أما بعد:
فهذا هو اللقاء الستون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الحادي والعشرون من شهر صفر عام (1418هـ).
ونبتدئ به كالعادة بما تيسر من الكلام على آيات من كتاب الله عز وجل.
إذا قلت مثلاً: العلم نافع، هذه جملة خبرية خالية من التوكيد، فإذا قلت: إن العلم نافع، فهذه جملة خبرية مؤكدة بمؤكد واحد وهو (إن) فإذا قلت: إن العلم لنافع، فهذه جملة خبرية مؤكدة بمؤكدين: (إن، واللام) فإذا قلت: والله إن العلم لنافع، فهذه جملة خبرية مؤكدة بثلاثة مؤكدات وهي: (القسم، وإن، واللام) والتوكيد أسلوب من أساليب اللغة العربية مستعمل عند العرب، وهذا القرآن نزل بلغة العرب، ففي الواقع أن خبر الله عز وجل لا يحتاج إلى توكيد؛ لأنه أصدق القول، فالله عز وجل إذا أخبر بخبر فإنه لا يحتاج إلى أن يؤكد؛ لأن خبر الله صدق، لكن لما كان القرآن العظيم نزل بلسانٍ عربي صار جارياً على ما كان يعرفه العرب في لغتهم.
وهنا أكد الله عز وجل هذه الجملة: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ [الطور:17] بـ(إن) أي: بمؤكد واحد.
قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ [الطور:17] المتقون: هم الذين قاموا بطاعة الله امتثالاً لأمره واجتناباً لنهيه.
إذاً التقوى: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه، فالذي يصلي امتثالاً لأمر الله نقول: هو متقٍ بصلاته، والذي يدع الزنا نقول: هو متقٍ بترك الزنا.
وإنما سمي ذلك تقوى؛ لأنه وقاية من عذاب الله، فإن الإنسان إذا قام بطاعة الله فقد اتخذ وقاية من عذاب الله عز وجل، هؤلاء المتقون يقول الله عز وجل: فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ [الطور:17] و(جنات) جمع جنة وهي: الدار التي أعدها الله تعالى للمتقين في الآخرة، بدليل قول الله تبارك وتعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133] نحن قلنا: التي أعدها الله تعالى لعباده في الدار الآخرة فهل يمكن أن تكون في الدنيا؟
نقول: أما بالنسبة لدخول الجنة التي هي الجنة فهذا لا يمكن في الدنيا، أما بالنسبة لكون الإنسان يأتيه من نعيم الجنة ما يأتيه، فهذا يمكن، وذلك في القبر إذا سئل الإنسان: عن ربه ودينه ونبيه، فأجاب بالصواب فإنه يفرش لـه فراش من الجنة، ويفتح له باب إلى الجنة، ويفسح له في قبره مد البصر.
إذاً.. (جنات) جمع جنة وهي الدار التي أعدها الله للمتقين في الآخرة، وجمعها؛ لأنها أنواع ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن أربعة أنواع: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن:46] ثم قال: وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ [الرحمن:62] إذاً.. هذه أربع، وتختلف هذه الجنان الأربع فيما جاء في وصفها في سورة الرحمن، يقول عز وجل: فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ [الطور:17] (نعيم) أي: نعيم البدن ونعيم القلب، فهم في سرور دائم، وهم في صحة دائمة، وهم في حياة دائمة، فجميع أنواع النعيم كاملة لهم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
(بما آتاهم ربهم) أي: بما أعطاهم ربهم من النعيم.
وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [الطور:18] فحصلوا على السلامة من الشرور بوقاية الجحيم، وعلى تمام السرور في جنات النعيم.
فالأمر هنا للتكريم، أي: يقال لهم: كلوا واشربوا، كلوا من كل ما في الجنة من النعيم، فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ [الرحمن:52]، فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:68] وفيها من كل النعيم.
واشربوا مما فيها من أنهار، وأنهار الجنة أربعة ذكرها الله تعالى في سورة القتال، وهي في قوله تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً [محمد:15].
هذه أربعة: أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ [محمد:15] معنى: (غير آسن) أي: غير متغير، المياه في الدنيا إذا لم يأتها ما يمدها وبقيت راكدة لا بد أن تتغير فتكون آسنةً، لكن ماء الجنة لا يتغير (غير آسن).
وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ [محمد:15] اللبن في الدنيا إذا بقي يتغير ويفسد، لكن في الآخرة لا.
وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [محمد:15] خمر الدنيا فيه رائحة كريهة، ثم فيه أنه يقلب العاقل إلى مجنون، وفيه أيضاً الصداع، وخراب المعدة، لكن في الجنة لا، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ [محمد:15] وقد قال الله تعالى في سورة الصافات: لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ [الصافات:47].
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً [الطور:19] الهنيء: هو الذي لا يكون له عاقبة سيئة، ولا تبعة من تجاوز أو إسراف.
بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الطور:19] أي: بسبب ما كنتم تعملون، فالباء هنا للسببية وليست الباء للعوض أقول هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لن يدخل الجنة أحد بعمله) وهنا قال: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الطور:19] فجعل الله تعالى ذلك بسبب العمل، فقال بعض العلماء: كيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) مع أن الله يقول: (بما كنتم تعملون)؟!!
والجواب على هذا الإشكال أن يقال: الباء تأتي للسببية وتأتي للبدلية، فإذا قيل: دخل الرجل الجنة بعمله، فالمعنى: السببية، وإذا قيل: (لن يدخل الجنة أحد بعمله ) فالمعنى: البدلية، وأضرب مثلاً يبين هذا: بعتك الثوب بدرهم، الباء للبدلية، لأن الدرهم صار عوضاً عن الثوب هذه للبدلية، وإذا قلت: أدبت الولد بعبثه، هذه للسببية، إذاً.. كلنا لن يدخل الجنة بعمله، لأن الله سبحانه وتعالى لو حاسبنا على عملنا ما قابل عملنا نعمة من نعم الله، النفس الآن الذي هو من ضرورة الحياة، يخرج منك ويدخل بدون تعب ومشقة، وكم يتنفس الإنسان في الدقيقة؟ كثيراً، ولو أننا حوسبنا على أعمالنا بالمعاوضة والمبادلة لكانت نعمة واحدة تستوعب جميع العمل، ونحن الآن لا نحس بنعمة النفس، لكن لو أصيب أحد منا بكتم النفس لوجد أن النفس من أكبر نعم الله، لذلك نقول: إن الباء في قوله: (بما كنتم تعملون) للسببية وليست للبدلية.
وفي قوله: (بما كنتم تعملون) شمول لكل العمل: عمل الجوارح والقلب واللسان، فالجوارح هي: الأفعال كالركوع والسجود، والأقوال: كالأذكار، والقلوب: كالخوف والرجاء والتوكل وما أشبه ذلك، فكل هذه تسمى أعمالنا.
الشيخ: يعني غرامة.
السائل: أو نحوها.
الشيخ: هذا لا شك أنه محرم إلا لسبب شرعي، كوننا نلزم إنساناً ونغرمه مالاً أو وليمة أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز إلا بسبب شرعي؛ لأن الله تعالى قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29].
الجواب: تخصيص زيارة القبور بيوم الجمعة ليس عليه دليل، وزيارة المقابر تكون في كل وقت، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زار المقبرة في الليل ودعا لأهل القبور.
ولو قال قائل: ينبغي لكل إنسان حصل منه غفلة عن ذكر الموت أن يذهب ويزور المقبرة، ويكون هذا هو السبب في الزيارة، لو قيل بهذا لكان لـه وجه، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكر بالموت) وحقيقة أن الإنسان إذا ذهب إلى القبور وزارها فلا بد أن يتذكر الموت ويتذكر الآخرة؛ لأنه يرى هذا القبر كان بالأمس صاحب القبر معه على وجه الأرض يأكل ويشرب ويتمتع ويذهب ويجيء والآن هو مرتهن بعمله، فيتذكر الإنسان، ثم هل يستبعد أن يكون كهذا الرجل؟
أبداً لا بعد في هذا، الإنسان ربما يخرج إلى المسجد ولا يرجع إلى بيته إلا محمولاً، وربما ينام ولا يقوم إلا جنازة، وهذا شيء مشاهد.
حكى لنا بعض الإخوة في الأسبوع الماضي أنه كان رجل قد دعا أصحابه إلى وليمة، فحضروا إلى الوليمة بعد صلاة العشاء، وفي نفس المكان والناس ينتظرون العشاء أحس بدوران في نفسه فحملوه إلى المستشفى فمات هناك فوراً، هل أحد يستبعد أن يناله مثل ما نال هذا الرجل؟
أبداً، فإذاً أنت يا أخي زرت المقبرة تذكر هؤلاء الذين كانوا معك يأكلون ويشربون ويتمتعون ويتكلمون ويضحكون وينامون ويذهبون ويجيئون، والآن هم مرتهنون بأعمالهم، لا يستطيعون أن يزيدوا حسنة من حسناتهم ولا أن يدفعوا سيئة من سيئاتهم، فلو قال قائل: إنه ينبغي للإنسان كلما رأى من نفسه قسوة وغفلة أن يذهب إلى المقابر ويزورها لم يكن هذا بعيداً، لكن إذا زارها ماذا يقول؟
الجواب: نقول: إذا كان يأمل أن الله ينفعهم به، فلا بأس أن يبقى معهم ولو فاتته الركعة الأولى أو الثانية، ذلك لأن إدراكه الركعة الأولى أو الثانية أمر مطلوب ولا شك، لكنه سنة، وأما بقاؤه مع هؤلاء يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهو واجب، هذا إن رجا أن ينفعهم الله به، أما إذا كان آيساً منهم، يعرف أن هؤلاء لا يسمعون ما يقول فليذهب وليرجع إليهم بعد الصلاة ويأمرهم وينهاهم.
الشيخ: الظاهر لي أن هذا من جنس الاستشفاع بالله على خلقه وأنه لا يجوز؛ لأنه لا يجوز أن تجعل الله واسطة بينك وبين الإنسان، ثم من ناحية أخرى فيه إحراج للمخاطب: كيف تسأله هذا السؤال؟ وإحراج الناس لا ينبغي، ومثل هذا في نفسك: لو أن إنساناً أتاك وأحرجك في أمر تحب ألا يطلع عليه هل تكون مسروراً بهذا؟!! لا تكون.
إذاً.. يا أخي عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به.
السائل: هل يأخذ حكم: أسألك بالله؟
الشيخ: لا يأخذ هذا، وأيضاً: أسألك بالله ليس متفقاً على أن المعنى أن تجعل الله واسطة، بل بعضهم يقول: أسألك بالله، أي: أسألك بالحق الذي أوجب الله عليك: أن تعطيني -مثلاً- من هذا الزكاة إذا كان من أهل الزكاة وما أشبه ذلك.
الجواب: أكثر أهل اللغة يقولون: إن النمص نتف شعر الوجه، وعلى هذا التعريف يكون خاصاً بالوجه، والنمص من كبائر الذنوب؛ لأن النامصة والمتنمصة كلتاهما ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: إذا كان فيه مصلحة فلا بأس، وإذا كان فيه مضرة فهو حرام، وإذا لم يكن مصلحة ولا مضرة فهو لغو، فهذه أقسام ثلاثة:
إذا كان فيه مصلحة، مثل: أن تكون هذه المجلة أو الجريدة تتكلم عن أشياء مفيدة إما فتاوي تعرض فيها، أو مقالات طيبة، أو ما أشبه ذلك فهذا طيب، ما لم يشغله عما هو أهم.
وإذا كانت فيها مضرة، مثل: أن تكون هذه الجريدة مملوءة بالصور الخليعة الفاتنة، أو تكون هذه الجريدة أو المجلة معروفة بأفكار سيئة، فإن مطالعتها حرام.
وإذا كان ليس فيها هذا ولا هذا فمطالعتها لغو وإضاعة للوقت.
الجواب: لماذا لا تأخذ أولاده معه؟
السائل: مثلاً بيض.
الشيخ: اقتله ولو كانت البيض عنده.
السائل: جائز؟
الشيخ: جائز، أما الأول فلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن تذبح الشاة وأختها تنظر إليها) وهذه هي الشاة مع أختها فكيف بالأم مع أولادها؟!!
وقد ذكروا قصة قرأتها قديماً يقولون: إن رجلاً ذبح ولد بعير عندها، فجعلت البعير تتمرغ على ولدها مذبوحاً أو منحوراً حتى ماتت من شدة وجدها، فأصيب هذا الرجل بالجنون والعياذ بالله، وصار يخرج إلى البر هائماً، وفي أثناء خروجه إلى البر وجد حمَّرة وهو طائر معروف قد سقط عشها تحت الشجرة وفيه أولادها، وهي تحوم تريد أن تحمل الأولاد لتجعلهم في مأمن في الشجرة، فعجزت وهي مازالت تحوم على أولادها وتصرخ، هذا الرجل المجنون تصرف بغير عقل أخذ الأولاد بعشهم ووضعهم على غصن في الشجرة ومكنهم من الشجرة، فنـزل الطائر على أولاده مسروراً فرد الله عليه عقله، سبحان الله!! لأنه أحسن إليها ولو كان بغير قصد أثابه الله عز وجل، لأن النفع المتعدي يؤجر الإنسان عليه ولو كان بغير قصد، وهذه المسألة ينبغي لطالب العلم أن يتنبه لها، الإنسان يزرع زرعاً ويغرس غرساً فينتفع منه الطيور، هل هو أراد نفع الطيور في الأصل، أو أراد أن ينتفع هو؟ أراد أن ينتفع هو، لكن انتفاع الطيور به والهوام يؤجر عليه.
الجواب: مادة الإنجليزي في المدارس مادة معتمدة ليس الإنسان فيها مخيراً، وإذا كانت معتمدة فإن الشهادة لم تمنح الطالب حتى يكون قد أجاب في جميع المواد، فإذا غش فقد غش نفسه، والغش حرام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا).
الجواب: إذا فاتت الإنسان الصلاة لعذر، فالواجب عليه أن يصليها حين يزول العذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) فنقول: إذا أخر صلاة العصر حتى خرج وقتها لعذر، فليصلها إذا زال العذر، إذا زال العذر بعد غروب الشمس فهل يبدأ بالمغرب ثم العصر أو بالعصر ثم المغرب؟ نقول: يبدأ بالعصر ثم المغرب مراعاة للترتيب، إلا أن يضيق وقت الصلاة الحاضرة فيقدم الصلاة الحاضرة.
الشيخ: والله هذه كلمة الآن اصطلحوا عليها ولا يريدون معناها، فتجده يقول: يا صديق، وهو ما رآه ولم يعرفه، أو يا رفيق وهو ما رآه ولم يعرفه، فصارت الكلمة الآن موضوعة لتدل على أن هذا ليس بمعروف عند الرجل فلا أرى بها بأساً، إلا إذا كان الرجل كافراً فلا ينبغي أن يقال له: يا صديق.
السائل: هذه تطلق على الأعاجم فهل يوجد لها بديل أفضل؟
الشيخ: لا. إذا كان كافراً فلا ينبغي أن يقول له: يا صديق أو يا رفيق، لماذا لا يقول: يا رجل، يا ولد، يا هذا؟ إذا قال هذا بصوت مرتفع سوف يلتفت على كل حال، ويسلم من كلمة صديق التي ربما يكون المخاطب بها كافراً.
الشيخ: أحبك الله الذي أحببتنا فيه، ونسأل الله أن يجعلنا جميعاً من أحباب الله.
السائل: الله يجزيك خيراً اثنان اشتركا في محل بنسبة سبعة أسهم إلى تسعة أسهم، وحصل بينهما خلاف، فأحدهم قال للآخر: تستلم إدارة المحل مقابل أن تعطيني ثلاثة آلاف في الشهر، الذي هو صاحب السبعة الأسهم، أو أعطيك أربعة آلاف وخمسمائة صافي تأخذها وتكون خارج المحل، هل يجوز هذا؟
الشيخ: أما الأول فلا يجوز له أن يقدر لـه شيئاً معيناً في الشهر؛ لأنه ربما يربح هذا الشيء وربما لا يربح، فلا يجوز؛ لأن هذا من الميسر.
أما إذا اتفقوا على أن يصفوا المحل الآن، وينظروا كم قيمته ثم يقول: أنا أعطيك قيمة نصيبك منه فلا بأس.
الجواب: إذا جاءك المدرس وأنت في الامتحانات وأخبرك بالجواب فالواجب عليك أن ترفع أمره إلى الإدارة من أجل أن تؤدبه؛ لأن هذا في الحقيقة أضاع الأمانة التي حملها، ولكن هل يجوز لك أن تأخذ بما قال؟
إن كنت تدري أن هذا الجواب من الأصل فلا بأس وليس فيه إشكال؛ لأنك اعتمدت على معلوماتك، وإن كنت لا تدري فأنا أتردد في هذا، قد أقول: إنه جائز؛ لأن هذا رزق ساقه الله إليك، وقد أقول: إنه ليس بجائز؛ لأنه مبني على غش، فهذه أتوقف فيها، لكن المهم أن هذا الرجل يجب أن يرفع أمره إلى الإدارة ليأخذ جزاءه، كيف يعتمد على هؤلاء التلاميذ ثم يذهب يعطيهم.
السائل: يا شيخ، إذا رفعناه إلى الإدارة سوف نضره، والتلاميذ كذلك هم المتضررون.
الشيخ: يضره هو، هذا هو ما نريد.
السائل: والطلاب يتضررون.
الشيخ: لا يضرونه، لماذا؟
السائل: هذا حصل عندنا يا شيخ.
الشيخ: لا يضر أبداً، المشكلة إذا أنكر الأستاذ.
السائل: إذا علمت أن فيه مضرة لي.
الشيخ: إذا علمت أنه يضرك لا يلزمك أن ترفعه (لا ضرر ولا ضرار) لكن إذا لم يترك التغشيش لابد أن ترفعه؛ لأن هذا الذي يغششك يغشش غيرك، ثم أي فائدة من الامتحانات إذا كان الأساتذة يغششون!
الجواب: بعض العلماء يقولون: الأب كل ما ترعاه الإبل أو البقر أو الغنم، لأن الله تعالى قال: وَفَاكِهَةً وَأَبّاً * مَتَاعاً لَكُمْ هذه الفاكهة وَلِأَنْعَامِكُمْ [عبس:31-32] هذا الأب.
وبعضهم خصه بالقت، وهو الذي يسمونه البرسيم.
والأقرب العموم، أنه عام لكل ما ترعاه الإبل أو الغنم أو البقر.
الجواب: يحتمل أنه أراد من ادعى الإجماع فهو كاذب من أهل البدع؛ لأن أهل البدع يقولون مثلاً: الله منزه عن كذا بالإجماع، فيموهون على الناس: تارة يقولون بالإجماع، وتارة يقولون: في قول أهل التحقيق، وتارة يقولون: في الأرجح وما أشبه ذلك، هذا مراد الإمام أحمد .
وقال بعضهم: إن الإمام أحمد أراد من ادعى الإجماع بعد انقضاء القرون الثلاثة؛ لأن الناس بعد انقضاء القرون الثلاثة تفرقوا في المكان وتفرقوا في الأفكار والآراء فتشتت الآراء والأماكن وبعدت، فما الذي أدرى هذا الرجل أن واحداً في الأندلس وافق واحداً في أقصى شرق آسيا ، ما الذي أعلمه لا سيما أنه في ذلك الوقت ليس هناك مواصلات، فلا شك أن الإجماع حجة وأنه ممكن، لكنه في غير الأصول الثابتة في الشريعة يعز وجوده وتبعد الإحاطة به.
الجواب: الدعوة أساليبها كثيرة:
- تارة تكون بخروج الإنسان بنفسه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج إلى القبائل في مواسم الحج ويدعو الناس إلى دين الله، وكما خرج إلى أهل الطائف والقصة مشهورة معلومة.
- وتارة يكون بالأشرطة وبالكتيبات وبالمطويات كما يعرفونها، فالمهم أن وسائل الدعوة كثيرة.
ثم ما الذي يقدم منها؟ نقول: للأنفع والأصلح، تارة يكون الأنفع للإنسان نفسه أن يذهب ويدعو، وتارة يبقى في بلده للتعلم ويرسل الكتيبات والأشرطة وغير ذلك، وتارة يكون ليس أهلاً للدعوة بنفسه، لكن عنده مال فيشتري من هذه الأشرطة والكتيبات ويوزعها ويكون هو مشاركاً للذي ألفها.
الجواب: الزيتون فيه خلاف:
بعض العلماء يقول: إن فيه زكاة؛ لأنه ثمرة فيزكي.
وبعضهم يقول: ليس فيه زكاة، وأن الزكاة إنما هي بالعنب والتمر فقط.
وبعضهم يقول: إن العنب نوعان: نوع يتخذ منه الزبيب ففيه الزكاة، ونوع لا يتخذ منه الزبيب فلا زكاة فيه لأنه فاكهة.
وهذه المسألة فيها خلاف طويل عريض بين العلماء، لكني أقول: إذا كان هذا الرجل يقول: إن الإنفاق عليه أكثر من ثمرتها فما الفائدة منها حينئذ؟ لماذا لا يجثه ويغرس بدله ما يكون مثمراً نافعاً؟
الشيخ: لماذا؟
السائل: بعض المزارع عندهم محوري ورشاش، فهو عندما ينتهي من الزرع يحرقه وهو مسافة كبيرة من الزرع وفيه من الدواب.
الشيخ: لماذا أحرقه؟
السائل: يحرقه ليتخلص من بعض الشجر .. وبعض الحشائش والنوابت.
الشيخ: هذا لا بأس به، يعني: بعض الفلاحين إذا انتهى الموسم أحرق الأرض بما فيها من الأشجار والنوابت، يقول: من أجل أن يقضي على الحشائش الضارة وهذا لا بأس به، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحرق نخل بني النضير، مع أن النخل لا يخلو من أفراخ الطيور أو غيرها، فهل هذا الرجل أحرقها ليقتل ما فيها من الحشرات؟
الجواب: لا. أحرقها ليتخلص مما يؤذيه من الحشائش والنوابت، وهذا ما قصده، فلا بأس به، ويجب أن تعلم الفرق بين المقصود وبين التابع، مثلاً في القتال: لا يجوز أن نقتل الصغار، ولا النساء، ولا الشيوخ، لكن لو اضطررنا أن نرمي هذه القرية بالمدافع فسوف تقتل النساء والأطفال والشيوخ، ولكن هذا يكون تبعاً.
الشيخ: لا، لباس العمامة ليس بسنة، لكنه عادة، والسنة لكل إنسان أن يلبس ما يلبسه الناس ما لم يكن محرماً بذاته، وإنما قلنا هذا؛ لأنه لو لبس خلاف ما يعتاده الناس لكان ذلك شهرة، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الشهرة، فإذا كنا في بلد يلبسون العمائم لبسنا العمائم، وإذا كنا في بلد لا يلبسونها لم نلبسها، وأظن أن بلاد المسلمين اليوم تختلف، ففي بعض البلاد الأكثر فيها لبس العمائم، وفي بعض البلاد بالعكس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس العمامة؛ لأنها معتادة في عهده، ولهذا لم يأمر بها بل نهى عن لباس الشهرة مفيداً إلى أن السنة في اللباس أن يتبع الإنسان ما كان الناس يعتادونه، إلا أن يكون محرماً، فلو فرضنا أن الناس صاروا يعتادون لباس الحرير وهم رجال قلنا: هذا حرام ولا نوافقهم، ولو كنا في بلد اعتاد الرجال أن يلبسوا اللباس النازل عن الكعبين قلنا: هذا حرام ولا نوافقهم.
الشيخ: لا. ضمة القبر للمؤمن إذا صح الحديث فيها فإنها ضمة رحمة وحنان كضم الأم الحنون ابنها إلى صدرها، وأما ضم القبر للفاجر فإنه -والعياذ بالله- يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، أي: حتى يدخل بعضها ببعض من شدة الضيق، أعاذنا الله وإياكم من هذا.
الشيخ: تغيير بياض اللحية سنة إلا إذا كان بسواد فهو حرام، أما بالحناء أو الحناء مع الكتم أو بشيء يغير اللون فقط فهو سنة.
الجواب: ابتداء السلام سنة كفائية، فلو كنا جماعة ومررنا بشخص وسلم واحد منا كفى؛ لأنه سنة كفائية، أما سنة العين فأكثر السنن سنن أعيان كالتثليث في الوضوء، والغسل على الصفة المشروعة، وزيادة التسبيح في الصلاة، هذه كلها سنة عين.
الجواب: على كل حال إذا صح الانتساب فهم من آل البيت، ولكني أسألكم الآن: آل البيت لهم حق قرابة النبي صلى الله عليه وسلم لا شك في ذلك، لكن إذا كانوا فساقاً أو كفاراً فليس لهم حق على غيرهم من المسلمين المستقيمين، فهناك من هو أولى منهم، لكن إذا كانوا مثل غيرهم فهم أحق؛ لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: هل هو للتحريم أو للكراهة؟
السائل: نعم.
الشيخ: أو للوجوب؟
السائل: للوجوب أو للتحريم؟
الشيخ: لا، هل هو للتحريم أو لا؟ لأنه قال: لا يجلس نهي، فهل هذا النهي للتحريم، وإذا كان للتحريم صارت الركعتان من الواجب.
اختلف فيها العلماء، وأكثر العلماء على أن تحية المسجد سنة.
وبعضهم يرى أنها واجبة.
والقول بالوجوب قوي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب، فدخل رجل المسجد فجلس، فقال له: (أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما) فكون الرسول صلى الله عليه وسلم قطع الخطبة وأمره أن يقوم فيصلي، مع أنه إذا صلى سوف ينشغل بالصلاة عن استماع الخطبة واستماع الخطبة واجب ولا اشتغال عن واجب إلا بواجب، فالقول بهذا قوي.
لكن بعض الأشياء قد تضعف القول بالوجوب، كدخول الإمام يوم الجمعة، فإنه يصعد إلى المنبر ولا يصلي.
وكدخول الإنسان المسجد الحرام للطواف فإنه يطوف ولا يصلي.
وكذلك أيضاً قضايا ظاهرها عدم الوجوب، مثل: قصة كعب بن مالك رضي الله عنه حين تاب الله عليه، فجاء فدخل المسجد فقام الناس يهنئونه، وظاهر القصة أنه لم يصل ركعتين.
فهذا مما يضعف القول بالوجوب؛ لأن القول بالوجوب ليس اسماً مجرداً لواجب أو غير واجب، القول بالوجوب يقتضي أن من جلس ولم يصل فهو آثم، وثبوت الإثم مع الاحتمال يتوقف فيه الإنسان.
لكني أنا أقول لكم أيها الإخوة نصيحة عامة: إذا ورد النهي فاجتنبه ولا تسأل: هل هو للتحريم أو للكراهة؟ وإذا ورد الأمر فاتبعه ولا تسأل: هل هو للوجوب أو للاستحباب؟ فالصحابة رضي الله عنهم إذا كانوا أمرهم الرسول بشيء لا يقولون: يا رسول الله هل قصدت الوجوب أو الاستحباب، يفعلون مباشرة، والحقيقة أن الإنسان متهم إذا سمع أمر الله، ورسوله ثم قال: هل هو للوجوب أو للاستحباب؟
يا أخي! أنت مأمور أن تفعل، إذا سمع النهي يقول: هل هو للكراهة أو للتحريم؟ أنت مأمور أن تترك، نعم إذا تورط الإنسان ولم يفعل المأمور ولم يترك المنهي عنه، إذا تورط حينئذ نبحث: هل هو للوجوب أو للاستحباب؟ أما قبل ذلك فنصيحتي لكل مؤمن إذا سمع أمر الله ورسوله أن يقول: سمعنا وأطعنا ويفعل، وإذا سمع النهي أن يقول: سمعنا وأطعنا ويترك، ولا يخاطر بنفسه، وأشد الناس انقياداً لأمر الله ورسوله هم أقوى الناس إيماناً، إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور:51] فاطلب الفلاح، ثم إنك إذا فعلت المأمور سواء كان واجباً أو غير واجب طاعة لله ولرسوله ازداد قلبك إشراقاً وإيمانك قوة وصرت مع شرائع الله أمراً ونهياً، لكن إذا صرت تتعنت هل هو واجب أو غير واجب! فهذا أمر لا ينبغي، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على الطاعة.
الجواب: هذا يسأل يقول: يوجد في بلادهم مسابقة على السيارات والدراجات ويشترك الجميع بعوض.
جوابنا على هذا: أنه لا يجوز أخذ العوض على هذه المسابقات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر) والسبَق بفتح الباء: هو العوض المأخوذ على المسابقة فلا يجوز.
نعم. لو فرض أن هذه السيارات سيارات جهاد، وهذه الدرجات درجات جهاد، فحينئذٍ نقول: لا بأس؛ لأنها تشبه الخيل والإبل، أما لو أن شخصاً من الناس أخرج جائزة للفائز في السباق فهذا لا بأس به؛ لأنه هنا لا ضرر على المتسابقين، إما أن يسلموا وإما أن يغنموا وليس فيه مقامرة، لكن هل نقول للرجل الذي أخرج الجائزة: إن إخراجك الجائزة حرام أو حلال؟ هنا ينظر ماذا يترتب على هذه المسابقة، إن لم يترتب عليها محظور فبذل المكافأة جائز، وإن ترتب عليها محظور فبذل المكافأة عليها حرام.
فلو فرضنا أن هذه المسابقة للدراجات والسيارات تؤدي إلى التهور والعبث فهنا لا يجوز أن نشجعهم ونعطيهم مكافأة، لأن بعض الشباب الذي لا يقدر الأمور تجده يلعب بالسيارات إما بالتفحيط كما يسمى وإما بالدوران، وإما بغير ذلك فهؤلاء لا يشجعون على أعمالهم.
الجواب: أولاً: سبب صلاة الكسوف هو كسوف الشمس والقمر، وكسوف الشمس والقمر أمر خارج عن العادة لإنذار الناس وتخويفهم، ولما كان أمراً خارجاً عن العادة، شرع الله تعالى صلاة لها خارجة عن العادة، قلت هذا من أجل أن تعرف حكمة الله عز وجل في كون الشرائع مناسبة للوقائع.
وصلاة الكسوف يبدأ الإنسان فيها بتكبيرة الإحرام، وقبل هذا ينادى على المنائر : الصلاة جامعة، ويجتمع الناس في مسجد واحد ليس في كل مسجد بل في مسجد واحد وهو الجامع، هذا هو الأفضل، ثم يكبر الإمام ويقرأ الفاتحة ويقرأ سورة طويلة -مثلاً- البقرة أو آل عمران أو السور الطوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، حتى إن بعض الصحابة سقط مغشياً عليه من طول القيام، ثم يركع بعد هذا ركوعاً طويلاً، ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقرأ سورة طويلة لكنها دون الأولى، ثم يركع ركوعاً طويلاً لكنه دون الأول، ثم يرفع، ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد بمقدار ركوعه، ثم يسجد ويطيل السجود كالركوع، ثم يجلس بين السجدتين ويطيل الجلوس كالسجود، ثم يسجد الثانية ويطيل، هذه هي الركعة الأولى، والركعة الثانية مثلها إلا أنها دونها في كل ما يفعل، ثم يسلم، وينبغي أن يعظ الناس ويذكرهم بعد الصلاة؛ لأن هذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه هي صفة صلاة الكسوف الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما عدا ذلك ولو كان مرفوعاً إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه غير صحيح -يعني: غير صحيح إلى الرسول صلى الله عليه وسلم- وإلا فقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام ركع ثلاث ركعات لكنه شاذ، وإنما حكمنا بشذوذه؛ لأن الكسوف لم يقع في عهد الرسول إلا مرة واحدة خسفت الشمس في يوم تسعة وعشرين من شوال عام عشرة من الهجرة، في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، وصادف ذلك يوم موت إبراهيم بن محمد على أبيه الصلاة والسلام وعليه الرضوان، في ذلك اليوم خسفت الشمس خسوفاً كلياً حتى وصفها الصحابة: بأنها قطعة نحاس أو شبه ذلك.
والكسوف الكلي يتأخر انجلاؤه، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينصرف حتى انجلت الشمس، ونقدر صلاته والله أعلم بثلاث ساعات وهو قائم عليه الصلاة والسلام.
في هذا المقام عرضت عليه الجنة والنار عليه الصلاة والسلام .. عرضت عليه الجنة فتقدم ليأخذ منها قطفاً من عنب لكنه لم يشأ ذلك؛ لأن نعيم الجنة يكون في الآخرة، وعرضت عليه النار فتأخر خوفاً من لفحها، وحصل أمور عظيمة وخطب خطبة عظيمة، ولهذا نقول: يجب على المسلمين أن يهتموا بهذا الحدث العظيم، ونسمع في بعض البلاد الإسلامية أنه يمر الكسوف أو الخسوف وكأنه يوم كبقية الأيام وبعضهم لا يصلي، وسمعت أن بعضهم يخرج إلى البر ومعه الدفوف ليضرب بها ويغني، ولا أدري ماذا يقولون في غناهم!
السائل: عندهم دعاء يقولون: لا إله إلا الله .. لا إله إلا الله.
الشيخ: كل هذه من البدع، فهذه هي صلاة الكسوف، وهي أفضل ما يكون من الصفات، ولكن يجوز أن يزيد ركوعاً ثالثاً لكل ركعة؛ لأنه ورد عن بعض الصحابة، لكن الأفضل ما جاءت به السنة.
السائل: الإعلان إذا كان الكسوف بعد يوم.
الشيخ: أرى أنه لا ينبغي الإعلان عن ذلك؛ لأنه إذا أعلن عنه خف وزنه عند الناس، وصار كأنه أمر معتاد، فلو أنه ترك حتى يتبين للناس، ثم إن الإعلان عنه أوجد مشكلة أخرى، يعلنون عن الكسوف ويكون كسوفاً جزئياً صغيراً لا يتبين، فبعض الناس يتعجل ويصلي، كما حدث قبل سنة أو سنتين أعلن عن الكسوف لكنه ما بان، وإذا أعلن عنه ولكنه لم يبن فإنها لا تجوز الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتموه فصلوا).
والكسوف عند أهل الفلك أحياناً يراد به الظل بمعنى: أن النور يخف لكنه يتبين.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر