أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثامن والثلاثون بعد المائة من اللقاءات التي يعبر عنها بـ (لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو الثاني عشر من شهر جمادى الثانية عام (1417هـ).
لما كانت قريش تكذب النبي عليه الصلاة والسلام وتنكر البعث وتقول: أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [المؤمنون:82] حـذَّرهم الله عز وجل أن يقع بـهم ما وقع لمن سبق من الأمم، فقال: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ [مريم:74] أي: كثيراً من القرون أهلكناهم، و(القرن) هنا بمعنى: القرون، كما قال تعالى: وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ [الإسراء:17] .
فأممٌ كثيرة أهلكها الله عز وجل لما كذبت الرسل.
فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ : أي بحثوا في البلاد، يريدون المفر والملجأ من عذاب الله، ولكن لم يجدوا مفراً، ولـهذا قال: هَلْ مِنْ مَحِيصٍ : أي: لا مـحيص لهم، وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ [سبأ:51-52] .
فما أصاب القوم الذين كذبوا الرسل أولاً يصيب هؤلاء ثانياً؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا [محمد:10].
إِنَّ فِي ذَلِكَ : أي: ما سبق من الآيات العظيمة، ومنها ما قص الله تعالى أو ما أشار الله به في هذه الآيات الكريمة من إهلاك الأمم السابقة فيه ذكرى لنوعين من الناس:
الأول: (من كان له قلب)، أي: من كان له لب وعقل يهتدي به بالتدبر.
(أو ألقى السمع وهو شهيد) أي: استمع إلى غيره ممن يعظه وهو حاضر القلب.
فبيَّن الله تعالى أن الذكرى تكون لصنفين من الناس:
الأول: من له عقل ووعي يتدبر ويتأمل في نفسه ويعرف.
والثاني: من يستمع إلى غيره؛ لكن بشرط أن يكون شهيداً، أي: حاضر القلب.
وأما من كان لا يستمع للموعظة، أو يستمع بغير قلب حاضر، أو ليس له عقل يتدبر به، فإنه لا ينتفع بهذه الذكرى لأنه غافل، ميت القلب.
هذه ثلاث مخلوقات عظيمة بيَّن الله عز وجل أنه خلقها في ستة أيام، وأكد هذا الخبر بثلاثة مؤكدات:
القَسَم.
واللام.
وقد.
لأن تقدير الآية: والله لقد خلقنا السماوات والأرض.
فالسماوات معلومة لنا جميعاً وهي: سبع سماوات طباقاً.
والأرض هي هذه الأرض التي نحن عليها، وهي سبع أرضين كما جاءت به السنة صريحاً، وكما هو ظاهر في القـرآن في قوله: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق:12] .
وَمَا بَيْنَهُمَا : أي: بين السماء والأرض، والذي بين السماء والأرض مخلوقات عظيمة، يدل على عظمها أن الله جعلها عديلة لخلق السماوات وخلق الأرض، فهي مخلوقات عظيمة.
والآن كلما تقدم العلم في الفلك ظهر من آيات الله عز وجل فيما بين السماء والأرض ما لم يكن معلوماً لكثير من الناس من قبل.
فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ : أولها: الأحد، وآخرها: الجمعة، ولو شاء عز وجل لخلقها بلحظة؛ لأن أمره إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ؛ لكنه جل وعلا يخلق الأشياء بأسباب ومقدمات تتكامل شيئاً فشيئاً حتى تتم، كما أنه لو شاء لخلق الجنين في بطن أمه بلحظة، لكنه يخلقه أطواراً حتى يتكامل، كذلك السماوات والأرض وما بينهما لو شاء لخلقها بلحظة لكنه عز وجل يخلق الأشياء تتكامل شيئاً فشيئاً.
وقال بعض العلماء: وفيه فائدة أخرى وهي: أن يعلم عباده التأني في الأمور، وألا يأخذوا الأمور بسرعة؛ لأن المهم هو الإتقان وليس الإعجال والإسراع.
وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ، أي: ما مسنا من تعب وإعياء، وهذا كقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ [الأحقاف:33] ، فهو عز وجل خلق هذه السماوات العظيمة والأرضين وما بينها بدون تعب ولا إعياء، وإنما انتفى عنه التعب جل وعلا لكمال قوته وقدرته، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً [فاطر:44].
أمر الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يصبر على ما يقولون، وقد قال عز وجل في آية أخرى: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ [الأحقاف:35] .
فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49] .
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ : وهم يقولون: إن محمداً كذاب، وساحر، وشاعر، وكاهن، ومجنون، وإنه لا بعث، وإن كانوا يقرون بالرب عز وجل وأنه خالق السماوات والأرض؛ لكن لا يقرون بأمور الغيب المستقبلة، فأمره الله أن يصبر على ما يقولون، والصبر على ما يقولون يتضمن شيئين:
الأول: عدم التضجر مما يقول هؤلاء، وأن يتحمل ما يقوله أعداؤه فيه وفيما جاء به.
والثاني: أن يمضي في الدعوة إلى الله، وألا يتقاعس.
سبح تسبيحاً مقروناً بالحمد في هذين الوقتين:
قبل طلوع الشمس.
وقبل الغروب.
قال أكثر المفسرين: المراد بذلك صلاة الفجر، وصلاة العصر، وهما أفضل الصلوات الخمس، قال النبي صلى الله عليـه وسلم: (من صلى البَرْدَين دخل الجنة) والبردان هما: الفجر، وفيه بردوة الليل، والعصر، وفيه برودة النهار.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا) فالصلاة التي قبل طلوع الشمس هي الفجر، والصلاة التي قبل غروبها هي العصر، وفيه دليل على أن المحافظة على هاتين الصلاتين من أسباب دخول الجنة والنظر إلى وجه الله الكريم.
وأفضلهما العصر؛ لأن الله تعالى خصها بالذكر حين أمر بالمحافظة على الصلوات، فقال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] وهي: العصر كما فسرها بذلك أعلم الخلق بكتاب الله وهو: الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ : المراد صلاة الفجر.
وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39] : المراد صلاة العصر.
وَأَدْبَارَ السُّجُودِ [ق:40] أي: وسبح الله أدبار السجود، أي: أدبار الصلوات، وهل المراد بالتسبيح أدبار الصلوات هنا هل المراد النوافل التي تصلَّى بعد الصلوات كراتبة الظهر بعدها، وراتبة المغرب بعدها، وراتبة العشاء بعدها، أم المراد التسبيح الخاص، الذي هو سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، فيه قولان للمفسرين؛ ولكن لو قيل بهذا وهذا لكان له وجه.
أي: انتظر لهذا النداء الذي يكون عند النفخ في الصور، وحشر الناس.
يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ : أي: اليوم، يوم الخروج من القبور.
يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ .
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ [ق:43] :-
إنا -يقول الله عن نفسه- (إنا نحن) تعظيماً لها.
نُحْيِي وَنُمِيتُ : أي: نحيي بعد الموت ونميت بعد الحياة، فهو سبحانه قادر على الإحياء بعد الموت وعلى الموت بعد الإحياء.
وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ أي: المرجع.
يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً [ق:44] أي: مصيرهم إلينا في ذلك الوقت.
تَشَقَّقُ الأَرْضُ أي: تتفتح.
عَنْهُمْ أي: عن هؤلاء في قبورهم، تتشقق كما تتشقق الأرض عند طلوع النبات.
سِرَاعاً أي: يأتون سراعاً إلى المحشر.
ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ [ق:44] :-
أي: سهل علينا؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ [الصافات:19] .
نعم، يقول في كتابه: فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ [النازعات:13-14] .
ويقول: إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:53] .
وهذا يدل على يُسْر ذلك على الله عز وجل.
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ [ق:45] :-
وهذا وعيد لهؤلاء الذين يقولون في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يقولون، أخبر الله هنا أنه لا يخفى عليه حالهم وأنه يعلم ما يقولون.
ثم قال: وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق:45] :-
أي: لستَ عليهم بذي جبروت، فتجبرهم على أن يسلموا ويؤمنوا بك، ولهذا قال في آية أخرى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس:99] .
فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ [ق:45] :-
أي: عِظْ بالقرآن ا لكريم مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ أي: من يخاف وعيدي بالعذاب؛ لأن هؤلاء هم الذين ينتفعون بالتذكر في القرآن، القرآن يُذَكَّر به جميع الناس، لكن لا ينتفع به إلا من يخاف الله عز وجل.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتذكرين لكتابه المتعظين بآياته.
شرك بدائي.
وشرك حضاري.
وقالوا في الشرك البدائي: أنه شرك القبور والأصنام والأوثان.
وأن الشرك الحضاري هو: الذي وقع فيه الناس الآن من عبادة الشهوات، وحب الرئاسة، والحكم بغير ما أنزل الله، وهكذا، فما هو رأيكم في هذا التقسيم الجديد؟
الجواب: رأينا أن هذا تقسيم مبتدَع، لم يقسمه الأوائل من سلف هذه الأمة، وإنما قال سلف الأمة: إن الشرك نوعان:
أصغر، وأكبر.
وجلي وخفي.
فالشرك الأكبر هو: المخرج عن الملة، والشرك الأصغر أو الخفي: ما لا يُخرج من الملة.
هذا هو التقسيم الصحيح الذي عليه سلف الأمة؛ ولكن ما ذكره من كون محبة الرئاسة والمال والجاه نوعاً من الشرك صحيح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة) فجعل الذين تعلقت قلوبهم بهذا وصار ذلك أكبر همهم جعل ذلك نوعاً من العبادة.
أما أن نضرب بما ذكره سلفنا بل بما جاءت به النصوص أيضاً؛ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسُئِل عنه قال: الرياء) .
فعلى كل حال التقسيم الذي ذكرتَ مبتدَع ولا يؤخذ به؛ لكن القول بأن الإنسان الذي ينهمك في الدنيا، ويرضى لحصولها، ويسخط لفواتها، قد وقع في نوع من الشرك؛ لأن الرسول سمى هذا عبداً لها.
السائل: وهل يدخل تحت ذلك عبادة الشهوات.
الشيخ: نعم.
الجواب: لا شك أن العلم الموروث إن قصدوا به التعميم فمقتضى تعميهم هذا أن ننبذ كتاب الله وراء ظهورنا، وأن ننبذ ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورنا، لأنه كله علم موروث، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (العلماء ورثة الأنبياء) إذا كانوا يريدون هذا، فلا شك أنهم -إن لم نقل: إنهم خارجون من الإسلام مرتدون عنه- فهم إلى ذلك أقرب من الإيمان، هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ [آل عمران:167] .
وإن أرادوا ما وُرث عن بني إسرائيل من القصص التي يكذبها حال مَن نسبت إليه فهذا حق ونحن معهم، مثلاً من قال: إن قصة داود عليه الصلاة والسلام في قوله: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ [ص:21] إن داود عليه الصلاة والسلام عشق امرأة أحد الجنود وأنه أمره أن يذهب ليقاتل لعله يُقْتَل فيأخذ امرأته، هذا لا شك أنه كذب، ولا يليق بداوُد عليه الصلاة والسلام، فهو من بني إسرائيل، التي يجب علينا أن نقطع بكذبها، وإِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً [ص:23] أي: امرأة، هذا أيضاً كذب لا شك.
فمثل هذه القصص نكذبها، ومثل قصة سليمان وأن الجني أخذ خاتمه، وما أشبه ذلك، كل هذا نكذبه، ونحن معهم في نبذه.
وأما الحق الموروث فإننا ننبذ من ينبذه، نعم.
الجواب: السنة في قراءة القرآن للمصلي أن يقف عند كل آية، وأن يمد ما ينبغي مده، فقد كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم مداً يقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-3] يمد، ويقف عند كل آية، هذا هو الأفضل والمشهور؛ لكنه ليس بواجب، لو لم يقف الإنسان عند كل آية ولو لم يمد فلا بأس.
لكن الأفضل هو هذا، وإذا كان الإنسان وحده، فليقرأ كما شاء بتطويل وترتيل وإسراع لا يخل بالحروف والحركات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء) أما إذا كان إماماً فلا يجوز أن يطول بهم على وجه يخالف السنة.
السائل: وإذا كانت قراءة عادية؟
الشيخ: لا بأس، لا مانع أبداً، المهم ألا تسقط شيئاً من الحروف، وألا تغير شيئاً من الحركات.
السائل: جزاك الله خيراً.
الجواب: الوزغ لا شك أنه من الطوافين؛ لكن الوزغ مأمور بقتله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الأوزاغ، وأن من قتله في أول مرة فله كذا وكذا من الأجر، مائة حسنة، والثانية خمسين، فهو مما أُمِر بقتله، وكيف لا نحرص على قتله وهو ينفخ النار على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما ثبت في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
فأحثُّك على أنك إذا وجدت وزغاً أن تقتله، وأن تبادر، وقد كان عند عائشة رضي الله عنها رمح، أعدته لقتل الأوزاغ.
السائل: حديث: الحسنات أهو صحيح؟
الشيخ: يعني: بمائة.
السائل: صحيح.
الشيخ: نعم.
الشيخ: يعني: يقتصر على هذه؟
السائل: نعم.
الجواب: لا، إذا سلم عليك أحد قل: عليك السلام، لابد من هذا، أما سلمك الله فهذه لم تَرِد هذه الصيغة، وأيضاً عليك السلام صيغة اسمية تدل على الثبوت والاستمرار، ولهذا قال أهل العلم: إن قول الملائكة لإبراهيم: سلاماً، وقوله: سلامٌ إن رده أكمل من سلامهم؛ لأن قوله: سلامٌ جملة اسمية، وسلاماً جملة فعلية، والجملة الاسمية أدل على الثبوت والاستمرار من الجملة الفعلية، نعم.
الشيخ: متى؟
السائل: في صلاة الفريضة.
الجواب: نعم، يجوز للإنسان أن يقرأ من المصحف وهو يصلي، سواء صلاة فريضة أو نافلة؛ لكن عند الحاجة، أما إذا لم يكن حاجة فلا؛ لأنه إذا قرأ في المصحف سوف يفوت بعض السنن، سوف يفوت وضع اليد اليمنى على اليسرى في القيام وسوف يحدث منه حركة في تقليب الأوراق وفي حمل المصحف ووضعه، وسوف يشتغل بصره بتتبع الكلمات والحروف عن النظر إلى موضع السجود، أو عن النظر الثابت سواء عند موضع السجود أو غيره، فتجد بصرَه يتردد وهذه حركة للبصر، إي نعم.
المهم خلاصة الجواب: أنه لا بأس أن يقرأ في المصحف عند الحاجة، سواء في الفريضة أو في النافلة، نعم.
الجواب: لا يدل على هذا؛ لأن هذا قرآن الفجر مشهود وكذلك أيضاً العصر؛ لكن العصر لم يذكر لها قرآناها؛ لأن قراءتها أقل من الفجر؛ ولأنها ليست جهراً، وإلا حتى العصر تجتمع فيها الملائكة: ملائكة الليل، وملائكة النهار، كما تجتمع في صلاة الفجر؛ لكن السر والله أعلم أنه لما كانت صلاة الفجر تختص بتطويل القراءة وبكونها جهراً، عَبَّر الله عنها بالقرآن، فقال: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78] ، ولم يكن ذلك في صلاة العصر، وكما ذكرتُ لكم أن الله قال: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] والصلاة الوسطى هي صلاة العصر فسرها بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، نعم.
الجواب: الحيوانات المحرمة قسمان:
قسم ليس له دم، كالعقرب، والخنفساء، والجعلان، وما أشبهها، هذه ليست نجسة لا في الحياة ولا في الممات، ودليل ذلك: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر من وقع الذباب في شرابه أن يغمسه ثم لينزعه ثم ليشربه، ومن المعلوم أنه إذا غُمِس في ماء حار فسوف يموت، فأخذ العلماء من هذا أن كل حيوان ليس له دم يسيل فهو ليس بنجس في الحياة وبعد الممات.
- أما الذي له دم يسيل فهو طاهر في الحياة نجس بعد الممات، كالفأرة والوَزَغ وأشباه ذلك، هذا طاهر في الحياة لا بعد الممات، لكنَّ الطوافين منه الذي يكثر ترددهم على الناس سهَّل الله فيه للعباد، فجعله طاهراً في الحياة مثل الهرة والفأرة وما أشبه ذلك، هذه تكون طاهرة في الحياة ونجسة بعد الموت، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الفأرة إذا وقعت في السمن أن تلقى وما حولها؟
النجس من الحيوان بعضه نجس نجاسة مغلظة، كالكلب نجاسته مغلظة، إذا شرب في الإناء فإنه يجب أن يُغسل سبع مرات، إحداها بالتراب.
فالخلاصة الآن: كل حيوان محرم الأكل فإنه نجس في الحياة وبعد الممات، إلا ما ليس له دم يسيل فهذا طاهر في الحياة وبعد الممات، وما كان له دم يسيل فهو نجس في الحياة وبعد الممات، إلا الطواف الذي يكثر تردده على الناس فهو طاهر في حياته نجس في موته.
السائل: إذا لمستُ الكلب؟
الشيخ: عرفتَ التفصيل الآن؟
السائل: الطهارة بالنسبة لمن لمسه!
الشيخ: هو ما كان نجساً فلا تلمسه وأنت رطب، إذا لمستَه وأنت رطب أو هو رطب فلابد من غسل يدك.
السائل: وإذا كان ناشفاً يا شيخ؟!
الشيخ: لا يضر، إذا كان ناشفاً لا يضر.
الجواب: التوكل نوعان:
النوع الأول: توكل بمعنى التفويض والتسليم، هذا لا يجوز إلا لله، وهذا النوع يعتقد المتوكل أنه دون المتوكَّل عليه، أنه دونه بكثير، وهذا لا يصح إلا لله.
النوع الثاني: توكل بمعنى الاعتماد على الشخص مع الاعتقاد بأنه دونك في الرتبة، وأنك تستطيع أن تفسخ وكالته، وأن تعتمد على غيره، هذا لا بأس به، فإذا قلت: اذهب فأنت وكيلي، أو فأنا موكلك فلا بأس بهذا، وليس هذا عبادة.
أما التوكل الذي هو عبادة مثل أن يتوكل الإنسان مثلاً على ميت، أو على إنسان غائب؛ فهذا شرك.
السائل: يا شيخ! المقصود به قضاء الحوائج، فيقول: أنا أوكل وكالة شريعة!
ما فيه شيء أبداً.
الشيخ: فيقول: أتوكل على الله ثم عليك.
ما فيها شيء، الرسول قال: (إذا أتاك وكيلي فأعطه كذا وكذا، فإن طلب منك علامة فضع يدك على ترقوته).
لأن بعض أهل العلم يفرق بين (ثُمَّ) في المشيئة وفي التوكل؟
لكن التفريق في التوكل هل هو عبادة وتفويض وتسليم مطلق؟ هذا لا يصح إلا لله، هل المراد وكلتك بمعنى جعلتك نائباً عني في هذا الشيء؟
هذا هو.
فهذا لا بأس به.
بارك الله فيك.
الجواب: هذا بارك الله فيك! اختلف العلماء في صحته وضعفه، فأما من قال: إنه ضعيف فقد كفانا همه، وأما من قال: إنه جيد أو حسن فوجهه أن اٍلنبي صلى الله عليه وسلم قيل له في ذلك في حديث آخر قال: (إنهم إذا أسلموا صلوا) ، فقَبِل منه هذا؛ لأنه يعلم أنه إذا أسلم حقيقة فسوف يصلي.
وهل يقال لمن كان في زماننا هذا، من أراد أن يدخل الإسلام بهذا الشرط؟
والله قد أتوقف فيه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لما قال: (إذا أسلم فسيصلي) قد يكون هذا من علم الغيب الذي أطلع الله رسوله عليه، أما نحن فلا، ولذلك (أمر النبي
ثانياً: إذا كان هذا المسافر يستطيع أن يصلي مع جماعة من المسافرين ويقصرون الصلاة فهل يجب عليه أن يصلي مع جماعة المسجد أم يصلي مع الرفقة التي معه؟
الشيخ: أما قولك: إن أكثر العلماء أوجبوا عليه القصر فهذا ليس بصحيح، بل أكثر العلماء على عدم وجوب القصر، والمسألة فيها خلاف معروف مشهور، والذي يظهر بعد التأمل: أن القصر ليس بواجب، ودليل ذلك: ما يكاد يكون إجماعاً من الصحابة حيث إن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه كان يقصُر الصلاة في منى في أيام الحج وفي آخر خلافته صار يُتِم، فأنكر عليه ذلك مَن أنكر من الصحابة، ومنهم: عبد الله بن مسعود، حتى إنه لما بلغه أن عثمان أتَمَّ قال: [إنا لله وإنا إليه راجعون] ، واستدل لإنكاره هذا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يقصُرون الصلاة، ثم كان يصلي هو خلف عثمان ويُتِم، وكذلك الصحابة يصلون خلفه ويتمون، وسئل عن ذلك فقال: [إن الخلاف شر] ، ولو كان الصحابة يرون أنه واجب -أي: القصر- ما أتموا خلف عثمان ؛ لأن من رأى أنه واجب قال: إذا زاد على ركعتين بطلت صلاته، ولا يمكن أن يصلوا خلف عثمان صلاة باطلة؛ لأن هذا محرم، فكنتُ أقول في الأول: إن القصر واجب، استناداً إلى حديث عائشة : (أول ما فرضت الصلاة ركعتين، فأُقِرَّت صلاة السفر وزِيْدَت في صلاة الحضر) ؛ لكن من فعل الصحابة رضي الله عنهم يترجح أن القصر ليس بواجب؛ ولكنه سنة مؤكدة لا شك، وإذا قلنا: إنه سنة مؤكدة فإننا نقول: إذا ائتم المسافر بمقيم وجب عليه أن يتم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) .
ولقول ابن عباس حين سئل عن الرجل المسافر يصلي ركعتين ومع الإمام أربعاً قال: [تلك هي السنة].
ويبقى هل يجب عليه أن يصلي مع الجماعة أم لا؟
نقول: يجب عليه أن يصلي مع الجماعة لعموم الأدلة الدالة على أن من سمع النداء وجب عليه أن يحضر، وأن يجيب؛ لكن لو فاتته الصلاة أو كان في مكان بعيد يشق عليه أن يذهب إلى المسجد الذي تقام فيه الجماعة فإنه يصلي صلاة مسافر، وإذا كانوا جماعة أقاموا الجماعة، نعم.
الجواب: ليس فيه بأس؛ لكن لماذا لا تشتروا سماعة؟ هناك سماعة صغيرة يستطيع الإنسان أن يجعلها في جيبه ويصلي.
السائل: صوتها عالٍ؛ لكن أحياناً قد أضطر إلى إبعادها.
الشيخ: المهم على كل حال: أن هذا لا بأس به؛ لأن هذه حركة يسيرة لمصلحة المأمومين، وقد فعل النبي عليه الصلاة والسلام ما يشابه ذلك، فإنه لما صُنِع له المنبر صار يصلي عليه فكان يقوم على الدرج يصلي قائماً ويركع فإذا أراد السجود نزل من المنبر وسجد، وقال: (إنما فعلتُ هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي) فقوله: (لتأتموا بي) نظير من أمسك بيده الميكرفون أو مكبر الصوت من أجل أن يأتم به مَن خلفَه، نعم.
الشيخ: يعني عبَّاد بن عثمان.
السائل: نعم.
الجواب: ما فيها شيء، أنت تظن أن (عبَّاداً) مضاف و(عثمان) مضاف إليه؟ يعني: أنه يعبد عثمان؟
السائل: نعم.
الشيخ: لا، مراده: عبَّاد بن عثمان، لكن جاءتنا هذه اللغة ما ندري من أين جاءت! كنا لا نعرف إلا عبَّاد بن، محمد بن، علي بن، لكن جاءتنا هذه اللغة الأعجمية، وهي: حذف (ابن)، وصار الناس يقولون مثلاً: علي بن عبدالله: على عبدالله، محمد بن عبد الله: محمد عبد الله، ونسأل الله أن لا يأتي إلينا بإضافة الزوجة إلى زوجها، كما يقولون في زوجة الرجل: فلانة فلان ويتركون الأب، صار أبوها زوجها.
السائل: حاصل الآن.
الشيخ: حاصل عند غير السعوديين، الحمد لله؛ لكن أنا أقول: نسأل الله أن يحمينا، أخشى أنه لما جاءنا داء حذف (ابن) يأتينا بعده الداء الآخر.
السائل: إلى أين يستمر في (ابن)؟
الشيخ: أبداً، يستمر حتى يصل إلى القبيلة، مثلاً: محمد بن علي بن خالد بن عبد الله بن عباس إلى آخر شيء حتى يصل إلى القبيلة، ويؤتى باسم القبيلة، نعم.
الجواب: القول في هذا أن الأمر تجد هؤلاء الذين تكلموا في ذلك يتكلفون المناسبة بين الآية والتي تليها، وهذا لا شك أنه من التكلف، نحن نقول: ترتيب الآيات بأمر النبي عليه الصلاة والسلام فهو توقيفي، وهل كل شيء جاءت به الشريعة نعرف معناه، ونعرف حكمته، انظر إلى قوله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] كيف جاءت بين آية العِدَد، أكثر الناس لا يفهم معناها، فالله عز وجل حكيم قد تأتي الآية وبينها وبين التي قبلها من البُعْد في المناسبة ما يحتار له الإنسان.
فالذي نرى أن يقول الإنسان في ترتيب كلام الله عز وجل: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [البقرة:285] ، وألا يتكلف ذكر المناسبات؛ لكن هناك شيء واضح، مثلاً: لما ذكر الله عز وجل قصة الثلاثة الذين خلفوا وصدقهم قال بعدها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119] ، فبعض الآيات المناسبة فيها واضحة، وبعضها فيها تكلف، فينبغي العدول عنه، نعم.
الجواب: نعم، هذا الرجل إذا تطهر وسافر قبل أن يمسح، أم بعد أن مسح؟
السائل: لا، قبل أن يمسح.
الشيخ: قبل أن يمسح، نقول: الآن ما دام طهارته بالتيمم فإنه لا يحسب له؛ لكن إذا وجد الماء فالاحتياط في حقه إذا كان قد تم له ثلاثة أيام، الاحتياط أن يغسل قدميه، وإن ابتدأ المسح من أول مرة وجد الماء فلا شيء عليه؛ لكن الاحتياط هو الذي تطمئن له النفس، أن يقال له: إذا تمت ثلاثة أيام من الحدث الذي تيمَّمْتَ بعده فاخلع الخفين واغسل القدمين، نعم.
الجواب: شيخ الإسلام رحمه الله يرى أنه لا يسن أن الإنسان يأتي إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام إذا قَدِم من السفر أو يودعه إذا رجع، أو يأتي إليه بعد كل صلاة، ويقول: إن فعل ابن عمر هذا اجتهاد منه، ولم يفعله الصحابة رضي الله عنهم.
لكن نحن نقول: نتخذ مسلكاً وسطاً، نقول: أما كثرة زيارته وأنت في المدينة فهي غلط، ولا شك أنها إلى البدعة أقرب منها إلى السلامة.
وأما إذا قدمتَ وذهبت إلى قبره تزوره فإنه يدخل في عموم قوله: (زوروا القبور) ؛ لكن المخالف يقول: إن هذا لم يزر قبر النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن قبر النبي محجوب، بثلاثة جدران، فهو وإن ذهب ووقف عنده لم يكن زائراً له، فيكون هذا العمل عبثاً.
إنما أنا أرى والذي أنا أفعله: أن نذهب ونسلم عليه ونصلي عليه عند القدوم وعند الرجوع من السفر.
وأما كل مرة نصلي، نذهب ونسلم عليه، فهذا إلى البدعة أقرب منه إلى السلامة -ما هو إلى السنة- إلى السلامة، يعني يُخْشَى أن يكون هذا الرجل مبتدعاً؛ لأنه لم يكن من عهد السلف الصالح.
الشيخ: أيش؟
السائل: أعمل معلماً، ولي تلاميذ صغار في الصف الأول الابتدائي، أناديهم بكلمة: أخ فلان، وأخ فلان، وأخ فلان، فهل في ذلك بأس؟
الجواب: ليس فيه بأس؛ لأنهم إخوة لك في الإيمان.
السائل: بعض الزملاء يقولون ...
الشيخ: لكني أرى أن تقول: يا بُنَي!
السائل: يا بُنَي!
الشيخ: أو يا ابْنِي، أحسن.
السائل: جزاك الله خيراً.
الشيخ: حتى يتعود الصغير على توقير الكبير؛ لأنك إذا قلت له: يا أخي! فهم منك أنك وإياه في مستوىً واحد، والذي ينبغي أن نربي أبناءنا على احترام الكبير الاحترام اللائق به.
السائل: جزاك الله خيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر