إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [71]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذه المادة تفسير آيات من سورة البلد بين فيها الشيخ أن يوم القيامة هناك عقبة لا يتجاوزها إلا من فك الرقاب، وأطعم الطعام، وكفل الأيتام، ثم تبع ذلك مبيناً صفات المؤمنين وأنهم يتواصون فيما بينهم بالصبر والثبات على الدين، وبالرحمة للمؤمنين، ثم ختم ذلك مبيناً صفات الكافرين ومن أعظمها التكذيب لآيات الله ورسله، فجزاؤهم النار الموصدة، أي: المغلقة لا تفتح إلا لهم.

    1.   

    تفسير آيات من سورة البلد

    الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو المجلس الحادي والسبعون من المجالس بل من اللقاءات التي تعرف بـ(لقاء الباب المفتوح) وهذا هو يوم الخميس، الخامس والعشرون من شهر ربيع الأول عام (1415هـ).

    نبتدئ هذا اللقاء بتكميل الكلام على سورة البلد حيث وقفنا على قول الله تبارك وتعالى: فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ [البلد:11-13] إلى آخر السورة.

    تفسير قوله تعالى: (فلا اقتحم العقبة)

    قال تعالى: فَلا اقْتَحَمَ [البلد:11] أي: الإنسان الذي كان يقول: أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً [البلد:6] فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [البلد:11] أي: هلا اقتحم العقبة، والاقتحام: هو التجاوز بمشقة، تجاوز الشيء بمشقة يسمى اقتحاماً، والعقبة: هي الطريق في الجبل الوعر، ولا شك أن اقتحام هذه العقبة صعب، شاق على النفوس، لا يتجاوزه أو لا يقوم به إلا من كان عنده نية صادقة في تجاوز هذه العقبة.

    تفسير قوله تعالى: (وما أدراك ما العقبة)

    قال تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ [البلد:12] هذا الاستفهام للتشويق والتفخيم أيضاً، أي: ما الذي أعلمك شأن هذه العقبة التي قال الله عنها: فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [البلد:11]؟ بينها الله بقوله: فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا .... [البلد:16-17] الخ.

    تفسير قوله تعالى: (فك رقبة)

    قال تعالى: فَكُّ رَقَبَةٍ [البلد:13] هي خبر لمبتدأ محذوف والتقدير هي فك رقبة، وفك الرقبة لها معنيان:

    المعنى الأول: فكها من الرق، بحيث يعتق الإنسان العبيد المملوكين سواء كانوا في ملكه فيعتقهم، أو كانوا في ملك غيره فيشتريهم ويعتقهم، هذا نوع.

    المعنى الثاني: فك رقبة من الأسر، فإن فكاك الأسير من أفضل الأعمال إلى الله عز وجل، والأسير ربما لا يفكه العدو إلا بفدية مالية، وربما تكون هذه الفدية باهظة كثيرة، لا يقتحمها إلا من كان عنده إيمان بالله عز وجل بأن يخلف عليه ما أنفق، وأن يثيبه على ما تصدق.

    تفسير قوله تعالى: (أو إطعام في يوم ذي مسغبة)

    قال تعالى: أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ [البلد:14] وهذا من التنويع، وإما إطعام في يوم ذي مسغبة، أي: ذي مجاعة شديدة؛ لأن الناس قد يصابون بالمجاعة الشديدة؛ إما لقلة الحاصل من الثمار والزروع، وإما لأمراض في أجسامهم يأكل الإنسان ولا يشبع، وهذا قد وقع فيما نسمع عنه في البلاد النجدية وربما في غيرها أيضاً، أن الناس يأكلون ولا يشبعون، يأكل الواحد مأكل العشرة ولا يشبع، ويموتون من الجوع فيتساقطون في الأسواق من الجوع، هذه من المساغب.

    أو قلة المحصول بحيث لا تثمر الأشجار، ولا تنبت الزروع؛ فيقل الحاصل وتحصل المسغبة؛ ويموت الناس جوعاً، وربما يهاجرون عن بلادهم، هذه إطعام في يوم ذي مسغبة.

    تفسير قوله تعالى: (يتيماً ذا مقربة)

    قال تعالى: يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ [البلد:15-16] اليتيم: هو من مات أبوه قبل أن يبلغ سواء كان ذكراً أو أنثى، فإن بلغ فإنه لا يكون يتيماً؛ لأنه بلغ وانفصل، وكذلك أيضاً لو ماتت أمه فإنه لا يكون يتيماً خلافاً لما يظنه بعض العامة أن اليتيم من ماتت أمه وهذا ليس بصحيح، اليتيم من مات أبوه، لأنه لو مات أبوه لم يكن له كاسب من الخلق يكسب عليه، وقوله: (ذا مقربة) أي: ذا قرابة من الإنسان؛ لأنه إذا كان يتيماً كان له حظ من الإكرام والصدقات، وإذا كان قريباً ازداد حظه من ذلك؛ لأنه يكون واجب الصلة، فمن جمع هذين الوصفين: اليتم والقرابة فإن الإنفاق عليه من اقتحام العقبة، إذا كان ذلك في يوم مسغبة.

    تفسير قوله تعالى: (أو مسكيناً ذا متربة)

    قال تعالى: أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ [البلد:16] المسكين: هو الذي لا يجد قوته ولا قوت عياله، والمتربة: مكان التراب، والمعنى: أنه مسكين ليس بيديه شيء إلا التراب، ومعلوم أنه إذا قيل عن الرجل: ليس عنده إلا التراب فالمعنى: أنه فقير جداً، ليس عنده طعام، ولا كساء ولا مال، فهو مسكين ذو متربة.

    تفسير قوله تعالى: (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة)

    قال تعالى: ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [البلد:17] (ثم كان) أي: ثم هو بعد ذلك ليس محسناً على اليتامى وعلى المساكين بل هو ذو إيمان بالله ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [البلد:17] (الذين آمنوا) بمن؟ آمنوا بكل ما يجب الإيمان به، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم من الذي يجب الإيمان به حين سأله جبريل عن الإيمان: (الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره).

    وكذلك من الإيمان بالله الأعمال الصالحات، والأعمال الصالحات هي: كل عمل يقرب إلى الله عز وجل، وهو مبني على الإخلاص والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا يكون العمل عملاً صالحاً إلا بنية ومتابعة؛ بنية: أن يكون عملاً خالصاً لله، ومتابعة: بأن يكون العمل على وفق شريعة الله سبحانه وتعالى.

    فلو أن الإنسان عمل عملاً مخلصاً فيه غاية الإخلاص لكنه على خلاف هدي الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقبل منه؛ وذلك لعدم الاتباع، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وكذلك لو كان العمل على وفق الشريعة ظاهراً لكن فيه رياء فإنه لا يقبل ولا يكون عملاً صالحاً؛ لقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه).

    وقوله: (وتواصوا بالصبر) أي: أوصى بعضهم بعضاً بالصبر، والصبر ثلاثة أنواع:

    1- صبر على طاعة الله.

    2- صبر عن معصية الله.

    3- صبر على أقدار الله المؤلمة.

    فهم صابرون متواصون بالصبر، وأي هذه الأنواع أفضل؟

    الأفضل الصبر على طاعة الله، ثم الصبر عن معصية الله، ثم الصبر على أقدار الله المؤلمة، وقد اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة في الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم.

    فهاهو الرسول عليه الصلاة والسلام صابر على طاعة الله، يجاهد في سبيل الله، ويدعو إلى الله، ويؤذى ويعتدى عليه بالضرب، حتى هم المشركون بقتله، وهو مع ذلك صابر محتسب.

    وهو أيضاً صابر عن معصية الله، لا يمكن أن يغدر بأحد، ولا يكذب على أحد، ولا يخون أحداً، وهو أيضاً متقٍ لله تعالى بقدر ما يستطيع، كذلك صابر على طاعة الله، كم أوذي في الله عز وجل من أجل طاعته! أليس قريش قد آذوه حتى إذا رأوه ساجداً تحت الكعبة أمروا من يأتي بسلى ناقة فيضعه على ظهره وهو ساجد عليه الصلاة والسلام، وهو صابر في ذلك كله؟!!

    يوسف عليه الصلاة والسلام صبر على أقدار الله، وقد ألقي في البئر في غيابة الجب، وأوذي في الله في السجن ومع ذلك فهو صابر محتسب لم يتضجر ولم ينكر ما وقع به.

    وقوله: وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أي: أوصى بعضهم بعضاً أن يرحم الآخر، والرحمة رحمة الله عز وجل، أعني: رحمة الإنسان للمخلوقات تكون في البهائم وتكون في الناطق، فهو يرحم آباءه وأمهاته، وأبناءه وبناته، وإخوانه وأخواته، وأعمامه وعماته.. وهكذا، ويرحم كذلك سائر البشر، وهو أيضاً يرحم الحيوان البهيم: فيرحم ناقته وفرسه، وحماره وبقرته، وشاته وغير ذلك، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).

    تفسير قوله تعالى: (أولئك أصحاب الميمنة)

    قال تعالى: أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ [البلد:18] (أولئك) أي: هؤلاء الموصفون بهذه الصفات (أصحاب الميمنة) أي: أصحاب اليمين الذين يؤتون كتابهم يوم القيامة بأيمانهم: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً [الانشقاق:7-9].

    تفسير قوله تعالى: (والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة)

    ثم قال عز وجل: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ [البلد:19] لما ذكر المؤمنين ذكر الكافرين، فقال: (والذين كفروا بآياتنا) أي: جحدوا بها (هم أصحاب المشأمة) الضمير هنا جاء للتوكيد، ولو قيل في غير القرآن: والذين كفروا بآياتنا أصحاب المشأمة لصح، لكن هذا من باب التوكيد، والمشأمة يعني: الشماء أو الشؤم.

    تفسير قوله تعالى: (عليهم نار مؤصدة)

    قال تعالى: عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ [البلد:20] أي: عليهم نار مغلقة -والعياذ بالله- لا يخرجون منها ولا يستطيعون.

    نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    الآيات والسور التي يستحب قراءتها كل يوم

    السؤال: فضيلة الشيخ: هل توجد سور في القرآن يستحب أن تقرأ كل يوم؟

    الجواب: نعم. توجد آيات من القرآن يستحب أن يقرأها الإنسان كل يوم، وكذلك سور، فمن الآيات: آية الكرسي فإنه ينبغي للإنسان أن يقرأها لأنه إذا قرأها لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، سورة تبارك إذا قرأها الإنسان في ليلة كان ذلك من أسباب وقايته عذاب القبر، وفي آيات وسور ليست مقيدة بشيء معين إلا الفاتحة فمعلوم أنه يجب أن تقرأ في الصلاة بل قراءتها في الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها.

    ضرر مشاهدة الأولاد لأفلام الكرتون والبديل النافع لها

    السؤال: فضيلة الشيخ: لا يخفى عليكم حفظكم الله تأثير أفلام الكرتون وما تسمى بالأفلام المتحركة على أخلاق النشء وخاصة في العقيدة، ولكن إذا وجد -وخاصة في هذا الوقت- ما يسمى جهاز وأشرطة الأتاري فهل تكون هذه الأشرطة عوضاً وبدلاً عن أفلام الكرتون؟

    الجواب: نحن يذكر لنا هذا كثيراً بأن أفلام الكرتون التي تنشر في التلفاز أنها مضرة، وربما تكون مضرة في العقيدة، ولكن هل رأيت أو سمعت عن شيء محدد بحيث نعرف هل ينافي العقيدة أو لا؟

    طيب إذاً لا يجوز أن نمكن أولادنا من بنين وبنات في مشاهدة هذا الكرتون ما دام أنه يغير العقيدة .. كيف نجعلهم يشاهدونها؟

    أما شراء بديل فهذا لا بد منه، وهذا البديل هو كما تفضلت به فيم يروج له الآن وهو جهاز صخر، والأتاري، لا أعرفه، فهذا بديل بلا شك، ولو أنه وضع جهاز فيديو ونقلت منه هذه الصورة لأجل أن ينتفع بها الأولاد من بنين وبنات لكان خيراً.

    رجل دخل على امرأة ثم طلقها صارت أمها محرماً له

    السؤال: فضيلة الشيخ: إذا تزوج رجل امرأة وطلقها فهل هذا الزوج يكون محرماً لأم هذه المرأة، وهل أبو هذا الزوج يكون محرماً لهذه المرأة التي طلقها الرجل، وهل من الأحسن زيارتهما، وكذلك زوجة الأب المطلقة هل من الأفضل زيارتها..؟

    الجواب: أما الأول فإن الإنسان إذا تزوج امرأة صارت أمها وجدتها من قبل الأب كلهم محارم للزوج، سواء بقيت الزوجة معه أو طلقت أو فسخت أو ماتت، ما دام أنه عقد على هذه الزوجة عقداً صحيحاً فإن أمهاتها من الأم المباشرة والجدات كلهن محارم.

    وكذلك أبو الزوج، لو أن رجلاً تزوج امرأة ثم طلقها وجب على هذه المرأة أن تستر وجهها عن الزوج إذا انتهت العدة، أما أبوه فيجوز لها أن تكشف وجهها عنده؛ لأنه ما زال محرماً لها.

    أما موضوع الزيارة فهذه مسألة تتعلق بالعرف، إذا جرت العادة في أنهم يتزاورون فيما بينهم فلا بأس، وإلا فليست من الأرحام ما لم تكن قريبة من وجه آخر، أما مجرد أنها زوجة الأب فإنها ليست من ذوي الأرحام.

    حكم الجلوس في بيت أهل الميت للعزاء ودفع المال لهم

    السؤال: فضيلة الشيخ: عندنا من العادات أن يجلسوا ثلاثة أيام للعزاء، وفي نفس الوقت كل فرد يدفع لأهل المتوفى مبلغاً من المال .. فهل يجوز للإنسان أن يشارك في دفع المال دون أن يجلس معهم في العزاء؟

    الجواب: الجلوس للعزاء ليس من السنة، بل صرح العلماء بأنه بدعة، وهو في الواقع أيضاً قد ينبئ عن التسخط على قضاء الله وقدره؛ لأن هؤلاء الذين جلسوا وفتحوا الباب كأنهم يقولون بلسان الحال: يا أيها الناس! إننا أصبنا فأقبلوا علينا بالعزاء، وهذا ليس من عادة السلف إطلاقاً، بل قد كانوا يعدون الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة، لهذا يجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس أن هذا لا يجوز، وربما يتعلق بهذا الحفل أيضاً، أشياء أخرى كترك الصلاة مع الجماعة وما أشبه ذلك.

    فإذا قال: كيف أعزيه؟

    نقول أولاً: العزاء ليس مشروعاً بمجرد الموت، ومشروع للمصاب إذا أصيب الإنسان بموت قريبه أو صديقه، فإنه حينئذ يشرع تعزيته، لكن بدون أن يذهب الإنسان إلى البيت لكن ممكن أن يلقاه في السوق .. يلقاه في المسجد .. وما أشبه ذلك.

    السائل: دفع المال؟

    الشيخ: دفع المال لا يحل؛ لأنه يدفع من التركة، لأن التركة قد يكون فيها أناس صغار لا يمكن أن يأخذوا من المال شيئاً، أما إذا كان من غير الورثة وتبرع به أحد فهذا نقول: إنه تبرع للإعانة على بدعة، ومن أعان على بدعة صار مثل المبتدعين الذين يأثمون ببدعتهم.

    قراءة الفاتحة على الميت من البدع المحدثة

    السؤال: فضيلة الشيخ: سبق لنا في لقاء سابق أن تكلمنا عن موضوع تقديم التعازي لأهل الميت، ونجد في بعض البلاد -وذكرتم ذلك- أنهم يقرءون الفاتحة، إذا تقدم أحد الحاضرين للعزاء يقرأ الفاتحة على الميت.

    الشيخ: على الميت عند القبر؟

    السائل: لا ليس عند القبر، عند أهل الميت.

    الشيخ: يعني: يقرؤها للميت.

    السائل: فنرجو أن تبين لنا هل هناك ضابط معين في تقديم التعازي؟

    الجواب: هذا من إضافة بدعة إلى أخرى، فلم يثبت لا عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا عن الصحابة، ولا علمته أيضاً نقل أن من أساليب العزاء أن تقرأ الفاتحة.

    الطريقة المثلى لمواجهة أخطار الفساد

    السؤال: فضيلة الشيخ: تعلمون أن الشباب في هذا العصر يمرون بأخطار وفتن لا تخفى عليكم، وفي مقابل هذا تعددت بعض وسائل التربية والإصلاح، وكذلك تعددت المناهج، فما ترى يا شيخ في نظرك الطريقة المثلى لمواجهة مثل هذه الأخطار وكذلك إصلاح الشباب؟

    الجواب: أما الأخطار التي تواجه الشباب اليوم من الفتن الكثيرة المقروءة في المجلات والصحف، والمسموعة من بعض الإذاعات، وكذلك ما ينظر ويرى من محطات التلفاز لا شك أنها فتنة عظيمة تحتاج إلى قوة إيمان بالله عز وجل وقوة عزيمة، أما كونها تحتاج إلى الإيمان بالله؛ لأن الإنسان إذا آمن بالله عز وجل يهون عليه كل شيء؛ لأنه يرجو ثواب الله ويخشى عقابه، وأما العزيمة لأن الإنسان إذا لم يكن عنده عزيمة فإنه يبوء بالفشل في جميع أحواله، يقول الشاعر:

    إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة     فإن فساد الرأي أن تتردد

    فنصيحتي أن يبتعدوا عن محلات الفتن، وأن يتوجهوا إلى الله عز وجل، وألا يكون همهم القيل والقال، ماذا قال فلان وماذا قال فلان .. وماذا قالت الحكومة .. وماذا قالت الوزارة وما أشبه ذلك، إلا إذا كان هذا الإنسان الذي يقول مثل هذا الكلام يقوله عند شخص يستطيع أن يغير وينكر فهذا لا بأس به.

    حكم المسافر يصلي بعد مقيم ركعتين ولم يعلم إلا بعد فترة

    السؤال: إذا كان الإنسان مسافراً ووجد أناساً يصلون الظهر وهم مقيمون، ما علم أنهم مقيمون ولم يدرك إلا ركعتين فسلم فبعد الصلاة علم أنهم صلوا أربعاً فما الحكم؟

    الجواب: الواجب عليه أن يعيد هذه الصلاة التي سلم منها، وذلك لأن المسافر إذا دخل مع الإمام صار حكمه حكم الإمام.

    التلفظ بالطلاق لمجرد الإخبار لا يقع

    السؤال: هناك رجل طلق زوجته طلقة واحدة، وبعد مدة راجعها، ثم سئل عن هذه المرأة هل هي في عصمتك أو لا؟ فقال: طلقتها، هل يكون طلاقاً ثانياً أم لا يقع؛ لأنه على نية طلاقه السابق؟

    الجواب: أولاً قولك: إنه راجعها هل راجعها قبل تمام العدة أو بعدها؟

    السائل: أثناء العدة.

    الشيخ: طيب إذاً عادت زوجة له، ثم سئل بعد ذلك؟

    السائل: سئل: هل هي بعصمتك أو كذا؟ فقال: طلقتها، بنية طلاقه السابق.

    الشيخ: إذاً فليس عليه الطلاق.

    محل التورك في الصلاة

    السؤال: متى يجلس المصلي جلسة التورك في الصلاة وفي أي صلاة؟

    الجواب: التورك يكون في التشهد الأخير في كل صلاة ذات تشهدين، أي: الأخيرة من المغرب، والأخيرة من العشاء، والأخيرة من العصر، والأخيرة من الظهر، أما الصلاة الثنائية كالفجر وكذلك الرواتب فإنه ليس فيها تورك، التورك إذاً في التشهد الأخير في كل صلاة فيها تشهدان.

    حكم بيع الأسهم في الصندوق العقاري بأرض أو بدراهم

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما رأيكم في بيع الأسهم في الصندوق العقاري بأرض وبغير الأرض؟

    الجواب: المرهونة للبنك العقاري لا يجوز بيعها لا بأرض ولا بدراهم؛ لأن الحق للمرتهن، لكن إذا أذنوا بذلك فلا بأس، وهم الآن يأذنون بذلك أي: يأذنون أن يبيع الإنسان هذا البيع المرهون لصندوق التنمية لكن بشروط، فلا بد من أن تراجع هذه الشروط، فإذا كانت قد تمت فإنه يباع ولا حرج، وإلا يبقى رهناً.

    السائل: يعني قبل العمار؟

    الشيخ: لا. قبل العمار لا يجوز، إن كان محتاجاً فليأخذ ويعمر، وإن كان غير محتاج يتركه؛ لأن فيها آلاف الناس يريدون.

    دحض شبهة دفن النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي

    السؤال: فضيلة الشيخ: أحسن الله إليك، الصلاة وراء القبر لا تصح ولا تجوز، وفرع من ذلك هل تصح الصلاة وراء قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي؟

    الجواب: بارك الله فيك لم يدفن النبي عليه الصلاة والسلام في المسجد النبوي، إنما دفن في بيت عائشة ، ولم يبن عليه المسجد أيضاً، وإنما كان المسجد قائماً من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن في أواخر المائة احتيج إلى زيادة فيه، ولم يروا أحسن من هذه الجهة، فزادوه من هذه الجهة ودخلت حجرة عائشة في نفس المسجد، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يدفن في المسجد ولم يبن عليه المسجد، فلا حجة فيه للذين يبنون على القبور.

    زوجة الابن من الرضاعة ليست محرماً للأب

    السؤال: فضيلة الشيخ: ماذا تكون زوجة الابن من الرضاعة، هل تحرم على الأب من الرضاعة أم لا؟

    الجواب: زوجة الابن من الرضاعة يقول بعض العلماء: هي كزوجة الابن من النسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ولكن الصحيح أن الأمر بخلاف ذلك، وأن زوجة الابن من الرضاع ليست زوجة لأبيه من الرضاع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ولم يقل: ومن الصهر، ولو سأل الرجل: هل أم الزوجة وأبو الزوج محرمون بالنسب أم بالمصاهرة؟ لقيل: إنهم محرمون بالمصاهرة، والحديث: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وعلى هذا فإن أم الزوجة من الرضاع ليست محرماً لزوجها، وأبو الزوج من الرضاع ليس محرماً لزوجة ابنه.

    ويؤيد ذلك أيضاً قوله تعالى في المحرمات: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23] وابن الرضاع ليس من صلبك.

    ليس على الزوج إثم إذا لم يوقظ زوجته إلا بعد صلاة الفجر

    السؤال: هل على الزوج إثم إذا لم يوقظ زوجته إلا بعد خروجه من المسجد لصلاة الفجر؟

    الجواب: ليس عليه إثم في ذلك، وذلك لأن وقت الفجر يمتد إلى طلوع الشمس، وبعض الناس لو بقي يوقظ أهله فاتته صلاة الجماعة.

    جميع الأحوال التي يتعرض لها العبد مخلوقة

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما رأيكم في الأحول: هل هي مخلوقة أم لا؟

    الشيخ: ما هي الأحوال؟

    السائل: مثل الجوع والعطش؟

    الشيخ: الجوع والعطش، والحر والبرد من أحوال البدن، والبدن مخلوق أو غير مخلوق؟

    السائل: مخلوق.

    الشيخ: إذاً هذه مخلوقة، وأنت إذا لم تقل: إنها غير مخلوقة فمن الذي أوجدها؟! هل أحد يوجد شيئاً غير الله؟

    إذاً.. الأحوال من المرض والصحة، والجوع والعطش، والتعب والنشاط، مخلوق لله عز وجل.

    حكم ما يخرج من بول بعد الاستنجاء

    السؤال: ما حكم ما يخرج من الإنسان من بول بعد الاستنجاء بالماء؟

    الجواب: هذا ناقض للوضوء، ولكن يجب أن نعلم أن بعض الناس يصيبه وسواس، تجده يفكر! خرج شيء، خرج شيء، وهذا لا ينبغي، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يشك: هل خرج منه شيء أو لا؟ قال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً).

    الكلام أثناء الجلوس بين الخطبتين

    السؤال: ما حكم الكلام أثناء جلوس الإمام بين الخطبتين؟

    الجواب: الكلام بين الخطبتين لا بأس به ما لم يكن كثيراً يلهي من حوله وتشتغل قلوبهم بالنظر إليه، فهذا يمنع منه.

    السنن الرواتب قبل وبعد الصلوات

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما هي السنن الراتبة؟ أحياناً تقام الصلاة ولم يتسنن أحدنا ركعتين قبل الصلاة وهي من السنن الراتبة؟

    الجواب: السنن الراتبة اثنتي عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، والتي تكون قبل الصلاة إذا أقيمت الصلاة وهو لم يصلها صلاها بعد ذلك، فلو فرضنا أن الصلاة أقيمت قبل أن يدخل في النهي نقول: صل مع الجماعة، فإذا صلى مع الجماعة فالأمر واضح، وأما إذا أقيمت الصلاة وأنت في الركعة الثانية فأتم على وجه التخفيف ولا بأس.

    السائل: لكن أصلي ركعتين بعد الصلاة؟

    الشيخ: نعم. إذا فاتته الركعتان قبل الصلاة يصليها بعدها.

    السائل: أربع ركعات بعد الصلاة؟

    الشيخ: ليست أربعاً بلا تسليم، يصلي ركعتين ثم ركعتين، الركعتان الأوليان هاتان هما الركعتان اللتان بعد الظهر، والركعتان بعدهما هما الركعتان اللتان قبل الظهر.

    من فاتته صلاة الوتر قضاها في النهار شفعاً

    السؤال: فضيلة الشيخ: إذا أذن مؤذن الفجر وأنا لم أوتر فهل أصلي ركعة واحدة أثناء الأذان، أم أصلي الشفع أو أنتظر حتى تطلع الشمس؟

    الجواب: إذا أذن وأنت في الوتر أكمل.

    السائل: قبل أن أكبر للوتر؟

    الشيخ: إذا أذن قبل أن تكبر وهو يؤذن على طلوع الفجر يقيناً فقد فات الوقت وتقضيه في النهار كما قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غلبه نوم أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة).

    حكم إمامة الصبي بالبالغ والمتيمم بالمتوضئ

    السؤال: المذهب يقول: إن الصبي لا يكون إماماً للبالغ؛ لأن الصبي صلاته نفل، والبالغ صلاته فرض، فيكون البالغ أدنى من مرتبة النفل وهذا لا يصح، واستدللتم في صلاة من به سلس البول أن المذهب يقول أيضاً: إنه لا يؤم الناس.

    الشيخ: لا تأخذ الاثنين خذ واحدة.

    السائل: أنا في دليل.

    الشيخ: خذ واحداً بارك الله فيك.

    السائل: ليست مسألة نفسها. واستدللتم أيضاً من فيه سلس البول، المذهب يقول: من به سلس البول لا يؤم المصلين، والتعليل: أن هذا لو كان رجلاً متيمماً أو متوضأ فإن المتيمم يؤم المتوضئ، فهل نقول الآن في هذا التعليل أيضاً: إن صلاة الصبي تصح وهو ردٌ على هذا التعليل؟

    الشيخ: الصلاة خلف الصبي فيها حديث في صحيح البخاري : أن عمرو بن سلمة أم قومه وهو ابن سبع سنين، وما جاء به النص فلا يحتاج إلى قياس، وأما صلاة المتنفل بالمفترض كرجل بالغ يصلي الراتبة فجاء ولد آخر فصلى وراءه فكذلك أيضاً نقول: تصح.

    السائل: أنا أريد دليل التعليل الذي عللتموه أن من به سلس البول أن المتوضئ والمتيمم، فهل نأخذ أيضاً التعليل رداً على الذي يقول في الصبي والبالغ نقول أيضاً: المتيمم أدنى من المتوضئ، نقول له: هذا التعليل أيضاً رد على المسألة الثانية؟

    الشيخ: نقول: يجوز أن يكون المتيمم إماماً للمتوضئ.

    السائل: لكن الدليل الذي استدللتموه نجعله على المسألتين نفسها؟

    الشيخ: كيف المسألتين نفسها؟

    السائل: العلة المستنبطة نجعلها أيضاً في الصبي والبالغ نرد عليهم هذا التعليل؟

    الشيخ: كيف؟

    السائل: ما دام أن المذهب يقول: إن الصبي لا يؤم البالغ؟

    الشيخ: لا. بينهما فرق، لأن المتيمم والمتوضئ كلاهما يصليان فريضة بخلاف الصبي بالبالغ، فإن الصبي يصلي نافلة والبالغ يصلي فريضة، وكذلك المتنفل للمفترض.

    السائل: الظاهر ما فهمتني.

    مداخلة: على قياس واحد.

    الشيخ: ما هي على قياس واحد أبداً.

    السائل: يعنى: نفس العلة، العلة هذه نجعلها في الصبي والبالغ، نقول: نرد عليهم في هذه العلة.

    الشيخ: نرد عليهم بالحديث الصحيح: أن الصبي أم قومه وهو ابن سبع سنين.

    السائل: جزاك الله خيراً يا شيخ.

    كل شيء من حقوق الشخص له أن يتنازل عنه إلا العبادات

    السؤال: فضيلة الشيخ: بالنسبة للمشترك بخدمة معينة في الدولة مثلاً، تؤمن خدمات الهاتف، وتؤمن خدمات أخرى، والمواطن مشترك فيها اشتراكاً، فهذه خدمة معطاة إليه أصلاً لا يملكها، فبأي حق يجوز له أن يبيعها؟

    الجواب: لا. هذا متنازل، له الحق أن يستخدم هذا الهاتف إلى أبد الآبدين فتنازل عنه.

    السائل: مقابل مال.

    الشيخ: نعم مقابل مال، كل شيء من حقوقك لك أن تتنازل عنه إلا إذا كان من العبادات فهي لا تعوضها منه.

    تحية المسجد مقدمة على طلب العلم

    السؤال: إذا دخل شخص المسجد ورأى حلقة علم فهل له أن يستمع إلى هذه الحلقة من أجل الاستفادة أم يصلي تحية المسجد؟

    الجواب: لا. يصلي تحية المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الذي دخل وهو يخطب الناس -والخطبة من أساليب التعليم- أمره أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس.

    السائل: يوجد بعض الناس يقول: إذا دخل أحدكم المسجد هل يستبدل عن هذا بأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ويجلس، وهي تحية المسجد؟

    الشيخ: ليس بصحيح.

    حكم كشف وجه المرأة والرد على من قال بجوازه

    السؤال: نزل كتاب في السوق اسمه: جلباب المرأة المسلمة فالكتاب كان يسمى: بحجاب المرأة المسلمة فغير بعنوان: جلباب المرأة المسلمة ، فالمؤلف يقول: إن كشف المرأة لوجهها كان معروفاً على عهد السلف ، وأتى بأدلة زائدة عن الأدلة السابقة، فما رأي فضيلتكم؟

    الجواب: رأينا أن المعروف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أن المرأة تنتقب أي: تلبس غطاء على وجهها وتفتح عينيها، والدليل على هذا قوله في الحديث الصحيح في محظورات الإحرام: (لا تنتقب المرأة) وهذا دليل على أن النقاب كان معروفاً عندهم، والنقاب يغطي الوجه ويفتح العينين.

    الشيخ: هو يقول: كان معروفاً على عهد السلف كشف الوجه؟

    الشيخ: من أسلف السلف ؟

    السائل: الصحابة.

    الشيخ: الصحابة الذين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو كان كشف الوجه معتاداً لم يحتج إلى قوله: (ولا تنتقب المرأة) فلما نهى عن الانتقاب في حال الإحرام دل على أن النساء في عهده كن يلبسن النقاب.

    والصحيح الذي لا شك فيه أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم، ونحن نسأل هؤلاء الذين يقولون بجواز كشف الوجه ووجوب تغطية القدم، نقول: بالله ربكم أيهما أشد فتنة كشف الوجه أم كشف القدم؟! يعني: يقولون: يجوز للمرأة جميلة الوجه أن تكشف وجهها، ولا يجوز لامرأة من أقبح النساء قدماً أن تخرج إبهامها أو خنصرها، يعني: هذا لا تأتي به الشريعة إطلاقاً، الشريعة لا يمكن أن تأتي بهذا أبداً، قد يقولون: إن المرأة محتاجة إلى أن تنظر عند المسير، نقول: لا بأس نعطيها رخصة بأن تفتح لعينيها نقباً وتلبس النقاب، لكن هذا يدلك على ضعف الإنسان، وأن الإنسان مهما بلغ في العلم فهو عرضة للخطأ لا في الأمور الفقهية ولا في الأمور الحديثية، حتى لو كان من أعلم الناس بالحديث فإنك تجد عليه أخطاءً كثيرة في تصحيح الضعيف أو تضعيف الصحيح.

    فلا تعتبر الرجل إذا بلغ منـزلة كبيرة في علم الحديث أو علم الفقه، لا تعتقد أنه معصوم وأنه لا يقول إلا الحق والصواب، وهذه لا شك أنها زلة ممن تشير إليه من صاحب الكتاب، هذه زلة نسأل الله أن يعفو عنه بها، كما أن هناك زلات أخرى للعلماء الآخرين وله أيضاً، والإنسان إذا علم صدق النية من العالم وأنه لا يمكن أن يتعمد مخالفة الصواب فإنه يسأل الله له العفو، والله عز وجل لا يؤاخذ الإنسان إذا تأول وأخطأ؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران).

    السائل: هل يصح عن أحد من الصحابة بأنه قال بجواز كشف الوجه؟

    الشيخ: ولو قاله، لو قاله ألف صحابي، فالصحابة مائة وعشرون ألفاً.

    الفطر لمن يصوم قضاء واجب أو نذر

    السؤال: إذا كان الإنسان صائماً قضاء رمضان فهل يجوز له أن يفطر إذا شاء؟

    الجواب: لا، إذا شرع الإنسان في صيام واجب، سواء قضاء رمضان أو كفارة يمين أو نذر فإنه لا يجوز له أن يخرج منه إلا لضرورة، أما النفل فلا بأس أن يفطر الإنسان في أثناء النهار بلا عذر.

    السائل: وإن أفطر بما فيه كفارة في رمضان أو في قضاء رمضان؟

    الشيخ: الكفارة لا تجب إلا على من جامع في نهار رمضان وهو صائم، وهو يجب عليه الصوم أيضاً، فإن جامع وهو مفطر لعذر كالمريض والمسافر فلا حرج عليه ولا إثم، إذا كانت زوجته معذورة مثله.

    السائل: ماذا يلزم من عمله هذا في القضاء؟

    الشيخ: قلت لك: يجب عليه أن يتوب إلى الله ويستغفره؛ لأنه فعل محرماً، وعليه أن يقضي هذا اليوم الذي أفسده.

    حكم توزيع منشورات فيها سب وشتم الحكومة

    السؤال: وجد في هذه الأيام بعض المنشورات التي لا تخدم المصلحة، وقد بلغنا عنكم فتوى بحرمة تداول مثل هذه الأشياء، وأنا والله لم أقف على هذه الفتوى أرجو الكلام حول هذا الأمر يا شيخ؟

    الجواب: تكلمنا به من قبل قلنا: هذه المنشورات التي تنشر وفيها سب للحكومة بعضه كذب وبعضه صحيح، تداولها حرام ومن كبائر الذنوب، والذي يتداولها لا شك أنه آثم؛ لأن أدنى ما فيها أنها غيبة، وقد قال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12] وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على أن الغيبة من كبائر الذنوب، فإن انضاف إلى ذلك أنها كذب صارت بهتاناً، هذا في غيبة عوام الناس -رجل الشارع- فكيف بغيبة ولي الأمر أو العالم! يكون هذا أشد وأعظم؛ لأن ولاة الأمور إذا اغتيبوا هبط قدرهم في أعين الناس، وحصلت الفوضى، وصارت أوامرهم مكروهة عند الناس ولو كان فيها خير، وحرص الناس على أن يتتبعوا عوراتهم، ويدلك على أنه يقصد بهذه المنشورات الشر والله أعلم بالنيات أنه لا يذكر إلى جانب هذه الأخطاء ما كان من الصواب.

    الحكومة لها أشياء كثيرة هي صواب وخير ومنفعة للمسلمين، فعلى الأقل إذا كان الإنسان منصفاً، يعني: لو فرضنا أن الإنسان سئل: ما تقول في الحكومة؟

    إذا كان منصفاً يجب أن يذكر السيئات والحسنات، هذا إذا سئل وألجئ، أما أن يأتي الإنسان ينشر مساوئ الحكومة وبصفة واسعة فلا شك أن عليه من الإثم ما يستحقه، ولا شك أن الذين يعينونه بنشر هذه المنشورات عليهم من الإثم ما يستحقونه، ولهذا نحن نحذر من تداول هذه المنشورات ومن نشرها، ونرى أن الفاعل أو الذي يفعل ذلك قد تلبس بكبيرة من كبائر الذنوب والعياذ بالله، وكبائر الذنوب لا تكفرها الصلاة ولا الصدقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) وقال: (ما لم تغش الكبائر) وهذه كبيرة من كبائر الذنوب.

    أنت الآن إذا أحد كتب عن مساوئك ونشرها بين الناس ماذا تقول فيها: غيبة أو ليست غيبة؟ غيبة وعدوان عليك، لماذا تكون غيبة وعدواناً على واحد من الناس يمشي في الشارع حتى لو هبط ونقص قدره ما ضر إلا نفسه فقط ولا تكون غيبة ولاة الأمور الذين يجب على الناس طاعتهم في غير المعصية كبيرة؟ هذا أشد، ولهذا مع الأسف الشديد بعض الناس يظنون أن هذا حق، بل بعضهم ربما يظن أنها قربة إلى الله، بيننا وبينهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [الحجرات:12] وقد سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن الغيبة؟ قال: (ذكرك أخاك بما يكره) ثم إن السلف رحمهم الله ليس من عادتهم أن يغتابوا الحكام أبداً، فهذه الطريقة مخالفة لطريقة السلف ، من كان منهم يريد أن يتكلم على السلطان يتكلم عليه أمامه، حتى لا تكون غيبة، وحتى يستطيع هذا الإمام أن يدافع عن نفسه إن كان محقاً أو يتراجع إن كان مبطلاً، أما من وراء الجدر ثم تلفق أيضاً أشياء غير صحيحة وهي كذب، ما الذي يجوز هذا؟ القرآن والسنة بين أيدينا والحمد لله، والرجوع إليهما واجب، وعلى كل حال فيه كلمات من قبلهن.

    صحة حديث: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم)

    السؤال: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم) ما توجيه هذا الحديث؟

    الجواب: لا أعرف هذا الحديث ولا أعرف معناه أيضاً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767951827