أما بعد:
فهذا هو اللقاء الحادي والخمسون بعد المائة من اللقاءات التي تسمى لقاء الباب المفتوح، التي تتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو الحادي عشر من شهر ذي القعدة عام 1417هـ.
نفتتح هذا اللقاء كجاري العادة بالكلام على شيء من تفسير كلام الله عز وجل.
وديارهم معروفة الآن موجودة في مكان يسمى الحجر ، ويسمى الآن ديار ثمود ، وقد مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابه إلى تبوك لكنه عليه الصلاة والسلام أسرع حين مر من هذه الديار وقنع رأسه ونهى أمته أن يدخلوا إلى هذه الأماكن -أماكن المعذبين- إلا أن يكونوا باكين، قال: (فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوها أن يصيبكم ما أصابهم) وقوله: (يصيبكم ما أصابهم) لا يلزم منه أن يراد به ما أصابهم من العذاب الحسي، قد يكون المراد ما أصابهم من العذاب الحسي وما أصابهم من الإعراض والكفر، فلو قال قائل: إنه يوجد أناس يذهبون إلى هذه الأماكن وهم غير باكين ولم يصابوا بشيء.
نقول: الجواب على هذا من وجهين:
الوجه الأول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يؤكد أن يصابوا بهذا، ولكنه قال: خوفاً أو خشية أن يصابوا بما أصاب هؤلاء.
الوجه الثاني: أن نقول: لا يتعين أن يكون المراد بذلك أن يؤخذوا بما أخذ به هؤلاء من العقوبة الحسية الظاهرة وهي الرجفة والصيحة التي أماتتهم عن آخرهم، قد يكون المراد بذلك مرض القلب الذي هو الاستكبار والإعراض ورد الحق.
إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ هذا الحين هو ثلاثة أيام.
وهكذا يفعل الله سبحانه وتعالى بمن كذب رسله عليهم الصلاة والسلام، إلا أن العذاب المستأصل رفع عن هذه الأمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه سبحانه وتعالى ألا يأخذهم بسنة عامة -أي: بعقوبة عامة- لكن ابتلوا بشيء آخر وهو أن يقتل بعضهم بعضاً، ويسبي بعضهم بعضاً، والأمر كذلك وقع؛ فإن هذه الأمة لم تصب بعذاب عام كما أصيبت الأمم من قبلها، ولكن أصيبت بأن جعل الله بأسهم بينهم منذ زمن الخلفاء الراشدين كما اختلفوا على عثمان وعلى علي رضي الله عنهما وحصلت الفتن تتوالى إلى يومنا هذا.
ثم هذه الأمة التي جعل بأسها بينها ليست هي أمة الإجابة فقط، بل أمة الإجابة وأمة الدعوة، ولهذا نقول: ما حصل من الفتن والبلاء في الأرض مشارقها ومغاربها من الكفار وغير الكفار فإنما هو نتيجة للمعاصي، وهي عقوبة هذه الأمة أن الله يذيق بعضهم بأس بعض.
فكان آخر ما قال عليه الصلاة والسلام: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً [نوح:26] ودعا ربه: أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر:10] قال الله تعالى: فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [القمر:11-12] ولهذا -والله أعلم- سيكون عليهم نصيب من عذاب المكذبين؛ لأنهم هم أول أمة كذبت الرسل (ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) كما أن من قتل نفساً فإن على ابن آدم الذي قتل أخاه كفلاً ونصيباً من عذاب القاتل إلى يوم القيامة.
ثم قال: فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ[الذاريات:48] أثنى تبارك وتعالى على نفسه أن جعل هذه الأرض مهاداً للناس يتمتعون بها على ما تقتضيه مصالحهم.
الجواب: لا شك أن صلة الرحم من الفروض العينية، أي: يجب على كل إنسان أن يصل رحمه؛ لأن قطيعة الرحم من كبائر الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع) ولكن إذا كان هذا الرجل له أقارب يمارسون الأشياء المنكرة بحضوره وغير حضوره فعليه أن يذهب إليهم ثم ينصحهم ويخوفهم بالله، ويذكرهم أيام الله ويذكرهم نعم الله، فإن اهتدوا فهذا هو المطلوب، وإن لم يهتدوا فهو معذور بعدم الذهاب إليهم، ويكفي أن يتكلم معهم بالهاتف أو يراسلهم بالكتابة، وإنما كان معذوراً؛ لأنه إذا ذهب إليهم فلا بد أن يجلس معهم على منكر، فإن من جالس قوماً على منكر وهو قادر على أن يفارقهم كان عليه من الإثم مثل ما عليهم؛ لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ [النساء:140] وهو معذور في هذه الحالة، لكنه يمكنه أن يصلهم بالهاتف أو بالكتابة.
الجواب: ننظر إلى هؤلاء الورثة: هل هم نووا بذلك التجارة؟ إذا كانوا نووا بذلك التجارة فعليهم زكاة أبيهم، أما إذا لم ينووا بذلك التجارة فليس عليهم زكاة؛ لأن من شرط وجوب الزكاة في العروض أن ينوي الإنسان التجارة بها، أما إذا كانوا ينتظرون متى تقسم ثم يبيعون وكل شخص يأخذ نصيبه فليس عليهم زكاة.
الجواب: الظاهر أنه لا شيء على الجميع؛ لأن هؤلاء خرجوا من منى قبل غروب الشمس لكنهم رجعوا ورموا، وهل الذين تأخروا إلى الغروب تأخروا باختيارهم أو نظراً للزحام؟
السائل: للزحام.
الشيخ: إذاً ليس عليهم شيء، لأنهم تأخروا بغير اختيارهم.
الشيخ: أولاً: نحذر الأقارب أن يتدخلوا في شئون الزوجين إلا بطلب من الزوجين، إذا طلب الزوجان أن يتدخل الأقارب من أجل الإصلاح فهذا شيء آخر، والإصلاح خير، أما بدون إصلاح فإنه لا يحل للأقارب أن يتدخلوا في شئون الزوجين لا سيما إذا كانوا لا يريدون الإصلاح؛ لأن بعض الأقارب -والعياذ بالله- يحاولون أن ينتصروا لابنتهم مثلاً، أو إذا كانوا من قبل الزوج يحاولون أن ينتصروا لابنهم، فتجدهم يؤججون نار الغضب والغيض من الزوجة لزوجها أو من الزوج لزوجته، ولا شك أن هذا حرام وهو من كبائر الذنوب؛ لأنه محاولة للتفريق بين المرء وزوجه، وهذا من عمل السحرة، كما قال الله تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102] ولا يحل لهم أن يتدخلوا.
أما بالنسبة للقضية المعينة التي سألت عنها، فنقول: الآن هو بالخيار إن شاء طلقها وتركها وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130] هكذا قال الله عز وجل، وإن شاء طلب من القاضي حكمين ينظران في الوضع، فإن رأيا البقاء بالشروط التي يريانها مفيدة فليكن، وإن رأيا التفريق بعوض أو بدون عوض فالحكم إليه، لكن إذا كنت تعرفهم فحاول الإصلاح بينهما.
الجواب: أولاً نسأل: هل صاحب المال أذن لك أن تحج به الآن؟
السائل: نعم. لأني في وقت ما حصل لي الحادث قلت له: هذا الذي وقع وهذه نقودك، فقال: النقود عند صاحبها واضع بها كيف ما تريد ولقد حرصت على أن صاحبها يوكل فرفض أن يأخذها ولم أجد من يأخذها؟
الشيخ: إذاً إن شاء الله تحج هذا العام.
السائل: نويت إن شاء الله.
الشيخ: والإشكال في الرمي، والزحام ما هو مستمر أربعة وعشرين ساعة، الزحام غالباً ما يكون في آخر النهار في أيام التشريق (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر) إن تأخرت، وفي الليل لا سيما بعد منتصف الليل يخف الزحام، ولا يحل لإنسان أن يوكل على رمي الجمرات وهو قادر على المزاحمة أو عاجز ويمكنه أن يرمي في الليل، أما إذا كنت لا تستطيع أن ترمي لا في الليل ولا في النهار لمرض أو نحوه فهنا لا بأس أن توكل من يرمي عنك.
السائل: هل المال عليه زكاة خلال المدة التي مكث فيها عندي هذا المبلغ؟
الشيخ: الزكاة واقعة على صاحبها؛ لأنها ملك له لو شاء لأخذها منك وتصرف فيها، فبلغه هو أن يؤدي زكاتها.
الشيخ: كيف نقصه؟
السائل: لم يتم السعي عمره تقريباً أربعة عشر عاماً.
الشيخ: يعني: لم يبلغ؟
السائل: لا. هو بالغ، فماذا عليه؟
الشيخ: كيف لم يكمل السعي هل أنقص شوطاً أم ماذا؟
السائل: أنقص شوطاً.
الشيخ: العمرة في رمضان؟
السائل: نعم. في رمضان.
الشيخ: أبلغه الآن أنه على إحرام وأنه يجب أن يخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام من بلده التي هو فيها فوراً ويذهب إلى مكة ويبدأ السعي من جديد؛ لأنه إلى الآن في عمرته فعليه أن يخلع الثياب العادية ويلبس ثياب الإحرام وألا يتطيب وألا يأخذ شيئاً من شعره ولا من أظفاره.
الجواب: هل هؤلاء مشغولون بشغل يمنعهم من الحضور إلى أبيهم؟
إذا كان عندهم ما يمنعهم عن الحضور مع أبيهم فهم معذورون، مثل أن يكونوا موظفين، فالموظف لا يستطيع أن يأتي في وقت العمل، أما إذا كانوا غير معذورين ولا يضرهم شيء إذا حضروا فهم آثمون، ويخشى أن دعاء أبيهم يلحقهم؛ لأنه ليس رأفة العامل كرأفة الابن، ثم ليس استئناس أبيهم المريض إلى العامل كاستئناسه إليهم، فبلغهم أنه إذا لم يكن هناك عذر شرعي يمنعهم من مرافقة أبيهم فعليهم أن يرافقوه وإلا فليتحذروا العقوبة.
الجواب: ما دام من الشروط: ألا يملك الإنسان بيتاً وهي قد ملكت فلا يحل لها أن تقدم بطلب أرض، وتدع الأرض لمن يحتاجها؛ لأن كلمة: (ألا يكون لها بيت تسكن) عام، سواء كانت أخذته بمنحة سابقة، أو كانت اشترته، أو كانت ورثته، المهم بلغها: أنها إن كانت قدمت شيئاً فلتسحب التقديم، وإن كانت لم تقدم فلتمتنع عنه.
الجواب: الأم إذا أعطت زكاتها لأبنائها إن كان عندها مال واسع يمكنها أن تنفق على أولادها فإنه لا يحل لها أن تعطي أولادها شيئاً، يجب عليها أن تنفق عليهم من مالها، أو كان لهم أب يقوم بالكفاية فلا يحل لها -أيضاً- أن تعطي أبناءها من الزكاة؛ لأنهم مستغنون بأبيهم، وإن كان مالها قليلاً لا يتسع للإنفاق عليهم وليس عندهم مال يجب إنفاقه عليهم فلا بأس أن تعطيهم، كذلك إذا كانت تريد أن تعطيهم لقضاء ديون عليهم فلا بأس أن تقضي دينهم من زكاتها؛ لأن الأب لا يلزمه أن يقضي الدين عن ابنه، فإذا قضى الدين عن ابنه من زكاته فلا بأس، أو قضت المرأة الدين عن ابنها من زكاتها فلا بأس.
السائل: يعني: هل يجوز يا شيخ؟
الشيخ: يجوز لكن بشرط ألا يجب عليها نفقتهم، فإن وجبت عليها نفقتهم أو كان عندهم من ينفق عليهم فلا يجوز أن تعطيهم.
الجواب: لا يجوز أن تعلق الإعلانات للحج والعمرة داخل المسجد؛ لأن غالب الذين يأخذون هذه الرحلات يقصدون الكسب المالي فيكون هذا نوعاً من التجارة، لكن بدلاً من أن تكون في المسجد تكون عند باب المسجد من الخارج.
الجواب: إذا كان الإزار على الكعبين أو القميص على الكعبين أو المشلح على الكعبين أو السروال على الكعبين فإنه لا يعد إسبالاً، الإسبال ما كان أسفل من الكعبين، كما جاء في الحديث: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار).
الجواب: الأشياء التي تبرع بها لشيء معين لا يجوز صرفها في غيرها إلا إذا تعطل هذا الشيء المعين فتبذل في مثله، وعلى هذا فالخيام والأواني والغاز وشبهه مما يكون للأعمال الخيرية لا يجوز للإنسان أن يستخدمه لمصلحته الخاصة، هذا عدوان على هذه الجهة من وجه، وأيضاً عدوان على الذين تبرعوا؛ لأن الإنسان إذا تبرع فإن هذا الذي أخذ التبرع يعتبر وكيلاً عنه، والوكيل لا يتصرف في غير ما وكل به، إذا كانت الجهة هذه لا تحتاجها ولا تتضرر هذه الأشياء باستعمالها ورأى من المصلحة أن يؤجرها بأجرة تامة ليست رمزية فلا بأس.
الجواب: هم أبناؤه؟
السائل: هم إخوانه وأبوه.
الشيخ: أولاً: يجب على هذا الذي لـه أب وإخوان يشربون الدخان إذا ذهب إليهم أن ينصحهم ويعظهم ويرشدهم ويبين لهم مضار الدخان الدينية والجسمية والمالية، فإن انتهوا فهذا المطلوب، وإن لم ينتهوا فعليه أن يصلهم لكن إذا كانوا يشربون أمامه فإنهم إذا شرعوا في الشرب يجب عليه أن يقوم من مكانه؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يجلس مع أهل المعصية إلا إذا كان يرغب أن يناله ما ينالهم من العقوبة.
السائل: حتى لو كان والده يقول له: اجلس.
الشيخ: ولو كان والده، الوالد لا يطاع في معصية الله، كما قال عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا [لقمان:14-15].
الشيخ: أولاً: يجب أن تعلم أن الاستمناء محرم سواء كان باليد أو بالتمرغ على الفراش أو بأي وسيلة؛ لأن الله تعالى قال: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حث الشباب على النكاح، فقال: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم) ولم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء آخر مع أنه أهون من الصوم وأدعى للقبول ومع ذلك لم يرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان جائزاً لأرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه أشد الناس رأفة بأمته، فعلى هذا الذي فعل أن يتوب إلى الله من الاستمناء نفسه، ثم عليه أن يتوب توبة أخرى من كونه فعل ذلك في نهار رمضان، ومن تمام توبته في المسألة الثانية أن يقضي اليوم الذي فعل فيه هذا الاستمناء.
الجواب: يعني يستقرض منه.
السائل: نعم، فما حكمه؟
الشيخ: لا بأس، يجوز للإنسان أن يستقرض من البنك الربوي بدون ربا، ويجوز أن يشتري منه سلعة إذا كان عنده سلع يبيعها، ويجوز أن يبيع عليه أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل اليهود واشترى منهم، وقبل هديتهم، وأجاب دعوتهم وأكل، مع أن المعروف أن اليهود كانوا يتعاملون بالربا ويأكلون السحت، والقاعدة عندي: أن ما حرم لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط أما على غيره فإنه حلال إذا أخذ بطريق حلال، ما حرم لكسبه فهو حرام على من؟
السائل: على الكاسب.
الشيخ: فإذا أخذ من هذا الكاسب بطريق حلال فليس بحرام، أما ما حرم لعينه كشيء مغصوب تعرف أن هذا الشيء مغصوب أو مسروق فإنه لا يحل لك أن تقبله ولا تشتريه، وكذلك ما حرم لعينه على سبيل العموم كالخمر والدخان وما أشبه ذلك فلا يجوز أن تقبله ولا تشتريه.
إذاً: الجواب على سؤالك ماذا كان؟
السائل: يجوز.
الشيخ: يجوز أن يستقرض من البنك بدون ربا.
الجواب: إذا جمع الإمام بين الظهر والعصر في المطر وكان في المأمومين من لا يرى ذلك فليصل معهم بنية النافلة؛ لأن صلاته بنية النافلة أجر وثواب وموافقة للأصحاب، وخروجه يتضمن الشقاق والاختلاف، وأن يكون فعله هذا سبباً لتسلط الألسن عليه، ورحم الله امرأً كف الغيبة عن نفسه.
فنقول إذاً: يصلي معهم بنية النافلة، أما من جمع بين الظهر والعصر لمرض أو سفر أو مطر أو لأي سبب مبيح فإنه يصلي راتبة الظهر البعدية بعد صلاة العصر ولا حرج عليه، وهذا مستثنى، لكن لا يصلي غيرها؛ لأنه عندما صلى العصر ولو كان في وقت الظهر دخل وقت النهي في حقه.
الجواب: أولاد؟!!
السائل: أولاد الرجل من امرأة ثانية.
الشيخ: الحكم أن الزوجة المطلقة هذه محرم لهم؛ لأنهم من محارمها، بمعنى: أنه يجوز السفر بها والخلوة وأن تكشف لهم، إلا إذا وجد سبب يقتضي المنع؛ لأنه ربما يكون هناك فتنة لو خلا بها أحد الأولاد فإنها امرأة أبيهم التي لم يدخل بها، لا يكون عندهم من الإحساس والغيرة ما يمنعهم من مواقعة المحظور، وإلا فالأصل أن الرجل إذا عقد على امرأة وطلقها قبل الخلوة والدخول فإنها تحرم عليه هو ولا تكشف له وجهها، لكن بالنسبة لأولاده -أي: لأبنائه- فهم من محارمها وتكشف لهم ما لم يخش الفتنة.
الجواب: لا بد من الإمام لكن ما هو إمام عام، الإمام العام: إمام يكون على كل الأمة، وهذا شيء مضى من زمان، والأمة متفرقة حتى في عهد الصحابة كانت الأمة متفرقة، لكن الإمام الخاص الذي ينتمي إليه هذا المجاهد لا بد أن يأذن له وأن يساعده، أما الجهادات التي تكون من فئات، فهذه تبين الآن أن نتيجتها ليست على المطلوب، ولا يحتاج أن أمثل لكم؛ لأن الأمر واضح عندكم أن هذه تشبه العصابات، ولهذا حصل من الشر والفساد بعد ذلك ما هو معلوم الآن، حتى صار الذين يقاتل من أجلهم صاروا هم بين أنفسهم يقتتلون.
الجواب: أين وجه العجب؟
السائل: يعني: تذهب عنهم الملائكة وتتأذى منهم.
الشيخ: هذا غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إن الملائكة تتأذى من آكل البصل، أو إنها تفر منه، لكنه نهى من أكل بصلاً أو ثوماً أن يدخل المسجد وقال: (إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) والمراد: الملائكة الذين في المساجد الذين يعمرونها، ولو كان الرسول قال: كل من أكل ثوماً أو بصلاً فرت منه الملائكة وتأذت منه، لكان هذا يقتضي أن يكون حراماً كما قلنا: إن اقتناء الصور حرام؛ لأن الإنسان إذا اقتنى الصور فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، ولهذا لما فتح الناس خيبر ووقعوا في أكل البصل، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم كرهها فقالوا: إنها حرمت، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنه ليس لي تحريم ما أحل الله) فأباحها لهم.
ولهذا نقول: إن أكل البصل والثوم والكراث وما أشبهها من النوابت التي لها رائحة ليس حراماً، لكن من أكلها فلا يقرب المسجد؛ لأن الملائكة تتأذى منه، نعم. لو فرض أن إنساناً أكلها ليجعلها وسيلة لترك الجماعة الواجبة عليه صارت حينئذ حراماً؛ لأنه تحيل على إسقاط الواجب، وهذا كما قال أهل العلم رحمهم الله: إن الإنسان لو سافر في رمضان من أجل أن يفطر صار السفر حراماً والفطر حراماً، يلزمه أن يصوم حتى في السفر؛ لأنه سافر تحيلاً على إسقاط الواجب، والتحيل على إسقاط الواجبات لا يسقطه، كما أن التحيل على تحليل المحرمات لا يجعلها حلالاً.
الجواب: في يوم واحد؟
السائل: لا. متفرقة خلال ثلاثة أعوام دون رضا زوجته ..
الشيخ: يعني: الزوجة مكرهة؟
السائل: إي نعم. ماذا عليه؟
الشيخ: أما الزوجة فلا شيء عليها ما دامت لا تستطيع المقاومة، أو أنها قاومت وعجزت فلا شيء عليها.
وأما هو فعليه لكل فعلة كفارة، إذا كان عشر مرات أولاً إعتاق عشر رقاب، فإن لم يجد صام شهرين لكل فعلة وهي عشر مرات فيلزمه صيام عشرين شهراً، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً لكل فعلة أي: ستمائة، لكن لا يلزم أن يطعم الستمائة يمكن يكرر على الستين الإطعام عشر مرات.
الشيخ: أولاً: اعلم أن الحديث هذا فيه مقال:
فمن العلماء من ضعفه وقال: إنه لا يصح، ولهذا كفينا إياه.
وأما على القول بأن الحديث حسن وأن العمل به جائز، فقالوا: إن المحتظر يستفيد من قراءتها أكثر مما يستفيد إذا مات، ويكون: (على موتاكم) أي: على الذين حضرهم الموت، وهذا له وجهة نظر؛ لأنه لم يعهد من الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان يقرأ على الموتى بعد ما يدفنون أو قبل أن يغسلوا، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالإسراع بالميت.
الجواب: ليس عليه شيء، كل إنسان يحول على البنك فإنه لا يلزمه بأن يبادر بأخذه؛ لأننا لم نعلم أحداً يقول: من كان له حق على الشخص الذي يتعامل بالربا فيجب أن يبادر بأخذ حقه، فله أن ينقله، متى احتاجه أخذه.
الجواب: من الذي أفلس؟
السائل: المستدين.
الشيخ: نعم. يعطى من الزكاة؛ لأنه مدين داخل في قوله تعالى: وَالْغَارِمِينَ [التوبة:60] أما بمقدار رأس المال فلا إشكال فيه، وأما بالزيادة الربوية فإن كنا في بلد لو رفع الأمر إليه لألغى هذه الزيادة قلنا: لا تساعدوه؛ لأن بإمكان هذا الغارم أن يتخلص منها، وإن كنا في بلد يحكم بهذه الزيادة الربوية فمعناه: أنه لا بد لهذا المدين من إيفائه فيعطى لإيفائه، ولا يقال: إن هذا معونة على الإثم والعدوان؛ لأن الإثم في الأصل على آخذ الربا أو على معطي الربا؟ الأصل على الآخذ؛ لأنه الظالم، أما هذا فمظلوم، فالآن نريد أن نخلصه من هذا الظلم.
ولكن رأيي في الموضوع: أنه إذا تعاقد طرفان على مسألة ربوية سواء في البنوك أو غيرها برضاهما جميعاً فإننا لا نعطي آخذ الربا الزيادة الربوية، ولا نعفي معطي الربا من أخذها، نأخذها ونجعلها في بيت المال؛ لأن كل أحد من هذين قد عصى الله سبحانه وتعالى فلا نمكنه من أن يستمر في معصيته.
الجواب: أسألك الآن: لو كان لك بنت وأراد شخص ما أن يتزوجها بنية الطلاق هل تزوجه؟
السائل: لا أعرف الحكم في هذا.
الشيخ: لا أريد الحكم، إنسان تعرف أنه يريد أن يتزوج بنتك ما دام في هذا البلد، ومن ثم يطلقها تزوجه أو لا تزوجه؟
السائل: لا أزوجه.
الشيخ: لا تزوجه، إذاً.. إذا أضمر هذه النية يكون قد غش البنت وأهلها، وتعرف أن الغش حرام، هو صحيح فيه رفق بالمتزوج أن يحصن فرجه وأن يسلم من الزنا، لكن فيه ضرر على البنت وأهلها، فيكون هذا العقد متضمناً للغش والغش حرام، لكن لماذا لم يتزوج زواجاً بنية مطلقة؟ وهو إذا تزوج بنية مطلقة ثم بدا له أن يطلقها لكونه رجع إلى بلده أو لأنها لم تعجبه فالأمر واسع.
الجواب: لا شك أن هذا الرجل ممن قال الله فيهم: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً [التوبة:102] بل فقد الوصف الأول حيث وأنه لم يعترف بالذنب؛ لأنه يقول: إنني نائم والنائم لا مؤاخذة عليه، لكن يجب أن يتخذ الوسائل التي يستيقظ بها من ساعة منبهة أو من صديق له يقول إذا حان الوقت يضرب عليه التليفون أو لأهله، أما كونه يغلق الباب على نفسه وهو يعلم أنه لن يستيقظ فهذا متعمد لترك الجماعة، وقوله: إني نائم ليس بعذر؛ لأن عنده من يوقظه، فأنتم استمروا في مجالسته مع النصح وقولوا له: إن لم تفعل فإننا سوف نهجرك، هددوه بهذه العقوبة فربما يكون عند التهديد مستقيماً إن شاء الله.
السائل: يا شيخ عنده منبه ساعة في حجرته، هل يعني أن نعذره في هذا، يقول: أنا عندي شيء يسعدني لكن أريد أن أغلق الباب على نفسي.
الشيخ: القضية الخاصة ربما يريد أن يغلق الباب على نفسه؛ لأن عنده الصبيان.
السائل: لا. هو سكن الجامعة يا شيخ.
الشيخ: يعني ما عنده أحد يزعجه.
السائل: ليس معه رفيق في نفس الحجرة، وعنده منبه لكنه يغلق الباب.
الشيخ: إذا كان عنده منبه لماذا لم ينتبه؟
السائل: لا يستيقظ عليه؛ لأنه ثقيل النوم.
الشيخ: إذا كان ما يستيقظ عليه فمعناه: وجوده كالعدم.
السائل: نعم.
الشيخ: إذا كان لا يستيقظ على هذا المنبه -يعني: وجوده كالعدم- فلا بد أن يفتح الباب، أو يعطي صاحباً له مفتاح الباب ويغلق على نفسه، ثم إذا جاء صاحبه فتح عليه الباب.
وقل له: إن فعل هذا -أي: أعطى صاحبه مفتاحاً وأغلق الباب- فلينزع المفتاح من القفل؛ لأنه إن بقي لم يستطيع أحد أن يفتح.
الجواب: أولاً: في هذا السؤال ملحوظتان:
الملحوظة الأولى: إلقاء السلام؛ لأننا لا نعلم أن الصحابة إذا أرادوا أن يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم يلقون عليه السلام إلا إذا دخلوا ليحضروا.
الملحوظة الثانية: قولك: ما حكم الشرع في هذا؟ لأني لا أود أن يوجه السؤال لشخص يمكن يخطئ ويمكن يصيب، فيقال: ما رأي الشرع؛ لأنه إذا أجاب بخطأ صار الشرع خطأً.
أما بالنسبة لقطع الآذان فكان أهل الجاهلية يقطعون آذان البهائم لعقيدة وهي: أن هذه البهيمة -مثلاً- إذا ركبت كذا وكذا مدة من السنين قطعوا آذانها إشارة إلى أنها محترمة لا يجوز أكلها، أو إذا حملت هذه الناقة عدة بطون كذلك فعلوا بها، أو إذا أضرب الجمل مدة معينة فعلوا به كذلك، وهذه لا شك عقيدة باطلة ولا تعتمد، أحياناً يكون قطع الآذان من أجل زيادة الثمن كما نسمع الآن أن بعض البهائم المقطعة آذانها تبلغ قيمتها عشرة آلاف، وأنا أرى أن هذا من السفه بالنسبة للمشتري، هذه البهيمة -مثلاً- التي تساوي مائتين قطع آذانها يجعلونها بخمسة آلاف أو ستة آلاف هل زادت بقطع الآذان؟ لا. هي هي طبيعتها ولبنها وكلها سواء، لذلك نرى أن هذا في الواقع من السفه، لكن بالنسبة لقطع الأذن من حيث هو لا بأس به إلا أنه يشترط أن يبنجها عند القطع لئلا تتألم بشيء ليس ضرورياً، وها هو النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون كانوا يسيمون إبل الصدقة -يكوونها بالنار- ولا شك أنها ستتألم، وربما يتعفن الجرح وتتأذى أكثر.
الجواب: إذا دخل الإنسان المسجد وهو لم يصل صلاة المغرب ووجدهم يصلون صلاة العشاء وأدرك معهم ركعتين فليجعلها مغرباً -ينوي المغرب- فإذا سلم الإمام يقضي واحدة، وإذا دخل معهم في الثانية من صلاة العشاء وسلم الإمام يسلم معه؛ لأنه صلى ثلاثاً، وإذا دخل معهم من أول الصلاة وهو ينوي صلاة المغرب فإنه إذا قام الإمام إلى الرابعة لا يمكن أن يتابعه، فإذا تابعه بطلت صلاته، بل يجلس ويقرأ التشهد ويكمل ويسلم، ثم يقوم ويدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء ويتمها أربعاً؛ لأن المسافر إذا صلى مع إمام وهو يصلي أربعاً وجب عليه أن يتم أربعاً.
الشيخ: أما بالنسبة للمرأة فلا بأس بها إذا لم تكن ساعة رجالية، لكن الرجال إن كانت مطلية بطلاء يشبه الذهب وليس ذهباً فلا بأس بها، ولكننا ننصح بعدم لبسها؛ لأن من رآها يظنها ذهباً وحينئذ إن كان الرجل قدوة اقتدى به الناس وقالوا: الذهب لا بأس به، وإن كان غير قدوة صار شماتة للناس وصاروا يتكلمون فيه، والحمد لله يوجد ساعات غير مطلية بهذا النوع كثيرة، وأما إذا كانت مطلية بالذهب نظرنا إذا كان الذهب لـه سمك فهذا لا يجوز إطلاقاً، وإن كان مجرد لون فهو جائز لكن ننصح بعدم ذلك للعلة التي ذكرناها.
وإلى اللقاء إن شاء الله في الأسبوع القادم، وفقنا الله وإياكم للعلم النافع، والعمل الصالح، إنه على كل شيء قدير.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر