إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [171]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الملائكة خلق من خلق الله سبحانه وتعالى، خلقهم من نور، لكن الذين لا يؤمنون بالله يجعلون الملائكة إناثاً وهم لم يشهدوا خلقهم. وفي ضوء هذا الموضوع كان تفسير آيات من سورة النجم تناولت ما سبق الإشارة إليه، كما دعت الآيات الأخرى إلى الإعراض عمن أعرض عن ذكر الله وركن إلى الحياة الدنيا وزينتها الزائفة.

    1.   

    تفسير آيات من سورة النجم

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فهذا هو اللقاء الحادي والسبعون بعد المائة من اللقاءات الأسبوعية التي تتم كل يوم خميس وتسمى (لقاء الباب المفتوح) وهذا الخميس هو العشرون من شهر رجب عام 1418هـ.

    نبتدئ هذا اللقاء بما اعتدنا أن نبتدئ به من تفسير القرآن الكريم.

    وإني أحثكم أيها الشباب على الحرص التام على تدبر القرآن ومعرفة معانيه؛ لأن القرآن إنما نزل ليدبر الناس آياته وليتذكروا به.

    قال الله تبارك وتعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] إذ لا فائدة بتلاوة اللفظ دون فهمٍ للمعنى، ولهذا سمى الله تبارك وتعالى الذين لا يعلمون الكتاب إلا قراءة سماهم أميين، فقال تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ[البقرة:78] أي: إلا قراءة، ولذلك يجب علينا أن نتدبر القرآن، ثم بعد ذلك نعمل به؛ لأن العمل يتوقف على معرفة المعنى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالة صغيرة له تسمى مقدمة التفسير قال: (إن الناس لو أرادوا أن يقرءوا كتاب الطب أو غيره لاستشرحوه قبل أن يعملوا به ويطبقوه). أي: لطلبوا شرحه وفهم معانيه، وهذا حق.

    لذلك أحث إخواننا على تفهم القرآن الكريم، وإذا أشكل عليهم شيء فلا يجوز أن يقولوا في القرآن بالظن، بل يسألوا عنه؛ لأن القول بالقرآن خطير جداً، فإن من قال بالقرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار.

    والمفسر للقرآن شاهدٌ على الله بأنه أراد كذا وكذا، فأعد لهذه الشهادة جواباً.

    لذلك أنا حريصٌ على طلابنا أن يجتهدوا في معرفة معاني القرآن، وهذا أولى بهم من أن يعرفوا معاني السنة، وكلاهما حق وكلاهما يجب فهم معانيه، لكن القرآن أهم وأوكد؛ لأن القرآن يصلك بالله مباشرة، لأنك تقرؤه على أنه كلام الله تعالى، تتفهم معنى هذا كلام الرب سبحانه وتعالى وتتدبره؛ حتى تقوم به تصديقاً للخبر وعملاً بالطلب، أمراً أو نهياً.

    تفسير قوله تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى...)

    انتهينا فيما سبق إلى قول الله تبارك وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى [النجم:27] أكد الله هذا الخبر بقوله: إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ أكده بمؤكدين وهما: إن، واللام.

    ومعنى: (لا يؤمنون بالآخرة) لا يصدقون بها ولا بما فيها من الثواب والعقاب؛ إذ أن الإيمان بالآخرة لا بد أن يكون إيماناً بأن هذا اليوم سيكون، وإيماناً بكل ما ثبت من حصوله فيه ووقوعه فيه، إما في القرآن وإما في السنة، حتى إن شيخ الإسلام رحمه الله قال: (إن مما يدخل في الإيمان بالله واليوم الآخر الإيمان بما يكون بعد الموت من فتنة القبر وعذاب القبر ونعيم القبر).

    وصدق رحمه الله؛ لأن الإنسان إذا مات قامت قيامته، انتهى من الدنيا، كأن لم يكن، فكما أنه أتى على الإنسان حينٌ من الدهر لم يكن شيئا مذكوراً، فسيأتي عليه حينٌ من الدهر لم يكن إلا خبراً من الأخبار، كما قال الشاعر الحكيم في الدنيا:

    بينا يُرى الإنسان فيها مخبراً     حتى يُرى خبراً من الأخبار

    أنت الآن تخبر تقول: حصل كذا وحصل كذا، وقال فلانٌ: كذا، وفي يومٍ من الأيام سوف يخبر عنك: قال فلان كذا وأنت رمل.

    إذاً.. الإيمان بالآخرة يتضمن الإيمان بوقوع اليوم الآخر وأنه لا بد كائن.

    ثانياً: الإيمان بما سيكون في هذا اليوم من أهوال وحساب وموازين وصراط وجنة ونار، لا بد من هذا.

    كذلك يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بما يكون في القبر من فتنة القبر، وهي: سؤال الملكين الميت عن ثلاثة أشياء: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟

    إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ هل أحد من الناس لا يؤمن بالآخرة؟! نعم أكثر الناس لا يؤمنون بالآخرة، حتى أن الله سبحانه وتعالى قال في الإنسان: أَوَلَمْ يَرَ الْأِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ [يس:77-78] ما أحسن قوله: (ونسي خلقه) قبل أن يقول مقالة هذا الإنسان! أي: هذا الإنسان قال: (من يحيي العظام وهي رميم) ونسي خلقه، ما هو خلقه؟ أنه لم يكن شيئاً، خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ [الطارق:6] فصار عظاماً وعصباً ولحماً وصار إنساناً ينطق ويخاصم: قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس:78-79] وذكر الأدلة على إمكان ذلك.

    المهم أن من الناس من ينكر اليوم الآخر يقول: ما في بعث! وهذا من سفه في عقله، وضلالة في دينه، وإلا فهل من الحكمة أن تخلق هذه الخليقة، وتبتلى بالأمر والنهي، ويحصل الجهاد وقتال الأعداء، واستحلال دمائهم وأموالهم ونسائهم، ثم تكون النتيجة لا شيء، هذا لا يمكن، وتأباه الحكمة أشد الإباء.

    إذاً (الذين لا يؤمنون بالآخرة) سفهاء عقولاً، ضلالٌ ديناً.

    لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى أي: يجعلون الملائكة إناثاً كالمشركين! قالوا: الملائكة بنات الله، فسموا الملائكة بتسمية الأنثى وهي البنت؛ لأنهم لا يؤمنون بالآخرة، لو آمنوا بالعقاب ما قالوا هذا، لكنهم لا يؤمنون فيقولون ما يريدون.

    تفسير قوله تعالى: (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً)

    قال الله تعالى: وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ [النجم:28] نفى أن يكون لهم بذلك علم؛ لأن هذا هو الواقع، هل شهدوا خلق الملائكة؟ لا، ولهذا قال الله في آية أخرى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ [الزخرف:19]؟!!

    والجواب: لا، لكن: سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ [الزخرف:19] حين لا يجدون جواباً، هؤلاء الذين قالوا: الملائكة بنات الله، يقول عز وجل: مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ [النجم:28] و(علم) هنا مجرورة بحرف الجر، وحرف الجر هنا عند المعربين محمود مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ [النجم:28] حرف جرٍ زائد، الفائدة منها: توكيد النفي، ولهذا نعطيكم قاعدة مفيدة: جميع الحروف الزائدة سواء الباء أو اللام أو غيرها فإنها تفيد التوكيد، مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ [النجم:28] أي: لا قليل ولا كثير؛ لأنهم لم يشهدوا خلقك لهم.

    إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ (إن) هنا بمعنى ما، والضابط أنها إذا جاءت (إلا) بعد (إن) فهي بمعنى (ما)، (إن هذا إلا بشر)، أي: ما هذا إلا بشر إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف:31] أي: ما هذا إلا ملك كريم، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا [إبراهيم:10] أي: ما أنتم إلا بشرٌ مثلنا، إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [الجاثية:24] أي: ما هم إلا يظنون، والأمثلة على هذا كثيرة.

    إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ أي: ما يتبعون إلا الظن، والمراد بالظن هنا الوهم الكاذب، وليس المراد بالظن هنا الراجح من أحد الاحتمالين، وانتبه لهذه النقطة:

    الظن يأتي بمعنى التهمة، ويأتي بمعنى رجحان الشيء، ويأتي بمعنى اليقين، قال الله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ [البقرة:46] المراد اليقين، لا يكفي الظن في اليوم الآخر، لا بد من التيقن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب) والتحري هنا يعني: الظن الغالب، وهنا إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [الجاثية:24] ظن الاتهام، أي: يظنون ظناً هو وهم ليس له أصل.

    وبعض العلماء أخذ من هذه الآية: أنه لا يجوز العمل بالظن في المسائل الفقهية وغيرها، وهذا خطأ؛ لأن كثيراً من المسائل الفقهية ظنية: إما لخفاء الدليل، أو خفاء الدلالة، وليس كل مسألة في الفقه يقول بها الإنسان على سبيل اليقين أبداً، بل بعضها يقين وبعضها ظن، والظن إذا تعذر اليقين مما أحله الله، ومن نعمة الله أنه إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن، فليس كل ظنٍ منكراً، لكن الظن الذي ليس له أصل يبنى عليه هذا هو المنكر، فهؤلاء الذين سموا الملائكة تسمية الأنثى هل لهم بذلك علم؟ أبداً، ظن مبني على وهم، وربما يكون مبنياً على هوى، أي: أنه لم يطرأ على بالهم أنهم إناث لكن تبعوا آباءهم.

    وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (وإن الظن) أي ظنٍ هذا؟ المبني على الوهم لا على القرائن، (لا يغني من الحق شيئاً) أي: لا يفيد شيئاً من الحق؛ لأنه وهم باطل، والوهم الباطل لا يمكن أن يفيد.

    تفسير قوله تعالى: (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا)

    ثم قال عز وجل: فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [النجم:29] (أعرض) الخطاب للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو المراد به كل من يصح أن يوجه إليه الخطاب، فعلى الأول يكون المعنى: اعرض يا محمد، وعلى الثاني: اعرض أيها الإنسان المؤمن.

    (عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا) أي: اعرض عنه ولا تتبعه، ولا يهمنك أمره، وليس المعنى: اعرض عنه لا تنصحه، لا. لأن التذكير واجب، قال الله تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذاريات:55] ذكر كل أحد، فمن الناس من ينتفع ومنهم من لا ينتفع، والذي ينتفع هو المؤمن، فعلى هذا نقول: معنى (اعرض) أي: لا تبالِ به ولا يهمنك أمره، ولا تتحسر من أجل توليه، بل ادع إلى سبيل الله عز وجل أياً كان، لكن من أعرض وتولى لا يهمك أمره.

    (اعرض عن من تولى عن ذكرنا) وهو القرآن، ويحتمل أن يكون الذكر بمعنى التذكير، أي: عن تذكيرنا، وكلا المعنيين متلازمان وصحيحان، (اعرض عن من تولى عن ذكرنا) عن القرآن، كما قال تعالى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ [الزخرف:44] .. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [يس:69] أو أن المعنى: (عن ذكرنا) أي: عن تذكيرنا، بالمواعظ التي ينزلها الله عز وجل.

    وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا اللهم أعذنا من فتنة الدنيا، أي: لا يريد الآخرة ولا يهتم بها، همه الدنيا من المركوب والملبوس والمسكون، فاتبعوا ما اترفوا فيه وكانوا مجرمين، لا يهتم بالآخرة، أهم شيء عنده هي الدنيا، أما ذكر الله (القرآن) أو تذكير الله فإنه متولٍ منه -والعياذ بالله- نسأل الله السلامة والعافية.

    فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ولكن انظر (الحياة الدنيا) وصف هذه الدنيا من الدنو وهو القرب؛ وذلك لانحطاط مرتبتها، ولسبقها على الآخرة، لأن الدار الدنيا هي أول دار ينزلها الإنسان، وهي سابقة في الزمن على الآخرة، فهي دنيا -أي: قريبة- وهي أيضاً دنيا من حيث المرتبة ليست بالشيء بالنسبة للآخرة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: (لموضع سوط أحدكم في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها) اللهم اجعل لنا موضعاً فيها، خير من الدنيا وما فيها، ليست خيراً من الدنيا التي أنت فيها فقط، بل خير منها منذ أنشأت وخلقها الله إلى أن تفنى، موضع السوط الذي يكون بقدر المتر في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، إذاً.. هي دنيا، ولهذا إذا مات الإنسان وهو مؤمن -جعلنا الله وإياكم منهم- ثم حمل من بيته الذي يسكنه ويأوي إليه، وفيه أهله وماله وحشمه إذا خرج تقول روحه: قدموني قدموني، لماذا؟ لأن ما ستذهب إليه خيرٌ مما تخرج منه، قال الله تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى:16-17] لكن لمن؟ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى [النساء:77] لكنها شرٌ لمن لم يتق.

    يذكر أن ابن حجر العسقلاني رحمه الله وقد كان رئيس القضاة في مصر ، مر يوماً من الأيام في موكبه على العربة تجره البغال وحوله الجنود برجلٍ يهودي زيات -يبيع الزيت- قد تدنست ثيابه بالزيت، وشقي في طلب المعيشة، فأوقف اليهودي الموكب، وقال لـابن حجر: إن نبيكم يزعم أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فكيف يتفق هذا الحديث مع الواقع؟!!

    أنت الآن مؤمن وهو يهودي، وأيهما أشقى؟ اليهودي في هذه المسألة أشقى فكيف يتفق مع الواقع؟!!

    فقال: نعم، ما أنا فيه الآن بالنسبة للآخرة سجن؛ لأن الآخرة خير لمن اتقى، وما أنت فيه من الآخرة جنة؛ لأن الآخرة مالك فيها إلا النار وبئس القرار، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، انظر كيف فتح الله عليه حيث ظهر صدق كلام الرسول عليه الصلاة والسلام بكل سهولة.

    المهم أن الآخرة خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولهذا ذم الله هذا الذي أعرض عن ذكر الله ولم يرد إلا الحياة الدنيا، ولنسأل: هل من أراد الحياة الدنيا تحصل له؟

    الجواب: لا تحصل له، قال الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ [الإسراء:18] ليس ما يشاء بل مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً [الإسراء:18-19]، وقال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ [الشورى:20] لأنه يعطى الدنيا والآخرة وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا بعضها ليس كلها وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى:20].

    1.   

    الأسئلة

    سبب تنزيل حديث: (تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم...) في الخوارج

    السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج : (تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) كيف عرفنا أن هذا الحديث في الخوارج خصوصاً مع أنهم لم يكونوا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ولا في عهد أبي بكر كيف يقال: إنه في الخوارج بالذات؟

    الجواب: يجب أن تعلم بارك الله فيك أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله تعالى على علم الغيب في كثيرٍ من الأشياء، وهذه من آياته، حيث أخبر أنهم سيخرجون وأنهم يصلون ويقرءون القرآن، وأن الواحد من الصحابة يحقر صلاته وقراءته عند قراءتهم وصلاتهم، وقال: إنهم يقرءون القرآن ويجيدونه لكن لا يتجاوز حناجرهم والعياذ بالله، يعني فقط باللفظ لكن لا يصل إلى القلوب، ولهذا قال: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) السهم إذا ضرب الرمية كالرصاصة ضربت الطير مرقت وخرجت، فهم هكذا وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام، وأولهم كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة فقال له رجل: اعدل يا محمد، أو قال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله -نعوذ بالله- وهذا خروج بالقول؛ لأن الخروج نوعان: خروج بالقول، وخروج بالسيف والقتال، والأول مقدمة للثاني؛ لأن الذين يخرجون بالسيف لا يخرجون هكذا فقط يحملون السلاح ويمشون، لا بد أن يقدموا مقدمات وهي أن يملئوا قلوب الشعوب بغضاً وعداءً لولاتهم وحينئذٍ يتهيأ الأمر للخروج.

    دلالة وصف الرسول للخوارج بكثرة الصلاة والعبادة

    السؤال: فضيلة الشيخ: وصف الرسول صلى الله عليه وسلم الخوارج بصفات مخصصة مثلاً أو محددة، منها: كثرة الصلاة والعبادة، علام يدل هل هو من أجل الدنيا أم ماذا؟

    الجواب: وصفه إياهم بالعبادة وقراءة القرآن وغير ذلك أنه -والعياذ بالله- عندهم تشدد في الدين، لكن هذا الدين لم يصل إلى القلوب، وهذا يوجد في الذين يشتغلون بعيوب الناس ويدعون عيوبهم، تجد قلبه فارغاً من الاتصال بالله عز وجل، فقط يحوم حول العالم ما الذي حصل؟ فتجد في قلبه غيرة حارة تحترق لكن لو رجعت إليه بالنسبة للإنابة إلى الله عز وجل والاتصال بالله وجدت قلبه فارغاً، هذا هو السبب، ولهذا نحن ننهى أنفسنا قبل كل شيء ألا يكون همنا إلا الاشتغال بأحوال الناس التي لا نستطيع إن كانت على غير صواب أن نحولها إلى الصواب.

    وتجد أمثال هؤلاء يرون الحق باطلاً، أو يرون الحق حقاً لكنه مغمور بباطلٍ دونه بكثير، بمعنى: أنهم يعدون الأشياء التي تنتقد ويتركون الأشياء التي تحمد، فيَضِلُون ويُضِلُون وهذه مسألة خطيرة، ولا يحتاج أن أضرب الأمثلة لكم ببعض الدول العربية ماذا حصل من الشر والفتنة؛ لأنهم أتوا الأمر على غير وجهه.

    تقديم كفالة اليتيم في داخل البلد على خارج البلد

    السؤال: فضيلة الشيخ: كفالة اليتيم عن طريق مكاتب الإغاثة الإسلامية خارج المملكة هل ينال الكافل أجر كفالة اليتيم حتى ولو كان اليتيم ليس عنده في الداخل، علماً بأن مكاتب الإغاثة ترسل التقارير عن حالة اليتيم الصحية والدراسية، وهذه المكاتب فروع للداخل، نفس فروعنا التي في الداخل؟

    الجواب: جميع الأموال التي يقصد بها وجه الله: من كفالة يتيم، وصدقة، وزكاة، كلها إذا حصلت في الداخل فهو خير؛ لأن في الداخل أمامك ويمكنك أن تشرف عليه، وتعرف كيف صرف، ولا تقل: إن الداخل في غنى وما أشبه ذلك، نحن نعلم أن في أوساط المملكة والمدن هناك غنى والحمد لله، لكن في أطراف المملكة جوع وفقر، هكذا نحدث، وعليه فالأقربون أولى بالمعروف، وكونك تشاهد الشيء بنفسك أنت هذا خير، ولهذا لما حصلت المبالغة في مثل هذه الأشياء صار بعض الناس يقول: أعطونا زكاة الفطر نوزعها هناك، أعطونا الأضحية نذبحها هناك، وهذا غلط، زكاة الفطر في البلد، الأضحية عندك وعند أهلك، ضحِ أمام عيالك حتى تظهر هذه الشعيرة العظيمة، والمقصود من الأضحية ليس اللحم: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37] أهم شيء في الأضحية أن تذكر اسم الله عليها وتذبحها، وأن تأكل منها، ولهذا أمر الله بالأكل منها والإطعام فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا [الحج:28]فبدأ بالأكل.

    ولهذا نرى أن الذين يدعون الناس إلى أن يضحوا خارج البلد أنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة، نعم! ادع الناس إلى البذل والصدقة للمنتظرين في الخارج من المسلمين هذا طيب ونساعد على هذا، لكن أما أن ننقل شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة إلى هناك فهذا غلط غلطٌ عظيم.

    أما كفالة اليتيم فإذا وجدت يتيماً فكفالته هنا أولى، وتحصل الكفالة ليس بالأكل والشرب واللباس بل حتى بالحضانة، وربما تكون الحضانة أشد اهتماماً من الأكل والشرب، فتجعله عندك في البيت مع الأولاد تدرسه وتعلمه وتلاطفه، هذه كفالة الأيتام.

    إهداء البقر في حجة الوداع عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: فضيلة الشيخ: أهدى الرسول صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع مائة من الإبل، فهل هذه المائة له خاصة أم له ولأزواجه؟

    الجواب: أهدى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة من النوق، ذبح منها ثلاثاً وستين بيده، والباقي أعطاه علي بن أبي طالب يذبحه، ويوزع لحمه، وأمر أن يؤخذ من كل بعير قطعة، فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها، تحقيقاً لقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا [الحج:28] وهذا عن نفسه فقط إلا أنه أشرك علي بن أبي طالب في الهدي كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث جابر ، وأما نساؤه فقد أهدى عنهن بالبقر.

    حكم الكلام داخل دورات المياه قبل الشروع في قضاء الحاجة

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما حكم الكلام داخل دورة المياه قبل الشروع في قضاء الحاجة؟

    الجواب: لا بأس به، خصوصاً إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأنه ليس هناك نهيٌ صريح عن هذا، إلا إذا تغوط الرجلان وجلس أحدهما إلى الآخر يتحدثان فهذا هو الذي فيه النهي، وأما مجرد الكلام داخل مكان قضاء الحاجة فليس فيه نهي.

    حكم رفع الرجل اليمنى أو اليسرى عند السجود

    السؤال: بالنسبة للساجد عند السجود لو رفع رجله اليمنى أو اليسرى لحاجة هل تبطل الصلاة؟

    الجواب: في حال السجود يجب على الإنسان أن يسجد على سبعة أعضاء: على الجبهة والأنف وهما عضو واحد، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا يجوز أن يرفع شيئاً من هذه الأعضاء لا الأنف ولا الكف ولا القدم، لكن لو دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك وردها بسرعة فأرجو ألا يكون به بأس.

    حقيقة التولي عن القرآن

    السؤال: التولي عن القرآن هل هو عدم الإيمان فقط، أم هو عدم القراءة والتدبر فيه؟

    الجواب: التولي عن القرآن عام يشمل التولي عن قراءته، وعن العمل به، وعن تصديق أخباره؛ لأنه عام، لكن التولي بعضه أشد من بعض، فمن تولى عنه نهائياً فهذا مرتد، ومن تولى عنه بمعنى: أنه لم يثابر على قراءته فليس بمرتد، ثم إن التولي بالكلية عن قراءته لا يمكن؛ لأنه سوف يقرأ في صلاته بأم القرآن وبما تيسر.

    حكم بيع الكفلاء الإقامات لمكاتب الخدمات العامة

    السؤال: بعض الكفلاء الآن يبيعون الإقامات، يكون هناك مكاتب للخدمات العامة واسطة بينهم وبين العمال، فيبيعونها بمبلغ ضخم؟

    الشيخ: صورها لي؟

    السائل: مثلاً: يأتي الكفيل، فيعطي البطاقة لمكتب الخدمات العامة فيخرجون فيزة والمكتب يبيعها.

    الشيخ: الفيزة تعني ماذا؟

    السائل: هي نفسها الإقامة.

    الشيخ: هل هي وسيلة الاستخدام؟

    السائل: إي نعم، تبيعها ويتقاسمون مال الكفيل؟

    الشيخ: أنا أرى أن النظام يجب أن يمشى عليه، والنظام في ظني لا يسمح بهذا، فإذا كان لا يمسح فهو لا يجوز، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] وإذا كان الإنسان لا يطيع النظام مع أنه ليس بمعصية فإنه ليس مطيعاً لله؛ لأنه أمر بطاعة ولاة الأمور، والتحايل على المخلوق لا ينفع؛ لأنه لو تحايل على المخلوق ومشت الأمور فإن هذه حيلة لا تنفع عند الخالق، قال الله تعالى: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].

    السائل: بالنسبة يا شيخ للذي يشتريها، هو مضطر يا شيخ؟

    الشيخ: وماذا يحصل إذا لم يشترها؟

    السائل: قد يرحل ويمنع من المكوث في البلد.

    الشيخ: إذن يرحل في أمان الله، أنا جئت من بلدي ارجع إلى بلدي، ربما يكون طالب علم وحصل خير ويدعو الناس إلى الخير هناك.

    حكم الصلاة في الخفين إذا مسح عليه قبل انتهاء المدة ولو بفترة يسيرة

    السؤال: فضيلة الشيخ: إذا مسح الإنسان على الخفين قبل انتهاء المدة ولو بفترة يسيرة هل يصلي فيه؟

    الجواب: إذا مسح الإنسان على الخفين أو على الجوارب -التي هي الشراب- قبل انتهاء المدة فهو على طهارة حتى ينتقض الوضوء، بمعنى: أن تمام المدة لا ينقض الوضوء، والذين قالوا: إنه إذا انتهت المدة انتقض الوضوء ليس عندهم دليل.

    حكم تفسير القرآن بغير اللغة العربية

    السؤال: بالنسبة لشخص يفسر القرآن الكريم بغير اللغة العربية، ولكن لا يحسن في النحو، هل له ذلك؟

    الجواب: تفسير القرآن بلغة غير العربية لا بأس به، بل لا بد منه؛ لأن غير العربي لا يفهم معنى الكلام، والله عز وجل قال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4] ولو أن رجلاً غير عربي تكلم أمامي ما عرفت ماذا يقول، كذلك أيضاً لو أعطينا غير العربي القرآن لا يعرف المعنى، صحيح قد يقرؤه بالعربية ويتعبد لله بذلك ويؤجر عليه ويثاب كما يثاب العربي، لكن لا يمكن أن يعمل إلا إذا عرف المعنى، فتفسيره بغير العربية لا بأس به، ولكن لا بد لمن يفسر بغير العربية من ثلاثة أمور:

    1- أن يكون عالماً باللغة العربية.

    2- وأن يكون عالماً بما يرادفها من اللغة الأخرى.

    3- أن يكون عالماً بموضوع الترجمة.

    فمثلاً: إذا أراد أن يترجم آيات في التوحيد لا بد أن يعرف ما معنى التوحيد؟ وعلى أي شيءٍ دلت عليه هذه الآية، حتى لا يخطئ.

    حكم المسائل التي يرد فيها اختلاف بين أهل العلم بسبب الاختلاف في الحكم على الحديث

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما حكم العبادة التي يرد فيها نصٌ مختلفٌ بين أهل العلم في تصحيحه، مثل: صلاة التسابيح، فالذين يرون ضعف الحديث الوارد فيها هل يحكمون على من يصحح الحديث ويعمل به بأنه عملٌ مبتدع أم يسكتون فلا ينكرون؛ لأن النص الوارد فيها مختلفٌ في تضعيفه؟

    الجواب: أولاً بارك الله فيك: يجب أن تعلم قاعدة: الأصل في العبادات الحضر والمنع، فإذا جاء حديث اختلف في تصحيحه؛ وجب المنع بعكس ما دل عليه هذا الحديث؛ لأن الأصل الحضر حتى يقوم دليل على ثبوت هذا الشيء، لا سيما مثل صلاة التسابيح؛ صلاة التسابيح أولاً: هي شاذة في هيئتها وكيفيتها.

    ثانياً: هي شاذة في توقيتها؛ لأنك لا تصلي كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر أو كل سنة أو في العمر مرة، أين العبادة التي على هذا الوجه؟!!

    ثالثاً: من الناحية العملية، لو أن صلاة التسبيح شرعية وثابتة كيف تخفى على الأمة حتى لا يظهر العمل بها إلا في عهد التابعين؟!! لأن أشهر من رويت عنه عبد الله بن المبارك ، ثم بعد عبد الله بن المبارك هل انتشرت في الأمة الإسلامية؟ لم تنتشر، هذه أيضاً من القرائن التي يعرف بها ضعف الحديث، أن الأمة لم تعمل به.

    ومن ذلك حديث أم سلمة في الرجل الحاج إذا لم يطف طواف الإفاضة قبل غروب الشمس يوم النحر عاد محرماً، هذا الحديث ما عمل به أحد، اللهم إلا واحد من التابعين هو عروة بن الزبير وأناس قلة، ومثل هذا مما تتوافر الدواعي على نقله؛ لأن كثيراً من الحجاج لا يتسنى له أن يطوف طواف الإفاضة إلا بعد النزول من منى ، هذا من وسائل العلم بضعف الحديث: أن الأمة تخلت عن العمل به، فصلاة التسبيح من هذا الباب، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن حديثها باطل، وإنه لم يستحبها أحد من الأئمة، الأئمة الفحول في الأمة الإسلامية ما استحبوها.

    أما هل يوصف هذا بالمبتدع؟

    فهذا ينظر إذا كان الرجل ممن له اجتهاد فلا يمكن أن نصفه بالبدعة وهو له اجتهاد، وهذه مسألة عملية، وأما إذا كان ليس له قدرة على الاجتهاد فيقال: إنها بدعة، هي أصلها بدعة لكن هل نقول لمن عمل بها: إنه مبتدع أو هي بدعة؟ ما دامت لم تثبت فهي بدعة، فبالنسبة له هو لا أسميه مبتدعاً، لكن نفس هذه الصلاة بدعة.

    حكم اعتماد المؤذن على التوقيت الموجود في التقويم

    السؤال: هل يصح للمؤذن الاعتماد في أذانه بالتوقيت الموجود على التقويم؟

    الشيخ: في أي بلد؟

    السائل: هنا في المملكة .

    الشيخ: الدولة لم تعط هذا التقويم لمجرد أن يطلع الناس عليه، إنما أعطتهم هذا التقويم ليعملوا به، لكن من يشك في وقتٍ من الأوقات فليتحر وليتأخر، الأصل عدم دخول الوقت، فمثلاً: لو شككنا في الفجر وهو الذي فيه الإشكال، فإن كثيراً من الإخوة خرجوا وراقبوا الفجر في الليالي المظلمة الصاحية، ووجدوا أن التقويم متقدم على الأقل بخمس دقائق، وبعضهم يقول: عشر دقائق، وبعضهم يقول: ربع ساعة، وبعضهم يقول: ثلث ساعة، فإذا كان الإنسان في شك من هذا فليتأخر ولا يضر.

    أما بقية الأوقات فما علمت فيها اختلافاً بين الناس، لكن قيل لي: إن بعض الناس يؤذن المغرب والشمس موجودة، ولعل هذا من أجل أن ساعته تكون مقدمة ويؤذن على الساعة وهو لم يشاهد الشمس.

    حكم انتظار الجماعة الثانية لمن أدرك التحيات مع الجماعة الأولى

    السؤال: فضيلة الشيخ: إذا دخل رجل المسجد وهو يعلم أن خلفه جماعة، ووجد الإمام في التحيات هل يدخل معه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (فما أدركتم فصلوا) أم ينتظر الجماعة الثانية، وأيهما أفضل؟

    الجواب: الأفضل أن ينتظر الجماعة الثانية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) فهذا الذي لم يدرك إلا التشهد لم يدرك صلاة الجماعة حسب مفهوم الحديث: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وهو الآن يتيقن أو يغلب على ظنه أنه سيجد جماعة.

    لكن يبقى النظر: هل الجماعة الثانية تأخذ أجر صلاة الجماعة سبعة وعشرين درجة؟ لا تأخذها، لكن الجماعة أفضل من الواحد، لحديث أبي بن كعب : (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله).

    السائل: لكن ما الحكم لو دخلوا مع الجماعة الأولى وقدموا أحدهم يصلي بهم؟

    الشيخ: يبقى النظر هل هذا ورد عن السلف ؟ ولهذا كان أحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد: أن المسبوق لا يصح أن يكون إماماً ولا مأموماً، وأن المسبوقين كل واحدٍ منهما يقضي صلاته وحده.

    حكم نسيان الإمام قول: (الله أكبر) عند الرفع من السجود

    السؤال: فضيلة الشيخ: لو أن الإمام رفع رأسه من السجود لكن نسي أن يقول: الله أكبر، فماذا يفعل في هذه الحالة؟

    الجواب: تكبيرات الصلاة ما عدا تكبيرة الإحرام واجبة، أي: أن الإنسان إذا نسيها فصلاته صحيحة، لكن يسجد للسهو قبل السلام.

    السائل: لكن المأمومين لا يعلمون.

    الشيخ: المأمومين ما عليهم منه.

    السائل: هل يكون أيضاً عليهم سجود؟

    الشيخ: لا بد أن يسجدوا معه إذا سجد.

    السائل: إذا رفع رأسه من السجود ونسي أن يقول: الله أكبر، وهم ساجدون في هذه الحالة، فكيف يقوم المأمومون؟

    الشيخ: أنت تسأل عن الإمام أم عن المأموم؟

    السائل: عن الإمام.

    الشيخ: إذا نسي حتى قام فهنا ينبغي أن يجهر بعض الشيء في قراءة الفاتحة، حتى يعرفوا أنه قام، أما التكبير فقد فات محله ولا يمكن أن يقوله في غير محله.

    معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع)

    السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع) هل في كل خمس صلوات يصطحبه معه إلى المسجد أم يأمره بعد الصلاة؟

    الجواب: لا. إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نأمر أبناءنا بالصلاة لسبع، لكن لم ينهنا أن نصطحبهم دون السبع، قبل السبع لا نأمره دعه يلعب، لكن لو قال: أريد أن أذهب إلى المسجد فاذهب به معك، وعوده على ذلك.

    العمل إذا تعارض درسان من الدروس العلمية للمشايخ

    السؤال: مثلاً لو كان هناك درسان من الدروس العلمية، هو مستمر في الدرس الأول، ولكن افتتح درس جديد، والآن هو يخشى مثلاً لو استمر في الدرس الأول فإن الدرس الثاني يفوته، ولا يعاد مثلاً شرحه أو مثلاً يفوته الوقت، ولا يستطيع أن يحضر الاثنين لتعارض الوقت معه أو لانشغاله بالمذاكرة، فماذا يفعل؟

    الجواب: هذه ليست مسألة دينية، هذه مسألة عملية، كل إنسان يعرف كيف يتصرف، والآن والحمد لله الذي يفوت على الإنسان يمكن تداركه بالتسجيلات، وأكثر الدروس تسجل الآن عندي وعند غيري.

    السائل: لكن يا شيخ الحضور قد يكون أفضل؟

    الشيخ: لا شك أن الحضور أقوى، لكن إذا كان عنده الآن تعارض وعنده درسان، وهما في الأهمية واحد، والمدرسان كلاهما متكافئان، أي: ليس أحدهما أعلم من الآخر، أما إذا كان أحدهما أعلم من الآخر فليذهب إلى الأعلم، لأنه هو أفيد في الغالب، فهذا الذي أقوله لك، وممكن أن تجعل واحداً يسجل لك ويحتفظ بالشريط.

    مكان دعاء الاستخارة

    السؤال: بعض العلماء قال: إن دعاء صلاة الاستخارة يكون داخل الصلاة في التشهد أو في السجود. فما هو الصحيح؟

    الشيخ: أتحفظ حديث الاستخارة؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: هات معناه.

    السائل: إي: إذا أشكل على أحدنا الأمر فليصل ركعتين ثم ليدع.

    الشيخ: فليصل ركعتين ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك.

    الشيخ: من قائل هذا؟

    السائل: رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    الشيخ: الرسول هل هو يعرف اللغة العربية أم لا؟

    السائل: يعلم.

    الشيخ: هل هو يعرف أن (ثم) تدل على الترتيب أم لا يعرف؟

    السائل: يعرف.

    الشيخ: هل قال: فليصل ثم ليقل، وهو يريد أن تكون مرتبة أم لا؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: أراد ذلك، إذن الجواب: بعد أن يسلم، ما دام الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (فليصل ركعتين ثم ليقل) ولم يقل: ثم ليقل في الركعتين.

    وأنا أظن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ممن يقول: إنه يقولها قبل السلام، لكن لا نوافقه على هذا، ما دام عندنا الحديث نص وأنا أقول: أظن أن شيخ الإسلام ولا أدري هل قالها هو أم لا، لكن إن كان قالها هو أو غيره، فالمرجع إلى الله ورسوله.

    السائل: لكن هل أرفع يديَّ؟

    الشيخ: ليس هناك مانع.

    وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768033776