أما بعد:
فهذا هو يوم الخميس الثالث عشر من شهر شعبان عام (1416هـ) وفيه اللقاء الذي يتم كل خميس.
(طَائِفَتَانِ) مفردها طائفة: وهي جماعة من الناس. وقوله: (اقْتَتَلُوا) جمع؛ وإنما جمع لأن الطائفة تشتمل على أفراد كثيرين؛ فلذلك صح أن يعود الضمير على المثنى بصيغة الجمع مراعاة للمعنى, وإلا لكان مقتضى التثنية أن يقول: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلنا, ليطابق الضمير مرجعه, لكنه عاد إليه المعنى.
والاقتتال بين المؤمنين له أسباب متعددة: إما دماء تقع بينهم، وإما نعرة قبلية ودعوة جاهلية، وإما خلاف بينهم في حدود، أو غير ذلك, المهم أن أسبابه متعددة, (إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب, ولكنه رضي بالتحريش بينكم) يحرش بينهم حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً, فإذا حصل الاقتتال فالواجب على المؤمنين الآخرين الصلح بينهما, ولهذا قال: (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) أي: اسعوا للصلح بكل وسيلة حتى ولو كان ببذل المال, والتنازل عن الحق لأحدهما عن الآخر, لأن الصلح لابد فيه من أن يتنازل أحد الطرفين عما يريد من كمال حقه, وإلا لما تم الصلح, ولهذا لما قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [النساء:128] كل إنسان يريد أن يتم قوله فلابد من التنازل.
فإذا أصلحنا بينهما قال: (فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) يعني: لو فرض أن بعد الصلح عادت إحدى الطائفتين تقاتل الأخرى, فهنا لا صلح, ماذا نصنع معهما؟
نقاتل التي تبغي (حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) أي: ترجع إليه, وأمر الله أي: دينه وشرعه.
فانظر في أول الأمر الإصلاح, فإذا تم الصلح وبغت إحداهما على الأخرى وجب أن نساعد المبغي عليها فنقاتل معها من بغت (فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) فإذا فاءت فإنه يجب الكف عن قتالها, ولا يجوز أن نجهز على جريح ولا أن نتبع مدبراً, ولا أن نسبي ذرية, ولا أن نغنم مالاً؛ لأن هؤلاء مؤمنون.
(فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) إن فاءت إلى أمر الله بعد أن قاتلناها ورجعت ووضعت الحرب أوزارها وجب أن نصلح بينهما بالعدل.
وهذا غير الإصلاح الأول, الإصلاح الأول بوقف القتال, وهذا الإصلاح بالتضمين, أي: أن ننظر ماذا تلف على كل طائفة ثم نسوي بينهما بالعدل, فمثلاً: إذا كانت إحدى الطائفتين أتلفت على الأخرى ما قيمته مليون ريال, والثانية أتلفت على الأخرى ما قيمته مليون ريال, فحينئذٍ تتعادل الطائفتان وتتساقطا, فإن كانت إحداهما أتلفت على الأخرى ما قيمته ثمانمائة ألف ريال, والأخرى أتلفت ما قيمته مليون, فالفرق إذاً مائتا ألف ريال، فمائة ألف ريال نحملها على الأخرى التي أتلفت ما قيمته مليون, ولهذا قال: (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ).
(وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (أقسطوا) هذا أمر بالقسط وهو العدل, وهذا تأكيد لقوله: (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ).
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أي: يحب العادلين, وقد ثبت عن النبي صلى عليه وعلى آله وسلم: (أن المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن الذين يعدلون في أهليهم وما ولوا من أمور المسلمين).
فالجواب أن يقال: إن الكفر الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام هو كفر دون كفر, فليس كل ما أطلق الشرع عليه أنه كفر يكون كفراً, فهنا صرح الله عز وجل بأن هاتين الطائفتين المقتتلتين إخوة لنا, مع أن قتال المؤمن كفر, فيقال: هذا كفر دون كفر, وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب, والنياحة على الميت) ومعلوم أن الطاعن في النسب والنائحة على الميت لا يُكفران كفراً أكبر, فدل ذلك على أن الكفر في شريعة الله في الكتاب وفي السنة كفران: كفر مخرج عن الملة, وكفر لا يخرج عن الملة.
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10] وفي هذا من الحمل على العطف على هاتين الطائفتين المقتتلتين ما هو ظاهر لقوله: (إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) كما أنك تصلح بين أخويك الأشقاء من النسب فأصلح بين أخويك في الإيمان.
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10] أي: اتقوا الله تعالى بأن تفعلوا ما أمركم به, وتتركوا ما نهاكم عنه, لأنكم إذا قمتم بهذا فقد اتخذتم وقاية من عذاب الله وهذه هي التقوى, وعلى هذا فكلما سمعت كلمة تقوى في القرآن فالمعنى: أنها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه, (لعلكم ترحمون) أي: ليرحمكم الله عز وجل إذا اتقيتموه.
الجواب: يسأل عن زكاة الثمار والزهور فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث من يخرص الثمار على أهلها, ويقول: (إذا خرصتم فخذوا, ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع) فهل المعنى: أن ثلث هذه الثمار ليس فيه زكاة؟ أو أن المعنى: فيه زكاة لكن اتركوا ثلث الزكاة لهم يتصرفون فيها؟
في هذا قولان للعلماء:
القول الأول: أن المعنى: أنه تسقط عنهم زكاة ثلث الثمار أو الربع, فإذا قدرنا أن زكاته تبلغ تسعين صاعاً, فنحن نسقط عنه ثلاثين صاعاً, وإن لم نسقط الثلاثين أسقطنا الربع.
القول الثاني: أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (دعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع ) أننا نترك ثلث الزكاة لهم, وأن الزكاة تجب في المال كاملة, لكن نترك لهم الثلث أو الربع ليتصرفوا فيها فيعطوها من شاءوا من أقارب أو أناس يعرفونهم أو ما أشبه ذلك, ليكون حراً في توزيعها, وهذا القول هو الصحيح؛ لأن عموم الأدلة الأخرى التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام: (فيما سقت السماء العشر, وفيما سقي بالنضح نصف العشر) عام شامل, فتكون هذه الثمار يجب فيها الزكاة كاملة, لكن نترك ثلث الزكاة أو ربع الزكاة لصاحب الثمار من أجل أن يعطيه من أحب.
الجواب: هذا السائل الذي يخرج من الذكر بعد البول بدون شهوة حكمه حكم البول, يعني: أنه يجب غسله، وغسل ما أصاب من البدن أو الثياب, ويجب الوضوء بعده.
الجواب: إذا عطس إنسان في أثناء الصلاة فليحمد الله؛ لأنه ثبت في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم: (أنه دخل يصلي فعطس رجل من القوم فقال: الحمد لله, فقال له
لكن لو سمعت الأذان وأنت تصلي هل تجيب المؤذن ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أنه يجيب المؤذن, كما أنه يحمد الله إذا عطس ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا استولى عليه الشيطان بالهواجس, فيجيب المؤذن, لكن في النفس من هذا شيء, يعني: إجابة المؤذن؛ لأن إجابة المؤذن طويلة تشغل المصلي, أما ما لا يحتاج إلا لكلمة واحدة أو نحوها فإنه لا بأس أن يأتي به.
لكن لو رأى إنساناً يعمل منكراً هل يقول: يا فلان لا تفعل...؟
لا؛ لأن هذا من كلام الناس.
الجواب: هذا على حسب النية, الإنسان ربما يقول: إن قدم فلان الغائب فلله عليّ نذر أن أذبح شاة, نسأله: هل قصدك بهذا أن تشكر الله على نعمته بقدوم الغائب، أو قصدك أن تظهر الفرح والسرور بقدومه؟
إن كان قصده الأول فإنه لا يأكل منها شيئاً؛ لأنه نواها صدقة, وإن كان قصده الثاني فله أن يأكل, دليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) لكن في ظني أن غالب الناس يقصدون بذلك شكر الله على هذه النعمة، ولا سيما إذا كان في شفاء مريض من مرضه, كثير من الناس يمرض له مريض فينذر إن شفى الله مريضه أن يذبح شاة, هذا نقول: لا تأكل منها؛ لأن الظاهر أنه أراد بذلك شكر الله, وإذا كان أراد الشكر فهي صدقة.
ولكن بالمناسبة أقول: إن النذر مكروه نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام, وقال: (إنه لا يأتي بخير, ولا يرد قضاءً) وكم من إنسان نذر ثم تعب في الوفاء بنذره, والإنسان إذا نذر لله نذراً ثم لم يفِ به فإنه على خطر عظيم, لقوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ [التوبة:75-77] أعوذ بالله من ذلك، يعني: يُخشى أن الإنسان الذي لا يفِ بنذره أن يعقبه الله نفاقاً في قلبه إلى الممات, فعلى الإخوان المسلمين أن يتركوا النذر, إن الله أراد الشفاء شفاه بدون نذر, وإن أراد الله قدوم الغائب قدم بدون نذر.
السائل: وهل الأكمل -يا شيخ- إذا كان قصد الشكر أن يدعو الفقراء أم لا؟
الشيخ: إما أن يدعو الفقراء، وإما أن يذبحها ويوزعها على الفقراء.
الجواب: مرض السكر كغيره من الأمراض, إذا كان دائماً مستمراً مع الإنسان ولا يستطيع الصوم فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً, كالكبير الذي يعجز عن الصوم, وإن كان في فترات فمتى قدر على الصوم صام, ومتى لم يقدر أفطر في رمضان ثم قضاه بعد ذلك.
الجواب: الكلام والإمام يخطب حرام لا يجوز, سواء كنت في المسجد أو مقبلاً إلى المسجد, إلا إذا كنت تريد أن تصلي عند شخص آخر ومررت بمسجد قد شرع خطيبه في الخطبة فلا يلزمك أن تنصت؛ لأنك لا تقصد هذا المسجد.
ويلزمك الإنصات للخطيب حتى وإن كان الصوت غير واضح, لكن إذا كان غير واضح لا شك أنه أهون, لأنك لو أنصت لا تستفيد شيئاً.
الجواب: لا شك أن التساهل في التطهر عند البول خطأ عظيم؛ لأنه من أسباب عذاب القبر كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: (إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبير -أي: في أمر يشق عليهما- أما أحدهما فكان لا يستتر من البول, -أي: لا يستنزه ولا يستبرئ منه- وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه)، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين, فغرز على كل قبر واحدة, قالوا: لم فعلت ذلك؟ قال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).
وقد أخذ بعض العلماء رحمهم الله من هذا الحديث: أنه ينبغي إذا دفن الميت أن يغرز في قبره جريد من النخل الرطب أو غصن الشجرة أو ما أشبه ذلك, وهذا غلط عظيم, فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يضع هذا على كل قبر, إنما وضع هذا على قبرين يعذبان, فهل أنت تعلم أن هذا القبر يعذب حين وضعت هذه الجريدة؟ الجواب لا, إذاً: أنت الآن أسأت الظن بصاحب القبر حيث وضعت عليه الجريدة, يعني: كأنك تقول: هذا القبر يعذب وأنت لا تعلم, وإنما نبهت على ذلك لأن بعض العلماء قال: إنه ينبغي أن يوضع جريدة رطبة على القبر بعد الدفن أو غصن شجرة أو ما أشبه ذلك, وهذا لا شك أنه خطأ وليس من السنة.
ثم إن ما أشار إليه الأخ السائل من وضع المراحيض الآن وأنها صلبة فيقال: المراحيض صلبة لا شك, لكن المراحيض لها مكان خاص يكون فيها البول, وهو الحوض الذي يبول فيه الإنسان, وما كان خارج هذا الحوض فليس بنجس, والحوض إذا استعمل الإنسان الإبريق أو غيره فإنه في مأمن من أن يرش البول على جواربه أو على خفافه, ولا أرى في هذا بأساً.
نعم بعض الناس إذا أراد أن يستنجي يجعل عنده إناء يصب فيه الماء, ثم يغرف بيده من الإناء ويرش على فرجه, هذا هو الذي ربما يترشرش شيء من البول عليه, ولهذا لو استعمل -هذا الذي يضع الإناء- الإبريق لكان أحسن وأقرب إلى النظافة.
الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أنه لا ينبغي للإنسان أن يكثر من الأيمان, فإن الله ذكر الإكثار من الأيمان بصيغة الذم قال: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ [القلم:10] وقال بعض العلماء في قوله تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] أي: لا تكثروا الأيمان.
ثانياً: وإذا قدر أنه حلف فليصل يمينه بقوله: إن شاء الله؛ لأنه إذا وصل يمينه بقوله إن شاء الله لم يحنث, حتى لو خالف ما حلف عليه، وهذا أمر سهل, إذا عود الإنسان لسانه قول إن شاء الله عند كل يمين سهل عليه ذلك.
ثالثاً: إذا حلف فالحلف نوعان: حلف لا يقصد وهو الذي يجري على الإنسان بلا قصد, مثل أن يقول: أتذهب معي إلى فلان؟ قال: لا، والله! لست بذاهب.. اجلس؟ قال: لا، والله! لست بجالس.. هذا ليس بيمين يؤاخذ به لقوله تعالى: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ [المائدة:89] وأنت لم تعقد في قلبك لكن جرى على لسانك على العادة, هذا لا يضر.
رابعاً: الحلف على الماضي ليس فيه كفارة, لكن إن كان الإنسان صادقاً فهو صادق بار, وإن كان كاذباً فهو آثم, فإذا قلت: والله! ما فعلت كذا.. فهنا لا كفارة عليك حتى وإن كنت فاعلاً له؛ لأنه على شيء ماضي, الماضي ليس عليه كفارة إطلاقاً, لكن إما أن تكون صادقاً فأنت بار, وإما أن تكون كاذباً فأنت آثم.
فإذا كانت اليمين على مستقبل وقصدت عقدها بنية جازمة ولم تقل فيها إن شاء الله, ثم خالفت ما حلفت عليه فعليك الكفارة.
الكفارة أربعة أصناف: إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة, أو صيام ثلاثة أيام, لكن الثلاثة الأولى على التخيير افعل ما تشاء منها, والرابعة وهي الصيام إذا لم تتمكن من الثلاثة الأولى فصم ثلاثة أيام.
إطعام العشرة مساكين له صفتان:
الصفة الأولى: أن تصنع طعاماً، غداءً أو عشاءً ثم تدعو عشرة يتغدون أو يتعشون.
الصفة الثانية: أن تعطي العشرة طعاماً رزاً ومعه اللحم, ويكفي العشرة صاعين ونصف من الرز ومعه اللحم.
فإذا كنت حلفت على أيمان متعددة, إن كان المحلوف عليه شيئاً واحداً أجزأتك كفارة واحدة, وإن كان متعدداً فلكل يمين كفارة, مثال ذلك: لو قلت: والله! لا أدخل هذا البيت. هذا يمين, ثم قابلك إنسان آخر وقال: هيا بنا إلى فلان. قلت: والله! لا أدخل بيته. هذا يمين, ثم ثالث وقال لك: هيا بنا إلى فلان. فقلت: والله! لا أدخل بيته. هذا أيضاً يمين ثالث, لكن المحلوف عليه شيء واحد، هذا يكفيك كفارة واحدة؛ لأن المحلوف عليه شيء واحد.
أما إذا تعدد المحلوف عليه نظرنا إن كانت اليمين واحدة كفت كفارة واحدة, مثل أن تقول: والله لا أدخل هذا البيت، ولا أكلم فلاناً، ولا أركب هذه السيارة. المحلوف عليه الآن متعدد لكن الحلف واحد, هذا أيضاً يكفيه كفارة واحدة.
أما إذا تعددت اليمين والمحلوف عليه فعليك لكل واحد كفارة, وإذا شككت هل عليك عشر كفارات أو خمس فاجعلها خمساً؛ لأنه اليقين وما زاد فمشكوك فيه.
الجواب: إذا اشترى الإنسان أرضاً للتجارة فعليه زكاة كل عام, سواء زادت قيمتها أو نقصت، وسواء نفقت أو كسدت، يقومها كل سنة بما تساوي, ثم إن كان لديه مال أخرج زكاتها من المال الذي عنده, وإن لم يكن لديه مال, قيد الزكاة في كل سنة بسنتها وإذا باعها أدى الزكاة لما مضى.
إذا كنت تعتبر الكويت وطناً لك؛ إذاً: أنت مسافر, في مجيئك إلى السعودية فتترخص برخص السفر, لكن ما دمت تسمع النداء يجب عليك أن تصلي في المسجد, ومعلوم أن من صلّى في المسجد فإنه لن يقصر؛ لأن الإمام يتم, ومن صلّى خلف إمام يتم وجب عليه الإتمام, لكن لو فاتتك الصلاة فلك أن تقصر, وأما الجمع فلا حاجة للجمع؛ لأنك مقيم, وكذلك أيضاً لك أن تمسح على الجوربين ثلاثة أيام؛ لأنك مسافر ولو شهر أو شهرين.
الجواب: التجويد في القرآن ليس بواجب, وإنما هو من باب تحسين الصوت بالقرآن, فإذا أمكن أن تؤدي القرآن بالتجويد بدون تكلف ولا تنطع فهذا خير, وأما أولئك القوم الذين يتكلفون وتجده يكاد ينجرح حلقه إذا أراد أن ينطق بالحاء أو الهاء أو غيرها من الحروف الحلقية فلا شك أن هذا خلاف السنة, لكن المراد بالتجويد المعتدل.
والصواب: أنه ليس بواجب وإنما هو سنة, وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الذين يعتنون بالتجويد ويتكلفونه يكون هذا سبباً لعدم تدبرهم القرآن؛ لأن الإنسان حينئذٍ ليس له هم إلا إصلاح اللفظ فقط, وصدق رحمه الله, ذكر هذا في الفتاوي وقال: إنه لا ينبغي التكلف في التجويد.
وبعض الإخوة يقولون: قرأنا للإمام الذهبي رحمه الله يقول: إن التجويد مضيعة للوقت, لا أدري عن هذا والله! لكن إن صح عنه فمراده أن الإنسان لا ينشغل به كثيراً ويدع الاهتمام بالمعاني.
الجواب: الإمام أحمد رحمه الله ما قال: (القرآن..) المشهور أنه قال: من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي.
ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع. هذا الذي نقل عنه, وقد نقل عنه بلفظ آخر: من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد القرآن فهو جهمي. ومراده رحمه الله: أنك إذا قرأت القرآن فهنا شيء مقروء وهنا قراءة, القراءة هي لفظك وحركة لسانك وشفتيك، هذا مخلوق لا شك, المسموع الذي هو القرآن أو المنطوق به غير مخلوق, هذا التفصيل هو الحق, أما الإطلاق أن تقول: لفظي مخلوق أو غير مخلوق، فهذا لا ينبغي.
والحاصل: أن الإنسان إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق نسأله نقول: هل أنت أردت فعلك الذي هو فعلك من حركة اللسان والشفتين والصوت المسموع فهو مخلوق, أو أردت ما نطقت به وهو القرآن فهذا غير مخلوق.
الجواب: لا بأس؛ لأن هذا عذر شرعي وقصير في السنة مرة.
ورؤية الوالدين مع المدة الطويلة شبه ضرورية.
الجواب: الصحيح أن جميع ما ورد فضل ليلة النصف من شعبان ضعيف لا تقوم به حجة, ومنها أشياء موضوعة, ولم يعرف عن الصحابة أنهم كانوا يعظمونها, ولا أنهم كانوا يخصونها بعمل, ولا يخصون يوم النصف بصيام, وأكثر من كانوا يعظمونها أهل الشام -التابعون ليس الصحابة- والتابعون في الحجاز أنكروا عليهم أيضاً, قالوا: لا يمكن أن نعظم شيئاً بدون دليل صحيح.
فالصواب: أن ليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي، لا تخص بقيام, ولا يوم النصف بصيام, لكن من كان يقوم كل ليلة, فلا نقول: لا تقم ليلة النصف, ومن كان يصوم أيام البيض لا نقول: لا تصم أيام النصف, إنما نقول: لا تخص ليلها بقيام ولا نهارها بصيام.
الجواب: إذا كان الإنسان متوضأً وشك هل انتقض وضوءه أم لا فإنه يبقى على وضوئه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه ذلك فقال: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) وهذه -ولله الحمد- راحة للإنسان, حتى لو قوي ظنك بأنك أحدثت لا تلتفت لهذا إلا إذا تيقنت.
لكن لو فرض: إنسان نقض الوضوء, ثم لما أذن وأراد أن يذهب إلى المسجد شك هل هو توضأ بعد نقض الوضوء أم لا؟ يجب عليه أن يتوضأ؛ لأن الأصل بقاء الحدث حتى يتيقن زواله.
الجواب: الصواب أن تقول: متوفى؛ لأن الله تعالى قال: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ [السجدة:11]، وقال: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا [الزمر:42].
أما إذا قصد بهذا أن يطعم المساكين فلا بأس, أما إذا قصد أن يقيم فرحاً يدعو إليه الجيران والأغنياء فهذا بدعة, وهناك شيء آخر يفعله بعض الناس: وهو أن يذبح ذبيحة كالأضحية، وهذا أشد بدعة من الأول؛ لأن ذبائح الأضاحي إنما تكون في عيد الأضحى فقط, ثم إنه ينبغي لطلبة العلم أن ينشروا بين العامة أن عشاء الوالدين الذي يكون في رمضان ليس هو كل شيء! دعاءك لوالدك في صلاة التراويح أو صلاة التهجد أفضل بكثير من أن تذبح له عشر نوق.
الجواب: الكتب التي بها صورة تنقسم إلى قسمين: قسم موضوع للصور, مثل ما يسمى الآن بمجلة البردة هذه، هذا فلا يجوز شراؤها ولا اقتناؤها؛ لأنه المقصود بها أولاً وآخراً الصور, وقسم آخر لا يقصد به الصور إنما يقصد به الفائدة لكن قد يشتمل على صورة الذي كتب المقال, فهذا لا بأس من اقتنائها؛ لأن التحرز منها شاق, وكونه يمشي عليها كلها ويطمس الوجوه أيضاً شاق, وبيعها جائز؛ لأنه متى جاز استعمالها جاز بيعها.
أما لو كانت صور نساء فالأمر كما قلت: لك هل تشترى من أجل الصورة؟! حسب القصد.
الجواب: ما فيها بأس, ما دام هذا الذي يقول: (إذا اشتريت مني بنزين) وقدره كذا وكذا.. أو أخذت مني جوالين زيت قدرها كذا وكذا.. فأنا أملأ لك مجاناً, هذا لا بأس به, إذا كان هذا الرجل لا يزيد في الثمن, يعني: سعره مثل الناس فلا حرج. وسأعطيك قاعدة: وهو أنه إذا كان الإنسان إما سالم وإما غانم فلا بأس. وهذا الرجل إما سالم أم غانم؟ بل إنه غانم يعرف أنه سيغنم في المرة الخامسة: فالزائد يكون مجاناً.
الجواب: ما هناك بأس, يعني: لا حرج للإنسان أن يحج وعليه دين, إذا كان لم يحل, ولكننا نقول: الحج لا يجب عليك حتى تقضي الدين, تيسيراً من الله عز وجل أن نقول للإنسان: اقضِ دينك أولاً ثم حج ثانياً, والإنسان لو مات في هذه الحال فإنه لا إثم عليه, والإنسان الذي عليه دين مثل الفقير, عليه زكاة؟ لا, لأنه ليس لديه مال, هذا الرجل الذي عليه الدين أيضاً ما عليه حج؛ لأنه لا يستطيع.
الجواب: أما إذا تعاقدا فهذا لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تبع ما ليس عندك) وأما إذا تواعدا وقال: ائتني بعد العصر مثلاً وهو طلبها منه الصباح على نية أنه سيشتري هذه السلعة ويبيعها عليه بعد العصر, فهذا بلا بأس به؛ لأنه لم يحصل عقد.
والجواب: المهم ألا يكون بينهما عقد قبل أن تحضر السلعة, ووعد كل واحد منهما لم يلزم الآخر, لكن قال: إن شاء الله أحضرها لك في آخر النهار, لو ذهب الرجل طلب الشراء واشترى من آخر, ما قال له الآخر: لماذا تشتري؟
نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعلم الصالح, وأبشروا بالخير فإن: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة).
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر