيئاً فإنه لا غسل عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـأم سليم رضي الله عنها حين سألته: (هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم. إذا هي رأت الماء) فاشترط صلى الله عليه وسلم لوجوب الغسل أن ترى الماء.

    اقتناء المجلات الإسلامية التي فيها صور

    السؤال: ما حكم اقتناء المجلات الإسلامية التي فيها صور؟

    الجواب: اقتناء المجلات الإسلامية التي فيها صور لا بأس به؛ لأن الرجل إنما اقتناها لما فيها من الفائدة وليس من أجل الصور، أما المجلات التي أصدرت من أجل الصور وتقتنى من أجل الصور، فإن هذه حرام لا يحل اقتناؤها؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة.

    حكم البيع بالتقسيط مع عدم ملكية البائع للسلعة عند البيع

    السؤال: ما حكم شراء الأراضي عن طريق شركة الراجحي ، وإذا كانت لا تجوز فما هو وجه الشبهة في ذلك؟

    الجواب: إذا كانت الأراضي عند البائع وجاء إنسان يشتري منه أرضاً نقداً فيقول البائع: بعتها عليك بعشرة آلاف، ثم جاء إنسان آخر يشتري أرضاً مثلها لكن ليس معه دراهم فقال صاحب الأرض: أنا أبيع عليك هذه الأرض باثني عشر ألفاً مؤجلة مقسطة، فهذا لا بأس به؛ لأن الأرض عنده، أما إذا قال: أنا أريد شراء أرض وليس عندي دراهم، فأذهب إلى التاجر وأقول: اشتر الأرض لي، ثم بعها عليَّ مقسطة بأكثر مما اشتريتها به فهذا حرام؛ لأن هذا حيلة على الربا، لأن هذا التاجر لو أنك ما أتيت إليه ما اشترى الأرض، فيكون كأنه أقرضك قيمتها بزيادة والقرض بزيادة ربا. (كل قرض جر منفعة فهو ربا)، وهذا القرض جر للمقرض منفعة وهو زيادة الثمن، فهذا حرام وهو من التحايل على محارم الله عز وجل.

    وأما قول التاجر: لو أنَّ هذا الذي اشترى الأرض رجع في شرائه لقبلت أنا الأرض، فهذه كلمة -كما يقولون- من باب ذر الرماد في العيون؛ لأنه من المعلوم أنه قد احتاج الأرض وجاء يتوسل إليك أن تشتريها له ثم تبيعها عليه من المعلوم أنه لن يرجع فهو محتاج لها، فإذا قدر أنه رجع واحد من عشرة آلاف فليس هذا بعبرة، على أني سمعت أن الذي يرجع بعدما يشتري التاجر يكتب في القائمة السوداء بحيث أن التاجر لا يعامله بعد ذلك، وهذا كالتهديد له إن رجع، فسوف يقبل على كل حال.

    فصارت المسألة فيها تفصيل: إن كانت السلعة عند البائع في الأصل قبل أن تأتيه فلا بأس أن يبيعها عليك بأكثر مما تساوي اليوم بثمن مقسط، وإن لم تكن عنده بل اشتراها من أجلك ثم باعها عليك بزيادة فلا يجوز.

    حكم الائتمام بالمسبوق

    السؤال: ما حكم الائتمام بالمسبوق؟

    الجواب: يعني: الائتمام بالمسبوق في حالة قضاء ما فاته، قال العلماء: إنه لا بأس بذلك، فينتقل هذا المأموم من ائتمام إلى إمامة، لكن مع هذا لا ننصح بذلك:

    أولاً: لأنه لم يرد عن الصحابة أن الإنسان إذا قضى ما فاته مع الإمام صلاها جماعة.

    ثانياً: أن بعض العلماء قال: إن هذا لا يصح.

    فيجتنب هذا من باب الاحتياط الداخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وقوله: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) فلا ينبغي فعله حتى وإن قيل بجوازه.

    من صور التحايل على أنظمة الدولة

    السؤال: ما رأي الشرع فيما يفعله كثير من الناس من بيع العقار الذي يستلمه من الحكومة لبناء الأرض على شخص آخر مقابل مبلغ من المال، أي: يضع اسم آخر بدلاً عن اسمه يعطيه اسمه مقابل مبلغ من المال؟

    الجواب: أولاً: إني لا أرى أن تقول لشخص: ما رأي الشرع في هذا؟

    لأن الإنسان لا يمكن أن يكون كل ما يقوله شرعاً، قد يخطئ إنسان، فأنت إما أن تقول: ما رأي الشرع في نظركم، وإما أن تقول: ما رأيكم، أو ما تقولون في كذا.

    نقول في الجواب على هذا السؤال:

    إذا اشترى إنسان أرضاً شراءً صورياً وذهب إلى كاتب العدل وكتبها باسمه، ثم عرضها على صندوق التنمية، والله تعالى يعلم أن هذه الأرض لشخص آخر غير من قدمها، وكذلك صاحبها يعلم ذلك، وكذلك المزور يعلم ذلك، فهل هذا كذب، أو صدق؟ هو كذب، والكذب حرام، والتحيل على أنظمة الدولة التي لا تخالف الشرع بطرق ملتوية خيانة.

    إذاً؛ اجتمع في هذا: الكذب، وخيانة الدولة، والتحيل على أنظمتها، وأنظمة الدولة إذا لم تخالف الشرع تجب مراعاتها؛ لأن الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59].

    فالتحيل على إسقاط أنظمة الدولة كالتحيل على إسقاط شرع الله عز وجل؛ لأن طاعة الدولة فيما ليس بمحرم أمر واجب بإيجاب الله عز وجل، وفهم بعض الناس أو تفاهمهم بأن الدولة لا تجب طاعتها، إلا إذا كان الله قد أمر بهذا الشيء بعينه وهذا الفهم خطأ؛ لأنه إذا كان هذا الشيء قد أمر الله به بعينه صار لزاماً علينا إن كان واجباً أن نقوم به سواء أمرتنا به الدولة أو لم تأمرنا، ونقول: إن الله تعالى لم يأمرك به تفصيلاً لكن أمرك به إجمالاً، فالواجب علينا نحن الرعية الذين في أعناقنا بيعة لولاة أمورنا أن نطيعهم إلا في المعصية.

    لو قالوا مثلاً: نزلوا ثيابكم إلى أسفل الكعبين، قلنا: لا.

    لو قالوا: احلقوا لحاكم. قلنا: لا.

    لو قالوا لنا: اقطعوا أرحامكم. قلنا: لا.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767950734