إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [153]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هكذا تمر السنوات، فيذهب عمر الإنسان مثل بساط يسحب من تحت رجليه سريعاً، ولكن بهدوء ودون إعلان، فيدرك الإنسان حينئذ أنه قد انتهى وذهب كما يذهب بياض الصفحة تحت سواد المداد. ولكن! ها هي فرصة المحاسبة والمعاتبة، والمراجعة والتوبة، لا زالت ماثلة يتحدث عنها هذا اللقاء، وعن أهمية الحرص على العلم، والاجتهاد في تحسين الخلق. يشمل هذا اللقاء -إضافة لما سبق- على إجابات قيمة لتساؤلات الحاضرين.

    1.   

    نهاية العام .. دعوة للمحاسبة

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الثالث والخمسون بعد المائة من اللقاءات المعبر عنها بـ(لقاء الباب المفتوح) التي تتم كل يوم خميس، وهذا هو الخميس الأول من شهر محرم عام (1418هـ) نفتتح به هذا العام الجديد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله عاماً مباركاً علينا وعلى المسلمين، وأن يجعله عام أمن وإيمان، وسلامة وإسلام، وتعاون على البر والتقوى، وتناهٍ عن الإثم والعدوان، إنه على كل شيء قدير.

    من المعلوم أن العام المنصرم مر بأحداثه المؤلمة والسارة والنافعة والضارة وكلٌ سوف يراه الإنسان، كما قال الله تبارك الله وتعالى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:6-8].

    ومن المعلوم أن التاجر في نهاية عام تجارته ينظر في جداول عمله، وما ربح وما خسر في عامه المنصرم، حتى يستدرك ما فات، ويصلح ما فسد، وإذا كان هذا في تجارة الدنيا، فإن تجارة الآخرة يجب أن تكون أهم وأعظم في قلب الإنسان؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:10-11]، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9].

    التوبة ثمرة للمراجعة والمحاسبة

    إذا نظر الإنسان في ديوان عمله في العام المنصرم فإما أن يعثر على واجب أهمله وتهاون به، فعليه أن يستدركه؛ لأن الاستدراك مع التوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه يصلح ما فسد، ومن كان مجترأً على معاصي الله عز وجل -والإنسان غير معصوم- فإن باب التوبة مفتوح، قال الله تبارك وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، فقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53] وهذا في حق التائبين، فإن الإنسان إذا تاب مهما كان ذنبه فإن الله تعالى يغفره له.

    وقد ذكر الله أعظم الذنوب في حقه وحقوق عباده، وبين أن التوبة منها تجعل السيئات حسنات، فقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68] وهذه من أعظم الذنوب الأول: لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ أي: لا يشركون به فالشرك أعظم الذنوب في حق الله عز وجل، وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وقتل النفس التي حرم الله أعظم العدوان على ابن آدم؛ ولهذا كان أول ما يقضى في الناس يوم القيامة بالدماء، والثالث: وَلا يَزْنُونَ والزنا من أعظم الجرم في حقوق الإنسان في تدنيس عرضه، هذه الأصول الثلاثة قال الله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى أن الإنسان إذا أذنب وتاب إلى الله وآمن وعمل عملاً صالحاً صارت سيئاته السابقة حسنات فضلاً من الله ونعمة، والحمد لله رب العالمين.

    فالمهم أن هذا نظرنا في عامنا المنصرم، فما هو نظرنا نحو عامنا الجديد.

    الأعمال بالخواتيم

    إن الإنسان العاقل يجب عليه أن يعتبر ما يستقبل فيما مضى، فالعام المنصرم مضى وكأنه ساعة من نهار، كأنه لحظة من اللحظات، وهكذا العام المستقبل سوف يكون كصاحبه، سيمضى سريعاً، فعلينا أن نعقد العزم والجد والاجتهاد على ما ينفعنا في ديننا ودنيانا في العمل الصالح واجتناب المحرم عسى أن نستدرك ما فات، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له، والأعمال بالخواتيم.

    ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) حتى لا يبقى عليه وينتهي أجله، وليس المعنى: حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، يعني: أن عمله سوف يدنيه من الجنة، المعنى: حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع بالنسبة لأجله، ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، أما لو عمل بعمل أهل الجنة حقيقة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، فإن الله تعالى لن يخيب سعيه (ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً).

    ومحال في حكمة الله ورحمته أن يخذل شخصاً أمضى عمره في طاعة الله حتى لا يبقى إلا ذراع، لكن هذا مراد الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع، يعني: من حيث الأجل لكنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس -أعوذ بالله- وهو من أهل النار، نسأل الله العافية.

    ويشهد لهذا الحديث الثابت عند البخاري وغيره: (أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة وكان رجلاً شجاعاً مقداماً يغبطه الصحابة وينظرون إليه نظر إجلال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام: هذا من أهل النار، فعظم ذلك على الصحابة -لماذا؟ لأنه رجل شجاع مقدام لا يدع شاذة للعدو ولا فاذة إلا قضى عليها، فإذا كان هذا من أهل النار وهو بهذه المثابة في الجهاد؛ فكيف بمن دونه- فقال أحدهم: والله! لألزمنه -يعني: لأكونن قريناً له حتى أنظر ماذا يكون الرجل؟... ماذا تكون حاله؟- يقول: فأصيب بسهم، فجزع -وكأنه والله أعلم جزع لأنه رجل مقدام شجاع، والشجاع لا يرضى أن يهزم- جزع فسل سيفه ثم وضعه على صدره واتكأ عليه حتى طلع من ظهره -والعياذ بالله- فقتل نفسه -وقاتل نفسه في النار- فرجع الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وبم؟ قال: إن الرجل الذي قلت: إنه من أهل النار فعل كيت وكيت، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار).

    أصلح الله لنا ولكم السرائر والظواهر، فالعمل على السريرة .. على سريرة القلب، طهر القلب؛ تطهر الجوارح! والقلب هو الذي يبتلى يوم القيامة كما قال الله تعالى: أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ [العاديات:9-10]، وقال تعالى: إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [الطارق:8-9] فعليك -يا أخي المسلم- بتطهير قلبك وتنقيته من الشك والشرك، والنفاق والحقد على المسلمين، والبغضاء والعداوة، حتى يطهر ظاهرك وباطنك.

    استقبال العام بطلب العلم

    علينا أن نستقبل هذا العام الجديد بالاجتهاد بالعمل الصالح المقرب إلى الله تبارك وتعالى، إخلاصاً لله، ومتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما طلب العلم فإن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، بل هو جهاد في سبيل الله، بل هو أفضل من الجهاد في سبيل الله عند كثير من العلماء؛ لأن الناس محتاجون إلى العلم أكثر من احتياجهم إلى الجهاد إذ أن الجهاد في معالجة إصلاح الغير، وطلب العلم في إصلاح النفس وإصلاح الغير.

    فالجهاد في سبيل الله محتاج إلى العلم، وليس العلم محتاجاً إلى الجهاد في سبيل الله، ولذلك فضل كثير من العلماء المحققين طلب العلم على الجهاد في سبيل الله، وإن كان القول الراجح عندي أن في ذلك تفصيلاً بالنسبة لأعيان الناس: فمن الناس من نقول الجهاد في حقه أفضل، ومن الناس من نقول: إن طلب العلم في حقه أفضل، فإذا وجدنا رجلاً مستعداً للعلم حفظاً وفهماً وجلداً ومتابعة، وهو دون ذلك في الجهاد في سبيل الله، قلنا له: العلم في حقك أفضل، وإذا كان آخر شجاعاً مقداماً نشيطاً قوياً وليس بذاك في الحفظ والفهم قلنا له: الجهاد في حقك أفضل، فالتفضيل في العبادات وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يراعيها: التفضيل في العبادات من حيث هي، والتفضيل في العبادات من حيث الأعيان الذين يقومون بها، هذا يجب أن يعرف الإنسان الفرق، ونحن نقول: التفضيل المطلق هو أن العلم أفضل بلا شك، يعني: طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله، لكن من حيث الأعيان فيه التفصيل الذي ذكرته لكم، نقول لهذا الشخص: الأفضل أن تبقى في طلب العلم، وللآخر أن تذهب في الجهاد في سبيل الله.

    استقبال العام بإصلاح الخُلق مع الناس

    علينا أيضاً أن نستقبل هذا العام الجديد بإصلاح الخلق مع الناس .. أن نلقى الناس بوجه بشوش .. أن نفشي السلام بيننا ابتداءً ورداً خلافاً لبعض الناس الآن تجدهم من طلاب العلم لكن لا يفشون السلام، يلاقي الإنسان صاحبه وزميله في الدراسة سواء في الكلية أو في المسجد لا يسلم عليه إلا أن يشاء الله، يلاقي إخوانه في السوق لا يسلم عليهم إلا أن يشاء الله، ولهذا اشتهر عند بعض الناس عند بعض العوام -والعوام هوام-: أن طلاب العلم جفاة لا يسلمون وإذا سلم عليهم يردون بآنافهم ولا يسمعهم المسلِّم، كل هذا من غرور الشيطان، فالذي ينبغي لنا بل يجب علينا أن نكون لإخواننا المسلمين أحبة متآلفين.

    وإفشاء السلام من أسباب دخول الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ -ثم أجاب نفسه فقال:- أفشوا السلام بينكم) أظهروه أعلنوه، ثم المسلِّم ماذا يأتي له من الأجر؟ التسليمة الواحدة عشر حسنات، عشر حسنات باقيات لك في يوم تحتاج إليها لا تجد زيادة في حسناتك، وأنت أحوج ما تكون إليها، تجدها عند الله تبارك وتعالى، لو قيل للناس: كل إنسان يسلم نعطيه درهماً، ماذا يكون؟ يفشون السلام أم لا؟ يفشون السلام، بل يترددون على الجالس عدة مرات لأجل أن يحصلوا على زيادة دراهم، مع أن الدراهم إما فانية وإلا مفني عنها، الإنسان لن يعمر والدراهم لن تعمر لابد من مفارقة إما من أصحاب الأموال وإما من الأموال نفسها، ولهذا وبخ الله عز وجل من يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة فقال: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى:16-17].

    فعلينا أيها الإخوة أن نستقبل عامنا بحسن الخلق مع الناس، فإن حسن الخلق من أفضل الأعمال حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) ويتعين أن يكون حسن الخلق في الدعوة إلى الله؛ لأن الدعوة إلى الله ليس لمجرد الإصلاح بينك وبين غيرك، أو جلب الألفة بينك وبين غيرك، لكنها لإقامة دين الله، فلا ينبغي أن نجفو في الدعوة إلى الله، بل ندعو باللطف واللين وتحمل الأذى، بل وتحمل المخالفة من المدعوين، بمعنى: أننا لا ينبغي أن نطلب أو نأمل الحصول على المطلوب في أول وهلة، كم بقي النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس في مكة؟ ثلاثة عشر سنة يدعوهم إلى الله عز وجل بالتي هي أحسن .. بالموعظة الحسنة، بكل ما يستطيع من الوصول به إلى تحقيق مراده عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك ربه سبحانه وتعالى وهو أعلم وأحكم ينزل عليه الأحكام فترة فترة، لم يجد من أركان الإسلام في مكة إلا ركنان فقط هما: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والثاني: الصلاة، الباقي كله جاء في المدينة، الزكاة وإن قيل: إن أصلها فرض في مكة لكن الإنسان كان فيها مخيراً، في المدينة فرضت الأنصبة وبينت وبين المقدار وبين أهل الزكاة، لكن هذه التربية من الله عز وجل يجب أن نأخذها محل اعتبار وألا نريد من الناس أن يصلحوا بين عشية وضحاها، هذا شيء مستحيل تأباه حكمة الله عز وجل.

    إذاً علينا أن نلاطف الناس في الدعوة إلى الله عز وجل، ونتحمل منهم الأذى، ونتحمل منهم البقاء على بعض المعاصي، رجاء إحسانها في المستقبل.

    يوجد من الدعاة من عنده غيرة عظيمة، لكن لا يحسن أن يدعو الناس مع كبح هذه الغيرة، بمعنى: أنه إذا رأى شخصاً على منكر لم يملك نفسه من غيرته أن يعنف عليه بالإنكار، وهذا خطأ ليس بصحيح، عندما تجد إنساناً يشرب سيجارة مثلاً هل تصيح به تقول له: ويلك! هذا حرام هذا حرام، أنت مصر على معصية فأنت من الفاسقين، جانبت العدل، هل هذا لائق؟ لا، أمهله دعه ثم تكلم معه بيسر، أخي! ماذا تنفعك هذه؟ هل فيها منفعة؟ هل فيها مضرة؟ حتى يأخذ عن اقتناع، واعلم أن من وافقك عن قهر وسلطان فإنه لن ينتفع في الغالب، إذا صد عنك أو صددت عنه عاد لما هو عليه، لكن إذا وافقك عن اقتناع فهذا هو المقصود وهذا الذي يحصل به المراد.

    فعليكم -أيها الأخوة- باللطف في الدعوة إلى الله، وأن تقابلوا الناس بصدر رحب.

    1.   

    الأسئلة

    حكم بناء المساجد الصغيرة بجوار المنازل

    السؤال: نخبرك أننا نحبك في الله، ثم إن السؤال الملاحظ عندنا في منطقة الباحة وبعض القرى، أن الذي يبني له بيتاً -في بعض الأحيان- يجعل له مسجداً صغيراً بجوار البيت، وقد تقتصر الصلاة في هذا المسجد عليه وعلى أهله وما يكون له جيران، والمساجد الكبيرة والعتيقة تبقى مهجورة إلا من قلة من الناس، ما توجيه فضيلتكم في ذلك جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أقول -بارك الله فيك-: لا يجوز للإنسان أن يبني مسجداً في بيت قريب من المسجد العام؛ لأن في هذا إضراراً بالمسجد العام سواء أراده الإنسان أم لم يرده، يعني: كثير من الناس لا يريد الإضرار بالمسجد العام لكن يريد الراحة له ولأهله، ولكن هذا حرام، ولهذا قال أهل العلم رحمهم الله: يحرم بناء مسجد بقربه، وإذا بناه وجب هدمه. ولذلك فنحن نحذر أولاً إخواننا من بناء هذه المساجد لما فيها من تفريق المسلمين، وإذا كان كل واحد يبني حول مزرعته أو حول بيته مسجداً، تفرق المسلمون بلا شك، فالواجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وأن يتقوا الله تعالى في إخوانهم وألا يفرقوا المؤمنين، هذا بالنسبة لمن أراد أن يبني.

    أما بالنسبة للجهات المسئولة فيجب أن تخبر الجهات المسئولة بما حدث حتى تتولى هي بنفسها ما يجب فعله شرعاً.

    المتمتع لا يقدم سعي الحج على الوقوف بعرفة ومزدلفة

    السؤال: رجل أتى للحج متمتعاً وأدى العمرة ثم ذهب إلى جدة وفي اليوم الثامن أتى إلى مكة وطاف بقصد أن يسقط عنه السعي يوم العيد، هل يسقط عنه أم لا؟

    الجواب: المتمتع من المعلوم أنه يحل بالعمرة يطوف ويسعى ويقصر ويحل، فإذا كان يوم الثامن أحرم بالحج، وخرج إلى منى ولا ينفعه إذا سعى قبل ذلك؛ لأن سعي الحج لا يجوز تقديمه على الوقوف بـعرفة ومزدلفة إلا إذا كان قارناً أو مفرداً وسعى بعد طواف القدوم، وعلى هذا فقل للرجل الذي فعل هذا، قل له الآن يتجنب أهله إن كان عنده أهل، ويجب عليه أن يسافر إلى مكة ويأتي بالسعي؛ لأنه سعى في غير وقته، والأفضل أن يحرم بعمرة إذا وصل إلى الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يأتي بسعي الحج، أبلغه بهذا يا أخي!

    حكم هدية البائع للمشتري

    السؤال: هل يجوز لصاحب المحل إذا اشترى بضاعة وأتت مع البضاعة هدية أو جائزة أن يتصرف في هذه الهدية والجائزة ببيع أو بنحو ذلك، وسواء كانت البضاعة مفردة أو جملة؟

    الجواب: نقول: إذا أهدى البائع إلى المشتري هدية فإنها ملكه، يملكها، إلا إذا كان المشتري وكيلاً لشركة أو لجهة حكومية، فإن هذه الهدية تشبه الرشوة لأنه من المعلوم أن هذا الوكيل إذا أهدي إليه الهدية سوف يفضل هذا البائع على غيره، وربما تكون سلعته أقل أو أغلى لكن يخنعه هذه الهدية فتجده يتجنب غيره ويأتي ويشتري من هذا.

    أما إذا كان الرجل يشتري لنفسه ويبيع من الناس فأهدى إليه البائع ما أهدى فهذا لا بأس به.

    حكم المأموم إذا نسي الفاتحة

    السؤال: إذا صلى مأموم مع الإمام ولم يقرأ الفاتحة ناسياً، هل يعيد المأموم الركعة أم ماذا يفعل؟

    الجواب: الذي نرى أنه يعيد الركعة، المأموم إذا لم يقرأ الفاتحة نسياناً مع الإمام فإنه يعيد الركعة؛ لأن الفاتحة لا تسقط عن المأموم إلا إذا أدرك الإمام راكعاً.

    جواز المسح على الجوارب

    السؤال: سمعنا فتوى بالمسح على الجوارب أنك لا تشترط أن الجورب يكون صفيقاً، ثم سمعنا من بعض الإخوان الفضلاء أنك رجعت عن هذه الفتوى، نريد الحق في هذا بارك الله فيك؟

    الجواب: الحق فيما عندي أني ما رجعت وأني لا أزال أفتي أنه لا بأس أن الإنسان يمسح على الجورب الخفيف.

    السائل: ولو كان شفافاً؟

    الشيخ: ولو كان شفافاً، لأنه ليس فيه دليل على اشتراط أن تكون ساترة، ومن ثم اختلف العلماء الذين يقولون بالاشتراط فقالوا: لو كانت هي لا يدخل من بينها الماء لكن لصفائها تصف ما وراءها كما لو كان بلاستيك في الوقت الحاضر، فبعض العلماء يقول: لا يجوز المسح عليها، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد عند أصحابه، وبعضهم يقول: جائز، وهذا مذهب الشافعية وكلهم ما عندهم دليل واضح، الشافعية يقولون: جائز لأن الماء لا يمكن أن يصل من ورائها، فلا يكون فرضه الغسل في هذه الحال وهؤلاء يقولون: لا يصح المسح عليها لأنها تصف البشرة، وكل منهم فيما نرى أنه لا دليل له وأنه يجوز المسح على الجوارب الخفيفة والصفيقة.

    السائل: ولو كان فيها تمزق؟

    الشيخ: ولو كان فيها تمزق.

    بدعة تلقين الميت في قبره

    السؤال: بعض الناس عندما يموت الميت ويوضع في قبره وينتهى من دفنه يعود إليه أحد أقاربه .. شقيقه ويقول له: يا فلان بن فلان! إن الله ربك والإسلام دينك ومحمد نبيك! ويسمى تلقين الميت، ما رأيكم في هذا؟

    الشيخ: رأينا أن هذا بدعة، وأنه لا يغني من الحق شيئاً، والضال ضال وإن لقن، وهاهو الدجال إذا بعث فإن من كان في قلبه نفاق -والعياذ بالله- وإن كان يعرف أخباره سوف يتبعه، لكن الثابت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) ولم يقل لقنوه، فتلقين الميت بعد دفنه بدعة.

    الزيادة في صرف النقود المعدنية بالورقية

    السؤال: بالنسبة لصرف النقود بعض الناس يعني يصرف المائة بمائة وبعضهم ينقص عن المائة شيئاً ولا يرى في ذلك بأساً، ما توجيهكم؟

    الشيخ: يعني النقود المعدنية.

    السائل: المعدنية بالورقية نعم.

    الجواب: صرف النقود المعدنية بالورقية مع التفاضل جائز لاختلاف الجنس، لكن لابد من التقابض في المجلس، يعني يقول: خذ وأعطني.

    الأمانة في كتابة تقارير الأعمال

    السؤال: أنا موظف في الحكومة ولدينا شركات صيانة ونظافة فيكون هناك نقص في العمالة، وإذا لم نكتب النقص في التقرير الشهري تعطينا الشركة مبلغاً من المال نستفيد منه في شراء ورق التصوير والأقلام والظروف فما رأيك في ذلك؟

    الجواب: على كل حال نقول: هؤلاء الذين لا يكتبون النقص هم في الحقيقة ظلموا أنفسهم وظلموا الشركة وظلموا الحكومة وخانوا الأمانة، الواجب أن يكتبوا للحكومة الواقع ويقولون: حصل نقص كذا وكذا، ومسألة لوازم المكتب إن وفرته الحكومة وإلا يقولون نتوقف، أعطونا وإلا نتوقف.

    أقسام الهم بالسيئة

    السؤال: وردت بعض النصوص الشرعية تدل على أن من هم بالسيئة ولم يعملها تكتب له حسنة، ونصوصاً أخرى: من هم بالسيئة ولم يعملها لا تكتب له. فكيف التوفيق؟

    الجواب: الهم بالسيئة في الواقع له أقسام:

    القسم الأول: أن يهم بالسيئة ويعمل لها ولكن يحال بينه وبينها، فهذا يكتب عليه وزره، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه).

    القسم الثاني: أن يهم بها ثم يدعها لله عز وجل، فهذا تكتب له حسنة، لأنه في الحديث الذي أشرت إليه قال الله تعالى: (إنما تركها من جرائي) أي: من أجلي.

    القسم الثالث: أن يهم بها ثم يدعها لا خوفاً من الله ولا عزوفاً عنها فهذا لا لـه ولا عليه، فالميزان بالقسط لأن الرجل لم يتركها لله حتى يؤجر ولم يحرص عليها حتى يأثم، فهذا لا شيء عليه وليس له شيء.

    الصلاة خلف الفاسق

    السؤال: وقعت في بلادنا مشكلة وهي أن إمام وخطيب المسجد أتهم امرأة بالزنا وتم تشكيل لجنة عند شيخ القرية، وثبت أن هذه المرأة بريئة وأن الشخص كاذب، ودفع غرامة مالية مقدارها ثلاثة آلاف جنيه مقابل اتهامه لهذه المرأة، ويقول: الإشكال هل يصلى خلف هذا الإمام الذي أتهم هذه المرأة؟

    الشيخ: هذا في أي مكان هو؟

    السائل: في خارج البلاد في البلاد المجاورة التي لا تحكم بالشريعة.

    الشيخ: طيب يرجع إلى العلماء هناك يسألهم.

    حكم استخدام أجهزة ترديد الصدى في المسجد

    السؤال: يوجد في بعض المساجد الأجهزة الترديد (الصدى) فهل هذا يجوز؟

    الشيخ: هذا يسأل يقول: عن الصدى في المساجد.

    أرى: أنها لا تجوز، فإن كانت تستوجب ترديد الحرف، فعدم الجواز فيها أمر قطعي عندي؛ لأن ترديد الحرف يعني زيادة في كلام الله عز وجل، وقد كره الإمام أحمد وغيره من العلماء قراءة الكسائي لشدة الإدغام فيها أو لطول المد فيها؛ لأن هذا يقتضي أن يكون هناك زيادة على كلام الله عز وجل، لكن إذا كانت لا توجب ترديد الحرف فأرى أيضاً المنع فيها لكني لا أجزم به جزماً بيناً؛ وذلك لأنه ليس المقصود من القرآن الكريم أن يكون كنغمات الأغاني والطبول، المقصود أن يقرأه الإنسان بخشوع، وربما يكون قراءته بدون مكبر الصوت أدعى للخشوع كما هو المشاهد غالباً، وأما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتزيين الأصوات بالقرآن فالمراد الأصوات التي خلق الله الإنسان عليها، لا بأن يأتي بآلة، لكن إن اضطر للآلة لأننا لا نحرمها بل نقول هي من فضل الله لو كان المسجد واسعاً يحتاج صوتك فيه إلى تكبير فلا بأس كما هو معروف الآن في المسجد الحرام والمسجد النبوي وغيره من مساجد المسلمين، أما هذا الصوت الذي يسمى الصدى فهو إن كان يلزم منه ترديد الحرف فهو حرام ولا إشكال فيه لما فيه من الزيادة على القرآن، وإن كان لا يتضمن ذلك فأنا أيضاً أرى منعه.

    حكم من حلف على استضافة شخص

    السؤال: سائل يقول: أنه جاءه رجل وحلف أن يعشيه وحلف أيضاً أن يذبح يعني قال: والله لأذبحن لك الذبيحة لكن تركه وسافر فماذا عليه في ذلك؟

    الجواب: أولاً نحن ننهى إخواننا عن التسرع في الأيمان ,إلزام الناس بعشاء أو قهوة أو ما أشبه ذلك، وإذا رأوا إكرام أخيهم فبدون يمين، ثم إن حلفوا فليقرنوها بكلمة إن شاء الله؛ لأن من قال: إن شاء الله في يمينه فلا يحنث، ثم ننصح إخواننا أيضاً الذين حلف عليهم أن يبروا قسم هذا الرجل؛ لأن من حق المسلم على أخيه أن يبر قسمه وألا يحنثه، لكن إذا حصل العناد من هؤلاء وهؤلاء فالحالف أولاً هو الذي عليه الكفارة يعني: إذا حنث وذهب المحلوف عليه فعلى الحالف الكفارة، وعلى ضيوفهم أن يبقوا، ولكنهم إذا ذهبوا وتركوهم فعلى الحالف أن يكفر كفارة يمين وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.

    ذكر القصص المثيرة على المنابر

    السؤال: نسمع من بعض الدعاة أو الخطباء إذا تناولوا بعض المواضيع مثل موضوع مثلاً الدش والتحذير منه يورد مثلاً قصة مثيرة مثلاً: أن رجل فعل ببنته الزنا أو أخاً فعل بأخته الزنا، فهل مثل إيراد مثل هذه القصص وإن كانت فعلاً حصلت إيرادها للناس أو تسمعها المجتمع هل في ذلك شيء؟

    الجواب: أنا أرى ألا تذكر هذه القصص المشينة سواء في الدش أو في غير الدش؛ لأن الإنسان إذا سمعها سوف يتصور أن هذه المسألة عامة، يعني وهذه المسألة خاصة، لكن يمكن في مجلس من المجالس أن يذكرها الإنسان لبيان مضارها ببيان الدش، أما بصفة عامة على المنبر فهذه فيها نظر، ثم إن الحاضرين قد يكونون من غير البلد فيتصور واحد منهم أن هذا في البلد نفسه ويحصل في هذا سوء سمعة، فأرى ألا تذكر ويكتفى بذلك بالحديث الصحيح وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد استرعاه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة) فيقال لصاحب العائلة الذي يتمكن من منع دخول بيته الدش يقال: هل استرعاه الله على رعية؟

    الجواب: نعم لا شك.

    وهل هو إذا قدر على منع هذا الدش ولم يمنعه، مع مشاهدته الفظائع فيه هل يعتبر غاشاً لأهله أم لا؟

    يعتبر غاشاً لأهله، إذاً: يصدق عليه الحديث: (ما من عبد استرعاه الله على رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة) يدخل في هذا الحديث بلا شك، ولكن هل نشهد لهذا الرجل بعينه؟ هذا هو الممنوع؛ لأن نصوص الوعيد لا تطبق على كل شخص بعينه، كما أن نصوص الوعد لا تطبق على كل شخص بعينه، ألسنا نعلم أن من قتل في سبيل الله فهو شهيد؟! فلو قتل رجل في المعركة بين المسلمين والكفار هل نقول: فلان شهيد بعينه؟ لا، لأن التعيين غير التعميم.

    فهذا الرجل الذي أبقى الدش وهو قادر على منعه أو هو بنفسه جلبه للبيت إذا مات فهو غاش لرعيته، لا أحد يشكل عليه هذا الأمر، فيدخل في عموم الحديث، لكن الممنوع أن تشهد له بعينه فتقول مثلاً لجيرانك إذا مات أبوهم وهو قد أدخل الدش تقول: أبوكم محرم عليه الجنة، حرام هذا؛ لأن العلماء يقولون: من مذهب أهل السنة والجماعة ألا نشهد لشخص معين بجنة ولا نار إلا لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم.

    خطأ مفهوم حرمان من نام أول النهار من رزقه

    السؤال: اشتهر عند العوام أن من ينام بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس أنه قد حرم الرزق، ويستدلون لذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (بارك الله لأمتي في بكورها) فهل هذا له أصل؟

    الجواب: هذا ليس لـه أصل؛ لأن أول النهار لا شك أنه خيره وبركته، وهذا شيء مشاهد، لكن كون الإنسان يحرم الرزق هذا غير صحيح، اللهم إلا رزقاً يكون في أول النهار وينام هذا عنه فيحرم إياه بطبيعة الحال، وأما أن يقال: من نام بعد صلاة الفجر فإنه يحرم الرزق فهذا ليس بصحيح.

    اللعاب لا يفطر الصائم

    السؤال: بالنسبة للريق أو اللعاب هل يفطر الصائم؟

    الشيخ: الريق لا يفطر الصائم بالإجماع ولا يمكن أن يقول أحد أنه يفطر، لكن جمع الريق وابتلاعه هو الذي بعض العلماء قال: إنه يفطر، والصحيح أيضاً أنه لا يفطر؛ لأنك لم تدخل لجوفك طعاماً ولا شراباً، هذا حصل ريق حصل من الجوف ورجع إليه، ولهذا كان القول الراجح أيضاً: أن النخامة لا تفطر حتى لو وصلت إلى الفم وابتلعها الإنسان فإنه لا تفطر، لكن الإنسان لا يبتلعها فإن أهل العلم حرموا ذلك؛ لأنه شيء مستقذر ولا ينبغي للإنسان أن يبتلعه، لكن لو تمضمض من أجل العطش هل يفطر؟ إن ابتلع الماء أفطر بلا إشكال، وإذا لم يبتلعه فإنه لا يفطر.

    مشروعية الخطبتين في العيد

    السؤال: ما هي السنة في خطبة العيد هل هي خطبتان أم واحدة، نرجو التفصيل في ذلك؟

    الجواب: المشهور عند العلماء من الحنابلة: أنها خطبتان خطبة العيد أولى وثانية، ولو اقتصر الإنسان على واحدة بدون إحداث فتنة فلا بأس، فإن خاف من فتنة بأن يتفلت الناس ويصير كل واحد يعرف حكم مسألة يذهب إليها فهنا يقتصر على ما كان الناس يعتادونه؛ لئلا يفتتح الباب على الناس.

    الذين يعذرون في المبيت خارج منى

    السائل: الرسول صلى الله عليه وسلم عذر ناساً في المبيت خارج منى كالسقاة وغيرهم، لكن ما يقاس عليهم في الوقت الحاضر؟ وهل أصحاب التجارة يعذرون؟

    الجواب: إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحاج، وهذا عمل عام كما تعرف، وكذلك رخص للرعاة أن يتركوا المبيت في منى؛ لأنهم يرعون رواحل الحجيج، فيشبه هؤلاء من يترك المبيت لرعاية مصالح الناس كالأطباء وجنود المرور وجنود الإطفاء وما أشبه ذلك هؤلاء ليس عليهم المبيت لأن الناس في حاجة إليهم، وأما من به عذر خاص كالمريض والممرض له وما أشبه ذلك فهل يلحقوا بهؤلاء؟ على قولين للعلماء:

    بعضهم يقول إنهم يلحقون لوجود العذر، وبعضهم يقول إنهم لا يلحقون؛ لأن عذر هؤلاء خاص وعذر أولئك عام، والذي يظهر لي: أنهم يلحقون بهؤلاء، أصحاب الأعذار يلحقون بهؤلاء كإنسان مريض أحتاج أن يرقد في المستشفى هاتين الليلتين إحدى عشر واثنا عشر فلا حرج عليه ولا فدية؛ لأن هذا عذر، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يرخص للعباس مع إمكانه أن ينيب أحداً من أهل مكة الذين لم يحجوا يدل على أن مسألة المبيت أمرها خفيف، يعني: ليس وجوبها بذاك الوجوب المحتم حتى إن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن من ترك ليلة من ليالي منى فإنه لا فدية عليه وإنما عليه أن يتصدق بشيء، يعني: عشرة ريالات خمسة ريالات حسب الحال.

    السائل: أصحاب التجارة؟

    الشيخ: لا أصحاب التجارة هذه مصالح خاصة، وليست عذراً، لكن ممكن أن يقال: أصحاب الأفران الذين يحتاج الناس إليهم قد يلحقون بهؤلاء.

    حكم ختان الإناث

    السؤال: حديث أم هانئ في اختتان الإناث، ما صحته وما حكم ذلك أحسن الله إليكم؟

    الجواب: الصحيح أن اختتان الإناث سنة وليس بواجب بخلاف الذكور والفرق ظاهر؛ لأن القلفة التي في ذكر الذكر لو بقيت لأضرت به عند البول وعند الجماع إذا كبر، أما الأنثى فغاية ما فيها أنه قيل إنها تخفض من شهوتها إذا ختنت، وهذا لا يقتضي أن يكون الأمر واجباً.

    فالصواب: أن ختان الإناث سنة وليس بواجب.

    السائل: والحديث الوارد في ذلك؟

    الشيخ: أحاديث ختان المرأة ليست قوية.

    وإلى اللقاء إن شاء الله في يوم آخر، والحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767978790