أما بعد:
فهذا هو اللقاء السبعون بعد المائة الذي يتم كل يوم خميس والمسمى بلقاء الباب المفتوح، وهذا الخميس هو الثالث عشر من شهر رجب عام (1418هـ).
نتكلم فيه الآن عما أنعم الله به على هذه البلاد في هذا الأسبوع من كثرة الأمطار الغزيرة العامة -ولله الحمد- ولا شك أن كثرة الأمطار من نعم الله تبارك وتعالى التي يستحق عليها أن يشكر ولا يكفر، وأن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى، هذه الأمطار لا يعلم متى تنزل إلا الله عز وجل، ولا يستطيع أحد أن ينزلها إلا الله عز وجل، ولا يستطيع أحدٌ أن ينبت الأرض بها إلا الله عز وجل قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34].
ولا شك أن هذه الأمطار قد يحصل فيها شيءٌ من الضرر على بعض الناس إما بتلف المواشي، أو بتهدم البناء، أو بفساد الزروع، وكل هذا بتقدير الله سبحانه وتعالى، فالواجب علينا إزاء هذا الذي يحصل الصبر والاحتساب، والاتعاظ والعبرة، وأن نقيس ما حصل عندنا بما يحصل في بلادٍ أخرى من الفيضانات العظيمة المدمرة تدميراً واسعاً شاملاً؛ حتى يتبين أن ما أصاب بعض الجهات من هذه الأمطار من الأذى لا ينسب إلى ما نسمعه في البلاد الأخرى، فلله الحمد والمنة.
- أما الذي فرط فهو الذي لا يعتبر هذا شيئاً يبيح الجمع؛ فتجده لا يجمع حتى وإن شق الحضور إلى المسجد مشقة كبيرة، فإنه لا يجمع، حتى لو قال له أهل المسجد: اجمع بنا، لا يجمع، وهذا غلط، يخشى على هذا أن يدخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه) لكن لا عبرة بالرجل والرجلين من جماعة المسجد، يعني مثلاً: لو كانت المشقة تكون لرجل أو رجلين أو ما أشبه ذلك دون بقية الجماعة فلا عبرة بهؤلاء، العبرة بالأكثر، وهؤلاء الأقل إذا كان يشق عليهم أن يحضروا إلى المسجد في الصلاة الثانية فلهم الرخصة أن يصلوا في بيوتهم، كما جاء في الحديث: (الصلاة في الرحال).
ومن الناس من هو على عكس هذا: فتجده يجمع بدون مشقة، حتى لو نزلت نقط يسيرة من المطر جمع، وبعضهم إذا رأى السماء ملبدة بالغيوم جمع، وهذا أيضاً محرم ولا يحل، ومن جمع لغير عذرٍ فقد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، وسيتقلد آثام هؤلاء الذين صلوا قبل الوقت؛ لأن جمع الثانية للأولى معناه صلاتها قبل وقتها، وهذا حرام، إنما لابد من مشقة، إما من مطرٍ نازل يبل الثياب بحيث تتشرب الثياب المطر حتى تنعصر إذا عصرت، وإما بمشقة الطريق، وأما بدون مشقة فإنه لا يجوز؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] وقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوقات هذه الصلوات، فلا يحل أن نتعدى حدود الله فنجمع بدون عذرٍ شرعي.
- ومن الناس من هو معتدل مستقيم إذا رأى المشقة جمع، وإذا لم يكن ثَمَّةَ مشقة لم يجمع، فهذا الذي هو على هدى مستقيم، وهو الناصح لنفسه ولمن وراءه من الجماعة.
لهذا يجب على طلبة العلم أن يبينوا للأئمة هذه المسألة بياناً واضحاً حتى لا يتجرأ أحدٌ على الجمع بدون عذر، ولا يتأخر أحدٌ عن الجمع إذا وجد عذراً.
واعلم أنه لا يصح أن تجمع العصر إلى الجمعة.
مثلاً لو كان يوم الجمعة والأمطار كثيرة والناس يصلون يوم الجمعة في المسجد فإنه لا يحل لهم أن يجمعوا إليها العصر؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الأمطار كانت في عهد الرسول في يوم الجمعة وغير يوم الجمعة، فإنه لما استسقى على المنبر لم ينزل من منبره حتى نزل المطر وجعل يتحادر على لحيته، ولم يجمع العصر إليها، ولا يصح أن تقاس الجمعة على غيرها؛ لأن الجمعة صلاةٌ فريدة تختلف عن الظهر اختلافاً كثيراً، ولأنه لا قياس في العبادات؛ العبادات يتمشى فيها على ما جاءت به الشريعة، ولا يمكن أن يقيس أحدٌ في العبادات فيثبت عبادة لم تكن معروفة قياساً على عبادة أخرى.
المشقة كما ذكرنا في المطر.
ومن ذلك أن تكون الليلة باردة ذات ريحٍ تؤلم الناس، فيجوز الجمع؛ لدعاء الحاجة إليه، ولأن المشقة في الوصول إلى المسجد في مثل هذه الحال أعظم من المشقة في الوصول إلى المسجد بالمطر.
كذلك يجوز الجمع للمريض الذي يشق عليه أن يصلي كل صلاةٍ في وقتها، سواء كان ذلك لضعفٍ في البدن، أو لعدم استمساك البول أو الغائط أو الريح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز للمستحاضة أن تجمع؛ لأنها يشق عليها أن تتوضأ لوقت كل صلاة، فكل من حدثه دائم فإنه يجوز له أن يجمع لمشقة الوضوء عليه لكل صلاة.
ومن ذلك، أي: مما يباح له الجمع: إذا أراد الإنسان سفراً وخاف ألا يتيسر له أن يصلي الصلاة المقبلة في وقتها فله أن يجمع، مثل: أن تصادف الصلاة الثانية وهو في الطائرة أو في سيارة لا يتمكن من إيقافها أو ما أشبه ذلك فله أن يجمع لتعسر الصلاة المقبلة عليه في وقتها، والجمع -والحمد لله- واسع.
ومن ذلك، أو مما يباح الجمع من أجله السفر: إذا كان الإنسان مسافراً جاز له الجمع سواء كان سائراً أو نازلاً، لكن السائر نأمره بالجمع ونقول: اجمع اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، والنازل نقول له: الأفضل ألا تجمع، وإن جمعت فلا بأس، هذا إذا لم يكن في بلدٍ تقام فيه الصلاة جماعة، فإن كان في بلدٍ تقام فيه الصلاة جماعة وجب عليه أن يصلي مع الناس؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استأذنه رجل في ترك الجماعة فرخص له، فلما ولى دعاه وقال: (هل تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب) وما يتوهمه بعض العوام من أن المسافر ليس عليه جماعة فهو لا أصل له، المسافر والمقيم كلٌ منهما عليه الجماعة، والدليل: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتخلف أحد من أصحابه عنه في السفر كلهم يصلوا جماعة، ولأن الله تعالى أمر في صلاة الخوف أن يصلون جماعة وهم مسافرون وخائفون، فدل ذلك على أن السفر لا يسقط الجماعة عن الناس.
الجواب: إذا دل الكتاب والسنة على ثوابٍ معين بصفةٍ معينة فإننا لا نتعداه، الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله) وبيوت الله هي المساجد، فإذا اجتمع قومٌ في غير المساجد فإنه لا يكتب لهم هذا الأجر لكنهم في اجتماعهم على خير ولا شك، أما الأجر الخاص الذي رتب على هذا العمل الخاص فإنه لا يحصل إلا بالأوصاف التي اعتبرها الشارع.
الجواب: والله! لا أعلم هذا الحديث، لكن المعروف أن الرعد من الظواهر الطبيعية الملازمة في الغالب للغيوم، ثم إن الرعد ليس من الأشياء المخيفة حتى يكون رفعه من الجزاء والثواب، صحيحٌ أن الصواعق مخيفة وقد تكون عقاباً، فالله أعلم بصحة الحديث.
الجواب: هذا صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما شغل عن الركعتين بعد الظهر .. جاءه وفد فانشغل بهم ثم قضاها بعد صلاة العصر، ثم داوم عليها؛ لأن من عادته أنه إذا عمل عملاً أثبته فأثبتها عليه الصلاة والسلام، لكن غيره لا يحل له ذلك، له أن يصلي راتبة الظهر إذا فاتته بنسيان أو انشغال بعد صلاة العصر لكنه لا يداوم على هذا، فهذا وجه الحديث.
الجواب: إي نعم. الجماعة إذا أقاموا في بلد تجب عليهم صلاة الجماعة، إلا إذا كان المسجد بعيداً عنهم.
السائل: أقاموا يوماً أو يومين؟
الشيخ: سواء أقاموا يوماً أو يومين أو شهراً أو شهرين فتجب عليهم الجماعة، إلا إذا شق عليهم هذا يصلون وحدهم في مكانهم.
الجواب: نعم، يلزم كل من رأى منكراً أن ينكره لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه) لكن كيف ينكر؟ هذا هو المهم! هل ينكر بعنف ويصيح بهذا الرجل ويسبه؟ أو يداريه وينكر عليه بالتي هي أحسن؟ هذا هو المهم، وهذا هو الذي يفوت كثيراً من الإخوة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، تجدهم يستعملون العنف وربما يكون في قلبه أنه يريد أن ينتصر لنفسه مثلاً، وهذا غلط، الواجب عند النهي عن المنكر أن تريد بذلك إصلاح أخيك، وإذا كنت تريد هذا فاسلك أيسر السبل لإصلاحه.
الجواب: خلاصة السؤال: إذا اتفق جماعة على ألا يتزايدوا وهذا فيه تفصيل، إذا لم يكن في السوق من يشتري هذه السلعة إلا هؤلاء فهو حرامٌ عليهم؛ لأن هذا بمنزلة الاحتكار، وإذا كانت السلعة يشتريها هم وغيرهم فلا حرج عليهم؛ لأنهم إذا لم يزيدوا زاد غيرهم وانتهت المشكلة.
الجواب: النظر إلى المباراة في التلفزيون أنا أسألك ما الفائدة منها؟
السائل نفسه: اختلفت أنا وشخص حول المسألة فقلت له: أولاً: إضاعة الوقت وثانياً: تظهر عورات لأنهم ما يغطون إلا نصف فخوذهم، فقال: لا. بل جائز، قلت: أسأل لك ابن عثيمين .
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) وإذا نهينا عن القول إلا أن يكون خيراً فالفعل من باب أولى، فالنظر للمباراة في الواقع فيها محاذير، منها: إضاعة الوقت؛ لأن المبتلى في هذا تجده ينهمك فيه حتى يضيع عليه أوقات كثيرة، وربما أضاع عليه الصلاة مع الجماعة وربما أضاع عليه الصلاة في الوقت.
ثانياً: أنه ينظر إلى قومٍ كشفوا نصف أفخاذهم، والفخذ عورة عند كثيرٍ من العلماء، والذي نرى أن الشباب لا يجوز له أن يظهر شيئاً من فخذه لا سيما إذا كان مرتفعاً عن الركبة كثيراً.
ثالثاً: أنه ربما يقع في قلبه تعظيم من يفضل غيره مع أنه من أفسق عباد الله أو من أكفر عباد الله، فيقع في قلبه تعظيم من لا يستحق أن يعظم، وهذا لا شك أنه محذور.
رابعاً: أنه يترتب عليه إضاعة المال؛ لأن هذا الجهاز يكون على الطاقة الكهربائية ويستهلك وإن كان الاستهلاك يسيراً لكنه مادام لا فائدة فيه لا في الدين ولا في الدنيا فإنه يعتبر إضاعة مال.
خامساً: أنه ربما يؤدي إلى النـزاع والخصومة، فإذا كان يشجع هذا النادي أو هذا الفريق وغلب، وهناك آخر يشجع النادي الآخر أو الفريق الآخر حصل بينهم نزاع، ومطاولة في الكلام.
لهذا أقول: نصيحة للشباب خصوصاً ولغيرهم عموماً: ألا يضيعوا أوقاتهم في مشاهدة هذه المباراة، وليفكروا ملياً: ماذا يحصل من مشاهدتها؟ ما الفائدة؟ ثم إن في بعض المباريات تجدهم مثلاً يتراكضون ثم يتضامون بعضهم إلى بعض، وربما يركب بعضهم على كتف الآخر وما أشبه ذلك من الأفعال التي تنافي المروءة.
الشيخ: قيمة النخل كله، التمور جميعاً ويقال مثلا: قيمة الوسط كذا وكذا، يؤخذ من قيمة الوسط.
السائل: يعني: نفرض مثلاً سبعين كيلو سكري، وخمسمائة كيلو نوع وسط، وألف كيلو مثلاً نوع رديء كيف الآن نقيم؟
الشيخ: مثلاً: إذا قالوا السكري نصف القيمة، والثاني ثلث القيمة، والثالث سدس القيمة، نضم بعضها إلى بعض ونخرج إما نصف العشر أو العشر حسب الواجب من الوسط، وإذا شئت شيئاً آخر فقدر القيمة عموماً ثم أخرج من القيمة نصف العشر أو العشر وهذا سهل.
السائل: من القيمة كلها؟
الشيخ: من القيمة كلها.
السائل: نخرجها قيمة أو نخرجها تمراً؟
الشيخ: إن أردت أن تخرجها تمراً فانظر إلى الوسط، وإن أردت فيها دراهم وهو الذي نراه أولى في الوقت الحاضر؛ لأن الناس يحبون الدراهم أكثر من التمر فأخرج من الدراهم.
الشيخ: يعني: جلس مرتين؟
السائل: نعم.
الشيخ: ناسياً؟
السائل: نعم.
الشيخ: ليس عليه شيء، الصلاة صحيحة، لكن يجب عليه أن يسجد للسهو بعد السلام؛ لأن هذا السهو عن زيادة، والسهو إذا كان عن زيادة فإن سجوده يكون بعد السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سهى فسلم من ركعتين من الظهر أو العصر ثم ذكروه: أتم الصلاة ثم سجد بعد السلام، ومرة صلى الظهر خمساً فلما سلم أخبر بأنه زاد فثنى رجليه وسجد سجدتين.
السائل: ما حكم جلوسه للتشهد مرة ثانية؟
الشيخ: قلت: لا بأس، هو ناس غير متعمد، هذا الجلوس معفوٌ عنه؛ الجلوس الأول الذي سها فيه معفواً عنه، لكن لما كان هذا الجلوس يغير هيئة الصلاة أمر بأن يسجد سجدتين تجبر الصلاة.
الشيخ: أولاً: أخبر إخوانك ما معنى (فيزة)؟
السائل: تأشيرة عمل.
الشيخ: إلى الآن ما وصلنا إلى فهمها.
السائل: حق الإقامة أو حق جلب العمال.
الشيخ: يعني الرخصة في استقدام عامل؟
السائل: نعم.
الشيخ: هذه هي (الفيزة) الرخصة يعني يأخذ رخصة من الوزارة لاستقدام عامل، ثم يبيع هذه الرخصة على أحد يستقدم عاملاً، فهذا حرامٌ ولا يجوز؛ لأننا نقول: إن كنت محتاجاً إلى هذا العامل فالفيزة بيدك، وإن لم تكن محتاجاً فرد الفيزة إلى من أخذتها منه، ولا يحل لك أن تبيعها، ولو قمنا بهذا لكان كل الناس يشترون (فيزاً)، ويتربحون فيها، ثم هذا كذب؛ إذا أخذ فيزة على أنه يستقدم عاملاً ثم باعها صار كاذباً.
لكن قل لي: لو أنه استغنى عن العامل؛ كرجل أخذ (فيزة) على أنه يريد أن يستقدم عاملاً حقيقة لكن استغنى عنه، فهل يبيعها؟
الجواب: لا، وإنما يردها؛ لأنها منحت له على أن يستقدم هو بنفسه عاملاً ثم استغنى عنه فليردها؛ لأنه ربما يكون هناك أناسٌ منتظرون (للفيز).
الجواب: إذا دخل الإنسان المسجد فليصل ركعتين قبل أن يجلس في أي وقتٍ دخل؛ لأن تحية المسجد ليس عنها نهي، بل أقول: كل نفل له سبب فليس عنه نهي، صلاة الركعتين بعد الطواف جائزة في أي وقت؛ لأن لها سبباً، سنة الوضوء إذا توضأ الإنسان يسن له أن يصلي ركعتين ويحرص على ألا يحدث فيهما نفسه تجوز في كل وقت، صلاة الاستخارة في أمرٍ يفوت قبل زوال النهي تجوز في وقت النهي.
المهم القاعدة: أن كل نفلٍ له سبب فليس عنه نهي.
الجواب: إذا كان الانحراف كثيراً بحيث خرج عن الجهة فعليه إعادة الصلاة، وأما إذا كان الانحراف يسيراً فلا بأس، أي: فلا يعيد الصلاة؛ لأن الانحراف اليسير معفوٌ عنه بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة : (ما بين المشرق والمغرب قبلة).
فاسأل: إذا كان الانحراف كثيراً بحيث إذا كانت القبلة عن يمينه أو عن يساره فعليه أن يعيد الصلاة، وأما إذا كان الانحراف يسيراً فإنه لا يضر.
السائل: يا شيخ الفرائض فقط؟
الشيخ: الفرائض ورواتبها وكذلك الوتر، ألا تعلم أن قضاء الرواتب وقضاء الوتر سنة؛ لأن الأصل أصل.
الجواب: الحكم في هذا القول: أن هذا الإطلاق أعني قوله: إن هذا الطبيب لا يعلى عليه، إن أراد أنه لا يعلو عليه أحدٌ من الأطباء لمهارته وأمانته فلا بأس، وإن أراد العلو المطلق فهذا غلط؛ لأن الله تعالى فوق كل شيء.
وفي ظني: أنه أراد لا يعلو عليه من الأطباء، ما أظنه يعتقد أنه لا يعلو عليه حتى الرب عز وجل.
الجواب: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن (من قتل نفسه بحديدة أو سم فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً) نسأل الله العافية، وهذا قاله على سبيل الزجر؛ لأن قتله نفسه أعظم قتلٍ يكون، إذ أن الإنسان يجب عليه أن يدافع عن نفسه أكثر مما يدافع عن غيره، فكيف إذا انتهك حرمتها هو بنفسه؟!! فإنه يكون أشد إثماً، ويكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (خالداً مخلداً) المبالغة في زجره، وهي تشبه قول الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء:93].
ومن هنا يتبين أن ما يفعله الانتحاريون في بعض الجهات من كونه يلبس أشياء مهلكة قنابل أو غيرها، ويكون هو أول من يموت بها يدخل في هذا الوعيد، وأنهم آثمون ومخطئون خطأً عظيماً، لكن نظراً لكونهم جهالاً وكونهم متأولين نرجو ألا يشملهم هذا الوعيد، إنما يجب علينا أن نبين للناس أن هذا عملٌ غير صالح بل هو محرم.
والعجب أن بعض الناس يستدل على هذا الأمر المحرم الذي هو من كبائر الذنوب بحديث البراء بن مالك -رضي الله عنه- حينما حاصروا حديقة مسيلمة الكذاب ، وكان الباب مغلقاً، فطلب من أصحابه أن يلقوه من وراء الجدار ليفتح لهم، ففعلوا، ففتح لهم ودخلوا الحديقة.
استدل بهذه القصة على جواز الانتحار، فهل في هذا دليل؟
ليس فيه دليل؛ لأن البراء بن مالك بقي حياً، وهذا الذي ينتحر يكون ميتاً مائة بالمائة، أما البراء بن مالك فهو لم يقتل نفسه، صحيحٌ أنه خاطر لكن هناك احتمال ألا يقتل، وهذا هو الواقع لم يقتل.
ونظير قصة البراء بن مالك أن يدخل أحدٌ بشجاعة بين صفوف الكفار ويقتل ما على يمينه وشماله لكن هناك احتمال أن ينجو، أما المنتحر فإنه لا احتمال لنجاته، ولهذا يجب علينا ألا نشجع هذا بل نحذر منه.
الجواب: إذا جمع الإمام بدون سبب، فإن كان المأموم يرجو أن يجد جماعة في وقت العشاء فيصل معهم وينوها نافلة؛ لئلا يشق عصا الناس ويختلف الناس ويتنازعون، وإن كان لا يرجو جماعة فليصلها فرضاً وتجزؤه؛ لأن الجمع من أجل إدراك الجماعة جائز.
السائل: إن وجدت مساجد قريبة وأستطيع أن أصلي، فهل أصلي معهم نافلة وأصلي هناك فرضاً؟
الشيخ: إذا كان يرجو أن يجد جماعة في وقت العشاء في مسجدٍ ثان فلينوها نافلة ويصلِّ إذا دخل الوقت مع الآخرين.
الشيخ: يعني: يؤثر عليه؟
السائل: نعم. يذهب الدور.
الشيخ: لا بأس هذا يعذر بترك الجماعة، هذا الذي ينتظر دوره كما قلت يعذر بترك الجماعة؛ لأنه إذا ذهب يصلي فهو أولاً سيصلي وفكره مشغول، أليس كذلك؟
وثانياً: أنه يلحقه ضرر وربما يكون جاء من مسافة بعيدة، فهنا يعذر بترك الجماعة، والإنسان إذا قُدِّم عشاؤه أو غداؤه قلنا له: اجلس وتعشَ براحة وطمأنينة ولو فاتتك الصلاة، وابن عمر رضي الله عنهما كان يتعشى في بيته وهو يسمع قراءة الإمام، مع أن عبد الله بن عمر من أشد الناس ورعاً والتزاماً بالسنة ومع ذلك يتعشى والإمام يصلي، امتثالاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان).
الشيخ: لكن أنت مفرط؟
السائل: نعم، لذا حكمت المحكمة بسرعة فوق المعدل.
الشيخ: ابحث عن أهلها؟
السائل: إنها سيلانية.
الشيخ: نعم سيلانية ابحث عن أهلها، ارجع إلى مكتب الاستخدام وقل: من أين جاءت هذه؟ وابحث عنها.
السائل: لكن القضية تتحول على تأمين السيارة.
الشيخ: المهم أنت تبحث حتى توصل الدية إلى أهلها.
السائل: يعني: يجب عليَّ الدية؟
الشيخ: يجب عليك الدية، ما دام أنه ثبت أنه بسبب تفريطك أو تعديك فعليك الدية.
السائل: الدية -يا شيخ- تفرضها المحكمة وأنا لا أقدر أن أقدرها بنفسي.
الشيخ: هم يقدرون، إذا وجدت أهلها تقدر.
السائل: وصيام الشهرين هل هو صحيح؟
الشيخ: نعم صحيح.
السائل: ولكنها كافرة.
الشيخ: نعم. وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [النساء:92].
الشيخ: لماذا هل هناك حاجة؟
الشيخ: لا بدون حاجة، للنـزهة..
الشيخ: والله، لا أرى هذا.
أولاً: أن النفقات ستكون باهضة.
ثانياً: أن تلك المجتمعات فيما يسمع عنها ليس بينها وبين المجتمعات الكافرة فرق، إلا بأنه يؤذن في المناير ويصلي من يصلي ويترك الصلاة من لا يريد الصلاة.
ثم المظهر العام بالنسبة للنساء وتبرجهن لا فرق بينه وبين الدول الكافرة، هكذا نسمع، وإذا كان كذلك فثق أن أهلك الذين يذهبون إلى هناك سوف يتأثرون من هذا، والصغير تنطبع في ذاكرته الصورة فلا ينساها، وإذا كان لابد من النـزهة فعليك ببيت الله، الكعبة، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تحصل على خير وعلى أجر، ولا تتكلف لا مالاً ولا تعباً بدنياً ولا غير ذلك.
الجواب: نفس الشيء فيما قلنا من قبل، لا يجوز له؛ لأن هذا كالبيع على بيع المسلم، لأنه يحول بينه وبين زيادة الثمن لصاحب السيارة.
السائل: حتى لو كان الشخص الآخر لا يريد السيارة؟
الشيخ: نعم إذا كان لا يريدها لا يحل له أن يزيد، سواء أعطي عن ذلك عوضاً أم لم يعط، أي إنسان لا يريد السيارة لا يجوز أن يزيد، إلا رجلاً رأى أن الثمن قليل، وأن فيها ربحاً فزاد حتى إذا بلغت مبلغاً يرى أنه لا ربح فيه تركها هذا لا بأس.
الجواب: اليمين على شيءٍ ماض ليس فيها كفارة، لكن إما إثم إن كان كاذباً وإلا سلامة إن كان صادقاً.
أنا أخبرك قاعدة تنتفع بها: كل يمينٍ على شيء ماض فيه ما فيها كفارة، لو قلت: والله! ما جاء فلان، وهو قادم فليس عليك كفارة، هذه القاعدة افهمها، هذا الرجل يقول: والله! ما قطعتها؛ شيءٌ مضى، فنقول: ليس عليه كفارة، لكن إما آثم إن كان كاذباً وإما سالماً، وفي هذا السؤال الذي ذكرت يكون آثماً؛ لأنه حلف أنه ما قطعها وهو قاطعها.
ثم إنه بهذه المناسبة أود أن أنصح إخواننا السائقين وغيرهم عن قطع إشارة المرور؛ لأنها معصية، فإن هذه الإشارات إنما نصبت بأمر من ولي الأمر، والعلامة الحمراء يعني قف، فإذا أمرك ولي الأمر أن تقف وجب عليك أن تقف، فإذا خالفت فأنت عاص، حتى لو فرضنا أن الخط ما فيه أحد، فإنه لا يحل لك، بل تبقى حتى تعطيك الإشارة اللون المبيح للتجاوز.
الجواب: أولاً -بارك الله فيك- يجب أن تعلم أن السترة غير واجبة، هي سنة وليست واجبة، فلا حاجة إلى أن نتكلف إلى هذا الحد.
وثانياً: لا يجوز أن تجعل المصحف سترة لك؛ لأن هذا استخدامٌ للمصحف في غير ما وضع له، المصحف يجب على الإنسان أن يحترمه ويعظمه، مثل ذلك فيما نرى هؤلاء الذين إذا اتصلت عليهم وصار فيه انتظار سجلوا قرآناً هذا لا نراه أبداً، أن يكون تسجيل القرآن.
يستخدم في الانتظار ثم إن الذي يسمعه ربما يكون مالّاً، ربما يكون غير مسلم، فلذلك إذا أردت انتظار اجعل سجل حكمة من الحكم أو ما أشبه ذلك، أو دعه حتى يتصل.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى لقاء آخر إن شاء الله في مثل هذا اليوم.
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر