أما بعد:
فهذه الحلقة الثالثة والثلاثون بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية التي يعبر عنها بـ(لقاء الباب المفتوح) والتي تتم كل خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس التاسع والعشرون من شهر ربيع الثاني عام (1417هـ).
وبما أن الناس يستقبلون الدراسة النظامية في الأسبوع القادم فإننا نوجه إخواننا إلى الأمور التالية:
وذلك أن طلب العلم من العبادات، والعبادات لا بد فيها من أمرين:
الأول: الإخلاص لله سبحانه وتعالى.
الثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والإخلاص في طلب العلم يكون بأمور:
الأمر الأول: أن ينوي العبد بطلب العلم امتثال أمر الله؛ لأن الله تعالى أمر بالعلم في قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19] قال البخاري رحمه الله في ترجمة هذه الآية: بابٌ العلم قبل القول والعمل، ثم ساق الآية.
ثانياً: أن ينوي بطلب العلم حفظ شريعة الله تعالى؛ لأن طلب العلم من أكبر وسائل حفظ الشريعة، فالشريعة كما تحفظ في الكتب المؤلفة كذلك تحفظ بطلب العلم الذي يتضمن معرفة الشريعة.
ثالثاً: أن ينوي بطلب العلم الدفاع عن الشريعة وحمايتها من أعدائها، وذلك أن الشريعة الإسلامية لها أعداء يتربصون بها الدوائر.. أعداء يصرحون بالعداوة، وأعداء لا يصرحون بالعداوة؛ ولكنهم يبطنون العداوة، وهؤلاء الأعداء أشد أثراً من النوع الأول؛ لأن النوع الأول يظهر العداوة ويمكن للإنسان أن يتحرز منه ويعرف ما عنده من الأمور التي يمكن إزالة الشبهة فيها؛ لكن المشكل إذا كان يبطن العداوة بظاهرِ صَدِيق أو بثوبِ صَدِيق، هذا لا يمكنك أن تعرف ما عنده حتى تجلوَه، ولا يمكن أن تعرف ما عنده حتى تحترز منه، فالشريعة الإسلامية لها أعداء يتربصون بها الدوائر، إما في العقيدة، وإما في الأخلاق، وإما في الأفكار السيئة أو غير ذلك، فلا بد أن ينوي الإنسان بطلب العلم حماية الشريعة والذود عنها من أعدائها.
ومن ذلك أيضاً: أن ينوي الإنسان بطلب العلم رفع الجهل عن نفسه؛ لأن الأصل في الإنسان الجهل، كمـا قال الله تبارك وتعـالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل:78] ولا يمكن رفع الجهل عن النفس إلا بالتعلم، ولهذا تشعر الآن أنك إذا جلستَ مجلس علم أدركتَ في هذا المجلس ما ليس عندك سابقاً، اقرأ مثلاً كتاباً، تقرؤه من أوله تحصل على علم؛ لكن آخره لا تدري ما فيه، حتى تأتي إليه؛ لذلك يكون في طلب العلم رفع الجهل عن النفس.
ومن ذلك أيضاً: أن تنوي رفع الجهل عن غيرك؛ لأن الناس محتاجون إلى طلب العلم ومحتاجون إلى علماء يبصِّرونهم ويدلُّونهم على شريعة الله، ويحثونهم عليها، ويرهِّبونهم مما يخالفها، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله: العلم لا يعدله شيء لمن صحَّت نيته، قالوا: كيف تصح النية؟
قال: ينوي به رفع الجهل عن نفسه وعن غيره.
لا شيء، بل إن هذا الذي علم ولم يعمل أشد ضرراً على الأمة من رجل جاهل؛ لأنه سيكون قدوة، والناس أكثر ما يأخذون هو: الاقتداء والتأسي بفعل العالِم، فإذا كان هذا العالِم يبث الشرع في عباد الله ويدعو إليه لكن لا يَعْمَل به لم يثق الناس بعلمه ولا بدعوته، وهو مع ذلك من أول من تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة نسأل الله العافية.
فإذا استعمل الإنسان الحكمة في دعوته إلى الله عز وجل صار له أثر كبير بالغ.
وليُعْلَم أن الإنسـان كلمـا عمـل بعلمه زاده الله علماً، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد:17] .
وفي الأثر: (من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) .
وقيل:
العلم يهتف بالعمـلْ فإن أجابه وإلا ارتحلْ |
نسأل الله لنا ولكم التوفيق لما فيه الخير الصلاح، وأن يجعلنا قادة هدى وإصلاح، إنه على كل شيء قدير.
قوله: (وَإِخْوَانُ لُوطٍ):
أي قوم لوط، أُرسل إليهم لوط عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم كانوا -والعياذ بالله- يأتون الذكران ويدَعُون النساء، أي: أن الواحد يجامع الذكر ويَدَع النساء، كما قال لهم عليه الصلاة والسلام: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ [الشعراء:165-166] دعاهم إلى الله عز وجل وأنذرهم وخوفهم من هذا الفعل الرذيل؛ ولكنهم أصروا عليه، فأرسل الله: عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ * مُسَوَّمَةً [الذاريات:33-34] أي: مُعَلَّمَة، كل حجارة عليها العَلَم، أي: علامة على مَن تنزل عليه وتصعقه.
وهذه الخصلة الرذيلة من أقبح الخصال، ولهذا كان حدها في الشريعة الإسلامية القتل؛ لأنها أعظم من الزنا، لأن الزاني إذا كان لم يتزوج من قبل فإنه يُجلد مائة جلدة ويُغَرَّب عن البلد سنة كاملة، وإن كان محصناً وهو الذي قد تزوج وجامع زوجته فإنه يرجم حتى يموت، أما اللواط فإن حده القتل بكل حال، فلو لاط شخص بالغ بآخر بالغ باختيار منهما، فإنه يجب أن يُقتل الفاعل والمفعول به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصحابة أجمعوا على قتله؛ لكنهم اختلفوا كيف يقتل، فقال بعضهم: يحرَّق بالنار؛ لعظم جرمه والعياذ بالله.
وقال آخرون: يُرجم بالحجارة.
وقال آخرون: يُلقى من أعلى مكان في البلد ويُتْبَع بالحجارة.
والشاهد أنه رحمه الله نقل إجماع الصحابة على قتله، وإجماع الصحابة حجة، فيكون مؤيِّداً للحديث: (مَن وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) .
ولأن هذه الفاحشة الكبرى -والعياذ بالله- فاحشة مفسِدة للمجتمع؛ لأن المجتمع الرجالي يصبح مجتمعاً نسائياً، وهو أيضاً لا يمكن التحرز منه، الزنا يمكن التحرز منه إذا رؤيت امرأة مع رجل في محل ريبة، فإنه يمكن مناقشتهما؛ لكن إذا رؤي ذكر مع ذكر كيف يمكن أن نناقشهما، والأصل أن الرجل مع الرجل يجتمع ولا يتفرق؛ لهذا كان القول بوجوب قتلهما هو الحق.
أما قوم لوط فقد عرفتم أن الله تعالى أرسل عليهم حجارة من سجيل مسومة فدمرهم تدميراً، حتى جعل عالي قريتهم سافلها.
فيقول عز وجل: كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ [ق:14] أي: أن هذه الأمم الذين حكى الله عنهم الإشارة، بل أشار الله تعالى إلى قصصهم، كلهم كذبوا الرسل فحق عليهم وعد الله بعذابه وانتقامه.
نسأل الله لنا ولكم الهداية والعافية، إنه على كل شيء قدير.
الجواب: الصواب مع الذين دخلوا مع الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين رآهما لم يصليا معه صلاة الفـجر فقال: (ما منعكما أن تصليا معنا، قالا: يا رسول الله! صلينا في رحالنا، فقال: إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة) .
فالصواب مع الذين دخلوا مع الإمام، ولكن إذا دخلوا مع الإمام من أول الصلاة فالأمر ظاهر يتابعونه حتى يسلِّموا معه، وإن دخلوا معه في الركعة الثانية أَتَمُّوا الرابعة خفيفة، وإن دخلوا معه في الركعة الثالثة سلَّموا معه؛ لأنهم حينئذ يكونوا قد صلوا ركعتين فيسلمون مع الإمام لئلا تفوتهم صلاة الجنازة.
السائل: والذي صلى منفرداً تحية المسجد!
الشيخ: الذي صلى منفرداً تحية المسجد، هذا لم يعلم، ونحن قلنا: الصواب مع الإمام.
السائل: الواجب عليه أن يدخل مع الإمام، أو يصلي لوحده؟
الشيخ: قلت لك: إن الصواب مع الذين دخلوا مع الإمام، وأتيتُ لك بالحديث.
السائل: يعني: هذا الصواب.
الشيخ: وأما الواجب فليس واجب على أحد شيئاً، فلو وقفوا ينتظرون سلامه ثم صلوا معه صلاة الجنازة فلا إثم عليهم.
الجواب: يقول العلماء رحمهم الله: إنه تجب إجابة دعوة العرس في أول مرة، أي أول وليمة إذا عيَّنه سواء بنفسه، أو بوكيله، أو ببطاقة يرسلها إليه، بشرط ألا يكون في الوليمة منكر، فإن كان فيها منكر ففيه تفصيل، إن كان إذا حضر أمكنه منع المنكر وجب عليه الحضور، وإن كان لا يستطيع فإنه لا يجوز له أن يحضر.
أما البطاقات التي توزع هكذا عموماً دون أن يعرف أنها أرسلت إليه بعينه، فالظاهر أنها لا تجب الدعوة؛ لأن كثيراً من الناس يرسلوا البطاقات إلى الشخص من باب المجاملة فقط، أو الإعلان بأن لديه وليمة عرس؛ لكن إذا عرفت أنه إنما أرسل إليك هذه البطاقة يريد أن تحضر لقرابة بينك وبينه أو لصداقة، فالواجب أن تحضر.
الجواب: المرأة يضعها في قبرها أي رجل من الرجال، سواء كان من محارمها أو من غير محارمها؛ لكن الأفضل من محارمها، إلا إذا علمنا أن أحداً من الناس لم يجامع تلك الليلة كرجل نعلم أنه ليس له زوجة، أو نعلم أنه قد تجاوز سن الشهوة، فقد قال العلماء رحمهم الله: إن من بَعُدَ عهده بالجماع أولى ممن قَرُب.
الشيخ: ما هو تفسير ابن عباس؟
السائل: تفسير ابن عباس قال: كفوا عني أذاكم لقرابتي فيكم، فهل نأخذ بقول المعاصر أم نأخذ بقول ابن عباس؟
الشيخ: قول المعاصر يقول ماذا؟
السائل: يقول: إنما دعوتي إليكم لأجل هذه القرابة.
الجواب: الآية فيها عدة أقوال: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] أي: لكن المودة في القربى، فما معنى المودة في القربى؟ هل المعنى: إلا أن تودوني لقرابتي؟ وهذا فيه نظر؛ لأن الواجب أن الرسول عليه الصلاة والسلام يُحَبُّ أول ما يُحَبُّ من أجل دعوته إلى الحق، دون القرابة.
والقول الثاني: إلا أن تودوا قرابتي، فيكون المعنى: لا أسألكم أجراً إلا أن تودوا قرابتي؛ لأن قرابة النبي صلى الله عليه وسلم لهم حق على الأمة، إذا كانوا مؤمنين لقرابتهم من الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقيل: المعنى: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] أي: لكن مودتي إياكم لقرابتكم أوجبت أن أدعوكم، وكلها محتَمِلة؛ لكن الظاهر والله أعلم أن معنى: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] أي: إلا المودة التي تكون للأقارب بعضهم مع بعض، فكيف يليق بكم أن تعادوني مع أن القرابة من حيث هي قرابة تقتضي المودة.
السائل: يا شيخ، إلى من نذهب؟ إلى قول المعاصر في مقابلة قول الصحابي أو ننظر فيه؟
الشيخ: لا. الواجب النظر في معنى الآية؛ لكن لا شك أن قول الصحابة رضي الله عنهم يرجع إليه في التفسير أكثر من غيرهم؛ لكنهم ليسوا معصومين.
الشيخ: ثُمَّ ماذا!
السائل: ثم رجعت إلى بلدي.
الشيخ: وتركتَ الحج؟
السائل: إي نعم.
الجواب: اعلم أنك الآن تعتبر محرماً، فعليك أن تبادر بخلع الثياب، ولبس ثياب الإحرام، وتذهب إلى مكة ، وتأتي بالعمرة، تطوف وتسعى وتقصر، ثم عليك أن تحج من العام القادم.
السائل: هذا فقط؟
الشيخ: اصبر، وعليك الهدي؛ لأنك تحللت بلا عذر، فالآن جزاك الله خيراً بادر الآن.
السائل: أنا فعلتُ عمرة على هذا يا شيخ في هذا الصيف، رجعت وأحللت إحرامي ولبست المخيط، ثم جئت في الصيف هذا وأخذتُ عمرة قبل شهر تقريباً!
الشيخ: لكن هل نويتها للعمرة الماضية؟
السائل: لا.
الشيخ: هذا محل نظر، عليك أن تحج العام القادم وعليك الهدي.
السائل: فقط؟ والأهل؟
الشيخ: الأهل مثلك، إذا كانوا تحللوا بعد ...
السائل: لا، لا، قصدي يعني: ما فيه.
الشيخ: ما فيه إلا أنك جاهل. يا أخي! أنا أنصحك أنت ومن يسمع إذا وقعت لكم مشكلة فاسألوا العلماء من حينها، فلو أنك في ذلك الوقت سألت العلماء هل يجوز لك أن تتحلل لمجرد الخصومة بينك وبين صاحبك لكانت المسألة سهلة، فنصيحتي لك ولغيرك أنه إذا وقعت إشكالات في العبادة أن تبادر بالسؤال عنها.
السائل: يجب عليَّ الآن عمرة.
الشيخ: انتهت العمرة، إن شاء الله نرجو أن يكون ما حصل كافياً؛ ولكن عليك أن تحج من العام القادم وتُهدي.
السائل: طَيِّبٌ! والأهل ليس عليهم شيء؟
الشيخ: أنت جاهل، وإذا كان الإنسان جاهلاً فلا شيء عليه.
السائل: لا، الآن في الوقت الحاضر!
الشيخ: لا، الآن خلاص انتهى.
السائل: لأني أنا سألت شخصاً وفعلتها.
الشيخ: انتهت، إذاً ما بقي عليك شيء، عليك أن تتوب وألا تعود، نعم.
الجواب: إذا دعاك اثنان فأجب أسبقهما دعوة، سواء كان هو القريب أو البعيد؛ فإن كانت الدعوة واحدة فأجب أقربهما إليك باباً.
لكن لو دعاك أحد من أقاربك كأخيك وعمك وخالك، ودعاك رجل أجنبي وخفتَ إن أجبت الأجنبي أن يكون بينك وبين قريبك قطيعة فماذا تصنع؟
في هذه الحال نقول: اطلب السماح من الرجل الأجنبي الذي دعاك، وبيِّن له السبب، قل له: والله دعاني مثلاً خالي، أو عمي، أو أخي، فأرجو أن تسمح لي؛ لئلا يقع في قلبه شيء، وعلى الذي دعاك أولاً في مثل هذه الحالة أن يسمح لك لِمَا في ذلك من درء المفسدة.
الشيخ: الدخان؟
السائل: إي نعم، يعني: هل يعتبر هذا من باب الشعوذة وكذا؟
الجواب: والله علي أي أساس؟ هذه المرأة التي وصفت للمرأة التي تسقط حملها وصفت لها الدواء، هل عندها برهان في ذلك؟
السائل: لا أدري، هي أعطتها عدة أدوية.
الشيخ: هي لو كانت المسألة أكلاً أو شرباً لكانت أهون.
السائل: بعضها يؤكل وبعضها يشرب.
الشيخ: لا بأس، بعضها يؤكل وبعضها تضعه في ماء وتشرب، هذه ما فيها إشكال؛ لكن ما هي العلاقة بين الدخان الذي يدخل إلى الفرج وبين بقاء الحمل؟!
السائل: هذا الذي أشكوه.
الشيخ: نعم، أرى ألا تستعمل الأخير، الدخان هذا لا تستعمله، على أن الإسقاط قد يكون سببه ضعف المرأة، وقد يكون سببه كثرة العمل، وقد يكون سببه أنها تَسْقُط مثلاً -يعني: تعثر- وقد يكون سببه أنها تخصر بطنها، المهم تتوقى الأسباب الظاهرة التي توجب إسقاط الحمل، ولها أن تشرب الأدوية التي وصَفَت؛ لكن مسألة التبخير هذه لا نراها.
السائل: ما يسمونها بالعزيمة هذه، تَكْتُب آيات بالعُصْفُر الظاهر، هل تشربها؟
الشيخ: ما فيه بأس، إن كتبتها على إناء ثم شربت.
السائل: نعم، الورقة؟
الشيخ: لا بأس، ما فيه شيء، هذا ورد عن السلف إذا كانت آيات من القرآن أو أحاديث نبوية.
الجواب: القصص التي تتضمن الكذب حرام؛ لأنها كذب، وقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه توعد من حدَّث فكذب ليضحك به القوم، فقال: (ويل له، ثم ويل له) .
الشيخ: ما حَلقْتُم ولا قَصَّرْتُم؟
السائل: ما حَلقْنا ولا قَصَّرْنا، عمرة!
الشيخ: وأحللتم؟
السائل: أحللنا ثم ما قَصَّرْنا، لأنني قلت: هي عبارة عن عمرة، التقصير ليس لازم، أنا جئت من الكويت ، طال عمرك.
الشيخ: طَيِّبٌ! اذبحوا فدية في مكة ، ووزعوها على الفقراء.
السائل: فدية، كيف يعني؟
الشيخ: الآن وكل إنساناً في مكة ، قل: اشترِِ لي ذبيحة واذبحها وفرقها على الفقراء.
السائل: كل واحد عليه ذبيحة أو كلنا علينا فدية واحدة؟
الشيخ: كل واحد عليه ذبيحة، وكما سمعتَ قبل قليل، نصيحتي: أن الإنسان إذا أخل بشيء فليسأل عنه فوراً ولا يتأخر.
السائل: أنا اعتقدت أن العمرة ما فيها حلق، جهلاً مني.
الشيخ: على كل حال هذا هو الواجب، إن شاء الله تعالى يقبل.
السائل: يصلح أن أوصي عليها، وأدفعها؟
الشيخ: يجوز أن توصي عليها.
السائل: أوصي عليها.
الشيخ: توصي عليها إنساناً، وإن كنتَ تريد أن تذهب أنت فهو طيب، تأخذ عمرة وتفدي.
السائل: ألا يوجد أحدٌ أوصيه عندكم هنا جزاكم الله خيراً أنا من الكويت.
الشيخ: والله فيه، يعني: إذا أعطيتنا (400) ريال.
السائل: المبلغ عندنا.
الشيخ: أعطنا (400) ريال وإن شاء الله نجد أحداً.
السائل: كل فرد له (400)؟
الشيخ: كل فرد (400).
السائل: جزاك الله خيراً.
الجواب: ليس عليهم إعادة الصلاة؛ لأنهم صلوا صلاة صحيحة، أما لو صلوا قبل أن يأتي موعد الإقامة فهنا قد نقول: إنه يلزمهم الإعادة؛ لأنهم تعدوا أمر النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (لا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه) لكن ما دام الوقت قد فات وتأخر عليهم فإن صلاتهم صحيحة؛ لكن في المستقبل إذا تأخر الإمام فالذي ينبغي أن يراجَع، يُذْهَب إليه في بيته ويقال: احضر، كما كان الصحابة رضي الله عنهم إذا تأخر النبي عليه الصلاة والسلام جاءوا إلى بيته، وقالوا: الصلاة يا رسول الله، ثم يخرج ويصلي.
أما كونه إذا تأخر خمس دقائق، أو عشر دقائق صلوا، فهذا يَحْصل فيه فوضى، والإمام الراتب له حق في إمامته في هذا المسجد.
الشيخ: يعني: النصارى يقولون: لماذا ينـزل عيسى؟
السائل: نعم، ما هي الحكمة من نزوله؟ فيجيب بعضهم بشيء مُثْبَت، وشيء بعيد.
الشيخ: ما الذي أجابوا به؟
السائل: البعض منهم أجاب: أن ذلك إقامة حجة عليهم لما بدلوا به دين الله عز وجل.
الشيخ: على النصارى يعني؟
السائل: إي نعم، هذه بعض الإجابات وكثير منها أيضاً؛ لكنها بعيدة، يأتي بأشياء من عقله دون دليل؟
الجواب: أما كونه إقامة حجة عليهم فالحجة قائمة عليهم وإن لم ينزل، وهذا لو عُلِّل به لقلنا أيضاً: موسى ينزل من أجل إقامة الحجة على اليهود، وإن كان موسى قد مات، وعيسى لم يمت.
لكن الحكمة والله أعلم هو: إظهار فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم، وتقرير نبوته، حيث إن هذا النبي الذي ينزل يحكم بشريعة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى وإن كان يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ولا يقبل إلا الإسلام، فهذه ليست شريعة جديدة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام حكاها مقرراً لها، فتكون من شريعة النبي صلى الله عليه وسلم.
فالظاهر أن الحكمة من ذلك هو إظهار شرف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن الأنبياء يجب عليهم أن يتبعوه فيريهم الله ذلك في الدنيا قبل الآخرة، ويدل لهذا أنه في الشفاعة يأتي الناس إلى آدم، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى، كل الخمسة الأولون آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، الأربعة هؤلاء كلهم يعتذرون بحجة، أما عيسى فلا يعتذر بحجة، وإنما يقول: اذهبوا إلى محمد، عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكون الله يلهم الناس أن يذهبوا إلى عيسى مع أنه لن يشفع، ولم يذكر خطيئة، المقصود منه: إظهار شرف النبي صلى الله عليه وسلم على الأنبياء السابقين.
الجواب: ما شاء الله، هؤلاء ذهبوا للزنا، فإذا فعلوا ذلك فهم زناة؛ لأن الذين أجازوا النكاح بنية الطلاق من أهل العلم إنما أرادوا الرجل الغريب الذي ذهب لغير هذا القصد، ذهب لتجارة، أو لطلب علم، أو لعلاج وبقوا هناك، فهنا اختلف العلماء: هل له أن يتزوج بنية الطلاق أم لا يجوز؟ فمنهم من جوَّزه، ومنهم من منعه، وأما أن يذهب لهذا الغرض فلا شك أن هذا زنا، وأنه لا يقول به أحد من الناس أبداً، ولو أن هؤلاء اتقوا الله لجعل لهم فرجاً ومخرجاً، لو أنهم فعلوا ما أرشدهم إليه الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) لكان خيراً.
هؤلاء ذهبوا بتذكرة ورجعوا بتذكرة، ونزلوا فنادق هناك قد تكون من أغلى الفنادق وأكثرها ثمناً، وتزوجوا على شيء، ثم سيعودون، فهم في الحقيقة ذهبوا للزنا، فعليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يتقوا الله تعالى، وأن يسترشدوا بإرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم، بلغهم هذا عني، جزاك الله خيراً.
الجواب: هو إذا كان من باب الإكرام فلا بأس، مثل: أن يقول: يا عم حين مخاطبته إياه، أو يا خال، أو يا عمة، أو يا خالة، حين المخاطبة، هذا من باب الإكرام ولا بأس به، وأما إذا وصفهم (بخال أو عم) فهذا لم يرد في القرآن ولا في السنة أن أبا الزوجة عم أو خال أو أن أم الزوجة عمة أو خالة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يغلبنكم الأعراب على صلاتكم العشاء) الأعراب يسمون العشاء العتمة؛ لأنهم يعتمون بالإبل، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر أن نسميها بالعشاء؛ لأن هذا هو الذي جاء في كتاب الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ [النور:58] فأرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن الكلمات لا تطلق إلا على معناها الشرعي.
وكثيراً ما يأتي إليك إنسان يسأل يقول: قال خالي، وقالت عمتي، فيتوهم المسئول أنهم أخوال وأعمام من النسب.
فالمهم أن الجواب: إذا كان ذلك حين المخاطبة يقول لأبي زوجته: يا خال، أو يا عم، فلا بأس، أما إذا كان حين التحدث والإخبار عنه فإن ذلك لا ينبغي؛ لكن التحريم شيء صعب.
الجواب: هذا ليس بصحيح؛ لأن العلماء رحمهم الله يقولون هذا، يقولون: اللوطي، ويقولون: اللواط، وحتى جعلوا قول القائل للشخص: يا لوطي من باب القذف الذي يجلد فيه القائل ثمانين جلدة إلا أن يقيم بيِّنَة، أو يُقِر ويعترف الموصوف بهذه الصفة.
الشيخ: الصقنقور إيش هو هذا؟
السائل: دابة تكون في الرمل!
الجواب: الظاهر أنها من الحشرات المحرمة؛ لأنها مستخبثة، وهي كما ذكر الأخ دويبة تندس في الرمل، ليس لها جحر معلوم، إذا لحقها الإنسان اندست في الرمل، ولهذا يسميها بعضهم: الدِّسَّيْسَة؛ لأنها تندس في الرمل، هذه من المحرمات؛ لكن يجب أن نعلم أن فيما أحل الله تعالى لنا غنىً عنها، فلو قال قائل: ما هو الدليل على التحريم؟ لا يستطيع الإنسان أن يأتي بدليل على تحريمها بعينها، فربما يقول قائل: الأصل الحل، كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) [البقرة:29] فيقال: من باب الورع واجتناب الشبهات وأن تتركها إلى ما أحل الله لك على وجه لا شبهة فيه ولا إشكال، نقول: بدلاً من هذا اطلب ضباً وكله؛ لأن الضب حلال.
الجواب: لا يلزمه؛ لأنه صلى صلاة مأموراً بها، مأذوناً فيها، وكل إنسان يفعل عبادة مأذوناً فيها فإنه لا يلزمه الإعادة؛ لأن الله تعالى لا يوجب على العبد صلاتين أو عبادتين؟
ولو فرضنا أنه جمع جمع تقديم، خرج قبل صلاة الظهر ودخل وقت الظهر فصلى الظهر والعصر جمع تقديم على أنه سيواصل السفر، ثم بدا له فرجع، فجاء وقت العصر وهو في بلده هل يعيد الصلاة؟
الجواب: لا يعيد الصلاة؛ لأن ذمته برئت بصلاته الأولى، حيث إنه صلى صلاة مأذوناً فيها.
السائل: هل يصلي مع الجماعة نافلة؟
الشيخ: ليس بلازم، إن حضر المسجد صلى مع الجماعة.
الجواب: يقول: إن له أخاً يكسب المال من عمل محرم وهو حلق اللحية، كذا؟
السائل: نعم.
الشيخ: طَيِّبٌ! فهل يجوز للأخ أن يذهب إلى أخيه هذا ويأكل من طعامه ويشرب من شرابه؟
الجواب: نعم. له أن يذهب إليه، ويأكل من طعامه، ويشرب من شرابه، إلا إذا كان في هجره مصلحة بأن كان إذا لم يجبه إلى دعوته تاب الرجل وترك المحرم، فليفعل، ولا يذهب إليه، أما إن كان لن يترك المحرم سواء حضر أو لم يحضر فلا حرج أن يذهب إليه ويأكل من طعامه وشرابه، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هدية اليهود ودعوتهم، فأهدت إليه امرأة يهودية عام خيبر شاة؛ ولكنها شاة مسمومة تريد أن تقتله إلا أن الله تعالى حماه من ذلك وعصمه، ودعاه يهودي في المدينة إلى طعام خبز شعير وإهالة سنخة، فأجاب وأكل، والمعروف عن اليهود أنهم أكَّالون للسحت أخَّاذون للربا.
الجواب: هذا هو الظاهر؛ لكن قصدك مثلاً إذا جيء برجل ليُدْفَن؟
السائل: نعم.
الشيخ: لا يختص؛ لأن هذا إنما ورد في المرأة فقط.
الجواب: هذا يرجع إلى المحكمة، يعني: لا بد أن تصل إلى المحكمة ويُنْظَر المصلحة.
الجواب: السواك في الوضوء سنة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) قال أهل العلم: ومحله عند المضمضة؛ لأن المضمضة هي التي يكون بها تطهير الفم، فيكون عند المضمضة، فإن لم يتيسر له ذلك فبعد الوضوء، والأمر في هذا واسع.
الجواب: الذي يسافر إلى البلاد الأخرى عربية كانت أو غير عربية لقصد فعل المحرم لا شك أنه عاصٍ لله من حين أن يسافر من بيته إلى أن يرجع إليه.
وقد قال أكثر أهل العلم: إنه في هذه الحال إذا سافر لأجل هذا الغرض فإنه لا يترخص برخص السفر، فلا يقصر، ولا يجمع، ولا يمسح على جواربه ثلاثة أيام؛ لأنه عاص بسفره، والعصيان منافٍ للرخصة، أما إذا كان لغير هذا الغرض لكنه سيشاهد ذلك ويسمعه فقد يتوقف الإنسان في تحريم السفر؛ إلا أننا نقول: ليس هذا من كمال العقل وكمال التدبير والتصرف أن يذهب إلى هذه البلاد وينفق النفقات الكثيرة الطائلة التي قد يغني عُشْرُها فيما لو سافر إلى الحرمين مكة والمدينة وإلى مصائف هذه البلاد -بلاد المملكة العربية السعودية- ثم إن الغالب أنه لا يخلو من الجلوس إلى قوم يمارسون المحرم، إما بالأغاني أو شرب الدخان أو غير ذلك، ثم إنَّا نسمع أن بعض البلاد فيها شبه عُرْي بالنسبة للباس النساء وهذا يؤثر على طبيعة النساء اللاتي يشاهدن هذا، فنصيحتي لكل مؤمن بالله واليوم الآخر: ألا يسافر إلى مثل هذه البلاد التي لا يزداد بها إيماناً ولا تقىً، وينفق فيها النفقات الكثيرة الطائلة.
الجواب: رأيي أن هذا ليس إلى الإنسان بل هو إلى الله عز وجل، فأما تحديد النسل بمعنى أن الإنسان حين يولد له عدد معين من الأولاد يستعمل ما يقطع الحمل نهائياً، فهذا حرام، نص عليه أهل العلم.
وأما ما يسمى بالتنظيم فهذا إن دعت الحاجة إليه مثل أن تكون المرأة ضعيفة أو مريضة لا تتحمل الحمل فهذه تُعْطَى ما يمنع الحمل في وقته، وفي حينه، ويختلف باختلاف النساء، وباختلاف حال المرأة نفسها أيضاً، قد تكون في سنة من السنوات قادرة على الحمل بسهولة وبدون مرض أو ضرر، وقد تكون بالعكس.
ثم إننا نقول لمن أراد أو ادعى التنظيم: هل الأمر بيدك بالنسبة للموجودين أن يبقوا أحياءً؟ كل شخص يقول: لا، ربما تصيبهم مصيبة تقضي عليهم جميعاً في سنة واحدة، فأين التنظيم؟!
ومن المعلوم أن الرسول عليه الصلاة والسلام حث الأمة على تزوُّج الودود الولود -أي: كثيرة الولادة- لأجل تكثير نسل الأمة الإسلامية، وكثرة الأمة لا شك أنه من عزتها وقوتها.
الجواب: نعم، زوج بنت البنت محرماً للجدة؛ لأن من تزوج امرأة صار محرماً لأمها وجدتها من قِبَل أبيها وجدتها من قِبَل أمها وجداتها وإن علت.
الجواب: الأفضل ما هو الأيسر، ولم نعلم الآن أن هناك مصليات خاصة للجنائز فيما بلغنا، ربما يكون بعض البلاد للجنائز مصلىً خاصاً، لا أدري.
السائل: القصد: السنة يا شيخَ؟
الشيخ: لا، السنة: الأيسر على الناس؛ لأن كثرة العدد والمشيعين أفضل بالنسبة للمكان.
الشيخ: كيف يعني؟
السائل: حينما يكون القصاص على رجل قاتل، في آخر لحظة يعفو ولي المقتول، أريد أن توردوا لنا جزاء ذلك؟
الجواب: لا شك أن العفو أفضل، قال الله تعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237] ولكن العفو لا بد أن يكون مقروناً بالإصلاح، بمعنى أنك إذا عفوت صار في هذا إصلاح للأمة، أما لو كان سوى ذلك فلا تعفو، فمثلاً: لو قدرنا أن هذا القاتل كان قتل عن إجرام، وعن حب للاغتيالات، وأننا لو عفونا عنه اليوم لذهب يقتل آخر في اليوم الثاني، أو لتجرأ آخرون على ما تجرأ عليه من القتل، فهنا لا ينبغي العفو، بل الأخذ بالحزم، والحمد لله الإنسان الذي لا يموت اليوم يموت غداً، وقتل هذا القاتل يكون كفارة له بالنسبة لأولياء المقتول، وإذا كان قد تاب إلى الله توبة نصوحاً كان أيضاً كفارة له بالنسبة لحق الله عز وجل، ويبقى حق المقتول؛ لأن القاتل عمداً يتعلق بجرمه ثلاثة حقوق:
1- حق الله عز وجل.
2- وحق المقتول.
3- وحق أولياء المقتول.
فإذا تاب إلى الله وندم وسلَّم نفسه لأولياء المقتول فقد سقط عنه حقان، وبقي حق المقتول.
فمن العلماء من يقول: إن المقتول لا بد أن يأخذ بحقه يوم القيامة، حتى لو تاب القاتل.
ومن العلماء من يقول: إنه إذا تاب توبة نصوحاً وعلم الله منه ذلك فإن الله يتحمل مظلمة المقتول ويؤديها عن القاتل.
وهذا عندي هو الأقرب؛ لعموم قول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ [الفرقان:68-70] فالآية عامة، تدل على أنه إذا تاب سقط عنه كل ما يتعلق بهذا القتل.
الجواب: الصحيح: أنه عام لهذا وهذا، لكن بلا خوف بالكمية فقط.
السائل: بلا خوف؟
الشيخ: بلا خوف، ومع الخوف بالكمية والكيفية.
السائل: كيف يجاب على حديث عائشة : (أن الصلاة شرعت ركعتان، فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر) هي الأصل ركعتان فكيف نعبر عنها بالقصر؟
الشيخ: نعم، لأنه لما كان المسلمون أكثرهم غير مسافرين، كلهم يتمون، فبيَّن الله عز وجل أنهم إذا سافروا وضربوا في الأرض فليس عليهم جناح أن يقصروا من الصلاة، ثم إن نفي الجناح لا يعني أن المشروع هو القصر، كما قال الله تعالى في الصفا والمروة: فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158] لأنهم كانوا يتحرجون من الطواف بهما، فبُيِّنَ لهم أنه لا جناح عليهم بالطواف بهما، والطواف بهما من شعائر الله، كذلك أيضاً لا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة؛ لأنهم تحرجوا من ذلك، فبيَّن الله عز وجل أنه لا جناح، ثم يُنْظَر إلى حكمه، فنجد أنه سنة لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى اللقاء القادم إن شاء الله تعالى في مثل هذا اليوم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر