إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [135]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في هذا اللقاء تفسير آيات من سورة (ق) مبيناً من خلالها معنى سكرة الموت، وأن هذا الموت مهما طال عمر الشخص فإنه ملاقيه ومدركه ولا مفر منه ولا محيد عنه. وعلى كل حال ففي الآيات تحذير من التهاون بالأعمال الصالحة والتكاسل عن التوبة، وأن الإنسان يجب أن يبادر؛ لأنه لا يدري متى يأتيه الموت.

    1.   

    تفسير آيات من سورة (ق)

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الخامس والثلاثون بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية التي يعبر عنها بـ(لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا هو الخميس الرابع عشر من شهر جمادى الأولى عام (1417هـ).

    وقبل أن نبتدئ في هذا اللقاء أود أن أنبه إلى أن الأسبوع القادم ليس فيه لقاء لأن عندي شغل.

    ونبتدئ هذا اللقاء بالكلام على ما تيسر من تفسير سورة ق.

    والآية هي قوله تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:19-21] .

    تفسير قوله تعالى: (وجاءت سكرة الموت ....)

    قال تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ [ق:19] :-

    السكرة هنا هي: تغطية العقل، كالإغماء ونحوه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن للموت سكرات) وعلى هذا فيكون قوله: سَكْرَةُ الْمَوْتِ : مفرداً مضافاً، فيشمل الواحدة أو أكثر.

    وقوله: بِالْحَقِّ : أي: أن الموت حق كما جاء في الحديث: (الموت حق، والجنة حق، والنار حق) ، فهي تأتي بالحق، وتأتي أيضاً بحق اليقين؛ فإن الإنسان عند الموت يشاهِد ما تُوُعِّد به وما وُعِدَ به؛ لأنه إن كان مؤمناً بُشِّر بالجنة، وإن كان كافراً بُشِّر بالنار، أعاذنا الله وإياكم منها.

    ذَلِكَ أي: الموت.

    مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ اختلف المفسرون في (مَا) هل هي نافية، فيكون المعنى: ذلك الذي لا تحيد منه، ولا تنفك منه، أم أنها موصولة والمعنى: ذلك الذي كنت تحيد منه؛ ولكن لا مفر منه.

    فعلى الأول: يكون معنى الآية: ذلك الذي لا تحيدون منه، بل لابد منه، وقد قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة:8] ، وتأمل يا أخي: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ولم يقل: فإنه مدرككم، وما ظنك بشيء تفر منه وهو يلاقيك، إن فرارك منه يعني دنوك منه في الواقع، لو كنت فاراً من شيء وهو يقابلك، فكلما أسرعت في الجري أسرعت في ملاقاته، ولهذا قال: فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ .

    في الآية الثانية: أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ) [النساء:78] ؛ لأنه ذكر في هذه الآية الثانية أن الإنسان مهما كان في تحصنه فإن الموت سوف يدركه على كل حال.

    هنا يقول: ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19] يعني: ذلك الذي لا محيد لك عنه.

    المعنى الثاني في (مَا): أن تكون موصولة، إي: ذلك الذي كنت تحيد منه وتفر منه في حياتك قد وصلك وأدركك.

    وعلى كل حال ففي الآية التحذير من التهاون بالأعمال الصالحة، والتكاسل عن التوبة، وأن الإنسان يجب أن يبادر؛ لأنه لا يدري متى يأتيه الموت.

    تفسير قوله تعالى: (ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد)

    ثم قال: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ [ق:20] :-

    النافخ في الصور هو: ملك وكَّلَه الله تعالى به يسمى: إسرافيل، والنفخ في الصور نفختان:

    الأولى: نفخة الصعق: فيسبقها فزع، ثم صعق.

    والثانية: نفخة البعث: وبينهما أربعون، وقد سئل أبو هريرة راوي الحديث: ما المراد بالأربعين؟ فقال: [أَبَيْتُ] أي: إني لا أدري ما المراد بالأربعين التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.

    المهم أن المراد بقوله هنا: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ النفخة الثانية، بدليل قوله: ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ، وهذا يعني أنه بهذه النفخة صار يوم القيامة الذي هو يوم الوعيد.

    فإن قال قائل: يوم القيامة يوم وعيد ويوم وعد، وعيد لمن؟ للكفار، ووعد لمن؟ للمؤمنين.

    فلماذا ذكر الله تعالى هنا الوعيد دون الوعد؟

    لأن السورة كلها مبدوءة بتكذيب المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام فناسَبَ أن يُغَلَّب فيها جانب الوعيد ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ ... [ق:1-2] إلى آخره، فكان من الحكمة أن يُذْكَر الوعيد دون الوعد، ومع ذلك فقد ذكر الله تعالى أصحاب الجنة فيما بعد؛ لأن القرآن مَثانٍ.

    تفسير قوله تعالى: (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد)

    ثم قال تعالى: وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق:21] :-

    وَجَاءَتْ يعني: يوم القيامة.

    كُلُّ نَفْسٍ أي: كل إنسان، وكل بشر، ويحتمل أن يكون المعنى: كل نفس من بني الإنسان ومن الجن أيضاً ممن يُلزمون بالشرائع؛ لأننا إن نظرنا إلى السياق وهو قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16] قلنا: المراد بالنفس هنا: نفس الإنسان، وإذا نظرنا إلى أن الشرائع تلزم الجن كما تلزم الإنس، وأن الجن يحشرون يوم القيامة ويدخل مؤمنهم الجنة وكافرهم النار قلنا: إن هذا عام، فالله أعلم بما أراد.

    مَعَهَا سَائِقٌ يسوقها.

    وَشَهِيدٌ يشهد عليها بما عملت؛ لأن هؤلاء الملائكة عليهم الصلاة والسلام قد وكلوا بكتابة أعمال بني آدم، من خير وشر، وكما سبق أنهم يكتبون كل شيء من الخير، والشر، واللغو، لكن لا يحاسَب الإنسان إلا على الخير أو الشر.

    تفسير قوله تعالى: (لقد كنت في غفلة من هذا ...)

    ثم قال تعالى: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ) [ق:22] :-

    كُنْتَ الخطاب للإنسان، وفيه ما يسمى بالالتفات، والالتفات معناه: أن ينتقل الإنسان في أسلوبه، من خطاب إلى غَيبة أو من غَيبة إلى خطاب، أو من تكلُّم إلى غَيبة، المهم أن تختلف الضمائر، وفائدة ذلك الالتفات: أنه يشد ذهن السامع، فبينما الكلام على نسق واحد إذا به يختلف.

    انظر إلى قـوله تعـالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ ) [المائدة:12] وبعده وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ) [المائدة:12] ولم يقل: وبعث.

    وانظر إلى الفاتحة التي نقرأها كل يوم في كل ركعة من صلواتنا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) [الفاتحة:1-3] بعده؟

    إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) [الفاتحة:5] ولم يقل: إياه نعبد، وسياق الآيات للغائب، الحمد لله ليس هو للمخاطب، فما قلتَ: الحمد لك يا رب.

    فالمهم أن الالتفات أسلوب من أساليب اللغة العربية وفائدته: شد ذهن السامع لما يلقى إليه من الكلام.

    لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا )، وكمـا تعلمون أن الجملة هنا مؤكدة بثـلاث مؤكـدات؛ لَقَدْ كُنْتَ ، وهي كثيرة الوقوع في القرآن دائماً: (لقد كنتَ) (لقد كان) (لقد جاء) هذه الجملة يقول العلماء: إنها مؤكدة بثلاث مؤكدات:

    الأول: القَسَم.

    والثاني: اللام.

    والثالث: قد.

    إذاً التقدير: والله! لقد كنت في غفلة من هذا، وهنا نطرح سؤالاً: أليس خبر الله تعالى حقاً وصدقاً سواء أُكِّد أم لم يؤكد؟

    بلى ولاشك؛ لكن ما دام القرآن نزل باللسان العربي، فإنه لابد أن يكون التأكيد في موضعه وعدم التوكيد في موضعه؛ لأن المقصود أن يكون هذا القرآن في أعلى مراتب البلاغة.

    لَقَدْ كُنْتَ [ق:22] أي: أيها الإنسان.

    فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا [ق:22] أي: كنتَ غافلاً عن هذا اليوم، ساهٍ في الدنيا، كأنك خُلِقْتَ لها.

    فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ [ق:22] يعني: هذا اليوم كُشِف الغطاء وبان الخفي واتضح كل شيء.

    فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) [ق:22] أي: قوي بعد أن كان في الدنيا أعشى أعمى غافلاً؛ لكن يوم القيامة يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً ) [آل عمران:30] يتبيَّن كل شيء.

    نسأل الله تعالى أن يحسن لنا ولكم الخاتمة والعاقبة، وأن يحشرنا مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

    1.   

    الأسئلة

    حكم وسائل الدعوة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما هو القول الصحيح في وسائل الدعوة هل هي توقيفية أو اجتهادية؟

    الجواب: نعم، القول الصحيح في مسائل الدعوة أنها توقيفية، لا يُدعى إلا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لكن إذا احتيج إلى التأليف والتقريب فلا بأس أن يستعمل الإنسان ما يكون به تأليف القلوب وتقريبها، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو بالقرآن والسنة، ومع ذلك يعطي المؤلفة قلوبهم من الزكاة؛ لأجل أن يقربهم.

    فإذا قدر أن هناك شيئاً مباحاً يُستعمل للتقريب والتأليف فلا بأس به؛ لكن بشرط أن تكون الركيزة الأولى هي: الكتاب والسنة وطريق السلف الصالح.

    تسويق المنتجات التابعة للرافضة

    السؤال: ما حكم تسويق بعض المنتجات لبعض الشركات التي أصحابها من الرافضة، مع أنه موجود في السوق بعض المنتجات البديلة عنها. كالمياه ونحوها؟ وجزاك الله خيراً.

    الجواب: الذي نرى أنه إذا أمكن أن يكون التسويق من أهل السنة البعيدين عن البدع، فلا شك أنه خير وأحسن كما أنه أيضاً إذا وُجِدَت مثلاً سلعة من صنع الكفار وسلعة من صنع المسلمين، فإن الأولى أن يأخذ الإنسان بصنع المسلمين بلا شك، لكن قد تتميز الصنعة الأخرى بجودة وأناقة وما أشبه ذلك، فلا حرج على الإنسان أن يأخذ منها، ولهذا مثلاً يوجد الآن سخانات بمصنع سعودي ويوجد أيضاً مكيفات بمصنع سعودي وغيرها، هذه نقول: الأولى أن تكون هي التي تسوَّق وهي التي تُشْتَرى قبل كل شيء؛ إلا إذا تميز غيرها عنها بميزة، فالإنسان يريد ما فيه مصلحته.

    حكم تحويل دورة المياه إلى مصلى

    السؤال: السلام عليكم.

    الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

    السائل: فضيلة الشيخ، هل يجوز ...

    الشيخ: السلام هنا غير مشروع؛ لأنك حاضر من أول الدرس.

    السائل: .... فضيلة الشيخ، هل يجوز تحويل دورات المياه -أعزكم الله- إلى مصلى.

    الشيخ: يعني: يصلي في حمام؟

    السائل: لا، وإنما بعد تغييرها، يعني: هدّها وردمها وتغييرها.

    الشيخ: أنا سأسألك: لماذا لا تجوز الصلاة في المراحيض؟

    السائل: لأنه مكان نجس.

    الشيخ: لأنه نجس، وإذا أزيل وطُهِّر، فتجوز الصلاة؟

    السائل: تجوز.

    الشيخ: الآن الأرض إذا كانت نجسة وطهرتها بالماء، ألا تجوز الصلاة عليها؟ فالأعرابي الذي جاء وبال في المسجد أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يُصَبَّ على بوله ماء، ثم طَهُر ويُصَلَّى فيه، كما أن القبور لو نُبِشَت وجُعِل مكانها مسجداً جازت الصلاة فيها، ألم تعلم أن المسجد النبوي كان فيه قبور للمشركين، ثم نُبِشَت وجعل مسجداً نبوياً، الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام؟! أفهمتَ؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: إذاً: الحكم يدور مع علته، الآن يوجد تطهير المياه بمواد كيماوية، كتطهير المياه النجسة، والمجاري، هذه إذا ألقي عليها المواد الكيماوية وطهُرت صارت طاهرة، ليس فيها شيء، وخذها عندك قاعدة شرعية: (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً).

    حكم لبس البنطال للمرأة

    السؤال: فضيلة الشيخ! لقد كثر لبس الناس للبنطال وخاصة في الأسواق، فما حكم لبسه للمرأة سواء في بيتها عند زوجها، أو عند النساء، أو في الأسواق؟ وهل فيه مشابهة للرجال؟ وفقكم الله.

    الجواب: والله هذه المسألة أصبحت مشكلة، أنا أرى أنها تُمْنَع من لبس البنطلون مطلقاً حتى عند زوجها، لما فيه من التشبه، ولِمَا يُخْشَى منه من المحظور في المستقبل؛ لأنه ربما في يوم من الأيام تَلْبَس النساء البناطيل الضيقة ثم تنتقل من بناطيل ضيقة إلى بناطيل ملونة بلون الجسم، فإذا كانت ضيقة ولونها لون الجسم أصبحت المرأة كأنها عارية، والحمد لله الآن المجلات والصحف تبين أن هذا حرام؛ لكن مع الأسف، يوجد فتوى نقلتها الجزيرة عن الشيخ عبد العزيز بن باز أنه حرام، وفتوى عن الشيخ ابن جبرين أنه حرام، وفتوى عن اللجنة الدائمة أنه حرام، وفتوى مني أيضاً أنه حرام، وأنا لا أدري أين يذهب الناس الآن، إذا كان هؤلاء علماؤهم يقولون بالتحريم وهم يصرون إلا أن يفعلوا، من يقود الأمة؟! إذا لم يقد الأمةَ علماؤها فمن الذي يقودها؟! الجهال؟! أو الأهواء؟! أو هؤلاء الذين يريدونها علينا ليفسدوا علينا أخلاقنا، كما أفسدوا على كثير من الأمم؟! أنا لا أدري.

    الواجب على طلبة العلم أن يشنوا حملة على مثل هذه الألبسة، وأن يبينوا للناس أن المرأة ليست صورة بلاستيك يُنْظَر إليها فقط وليست هي أحسن دمية يُنْظر إليها! المرأة كالرجل إلا أنها تخالفه في مسألة التجمل لزوجها، وما أشبه ذلك مما جعله الله تعالى وسيلة إلى أن يتصل زوجها بها، حتى يكثر النسل وتكثر الأمة، فالآن أعطيتك أربعة، كلهم يقولون: إنه حرام.

    الأحكام الوضعية .. ونقد لمصطلح التكاليف الشرعية

    السؤال: أرجو توضيح الأحكام الشرعية الوضعية للضابط والتكليف؟

    الجواب: على كل حال: الواجب، والسنة، والمباح، والمكروه، والحرام، هذه تسمى عندهم: أحكام تكليفية.

    والسبب، والشرط، والمانع، والركن، والواجب، والفاسد، والصحيح، والباطل، هذه تسمى عندهم: أحكام وضعية.

    ثم إن كلمة أحكام تكليفية هذه منتقدة أيضاً، فليس في الكتاب والسنة كلمة تكليف إلا منفياً لا مثبتاً، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ولهذا ينبغي أن نقول بدل تكليفية: أحكام أُمِر بها أو نُهِي عنها، حتى نوافق الكتاب والسنة، أما تكليفية إذ سمعتَ تكليفية فمعناها: أن الإنسان يكلف، ليس هو مكلفاً والحمد لله، الإنسان يعطى على قدر طاقته، ولهذا لما أنزل الله تعالى قوله: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة:284] جاء الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام وجثوا على ركبهم، وقالوا: (يا رسول الله! ما لنا طاقة بهذا، أن يحاسبنا الله على ما في أنفسنا سواء أبديناه أو أخفيناه ما نطيق هذا، فقال لهم النبي عليه الصلاة والسلام: لا تكونوا كالذين قالوا: سمعنا وعصينا، قولوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285] فقالوا: سمعنا وأطعنا، لما انقادوا واستسلموا أنزل الله الآية التي بعدها لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] قال الله: نعم، رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا [البقرة:286] قال الله: نعم، رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:286] قال الله: نعم).

    فانظر إلى أن الله عز وجل لا يكلف أحداً إلا ما يطيق، فما يطيق فهو مكلف به، بمعنى أنه مأمور به أو منهي عنه.

    حكم أخذ الورثة من التركة التي تكون من الربا

    السؤال: فضيلة الشيخ! إذا علم الوارث أن مورثه يأكل الربا هل يجوز له أخذ نصيبه من الميراث؟

    الجواب: يعني: إذا علمنا أن الميت كان يتعامل بالربا فهل يجوز لورثته أن يأخذوا نصيبهم من التركة؟

    نقول: نعم يجوز، والإثم على نفس الميت؛ إلا إذا كان الربا لم يقبض حتى الآن فهنا نقول للورثة: اقبضوا الربا ممن هو عليه، ولكن لا تأكلوه، وتصدقوا به، أو اجعلوه في المساجد، أو في الطرق، أو في أعمال خير، أما ما قُبِص فالقابض هو الميت والإثم عليه، وما لم يُقْبَض لا يحل للورثة أن يقبضوه لأنفسهم بل يقبضوه لأجل أن يصرفوه في أعمال الخير، قد يقول قائل: لماذا يقبضونه -مثلاً- وهو ربا؟

    نقول: لأن هذا المرابي الذي دفع الربا قد أقدم عليه ورضي به وعامل به فلا نجمع له بين أن ينتفع بالمال هذه المدة وينتفع أيضاً بالربا، نقول: هاته، فنأخذه ونعطيه، ونجعله في المصالح العامة.

    وإن رأوا أن من المصلحة ترك الربا كما لو كان فقيراً فلا يأخذونه أصلاً. أفهمتَ الآن؟

    حكم الإبراء من العيب

    السؤال: فضيلة الشيخ: بعض الباعة أو البائعين للأجهزة الكهربائية بالذات يبيع للمشتري الجهاز، وإذا وُجِد فيه خلل بعد أخذه إلى المنزل ولو كان رئيسياً، بل حتى ولو كان معطلاً لا يعمل، فإنه يرفض أن يعيده أو يستبدله، ويحيل على شركة صيانة مرتبط بها هو لصيانته، فهل يحق له ذلك؟ بارك الله فيك.

    الجواب: نعم، هذه مسألة ترجع إلى الإبراء من العيب، والإبراء من العيب جائز، يعني: إذا قال البائع للمشتري: أنا لا أعرف عن السلعة، وأنا بريء من كل عيب فيها، فقال المشتري: نعم، لزمه الشرط، فإذا وجد فيها أي عيب فإنه لا يستحق الرد، ولا يمكن ردها على البائع، وللبائع أن يمتنع وليس في ذمته شيء.

    وأما إذا كان البائع يعلم العيب في السلعة لكن أراد أن يخدع المشتري وقال له: أنا لا أبيع عليك إلا هذا الهيكل، ولست ملزماً به، فهذا حرام ولا يجوز، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.

    وبعض العلماء يقول: إن أبرأه بعد العقد برئ حتى لو كان البائع عالماً وإن أبرأه قبل العقد، فإنه لا يبرأ سواء كان البائع جاهلاً أو عالماً.

    والصواب الذي ورد عن الصحابة رضي الله عنهم -كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - هو: الأول، وهو أنه إذا كان البائع عالماً بالعيب لكن خدع المشتري وكتمه وجعل الأمر ملتبساً عليه فإن المشتري إذا وجد عيباً له الرد، وأما إذا كان لا يعلم فلا بأس أن يبرئه منه.

    والظاهر: أن الآلات هذه أنها لا تُعْلَم، تَرِد للباعة ويبيعونها هكذا؛ لكن ينبغي للمشتري أن يكون حذراً حازماً فيقول للبائع: جربها الآن أمامي حتى لا يبقى إشكال في المسألة.

    حكم قول: قال الله على لسان نبيه كذا ونحوه .. وقول الشاعر: لعمري

    السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز قول: قال الله على لسان نبيه نوح أو حكاية؟ وهل يجوز قول الشعراء: لَعَمْرِي؟

    الجواب: نعم، أما قول القائل: قال الله تعالى على لسان نوح فلا بأس به، أو على لسان موسى فلا بأس به؛ لأن المعنى أنه نقل ما قاله موسى أو ما قاله نوح، ولا بأس به، والله عز وجل ينقل عن الرسل وعن غير الرسل، نقل عن الرسل، وعن فرعون، وعن المكذبين للرسل.

    وأما قول: لَعَمْرِي فكذلك أيضاً لا بأس بها، وهي واردة عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة أيضاً، وليس هذا قسماً لكنها بمعنى القسم، القسم أن يأتي بالواو فيقول وعَمْرِي، أو وحياتي، أو ما أشبه ذلك، أما لَعَمْرِي فلا بأس به.

    حكم من كان مرحاض بيته باتجاه القبلة

    السؤال: فضيلة الشيخ! استأجرتُ منزلاً واتجاه المرحاض إلى القبلة، فماذا أصنع؟

    الجواب: أليس بينك وبينه جدار؟

    السائل: بلى.

    الشيخ: ليس فيه شيء، خذوا هذه القاعدة يا إخوان! (جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) ، كل الأرض مسجد إلا ما جاء الحديث بالنهي عنه؛ لكنه لما قالوا: إنه يُكره أن يكون أمامه مرحاض أو بيت قضاء الحاجة أو ما أشبه ذلك، كراهةً وليس حراماً.

    ضرورة التزام الأحكام الشرعية بعد البلوغ

    السؤال: فضيلة الشيخ! هناك بعض الناس إذا حدثته عن سلوك الطريق المستقيم قال لك: إن الدين في القلب وليس في الأشكال ويقول: بأن الرجل لا يلتزم أو يسلك الطريق المستقيم إلا بعد بلوغ الأربعين ويحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلا بعد الأربعين!

    الشيخ: لا إله إلا الله!

    السائل: فما قولكم يا شيخ؟!

    الجواب: قولنا: نوافقه في قوله: إن التقوى في القلب، والإيمان في القلب؛ لكننا نقول له: إن الذي قال: (التقوى هاهنا) وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، هو الذي قال: (إنها إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله) ، ففساد الظاهر عنوان على فساد الباطن، ثم إن كان هذا الفساد مخرجاً عن الإسلام كان الباطن خارجاً عن الإسلام، وإن لم يكن مخرجاً ففي القلب مرض لكنه لا يبلغ حد الكفر.

    فنحن نجيبه بما استدل به، نقول: أنت قلت: التقوى هاهنا ونحن نقول: الذي قال: (التقوى هاهنا) هو الذي قال: (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) .

    ففساد الظاهر دليل على أن الباطن فيه بلاء، أفهمتَ؟ الفقرة الثانية ماذا يقول؟

    السائل: إنه لا يسلك الطريق المستقيم إلا بعد بلوغه الأربعين.

    الشيخ: وأما هذا فنقول: هذا خطأ عظيم، نعم تمام الأربعين فيه كمال قوة العقل والبدن، وأما التكليف فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق) فالحد هو البلوغ، فمتى ما بلغ الإنسان وكان عاقلاً أُلْزِم ما يُلْزِم به من له أربعون سنة ومن له خمسون سنة ومن له دون ذلك؛ لكن يستحسن في مثل هذا يُرْفَع إلى ولاة الأمور حتى يستتيبوه فإن تاب، وإلا عاملوه بما يقتضيه هذا الكلام، فهذا الكلام خطير جداً.

    كيفية الجمع بين حديثي: (لا عدوى ولا طيرة) و (فر من المجذوم)

    السؤال: فضيلة الشيخ! كيف نوفق بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) وبين قوله: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) ؟

    الجواب: إي نعم، أولاً: يجب بارك الله فيكم! أن تأخذوا قاعدة مهمة وهي: (أنه لا يمكن التناقض في القرآن أبداً) وإذا مر بك آيتان تظن أنهما متناقضتان فاعلم أن ذلك إما لقصور فهمك، أو لقصور علمك، فتوقَّف ولا تحكم بالتناقض حتى تسأل العلماء، هذا بالنسبة للتناقض.

    وكذلك أيضاً صحيح السنة لا يمكن أن يتناقض حديثان عن الرسول عليه الصلاة والسلام أبداً، فإذا مر بك ما تظن أنه متناقض فإنما ذلك لقصور فهمك وقصور علمك وعليك أن تتريث حتى تسأل من هو أعلم منك.

    وبين القرآن والسنة الصحيحة أيضاً لا يمكن التناقض؛ لأنه كله حق، والحق لا يتناقض.

    هذه القواعد الثلاث اعرفوها تماماً.

    فنقول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) يدل بظاهره على أن المجذوم قد يعدي، وهو كذلك، فالجذام مرض معدٍ، وهناك أمراض كثيرة معروفة بأنها تعدي، فصاحب المرض المعدي لا تجالسه، اتركه، ولهذا قال العلماء: يجب على ولي الأمر أن يحصر الجذماء -الذين أصيبوا بالجذام- في مكان خاص لا يتصل الناس بهم ولا يتصلون بالناس، خوفاً من العدوى.

    لكن قول الرسول: ( لا عدوى ولا طيرة ) هذا نفي لما كانوا يعتقدونه في الجاهلية من أن العدوى لابد أن تكون، وأنها فاعلة على كل حال، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: ( لا عدوى ولا طيرة ) أورد عليه أعرابيٌّ إشكالاً فقال: (يا رسول الله! الإبل تكون في الرمل كالظباء -يعني: ليس فيها أي شيء- فيخالطها الأجرب فتجرب -وهذه ماذا؟ هذه عدوى- فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: مَن أعدى الأول؟) معناها مَن الذي جعل الجرب في الأول بدون أن يخالط الجرباء؟ إنه الله، فالذي نقل العدوى من هذا المريض إلى الصحيح هو الله عز وجل وليس هي العدوى نفسها.

    فالنفي: لتأثير العدوى بنفسها.

    والإثبات: لإثبات أن العدوى من الله عز وجل.

    ولهذا جاء في الحديث: (لا يورد مُمْرِض على مُصِحٍّ) وهذه أعم، يعني: أن من له إبل مريضة أو غنم مريضة فلا يوردها على الصحيحة؛ لأن ذلك من أسباب انتقال المرض إلى الصحيح، فهمتَ الآن؟

    النفي معناه: يعني: العدوى لا تؤثر بنفسها كما يعتقده أهل الجاهلية.

    والأمر بالفرار من المجذوم وكذلك كل مريض مرضه معدٍ من باب توقي الأسباب الضارة.

    حكم قول: احمني من أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم

    السؤال: فضيلة الشيخ! هنالك قول شائع وهو دعاء يرد في الكتب، كتب مَن يسمَّون بالأدباء، وفي المجلات والصحف يقول: (اللهم احمني من أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم) فهل يجوز مثل هذا القول؟

    الجواب: هذا قول لا يجوز، لو قال: (اللهم احمني من كل من أراد بي سوءاً) صَحَّ، أما احمني من أصدقائي وأنا أتكفل بأعدائي فهذا معناه أنه معجب بنفسه، وأنه قادر على دفع الأعداء، ثم إن صورة الدعاء هذه صورة مخالفة للواقع، مَن الذي يُخاف منهم حقيقةً: الأصدقاء والأعداء؟

    الأعداء لا شك، فلذلك نرى أن هذا الدعاء لا يصح ولا يستقيم.

    حكم شراء الدجاج المستورد

    السؤال: بالنسبة للدجاج المستورد كثر الكلام عنه، فإذا اضطر الإنسان إلى الشراء من المطاعم، هل يجوز له أن يسأل أو يشتري دون سؤال؟

    الجواب: والله! الأفضل أن يأكل بدون سؤال.

    ودليل ذلك أنه ثبت في صحيح البخاري رحمه الله أن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاء قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! إنه قوماً يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا! فقال: سَمُّوا أنتم وكلوا، قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر) يعني: إسلامهم قريب، قد يجهلون كثيراً من أحكام الإسلام ومع ذلك قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ( سَمُّوا أنتم وكلوا ) ولم يأمر بالسؤال، بل ظاهر الحديث أن المشروع ألا نسألهم، ولو أننا أتعبنا أنفسنا في مثل ذلك لقلنا: حتى اللحم الذي عندنا الآن المذبوح يحتاج إلى نظر، مَن الذي ذبحه؟ قد يكون مِمَّن لا يصلي، قد يكون مِمَّن عنده بدعة مكفرة لا يحل ذبحه، فلهذا إذا وُضِع بين يديك لحم في بلد إسلامي فالأصل أنه مذبوح على طريقة الإسلام؛ كُلْ؛ لكن سمِّ الله كما قال الرسول: ( سَمُّوا أنتم وكلوا).

    كيفية توبة المستهزئ

    السؤال: فضيلة الشيخ! هناك من يستهزئ بهذا الدين، فكيف أكسب قلبه للدخول في هذا الدين؟

    الجواب: يعني: كيف يتوب؟ يتوب إلى الله عز وجل مما صنع، الكفر مهما عظم فإنه إذا تاب الإنسان منه تاب الله عليه؛ لقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] أيُّ ذنب يعمله الإنسان ثم يتوب إلى الله توبة نصوحاً فإن الله يمحوه، بل قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً إلى قوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70].

    فنقول لهذا: تُبْ إلى الله عز وجل، واعمل عملاً صالحاً، وأيقن وآمن حتى يُمْحَى عنك كل ما عملتَ، وهو سهل إذا يسره الله للعبد، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للتوبة النصوح، نعم.

    السائل: يقول: كيف أكسب قلبه، حتى أؤثر عليه؟

    الشيخ: لا، الذي فهمته أنه يقول: هو كيف يتوب. أنت تريد أن هذا الذي استهتر بالدين كيف يتوب أو تريد إذا أراد أحد أن يدعوه؟

    السائل: يدعوه.

    الشيخ: سهلة، أنت ليس عليك إلا البلاغ، ادعُه للإسلام وقل: هذا حرام عليك، وهذا كفر، والاستهزاء بالدين كفر، والاستهتار بالدين كفر أيضاً، ثم ادعه للإسلام، إن اهتدى فهو لك وله، وإن لم يهتدِ فهو لك وعليه.

    ما يقال في سجود السهو والتلاوة

    السؤال: فضيلة الشيخ! ماذا يقال في سجود السهو وسجود التلاوة؟

    الجواب: يقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة، فيقال -مثلاً- (سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات) (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي).

    وفي سجود التلاوة: (اللهم لك سجدت وبك آمنت وعليك توكلت، سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين) (اللهم اكتب لي بها أجراً وحط عني بها وزراً واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داوُد).

    بيان كفارة اليمين

    السؤال: فضيلة الشيخ! عليَّ كفارة يمين هل أعطيها أربعة أشخاص؟

    الجواب: هل لليمين كفارة توزع على الفقراء؟! أسألك!

    السائل: إطعام عشرة مساكين.

    الشيخ: إطعام عشرة مساكين بارك الله فيك، هل الأربعة يكونون عشرة؟!

    السائل: لا، يا شيخ!

    الشيخ: إذاً: أطعم عشرة مساكين.

    السائل: بمعنى لابد من إطعامهم يا شيخ؟!

    الشيخ: لابد من إطعام عشرة، وأنا أحببت أن يكون الجواب على صفة السؤال لك حتى يرسخ في ذهنك، إذا قيد الله الشيء بقيد لابد أن نتبع هذا القيد، فمثلاً يقول: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ [المائدة:89] ولم يقل: طعام عشرة مساكين، لو قال: طعام عشرة مساكين، كان يكفي أن أتصدق بما يكفي للعشرة، لكن قال: إِطْعَامُ ، يعني: أن تطعم عشرة مساكين، كما قال في الظهار: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً [المجادلة:4] معناه: لابد أن أطعم ستين مسكيناً بالعدد، أفهمتَ؟

    السائل: يعني: ما يكفي بالمقدار؟

    الشيخ: لا، لا، لا، ليس بالمقدار، لو كـان الله أراد المقدار لقال: فكفارته طعام عشرة مساكين، قال: إِطْعَامُ فهمتَ؟ لكن كيف تطعمهم؟ هل تعطيهم شيئاً يابساً وهم يطبخونه، وإلاَّ تطبخ وتدعوهم؟ نقول: الأمر واسع، إن شئت فاطبخ غداء أو عشاء لهم وادعهم إليه، وإن شئت فأعطهم إياه يطبخونه هم، وإذا أردت أن تعطيهم إياه ليطبخوه فمقداره حوالي كيلو من الأرز لكل مسكين، ويحسُن أن تجعل معه لحماً ليكون إداماً له.

    مدى صحة حديث: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حال حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان)؟

    الجواب: لا، ليس بصحيح؛ لكن قضاء الحوائج بلا شك أنه يختلف، أحياناً يكون الأفضل للإنسان أن يعلن الحاجة ليقتدي به الناس، وأحياناً يكون الأفضل أن يخفيها، لا سيما في مثل زماننا هذا الذي كثر فيه الحساد، وكثر فيه من يعتدون على الناس، ربما لو أبديتَ حاجتك للناس نكَّدوها عليك. فعلى كل حال الإنسان ينظر للمصلحة، إن شاء أخفى، وإن شاء بيَّن، حسب ما تقتضيه المصلحة.

    والحمد لله رب العالمين.

    وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767949912