أما بعد:
فهذا هو اللقاء السادس والثمانون من اللقاءات التي يعبر عنها باللقاء المفتوح، يتم هذا في يوم الخميس الخامس عشر من شهر شوال من هذا العام، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا اللقاء وما سبقه وما يلحقه إن شاء الله لقاء مباركاً نافعاً، وأبشركم ولله الحمد أن الله نفع به إذ يسر من يفرغ الأشرطة ويطبعها وينشرها في عباد الله، فنسأل الله أن يجزي الجميع خيراً، ويرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
بعد شهر رمضان وبعد أن أدى المسلمون ما أدوا فيه من عبادة الله قد يلحق بعض الناس الفتور عن الأعمال الصالحة؛ لأن الشيطان يتربص بعباد الله الدوائر ويقعد لهم بكل صراط، وقد أقسم أن يأتي بني آدم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم وقال: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ [الأعراف:16] ولكن العاقل إذا تبصر واعتبر علم أنه لا انقطاع للعمل الصالح إلا بالموت، لقول الله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله) فلا ينقطع العمل إلا بالموت، ولهذا ينبغي لنا أن نغتنم فرص العمر ما دام الله تعالى قد أعطانا صحة وفراغاً، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك).
ومما يسن صومه أيضاً: أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر من أوله، أو وسطه، أو آخره، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ولا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض الثلاثة: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.
وكذلك يسن صيام تسع ذي الحجة لأنه: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر)، وصيام الأيام الصالحة، ويتأكد ذلك في يوم عرفة لغير الحجاج، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: (أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والباقية).
ومما يسن صومه أيضاً: يوم عاشوراء، ويصوم قبله يوماً أو بعده يوماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء ورغب فيه وقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها) ولما قدم إلى المدينة ووجد اليهود يصومونه فسألهم عن ذلك فقالوا: إنه يومٌ نجىّ الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فنحن نصومه شكراً لله، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (نحن أولى بموسى منكم) فصامه وأمر الناس بصيامه.
والمهم أن التعبد لله تعالى بالصوم لا يزال مشروعاً والحمد لله، فلنحرص على الصيام حتى ننال أجره، فإنه جاء في الحديث الصحيح أن الله تعالى قال: (كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها، إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به).
فالقيام إذاً مشروع في كل وقت، لا تقل: انقضى رمضان فلا قيام، بل إن القيام في كل وقت وفي كل ليلة إلا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن تخص ليلة الجمعة بقيام، أو يومها بصيام، فقال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ولا يومها بصيام) ولهذا يكره أن يصوم الإنسان يوم الجمعة مفرداً له إلا لسبب، مثل أن يوافق يوم الجمعة يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، أو يكون عليه قضاء من رمضان لا يتمكن من قضائه إلا في يوم الجمعة، فيصومه من أجل القضاء لا من أجل أنه يوم الجمعة؛ فهذا لا بأس به.
نسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ [البينة:2] أي: أن الله أرسله إلى العالمين بشيراً ونذيراً، قال الله تبارك وتعالى: وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً [النساء:79]، وقال الله: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان:1] فهو محمد عليه الصلاة والسلام، مرسل من عند الله بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام؛ لأن جبريل هو رسول رب العالمين إلى رسله موكل بالوحي ينزل به على من يشاء الله من عباده..
إذاً: من المراد بالرسول؟ محمد. من أرسله؟ الله؛ لقوله: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً من هو الواسطة بين الرسول وبين الله؟ جبريل؛ لأن جبريل موكل بالوحي ينزل به على من يشاء من عباد الله.
يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً يعني: يقرأ لنفسه وللناس (صحفاً) جمع صحيفة وهي الورقة، أو اللوح، أو ما أشبه ذلك مما يكتب به، (مطهرة) أي: منقاة من الشرك، ومن رذائل الأخلاق، ومن كل ما يسوء؛ لأنها نزيهة مقدسة.
انظر إلى ما جاء به القرآن من توحيد الله عز وجل، والثناء عليه وحمده وتسبيحه تجده مملوءاً بذلك، انظر لما في القرآن من وصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ووصف أصحابه المهاجرين والأنصار، ووصف التابعين لهم بإحسان، انظر إلى ما جاء به القرآن من الأمر بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك من الأخلاق الفاضلة، تجد أن كل ما جاء به القرآن فهو قيم أي: قيم بنفسه، وكذلك هو مقيم لغيره.
وسيأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذه السورة، لأنه جاء وقت الأسئلة الآن.
الجواب: أولاً: لابد أن نعرف الحادث ويوصف لنا، لأنه أحياناً يظن بعض الناس أن لكل حادث حدث فهو على من كان سبباً فيه وليس كذلك، ونحن الآن نفتي بناءً على أن الحادث موجب للضمان فنقول: أولاً: عليه ثلاث ديات تكون على عاقلته لأولياء المقتولين، وإذا عفوا فلا حرج تسقط الدية.
ثانياً: عليه ثلاث كفارات، والكفارة: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وعلى هذا فيكون عليه ثلاث رقاب يعتقها إن كان قادراً وعنده مال فائض عن حاجاته، وإن لم يكن عنده مال؛ فعليه أن يصوم عن كل نفس شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فلا شيء عليه؛ لأن الله تعالى ذكر كفارة القتل ولم يذكر إلا خصلتين فقط وهما: العتق ثم الصيام ولم يذكر الطعام.
وقوله: يتدين أو يستلف نقول: لا تتدين ولا تستلف، إذا لم يكن المال متوفر لديك سقط عنك العتق إلا الصيام، وإذا كنت لا تستطيع سقطت عنك الكفارة لقول الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
الشيخ: أما الرجال فإنهم لا يقطعون الصلاة، لكن الإنسان مأمور بأن يردهم، وأما النساء فالمرأة البالغة تقطع الصلاة إذا مرت بينك وبين سترتك، أو بينك وبين موضع سجودك إذا لم يكن لك سترة سواءً في الحرم أو في غير الحرم، إلا إذا كان الإنسان لم يتيسر له مكان إلا في مكان مرور الناس مثل عند الأبواب فهذا للضرورة لا تنقطع صلاته؛ لأنه لو أخذ يرد الناس لكثرت الحركة في صلاته فأبطلتها.
السائل: لكن ما الحكم إذا ساروا من بعيد قليلاً؟
الشيخ: إذا ساروا من بعيد من وراء موضع سجوده فهذا لا يضر، ولا يضر أقل من مترين، يعني: مثلاً الآن في الحرم فيه إمداد يصلى وراءه، إذا مر من وراء المدة ما يضر حتى لو كانت امرأة، كذلك أيضاً في صحن المطاف بلاط إذا مر من وراء البلاط لا يضر.
الجواب: ليس عليها شيء الآن يعني: أنه لا تقضى عنها الصلاة، لكن ينبغي لأولادها وذويها أن يكثروا من الاستغفار لها والدعاء لها.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على مسألة يلجأ إليها بعض المرضى، نقول أولاً: المريض يجب عليه أن يتطهر بالماء، فإن لم يستطع فبالتراب، فإن لم يستطع صلى بلا تراب ولا ماء، ولا يدع الصلاة.
ثانياً: يجب عليه أن يصلي قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، فإن لم يستطع فبالإيماء، فإن لم يستطع فإنه ينوي بقلبه ولا يترك الصلاة.
ثالثاً: بعض الناس إذا كان في ثيابه نجاسة وهو لا يستطيع أن يغسلها، ولا يستطيع أن يغير الثوب يقول: لا أصلي حتى يعافيني الله وأطهر ثوبي، وهذا غلط أيضاً، بل يصلي ولو كان ثوبه نجساً، ولو كان بدنه نجساً وهو عاجز عن إزالة النجاسة، يصلي على حسب حاله؛ لأن الصلاة لها وقت محدود لابد أن تقع فيه على حسب استطاعة الإنسان لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] أرجو أن يكون هذا معلوماً عندكم، وأن تنبهوا عليه في المجالس؛ لأن أكثر الناس يجهلون هذا الشيء، وكذلك أن تسألوا المرضى إذا عدتموهم.. كيف تصلون؟ كيف تتطهرون؟ وتوجهوهم إلى ما يجب، لأن الإنسان مسئول عن علمه الذي أعطاه الله كما قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران:187] ولا تقولوا: أين الميثاق؟ نحن نجد العلماء ولا يقولون: إن الله أخذ عليهم ميثاقاً، يعني: لا يشعرون بهذا، لكن يقولون: مجرد إعطاء الله للإنسان العلم هو ميثاق، إذا آتاك الله علماً فهذا يعني الميثاق أن تبينه للناس، وهذه من نعمة الله على العبد أن يجعله محلاً للعلم وارثاً للرسالة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه [الأنعام:124] وهو كذلك أعلم حيث يجعل وراثة هذه الرسالة، فمن علم الله فيه خيراً فقهه في دينه كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) فوصيتي لنفسي وإياكم الحرص على نشر العلم بين الناس، ولا تحقروا شيئاً، إذا علمت إنساناً مسألة واحدة وعمل بها ثم علمها آخر وآخر وآخر فكل ما يحصل من أجر بالعمل الذي أنت دللت الناس عليه فلك مثله.
الجواب: أنت إذا خرجت في الرحلات وكانت رحلة نزهة فلا تخرج إذا خفت على أهلك أن يتغيروا إذا ذهبوا إلى أهلهم، وإن كان الخروج في طلب العلم أو في الدعوة إلى الله عز وجل، فانظر هل هناك أحد من الناس يقوم مقامك وإلا فالبقاء عند أهلك أولى، هل لا يوجد أحد يقوم مقامك وأن الأمر فرض عليك، فاذهب ولكن لا تذهب بعيداً، ارجع إلى أهلك قبل الليل وكن معهم.
الجواب: أظن أنه لا شيء أشد تأثيراً من المواعظ في القرآن الكريم، والله تعالى أجمل ذلك بقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:7-6].
هاتان الآيتان من أعظم ما يكون موعظة لمن تبصر، وعد الله حق سواءٌ كان للذي وعد به أجراً وثواباً للصالحين، أو عقوبة ونكالاً للعاصين، هو حق، صدق، ثابت، لابد أن يقع، ثم قال: فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فتصدكم عما أمر الله به أو توقعكم فيما نهى الله عنه، والحياة الدنيا في الحقيقة تغر الإنسان الأبله السفيه، أما الإنسان العاقل الكيس فإنها لا تغره، وكيف تغر الدنيا إنساناً وهي في الحقيقة مشحونة ومملوءة بالهم والغم والتنغيص والكدر، وكما قال الشاعر الأول:
لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته في ادكار الموت والهرم |
أنت ترى الإنسان في يومك على ظهر الأرض، وفي غدك في باطن الأرض، والذي مر عليه أفلا يجوز أن يمر عليك؟ الجواب: بلى، يمكن أن تكون اليوم في عالم الدنيا وغداً في عالم الآخرة، فكيف تغتر بدار لا يدري الإنسان متى يرتحل عنها، بدار الارتحال عنها ليس بيدك، بدار لا يدري ربما يبقى ما هو فيه من الرفاهية وربما يزول.
فالحاصل: أن الإنسان يجب ألا تغره الدنيا، وأن يتبصر في أمره، وأن يعلم أنه في الدنيا عابر إلى مقر آخر، حتى مقر القبور ليس مقراً بل هو زيارة، كما قال تعالى: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ [التكاثر:1-2] والمقر هو إما الجنة وإما النار، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل الجنة، فلا ينبغي للإنسان العاقل أن تغره الدنيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [فاطر:5] الشيطان وأولياء الشيطان، فالغرور اسم جنس ليس خاصاً بالشيطان بل هو عام للشيطان وأوليائه، فما أكثر شياطين الإنس الذين يغرون الإنسان، ويسفهونه، ويوقعونه فيما يندم عليه، وهم جلساء السوء الذين حذر منهم النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (إن مثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة).
ثم بين الله عز وجل أن الإنسان لا يغتر بالدنيا إلا من عدوٍ له وهو الشيطان، فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً وصدق الله، والآية هنا فيها خبر وطلب، الخبر قوله: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ والطلب: فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً أمرنا الله أن نتخذه عدواً، فإذا قال قائل: كيف أعلم أن هذا من الشيطان أو من الرحمن؟
قلنا: إذا كان الذي وقع في قلبك حباً للمعاصي وكراهة للطاعات فهو من الشيطان، ومعلوم أنه إذا كان حباً للطاعات وكرهاً للمعاصي فهو من الرحمن عز وجل، هذه العلامة، قال الله تعالى: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ [البقرة:268]، وقال تعالى: إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6] لكنهم جهال لا يدعون السفهاء، يظنون أن هذا هو الخير، أو يملي لهم الشيطان ويقول: افعل ثم تب، ثم يفعل ولا يتوب.
نسأل الله أن يقينا شرور أنفسنا وشر أعدائنا.
الجواب: وعليك وعليهم السلام، ونحن نشتاق إلى مكة كثيراً وإلى المدينة كثيراً، والواجب على جميع عباد الله عز وجل أن يكونوا عباداً لله حقيقة يمتثلون أمره ويجتنبون نهيه ولاسيما في مكة التي قال الله تعالى فيها: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25] فالمعاصي في مكة أعظم جرماً وأكبر إثماً، وإن كانت لا تتضاعف في الكمية لكنها تتضاعف في الكيفية، وإني أحذر هؤلاء الذين أشرت إليهم إن كانوا موجودين من مغبة سوء أعمالهم، ويجب عليكم أن تناصحوهم أولاً، فإن قاموا بالواجب فهذا مطلوب، وإن لم يقوموا بالواجب فهناك جهات مختصة ارفعوا الأمر إليهم لأن الله يقول: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال:25] فسكوت الناس عن المنكر مع القدرة على تغييره موجب لعقوبة الله عز وجل، وموجب للفتنة، وأن الإنسان يفتن في دينه أكثر مما فتن.. فالواجب عليكم الآن بارك الله فيكم المناصحة فإن اهتدوا فهذا المطلوب، وإن لم يهتدوا فالواجب أن يرفعوا إلى ولاة الأمور، وسيكون إن شاء الله من ولاة الأمور ما تقر به عيون المؤمنين.
الجواب: الحديث ظاهره أنه إذا صلى ولو مرة واحدة بنى الله له بيتاً في الجنة، واليوم الثاني بيتاً آخر .. وهكذا وفضل الله واسع، لكن يجب على الإنسان ألا يغلب جانب الرجاء في هذه الأمور أي: فيما رتب عليه الثواب، بل ينظر إلى الثواب في هذه الأعمال، وإلى العقاب في أعمال أخرى، ربما تحيط به سيئاته وإن كان عمل هذه الحسنة، فالموازنة يوم القيامة لابد منها: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [الأنبياء:47] لا يقول الإنسان: إذاً سيبنى لي بيوتاً كثيرة في الجنة، نقول: نعم، وفضل الله واسع، والجنة عرضها السماوات والأرض، لكن احرص على أن تتجنب ما نهى الله عنه، حتى لا يكون هناك موازنة يوم القيامة فترجح السيئات بالحسنات، لأن الموازنة يوم القيامة إذا رجحت الحسنات فهو من أهل الجنة، وإذا رجحت السيئات فهو من أهل النار، يعذب فيها ما شاء الله ثم ينجو إلا أن يعفو الله عنه، ومن تساوت حسناته وسيئاته فهو من أهل الأعراف الذين يوقفون على مكان مرتفع يشرف على النار وعلى الجنة، ولكن في النهاية يدخلون الجنة.
ولو فاتته يقضيها، الرواتب تقضى كما تقضى الفرائض.
الشيخ: أقول إذا كانوا يريدون أن يحتفلوا بيوم الإثنين فالواجب أسبوعياً. لماذا يخصص؟
السائل: لفضل يوم الإثنين لأنه ولد فيه.
الشيخ: لعلك تريد المولد؟
السائل: نعم.
الشيخ: صرح به.
السائل: لا هم ..
الشيخ: هم يقولون: إن الرسول يقول: (ذاك يوم ولدت فيه) يدل على تعظيم اليوم الذي ولد فيه لا على يوم الإثنين؛ لأن مولد الرسول ليس يوم الإثنين سيكون (12) ربيع على ما يعتقدون، لكن نقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام إذا قدرنا أنه عظم اليوم الذي ولد فيه، فبماذا عظمه؟ بالصيام، هل عظمه بهذا الاحتفال المنكر؟ فهذا حجة عليهم وليس حجة لهم، نقول: إذا كنتم صادقين باتباع الرسول فعظموه بما عظمه به وهو الصيام.
ثم الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرد أن يعظم اليوم الذي ولد فيه، لكن أراد أن يبين أن الله تعالى جعل في هذا اليوم أشياء مهمة لبني آدم وهي: أنه ولد فيه، وبعث فيه، وأنزل عليه فيه. وأقول لهم: إذاً أقيموا الحزن والمأتم لأن الرسول مات يوم الإثنين.
الجواب: أما الجمعية فهي جائزة ولا بأس بها؛ لأنها من باب التعاون والرفق بالإخوان، وهي قرض محض، وليس فيه جر منفعة كما توهمه بعض الناس، ولذلك أنا أدفع ألف ريال ولا يأتيني إلا ألف ريال ولا أستفيد، والمصلحة التي عادت إليَّ قد فعلت مثلها، لأني أقرضت وأقرضت.
وأما الزكاة فيجب على الإنسان أن يزكي ماله من الدين وإن كان هو مديون، فإذا جاء مثلاً وقت زكاته سواءً في رمضان أو غير رمضان فأنت أحصِ ما لك من الديون عند الناس وزكها، لكن إن شئت أخرجها مع مالك، وإن شئت قيدها فإذا قبضت الدين أخرجها.
الجواب: لا شك أن هذا سؤال يرد على النفوس، لكنه يرد من نفوس عندها شيء من القنوط، والإنسان يجب ألا يقنط من رحمة الله وأن لا ييئس، وأن يكرر الدعاء لله عز وجل والافتقار إليه وسيجد الثمرة قريباً، لكن كون الإنسان يستعظم ما عنده من الذنوب والإعراض والغفلة ثم يقول: متى أكون صالحاً؟ هذا هو الداء الوحيد، فالواجب على الإنسان ألا ييأس من رحمة الله، وأن يقبل على الله عز وجل بقدر المستطاع، ويحاول ربما أنه يريد أن يقبل على الله لكن الشيطان يصرفه، فليحاول مرة بعد أخرى حتى يستقيم، وأحسن شيء هو محاولة إحضار القلب في الصلاة، هذا هو المهم، يعني: إذا قدرت أن تحضر قلبك في الصلاة كلما صليت فاعلم أن هذا فتح باب خير، لأن الله قال في القرآن الكريم: وَأَقِمِ الصَّلاةَ [العنكبوت:45] يعني: افعلها مستقيمة إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] فإذا أقمت الصلاة تماماً فأبشر بالخير، وقال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] ليس على ملمات الدنيا فقط بل على كل شيء.
فأوصي هذا الأخ الذي يتعاظم الذنوب في نفسه وربما ييأس من رحمة الله عز جل، أوصيه بأن يبعد هذا الوهم من نفسه، وأن يحاول بقدر ما يستطيع إقامة الصلاة على الوجه المطلوب، فإن هذا هو الدواء، وهذا هو المفتاح، ونسأل الله لنا ولكم السلامة.
كذلك أيضاً طلب العلم، يقبل إقبالاً حقيقياً ولا ييأس، لأن بعض الناس إذا بدأ بالعلم ورأى أنه صعب تمثل بقول الشاعر:
إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع |
نقول: هذا غلط، بل اصبر وصابر ورابط، واتق الله، أربع وصايا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200] وكم من أناس طلبوا العلم وهم كبار لكن جدوا واجتهدوا وافتقروا إلى الله، ولجئوا إليه عز وجل، وحصلوا خيراً كثيراً، وقد ذكر لي بعض الإخوة رواية -وأنا ما رأيتها- أن ابن حزم رحمه الله وهو من العلماء المشهورين الكبار دخل يوماً المسجد فجلس، فقال له بعض الحاضرين في المسجد: قم صل ركعتين، فقام وصلى ركعتين، ثم دخل مرة بعد العصر فقام يصلي، فقال بعض أصحابه: لا تصل هذا وقت نهي، فقال: سبحان الله! ما هذا الجهل إن قمت أصلي قالوا: لا تصل. وإن جلست قالوا صل، معنى ذلك أنه ليس عنده علم، ثم بعد ذلك بدأ يطلب العلم حتى حصل. مع أن القول الراجح: إن الإنسان إذا دخل المسجد في أي وقت فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين، لأنها ذات سبب، والنوافل التي لها سبب ليس عليها وقت نهي.
الجواب: تكرار الفاتحة مكروه لاسيما إذا كان الحامل عليه الوساوس، وإذا قال الشيطان: إنك لم تقرأ، فليقل: كذبت، لكن لا يقولها بلسانه ويقولها في نفسه، وليستمر فإنه قد قرأ، وكما أن الشيطان يأتي يقول: ما قرأت الفاتحة أو ما كبرت أو ما نويت، كذلك يأتي للإنسان ويقول: أحدثت، ويوسوس له أنه أحدث، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً).
وفي نفس الوقت سئلت: عن شخص ترك الصيام لمدة ستة أيام متعمداً فأجبته بأنه لابد بأن يقضي. فما وجه التفريق بينهما؟
الشيخ: لا أظن هذا يقع.
السائل: لا أنا سمعت ذلك في شريط فتاوى رمضانية.
الشيخ: هذا بارك الله فيك -أي: الثاني- لعله أفطر عمداً، معناه شرع في الصوم ثم أفطر في أثناء النهار، هذا يجب عليه أن يقضي، لأنه لما تلبس بالصوم وجب عليه بتلبسه به فوجب عليه قضاءه، أما الأول الذي لم يصم أصلاً فهذا هو الذي نقول: لو قضى لم ينفعه.
الجواب: لا ينكر على من يتطوع بين المغرب والعشاء؛ لأن تحديد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأوقات النهي يدل على أن ما عداها كله وقت صلاة، بل قد قال النبي عليه الصلاة والسلام للرجل قال له: (سل، قال: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أوغير ذلك؟ قال: هو ذاك، قال: أعني على نفسك بكثرة السجود) أي: بكثرة الصلاة، فعليك بالصلاة فإنها خيرٌ، لو تبقى تصلي من غروب الشمس إلى طلوع الفجر فأنت على خير، لكن لا تجهد نفسك يعني: لا تجعل هذا إلزاماً عليك كما فعل عبد الله بن عمرو بن العاص أنه يقوم الليل ويصوم النهار فنهاه النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك.
الشيخ: يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
الجواب: لا شك أن أشرف الكلام كلام الله، وأحق ما يكون بالعناية كلام الله، وأنفع ما يكون كلام الله، ولهذا نقول: ابدأ بالتفسير قبل كل شيء، لكن هذا لا يعني ألا تقرأ غيره، لكن ركز أولاً على علم التفسير، وأنت تعلم وإخواننا الحاضرون وغيرهم أيضاً يعلمون أن القرآن مشتمل على كل شيء، ففيه العقيدة، وفيه الفقه، وفيه الآداب، وفيه كل شيء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89] فعليك بالتفسير، احرص عليه ما استطعت.
وطريقة ذلك: أن تفكر أنت أولاً في معنى الآية، قبل أن تراجع الكتب، فإذا تقرر عندك شيء فارجع إلى الكتب، وذلك لأجل أن تمرن نفسك على معرفة معاني كتاب الله بنفسك، ثم إن الإنسان قد يفتح الله عليه من المعاني ما لا يجده في كتب التفسير، خصوصاً إذا ترعرع في العلم وبلغ مرتبة فيه فإنه قد يفتح له من خزائن هذا القرآن الكريم ما لم يجده في غيره.
وأضرب لك مثلاً بـتفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: فإنه يستنبط من الآيات الكريمة أحياناً معاني لا تجدها في أي تفسير سابق.
ثم بعد ذلك تأخذ بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث في التوحيد والأخلاق والأعمال.
إذاً أول ما ينشأ الإنسان يحفظ كتاب الله حفظاً عن ظهر قلب، ثم يبدأ بتفسيره، ثم يحفظ ما تيسر من السنة كـعمدة الأحكام مثلاً أو بلوغ المرام، أو ما أشبه ذلك، ثم يطالع كتب العلماء التي كتبوها في الشريعة الإسلامية.
السائل: لكن ما هي طرق تثبيت المعلومة يا شيخ؟!
الشيخ: طرق تثبيت العلم كثيرة منها: التعاهد، أن الإنسان يتعاهد ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها) التعاهد يعني التكرار، سواءً كرر اللفظ أو كرر معناه، بأن يكون له مباحث مع إخوانه ومناقشات.
وثانياً: العمل بالعلم، فإن العمل بالعلم يثبته ويزيده قال الله تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد:17].
ثالثاً: الدعوة إلى الله تعالى بما حصلت من العلم، فإن هذا أيضاً يثبت العلم ويزيده.
المهم أن له طرقاً كثيرة منها هذه الثلاث التي ذكرتها.
السائل: لكن ما هي أفضل كتب التفسير؟
الشيخ: على كل حال كتب التفسير موجودة، ولكن أحسن ما يكون للمبتدئ تفسير ابن كثير، أو تفسير البغوي أو تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي.
الشيخ: هو الأصل تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بمعنى: أنه لابد أن الرسول يبلغ لأنه مأمور بالبلاغ، فإذا احتاج الناس إلى معرفة الحكم ولم يبينه الرسول كان هذا ممتنعاً، ضرورة أنه لابد أن يبلغ، والبلاغ الذي يتحتم هو أن تدعو الحاجة إليه، أما الحديث فليس فيه تأخير بيان عن وقت الحاجة، إذ من الجائز أن يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: وقت الظهر من كذا إلى كذا، ووقت العصر من كذا إلى كذا، إلى آخر الأوقات في خلال دقيقة واحدة، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أحياناً يفضل التعليم بالفعل؛ لأن التعليم بالفعل يرسخ في الذهن، ولا ينساه الإنسان في الغالب، فلهذا أراد أن يبقي هذا الإعرابي لفائدتين:
أولاً: أن يعرف الأوقات بالفعل.
والثانية: أن يستفيد من كيفية صلاة الرسول عليه الصلاة والسلام.
السائل: ما دليل القول الثاني: إن تأخير البيان عن وقت الحاجة جائز؟
الشيخ: أصلاً هذا قول باطل، إذ ليس فيه تأخير بيان عن وقت الحاجة، أنا قلت لك: هذا فيه أن الإنسان يسلك في البيان ما هو أقرب إلى التبيين والرسوخ.
السائل: يا شيخ! هو يذكر أن جمهور الأصوليين على هذا، كيف أخذه جمهور الأصوليين.
الشيخ: من قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة:67] وإذا احتاج الناس إلى معرفة الحكم صار البلاغ واجباً.
الجواب: أرى بارك الله فيك أن هذه الطريقة التي يستعملها الناس الآن عندما تحس المرأة بالطلق تذهب إلى المستشفى ويصنع لها عملية قيصرية أرى أن هذا من وحي الشيطان، وأن ضرر هذا أكثر بكثير من نفعه؛ لأن المرأة لابد أن تجد ألماً عند الطلق لكن ألمها هذا تستفيد منه فوائد:
الفائدة الأولى: أنه تكفير للسيئات.
الثاني: أنه رفعة للدرجات إذا صبرت واحتسبت.
والثالث: أن تعرف المرأة قدر الأم التي أصابها مثلما أصاب هذه المرأة.
والرابع: أن تعرف قدر نعمة الله تعالى عليها بالعافية.
والخامس: أن يزيد حنانها على ابنها؛ لأنه كلما كان تحصيل الشيء بمشقة كانت النفس عليه أشفق، وإليه أحن.
والسادس: أن الابن أو أن هذا الحمل يخرج من مخارجه المعروفة المألوفة وفي هذا خير له وللمرأة.
والسابع: أنها تتوقع بذلك ضرر العملية؛ لأن العملية تضعف غشاء الرحم وغير ذلك، وربما يحصل له تمزق، وقد تنجح وقد لا تنجح.
والثامن: أن التي تعتاد القيصرية لا تكاد تعود إلى الوضع الطبيعي لأنه لا يمكنها، وخطر عليها أن تتشقق محل العمليات.
والتاسع: أن في إجراء العمليات تقليل للنسل، وإذا شق البطن ثلاث مرات من مواضع مختلفة وهن وضعف وصار الحمل في المستقبل خطيراً.
والعاشر: أن هذه طريقة من طرق الترف، والترف سبب للهلاك، كما قال الله تعالى في أصحاب الشمال: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:45] فالواجب على المرأة أن تصبر وتحتسب وأن تبقى تتولد ولادة طبيعية فإن ذلك خير لها في الحال وفي المآل.
وعلى الرجال أيضاً هم بأنفسهم أن ينتبهوا لهذا الأمر، وما يدرينا فلعل أعداءنا هم الذين سهلوا علينا هذه العمليات من أجل أن تفوتنا هذه المصالح ونقع في هذه الخسائر.
السائل: ما مفهوم الترف؟
الشيخ: الترف أن فيه اجتناب ألم المخاض الطبيعي، وهذا نوع من الترف. والترف إذا لم يكن معيناً على طاعة الله فهو إما مذموم أو على الأقل مباح.
الجواب: لا، الصحيح أن كل ما خرج من البدن فإنه لا ينقض الوضوء، لا القيء ولا الدم ولا غير ذلك إلا البول والغائط، أو ما خرج من مخرج البول أو الغائط، هذا هو القول الراجح. وإن صح حديث: (أن الرسول قاء فتوضأ) فالمراد على سبيل الاستحباب فقط؛ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المجرد عن الأمر إنما يفيد الاستحباب، ولا يفيد الوجوب.
الشيخ: هل أنت في إقامتك في هذا العمل مطمئن وتريد البقاء دائماً، أو أنت تنتظر الفرصة حتى تعود إلى مكة ؟
السائل: أنا في أقرب فرصة أتمنى إن شاء الله أن أرجع إلى مكة .
الشيخ: إذاً أنت مسافر يباح لك ما يباح للمسافرين من القصر والمسح ثلاثة أيام على الخفين وغير ذلك، ولكنك إذا صليت خلف إمام يتم وجب عليك الإتمام، ويجب عليك أن تصلي مع الجماعة، أما إذا طلب منك صلاة الجمعة وأنت في محل تقام فيه الجمعة يعني: لست في خارج البلد فصل الجمعة إماماً، وإن لم تكن من أهل البلد، هذا هو القول الراجح الصحيح: أنه لا يشترط لإمامة الجمعة أن يكون إنساناً مستوطناً.
الجواب: أنت تعرف أن الحلاقين اليوم أكثر ما يحلقون اللحى، وعلى هذا فلا يحل لك أن تؤجر دكانك للحلاقين؛ لأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، أما لو جاءك حلاق يريد أن يستأجر الدكان وقال: أنا ألتزم لك بألا أحلق لأحد لحية فهذا لا بأس، فإن قدر أنه حلق بدون إذنك فالإثم عليه.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر